مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية كاملة جديدة للكاتب عمرو عبدالحميد والمليئة بلإثارة والغرائب والخيال فتابعونا علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل السابع عشر من رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد - الفصل السابع عشر
مرّ الليل سريعًا.. وأشرقت الشمس، ونهض خالد من نومه، وقرر أن يذهب كعادته إلى عمله مع يامن.. يريد أن يعلم الكثير عن المنطقة الشمالية.. حتى وصل إلى هناك، وزاد ضيقه حين وجد من يأخذون منه وحدتي كل يوم، فأعطاهم ذلك.. ثم اكمل سيره حتى وجد يامنا الذي سأله على الفور :هل وجدت كتابك؟فرد خالد : للأسف لسه.. بس فيه أمل إني ألاقيه.. فيه امرأة قالت لي إنها قابلت رجل له
نفس صفات صاحب الكتاب من عشرين سنة..
يامن في دهشة: عشرون سنة ؟ !!.. وتريد أن تجده!!
هو صعب.. بس لازم أتمسك بأي خيط يدلني على الكتاب.. عشان كده لازم أ روح
المنطقة الشمالية..
فاندهش يامن مجددًا: المنطقة الشمالية؟!!
خالد: أيوة.. ثم سأله: انت وعدت حد انت كمان إنك متروحش هناك؟!
فضحك يامن: لا.. لقد ذهبت إلى هناك مرة من قبل.. أتمنى إن ذهبت إلى هناك أن تعود سريعًا..
فزادت الحيرة على وجه خالد: إيه اللي هناك؟!
فجلس يامن ثم جلس خالد بجواره.. حتى تحدث يامن: أهل زيكولا يعلمون أن تلك المنطقة تختلف كثيرا عن باقي مناطق زيكولا..
فسأله خالد، وكأنه لا يفهم شيئا: ازاي؟!
أكمل يامن: سأخبرك.. أرض زيكولا هي أرض العمل.. الجميع هنا يعملون ويكسبون أجورهم مقابل عملهم.. أما تلك المنطقة فإنها تجمع كسالى زيكولا.. ولهذا ستجد صعوبة حين تذهب إلى هناك.. عليك أن تسأل كل شخص لأن الكثيرين منهم لا يعرفون بعضهم.. ثم أخذ نفسًا.. وأخرج زفيرا، وأكمل:إنهم لا يعملون مثلنا.. إنهم يكسبون أجورهم بأعمال أخرى .. ثم صمت وأكمل: ستجد اهلها فئتين الفئة الأولى من الأثرياء الكسالى الذين ورثوا الكثير من الذكاء.. الكثير من الثروة التي تجعلهم يعيشون أثرياء، وينفقون ببذخ حتى يموتون .. وفئة أخرى فقراء، يخشون الذبح ولا يريدون أن يعملوا عملا شاقا..
ًفوجدوا طرقا أخرى يجنون بها ثروتهم.. هل ترى هؤلاء؟ .. وأشار إلى من يأخذون تلك الوحدات مقابل حمايتهم ..
فرد خالد: أيوة..
فأكمل يامن :إنهم من المنطقة الشمالية التي تريد أن تذهب إليها.. هم يعيشون هناك هكذا.. فضلوا أن يستغلوا قوتهم في كسب ثروتهم، فانتشروا في باقي أراضي زيكولا.. أما
النساء هناك فآثرن استغلال جمالهن.. ثم صمت، و نظر إلى خالد وأكمل :أنت تعلم كيف تجني امرأة ثروة من جمالها دون تعب.. وخاصة وأن هناك الكثيرين من الأثرياء الكسالى.. إنها أرض الرزيلة يا صديقي
صمت خالد حين سمع ما قاله يامن، وابتسم حين تذكر وعد أسيل وأنها على حق في ذلك ثم زادت ضربات قلبه حين تذكر أن صاحب الكتاب.. أباه.. قد يكون بتلك المنطقة..
حتى قاطع يامن تفكيره:إنها بعيدة عن هنا كثي را.. فكيف ستذهب إلى هناك.. أم الطبيبة ستساعدك..
ردّ خالد: لا.. أسيل ساعدتني بما فيه الكفاية.. قولي يا يامن، منين أقدر أستأجر حصان
قوي لمدة تلات أيام..
فأجاب يامن: ثلاثة أيام قد تكلفك قرابة الخمسين وحدة..
فأكمل خالد:
- مش مهم.. أنا هقدر أعوّضهم بعد كده.. أنا قررت إني هروح بكرة المنطقة
الشمالية.. عاوز أستغل كل يوم هنا في زيكولا..
فابتسم يامن: حسنا، دعني اوفر لك حصان قويا .. وسأرشدك نحو الطريق إلى المنطقة
الشمالية، وأتمنى أن تجد كتابك هناك.. ثم حمل فأسه، وقال لخالد:
- هيا، علينا أن نعمل اليوم كثي را بعدما أضعنا الكثير من الوقت في الحديث
في صباح اليوم التالي، اتجه يامن إلى شاطئ البحيرة، ومعه الحصان القوي الذي وعد خالد به.. حتى وجده هناك فابتسم خالد حين رآه ومعه ذلك الحصان وشكره كثيرا على ذلك ثم حمل أمتعته واحتضن يامنا
وضحك: هشوفك قريب ..
فابتسم يامن :أرجو أن تعيد الحصان صحيحًا.. إنني أتحمل مسئوليته حتى تعود.. لو علم
صاحبه أنك ستذهب إلى المنطقة الشمالية لما أعطاني حمارا.. فضحك خالد ثم امتطى ظهر الحصان.. وكاد يأمره أن يتحرك حتى صاح يامن: انتظر..
ثم أخرج ورقة بيضاء رُسمت عليها بعض الخطوط السوداء، و تحدث إلى خالد تلك خطوط بدائية رسمتها للطريق نحو المنطقة الشمالية.. ثم أشار إلى خط أسود طويل يخرج من مربع قد رسمه: هذا المربع هو منطقتنا.. وهذا الخط هو الطريق الذي تسلكه حين تخرج من هنا حتى تصل إلى تلك المنطقة..
فابتسم خالد.. وأخذ منه الورقة، ووضعها بين أغراضه:أشكرك يا يامن.. بجد أشكرك يا صديقي..
بعدها أمر خالد حصانه أن يتحرك.. وبدأ يتحرك ببطء حتى أسرع رويدا رويدا في طريقه إلى بيت أسيل.. وكاد يصل بيتها حتى رأى عربتها تسير مبتعدة عنه، فأسرع بحصانه إلى العربة.. وسار بجوارها ثم ضحك حين وجدها تجلس بالعربة شاردة الذهن، ولا تراه.. فظل يسير بجوارها دون أن يتحدث حتى نظرت إلى جانبها عبر النافذة ففوجئت به على حصانه، فضحكت و حدثته
ّمنذ متى تسير بجوارنا؟!
ضحك خالد: من بدري .. يا ترى بتفكري في إيه؟
ابتسمت: لا شيء.. إنني أشرد مع نفسي كثيرا.. ثم نظرت إلى حصانه: هل اشتريت حصانا؟!
فرد خالد: لا.. أنا أجّرته.. وز ي ما وعدتك إني أشوفك قبل ما أروح هناك، أنا قدامك أهو..
ابتسمت أسيل ثم سألته: هل ستذهب إلى المنطقة الشمالية الآن؟
فرد خالد: أيوة..
فصمتت أسيل ثم سألته في هدوء: خالد.. هل ستعود إلى هنا إن وجدت كتابك أو أباك..
فنظر خالد أمامه ثم صمت لبعض الوقت.. وابتسم: أكيد لازم أرجع.. ثم أكمل مداعبته لها: ده يامن هيقتلني لو مرجعتش عشان الحصان..
ضحكت أسيل، وضحك خالد.. وواصلا تحركهما في طرقات زيكولا.. وخالد على حصانه يسير بجوار العربة، وأسيل تجلس بنافذتها كمن تجلس أمام نافذة غرفتها.. حتى وصلا إلى أطراف المنطقة الشرقية.. فقالت أسيل بعدما أشارت إلى طريق ممهد:
هذا الطريق يقودك إلى المنطقة الشمالية..
فابتسم خالد ثم نظر إليها: أتمنى إني ألاقي الكتاب وأرجع لهنا في أسرع وقت ثم أمر حصانه أن ينطلق نحو ذلك الطريق.. وأسيل تنظر إليه بينما تسير عربتها في طريق آخر.. وتبتسم حين تجد شعر خالد الطويل يتطاير مع الهواء وجسده القوى يمتطى ذلك الحصان ببراعة.. وكأنه وُلد فارسًا.. حتى اختفى عن أنظارها فأغمضت عينيها، وتمنت أن يحقق ما يريده.. أما خالد فواصل طريقه نحو المنطقة الشمالية.. يريد أن يصل إلى هناك في وقتٍ قليلٍ .. يحفز حصانه أن يسرع.. ثم يخرج تلك الورقة التي أعطاها له يامن، وينظر إليها، وإلى خطوطها ويواصل سيره مجددًا.. وكلما يحل به التعب ينال القليل من الراحة فيوقف حصانه،
ويترجل، ويشرب القليل من الماء ثم يكمل طريقه نحو تلك المنطقة.
بدأت الشمس في المغيب، وحل الليل.. حتى وصل خالد إلى أطراف المنطقة الشمالية فترجل.. وسار على قدميه، وحصانه يسير بجواره.. واندهش حين رأى بيوت تلك المنطقة وتنوعها ما بين ما هو فخم للغاية، وما هو متواضع ويبدو عليه الفقر.. وأكمل مسيره بين شوارع تلك المنطقة.. وزادت دهشته من الصمت الذي يسودها حتى زالت تلك الدهشة سريعًا حين توغل بشوارعها.. فوجد الكثير من الناس يلهون ويمرحون ويتراقصون مع أنغام الموسيقى التي غطت ضواحي تلك المنطقة.. وتذكر كلمات يامن عن فتياتها حين رأى زيّهن الذي يختلف عن زيّ باقي فتيات المناطق الأخرى فكان أكثر عراءً وإغراءً .. وواصل سيره حتى وجد مكانا يجتمع به الكثير من الناس.. فاقترب منهم فوجد نزالا بين اثنين من الأقوياء، وسمع أحد الأشخاص بجواره يقول لآخر: لقد راهنت بخمس عشرة وحدة على هذا الرجل، وأشار إلى أحدهما فاندهش خالد، وأكمل سيره.. حتى بدأ يسأل أحد الفتيان عن الرجل الذي يبحث عنه فلم يجبه.. وسأل غيره فلم يجبه هو الآخر.. وسأل الكثيرين من الناس فلم يجبه أحد.. وظل يسير بين هؤلاء الناس الذين تنبعث من أفواههم رائحة نتنة، ويترنحون فأدرك أنها رائحة خمر.. وبين ضحكات فتيات الليل المدلله التي تملأ كافة الأركان.. حتى جلس بجانب الطريق، وبجواره حصانه ففوجئ بشخص ضخم يأتيه.. ويطلب منه عشر وحدات من الذكاء مقابل أن يحميه هو وحصانه.. وإلا سيأخذ ذلك الحصان منه.. فصمت خالد قليلا ثم وافق
و حدثه :سأعطيك ما تريد، ووحدتين إضافيتين مقابل أن أترك الحصان عندك حتى أعود لآخذه غدا.فوافق الرجل.. وأعطاه خالد الحصان كي يكون أكثر حرية.. وواصل جلوسه ومراقبته لأهل تلك المنطقة من بعيد.. حتى مر الليل دون أن يغفو له جفن..
في صباح اليوم التالي، ظل خالد منتظرا أن يرى أحدا يسأله، فلم يجد ما أراده..
وكأن المدينة أصبحت مدينة الموتى.. الشوارع خالية، يسودها صمت رهيب..
فنهض وبدأ يتحرك، ويتجول بشوارعها عله يجد أحدا.. ولكن دون جدوى ، فأكمل
مسيره حتى جلس بمكان آخر، وأخرج قلمه وأوراقه، وبدأ يكتب:
- المنطقة الشمالية.. أرض كسالى زيكولا... ثم كتب تحتها: إنها المنطقة الرابعة التي أزورها في زيكولا.. بعد يومي الأول هنا.. تأكدت أنهم يختلفون عن باقي أهل زيكولا.. هم لا يعملون كما أخبرني يامن، وحياتهم بالمساء كما رأيت بالأمس.
الكثير منهم ورثوا فلا يعملون ، ويمرحون ويشربون ويتراهنون .. أما الفقراء منهم.. الفتى يجد ثروته في قوته فيستخدمها لتحقيق ثروته من الذكاء.. والفتاة تجد ثروتها في أنوثتها وجمالها فتستخدم ما تمتلكه في تحقيق ثروة دون عناء.....ثم صمت مفكر ا.. وتوقف قليلا عن الكتابة.. ثم أكمل مجددًا:أرى أن الكثيرين من تلك المنطقة سيكونون ضحايا الذبح قريبًا.. فالقوي سيضعف ذات يوم، والجمال غير باقٍ ..ثم ضحك، وتوقف عن الكتابة،
وحدث نفسه: بقيت فيلسوف يا خالد.. زيكولا غيرّت فيك كتير.. ثم أنهى كتابته بأن كتب
مجددًا:إنها أضعف مناطق زيكولا..
ثم وضع قلمه، وأوراقه مرة أخرى بين أغراضه.. وبدأ يتحرك بين شوارع تلك
المنطقة من جديد.. وضاق به صدره حين وجد نفسه وحيدا بتلك الشوارع ، وعلم أنه لابد وأن ينتظر حتى المساء..
غربت الشمس.. وبدأ الظلام يملأ السماء، وشأعلت النيران لتضيء المدينة، وبدأ الناس يخرجون إلى الشوارع.. وبدأت الموسيقى من جديد، وخرجت الفتيات إلى الخارج.. كل فتاة تحاول أن تجذب رجلا إليها.. حتى امتلأت الشوارع بالأشخاص في تلك المنطقة التي تواجد بها خالد.. فبدأ يسأل هذا وذاك عن ذلك الرجل الطويل العريض صاحب الكتاب، واقترب ليسأل كبار السن.. ربما عرفوه حين كان هنا منذ عشرين عامًا، ولكن لا فائدة.. وبدأ اليأس يدق قلبه، وكأنه لن يجد هذا الرجل أبدا، وسار والحزن على وجهه.. حتى سمع صوت من خلفه يناديه: أنت...
فالتفت خالد ليجد فتاة يشعر أنه قد رآها من قبل.. حتى تذكر أنها الفتاة التي قابلها يوم زيكولا.. وطلبت منه أن يرافقها ورفض.. ولكنها اليوم أكثر عراءً ..
فاندهش حين وجدها: انتي!!
ضحكت الفتاة: - نعم.. أتذكرني؟!
خالد: نعم..
فضحكت الفتاة: حسنا.. عليك أن تأتي معي..
فسألها في دهشة: آجي معاكي فين؟!
فجذبته من يده ثم دخلا إلى مكانٍ مجاور إضاءته خافتة.. وبه الكثير من الناس.. كل رجل يجلس مع فتاة، فبدأ الشك يتسرّب إلى قلبه وسألها: انتي عايزة مني إيه؟!
ردّت الفتاة: أنا؟ !!.. ثم صمتت وأكملت: إنك الرجل الوحيد الذي رفض أن يصطحبني من قبل.. ولهذا أجدد عرضي لك..
ثم أكملت: إنني هنا أفعل ما يحلو للرجال مقابل الكثير من الوحدات.. ولكنني لا أريد منك شيئا.. سأصطحبك الليلة دون مقابل..
فنهض غاضبًا:وأنا مش موافق.. أنا مش زي اللي بيجولك هنا.. ثم تحرك ليغادر فجذبته
ليجلس.. وسألته: هل تعجبك فتاة أخرى ؟
فرد منفعلا: لا.. ثم سألها: انتي عايشة حياتك كده ازاي؟!
فضحكت الفتاة ساخرة : حياتي.. ما بها؟!!
أكمل خالد: ازاي تبيعي نفسك لأي حد؟
ضحكت الفتاة مجددًا.. ثم تناولت كوبًا به خمر:وكيف أعيش في زيكولا أيها الوسيم.. كيف أحصل على الذكاء.. الثروة..
فأخرج نفسًا طويلا، و حدث نفسه متبرمًا: الذكاء ..
ثم أكمل: اعملي زي بنات زيكولا اللي بيعملوا بشرف في المناطق الأخرى .. انتي مفكرتيش لما جمالك يروح هتقدري تحصلي على ذكائك ازاي؟..
ضحكت الفتاة.. وبدا عليها تأثير الخمر، وثقل لسانها: وقتها سأكون حققت مخزونا كبي را من الثروة.. أما بنات زيكولا فيعملن.. ثم تابعت: وأنا أيضا أعمل.. وكلانا يحصل على أجره.. هيا انتهز الفرصة قبل أن يضيع جمالي.. إن الكثيرين في الخارج يتمنون أن يجلسوا مكانك الآن أيها الوسيم..
فظهر الغضب على خالد.. وكأنه فقد أمله في حديثه معها،
وصاح بها غاضبًا:مثلك عار على زيكولا..
ثم نهض، وتحرك بضع خطوات مبتعدا عنها.. فصرخت غاضبة: عار!!.. إنني أفضل حالا من آخر أعرفه، قتل أباه كي يرثه..ثم هدأ صوتها.. ووضعت رأسها على المنضدة التي أمامها من تأثير الخمر وغمغمت بصوت سمعه خالد: وفي النهاية لم يرث سوى كتاب لعين.. احتفظ به أبوه أكثر من عشرين عامًا.. ثم أغمضت عينيها..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع عشر من رواية أرض زيكولا عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا الجزء الأول
تابع من هنا: جميع فصول رواية دمار قلب بقلم كنزى حمزة
تابع أيضاً: جميع فصول رواية العنيد بقلم الشيماء محمد
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا