اهلاً ومرحباً بك عزيزى القارئ في قصة من قصص موقع26 في قصص عربية | قصة كوابيس بيروت وهي قصة سجلت احداثها في عام 1975 للكاتبة غادة السمان وهي مجموعة احداث(مقسمة الي 65 كابوس) للكاتبة غادة السمان أثناء الحرب الأهلية في لبنان تكتبها مباشرة من قلب الحدث.
كيف نجونا من تلك الليلة .. فقد قضينا ليلة كانت القذائف والمتفجرات والصواريخ تركض فيها حول بيتنا كأن عوامل الطبيعة قد أصيبت بالجنون .. وكانت الانفجارات كثيفة كما في فيلم حربي سيء لكثرة مبالغاته ..
لم نكن قد صحونا جيدا من " عدم نومنا " حين اتخذنا قرارا سريعا : اخراج الأطفال والعجائز من البيت وخلال عشر دقائق من الركض الهستيري بين غرف البيت لجمع حوائج سيتبين لنا حتما بعد أنها غير ضرورية - كانت " القافلة " تهط سلم البيت الى الحديقة ومنها الى سيارتي العتيقة .. وكان زجاجها الأمامي مثقوبا برصاصة عند موضع رأس السائق أي عند موضع رأسي والزجاج الخلفي محطما ومتماسكا في مكانه .
تحسست رأسي وفرحت حين وجدته في مكانه دون أي ثقب اضافي منظر الرصاص في الزجاج زاد من جنوننا لتهريب الصغار جدا والكبار جدا كأن لأصوات المتفجرات مفعول غامض كالمخدرات .. كأنها تطلق في الأعماق طاقة سرية مختزنة وتلجم في الوقت ذاته صوت المنطق اليومي والعقل العادي المتداول .
يبدو أننا أغلقنا أبواب السيارة علينا بعنف فقد تساقط الزجاج المحطم الذي كان متماسكا رغم شروخه وسقط فوقنا قطعا بيضاء صغيرة كالثلج الشرير , كان خوفي الوحيد من أن تقرر سيارتي العتيقة ممارسة احدى ألاعيبها كأن تعتصم بأرض الشارع وتضرب اليوم عن العمل , كان قلبي يضرب كطبل افريقي مجنون وأنا أدير مفتاح " الكونتاكت " تحركت السيارة كالمنومة مغناطيسيا كنت أقودها وفي ذهني خاطر واحد , التخلص من حمولتها البشرية الأقل صبرا على الرعب والعودة الى البيت .
أنزلتهم أمام بيت بعض الأقارب وعدت في الدرب نفسها مثل دمية ربط " زمبركها " وهي تؤدي دورها على الخط المرسوم لسيرها دونما توقف " وحتى لو ما حدث لي حين مررت بحواجز المسلحين الجدد الكثر .. لم أتوقف ولم أسرع ولم أشعر بأني رأيتهم ولم تبد علي وجوههم غير الدهشة .. كان من الواضح أن السيارة مصابة بزخات من الرصاص وخصوصا عند موضع رأسي وكان المدهش أنني مازلت أحيا وأقودها دون أي تعبير على وجهي وربما ظنوا أني مت حين أطلقت النار على السيارة وها أنا أقودها في طريقي الى الآخرة .. ووحدها الدرب الى الآخرة سالكة وآمنة وبلا حواجز . وهكذا لم يستوقفني أحد .
وأني عدت وأخي الى البيت لنلعب دور السجناء ولو علمنا لتزودنا بشيء من الطعام في درب العودة ولو علمنا ربما لما عدنا ولو . لو . وزرعنا " لو " في حقول الندم , فنبتت كلمة يا "ليت" !
وحين انصت اليه ، كان الاوان قد فات . كان المسلحون يحتلون فندق "هوليدي ان" المواجه لبيتنا الصغير العتيق والذي يطل فوق اعلى طوابقنا (الثالث) . كما يشرف جبل من الاسمنت 3,والحديد فوق كوخ لفلاح مسالم في قعر الوادي .
بعدها فقط استيقظت وادركت انني كاعزل محكوم بالاقامة الجبرية وسط ساحة معركة ! ...فاتصلت بالبقال لاطلب مؤونة من الطعام . لا جواب . تلفنت لدكاكين الحي كلها . لا احد يرد . تلفنت للجيران ، فرد ابنهم امين مدهوشاً ، اين تعيشين ؟ الا تعرفين ما يدور حولك ؟
ردني سؤاله الى واقع مروع . اعيش في ساحة حرب ولا املك أي سلاح ولا اتقن استعمال أي شيء غير هذا النحيل الراكض على الورق بين اصابعي تاركاً سطوره المرتجفة كآثار دماء جريح يزحف فوق حقل مزروع بالقطن الابيض .
اين اعيش ؟ يبدو انني اسكن بيتاً من الشعر (بكسر الشين) . وسادتي محشوة بالاساطير ، وغطائي مجلدات فلسفية ، وكل ثوراتي وقتلاي تحدث في حقول الابجدية وقذائف اللغة.
اين تعيشين؟ ودوى انفجار .. وشعرت بوخزة : لماذا لم اتعلم المقاتلة بالسلاح - لا بالقلم وحده - من اجل ما اؤمن به ...؟ كم هو خافت صوت صرير قلمي على الورق حين يدوي صوت انفحار ما ..وقررت : ان الوقت ليس وقتاً لتقريع الذات على عادة الادباء الذين يقعون في ازمة ضمير كلما شب قتال ويشعرون بلا جدوى القلم ... المهم ان اعيش ، فالحياة هي وحدها الضمان لتصليح أي خطأ اذا اقتنعت فيما بعد انني على خطأ..والوقت ليس وقت مراجعة ذاتية او حوارات فلسفية .. كانت الانفجارات تتلاحق، وقررت ان اواجه الواقع الملموس حالياً وان احدد موقعي من ساحة الحرب بطريقة عسكرية ، واحصائية !
اقتربت من النافذة ... كذلك فعلت الام التي تقطن في الدور الثالث من البناء المقابل لبيتي . وكان البقال العجوز يضع لها بعض ارغفة الخبز في سلة مربوطة بحبل وقد وفقت هي خلف خشب النافذة وادلت اليه بالحبل دون ان تخرج حتى يدها .. اما هو فقد احتمى بمدخل البناء.
كان الهدوء شاملاً ، وتخيلت ان المقاتلين يغسلون وجوههم ويبردون اسلحتهم .. وقررت ان انادي البقال - المغامر وامارس الشيء ذاته .
وبدأت السيدة ترفع السلة المربوطة بالحبل ببطء شديد . وقررت : لابد ان يديها ترتعدان الان ! ... ولكن السلة كانت ترتفع باستمرار وكان حبلها دقيقاً حتى بدت مثل سلة تصعد في الفضاء نحو الخائفين ، حاملة رغيف السلام .. لاحظت ان عيون بقية الجيران المختبئين خلف النوافذ كانت ايضاً تتابع طيران سلة الخبز في الفضاء ، واحسست ان قلوبنا حيعاً مثل قلب واحد يصلي من اجلها ..كأن السلة صارت طفلاً .. طفل المحبة والامان والتواصل مع عالم البسطاء..
وظلت السلة تعلو حتى وصلت الى حدود الطابق الثاني ، والصمت المتوتر ما زال يسود .
وفجأة انطلقت رصاصة .
لا ادري هل سمعنا صوتها اولاً ام شاهدنا السلة تهوي في الفراغ مثل رجل سقط من الشرفة .
وفهمنا جميعاً بومضة برق مدلول ما حدث : هنالك قناص ما اطلق رصاصة على الحبل الرفيع .
لقد عرض مهارته امام اهل الحي جميعاً . لقد قال لنا جميعاً : انني قادر على اصابة أي هدف مهما كان دقيقاً ونحيلاً. قلوبكم كلها تحت مرماي . شرايينكم كلها استطيع ان اثقبها شرياناً شرياناً . استطيع ان اصوب داخل بؤبؤ عيونكم دون خطأ . استطيع ان اصوب رصاصتي الى أي جزء يحلو لي من اجسادكم ؟
وحين هوت السلة ، شعرت بان الحي كله تحول الى قلب واحد يتنهد بغضة . وادركنا اننا جميعاً سجناء ذلك الغول الغامض المختبيء في مكان ما والذي يتحكم بدورتنا الدموية والعقلية والنفسية لمجرد انه يمتلك بندقية ذات منظار تدرب عليها بعض الوقت .. ولتذهب الى الجحيم كل الساعات التي قضيناها في الجامعات والمختبرات لنتعلم !
وحين سقطت السلة ، سقطت آمالنا معها وتكومت على الرضيف جثة تحتضر . حين سقطت السلة ، حزنا كما لو ان طفلاً سقط من على دولاب مدينة الملاهي وانطفأت الاضواء والضحكات كلها دفعة واحدة ..كان واضحاً اننا فهمنا جميعاً رسالة القناص . ومن ساعتها اغلق خشب نوافذ الحي كلها باحكام ..ولم تفتح!
وداعاً ايها الشمس !.
اقرأ ايضاً في قصص عربية | قصة الشريف الادريسي============================================================================================
كوابيس بيروت(1و2و3و4و5و6)
===================
قصص عربية | قصة كوابيس بيروت 1
كابوس رقم 1
حينما طلع ضوء الفجر , كان كل منا يتأمل الآخر بدهشة : كيف بقينا أحياء ؟كيف نجونا من تلك الليلة .. فقد قضينا ليلة كانت القذائف والمتفجرات والصواريخ تركض فيها حول بيتنا كأن عوامل الطبيعة قد أصيبت بالجنون .. وكانت الانفجارات كثيفة كما في فيلم حربي سيء لكثرة مبالغاته ..
لم نكن قد صحونا جيدا من " عدم نومنا " حين اتخذنا قرارا سريعا : اخراج الأطفال والعجائز من البيت وخلال عشر دقائق من الركض الهستيري بين غرف البيت لجمع حوائج سيتبين لنا حتما بعد أنها غير ضرورية - كانت " القافلة " تهط سلم البيت الى الحديقة ومنها الى سيارتي العتيقة .. وكان زجاجها الأمامي مثقوبا برصاصة عند موضع رأس السائق أي عند موضع رأسي والزجاج الخلفي محطما ومتماسكا في مكانه .
تحسست رأسي وفرحت حين وجدته في مكانه دون أي ثقب اضافي منظر الرصاص في الزجاج زاد من جنوننا لتهريب الصغار جدا والكبار جدا كأن لأصوات المتفجرات مفعول غامض كالمخدرات .. كأنها تطلق في الأعماق طاقة سرية مختزنة وتلجم في الوقت ذاته صوت المنطق اليومي والعقل العادي المتداول .
يبدو أننا أغلقنا أبواب السيارة علينا بعنف فقد تساقط الزجاج المحطم الذي كان متماسكا رغم شروخه وسقط فوقنا قطعا بيضاء صغيرة كالثلج الشرير , كان خوفي الوحيد من أن تقرر سيارتي العتيقة ممارسة احدى ألاعيبها كأن تعتصم بأرض الشارع وتضرب اليوم عن العمل , كان قلبي يضرب كطبل افريقي مجنون وأنا أدير مفتاح " الكونتاكت " تحركت السيارة كالمنومة مغناطيسيا كنت أقودها وفي ذهني خاطر واحد , التخلص من حمولتها البشرية الأقل صبرا على الرعب والعودة الى البيت .
أنزلتهم أمام بيت بعض الأقارب وعدت في الدرب نفسها مثل دمية ربط " زمبركها " وهي تؤدي دورها على الخط المرسوم لسيرها دونما توقف " وحتى لو ما حدث لي حين مررت بحواجز المسلحين الجدد الكثر .. لم أتوقف ولم أسرع ولم أشعر بأني رأيتهم ولم تبد علي وجوههم غير الدهشة .. كان من الواضح أن السيارة مصابة بزخات من الرصاص وخصوصا عند موضع رأسي وكان المدهش أنني مازلت أحيا وأقودها دون أي تعبير على وجهي وربما ظنوا أني مت حين أطلقت النار على السيارة وها أنا أقودها في طريقي الى الآخرة .. ووحدها الدرب الى الآخرة سالكة وآمنة وبلا حواجز . وهكذا لم يستوقفني أحد .
قصص عربية | قصة كوابيس بيروت 1
كابوس رقم 2
حين غادرت سيارتي ذلك الصباح ودخلت الى البيت سالمة حتى اشعار آخر لم أكن أدري أنها المرة الأخيرة التي سأغادر فيها بيتي الى ما بعد أيام طويلة ... وأني سجينة كابوس سيطول ويطول ...وأني عدت وأخي الى البيت لنلعب دور السجناء ولو علمنا لتزودنا بشيء من الطعام في درب العودة ولو علمنا ربما لما عدنا ولو . لو . وزرعنا " لو " في حقول الندم , فنبتت كلمة يا "ليت" !
قصص عربية | قصة كوابيس بيروت 1
كابوس رقم 3
لم نكن قد سمعنا الراديو بعد . فقط حينما عدت : تذكرت انني للمرة الاولى منذ شهر غادرت البيت دون ان استمع الى ارشادات المذيع شريف ، او اغسل وجهي على الاقل ..وحين انصت اليه ، كان الاوان قد فات . كان المسلحون يحتلون فندق "هوليدي ان" المواجه لبيتنا الصغير العتيق والذي يطل فوق اعلى طوابقنا (الثالث) . كما يشرف جبل من الاسمنت 3,والحديد فوق كوخ لفلاح مسالم في قعر الوادي .
بعدها فقط استيقظت وادركت انني كاعزل محكوم بالاقامة الجبرية وسط ساحة معركة ! ...فاتصلت بالبقال لاطلب مؤونة من الطعام . لا جواب . تلفنت لدكاكين الحي كلها . لا احد يرد . تلفنت للجيران ، فرد ابنهم امين مدهوشاً ، اين تعيشين ؟ الا تعرفين ما يدور حولك ؟
قصص عربية | قصة كوابيس بيروت 1
كابوس رقم 4
اين اعيش ؟ردني سؤاله الى واقع مروع . اعيش في ساحة حرب ولا املك أي سلاح ولا اتقن استعمال أي شيء غير هذا النحيل الراكض على الورق بين اصابعي تاركاً سطوره المرتجفة كآثار دماء جريح يزحف فوق حقل مزروع بالقطن الابيض .
اين اعيش ؟ يبدو انني اسكن بيتاً من الشعر (بكسر الشين) . وسادتي محشوة بالاساطير ، وغطائي مجلدات فلسفية ، وكل ثوراتي وقتلاي تحدث في حقول الابجدية وقذائف اللغة.
اين تعيشين؟ ودوى انفجار .. وشعرت بوخزة : لماذا لم اتعلم المقاتلة بالسلاح - لا بالقلم وحده - من اجل ما اؤمن به ...؟ كم هو خافت صوت صرير قلمي على الورق حين يدوي صوت انفحار ما ..وقررت : ان الوقت ليس وقتاً لتقريع الذات على عادة الادباء الذين يقعون في ازمة ضمير كلما شب قتال ويشعرون بلا جدوى القلم ... المهم ان اعيش ، فالحياة هي وحدها الضمان لتصليح أي خطأ اذا اقتنعت فيما بعد انني على خطأ..والوقت ليس وقت مراجعة ذاتية او حوارات فلسفية .. كانت الانفجارات تتلاحق، وقررت ان اواجه الواقع الملموس حالياً وان احدد موقعي من ساحة الحرب بطريقة عسكرية ، واحصائية !
قصص عربية | قصة كوابيس بيروت 1
كابوس رقم 5
وجلست اكتب علي ورقة: 1- لا سلاح في البيت علي الاطلاق . حتي سكاكين المطبخ ليست جادة اذن لامجال للبحث في القتال الا علي طريقة غاندي!
2-ليس في البيت سوى طفاية حريق واحدة صغيرة. بحثت عنها ووجدتها في المكتبة. لاحظت انها اصغر مما كنت اقدر، وانها لاتصلح لاكثر من اطفاء سيجارة!.
3-مخزون الطعام يكفي لخمسة ايام . هذا اذا اكلنا علي طريقة النحل !..
4-الماء الخاص بالشرب مقطوع، اي ان علي غلي الماء الملوث قبل شربه...شرط عدم انقطاع الغاز لاشعال النار!.
5- في البيت شمعتان شاءت الصدف ان تكون احداهما سوداء اي في حال انقطاع الكهرباء سيكون علي ان استعين بضوء الصواريخ والقذائف!
6-انا خائفة
7-انا خائفة جداً.
ومزقت الورقة الي قطع صغيرة صغيرة ، ثم عدت اتسلي عن صوت الرصاص بمحاولة اعادتها كما كانت قبل ان امزقها .. حرفاً لصق الاخر .كانت محاولة صعبة جداً، كمحاولة احياء علاثة اشبعناها تمزيقاً..كمحاولة اعادة الفرح الي قلب في (غشاء من نبال).
ضحكت من نفسي ها انا اسكن ساحة حرب وادافع عن جسدي بتلاوة اشعار المتني كما لو كان تعويذتي !..
قصص عربية | قصة كوابيس بيروت 1
كابوس رقم 6
هدأ الرصاص قليلاً..اقتربت من النافذة ... كذلك فعلت الام التي تقطن في الدور الثالث من البناء المقابل لبيتي . وكان البقال العجوز يضع لها بعض ارغفة الخبز في سلة مربوطة بحبل وقد وفقت هي خلف خشب النافذة وادلت اليه بالحبل دون ان تخرج حتى يدها .. اما هو فقد احتمى بمدخل البناء.
كان الهدوء شاملاً ، وتخيلت ان المقاتلين يغسلون وجوههم ويبردون اسلحتهم .. وقررت ان انادي البقال - المغامر وامارس الشيء ذاته .
وبدأت السيدة ترفع السلة المربوطة بالحبل ببطء شديد . وقررت : لابد ان يديها ترتعدان الان ! ... ولكن السلة كانت ترتفع باستمرار وكان حبلها دقيقاً حتى بدت مثل سلة تصعد في الفضاء نحو الخائفين ، حاملة رغيف السلام .. لاحظت ان عيون بقية الجيران المختبئين خلف النوافذ كانت ايضاً تتابع طيران سلة الخبز في الفضاء ، واحسست ان قلوبنا حيعاً مثل قلب واحد يصلي من اجلها ..كأن السلة صارت طفلاً .. طفل المحبة والامان والتواصل مع عالم البسطاء..
وظلت السلة تعلو حتى وصلت الى حدود الطابق الثاني ، والصمت المتوتر ما زال يسود .
وفجأة انطلقت رصاصة .
لا ادري هل سمعنا صوتها اولاً ام شاهدنا السلة تهوي في الفراغ مثل رجل سقط من الشرفة .
وفهمنا جميعاً بومضة برق مدلول ما حدث : هنالك قناص ما اطلق رصاصة على الحبل الرفيع .
لقد عرض مهارته امام اهل الحي جميعاً . لقد قال لنا جميعاً : انني قادر على اصابة أي هدف مهما كان دقيقاً ونحيلاً. قلوبكم كلها تحت مرماي . شرايينكم كلها استطيع ان اثقبها شرياناً شرياناً . استطيع ان اصوب داخل بؤبؤ عيونكم دون خطأ . استطيع ان اصوب رصاصتي الى أي جزء يحلو لي من اجسادكم ؟
وحين هوت السلة ، شعرت بان الحي كله تحول الى قلب واحد يتنهد بغضة . وادركنا اننا جميعاً سجناء ذلك الغول الغامض المختبيء في مكان ما والذي يتحكم بدورتنا الدموية والعقلية والنفسية لمجرد انه يمتلك بندقية ذات منظار تدرب عليها بعض الوقت .. ولتذهب الى الجحيم كل الساعات التي قضيناها في الجامعات والمختبرات لنتعلم !
وحين سقطت السلة ، سقطت آمالنا معها وتكومت على الرضيف جثة تحتضر . حين سقطت السلة ، حزنا كما لو ان طفلاً سقط من على دولاب مدينة الملاهي وانطفأت الاضواء والضحكات كلها دفعة واحدة ..كان واضحاً اننا فهمنا جميعاً رسالة القناص . ومن ساعتها اغلق خشب نوافذ الحي كلها باحكام ..ولم تفتح!
وداعاً ايها الشمس !.
=======================================================================
وهذه ليست نهاية قصتنا بل سوف نستكملها في القصة التالية واذا اعجبك هذا الجزء من القصة لاتنسي انا تتابع باقي اجزائها ولاتنسي ان تشاركها مع اصدقائك علي صفحتنا في الفيس بوك.
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا