مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الرابع عشر من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الرابع عشر
مرّ الوقت.. ووصلت العربة إلى تلك المنطقة التي يقصدونها.. ونظر خالد من نافذة العربة، واندهش حين وجد تلك القصور العالية وزخارفها الرائعة التي زينتها من الخارج.. وشاهد الكثير من الحراس يقفون أمام قصرٍ فعلم أنه قصر الحاكم..حتى توقفت أمامه العربة، ونزلت أسيل ومعها خالد حاملا حقيبتها القماشية..واتجها إلى داخله.. وخالد يتلفت حوله كلما سار، ويشاهد البراعة المعمارية مستمتعًا، ولاحظت أسيل ذلك بعدما تلكأ في خطواته.. فحدثته مبتسمة: على مساعدى أن يسرع.. ليس هناك وقت .. للتاملفابتسم، وأسرع حتى دخلا معًا إلى بهو القصر.. وهناك وجد رجلا تبدو عليه
الفخامة والنفوذ.. وبجواره العديد من الأشخاص الذين بدا عليهم الثراء أيضا..
يرتدون ملابس مزركشة يكفي ثمن إحداها لإنقاذ عشرات الأشخاص من الذبح ثم انحنت أسيل.. وانحنى معها خالد.. بعدها تحدث الحاكم إلى أسيل:
لقد جئت في موعدك أيتها الطبيبة.. ثم سألها: من هذا؟ ! وأشار إلى خالد..
فأجابت: إنه مساعدي يا سيدي..
فتابع الحاكم: لن تحتاجيه اليوم.. لا أريدك فقط سوى أن تداوي زوجتي.. أشعر أنها ليست بخير في الأيام السابقة.. فانحنت أسيل مرة أخرى .. ثم عادت إلى خارج بهو القصر.. ومعها خالد وحدثته مبتسمة: أرى أنك محظوظ.. لن تعمل اليوم، ولكنني سأرهقك بالعمل في الأيام القادمة..
ثم أشارت إليه أن ينصرف: لك اليوم بالكامل.. ابحث عن كتابك.. ربما تجد ذلك الشخص الذي اشتراه هنا.. أما أنا فعليّ أن أرى زوجة الحاكم.. لعلها بخير..
ابتسم خالد، وتركها وغادر.. و هو يحدث نفسه أسيل.. حورية زيكولا..
انصرف خالد.. وبدأ يسأل كل من يقابله عن شخص طويل وعريض مثله، ولهجته غريبة أيضا، ولكنه يكبره سنا، ويتكلم عن الخيال.. أو عن شيء يُسمّى سرداب فوريك.. فلم يجد ممن يسألهم سوى علامات الدهشة والغرابة.. ولم يكن يعلم أحد - ممن يعملون بقصر الحاكم - شيئا عن ذلك الشخص الذي يقصده.. بعدها خرج من القصر.. واتجه إلى القصور الأخرى ، ويعلم أنه سيجد صعوبة فيما يفعله.. ولكنه عزم على أن يتمسك بأمله.. وأن يحاول في سبيل حلمه بالعودة إلى بلده.. وبدأ يسأل الناس من جديد.. ولكنه كلما سأل أحدا عن ذلك الشخص أو ذلك الكتاب لم يجبه.. وظلّ يسأل كل من يقابله.. دون جدوى .. ومرّ الوقت وأصابه التعب، وبدأ اليأس يتسرب إلى قلبه حتى مرّ عليه شخص فسأله.. فأخبره بأن هناك مبنى كبيرا به الكثير من الكتب.. يُسمّى مكتبة الحاكم لعله يجد ذلك الكتاب به ..
أسرع خالد إلى ذلك المكان الذي وصفه له الرجل مقابل وحدتين من ذكائه.. وهناك وجد شخصًا يعمل به.. فسأله عن ذلك الكتاب لعلّ صاحبه قد باعه أو أهداه إلى تلك المكتبة.. فلم يجبه الشخص.. وأخبره بأنه لا يعلم كثيرا عن تلك الكتب.. وسمح له أن يدخل إلى المكتبة مقابل خمس وحدات أخرى من ذكائه.. ووافق خالد على ذلك.. واتجه إلى داخل المكتبة..
بعدها بدأ خالد يبحث بين الكتب.. ويبحث بين الوريقات المتناثرة.. يبحث في كل مكان بتلك المكتبة.. لا يريد أن يترك شبرا لا يبحث به.. ويستريح لبعض الوقت ثم عاود بحثه مجددً ا حتى لا يُضيّع وقته.. ويزيح الأتربة المتراكمة على بعض الكتب.. ويجلس من يعمل بتلك المكتبة يشاهده دون أن يساعده.. وخالد يواصل بحثه.. يحاول أن يجد أي عنوان لكتاب يمت بصلة إلى سرداب فوريك.. ولكن دون فائدة.. فقد مر الوقت وأكمل بحثه دون أن يجد ما يريده، وغادر وعاد إلى أمام قصر الحاكم فوجد أسيلا في انتظاره بالعربة.. فسألها إن كانت قد انتهت هى الأخرى من عملها فأجابته بأنها انتهت من عملها بالفعل.. ثم سألها لماذا لم تغادر؟ فأجابته مبتسمة : وهل أغادر دون مساعدي؟!.. هيّا.. ثم أمرت السائق أن يتحرك بهما إلى البحيرة..
بعدها سألته :هل وجدت شيئا؟
رد خالد: للأسف لا.. سألت ناس كتير بس ملقتش أي جواب..
اسيل :لهم العذر في ذلك.. إنك تبحث عن شيء صعب للغاية.. تبحث عن شخص لا تعرفه.. وعن كتاب لم يسمع به أحد..
خالد :عارف إنه أمل ضعيف.. بس لازم أتمسك بيه .
فابتسمت أسيل:لا تحزن يا خالد.. إنك مازلت باليوم الأول من البحث.. وعليك أن تسعد بأنك انتهيت من منطقة بأكملها.. حتى لو كانت صغيرة.. ثم صمتت، وأكملت: لدي خبر سيجعلك سعيدا..
نظر إليها خالد في لهفة: إيه هو؟
ردّت أسيل : لقد اكتشفت أن زوجة الحاكم ليست مريضة.. وإنما ستستقبل مولودً ا قريبًا..
خالد: حامل؟
اسيل :نعم.. وأرى من أعراض حملها، أنه قد مرّ ثلاثة أشهر على حملها..
ًفسألها مندهشا: وأنا أكون سعيد ليه؟
ردّت أسيل: إن أنجبت ذك را سيكون هناك احتفال لأهل زيكولا بذلك الطفل تكريمً ا للحاكم.. ويُقام يوم زيكولا بعد مولده بسبعة أيام.. وبالطبع سيُفتح باب زيكولا قبله بيوم، ويُذبح أفقر من بالمدينة أيضا. .ثم أكملت: هذا يعني أن يوم زيكولا قد يكون بعد ستة أشهر فقط من اليوم.. ثم صمتت، ونظرت عبر النافذة، ولمعت عيناها بالدموع.. وأكملت: وقتها تستطيع أن تخرج من زيكولا..
لم يتمالك خالد نفسه من الفرحة، وكأنه لا يصدق أذنيه.. وشعر بأن ما قالته
أسيل يجعله يرقص فرحا.. ثم نظر إلى أسيل: ست شهور ؟!
ردت أسيل: نعم.. إن أنجبت ذكرا..
قال في فرحة، وهو ينظر إليها: أنا متأكد إنه هيكون ذكر.. عارفة ليه؟
اسيل :لماذا؟ !
خالد :لأنك وش السعد عليا.. أحلى حاجة حصلت لي في زيكولا.. قال تلك الكلمات، وقد غطت السعادة وجهه.. ثم تحدث إلى نفسه: ست شهور .. يارب يكون ولد.. ثم نظر إلى أسيل: متتخيليش أنا فرحان أد إيه.. أنا نفسي زوجة الحاكم تولد النهارده قبل بكرة..
فعادت أسيل إلى ابتسامتها الرقيقة بعدما شعرت بسعادة خالد بهذا الخبر..
وقالت: أنا أيضا سعيدة لأنك تشعر بالسعادة.. كنت أعلم أنك ستكون سعيدا هكذا..
ابتسم خالد ثم نظر عبر نافذة العربة إلى السماء المظلمة.. والتي كان بها نجم مميز في تلك الليلة.. يضيء منفردًا بها و مبتعدا عن مجموعة نجوم أخرى .. ثم طلب من أسيل أن تنظر إلى ذلك النجم الذي أشار إليه: شايفة النجم اللي هناك ده؟
ردت أسيل: نعم.. إنه وحيد ومميز..
فضحك: أنا هسميه أسيل.. ثم صمت وتحدث بعد لحظات: لو رجعت لبلدي يوم.. أكيد هلاقي النجم ده في السما..
ضحكت أسيل: أرى أن الفرحة جعلتك شاعرا..
ًفضحك خالد مكملا حديثه مداعبًا لها: أكيد النجم مش في جمال أسيل.. بس هو جميل ومميز زي ما أسيل جميلة ومميزة..
ًفاحمرّ وجهها خجلا.. وصمتت، وظلت تنظر إلى خالد الذي صمت هو الآخر،
وكأنه هام بفكره.. وسرح بين أحلامه..
كانت العربة تسير مسرعة، وخالد وأسيل بداخلها يتحدثان أحيانا.. ويصمتان أحايين أخرى .. وظلا هكذا حتى وصلت العربة إلى البحيرة.. وتوقفت هناك، ونزل خالد ثم تحدثت إليه أسيل:
الأسبوع القادم سنذهب إلى المنطقة الجنوبية..
فابتسم، وأومأ برأسه موافقا.. ثم أكملت: أمامك سبعة أيام.. عليك أن تعود إلى عملك هنا.. لا تضيع وقتا دون عمل ..
ًفسألها مندهشا: وعملي كمساعد ليكي؟!
فابتسمت: إن احتجت مساعدتك لي هذا الأسبوع فلن أتردد في هذا.. ولكن هنا يساعدني الكثيرون.. ثم تابعت: أترك لك المساعدة في المناطق الأخرى .. ولذا أمامك أيام لا تضيّعها بالجلوس على شاطئ البحيرة.. اذهب إلى عملك مع صديقك يامن، واجلب الكثير من الأجر..
فابتسم خالد.. وهز رأسه موافقا..
تحركت العربة مجددًا.. وخالد ينظر إليها حتى اختفت عن أنظاره.. ثم اتجه إلى شاطئ البحيرة.. أما العربة فواصلت تحركها في احدي الشوارع المنارة بالنيران حتي توقفت أمام بيتٍ كبير.. تبدو من واجهته الفخامة والثراء، وله باب ضخم.. ونزلت أسيل، ودلفت إلى داخل البيت المضاء بالشموع، والذي امتاز بسقفه العالي، وجدرانه المنقوشة من الداخل، والأثاث الخشبي والنحاسي طعّم بماء الذهب ثم صعدت السلم الداخلي، واتجهت إلى حجرتها.. وألقت بنفسها على السرير المتواجد بها.. ثم نهضت مجددًا، وجلست أمام مرآة كبيرة.. وابتسمت برقة وهي تنظر إلى صورتها المنعكسة، وإلى شعرها الأسود الناعم الطويل الذي بدأت
تتحسسه بيدها من الأمام إلى الخلف.. بعدها هامت للحظات، وبدأت تتحدث إلى
نفسها: ما سر هذا الشعور بداخلك؟ .. وأى شعور هذا؟ ! هل هو سعادة أم حزن ؟
ثم نظرت إلى صورتها مجددً ا بالمرآة.. وتحدثت إليها لماذا حزنت حين علم تبقرب خروج خالد من زيكولا..
لا.. أنا لم أحزن ..
لا، حزنت .. نعم حزنت ،ثم سألت صورتها: هل تحبينه؟!
ًصمتت قليلا ثم أجابت نفسها: لا أعلم.. إنني لم أعرفه سوى أيام قليلة..
- ولكنك أحببته.. ربما أحببت حديثه وجرأته.. أو ربما أعجبنى اختلافه عن باقي رجال زيكولا البُلهاء.. البخلاء، الذين لا يفكرون إلا في جمع ثروة تفديهم من الذبح.. حتى إنهم يخافون أن يفكرون ويستخدموا ذكاءهم، فيقلل ذلك من ثروتهم.. نعم يعجبني أنه يختلف عن غيره..
ثم قامت، وتحركت إلى نافذة الحجرة.. وأزاحت ستارها، ونظرت إلى السماء، وابتسمت حين رأت النجم الذي سمّاه خالد.. أسيل.. وظلت تنظر إليه كثيرا ثم
قالت: ولكنه سيرحل..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع عشر من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع أيضاً: جميع فصول رواية العنيد بقلم الشيماء محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا