إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
نكمل سويا مقالاتنا في قصص الصحابه عن حياة ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه نكمل في احاديث النبي صل الله عليه وسلم في عثمان رضي الله عنه .....
قصص الصحابه | عثمان بن عفان 12
إخبار رسول الله صل الله عليه وسلم عن الفتنة التي يقتل فيها عثمان:
1- من نجا من ثلاث فقد نجا:
عن عبد الله بن حوالة أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال:
«من نجا من ثلاث فقد نجا -ثلاث مرات-: موتى، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه».
ومعلوم أن الخليفة الذي قتل مصطبرا بالحق هو عثمان، فالقرائن تدل على أن الخليفة المقصود بهذا الحديث هو عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وفي الحديث -والله أعلم- لفتة عظيمة إلى أهمية السلامة من الخوض في هذه الفتنة حسيًّا ومعنويًا، أما حسيًا فذلك يكون في الفتنة من تحريض وتأليب وقتل وغير ذلك، وأما معنويًا فبعد الفتنة من خوض فيها بالباطل، وكلام فيها بغير حق، وبهذا يكون الحديث عاما للأمة، وليس خاصا بمن أدرك الفتنة.
2- يقتل فيها هذا المقنع يومئذ:
عن ابن عمر قال: ذكر رسول الله صل الله عليه وسلم فتنة، فمر رجل فقال:«يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما» قال: فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان.
3- هذا يومئذ على الهدى:
عن كعب بن عجرة قال: ذكر رسول الله صل الله عليه وسلم فتنة فقربها، فمر رجل مقنع رأسه، فقال رسول الله صل الله عليه وسلم:«هذا يومئذ على الهدى. فوثبت فأخذت بضبعي عثمان، ثم استقبلت رسول الله صل الله عليه وسلم فقلت: هذا؟ قال: هذا».
4- تهيج فتنة كالصياصي، فهذا ومن معه على الحق:
عن مرة البهزي قال: كنت عند رسول الله صل الله عليه وسلم، وقال بهز -من رواة الحديث-: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:«تهيج فتنة كالصياصى، فهذا ومن معه على الحق». قال: فذهبت فأخذت بمجامع ثوبه، فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه ).
5- هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى:
عن أبي الأشعث قال: قامت خطباء بإيلياء في إمارة معاوية رضي الله عنه ، فتكلموا وكان آخر من تكلم مرة بن كعب فقال: لولا حديث سمعته من رسول الله صل الله عليه وسلم ما قمت، سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يذكر فتنة فقربها، فمر رجل مقنع فقال:«هذا يومئذ وأصحابه على الحق والهدى»، فقلت: هذا يا رسول الله؟ وأقبلت بوجهه إليه فقال: «هذا»، فإذا هو عثمان .
6- عليكم بالأمين وأصحابه:
عن أبي حبيبة أنه دخل الدار وعثمان محصور فيها، وأنه سمع أبا هريرة يستأذن عثمان في الكلام، فأذن له، فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول:«إنكم تلقون بعدي فتنة واختلافا» أو قال «اختلافا وفتنة»، فقال له قائل من الناس: فمن لنا يا رسول الله؟ قال: «عليكم بالأمين وأصحابه»، وهو يشير إلى عثمان بذلك.
7- فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه:
عن عبد الله بن عامر، عن النعمان بن بشير عن عائشة قالت: أرسل رسول الله صل الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان، فأقبل عليه رسول الله صل الله عليه وسلم، فلما رأينا رسول الله صل الله عليه وسلم أقبلت إحدانا على الأخرى, فكان آخر كلام كلَّمه أن ضرب منكبه وقال:«يا عثمان، إن الله -عز وجل- عسى أن يلبسك قميصا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني. يا عثمان، إن الله عسى أن يلبسك قميصا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني» ثلاثا.فقلت لها: يا أم المؤمنين، فأين كان هذا عنك؟ قالت: نسيته والله فما ذكرته. قال: فأخبرته معاوية بن أبي سفيان فلم يرضَ بالذي أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبي إليَّ به، فكتبت إليه به كتابا.
8- إن رسول الله صل الله عليه وسلم عهد إليَّ عهدا وإني صابر نفسي عليه:
عن أبي سهلة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
«ادعوا لي بعض أصحابي» قلت: أبو بكر؟ قال: «لا»، قلت: عثمان؟ قال: «نعم»، فلما جاء قال: «تنحَّ»، فجعل يساره, ولون عثمان يتغير، فلما كان يوم الدار وحصر قلنا: يا أمير المؤمنين، ألا تقاتل؟ قال: لا، إن رسول الله صل الله عليه وسلم عهد إليَّ عهدا وإني صابر نفسي عليه.
وهذا الحديث يبين شدة محبة رسول الله صل الله عليه وسلم لعثمان رضي الله عنه وحرصه على مصالح الأمة بعده، فقد أخبره بأشياء تتعلق بهذه الفتنة التي ستنتهي بقتله، وحرص عليه الصلاة والسلام على سريتها، حتى إنه لم يصل إلينا منها إلا ما صرح به عثمان رضي الله عنه أثناء الفتنة لما قيل له: ألا تقاتل؟ فقد قال: لا، إن رسول الله صل الله عليه وسلم عهد إليَّ عهدا، وإني صابر عليه.
ويظهر من قوله هذا، أن النبي صل الله عليه وسلم قد أرشده إلى الموقف الصحيح عند اشتعال الفتنة، وذلك أخذا منه صل الله عليه وسلم بحجز الفتنة أن تنطلق، وفي بعض الروايات زيادة تكشف عن بعض مكنون هذه المسارَّة، فقد جاء فيها أن النبي صل الله عليه وسلم قال له:
«وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمَّصك الله -عز وجل- فلا تفعل».
ومضمون هذا العهد الذي ذكره عثمان رضي الله عنه يتعلق بالفتنة والوصية بالصبر فيها وعدم الخلع، وإن كان يفهم من هذه الأحاديث بأنه سيكون خليفة يومًا ما.
ويبدو أن هناك وصايا وإرشادات تتعلق بهذه الفتنة، انفرد بمعرفتها عثمان رضي الله عنه محافظة من النبي صل الله عليه وسلم على السرية فيها، ومما يبين ذلك أنه أمر عائشة -رضي الله عنها- بالانصراف عندما أراد الإسرار بها لعثمان رضي الله عنه ، كما أسر إليه إسرارا رغم خلو المكان من غيرهما حتى تغير لونه، مما يدل على عظم المسرِّ به.
وربط عائشة -رضي الله عنها- الإسرار بالفتنة دليل واضح على أن هذه المسارة كانت حول الفتنة التي قتل فيها، كما أن الإسرار تضمن توجيهات منه صل الله عليه وسلم إلى عثمان ليقف الموقف الصحيح عند عرض الخلع، وأن النبي صل الله عليه وسلم لم يقتصر على الإخبار بوقوع الفتنة، فقد أخبر بذلك في أحاديث كثيرة كما تقدم، فإسراره يدل على أن الأسرار تضمن أشياء أخرى زيادة على الإخبار عن وقوعها، ورغب عليه الصلاة والسلام بالمحافظة على سريتها لحكمة اقتضت ذلك, الله أعلم بها.
وهذا الحديث يفسر لنا جليا سبب إصرار عثمان على رفض القتال أثناء الحصار، كما يفسر أيضا سبب رفضه للتنازل عن الخلافة وخلعها عندما عرض القوم عليه ذلك، وهما موقفان طالما تساءل الباحثون والمؤرخون عن السبب الذي أدى عثمان إليهما واستشكلوهما.
وحدث فتنة مقتل عثمان رضي الله عنه من ضمن حوادث كثيرة أخبر رسول الله صل الله عليه وسلم في حياته بأنها ستقع بالغيب، فإن علم الغيب صفة من صفات الله عز وجل، ليست لأحد من خلقه وإنما ذلك علم أطلعه الله عليه وأمره أن يبينه للناس, قال تعالى:
قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُّؤْمِنُونَ" [ألأعراف: 188].
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا