العزيف
أهلا بيك عزيزى القارى فى موقع قصص 26 فى أحداث قصة جديدة من القصص المثيرة بأسم العزير قصة شيقة ومثيرة سنطرحها عليكم فى الموقع على عدة أجزاء واليوم هو الجزء الاول من احداث هذة القصة المثيرة
أحداث عادية
هناك شيء ما شرير يحاك
في الظلام.. تحت سقف هذا المنزل.. وبالذات بداخل هذه الغرفة المغلقة.. فلو لم يكن توقعي
صحيحا.. فلماذا ترتجف أطرافي بهذه الطريقة ولماذا يدق قلبي بهذا العنف ؟!!.
- أصوات ليلية -
"ابتعد عن أصدقاء
السوء". كانت هذه هي نصيحة أمي لي قبل أن تلقى مصرعها مع أبي في حادث سيارة شنيع،
ظل حديث الصحف لعدة أيام من فرط بشاعته، حيث سقطت السيارة من فوق الكوبري لتسحق سيارة
ثانية أسفلها، لتحترق السيارتان ويتفحم من بداخلهما. وبشاعة الحادث أتت من معرفة طبيعة
ركاب السيارة الثانية، والتي كانت تحتوي على خمسة أطفال ووالدهم ووالدتهم. لقد مرح
الموت كثيرا هذه الليلة، وحملت أنا ذنب الحادث بداخل قلبي إلى الأبد. خاصة وأنه وقع
في ليلة خاصة جدا، ويتكرر الاحتفال بها كل عام، وهي الليلة التي تسبق عيد الفطر مباشرة،
أي اليوم الأخير في شهر رمضان المعظم العالم كله يستعد في هذه الليلة لبهجة العيد التي
فاح عبيرها في الأفق، وتدفق ضياؤها في حيوية على العالمين، وأنا أجتر ذكرياتي الحزينة،
وحيدا .. تالیا.
أحيا إلى الأبد بلا
عيد.
يقولون إن الموتى يشعرون
بدنو أجلهم، وهناك من يدعي بأن المقبل على الموت، يكون قد توفاه الله في حقيقة الأمر
قبل أربعين ليلة من صعود روحه إلى السماء، والدليل على ذلك هو التغيرات الكثيرة التي
تصيب شخصيته، يصاحبها ذلك التبدل في نشاطاته اليومية والتي لا يلحظها إلا المقربون
منه. من يرى المقبل على الموت يؤمن بأنه هائم في عالم آخر، عالم يختلف عن مقايسناوتوقعاتنا، إنه معنا وليس معنا،
إن جسده هنا لكن روحه هناك وراء
وهذا الاعتقاد سائد
في معظم الثقافات البشرية، ويختلف الأمر فقط في المدة التي ساد الاعتقاد بوفاتهم قبلها،
والتي تتراوح ما بين أربعين يوما ونصف يوم كما يعتقد النوبيون، مما يجعلنا نتساءل عن
حقيقة هذا الله عز وجل. الاعتقاد .. وفي النهاية كلها تخمينات قد تصيب وقد تخطئ، فالروح
من أمر ما لا أستطيع تفسيره هنا هو إصرار أبي الشديد على بقائي في ذلك اليوم الأسود
بصحبة جيراننا وعدم اصطحابه لي معه، إن لفعلته الغريبة هذه مغزی ودلالة دون شك، بل دليلا لا يدحض
على كونه شعر بالسوء القادم، فلم يجازف بحملي معه هذه المرة كما اعتاد طوال السنوات
السابقة، فالأمر بخصني أكثر مما يخصهم، فما سيبتاعونه من المدينة هي ملابسي لا
ملابسهم
ربما هي شفافية المحتضرين..!!
أو قلوب الآباء التي تمثل أجهزة إنذار مبكر ضد الأخطار التي قد تصيب فلذات أكبادهم،
أو أن أجلي لم يحن بعد، وكلها أسباب تضافرت كي أبقى على قيد الحياة، بعد أن فقدت شمس
وقمر حياتي - أبي وأمي - لأعيش بدونهم في ليل الحياة المدلهم. المخيف في الأمر أن الأحداث
في هذه الليلة دارت بوتيرة سريعة جدا، وكان أبي كان يعنم بأنه على موعد حار مع الموت،
فقرر أن يتعجل كي يلحق بموعده ولا يخلفه.
وما يحز في قلبي حقيقة
هو حماسته المفرطة للأمر، ولهفته المضاعفة الإسعادي، إن الأطفال يشعرون جيدا بالحنان
والاهتمام، بوصلة قلوبهم تفرق بين الحب الحقيقي والزائف. وكان اهتمام أبي وحبه لي حقيقيين،
لقد أدركت هذا حينها وافتقده الآن. كم كان يثقل كاهله ذنب غيابه المستمر في العمل وقلة
رعايته المباشرة لي، وبطريقة ما فإنه اعتبر هذا الغياب إهمالا، لذا فهو مصر طوال الوقت
على تمويضي وهذا ما دفعه وهو القادم من عمله المرهق في منجم السكري، إلى الخروج من
المنزل مرة اخرى فور وصوله من السفر وقبل حتى أن يستحم ليزيل غبار وعرق هذا السفر الطويل المجهد، لشراء ملابس العيد لطفله الوحيد المدلل، الذي هو
أنا. والذي ينتظر في لهفة وشغف تلك اللحظات الأسطورية التي يتم فيها ابتياع ملابس العيد..
إن مرحلة شراء الملابس الجديدة هي نصف بهجة العيد، والباقي يتوزع بين مصروف العيد وكعك
العيد والتنزه، وتلك الطقوس أو التفاصيل هي ما تجعل العيد على أرض مصر مختلقا ومميزا
عن العيد في كل بقاع العالم.. إن العيد في مصر كائن حي.. طفل شقي.. لا يعرف إلا رسم
البسمة على الوجوه التي أرقها السعي طوال العام.. طفل جميل يحافظ على مواعيد تعاطي
البهجة.. ويلامس بشقاوته القلوب. معظم الآباء نادرا ما يهتمون بمثل هذه التفاصيل البسيطة،
ويلقون بها على عاتق الأم، خاصة مع ظروف العمل والسفر المستمر. إلا أن أبي كان يعتبره
أمرا مقدما ولا بديل عن أن يؤدي مراسمه بنفسه، حتى إنه كان يداعب أمي عندما يرى نظرتها
المشفقة قائلا: - إن كل التعب والإرهاق، يزولان عندما أرى ملامح السعادة على وجه أمجد)..
وأمجد هو اسمي بالطبع
كما توقعتم فلا يوجد طفل آخر في القصة حتى هذه اللحظة إنه تجسيد رائع لمعنى الأبوة،
خاصة وأن الآباء لا يظهرون الحنان لأبنائهم بسهولة، فالعرف أقر بأن يكون الأب عبوسا
وحازنا، وقاسيا في أغلب الأوقات.. وكعادة كل شيء جميل، انتهى هذا الفصل المميز من حياتي،
بحادث عابر وكخبر غير مشوق في صفحة الحوادث، حادث يتكور دوريا أسرع من طباعة الأعداد
الجديدة من الصحف، حادث ينساه الصغار، ومعا، ينسون آباءهم وربما تلك الفترة الزمنية
بالكامل، لتصبح كحلم باهت، لا تفسير له. ولكني لم أنس.. فوقتها كنت في العاشرة، وهو
سن كبير إلى حد ما، تكون الذاكرة تعمل فيه بكامل طاقتها، لذلك ظل الحادث يجثم على صدري،
يؤرقني طويلا ويثير الشجن في قلبي. لقد اعتبرت نفسي مسؤلا عما حدث لسبب أو لآخر.. وبرغم
نضجي وعلمي بأن الحادث وقع لأن أجلهم قد حان إلا أني لم أسامح نفسي قط، وهذا ما جعلني
متوترا قصير الفتيل، أتشاجر لأتفه الأسباب، ولا أكف عن إيذاء نفسي ومن حولي والآن مر
على هذا الحادث الأليم ما يقرب من خمسة عشر عاما. وهي فترة طويلة جدا، وكفيلة حتى لشخص
قوي الذاكرة مثلي، لينسى الأمر كله أو على الأقل ليتجاهله ويمضي في حياته ..
ولكن الأمور لم تكن بهذه البساطة أبدا. لقد كان وقع الأمر على روحى کاسخا،
خاصة مع انتقالي للسكن مع جدي الكهل في منزله البعيد. جدي الذي لم أعرف بوجوده على
قيد الحياة إلا بعد مصرع والدي، لغز جديد ومخيف يضاف إلى سجلات عمري البيضاء، وينافي
تلك الصورة الملائكية التي تملأ روحي عن الآباء.. لا يمكن لأب أن يهجر ابنه إلا في
كارثة كونية أو عندما يختطفه طائر الموت .. فلماذا هجر جدي ولده أم ترى هل حدث العكس
؟!. لم أجد وقتها إجابة.. فتركت الأمر للأيام.. فالأيام وحدها كفيلة بإزالة الحجب عن
هذا السر. فقدان الأصدقاء أصابني بتوتر نفسي شدید اختلط
بإحباط واكتئاب شديد. إن كل هذه التغيرات لا يمكن أن يستوعبها عقل طفل بهذه
البساطة، لقد صنع الانتقال شرخا واضحا بروحي. والأكثر وطاة ما تحتويه حياة جدي الشيخ
ياسين من أسرار وغموض. جدي الذي لم أستطع أن أناديه جدي بقلب مستريح، وظل دائما الشيخ
ياسين.
في الليلة الأولى التي قضيتها في منزل الشيخ ياسين لم ار النوم لحظة واحدة.
رائحة الفراش المكتومة والمختلطة برائحة عرق من سبقني كانت لا تطاق، فكرة أن هناك من
سبقني للفراش كانت مروعة.. خاصة وأني طفل وحيد لأب وأم ميسوري الحال جعلا طفلهما هو
قبلة أحلامهما فمنحناه خصوصية ومميزات وقواعد صارمة عن استخدام أشياء الآخرين، أو استخدام
الآخرين لأشيائه. لم تكن الشراشف التي حال لونها تحمل تلك الرائحة العطرية التي تميز
شراشف أمي ولا نعومتها المعتادة، لم تكن طرية وودود مثلها، بل يابسة ومتجلدة وتبعث
على الاشمئزاز . كانت بداية غير مشوقة أبدا.. الهواء نفسه كان ثقيلا مكتوما وكأنه هرم
ومرض مع الشيخ ياسين، فضاق صدري منه ومن كل شيء.. حتى إني فكرت في الهرب.. ولكني لم
أعرف إلى أين!! لو تجاهلت صدمة اللقاء الأولى مع الشيخ ياسين.. فلن أستطع أن أتجاهل
تلك الأصوات أو أنكر سماعها. أصوات مخيفة صاخبة غير واضحة أو مفهومة ظلت تصدر طوال
الليل من غرفة الشيخ ياسين التي تقع في آخر الرواق، لتبعث مزيدا من القشعريرة في جسدي
وأطرافي، والتي كان صداها ينتقل إلى أذني في تعبيرات مبهمة متألمة، مختلطة بصوت أشبه
بثغاء الجديان، مع حديث مبهم بلغة غير مفهومة.
يومها فسرت الأمر عن غير اقتناع ودموعي تغرق وجهي، بكون الشيخ ياسين يشاهد فيلما
أجنبيا قديما على شاشة التلفزيون، على الرغم من أني في وقت لاحق لم أعتر على هذا التلفزيون المزعوم في أي مكان من المنزل۔
يومها فسرت الأمر عن غير اقتناع ودموعي تغرق وجهي، بكون الشيخ ياسين يشاهد فيلما
أجنبيا قديما على شاشة التلفزيون، على الرغم من أني في وقت لاحق لم أعتر على هذا التالتفريزران
المرحوم في أي سان من المعتزل۔
حاولت أكثر من مرة أن أقترب من غرفة الشيخ ياسين التشتي الأمر قالغرف المغلقة
كفيلة بأشعال فضول ألف قط، و ظلت الغرفة تطاردنى في أحلامي وتثير حفيظتى حتي تحولت
لقط فضولي أخر. فهل قتل الفضول القط ؟ نعم لقد قتل قططا كثيرة وبشرا أكثر الشيء العجيب
الذي لم أنتبه إليه وقتها آنني كلما اقتربت من الرواق شبيه المظلم والتي تقع الغرفة
في نهايته، كنت أفقد أهتمامى بشكل غريب ويشغلني طارئ ما عن مواصلة فضولي، وأنسى دائما
سبب قدومي إلى هذا المكان من الأساس. وكان هناك قوة ما تحرص على عدم اقترابي من الغرفة
بأي حال من الأحوال. وطوال فترة وجودي بالمنزل لم أستطع دخول غرفة الشيخ ياسين لأتأكد
من وجود جهاز تلفزيون بالداخل، فهي تظل مغلقة طوال الوقت، سواء أكان داخلها الشيخ ياسين
أو خارجها. و هذا الأمر نبهني إلى كارثة أخرى ، وهي عدم وجود تلفزيون آخر في المنزل
هذا لو كان هو بالفعل مصدر تلك الأصوات المرعبة التي لا تنقطع طوال الليل.
الأمر أكثر من مفزع.. فلو ظل التلفزيون في الغرفة المغلقة، سيتحول المنزل بالنسبة
لي إلى سجن حقيقي، وسيصبح المكان جزيرة معزولة، وأنا قد أجن
ببساطة
إن التلفزيون لصبي في مثل عمري، یعني أكثر بكثير من مجرد صندوق ذي شاشة فضية
يعرض الصور، إنه نافذتي على العالم، أبطالي الكرتونیون هناك، أحلامي تعرض مرتين في
اليوم، لا يوجد قضبان على نافذة روحي، فأنا الآن في الفضاء وبعض لحظات في أعماق الأرض،
وربما أقضي الليلة بمحبة بطل إسفنجي - فخور بملابسه الداخلية - في قاع البحر. إنه المنفى
الحقيقي.
خنقي من عدم وجود التلفزيون، شغلني عن أمر هذه الأصوات الغامضة المخيفة في هذه
الليلة السوداء، والتي خفتت تلقائيا قرب الفجر حتى تلاشت تماما، ولكني لم أطمئن لها
أبدا، هناك شيء ما شرير يحاك في الظلام.. تحت سقف هذا المنزل.. وبالذات بداخل هذه الغرفة
المغلقة.. فلو لم يكن توقعي صحيحا.. فلماذا ترتجف أطرافي بهذه الطريقة ولماذا يدق قلبي
بهذا العنف؟. كما أخبرتكم تلاشت الأصوات قرب الفجر، ولكنها تركت في فضاء الغرفة ضيفا
ثقيل الظل.. وهو الخوف. لاحقا لم تعد هذه الأصوات تثير قلقي أو إزعاجي.. إنه الاعتياد
الذي يقتل رهبة الأشياء أو هو شعور ما تسلل إلى روحي بطريقة غامضة وترسخ هناك فلم تعد
الأصوات مخيفة.
هل تشعرون مثلي بأن الأمر مريب ؟
علامة أنها كانت ليلة سوداء لم يروني فيها أثنوم قتله، ولم أشعر فيها بالأمان
لحظة واحدة. لذلك تركت المصباح مضاء طوال الليل، وهذا أثار حنقى الشيخ یاسین ضدي في
الصباح، ويومها لم أفهم لماذا ؟! وهذا جعلني أنتظر الأيام القادمة على أنها ستكون أسود
أيام في حياتي، ولم يخب ظني كثيرا هل بكيت ؟! دون شك، إنني وحيد في بيت الأشباح هذا،
وأنظر للمستقبل بمنظار أسود
لمین
انني وحيد إلى الأبد، لا أب ولا أم، ولا إخوة، والأصدقاء تركتهم خلفي، وجدي
مخيف جدا
فهل ستشرق الشمس على روحي من جديد ؟! من يدري ؟!!. كانت تلك هي الليلة الأولي
الذي أستيقظ فيها وثيابي مبللة.
ماذا يطلقون عليه ؟
نعم .. تبول لا إرادي........
ألى اللقاء فى الجزء الثانى من قصص مثيرة قصة عزيف
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا