تحكي هذة القصة عن صورًا نابضة بالحياة لسيرة عطرة لرجل عصامي، هو المؤسس لاسم عائلة الراجحي في عالم المال والأعمال،هو الشيخ صالح بن عبد العزيز الراجحي.
عندما كان سن الغلام 13 سنه كان يسمع اذان الفجر فينطلق الي المسجد ليؤدي الفريضة سائلا المولى عز وجل التوفيق وسعة الرزق،ووقتها حلت المجاعة بالقرية ،فلم يجد الا بعض الاشياء الصغيرة في منزل الاسرة ألجأته الحاجة الى اخذها والذهاب بها الى السوق.
وكانت البداية في المقيبرة (القرية التي ولد بها) بجوار سوق الملابس، ووقف الشاب الصغير يبيع بعض الأقفال والمفاتيح، و(الخردوات) البسيطة من الصباح حتى المساء.
فتحصل في نهاية يومه على سبعة قروش أو ستة،ورجع إلى البيت حاملا هذه الغنيمة الشاحبة، مفكرا فيما عساها تفعله هذه القروش القليلة للشاب الصغير وهو يريد سداد إيجار البيت.
! وكان والده قد تباعد عن الدار، وكثيرا ما تغيب الوالد عن البيت شهرا أو اثنين للعمل أو الحج، ولم يكن يترك لهم ما يكفي المعيشة، لكنه كان يطمئن إلى حكمة ابنه صالح في رعاية إخوانه وآل بيته.
وكان الصغير صالح في هذه الآونة بارعا في لعبة الكعابة، وهي لعبة من كعاب الخروف معروفة عند أهل الرياض، يجلس مع صبيان الحي يلاعبهم، ويكسب بمهارته الكثير منها.
وفي يوم من الأيام رجع إلى بيته فوجد أمه تبكي، فارتاع الصغير لذلك، وسألها عن سبب بكائها، فقالت له: يا ولد، إن صاحب البيت يريد طردنا منه؛ لأننا لم ندفع الإيجار، ووالدك مسافر وليس لنا أحد يدفع الإيجار.
فقام الصغير بهمته العالية، وهداه الله إلى أن يتوجه في اليوم التالي إلى السوق، ولكن هذه المرة للشراء، فوجد امرأة جالسة تبيع الزنابيل(اكياس توضع بها الاشياء)، فأتى إليها فقال: أريد زنبيلا، وليس معي نقود.
فقالت له: أنا لا أعطيك إلا برهن. فأعطاها الكعابة رهنا، وذهب السوق، وليس معه من حطام الدنيا إلا زنبيل يحمله في يده، فكان إذا رأى رجلا ثوبه أبيض، أو يلبس مشلحا، يقول له: يا عم خليني أحمل. يريد أن يجد لنفسه سبيلا إلى العمل، وكأنما كان يوسع في نفسه معنى الجلد والمثابرة.
فكان يحمل اللحم والبطيخ والخُضراوات للناس بريال ونصف في اليوم، وكان راضيا صابرا متوكلا على الله سبحانه، محتملا في سبيل الرزق الحلال الصعب فما فوقه.
ومن صور الاحتمال لمشاق العمل: أنه في يوم من الأيام كان يحمل كبدا على كتفه لأحد عبيد الشيوخ، وإذا بدم الكبد يسيل على ثوبه الذي لا يملك غيره، فتألمت نفسه، وفاضت عيناه لهذا المصاب الفادح في ثوبه الوحيد.. فعطف عليه الرجل، وقال له: ماذا تفضل: أعطيك نصف ريال أو أغسل لك ثوبك؟ فقال له صالح: بل أعطني نصف الريال، وأنا أغسل ثوبي.
فاختبأ عن العيون، وغمس ثوبه في الماء يغسله، وكانوا في ذاك الزمان إذا لم يجدوا صابونا غسلوا الثياب بالتراب. ولكن زمن الجفاف يؤذيه في عمله؛ لأن الوقت سيضيع عليه، ويذهب اليوم هباء بلا فائدة! وهو من أشد الناس حرصا على وقته، فما كان منه إلا أن أخذ ثوبه المبلل وعلقه، وهرول به ها هنا وها هنا حتى تجففه حرارة الشمس، وأنفاس الهواء، ثم لبسه، وبهذا ضمن حفظ الوقت عليه.
.فلما جمع قيمة الإيجار.. شكت فيه أمه وخافت عليه، وسألته عن مصدر المال، فلم يجبها وأرشدها إلى صاحبة الزنبيل، فذهبت أمه إليها، وسألتها عن خبر ابنها صالح، فقالت لها: ولدك هذا ولد صالح، إنه كان من أمره كذا وكذا.
واشترت منه صاحبة الزنبيل الكعابة التي تركها رهنا عندها، فكسب بذلك مرتين؛ مرة من عمله حمالا، ومرة الكعابة التي جمعها.
وما كان صالح يكتفي بهذا العمل - وإن كان شاقا - فقد كانت الجمال المحملة بالحطب إذا دخلت الديرة - أيام كانت الرياض مكونة من الديرة ودخنة - يتطاير منها بعض هذا الحطب، ويتساقط بعد أن تركه أصحابه في الأرض؛ لعدم قيمته، فيقوم صالح وإخوانه بجمع ذلك الحطب في بيت يستأجرونه بربع ريال أو بنصف ريال، وكلما تجمع لديهم قدر مناسب من الحطب باعوه، كما كانوا يجمعون روث الإبل ويبيعونه وقودا.
لم يكن يستنكف من عمل ما لم يكن حراما، وكان يرى أن هذه الأعمال تكفيه عن الناس وما توجبه الحاجة إليهم من الخضوع لهم، والتقيد بهم.
في عالم الأموال وتمر الأيام ويزداد العمل، ويتجمع لديه قدر من المال، ويبدو لصالح أن يصرف جهده إلى الصرافة، وكان العاملون بها قلة معروفة من أهل السعودية، والأعمال وقتها مقسمة بين التجارة في القماش، أو الصرافة، أو ما دون ذلك من حمل الأمتعة وغيرها.
وكان عمر الفتى صالح إذ ذاك قرابة 16 سنة، وكان الناس في فقر إلا القليل منهم، فالحياة بسيطة هادئة، والدكاكين ضيقة، والبيوت من الطين، فذهب ليتدرب عند قريبين له، هما عبد الله بن ناصر الراجحي، وسليمان بن عبد الله الراجحي، وكانا يشتغلان في الصرافة، فجاء ببساطه ومده في صف الدكاكين في الصفاة أمام الجامع الكبير.
وكان هذا فتحا من الله تبارك وتعالى على التاجر الصغير صالح الراجحي، فقد أنعم الله عليه، وتعلم أمور الصرافة في زمن وجيز؛ الأمر الذي مكنه من تأسيس وبناء مؤسسة تجارية عملاقة أدت في النهاية إلى المشاركة في تأسيس مصرف الراجحي.
عندما كان سن الغلام 13 سنه كان يسمع اذان الفجر فينطلق الي المسجد ليؤدي الفريضة سائلا المولى عز وجل التوفيق وسعة الرزق،ووقتها حلت المجاعة بالقرية ،فلم يجد الا بعض الاشياء الصغيرة في منزل الاسرة ألجأته الحاجة الى اخذها والذهاب بها الى السوق.
وكانت البداية في المقيبرة (القرية التي ولد بها) بجوار سوق الملابس، ووقف الشاب الصغير يبيع بعض الأقفال والمفاتيح، و(الخردوات) البسيطة من الصباح حتى المساء.
فتحصل في نهاية يومه على سبعة قروش أو ستة،ورجع إلى البيت حاملا هذه الغنيمة الشاحبة، مفكرا فيما عساها تفعله هذه القروش القليلة للشاب الصغير وهو يريد سداد إيجار البيت.
! وكان والده قد تباعد عن الدار، وكثيرا ما تغيب الوالد عن البيت شهرا أو اثنين للعمل أو الحج، ولم يكن يترك لهم ما يكفي المعيشة، لكنه كان يطمئن إلى حكمة ابنه صالح في رعاية إخوانه وآل بيته.
وكان الصغير صالح في هذه الآونة بارعا في لعبة الكعابة، وهي لعبة من كعاب الخروف معروفة عند أهل الرياض، يجلس مع صبيان الحي يلاعبهم، ويكسب بمهارته الكثير منها.
وفي يوم من الأيام رجع إلى بيته فوجد أمه تبكي، فارتاع الصغير لذلك، وسألها عن سبب بكائها، فقالت له: يا ولد، إن صاحب البيت يريد طردنا منه؛ لأننا لم ندفع الإيجار، ووالدك مسافر وليس لنا أحد يدفع الإيجار.
فقام الصغير بهمته العالية، وهداه الله إلى أن يتوجه في اليوم التالي إلى السوق، ولكن هذه المرة للشراء، فوجد امرأة جالسة تبيع الزنابيل(اكياس توضع بها الاشياء)، فأتى إليها فقال: أريد زنبيلا، وليس معي نقود.
فقالت له: أنا لا أعطيك إلا برهن. فأعطاها الكعابة رهنا، وذهب السوق، وليس معه من حطام الدنيا إلا زنبيل يحمله في يده، فكان إذا رأى رجلا ثوبه أبيض، أو يلبس مشلحا، يقول له: يا عم خليني أحمل. يريد أن يجد لنفسه سبيلا إلى العمل، وكأنما كان يوسع في نفسه معنى الجلد والمثابرة.
فكان يحمل اللحم والبطيخ والخُضراوات للناس بريال ونصف في اليوم، وكان راضيا صابرا متوكلا على الله سبحانه، محتملا في سبيل الرزق الحلال الصعب فما فوقه.
ومن صور الاحتمال لمشاق العمل: أنه في يوم من الأيام كان يحمل كبدا على كتفه لأحد عبيد الشيوخ، وإذا بدم الكبد يسيل على ثوبه الذي لا يملك غيره، فتألمت نفسه، وفاضت عيناه لهذا المصاب الفادح في ثوبه الوحيد.. فعطف عليه الرجل، وقال له: ماذا تفضل: أعطيك نصف ريال أو أغسل لك ثوبك؟ فقال له صالح: بل أعطني نصف الريال، وأنا أغسل ثوبي.
فاختبأ عن العيون، وغمس ثوبه في الماء يغسله، وكانوا في ذاك الزمان إذا لم يجدوا صابونا غسلوا الثياب بالتراب. ولكن زمن الجفاف يؤذيه في عمله؛ لأن الوقت سيضيع عليه، ويذهب اليوم هباء بلا فائدة! وهو من أشد الناس حرصا على وقته، فما كان منه إلا أن أخذ ثوبه المبلل وعلقه، وهرول به ها هنا وها هنا حتى تجففه حرارة الشمس، وأنفاس الهواء، ثم لبسه، وبهذا ضمن حفظ الوقت عليه.
.فلما جمع قيمة الإيجار.. شكت فيه أمه وخافت عليه، وسألته عن مصدر المال، فلم يجبها وأرشدها إلى صاحبة الزنبيل، فذهبت أمه إليها، وسألتها عن خبر ابنها صالح، فقالت لها: ولدك هذا ولد صالح، إنه كان من أمره كذا وكذا.
واشترت منه صاحبة الزنبيل الكعابة التي تركها رهنا عندها، فكسب بذلك مرتين؛ مرة من عمله حمالا، ومرة الكعابة التي جمعها.
وما كان صالح يكتفي بهذا العمل - وإن كان شاقا - فقد كانت الجمال المحملة بالحطب إذا دخلت الديرة - أيام كانت الرياض مكونة من الديرة ودخنة - يتطاير منها بعض هذا الحطب، ويتساقط بعد أن تركه أصحابه في الأرض؛ لعدم قيمته، فيقوم صالح وإخوانه بجمع ذلك الحطب في بيت يستأجرونه بربع ريال أو بنصف ريال، وكلما تجمع لديهم قدر مناسب من الحطب باعوه، كما كانوا يجمعون روث الإبل ويبيعونه وقودا.
لم يكن يستنكف من عمل ما لم يكن حراما، وكان يرى أن هذه الأعمال تكفيه عن الناس وما توجبه الحاجة إليهم من الخضوع لهم، والتقيد بهم.
في عالم الأموال وتمر الأيام ويزداد العمل، ويتجمع لديه قدر من المال، ويبدو لصالح أن يصرف جهده إلى الصرافة، وكان العاملون بها قلة معروفة من أهل السعودية، والأعمال وقتها مقسمة بين التجارة في القماش، أو الصرافة، أو ما دون ذلك من حمل الأمتعة وغيرها.
وكان عمر الفتى صالح إذ ذاك قرابة 16 سنة، وكان الناس في فقر إلا القليل منهم، فالحياة بسيطة هادئة، والدكاكين ضيقة، والبيوت من الطين، فذهب ليتدرب عند قريبين له، هما عبد الله بن ناصر الراجحي، وسليمان بن عبد الله الراجحي، وكانا يشتغلان في الصرافة، فجاء ببساطه ومده في صف الدكاكين في الصفاة أمام الجامع الكبير.
وكان هذا فتحا من الله تبارك وتعالى على التاجر الصغير صالح الراجحي، فقد أنعم الله عليه، وتعلم أمور الصرافة في زمن وجيز؛ الأمر الذي مكنه من تأسيس وبناء مؤسسة تجارية عملاقة أدت في النهاية إلى المشاركة في تأسيس مصرف الراجحي.
وبذلك نكون قد اشرنا الى سيرة حياة الشيخ صالح الراجحي والتي نتعلم منها انه لابد من الجهد والمثابرة من اجل تحقيق الذات ،شاركوا اصدقائكم قراءة القصة ولا تنسوا الاعجاب بصفحتنا على الفيس بوك.
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا