قصص القرآن | مَوَاقِفُ وَقَصَصُ السَّلَفِ مَعَ القُرْآَنِ 4
عن منصور بن عمار أنه قال: خرجت ليلة من الليالي، وظننت أن النهار قد أضاء، فإذا الصبح علا، فقعدت إلى دهليز يشرف؛ فإذا أنا بصوت شاب يدعو ويبكي، وهو يقول:
اللهم وجلالك، ما أردت بمعصيتي مخالفتك، ولكن عصيتك إذ عصيتك بجهلي، وما أنا بنكالك جاهل، ولا لعقوبتك متعرض، ولا بنظرك مستخف؛ ولكن سولت لي نفسي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى علي؛ فقد عصيتك وخالفتك بجهلي؛ فمن عذابك من يستنقذني؟ ومن أيدي زبانيتك من يخلصني؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني؟
واسوأتاه إذا قيل للمخفين: جوزوا، وقيل للمثقلين: حطوا؛ فيا ليت شعري: مع المثقلين أحط، أم مع المخفين أجوز؟ ويحي، كلما طال عمري، كثرت ذنوبي؛ ويحي، كلما كبر سني، كثرت خطاياي؛ فيا ويلي، كم أتوب؟ وكم أعود؟ ولا أستحي من ربي.
قال منصور: فلما سمعت كلام الشاب، وضعت فمي على باب داره، وقلت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم:
إن الله هو السميع العليم}.........نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: من الآية6]الآية.
قال منصور: ثم سمعت للصوت اضطراباً شديداً، وسكن الصوت؛ فقلت: إن هناك بلية، فعلمت على الباب علامة، ومضيت لحاجتي؛ فلما رجعت من الغداة، إذ أنا بجنازة منصوبة، وعجوز تدخل وتخرج باكية؛
فقلت لها: يا أمة الله، من هذا الميت منك؟ قالت: إليك عني، لا تجدد علي أحزاني؛ قلت: إني رجل غريب، أخبريني؛ قالت: والله، لولا أنك غريب، ما خبرتك؛ هذا ولدي، من موالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛
وكان إذا جن عليه الليل، قام في محرابه يبكي على ذنوبه، وكان يعمل هذا الخوص، فيقسم كسبه ثلاثاً: فثلث يطعمني، وثلث للمساكين، وثلث يفطر عليه؛ فمر علينا البارحة رجل لا جزاه الله خيراً، فقرأ عند ولدي آيات فيها النار، فلم يزل يضطرب ويبكي، حتى مات رحمه الله. قال منصور: فهذه صفة الخائفين إذا خافوا السطوة
هكذا كان حال السلف الكرام مع القرآن الكريم ، خوف ووجل ، اللهم اجعلنا من اهل القرآن الذين هم اهلك وخاصتك
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا