مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الحادى عشر من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الحادى عشر
انطلق خالد مع يامن، وسارا إلى أطراف المدينة حيث منطقة جبلية.. حتى فوجئ خالد بعدد هائل من الفتيان والفتيات يعملون كأسراب النمل.. واندهش من ذلك الكم الهائل..وسأل يامن :كل الناس دي بتشتغل؟
يامن :نعم يا صديقي.. وهناك الآلاف يعملون في مناطق أخرى .. إن الصناعة هنا مربحة..ثم أشار إلى مكان ما هنا نقطع الأحجار من الجبال ثم نصنع منه طوبًا هنا متماثلا يصلح لبناء المساكن.. وكل هؤلاء الناس يعملون ، ويأخذون أجرهم يومًا بيوم.. وأنت وأنا سنكون بينهم..أجرنا سبع وحدات ذكاء باليوم، هل يناسبك؟
فابتسم خالد ثم تابع يامن: هيا.. عليك أن تثبت أنك جدير بالعمل..
بدأ خالد عمله مع يامن والآخرين.. بقطعون الصخور والأحجار بآلاتٍ يدوية..
ربما كان عملا يحتاج إلى قوة بدنية، ولكن هذا ماكان يمتلكه خالد تمامًا.. وبدأ
يعمل، يرفع الفأس بيديه ويهوى بها على الصخور .. وما إن تحطمت صخرته الأولى حتى نظر إلى يامن: لقد بدأنا العمل بالفعل..
و حدث نفسه ساخرا: بكالوريوس تجارة إلى مخزن أدوية إلى تقطيع حجارة.. وتابع عمله والجميع ينظر إليه في إعجاب، وخاصة بعدما طلب من يامن أن ينافسه.. ع من يقطع الاحجارة أسرع وتخلص من قميصه وربطه حول خصره.. وغطى العرق جسده فجعله لامعًا مبرزا عضلاته.. الجميع يعملون ، ويامن وخالد يتنافسان ويسرعان.. والكل ينظر إليهما وإلى مايبذلانه من جهدٍ ، وقد أثارا حماس الباقيين.. حتى أخذا قسطا من الراحة.. وزادت دهشة خالد حين نظر إلى الناس مجددًا.. وإلى الفتيات اللاتي تعملن بقوة.. وتحملن الأحجار إلى العربات..
وسأل يامن: ازاي البنات بتشتغل الشغل الصعب ده؟
فأجابه: لا توجد فتاة بالمدينة لا تعمل.. إن قانون زيكولا لا يسري على الأطفال
فقط.. ولكن ما إن يتجاوز الشاب أو الفتاة السابعة عشر حتى يصبحوا خاضعين
لقانون زيكولا.. وعلى الشاب أن يعمل من أجل ثروته.. وعلى الفتاة أن تعمل من أجل ثروتها..
ثم أردف: هنا لا أحد يعطي غيره من ذكائه دون مقابل.. حتى إن تزوجت، فلن يعطيها زوجها ما يُنجيها.. إما أن تعمل وإما أن تموت.. أو تجد حلا آخر.. هو أن ترث..
رد خالد مندهشا:ترث !!
يامن :نعم.. هنا الميراث يقسم على الأبناء بالتساوي ..
ابتسم خالد: الميراث ذكاء؟
يامن :وهل توجد ثروة أخرى يا صديقي؟!.. حين يموت أحد تنتقل ثروته تلقائيًا إلى ورثته.. هيّا تابع عملك..
فابتسم خالد: حسنا
مرت ساعات، وخالد يعمل ومعه يامن حتى بدأت الشمس في المغيب.. فتوقف الجميع عن العمل، وظهر الإنهاك على خالد
فضحك يامن: هل تعبت؟
فابتسم : أكيد.. أنا مش متعود على مجهود بدني بالطريقة دي..
فضحك يامن:- ستعتاد.. علينا أن نغادر..
خالد : وأجرنا؟
ردّ يامن: ما إن نغادر مكان العمل حتى يصلنا أجرنا دون أن نشعر.. طالما عملت
سيصلك أجرك..
ابتسم خالد: زيكولا..
فسأله يامن: أين ستذهب ؟ .. هل نجتمع بالمساء؟
ًفتذكر خالد أسيلا: لا.. أنا هشتري طعام.. وبعدين أروح البحيرة مكاني..
يامن: حسنا..
دخل الليل، واتجه خالد كي يحصل على طعامٍ .. وما إن جلس بأحد المطاعم ليأكل حتى وجد جميع من هناك لا يأكلون سوى الخبز.. وأتى رجل المطعم، وسأله:ماذا تريد أن تأكل أيها الغني؟
فابتسم وطلب منه أن يخبره بأسعار الطعام..
فرد الرجل: هنا الخبز مقابل وحدة واحدة.. والأرز مقابل ثلاث وحدات.. والدجاج خمسة وحدات.. واللحم ثماني وحدات..
فعلم خالد لماذا يأكل الجميع الخبز.. وطلب دجاجًا وخبزا.. وأكل حتى شبع ثم اتجه مسرعًا إلى البحيرة.. وجلس بجوار الشجرة التي يجلس بجوارها دائمًا..
ظل خالد جالسًا بجوار البحيرة.. ويسأل نفسه هل ستأتي أسيل كما أخبرته أم تاخر الوقت فلن تأت .. وإن لم تأت كيف سيقابلها مجددًا وعمله ينتهي مع انتهاء النهار..
ّويحدث نفسه: لماذا تريدها أن تأتي يا خالد؟، فيجيب: أريد أن أخبرها
بقصّتي، وقد تساعدني.. إنها تبدو أكثر ذكاءً وثقافة من الآخرين.. ثم سأل نفسه: ألا يوجد سبب آخر؟.. فأجاب بعد صمت: لا لا.. ثم ضحك.. ربما.. حتى بدأت آلام جسده تشتد من ذلك المجهود الذي بذله.. وظل في انتظار أسيل حتى مرّ الوقت وغلبه النعاس دون أن تأتي..
في صباح اليوم التالي، أسرع خالد إلى عمله الجديد.. ولكنه فوجئ بثلاثة أشخاص يعترضون طريقه، ويوقفونه وأخرج أحدهم سكينا.. ثم سأله:
أين نصيبنا من عملك؟
فسأله خالد في غرابة: نصيبكم؟!!
رد أحدهم: نعم.. لنا منك وحدتان ذكاء كل يوم.. هل تقبل أم لا؟
فقال غاضبًا: مقابل إيه؟
ردوا :أننا نحميك..
خالد :لا.. لا أقبل ..
فقام أحدهم بلكمه ثم انهالوا عليه ضربًا حتى أسرع يامن الذي كان يمر بالقرب منهم: لماذا تضربونه؟
رد أحدهم: إنه لا يريد أن يدفع لنا نصيبنا..
فقال يامن وهو يحاول أن يخلص خالد من أيديهم :سيدفع.. سيدفع..
ثم نظر إلى خالد الذي سالت الدماء من شفتيه: ادفع لهم وحدتين..
فنظر إليهم خالد :حسنا أقبل..
فرد أضخمهم: حسنا.. ثم انصرفوا
فنظر خالد إلى يامن:مين دول ؟
يامن: إنهم لا يعملون .. ويجبروننا أن ندفع لهم وإلا تعرّضوا لنا بالأذى..
خالد :بلطجية يعني.. وعايزين إتاوة..
يامن :أخي، إننا نحيا في زيكولا هكذا.. وقد تعوّدنا على ذلك..
ًخالد منفعلا: تدفع من ذكائك مقابل حمايتك.. وفين الشرطة..
رد يامن: إنهم ليسوا مذنبين.. وقانون زيكولا لا يعاقبهم.. إنهم يريدون أن يبقوا أحياء.. وهذا لا يتعارض مع قوانيننا.. عليك أن تدفع وحدتين كل يوم، وأن ترضى بذلك..
فصاح به:ازاي أكون باخد سبع وحدات في اليوم، وأدفع وحدتين مقابل حمايتي، وآكل منين، ويتبقى لي إيه..
يامن :عليك أن تبذل جهدا أكبر لتوفر أكبر قدر من أجرك.. ربما يساعدك مخزونك
الكبير قبل أن تأتي إلى هنا والذي قد يصل إلى الألف وحدة.. ولكن نصيحتي إليك.. إياك أن تقترب مجددًا من مخزونك من الذكاء.. إنه كفيل بأن يبعدك عن الفقر..
فهمس خالد: أتمنى..
فابتسم يامن :حسنا.. هيا إلى العمل.. ما رأيك في منافسة كبيرة اليوم..
مرت الأيام.. وخالد يعمل مع يامن في صناعة الطوب من الأحجار.. ويمر يوم بعد
يوم، وخالد ينهض من نومه، ويتجه إلى عمله، ويدفع الوحدتين مقابل حمايته.. ثم يذهب إلى عمله فيحطم الصخور بفأسه.. وأصبح شعره الناعم طويلا بعض
الشيء، كما غطت لحيته الناعمة وشاربه، وجهه، وكبرت عضلاته.. وأصبح الكثير من أهل لقبونه بالغريب القوي ..يسير في شوارع المدينة.. ويضحك مع هذا وذاك.. ثم يأكل الدجاج والخبز كعادته.. ويعود إلى البحيرة مرة أخرى فيلقي بنفسه في مائها كي يريح جسده من عناء العمل.. ويظل ينتظر أسيل كل يوم.. ويرفض أن يقابل يامنا ليلا..
و يحدث نفسه: ربما ستأتي اليوم.. وتمر الأيام دون أن تأتي.. حتى أدرك أنها قد نسيت وعدها له بأن يكملا حديثهما بعدما لم يرها منذ حديثهما السابق والوحيد.. ويظل ساهرا على شاطئ البحيرة حتى يغلبه النعاس فينام.. ثم يأتي صباح اليوم التالي.. ويكرر ما فعله في يومه السابق.. وعادت إليه نضارة وجهه، واختفى شحوبه بعدما شعر أنه عوّض ما فقده من ثروته حين دخل زيكولا أول يوم..
ًحتى جاء يوم ووجد يامنا،
فحدثه :يامن.. أنا محتاج أقلام وورق ..
رد يامن في دهشة: لماذا؟ !
فأجابه: يعني.. فيه حاجات عايز أسجلها عن زيكولا.. أستغل فترة وجودي هنا بعد ما فات شهر..
يامن :حسنا.. أعرف مكانا يمكنك أن تذهب إليه، وتجد أقلام وأوراق زيكولا المميزة.. ثم تابع مفتخرا: بالطبع لا توجد صناعة أفضل من صناعة زيكولا.. وأكمل: إنه مكان يباع به الكتب.. وأعتقد أنك ستجد مرادك هناك..
أراد خالد أن يسجّل لحظاته التي يعيشها في زيكولا.. لعله يخرج منها ذات يوم،
وتكون تلك الأوراق التي يكتبها ذكرىً لأيامه بها.. أو يصنع منها كتابًا يقرأه الكثيرون غيره.. وكان هناك سبب آخر؛ فقد جال بخاطره أن تأتي أسيل ذات نهار إلى البحيرة فلا تجده.. فقرر أن يكتب ورقة ويتركها بجوار شجرته.. ويخبرها بأنه في عمله وأنه ينتظرها كل مساء.. وربما كان هذا السبب الذي أشعل حاجته إلى الأقلام والأوراق.. حتى وصل إلى المكان الذي وصفه يامن.. وطرق بابه الخشبي ودخل.. فوجد حجرة كبيرة مليئة بالكتب.. ويجلس بها رجل عجوز وحيدا.. فاندهش خالد من هذا الكم الهائل من الكتب المتراصة، حتى قال العجوز :يبدو أنك الغريب القوي ..
فأجابه خالد: نعم.. ولكن كيف عرفت؟!
رد الرجل: إنني أعرف الكثيرين من أهل المدينة..
فابتسم خالد ثم سأله: مين اللي كتب كل الكتب دي؟ !
رد العجوز : إنهم علماء زيكولا القدامى.. وهناك من الكتب ما ينتمي إلى البلاد الأخرى .. إن زيكولا تهتم بالعلم والعمل..
فسأله خالد :وأهل زيكولا قرأوا الكتب دي؟
أجابه العجوز :الكثيرون منهم قرأوا..
خالد : يعني الكتب دي حققت لك ثروة كبيرة..
رد الرجل :لا.. ليست إلى هذا الحد.. إن أسعار الكتب رخيصة للغاية.. ثم صمت، وتنهّد ربما كفاني أن أبيع كتابًا واحدا مثل كتاب بعته..
سأله خالد متشوّقا: أيّ كتاب؟
ردّ العجوز :كان كتابًا قد اشتراه مني رجل بأغلى سعر شهدته زيكولا..
فاندهش خالد :- لازم كان كتاب ثمين..
ابتسم العجوز :لا أعتقد هذا.. وقتها لم أقرأ منه سوى سطور .. ولكنني حين رأيت ذلك الرجل يحتاجه بقوة طلبت منه أغلى سعر.. ثم ضحك، وتابع: يبدو أنه كان يحب الخيال.. إن الكتاب كان يتحدث عن أرض أخرى .. وعن وهم
يسمى سرداب فوريك..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الحادى عشر من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع أيضاً: جميع فصول رواية العنيد بقلم الشيماء محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا