عزيف
أهلا بيك عزيزى القارئ فى موقع قصص 26 نستعرض سويا أحداث الجزء الثالث من قصة عزيف بعد ما أستعرضنا سويا أحداث الجزء الأول و الثانى من هذة القصة المثيرة والشيقة.
سماح
وقبل
أن أغادر هذا الكون الرقمي، حاملا نسختي الإلكترونية من كتاب شمس المعارف الرهيب،
قررت أن أتصفح بعض الموضوعات المتعلقة بهذا الدرب من السحر.. سحر الألفة والمحبة.
وفي النهاية أصبت بالإحباط. الحوار الدائر في المنتدى أثبت أن معظم هذه التعاويذ
هراء، أو أن من يقومون بها على جهل مدقع بحقيقة هذه الفنون السوداء، أو كما كتب
شخص ما في أحد التعليقات، هي تحتاج لمن عقد معاهدة مع الشيطان. أنا واثق تماما أن
الشيخ ياسين لابد وأنه قد عقد مثل هذه المعاهدة على الأقل مع کبیرهم وربما منذ زمن
طويل، وإلا لماذا يخشاه الناس إلى هذا الحد، ولماذا قاطعه ابنه الراحل من قبل،
ولماذا تستمر هذه الأصوات المخيفة وهذا الغاء المبحوح في الخروج من غرفته في معظم
الليالي القمرية ؟
إن مفاتيحة جدي في أمر مماثل، تحتاج إلى شجاعة أسطورية، لا أظن أن هناك
حفيد ستي يمتلكها في هذه الدنيا بعد، ثم أي صفاقة لأطلب من جلدي الشيخ الكبير،
وأنا الطالب الذي لم يتجاوز بعد الثامنة عشرة من العمر، بأن يساعدني بنسج شبكة
جهنمية سحرية كي تسقط عن طريقها إحدى الفتيات في غرامي.
العشق جنون كما يقولون.
أعتقد
أن الصفع سيكون رد فعل منطقي من جندي لمجرد مفاتحته في الأمر
لن أجازف بالطبع بمواجهة جدي، كما أن الشعور الرافض بداخل صدري تعاظم
ليسيطر على كياني، فليست هذه هي الطريقة التي أريد أن تبدأ بها قصتي مع سماح. لا
إكراه في العشق الحقيقي. فما نفعي من دمية أحركها لتتفاعل معي كيف أشاء، دون
إرادتها الحرة ؟! أي مشاعر يمكن أن أتبادلها مع تمثال جامد المشاعر مبرمج على
السمع والطاعة، لا حياة فيه. أنا لن أقاتل لأصل في النهاية على نسخة باهتة من عشق
لم يمر بقلبهاء ولم يجلسها لتتأمل النجوم وتناجي القمر. إن العشق دفء متبادل، ولو
لم يكن صادقا، خالصا، ولا رجاء منه
ما أريده هو التفاعل التلقائي النابع من فيضان احاسيسها الهادرة توي. ما
أريده هو عشقها المتدفق من قلبها دون إجبار ؟ السؤال هنا ماذا لو ظلت على تبدأ تجاهلها
لي، ولمشاعري الإجابة هنا لم تكن معروفة لي في نفس توقيت طرح هذا السؤال، لصغر سنی
واندفاعي، ولتلك الظروف التي تحيط بي، وتلك الحرية الكبيرة التي أحظى بها مع خفوت
دور جدي في حياتي، بعد أن ألقى بعبئي كله على كاهل عايدة، إلا أن هناك حقيقة لا يمكن
أن تغيب على كل عين مبهرة، وهي أن مشاعر الحب في فترة المراهقة متطرفة. ولكن
المتطرف أكثر هو الشعور بالفشل، عندما يصدك من تظن أن سعادتك أصبحت بيديه، هذا
سيحبطك، سيحزنك، وفي النهاية سيغضبك، ونزق الشباب سيجبرك دون تردد على التهور،
واجتياز خطوط حمراء كثيرة، وقد يجبرك على سلوك الطريق المظلم، لأنه الطريق الوحيد
المتاح أمامك. وهذا ما حدث في وقت تالي. أعملت فكري كثيرا في الأمر، حتى أنهكت
عقلي وأعيتني الحيل، وفي النهاية قررت أن أمنح نفسي فرصة أخيرة قبل أن أقوم بأي
عمل متهور . لذا وفي مساء اليوم التالي انتظرتها، كنت أعرف أنها تتلقى دروسا
خصوصية في أحد المراكز في قلب المدينة. لقد تبعتها ذات يوم ورايتها تلج هناك قبل
أن تختفي بالداخل وعلى ناصية الشارع الذي يوجد به المركز وقفت أنتظر عودتها، وقد
ارتديت افضل ثيابي، وتعطرت بأفضل العطور والتي أخرجتها مؤخرا من متعلقات أبي
الراحل.
يقولون إن للزهور تأثيرا كاسحا على النساء، وخاصة الحمراء منها، ولكن للأسف
لم يجد الأمر معها، لم تر الوردة الحمراء التي أحملها في يدي، ولم ترني. لم تتوتر
كعادة كل الفتيات في مثل هذه المواقف، ولم ترتبك، أو يبدو أن وجودي قد لا مس
وجودها ولو للحظة واحدة. إني بالنسبة لها مجرد خواء. فقط عبرت بجواري بنعومة وسرعة
سهم حاد يخترق الهواء. بلا أدنى انفعال أو اهتمام. وبنفس خطواتها السريعة الأقرب
إلى العدو، وبردائها الأسود وبشعرها الناعم الذي يذوب مع لون الرداء نفسه. إن أندر
العيون هي العيون السوداء، وهي كانت تمتلك زوجا متألقا منها، ولم تتلاق أعيننا قط.
تجاوزتني وكأني لم أكن، ولا أشغل هذا الحيز الكبير من الفراغ، فقط ما نلته من
مغامرتي الفاشلة، هو تنسمي لرائحة عطرها الفواح، الذي أصبح في أنفي يمثل رائحة
الفشل، ولحظتها فقط شعرت بأنه لا أمل هناك، إنها مخلوقة من حجر صلد، ولن يحرك
فيضان مشاعري، ولو خلجة من خلجتها.
الطعنة في قلبي هذه المرة كانت نافذة، وعلى مقدار الألم يأتي الغضب،
لذا ثارت مشاعري، وغلى الدم في عروقي، وكما قلت : إن كل المشاعر لدى المراهقين
متعاظمة ومتطرفة، لذا فإنني قررت أن أجبرها على عشقي، وبرغبتها أو بدون ستأتي لي
صاغرة تستجدي رضاي . وفي هذا الأمر، لن أوفر جهدا أو أعدم حيلة، حتى ولو اضطررت
لاقتحام غرفة جدي، وقمت بالتعويذة الموجودة في كتاب شمس المعارف بنفسي. أن تكون
معي بغير إرادتها خير من ألا تكون معي أبدا، وهذا هو القول
عندما عدت ليلتها إلى المنزل، كانت عايدة قد عادت من سفرها بعد أيام من
الانقطاع قضتها في تلقي عزاء والدتها.
عادت کثية داكنة البشرة، وفقد وجهها نضارته وازدادت نحوة ..لم أبالي بها
ولا بطعامها، إن قلبي حزين.. حزين، ولا رغبة لدي في الطعام ولا مواساة أحد. إنني
أحتاج من يواسيني. الصمت يغلف المنزل، وجدي يغلق عليه غرفته كعادته، والأدخنة
الناجمة عن حرق البخور تخرج من أسفل باب الغرفة، مختلطة برائحة عضوية
غريبة، تعبق المكان، وكأنه يتخلص من جثة ما عن طريق الحرق، مع همهمات غليظة
لا تتوقف. فليحترق العالم كله، فلم أعد أبالي. وبمجرد دخولي غرفتي، انفصل وعيي عن كل
شيء، وانفجر بداخلي بركان - من الحمم والدموع، وأصبح كل شيء له علاقة بحالتي
المتردية. فلابد أن رائحة الشواء النفاذة هذه، هي رائحة أعصابي المحترقة، وسحب
الكتابة التي تحيط بالمنزل، ناجمة عن حزني الكبير. : إنني ضائع، وحيد، مكسور. إنني
لا شيء بدونها. عدم يحيا في العدم، ويتلاشى في العدم. لماذا يا سماح لماذا ؟!.
كانت حالتي تسوء بشكل واضح، ودون وجود من يهون على قلبي آلامه؛ فأنا أتجه صوب
كارثة. إن أفراد شلتي، والتي جمعتها من خارج المنطقة وممن لم ينفروا من مهنة جدي،
كبيرة، متواجدون دائما لنجدتي، إن أعمارهم المتفاوتة تسمح بالكثير والكثير من
وسائل الترفيه، فأصغرهم نجيب وهو في مثل سني وأكبرهم
رشاد وهو شاب ثري في الخامسة والثلاثين، ولكن أيا منهم ليس قريبا مني في هذه
اللحظة لأفضي إليه. إني وحيد.. تعيس.. حزین . ناقوس يدق في عوالم النسيان.
الأفكار في عقلي جميعها خيالية وجامحة، فحتى لو اختطفتها فوق الحصان الأبيض،
كيف أعبر بها الحدود دون جواز سفر، وكيف أصل بها إلى جزيرة مهجورة في قلب البحر. لم
تعد هناك جزر مهجورة في هذا الكوكب المسمى الأرض، إن جوجول إيرث لديه خرائط تفصيلية
عن كل شبر في
العالم.
إن العالم كله ضدي، لذا سأكتب لها ما يجيش في صدري في قصيدة : أحلامي صغيرة
طموحاتي صغيرة أن أكون أنا البحر وأنت بداخلي جزيرة).
جزيرة لا يعرفها جوجل إيرث.
بداخلي..
بداخلي.. بداخلي.. الكلمة تتردد في عقلي كموسیقی حالمة.. ما أروع الأحتواء.. إن
الأحلام لا
حدود لها. لن
أطمع کثیرا.. لا أريدها بداخلي.. ولا بالقرب مني.. فقط أريد منها لمحة من
الاهتمام، نظرة دافئة، كلمة ولو كانت سبابا، أن تشعرني بأني موجود في هذا
العالم.
نظرت نحو الكلمات
التي خطتها يدي منذ لحظات، ثم مزقت الورقة. إنني يائس بشكل مخيف، الأمر لم يكن
هينا على نفسيتي أبدا، خاصة وأنها كانت تشبه أمي الراحلة في لون عينيها . شعرت
بضعف.
بوهن
بضياع. دخلت
الفراش، لأنتحب، ودون أن أشعر غفوت، وبقلب عالم الأحلام، وجدتها هناك.
تنتظرني.. تبتسم
وتمد يديها لي.. تخبرني باسمها. كانت تريد أن تصحبني معها، لذلك الوادي المتألق في
البعد. سأذهب معها لأي مكان.
إني أهفو لصحبتها .. ولكن لا.. إن هذا ليس بضياء، إنه نيران. نيران حارقة. لا
لا لا لا لا لا.. لن أذهب معك. أنت لست سماح.. أنت شیطانة.. شیطانة. وعندما استيقظت،
وبمجرد أن فتحت عيني، وجدت جدي يقف عند رأس الفراش، وعلى وجهه علامات تفكير عميقة،
ممزوجة بقلق. انكمشت في مكاني مرتجفا وانا افكر. هل يستطيع قراءة أفكاري ؟! ولكن جدي
ظل على وقفته هذه لم يتحرك، لدقائق كادت روحي أن تزهق فيها، وفي النهاية غادر الغرفة،
وبعد وقت ليس بالقليل عاد ومعه قنينة بلاستيكية، وأخذ يسكب ما فيها من سائل في أركان
الغرفة، وهو لا ينفك عن تردید تلك الكلمات المبهمة غير المفهومة، ما استطاعت أذني أن
تلقطه منه بضع كلمات لا معنى لها - الوحي الوحي.. العجل العجل.. الساعة الساعة. . كلمات
غير مفهومة ولكنها أثارت رعبي وجعلتني أؤجل مشروعي الكبير
الأجل غير مسمی
الأن بداخلي تعاظم شعور مضني بأني في خطر مروع.
ألى اللقاء فى الجزء الرابع من القصة.
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا