مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الخامس عشر من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل الخامس عشر
في اليوم التالي اتجه خالد إلى عمله القديم.. وهناك وجد يامنا فصافحه، وبدآيعملان معًا بتقطيع الحجارة.. واندهش يامن من تلك السعادة التي بدت على وجهه، وما تبعها من حماسةٍ في عمله
فسأله: خالد،أراك سعيدا اليوم.. هل هناك خطب ما؟ .. هل وجدت كتابك؟
ضحك خالد: لا.. ولكن فيه خبر ف رحني.. ثم أكمل: احتمال أخرج من زيكولا بعد ست شهور بس..
يامن في دهشة: ستة أشهر فقط؟!.. كيف؟!!
ابتسم خالد : يوم زيكولا احتمال يكون بعد ستة أشهر بس..
يامن وهو لايصدقه: ماذا تقول ؟ .. يتبقى أحد عشر شهرا على ذلك اليوم..
خالد :لا يا صديقي.. أنا هقولك سر عرفته..
ثم أخبره بأن زوجة الحاكم ستضع مولودً ا بعد ستة أشهر.. وأن أسيلا أخبرته
بذلك فابتسم يامن:أنا سعيد لك يا خالد.. ولكنني كنت أتمنى أن تبقى هنا..
ضحك خالد: أنا بحبك جدا يا يامن.. بس نفسي أرجع لبلدي.. ثم نظر إليه حائرا: بس لو خرجت من زيكولا هعمل إيه؟.. عشان كده لازم ألاقي كتاب سرداب فوريك
قبل الست شهور الباقيين.
فابتسم يامن:أتمنى أن تجده.. وأن تحقق ما تريد.. ثم تابع: إن أطفال زيكولا سيكونون محظوظين هذا العام إن أقيم هذا العام ..
فنظر إليه خالد، وكأنه يسأله عن السبب.. فأكمل يامن: إنهم سيشاهدون لعبة الزيكولا بعدما لم يشاهدوها المرة السابقة حين هرب
الفقيران..
خالد في دهشة: لعبة الزيكولا؟!
رد يامن: نعم.. ثم تذكر أنه لم يحدث خالدا عنها من قبل.. فأكمل حديثه: لم أخبرك بها سابقا.. إنها اللعبة التي يُقال إن أرض زيكولا قد سُمّ يت بهذا الاسم نسبة لها.. هي في الحقيقة ليست لعبة.. إنها منافسة.. وينتظرها الجميع هنا.. فهي ما تحدد الأفقر بالمدينة..
سأله خالد: ازاي؟!
أجابه : قبل يوم زيكولا بعدة أيام يقوم الجنود بجمع الأكثر مرضا وشحوبًا بالمدينة..
يجمعون الكثيرين من الناس.. وهناك يحدد الأطباء من هم الفقراء ومن هم المرضى حقا.. حتى يتبقى منهم عدد قليل.. وهنا يأتي دور أسيل الطبيبة.. وهي من تحدد الثلاثة الأكثر فقرا.. ثم يأتي دور لعبة الزيكولا في اليوم السابق للذبح.. أي يوم فتح باب زيكولا..
وصمت قليلا، وضرب صخرة بفأسه.. ثم أكمل حديثه : لعبة الزيكولا تكون أمام الجميع.. وهي ببساطة: قرص خشبي يدور بسرعة معيّنة، وبه ثلاثة أسهم تنطلق من ذلك القرص.. ويقوم نحّاتو زيكولا بنحت تمثال لكل فقير من الفقراء الثلاثة.. ويوضع هذا التمثال على بُعد أمتار أمام قرص السهام.. وعلى كل فقير أن يختار ثلاثة أماكن بتمثاله كي يحميهم من السهام.. من يصيبه أكبر عدد من السهام يكون هو الفقير المختار.. وهكذا لا يُظلم أحد في زيكولا.
فسأله خالد: ومين اللي اخترع اللعبة دي؟
رد يامن:لا أعلم، فقد وجدناها منذ وُلدنا.. إنها تجعل كل فقير مسئولا عن حياته وعن
قدره.. ربما يكون هناك فقير قد أختير اياما كثيرة من أيام زيكولا.. ولكنه ينجح في
اجتياز لعبة الزيكولا.. وهذا قدره.
فقاطعه خالد: هي سهلة اللعبة دي؟
يامن : في الحقيقة أراها أسهل ما يمكن.. والكثير منا يتنبّأ بالأماكن التي تصيبها السهام.. ولكن حين يصيبك الغباء فإنك لا تستطيع تحديد تلك الاماكن.. وتحمي مناطق أخرى من تمثالك.. ثم تابع: عليك أن تحافظ على ذكائك حتى تجد كتابك وترحل عن هنا.. ولذا ه ي ا.. واصل عملك.. ثم ابتسم وأكمل: ما رأيك في منافسة كبيرة في تكسير الصخور أيها السعيد
مرت الأيام يومًا بعد يوم.. وخالد يذهب إلى عمله لتقطيع الأحجار.. ويعود إلى البحيرة ليلا، ويجلس أمامها لبعض الوقت ثم يغلبه النعاس متأثرا بإرهاقه.. أما أسيل فكانت تواصل عملها في مداواة المرضى.. ثم تعود إلى غرفتها، وتظلّ تنظر إلى السماء عبر شرفتها.. تبحث عن ذلك النجم.. أسيل.. وعمدت ألا تذهب إلى البحيرة في تلك الأيام حتى تتأكد من حقيقة مشاعرها تجاه خالد.. ورغم الصراع الذي كان يشتعل بداخلها ما بين الرغبة في الذهاب إلى هناك أو المكوث بحجرتها.. إلا أنها فضلت البقاء بحجرتها.. حتى مر الأسبوع، وجاء يوم ذهابها إلى المنطقة الجنوبية.. فاتجهت بعربتها إلى البحيرة حيث كان خالد في انتظارها.. فسألته في ابتسامة:
مساعدي.. هل أنت مستعد للعمل؟
فابتسم خالد: أجل..
ركب خالد العربة مع أسيل.. وبدأت العربة في التحرك فسألته بعدما وجدت بعض
الأورق تظهر بين أغراضه:
- ما هذا؟!
فابتسم خالد : فكرت إني أسجّل بعض الأحداث هنا في زيكولا..
فابتسمت وسألته:
اسيل :وماذا كتبت؟
فضحك: في الحقيقة مكتبتش إلا حاجات قليلة.
فجذبت أسيل الأوراق.. وقالت:- سأرى ماذا كتبت حتى الآن.. حتى وجدت تلك الكلمات التي كتبها عنها خالد.. وأنها حورية زيكولا فاحم ر وجهها.. ونظرت إليه بطرف عينها دون أن تنطق.. فشعر خالد بالحرج بعدما قرأت كلماته
وضحك مداعبًا لها: لا.. دي أسيل نجمة السما..
فضحكت ثم قالت: إنني لم أقل شيئا.. ثم صمتت.. وبدأت تقرأها من جديد.. و ظلت تقرأها، وتكررها أكثر من مرة في سرها..
حتى قاطعها خالد: أنا عرفت عن لعبة الزيكولا ..
فسألته: ألم تكن تعرف عنها حتى الآن؟
رد خالد: لا.. اللي كنت أعرفه إنك مسئولة عن اختيار أفقر ثلاثة بالمدينة..
أسيل: نعم.. فأنا طبيبة الحاكم ..
فسألها خالد: انتي بتعرفي الأفقر ازاي؟
ضحكت أسيل: إجابتي كلمة واحدة: الخبرة.. ثم أكملت :حين ينتهي أطباء زيكولا من عملهم.. يتبقى عدد قليل اختار من بينهم الأفقر.. قد يكون هناك المريض حقا، وبالطبع إن شككت بذلك؛ أعدته إلى دياره، ولي الحق في ذلك دون أن يراجعني أحد.. أما الفقراء فشحوبهم مميز.. وأستطيع بخبرتي أن أميّز الأفقر منهم..
فسألها خالد: وهنا الفقير بيكون يمتلك كام وحدة ذكاء تقريبا؟
اسيل :إنها مسألة نسبية.. قد يمتلك شخص عشر وحدات، ويكون هناك من يمتلك أقل منه.. وقد يمتلك ألف وحدة، ولكنه يكون الأقل فيكون الأفقر..
فضحك خالد.. وسألها مجددًا: انتي تقدري تعرفي أنا أمتلك كام وحدة؟
فابتسمت أسيل ثم وضعت يدها على جبينه.. ثم ردت : تمتلك ما بين ثمانمائة وتسعمائة وحدة..
ًفنطق خالد خائفا: بس؟!!!
ابتسمت أسيل كي تطمئنه: إنه ليس بالقليل..
- ولكن الكل هنا بيقول عليا غني..
- نعم.. ولكن هنا من يخبرك بأنك غني يعني فقط أنك لست فقي را..
- الفقراء هنا يمتلكون مائة وحدة أو أقل عادة .. وعليك أن تتخيل كيف يصلون إلى تسعمائة وحدة إن كانوا يوفرون باليوم بعد احتياجاتهم الضرورية وحدة أو وحدتين.. قد يحتاجون عامًا أو اثنين أو ثلاثة كي يصلون إلى ذكائك، في الوقت الذي تكون أنت به قد ضاعفت ذكاءك، وأصبحت تمتلك ضعف تلك الوحدات إن عملت بجد في تلك الفترة من الزمن.. وهكذا تظلّ غنيًا في نظرهم..
ًفتذكر خالد شيئا وسألها: ولكن الفقير اللي بذح المرة اللي فاتت كان بيمتلك بيت ضخم.. ازاي يكون فقير؟ وكان ممكن يبيعه مقابل ثمن كبير؟!
ردت أسيل: ربما حاول أن يبيعه بالفعل.. ولكن ماذا لو لم يتقدم أحد لشرائه..
بالطبع سيفقد قيمته وقتها.. ثم أكملت حين يقترب يوم زيكولا يخش ى الجميع أن يُفرّطوا في وحدة واحدة من ذكائهم.. ربما إن علموا بخبر مولود الحاكم فلن يشتري أحد أي شيء حتى ذلك اليوم..
بعدها سألها خالد مداعبًا لها: وأسيل الجميلة تمتلك كام وحدة؟
ضحكت أسيل : أسيل تمتلك الكثير.. أكثر مما تتخيل
مر الوقت، وسائق العربة يأمر الحصان أن يسرع.. وخالد وأسيل يكملان حديثهما بداخل العربة.. حتى وصلت العربة إلى المنطقة الجنوبية.. ونزل خالد من العربة حاملا أغراضه وحقيبة أسيل.. فوجد تلك المنطقة تختلف عن المنطقة التي يقطن بها وعن منطقة الحاكم.. فكانت مبانيها صغيرة.. تتكون من طابق واحد.. وكانت المباني قليلة ومتلاصقة.. والشوارع بها الكثير من الأحصنة والحمير، وما نتج عن ذلك من روث الحيوانات.. ثم نظر فوجد آلات زراعية قديمة.. حتى تحدثت أسيل
قائلة: لا تندهش.. إنها المنطقة الجنوبية، منطقة الزراعة بزيكولا.. الجميع هنا
مزارعون ويعملون بأراضيهم.. ويمدون زيكولا بالقمح والأرز وباقي المحاصيل.. وكل
أنواع الفاكهة ثم أكملت: اليوم ستساعدني.. لن تستمع بالراحة كيوم منطقة الحاكم ..
فابتسم خالد:حاضر..
سارت أسيل ومعها خالد يحمل حقيبتها في أحد شوارع تلك المنطقة.. ثم دخلا أحد
البيوت.. وكان كباقي البيوت مكونا من طابق واحد لا أكثر.. وهناك استقبلتهما سيدة تقترب من الخمسين من عمرها ثم صحبتهما إلى حجرة بالبيت حيث كان يرقد زوجها، وساقه اليسرى مضمدة..
فنظرت أسيل إلى خالد: خالد.. أريدك أن تساعدني بان ابدله تلك الضمادة دون أن أحرّك الجبيرة أو أسبب له ألما.. فأومأ برأسه ثم قام برفع قدم هذا الرجل وثبتّها على ذراعيه، وبدأت أسيل تفك الضمادة القديمة.. وخالد ينظر إلى ما تفعله حتى أخرجت ضمادة جديدة من حقيبتها.. ثم أخرجت مادة عشبية خضراء اللون ولزجة.. ووضعت القليل منها على
ساق هذا الرجل ثم بدأت تلف الضمادة حول جبيرة ساقه..
وسألها الرجل متى أعود إلى عملي؟
فأجابته: إن عظام ساقك لم تلتئم بعد.. إنها مازالت تؤلمك، أليس كذلك؟
ر د الرجل: بلى.. ولكن يجب أن أعمل.. لم أعمل منذ شهر.. وأشعر أن ثروتي تقل..
علي أن أعوّض ذلك..
أسيل وقد ابتسمت: عليك أن تصمد حتى تلتئم عظامك ثم تعوّض ما فاتك من عملٍ في أيامك القادمة ونظرت إلى خالد:
- هل رايت يا خالد كيف الف تلك الضمادة؟
خالد: أيوة.. دي سهلة..
أسيل: حسنا.. عليك أن تكملها حتى أعود إليك.. هناك فتاة مريضة سأطمئن على
حالتها وأعود..
خالد وقد تحدث مثلها:حسنا..
بعدها طلب خالد من الرجل أن يثبّت قدميه في وضعهما.. ثم بدأ يكمل لف
الضمادة حول ساقه كما كانت تفعل أسيل فرأته أسيل يفعلها ببراعة فتركته،
وغادرت كما أخبرته.. وظ ل خالد مع الرجل المصاب يلف الضمادة حتى انتهى.. ثم
سأل الرجل : انت عايش مع زوجتك فقط؟
ر د الرجل: نعم..
خالد: وأولادك فين؟!
رد الرجل في حزن : إنهم كبار الآن.. لقد تركوني بعدما قسّمت عليهم أرضي..
خالد في دهشة: قسّمت عليهم أرضك؟
الرجل: نعم.. فقد أجبروني على ذلك.. وتعدوا علي أكثر من مرة.. وأقسموا أن يقتلوني إن لم أعط هم تلك الأرض.. ثم تابع: إنهم مثلنا يخشون الفقر.. وبعدما أخذوا ما أرادوا تركوني..
فهمس خالد إلى نفسه:لا رحمة في زيكولا..
حتى فوجئ بامرأة تدخل فجأة.. وتصرخ سائلة: أين الطبيبة أسيل.. أين الطبيبة أسيل ..
ر د خالد : إنها ستأتي بعد قليل.. لماذا تريدينها؟!
أجابت المرأة وهي تبكي: إن ابني قد مرض فجأة.. ويبدو أن مرضه شديد، وأخشى أن يموت قبل أن تأتي الطبيبة..
فنطق الرجل، وأشار إلى خالد: إنه مساعدها.. ويبدو أنه ماهر مثلها..
فنظر إليه خالد وقد رفع حاجبيه : لا.. أنا مش ماهر.. أنا مش طبيب..
فجذبته السيدة: أرجوك.. سأعطيك كل ما تريد.. أريد أن يعيش ولدي..
وظلت تجذبه وتتوسّل إليه.. وخالد يحاول أن يقنعها بأنه لا يعرف عن الطب شيئا.. ولكنها لم تصدقه فلم يجد إلا أن يذهب معها كي تهدأ.. ثم طلب من الرجل أن يخبر أسيلا- حين تعود - عن مكانه..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الخامس عشر من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع أيضاً: جميع فصول رواية العنيد بقلم الشيماء محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا