مرحبا بكم متابعين قصص 26 موعدنا والفصل الرابع عشر برواية عصفوره تحدت صقراً
وَعَـىَ على مُر الحياهِ ، حين إِصطَدم بواقِعِــهِ .. فنشأَ على كُره حــواءَ ، فلم تكن يوما منزلُــهُ .. وبنفورِهِ جعلَ الجواري تَشتهى قُربَــهُ .. فعُزِزَ الغُــرور في نفسهِ ، بأنُ لا مِثل لـهُ .. فأتتْ هي قبل أن ينخدِعَ بِظَنــهِ .. لتُريهُ مدى ضآلة حجمــهِ .. فليست من الجــَواري، ولا أَمـه يروق لها منزلــُه .. هي سيـدةٌ فى قصرٍ من الحيــاءِ تزينت جُدرانُـهُ .. هي سيـدةُ حسنـاءٌ ، تملك من الكـِبْرِياءِ ما تَكبَح بـِهِ غـرورَهُ .. فقطعَ العهــودَ والمواثيــقَ على نفســهِ .. بأن أيامها القادمــةُ ستكونُ داخلَ جحيمــهِ .. ولِتـَـرى ابنه حــواء ذاك الذي قَـللتْ من شأنِــهِ .. كيف يَسوقهـا إلى هاويةِ الهـلاكِ بنفسـهِ ..! هل ستقاوم سَبيـهُ ، أَم هل ترضـخُ لــهُ ؟ هل ستعيش حبيسَــةً ، أَم سيُجّــلِي قَيــّدَهُ ؟ اللي مشفش الفصل الرابع يقدر يشوفه من هنا رواية عصفورة تحدت صقراً "الفصل الثالث عشر"
عصفورة تحدت صقراً
الفصل الرابع عشر
كان بيجاد ممسكًا باب مكتب صهيب وعلى وشك الخروج، أما صهيب فقد كان جالسًا بإتزان على مكتبه..
وبنبرة غاضبة أردف بيجاد :
-أنا قولتلك كنت شارب ومكنتش في وعيي
نظر له صهيب نظرات قاتمة تخلوا من العبث، ثم قال :
-إنت عارف أنا اتحملتك قد إيه !
ضيق الأخير عينيه مستفهمًا بعد أن أغلق الباب وذهب نحوه قائلًا :
-قصدك إيه !
عقد صهيب حاجباه وتبعها عقده لساعديه أمام صدره وهو ينظر له بثبات ...
ثم وقف فجأة وسار نحوه متابعًا إياه بنظرات هادئة إلى أن توقف عن الحراك أمامه، وقال بهدوء خطير :
-فاكر زمان ولا أفكرك !
سعل بيجاد بحرج وأشاح وجهه عنه قبل أن يردف بـ :
-الموضوع مش مستاهل تفكرني يا صهيب
ضرب الأخير بيده بقوة على المكتب وقال بغضب :
-أنا اللي أحدد مستاهل ولا لأ ! ، دي شركتي أنا واللي يحصل فيها يخصني، إنت فاهم !
زفر الأخير بضيق وبنبرة متضجرة هتف بـ :
-أنا كنت شارب ومش فايق، وهي نرفزتني وإنت عارف إن آآ
أمسكه صهيب من تلابيبه وقاطعه بإقتام قائلًا :
-متحاولش تبرر موقفك، أنا البت دي ولا تهمني في حاجة، أنا كل اللي يهمني أدفعك تمن اللي إنت عملته لما عصيت أوامري...
جحظت عينا الأخير برعب وهو ينطق بـ :
-قـ.. قصدك إيه !
دفعه صهيب بعيدًا عنه، وهو يرمقه بإحتقار وقال :
-إنت مفكر عشان إنت شارب يبقى خلاص، لأ إصحى وفوق يا بيجاد.. صح أنا إتهاونت معاك كتير بس ده ميعنيش إني أسيبك كده من غير ما اعاقبك !
نظر الأخير له برعب، هو يعلم أنه قد علم حديثًا بخيانته له، لكن أقصى ما يعرفه هو محاولته تزوير بعض الأوراق لإغراق الشركة في الديون والتلاعب ببعض الميزانيات.. وهو لم يرد إخباره بالأمر وإعتبره هو ذلك الأمر من مصلحته..
لكن إن فاتحه بالأمر الآن ستكون تلك كارثة مضافة إلى حماقة البارحة..
لذلك حين لم يرد هو أن يصل الموضوع إلى أكثر من ذلك قال بهدوء مفاجئ :
-صهيب إنت عارف إن إحنا صحاب من زمان ومش هيفرق بينا نزوة جت في وقت غلط، دي مجرد سكرتيرة !
إقترب منه صهيب وقد بدى على وجهه برود شديد، وحين وقف قبالته أردف قائلًا :
-اممم ما بلاش نكدب على بعض وخلينا حقانيين، من صغرك كنت بتجري ورايا زي ضلي عشان عارف مصلحتك فين ...
هدأ قليلًا قبل أن يستألف كلامه بنبرة أشد حدة :
-وأنا عارف إنك عمرك ما صاحبتني إلا عشان مجرد مصلحة، فاكر لما كنا ماشيين في طريق صحراوي من 5 سنين ووقفني عصابة نشالين إنت عملت إيه وقتها !
صمت هو ليراقبه فقد كان مشيحًا وجهه عنه تمامًا، وإعتلت نظرات الضيق وجهه..
فتابع صهيب وهو يبتعد عنه بعدة خطوات ويقول بنبرة مستخفة :
-أنا نزلت من العربية عشان أشوفهم، وإنت أول ما أنا نزلت أخدت العربية وطلعت تجري بعيد..
-بس دي كانت خدعة أصلًا !
قالها بيجاد بنبرة غاضبة وهو ينظر له..
فأجابه صهيب بهدوء :
-كنت يومها عاوز أوضحلك إنك جبان مش أكتر، ومع إن الحركة كانت وحشة جدًا مرضتش أبعدك عن طريقي، وسيبتك تشتغل في الشركة عندي وتكمل بس عارف ليه !
-ليه ؟
قالها الأخير متسائلًا بفضول، فأجابه صهيب بـ :
-لأنك كنت نافعني وقتها ... بس الوقت، معدتش عاوز أشوف وشك هنا تاني ..
فغر الأخير فمه مشدوهًا وهو يردف بـ :
-هـاه
أردف صهيب بتهكم :
-ما إنت كنت بتضطر تعمل كل اللي تقد عليه عشان تنجحلي الصفقات، وخصوصًا إن آخر صفقة كانت مهمة جدًا و إنت اللي خليتها تنجح وكنت ناوي نصفي حسابنا بعدها..
ثم أردف بعد صمت ثوانٍ :
-بس إنت إستعجلت أوي على رزقك، فا ... خلي بالك من نفسك اليومين الجايين دون
كان بيجاد غير قادر على التصديق فقد ظن أنه فقط من يلعب من خلف ظهره والآن إتضح كل شيء....
وحين وصل إلى تلك النقطة أردف بتوتر بـ :
-يعني إنت آآآ
قاطعه صهيب بنبرة حادة :
-وقتك خلص
نظر له بيجاد مشدوهًا وقد علقت بعض الأسئلة في حلقه، لكنه فضل الذهاب قبل أن يقتله، وحين فتح الباب وجد صهيب يقول :
-وآآه إبقى إشكرلي عقاب بالنيابة عني، بصراحة تعب معايا جدًا
فغر فمه مصدومًا وهو يقول برعب :
-آآ إييه عـ... عقاب .....!!
روايات كاملة / رواية الملعونة بقلم أميرة المضحي الفصل السادس والثلاثون
-متقلقش دا مجرد هبوط عادي نتيجة لأنها مأكلتش حاجة من امبارح...
قالها الطبيب بنبرة هادئة وهو يتطلع على التقرير أمامه
نظر لها براء بقلق وأجاب بنبرة متوترة بـ :
-يـ يعني هي كويسة !
إبتسم له الطبيب بود وبنبرة متزنة قال :
-متقلقش عليها يا بني، هي الوقت كويسة بس حاول متعرضهاش لأي ضغوط عصبية..
صمت قليلًا وهو يطالعها، ثم إنتصب من على مقعده وتقدم عدة خطوات حتى وقف أمامها ثم نظر لها باسمًا وهو يقول :
-اممم وانت بقى رجعت من امت !
زفر الأخير بضيق وتقدم بخطواته حتى جاوره المكان وأردف بضيق :
-بابا الله يخليك اوعى تقول لماما اني جيت، اليومين دول بالذات مينفعش أروح، أنا جيت أصلًا مخصوص عشانها
أومأ الأب برأسه ونظر لابنه بحيرة قبل أن يردف بـ :
-أنا معنديش مشكلة، بس هي مالها ؟
وضع براء يده على رأسه مخللًا بإصبعه شعيرات رأسه، ثم قال بعد أن جلس على أحد المقاعد القريبة :
-عمي في المستشفى، ودا لوحده كوم و...
-اييييه !
قالها الطبيب مصعوقًا بعد أن بدى على وجهه القلق..
أجابه براء بهدوء :
-عارف انك متعزفش عنه حاجة..
تنفس الأخير بصعوبة قبل أن يقوب بتوتر :
-أنا لسا مكلمه من حوالي اسبوع !
-ما هو تعب بعدها ودخل في غيبوبة، وأنا دايمًا لما كنت برن عليك في السفر عشان تطمن عليهم بلاقي موبايلك مقفول، دا غير ان ماما مش بتزورهم إلا كل فين وفين !
ضيق الطبيب عينيه قائلًا بإستفهام :
-غيبوبة إيه ! ، وجويرية مقالتليش ليه ؟
-غيبوبة سكر، وبعدين إنت عارف جويرية يا بابا مستحيل تطلب من حد مساعدة... دا هي راضية أساعدها بالعافية
تنهد الطبيب وهو ينظر لإبنه بحزن قبل أن يردف بـ :
-بس أنا خالها، هو انا حد غريب !
إبتسم براء له مثل جويرية كما رآها تبتسم في كل وقت وقال بروية :
-يا عم أنا نفسي بتحاول تبعدني عن الموضوع، وإنت عارف إحنا كنا قريبين من بعض إزاي !
-عارف يابني والله، طيب بص خلي بالك منها وأنا مش هقول حاجة لأمك، وبص أنا الوقت هروح أزور عبد القدوس
أومأ براء بالإيجاب بعد أن نهض من على كرسيه وسارع بحملها
إستدار الطبيب نحو الورقة الموضوعة على مكتبه وأمسك القلم ودون فيه بعض الأشياء ثم ذهب بها نحو براء ...
مد يده له بالورقة وهو يقول بجدية :
-تجيبلها كل الأدوية اللي كاتبهالك هنا، وخاصة الفيتامين إللي تحت ده، تاخده مرتين في اليوم ..
صمت قليلًا ليأخذ نفسه قبل أن يتابع :
-وأنا إدتلها حقنة مهدءة هتساعدها، وهي بحد أقصى ساعتين وتفوق، بس...
عدل براء من حمله لها ليتأكد من عدم سقوطها، وحثه على المتابعة وهو يردف بقلق ملحوظ :
-بس... بس إيه !
نظر له والده بهدوء وقال بحلم :
-بص يا براء هي كويسة ومفيش حاجة، بس أنا آخر مرة زورتها كانت حالتها مختلفة وحسيت انها لازم تزور دكتورة نفسية !
ضحك براء وهو ينظر لها بحنو قبل أن يردف :
-ودي اللي هتوافق، دا أنا من كام سنة بتحايل عليها ومبترضاش ! ، دي لو كانت تعرف اني جايبها عند الدكتور مش هترضى
-البت دي عنيدة أوي والله
قالها بخفوت وهو عاقد الحاجب متضايقًا
أومأ براء رأسه بالإيجاب وهو يسير بها مبتعدًا عنه قائلًا :
-طب أنا ماشي بقى يلا سلام عليكم...!!!
أقرا أيضا رواية آدم وحياة الفصل العاشر
باقة حمراء من الزهور، وإكليل يخيم على بتلاته الحزن...
نزع وردة أخرى من الباقة الممسك هو بها ووضعها على ذاك القبر العتيق..
أظلمت ملامح وجهه بالألم ودنى من مآقيه الدمع، كما ظهر سراب لشبه إبتسامة تعلوا محياه..
إرتجفت يده الممتدة نحو القبر وأخذ يمرر يده عليه جيئة وذهابًا..
ثم يعود لباقة الورد الحمراء فيأخذ احدى أجمل زهورها ويضعها على القبر.
تنهد بحزن وهو يحاول التحدث، فخرج صوته المتأسي بـ :
-عارف إنك ظلمتيني كتير أوي.. وأذيتيني لدرجة محدش يتصورها .. بس للأسف مقدرتش يوم أكرهك..
صمت قليلًا بعد أن رفع رأسه لينظر للسماء فوقه، ويتابع بنبرة جلى بها الحزن :
-يمكن عشان اللي بيحب مبيقدرش يكره.. أو..
أعاد النظر للقبر أمامه مرة أخرى وأكمل بهدوء :
-أو يمكن عشان إنتي سبتيلي حاجة من ريحتك !
تابع وضع تلك الأزهار الحمراء حول القبر وفوقه، وقد حاول الهروب من أطياف ذكراه..
لكنها كانت كما بالأمس حدثت.. حفرت، طبعت، نقشت، ففي قلبه نسخت وأبت الزوال...
.........
كان نائمًا بجانب الصغير صهيب وأيقظه رنين هاتفه فإلتقطه ناظرًا إلى شاشته بعجب قبل أن يجيب بسرعة على الهاتف ..
وقبل أن يتحدث فاجأه صوتها الصارخ المستجدي عبر الهاتف...
جحظت عيناه رعبًا من هول الذعر في نبراتها، وبقلق أردف بـ :
-فـ .. فيه إيه.. نـ... نوران !
سمع هو عبر الهاتف بعض الصرخات وصوت رجولي صادح من الجانب الآخر :
-افتحي الباب ده ما انتي لازم تموتي النهاردة ... قولتلك افتحي !
قالت وهي تصرخ برعب عبر الهاتف بـ :
-رحيل إلحقني معتز هيقتلني.. هيموتني يا رحيل..
إنتفض قلبه قبل جسده وقال بنبرة خائفة :
-أنا... أنا جاي حالًا..
نظر رحيل للجانب الآخر الذي ينام به صهيب ليطمئن لنومه .. وما إن وجده ساكنًا نائمًا ... تحول برأسه نحو إحدى الأدراج وفتحها ثم أخرج منها سلسلة من المفاتيح وركض خارج الغرفة...
حين ترجل من سيارته أمام ذلك المنزل الكبير..
أسرع بالدلوف إليه حتى وقف أمام باب المنزل فسمع صوتها وهي تصرخ بالداخل فقام بدفع الباب بكل قوته..
وفي الحقيقة لم يتحج الباب للدفع فقد كان مفتوحًا أصلًا..
دلف رحيل وأخذ يتتبع الصوت برعب جلي ...
سمع صوت أحدهم يستمر بالطرق بكل قوته على الباب وصوتًا انوثيًا يصدر منه صرخات مدوية
وبعد لحظات كان خلف معتز الذي بدوره لم يتوقف أبدًا عن محاولة كسر الباب والدلوف إليها
وبالفعل إستطاع هو أن يكسر الباب في نفس اللحظة التي وصل رحيل فيها، ودلف إليها ...
كانت هي قد وقعت في أرضية الحجرة وهي ترتجف برعب حين كُسر الباب ..
شهقت بخوف بعد أن اعتدلت بصعوبة وظلت تبحث بعينها عن أي حاد تحتد به نبرتها وتستطيع الدفاع عن نفسها به فلم تجد شيئًا ...
وظلت تتراجع للخلف وهي تردد برعب :
-ابعد عني ... آآ.. أنا عملتلك إيه لكل ده !
كشر الأخير عن أنيابه وهو يقترب منها إلا أن ثبتها عند أحد الجدران في الغرفة وهو حامل سكين صغيرًا حادًا وأجاب عليها بهدوء خطر :
-كفاية بس إنك مرات جلال باشا عشان تاخدي نفس حكمه، أنا وعدته قبل كدة اني هقتله وهقتل كل اللي يخصه والوقت هخلص منك ومش هيتفضل إلا إبنك .. اللي ...آآ
كاد أن يتابع إلا أنه وجد من يسحبه من قميصه من الخلف ويوقعه أرضًا بقوة..
نظر معتز إلى الداخل الجديد في الساحة بغضب وقبل أن يتحدث قال رحيل :
-انت ايه بالظبط ! انا مجبتش حق أخويا إللي انت قتلته ولسا الموضوع مخلصش عاوز تقتل مراته كمان !
إعتدل الأخير واقفًا ونظر له بضيق وهو يحذره قائلًا :
-بلاش انت يا رحيل ابعد عني السعادي وسيبني أخلص عليها
كانت نوران تتابعهم بتوجس وقد إرتجفت عضلات جسدها بالكامل وانهمرت دموع الذعر من مآقيها
حينها أردف رحيل غاضبًا :
-مستحيل أسيبك تقرب منها يا معتز
ضحك الأخير بهيستيريا وهو يشير إلى نوران قائلًا :
-مش دي برضوه اللي باعتك يا رحيل، وسابتك في أول الطريق عشان لقت أخوك أغنى منك !
زفر رحيل بضيق وهو يتذكر أسوأ أيام عمره التي قضاها ببن جدران من الأوهام مطلية بالكذب والخداع ذوات اللون الأسود القاتم...
حاول إبعاد ذكرياته ليواجه الواقع المتواجد هو به الآن، فلم يكن منه إلا أن رمق الأخيرة بنظرات لوم داكنة ..
لكنه أفاق من شرود عينيه حين وجد معتز يقترب منها أكثر حاملًا السكين بيده، فإندفع نحوه بسرعة وحاول إلتقاطها من يده لكن معتز دفعه بكل قوته فأوقعه أرضًا ..
ونظر له غاضبًا وهو يصيح به :
-أنا مش فاهم بتدافع عنها ليه !
ثم تابع وهو يشير إليها ناظرًا لها بإحتقار :
-شايف دي هي اللي قالتلي تعالى إقتل جوزي، هي اللي طلبت بنفسها وقدمت نفسها ليا على طبق من فضة ..
بدى على ملامح كلاهما الدهشة وقبل أن ينطق رحيل قالت هي :
-ده كدب إنت اللي قولتلي .. آآ
صفعها معتز بقوة مانعًا إياها عن الحديث، فوقعت أرضًا بجانب رحيل، وغطى شعرها الذهبي وجهها بالكامل بعد أن سقطت، ولكن برغم هذا لم تتجرأ على رفع عينيها قبالة رحيل..
نظر له رحيل غاضبًا حين رآه يعتدي عليها ولم يلبث أن إنتصب واقفًا وتوجه نحوه بخطوات سريعة وهو يصرخ بـ :
-أنا قولتلك ماتمدش إيدك عليها ..
وبعد أقل من ثلاث ثوان كان رحيل قد أمسكه من تلابيبه وإلى الأرض ألقاه ..
ثم جثى على ركبته بجانب معتز ليقول بنبرة حادة :
-نوران خط أحمر يا معتز
مسح معتز ذلك الدم من أنفه بإنفعال وهب واقفًا
نظر إليه بحقد جلي ولم يتردد وهو يقترب منه مصوبًا تلك السكين نحوه .. وأردف هو حينها بغل بـ :
-أنا مكنتش ناوي أأذيك بس إنت اللي إضطرتني..
وحين وقف قبالته مباشرة وكاد أن يفتك به أمسك هو معصمه بقوة ليمنعه من إصابته إلا من جرح طفيف في رسغه....
لكنه إستطاع إيقافه، وظل يضغط على يده بقوة ليفلت السكين أثناء قوله بغضب :
-قتلت جلال جاي تقتلني أنا كمان !
جاهد معتز وهو يحرك يده ليستطيع إصابته، وبنبرة حاقدة أجابه :
-وأقتل أي حد كمان أنا أصلًا بكرهكم كلكم..
في ذاك الحين نظرت نوران برعب حولها وظلت تبحث بعينها عن أي شيء تدافع به عنهما، لكنها لم تجد إلا مزهرية أعلى المكتب وبجانبها بعض الكتب فنهضت عن الأرض مندفعة قاصدة إياها ...
إستطاع رحيل أن يأخذ السكين من أخيه بحركة سريعة حين رآه شاردًا مع نوران بعينيه..
ومن ثم ألقاها بعيدًا عنهما ودفع معتز بعيدًا عنه ثم أردف بكره :
-وأنا كمان عمري ما حبيتك، صح إنت من أم تانية بس أنا عمري ما فرقت بينك وبين جلال في المعاملة، ومع ذلك عمرك ما قدرت حبي ليك
ضحك الأخير ساخرًا وهو يتهكم بنطقه بـ :
-لأ فرقت حتى جلال اللي إنت حبيته خد منك كل حاجة حتى خد اللي إنت بتحبها مع إنه كان عارف إنك بتحبها، وخد الورث كله لوحده، أما أنا عمركم ما حبتوني، كان فيه تفرقة بينا دايمًا
صمت قليلًا قبل أن يندفع نحوه من جديد وهو يقول :
-إحنا كبرنا على كره بعض مينفعش يتغير إحساسنا تجاه بعض بين لحظة والتانية !
ثم سدد له لكمة قوية في وجهه أرجعته للخلف قليلًا، أما رحيل فهدر به بعد أن إستعاد توازنه وإستعاد إحتداد نظراته :
-أمك هي اللي زرعت فيك الكره ده، هي اللي كانت بتغير من أمي دايمًا وكانت بتقسيك علينا..
-متتكلمش نص كلمة عن أمي إنت فاهم ! أمك هي اللي كانت بتغير من أمي والمحروس أبونا كان بيفرق بينهم وكان يفضل بيضربها هي قالتلي كدة كتير
قالها معتز أثناء إقترابه منه ونيران الغضب تندلع منه ثم إنحرف لثانية عن مساره وأخذ السكين المرمي بعيدًا ثم عاد إليه بها ...
ورفعها قبالته و...
حين رأته نوران يقترب من رحيل وعلى وشك قتله فلم تتردد هي بالتوجه نحوه، وتهبط بالمزهرية فوق رأسه ..
تأوه الأخير من وقع الألم ووضع يده على رأسه، بينما نظر له رحيل غير آبه بما حدث له..
نعم هو أخوه لكن الإخوة بالأفعال لا فقط بالنسب والدم، لا بل الإخوة في المواقف،.. الإخوة هم المساندون لبعضهم البعض أما إخوته فلن يحزن إن ألم بهم سقم فإحدى إخوته طرده من بيته بطريقة ذكية حين استولى على الميراث كاملًا وعلاوة على ذلك تزوج من كان يهوى وقع أقدامها، تزوج حبيبته ! وهي قد سلمت له نفسها بكل بساطة والآخر يريد قتله وما كان ليفصل بين السكين وقلبه إلا المزهرية التي كُسرت فوق رأسه ..
الجميع مذنب.. الجميع يستحق اللوم .. إلا هو، هو فعل كل ما بوسعه لكي يرد تلك العائلة المشتتة لكن كما قال معتز لن يمحى الكره بين لحظة وضحاها..
ظل رحيل شاردًا لم يعلم مع من يقف، حبيبة خائنة، أم أخ يريد قتله !
أم مع نفسه ويرحل !
لكنه تفاجأ بعد لحظات بها وهي تصرخ، والآن لم يعد هناك مجال للتفكير..
اقرأ ايضاً .... قصص رومانسية قصة فتي احلامي
حبيبة خائنة ..
أسرع نحوها وقد كان معتز قد أوقعها أرضًا وظل يسدد لها الصفعات تلو الأخرى .. وهو يقول :
-إنتي وإبنك وأي حاجة تخص جلال هتموت زي ما أخد مني كل حاجة، انا الأول كنت مفكر لما أتجوزك واربي ابنه هشفي غليلي بس لأ أنا بفتكره كل ما بشوفك !
كانت هي تصرخ بهياج طالبة الإغاثة بينما أطبق هو على رقبتها لكي يقتلها
لكن رحيل كان الأسرع فلم يمهله حتى يجهز على باقي أنفاسها وأبعد يده بصعوبة عنها وهو يردف بغضب بـ :
-معتز خلاص هتموتها !
حاول الأخير إفلاتيده من بين يدي أخيه و...
معتز بنبرة عالية :
-سيبني، أنا أصلا عاوز أقتلها ...
نظر له رحيل بغضب وهو يقول :
-حرام عليك إنت مبتزهقش قتل ! ، طب أنا مرضتش أبلغ البوليس إنك قتلت جلال، وقولت يمكن يهدى لما ياخد بتاره !
دفعه معتز بقوة من كتفيه، وهو يقول بنبرة محتقنة :
-لأ لسا لما أقتلها الأول، أقتلها وبعدين ههدى، أنا كل لما بشوفها بفتكره وبكون عاوز أخنقها في إيدي ...
لم يتحمل رحيل أكثر من ذلك عليها، ودفعه بقوة فألقاه أرضًا ثم جثى فوقه هادرًا به :
-في كل ده أنا اللي إتظلمت، ومفكرتش آخد بتاري ليه !
صمت قليلًا وهو يأخذ أنفاسه قبل أن يتابع بغضب أشد :
-عارف ليه ! ، عشان أنا عمري ما كنت حقود زيكم.. عمري ما فكرت إني أأذي حد عشان هو خد مني اللي بتمناه، خد مني كل حاجة أنا نفسي فيها، إنت وجلال طول عمركم بتاخدوا اللي عاوزينه ...
قاومه معتز بقوة مفاجأة وإستطاع إبعاده عنه، ثم وقف هو ونظر إليه بحقد شديد...
وبنبرة كره جلية قال :
-جلال يستحق اللي حصله، خد مننا الورث كله، وهو اللي إتجوز نوار اللي أنا بحبها، ولما ماتت إتجوز أختها نوران إللي إنت حبيتها، أما إنت كنت دايمًا اللي بابا بيحبه وبيديلو اللي هو عاوزه، كنت بتاخد كل حاجة ليك لوحدك
نظر له جلا مشدوهًا بعد أن وقف.. لتلك الدرجة يحقد عليه، ما خطأه إن كان والده يفضله، ويشعر أنه أطيب إخوته..
فهو لم يكره أحد من قبل ولم يساهم في إيذاء أحدهم ...
وحتى بعد كل ذلك فلم يقصر والدهم في معاملتهم فقد ساوى بينهم، ولكن الحقد يعمي القلوب، ليس فقط حقد الإخوة بل الزوجات !
فقد تزوج والدهم زوجتان، لكن كانتا تزرعان شرًا في قلوب أبنائهما، ولولا أنه إستطاع أن يفرق بين الأمور لإلتبس عليه الأمر وأصبح مثلهم
يحاول بكل جهده إيذاءهم...
-رحيل خلي بالك !
صاحت بها نوران بصوت عالٍ، فنظر رحيل بجانبه ليجد معتز قد عاد بالسكين مرة أخرى وكاد يغرزها في بطنه لولا أنه أمسك يده في الوقت المناسب...
-معتز بطل جنان إحنا إخوات !
ضحك الأخير ساخرًا ثم عاد بوجه خالٍ من الإرتياح ليقول :
-لأ إحنا أعداء يا رحيل، الدنيا متسعناش كلنا !
حاول رحيل أن يبعد السكين من بينهم لكن نصلها كان يقترب منه أكتر، فحاول أن يغير مسار السكين لكي لا تقتله وبالفعل إستطاع أن يجعها في الجانب المقابل...
حذره معتز بقلق :
-معتز إبعد عشان السكينة متجيش فيك
حاول الآخر أن يعيد السكين أمام أخيه لكن لم يستطع، فأردف بخفوت :
-أنا قولتلك يا أنا وأقتلك وأقتلها، يا إنت وتقتلني !
كان معتز يحاول تغير مجرى السكين لكن رحيل قد أمسك يده بقوة، وحين حاول مرة أخرى وجد أن نصل السكين قد إخترق ثيابه
حاول رحيل جاهدًا ألا يقوم بتلك الخطوة ويقتله، حاول أن يخلص السكين من بينهما لكنه فشل، ولما كان يحاول سحب السكين بعيدًا نعه والآخر يحاوجذبها نحوه إخترقه نصل السكين وقُتل ...
رآه رحيل يقع قتيلًا، ولأول مرة في حياته يشعر بأنه قاتل سفاح
وبرغم كل ما حدث، وبرغم أنه لم يكن يقصد إلا أن يدافع عن نفسه، لكنه قتل، وقتل من !
أخيه
ظل ينظر لجثته مصدومًا مستنكرًا حزينًا، ورغمًا عنه أفلتت دمعة تلتها أخرى وأخرى وأخرى
وفجأة وجد من يضع يده على كتفه، فلم ينظر فقد كان يعلم هوية الشخص لكنه قال بنبرة نادمة :
-أنا قتلته يا نوران
إلتفت حوله ووقفت أمامه وأردفت بدوء :
-بس هو يستحق !
-يستحق آه بس مش أنا اللي أقتله !
حاولت هي أن تهدئ من روعه قليلًا، فوضعت يدها على وجهه، ومسحت له عبراته وهي تقول بحنو :
-إنت مغلطش إنت بس كنت بتحاول تدافع عن نفسك و... وعني !
نظر لها حزينًا مهمومًا، فمسدت على شعره وقالت بنبرة هادئة :
-جلال ظلمني وفضل يضرب فيا كان كل شوية يقارني بأختي نوران، وإجى بعدها معتز أقنعني إن جلال هو اللي قتل نوران، فكرهته ولما قالي نقتله، أنا وافقت عشان كان بيضربني وبيهيني كتير، وإتجوزت معتز بعدها وبرضوه ظلمني وعذبني
كتير أنا مش زعلانة على نفسي يا رحيل، أنا زعلانة عليك إنت، أنا عارفة إني غلطت لما سيبتك عشان طمعت في فلوس أكتر، وأستحق كل اللي جرالي
أنا دايمًا كل لما الدنيا كانت تقسى عليا كنت أفتكرك، كنت بتمنى أرجع أصلح اللي كسرته ونعيش سوا، بس للأسف اللي أنا كسرته ده مفيش حاجة تقدر ترجعه...
إبتعدت عنه قليلًا ثم جلست على ركبتها أما جثة زوجها، وأخرجت السكين من بطنه ثم ذهبت وأحضرت منديلا ومسحت يد السكين ثم ذهبت إلى الحمام الملحق بغرفتها، وغسلت به المنديل قبل أن تضعه في المرحاض وتغرقه بعدها بالماء...
ثم عادت مجددًا وهي تمسك السكين بيديها العاريتين وقد تأكدت أنها قد طبعت آثار يدها عليها، وأعادتها في بطن معتز مرة أخرى
كل هذا تحت أنظار رحيل الذي لم يفهم للوهلة الأولى ما تخطذ هي له..
لكنها وقفت حينها ونظرت له وهي تسأله :
-لسا بتحبني يا رحيل !
لم يشعر هو بضرورة التفكير، فنعم هو يحبها، ونعم لم تزول عن عقله يومًا ولم يغادر محياها ذاكرته ..
فأردف بهدوء:
-اه
إبتسمت له ثم وضعت يدها على يده وهي تقول :
-وأنا كمان بحبك، وبحب إبني أوي، وعشان بحبكم هضطر مكنش موجودة في حياتكم
عقد حاجباه بعدم فهم، فأردفت هي بـ :
-أنا هعترف على نفسي إن قتلت معتز، وكده آخد جزائي، وإنت وصهيب تقدروا تعيشوا باقي حياتكم عادي
..........
كم لتلك الذكريات آلام تطبع في القلب بلا زوال ...
لم يعلم هو ما الأقسى أن يراها تتزوج غيره، أم يسمع خبر موتها شنقًا !
لا بالطبع خبر موتها، فقد كان مؤلمًا جدًا، وخاصة أنه هو من قتل، لكن حين أصرت أن تتلقى هي العقاب وأخبرته أنها ستستريح بتلك الطريقة، وافق ولكنه لم يعلم أن النتيجة حبل المشنقة ...
المهم الآن أنه قد تعب حقًا وتلك الذكريات أهلكته، لذا لما لا يغادر !
وبالفعل وقف هو ونظر إلى قبرها مرة أخرى قبل أن يودعها قائلًا :
-إبقي زوريني في الحلم متنسينيش !
ثم تركها، وترك معها جزءً من روحه أمام القبر
هناك..
وذهب..
تاركًا ..
حبيبتة الفقيدة الخائنة ........!!!
.....................................!!!!!!
يتبع ....
يارب تكون حلقة النهارده عجبتكم وأستنونا كل يوم في نفس الميعاد فصل جديد من رواية عصفورة تحدت صقرا وعلشان تجيلكم الفصول بتسلسلها تقدروا تتابعونا من خلال صفحتنا علي الفيس بوك
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا