إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
نكمل سويا مقالاتنا في قصص الصحابه عن حياة ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه نكمل في كتاباتنا عن حياته في الجهاد .......
قصص الصحابه | عثمان بن عفان 7
- في غزوة غطفان (ذي إمر):
ندب رسول الله صل الله عليه وسلم المسلمين وخرج في أربعمائة رجل ومعهم بعض الجياد، واستخلف على المدينة عثمان بن عفان رضي الله عنه فأصابوا رجلا منهم (بذي القُصَّة) يقال له جبار من بني ثعلبة، فأدخل على رسول الله صل الله عليه وسلم فأخبره من خبرهم،
وقال: لن يلاقوك، لما سمعوا بمسيرك هربوا في رؤوس الجبال وأنا سائر معك، فدعاه رسول الله صل الله عليه وسلم إلى الإسلام فأسلم، وضمه رسول الله صل الله عليه وسلم إلى بلال ولم يلاقِ رسول الله صل الله عليه وسلم أحدا، ثم أقبل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا، وكانت غيبته إحدى عشر ليلة.
4- في غزوة ذات الرقاع:
بلغ رسول الله صل الله عليه وسلم أن جمعًا من غطفان من ثعلبة وأنمار يريدون غزو المدينة، فخرج في أربعمائة من أصحابه حتى قدم صرارًا، وكان رسول الله صل الله عليه وسلم قد استخلف على المدينة قبل خروجه عثمان بن عفان، لقي المسلمون جمعا غفيرا من غطفان، وتقارب الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضا، حتى صلى رسول الله صل الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم انصرف بالناس، وقد غاب عن المدينة خمسة عشر يوما.5- في بيعة الرضوان:
عندما نزل رسول الله الحديبية رأى من الضرورة إرسال مبعوث خاص من جانبه إلى قريش يبلغهم فيها نواياه السلمية بعدم الرغبة في القتال، وحرصه على احترام المقدسات، ومن ثم أداء مناسك العمرة، والعودة إلى المدينة، فوقع الاختيار على أن يكون مبعوث الرسول صل الله عليه وسلم إلى قريش (خراش بن أمية الخزاعي) وحمله على جمل يقال له (الثعلب),
فلما دخل مكة عقرت به قريش، وأرادوا قتل خراش فمنعهم الأحابيش، فعاد خراش بن أمية إلى رسول الله صل الله عليه وسلم وأخبره بما صنعت قريش، فأراد رسول الله صل الله عليه وسلم أن يرسل سفيرا آخر بتبليغ قريش رسالة رسول الله صل الله عليه وسلم ،
ووقع الاختيار في بداية الأمر على عمر بن الخطاب, فاعتذر لرسول الله صل الله عليه وسلم عن الذهاب إليهم، وأشار على رسول الله صل الله عليه وسلم أن يبعث عثمان مكانه،
وعرض عمر رضي الله عنه رأيه هذا معززًا بالحجة الواضحة، وهي ضرورة توافر الحماية لمن يخالط هؤلاء الأعداء, وحيث إن هذا الأمر لم يكن متحققا بالنسبة لعمر رضي الله عنه ، فقد أشار على النبي صل الله عليه وسلم بعثمان لأن له قبيلة تحميه من أذى المشركين حتى يبلغ رسالة رسول الله صل الله عليه وسلم ,
وقال لرسول الله صل الله عليه وسلم : إني أخاف قريشا على نفسي، قد عرفت عداوتي لها، وليس بها من بني عدي من يمنعني، وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم, فلم يقل رسول الله صل الله عليه وسلم شيئا،
قال عمر: ولكن أدلك يا رسول الله على رجل أعز بمكة مني، وأكثر عشيرة وأمنع، عثمان بن عفان، فدعا رسول الله صل الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه فقال:
«اذهب إلى قريش فخبرهم أنَّا لم نأتِ لقتال أحد، وإنما جئنا زوارًا لهذا البيت، معظمين لحرمته، معنا الهدي، ننحره وننصرف»،
فخرج عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى أتى بلدح فوجد قريشا هناك، فقالوا: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صل الله عليه وسلم إليكم، يدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، تدخلون في دين الله كافة، فإن الله مظهر دينه ومعز نبيه، وأخرى تكفون ويَلِي هذا منه غيركم، فإن ظفروا بمحمد فذلك ما أردتم، وإن ظفر محمد كنتم بالخيار أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامون، إن الحرب قد نهكتكم، وأذهبت بالأماثل منكم،
فجعل عثمان يكلمهم فيأتيهم بما لا يريدون، ويقولون: قد سمعنا ما تقول ولا كان هذا أبدا، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك فأخبره أنه لا يصل إلينا، فقام إليه أبان بن سعيد بن العاص فرحب به وأجاره وقال: لا تقصر عن حاجتك، ثم نزل عن فرس كان عليه، فحمل عثمان على السرج وردفه وراءه،
فدخل عثمان مكة فأتى أشرافهم رجلا رجلا؛ أبا سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وغيرهما من لقي ببلدح، ومنهم من لقي بمكة، فجعلوا يردون عليه: إن محمدا لا يدخلها علينا أبدا.
وعرض المشركون على عثمان أن يطوف بالبيت فأبى، وقام عثمان بتبليغ رسالة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى المستضعفين بمكة وبشرهم بقرب الفرج والمخرج،
وأخذ منهم رسالة شفهية إلى رسول الله صل الله عليه وسلم جاء فيها: اقرأ على رسول الله صل الله عليه وسلم منا السلام، إن الذي أنزله بالحديبية لقادر على أن يدخله بطن مكة.
وتسربت شائعة إلى المسلمين مفادها أن عثمان قتل، فدعا رسول الله صل الله عليه وسلم أصحابه إلى مبايعته على قتال المشركين ومناجزتهم، فاستجاب الصحابة وبايعوه على الموت سوى الجد بن قيس وذلك لنفاقه.
وفي رواية أن البيعة كانت على الصبر ، وفي رواية على عدم الفرار، ولا تعارض في ذلك؛ لأن المبايعة على الموت تعني الصبر وعدم الفرار.
وكان أول من بايعه على ذلك أبا سنان عبد الله بن وهب الأسدي ، فخرج الناس بعده يبايعون على بيعته ، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات؛ في أول الناس، وأوسطهم، وآخرهم.
وقال النبي صل الله عليه وسلم بيده اليمنى: «هذه يد عثمان» فضرب بها على يده.
وكان عدد الصحابة الذين أخذ منهم الرسول صل الله عليه وسلم المبايعة تحت الشجرة ألف وأربعمائة صحابي.
وقد تحدث القرآن الكريم عن أهل بيعة الرضوان، وورد فضلهم في نصوص كثيرة من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، منها:
1- قال تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" [الفتح: 10].
2- قال تعالى:
لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ` لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا" [الفتح: 17، 18].
3- قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه : قال لنا رسول الله صل الله عليه وسلم يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض»، وكنا ألفا وأربعمائة، ولو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة.
هذا الحديث صريح في فضل أصحاب الشجرة؛ فقد كان من المسلمين إذ ذاك جماعة بمكة وبالمدينة وبغيرهما.. وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل عليٍّ على عثمان؛ لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك، وممن بايع تحت الشجرة، وكان عثمان حينئذ غائبا، وهذا التمسك باطل؛ لأن النبي صل الله عليه وسلم بايع عنه فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة، ولم يقصد في الحديث إلى تفضيل بعضهم على بعض.
وفي الحديبية ذكر المحب الطبري اختصاص عثمان بعدة أمور، منها: اختصاصه بإقامة يد النبي الكريمة مقام يد عثمان لما بايع الصحابة وعثمان غائب، واختصاصه بتبليغ رسالة رسول الله صل الله عليه وسلم إلى مَنْ بمكة أسيرا من المسلمين، وذكر شهادة النبي صل الله عليه وسلم لعثمان بموافقته في ترك الطواف لما أرسله في تلك الرسالة،
فعن إياس بن سلمة عن أبيه أن النبي صل الله عليه وسلم بايع لعثمان إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئا لأبي عبد الله الطواف بالبيت آمنا، فقال النبي :
«لو مكث كذا ما طاف حتى أطوف» .
وقد اتهم عثمان ظلما بأنه لم يبايع رسول الله صل الله عليه وسلم بيعة الرضوان وكان متغيبا عنها، فهذه من الاتهامات التي ألصقت بعثمان في أحضان فتنة أريد بها تقويض أركان الخلافة خاصة، وسيأتي تفصيل ذلك بإذن الله تعالى.
وعن أنس قال: لما أمر رسول الله صل الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان بعثه رسول الله صل الله عليه وسلم إلى أهل مكة فبايعه الناس، فقال: إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب بإحدى يديه على الأرض، فكانت يد رسول الله صل الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم.
ونكمل في مقال اخر ان شاء الله من قصص الصحابة حياة عثمان بن عفان رضي الله عنه في الجهاد مع رسول الله صل الله عليه وسلم
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا