مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الرابع والعشرون من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الرابع والعشرون
بعدها خرج الأربعة من دار ضيافة الطبيبة ومساعديها.. يقودهم إياد.. حتى وصلوا إلى حيث وقفوا منذ ساعات قليلة أمام سور زيكولا والذي قد لمع مع انعكاسات إضاءة النيران القريبة منه وجعلت من ضلعيه وزاويته منظرا بديعًا.. كان لينال إعجاب خالد لولا انشغاله بمصير خروجه.. ثم نظر يامن إلى إيادوسأله: كيف يخرج خالد من زيك ولا؟!
فأجابه :انظروا هناك ..
وأشار إلى بيت من طابقين يبتعد قليلا عن بيوت المنطقة الغربية، ويقترب من سور زيكولا.. لا يفصله عنه سوى مائة من الأمتار ثم أشار إلى الجنود المتواجدين أمام السور وسألهم أن ينظروا إليهم أيضا..
فاندهشت أسيل: أنا لا أفهم شيئا..
وتبعها يامن: وأنا أيضا..
وخالد مازال صامتا حتى أكمل إياد: حين تركتكم جئت إلى هنا.. ووقفت كما نحن واقفون الآن.. ولم أضع أمامي سوى أن يخرج خالد إلى باب سردابه.. خارج هذا السور .. مهما كانت التحديات.. حتى أصابني العطش فذهبت إلى ذلك البيت.. وأشار إلى البيت مجددً ا، وأكمل: كي أشترى منه كوبًا من الماء.. وهناك فوجئت بأن ذلك البيت لا يسكن به أصحابه الآن.. يعيش به خادمه بمفرده.. أما أصحابه فهم من التجار الذين يبيعون بضائعهم إلى المدن الأخرى غير زيكولا، وخرجوا يوم زيكولا السابق، ولن يعودوا إلا
يوم فتح باب زيكولا مع يوم زيكولا..
فقاطعه خالد: أنا لا أفهم شيئا.. ماذا يعنينا كل هذ؟!
فأجابه: انتظر.. أنا أعمل في تلك المنطقة منذ سنوات عديدة، وأعلم جيدا خفايا تلك المنطقة وأرضها.. سأخبركم س را نعلمه نحن من نعمل بتكسير الصخور هنا: إن العمل هنا في تكسير الصخور ليس بصعوبة العمل في المنطقة الشرقية.. إن الصعوبة هنا تكمن في الطبقة الخارجية من الأرض فقط.. أما إن تجاوزت تلك الطبقة يكون الحفر بها وتكسير صخورها ليس صعبًا على الإطلاق..
فلمعت عينا خالد: تقصد؟!
فأكمل إياد: نعم يا صديقي .. هذا البيت أقرب مكان إلى زاوية سور زيكولا.. وإن كانت زاوية هذا السور أو رأسها كما تحب أن تسميها.. هي التقاء ضلعي سور زيكولا.. بالطبع ستكون أضعف نقاط الجزء العميق منه..
ثم ابتسم، وأكمل: وان كان سيمنعك حماته من الاقتراب منه .. فانا اعرف من يستطيعون ان يحفروا لك نفقنا ببراعه.. من ذلك البيت إلى أسفل ذلك السور .. حتى تخرج إلى سردابك دون أن يشعر حماته أو أهل منطقتنا بشيء..
ثم قال: أعلم أنني هكذا خائن لزيكولا.. ولكنك صديق صديقي الحميم..
فصاحت أسيل: إن هذا جنون ..
وصاح يامن: نعم.. إنك مجنون يا إياد..
فأشار إليهما، ورفع كتفيه: هل هناك من حلّ آخر؟ ! ثم نظر إلى خالد: لن تأتيك تلك الفرصة مجددًا.. إن عاد أصحاب هذا البيت فلن تستطيع دخوله على الإطلاق.. أما ذلك الخادم حين استدرجته في الحديث أخبرني بأنه قد يعطي البيت لمن يعطيه مائتي وحدة حتى يوم زيكولا حين يعود سيده ومن معه..
فصاح يامن : مائتي وحدة؟!
ثم سأله خالد وقد تجاهل صيحة يامن: ومن يحفرون النفق؟
فأجابه إياد: أعلم ثلاثة من العمال الماهرين.. قابلتهم من قبل إنهم بارعون في تلك الأعمال.. إنه عمل يحتاج إلى براعة، وقد يتجاوز معهم حفر هذا السرداب عشرين يومًا.. هذا لأنهم سيعملون نهارا فقط حتى لا يسمع ضجيجهم أحد مع ضجيج السوق .. ولكن عليك ألا تنسى أنهم سيأخذون أجرا إضافيًا مقابل صمتهم.. ثم صمت، وأكمل:
- قد يأخذون ثلاثمائة وحدة.
فقاطعه خالد: أنا ممكن أحفر معهم وأوّفر أجر عامل وكذلك يامن:
فابتسم: كما أخبرتك.. إن حفر النفق يحتاج إلى براعة نفتقدها.. وأعتقد أنهم لن يريدوا مساعدتك لهم.. لن يوّدوا أن يشاركهم أحد أجرهم.. إنهم سيأخذون الثلاثمائة وحدة.. سواء عملت معهم أو لا..
حتى تحدثت اسيل ، ونظرت إلى خالد: خالد هل جننت؟!!.. مائتى وحدة، وثلاثمائة وحدة؟ !.. تفقد خمسمائة وحدة من ذكائك؟!
فصمت خالد، ولم يجبها.. حتى نطق إياد: لم أجد إلا هذا الحل أيتها الطبيبة.. ثم ابتسم: يمكنك الآن أن تعرفي كم استنزفت من ذكائي اليوم.. عليك أن تخبري به صديقك كي يعوّضه لي..
فتحدثه خالد مبتسمًا: حسنا يا إياد.. سأعطيك ما تريد كما وعدتك.. ثم نظر إلى أسيل مجددًا وقال في هدوء: أسيل.. أريدك أن تخبريني كم أمتلك من وحدات الذكاء الآن.
. صمتت أسيل قليلا بعدما طلب خالد منها أن تحدد له نسبة مخزونه من الذكاء ثم نظرت إليه وتأمّلته كثيرا ثم أمسكت برأسه وأمسكت ثنية من جلده بين أصبعيها :خالد.. إن مخزونك الآن لا يتعدى ستمائة وخمسين وحدة.. وقد يكون ستمائة
فقط بعد استنزافك الكثير من الوحدات في تفكيرك..
فصمت ثم سألها: وكم يتبق لامرأة الحاكم حتى تضع مولودها؟
فأجابته : أعتقد أنه يتبقى شهران وعشرون يومًا أكثر أو أقل بأيام..
بعدها نظر إلى إياد : هل سيستغرق حفره عشرين يومًا فقط؟
فابتسم إياد: أعتقد ذلك.. وإن شئت أحضرت هؤلاء العمال من الغد..
فصمت خالد وطال صمته تلك المرة ثم نظر إليهم : أريدكم أن تتركوني وحدي الآن..
فابتسمت أسيل: خالد.. أريد أن أبقى معك..
فوضع وجهها بين كفيه برقة: أريد أن أكون وحدي يا أسيل.. عليك أن تعودي إلى المسكن مع يامن الآن.. أريد أن أتخذ قرا ري بمفردي.. ثم نظر إلى يامن: اصطحب أسيل إلى المسكن.. وأنا سأتبعكما لاحقا..
ثم نظر إلى إياد وشكره على تفكيره في إيجاد الحل له.. ثم غادروا جميعًا..
غادر إياد ومعه يامن وأسيل والتي ظلت تتلفت وهي تسير مبتعدة عن خالد وتنظر إليه حيث يجلس وكانها لم ترد أن تفارقه حتى اختفى عن نظرها.. بينما جلس هو على صخرة عريضة أمام السور .. ينظر إليه ويفكر فيما أخبره به إياد ويتحدث إلى نفسه.. إما البقاء في زيكولا أو العودة إلى بلده.. وهو غبي.. ويسأل نفسه: هل يجد ذلك السرداب حقا إن عبر هذا السور أم أنه سراب سيظل يطارده.. ثم يبتسم، ويتحدث إلى نفسه، وكأنها شخص أمامه يحدثه ويقنعه:
انت شايف إن فيه حل تاني؟ .. زي ما قلت قبل كده مبقاش فاضل غير المجازفة..
ثم ضحك وأكمل مناقشته لذاته: قررت إيه يا خالد؟.. ترجع بلدك ومعاك مية وحدة ذكاء بس.. ولا تبقى هنا طول حياتك؟ لو وافقت على اللي قاله إياد لازم تحس بلذة اللحظات دي.. لأنها ممكن تكون
آخر لحظات ذكاء تعيشها.. ثم عاد بجسده للخلف.. وأسند ذراعيه خلفه و تذكر جده حين كان يبتسم ويداعبه صغيرا.. ويخبره بأنه ذكي.. حتى كبر، وعاد إليه يومًا بعدما لم يجد وظيفة بشهادته.. وأخبره أنه لا فائدة لذكائه في بلده.. ماذا يفعل به لاشيء.. يبتسم ويتحدث إلى نفسه بصوتٍ مسموع : مش هتفرق كتير لما أرجع لبلدي.. الذكي مبيختلفش عن الغبي كتير.. يشعر كم اشتاق إلى جده، وإلى رؤيته، ويعلم أنه لم يشغله عن التفكير به سوى سعيه للعودة إليه من جديد.. وينظر إلى السور ويحدثه بصوت هامس: أنت الحاجز الوحيد بيني وبين اللي بحبهم ..
ثم نظر إلى البيت الذي يسكنه الخادم: وانت الحل الوحيد اللي هيخليني أشوف اللي بحبهم.. ثم أمسك برأسه ومرر شعره بين أصابعه و تحدث : أصعب قرار بحياتي.. أصعب قرار.. هتقرر إيه يا خالد؟. هتقرر إيه؟
وظل هكذا لا يتوقف عقله عن التفكير.. حتى اقترب الليل من الزوال، وبدأ خيط النهار يظهر.. فنهض واتجه إلى المسكن الذي يسكن به يامن وأسيل.. وما إن وصله حتى دلف إلى غرفة يامن فوجده نائمًا
فهمس إليه: يامن.. يامن..
فلم يستيقظ فنكزه بيده حتى فتح عينيه.. وكاد يتحدث فأشار إليه خالد أن يصمت، و تحدث بصوت منخفض :أسيل في الغرفة المجاورة.. ولا أريدها أن تصحو.. إن كانت نامت من الأساس .. فنهض يامن وجلس على سريره فاتحًا عينيه بصعوبة.. حتى أكمل خالد بصوته المنخفض : أريد أن أتحدث إليك..
يامن: حسنا..
فأكمل خالد: لقد اتخذت قراري ..
فنظر إليه يامن.. ينتظره أن يكمل حديثه سريعًا.. حتى أكمل: أرى أن إيادًا على حق.. سأعبر سور زيكولا من خلال النفق..
فقاطعه يامن: خالد.. وذكاؤك؟!
فأجابه: لقد فكرت كثيرا في ذلك.. لقد أخبرنا إياد أن حفر ذلك النفق سيستغرق
عشرين يومًا.. وسيعطينا ذلك الخادم البيت حتى يوم زيكولا، حتى يعود أصحابه
إن عادوا..
فقاطعه يامن: نعم سيعودون .. هكذا تجار زيكولا، سيطير خبر يوم زيكولا قبله بأيام.. فيستعد كل من يريد العودة حتى يُفتح باب زيكولا فيدخلونها..
فواصل خالد حديثه: هذا ما أقصده.. يتبقى على يوم زيكولا شهران وعشرون يومًا.. سيُحفر ذلك النفق ولكنني لن أغادره حتى يوم زيكولا.. إنهم ثمانون يومًا.. إن عملت هنا مقابل ست وحدات باليوم ساوفر حتى يوم زيكولا ربما ربعمائة وثمانين وحدة.. مع ما تبقى لدي من المائة وحدة.. سيكون لدي ما يقرب من ستمائة وحدة.. أي أنني لن أختلف كثيرا حين أخرج من النفق.. وستنفعني كثيرا تلك الوحدات حين أصل إلي سرداب فوريك..
فابتسم يامن: انه قرار حياتك يا صديقي.. ولا دخل لي به.. ثم أكمل: إنك ذكي حقا يا خالد، وكم أنا مسرور لذلك.. فإنك ستبقى معنا شهرين آخريين.. خشيت أن ترحل بعد عشرين يومًا فقط..
فابتسم خالد: هذا إن وضعت زوجة الحاكم ذكرا.. ربما تطول المدة إن وضعت أنثى.. وانتظرنا يوم زيكولا في موعده الأساسي بعد خمسة شهور ..
فابتسم يامن: الآن أتمنى أن تضع أنثى..
فابتسم خالد ثم زالت ابتسامته: أردت أن أحدثك بعيدا عن أسيل لأنني لا أريد أن أسبب لها الكثير من التعب.. واخشي ان يؤثر ذلك على عملها كطبيبة زيكولا الأولى.. اليوم سأفقد ذكائي.. سأصبح في عداد أغبياء زيكولا وفقرائهم.. لن أستطيع التفكير.. و ان فكرت ربما ستكون قراراتي غبية..
ثم نظر إليه وأمسك بذراعيه: يامن.. من اليوم أنت من ستتخذ أي قرار يخصّني..
ًفسأله يامن مندهشا : أنا؟ !!
فأجابه خالد: نعم.. أخشى أن يكون تفكيري بغباء سيسبب الكثير من المتاعب.. ولهذا
سأحمّلك مسئوليتي بعد اليوم.. سأطيعك مهما كان قرارك.. بالطبع ستكون أذكى مني .. فصمت يامن وفرك شعره: إنها حقا مسئولية كبرى ..
فأكمل خالد :ما عليك سوى أن تجعلني أعمل.. حتى أسترجع ذكائي.. فإن فعلت ذلك فلن أنساه طوال عمري .. ثم هدأ صوته واقترب منه: أريد أن أخبرك بشيء آخر... يامن.. إنني أحب أسيلا.. وأخشى أن أكون غبيًا فتبتعد عني.. سأطيعك فيما تراه أن أفعله تجاهها أيضا فرد يامن: أرى أنها تحبك أيضا، وتحبك كثيرا..
فابتسم خالد: أعلم ذلك.. ولهذا فكرت أن آخذها معي إلى أرضي.. لقد فكرت كثيرا في ذلك.. ولكنني ترددت أن أخبرها بحبي لها.. وقررت أن أخبرها بذلك حين أجد الطريق ممهدا لعودتي إلى بلدي.. سأتركك وقتها تخبرني ماذا أفعل..
فابتسم يامن: أتمنى لكما السعادة يا صديقي..
فابتسم خالد: حسنا لننهض.. علينا أن نذهب إلى إياد.. وأعتقد أن أسيلا قد استيقظت.. لاتخبرها بشيء مما قلناه..
فابتسم يامن، وقد نهض: حسنا..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والعشرون من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع أيضاً: جميع فصول رواية العنيد بقلم الشيماء محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا