أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفــصــل الثـانــى من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.
- قوم يا فارس تليفون علشانك
نظر اليها بصعوبة وهو يحاول فتح عينيه قائلا:
- مين يا ماما
والدته بتأفف:
- السفيره عزيزة بتاعتك
ابتسم وهو ينهض من فراشة وأتجه مباشرة الى الهاتف:
- ألو
:صباح الخير يا حبيبى
:لسه فاكره
:هو انا لحقت ده انا لسه سيباك امبارح
:سايبانى طول اليوم وانتى عارفه انى مضايق منك وجايه تتصلى تانى يوم
:خلاص بقى يا حبيبى متبقاش حمقى كده...يالا بقى البس وانزل عاوزه أشوفك
:أبتسم ولكنه صبغ صوته بنبرة جدية قائلا:
-لا مش قادر انزل
:كده برضه يعنى موحشتكش
:أنتى فين دلوقتى
:انا فى البيت
:طيب خلاص نتقابل فى المكان بتاعنا بعد ساعه
:زفرت بقوة وهى تقول:
- يا حبيبى مش هنغير بقى المكان ده تلاقى مامتك أدتلك حلاوة النجاح
قال بحدة:
- جرى ايه يا دنيا هو انا عيل ولا ايه ايه حلاوة النجاح دى
:طب خلاص متتعصبش كده..خلاص اوكى ساعه وهكون هناك..يلا مع السلامه
:سلام
أغلق فارس الهاتف وأتجه الى الحمام توضأ وصلى الظهر ...بدل ملابسه وأتجه الى المطبخ وجد والدته تعد طعام الغذاء عندما رأته قالت بعبوس:
- يعنى مقولتش أنك خارج النهارده..اومال انا بعمل الغدا ده لمين ان شاء الله
قبلها على وجنتها وهو ينظر للأوانى ويلتقط منها بعض الطعام ليأكله فى سرعه وهو يقول:
- معلش يا ماما مش هتأخر ساعه ولا اتنين بالكتير وهتلاقينى هنا ..بس أتغدى انتى متقعديش جعانه لحد ما أرجع
ضربته على ظهر يده وهو يعبث بالطعام وتقول:
- قولتلك مية مره متحطش ايدك فى الاكل كده أستنى أحطلك فى طبق
تناول كوب مياه ليشربه ثم قال:
- لالا لما اجى بقى ..مش عاوزه حاجه اجيبهالك معايا
والدته :لا مش عاوزه حاجه بس خلى بالك من نفسك
طبع قبلة اخيرة على راسها وقال مودعا:
- طيب سلام بقى يا ست الكل
هبط الدرج قفزا كما يفعل دائما وخرج من باب البيت وما ان خطى خطوتين حتى سمع صوت طفولى من الاعلى يصيح به
- فااااااارس يا فاااااارس
نظر للأعلى مبتسما وقال بهتاف وهو يلوح :
- عارف عارف مش هنسى العسليه
ضحكت مُهره بينما نهرتها والدتها التى كانت تقف بجوارها فى الشرفه:
- يابنت عيب كده هو خلفك ونسيكى
أخذت مُهره دميتها ولم تجيبها ودخلت لتكمل لعبتها ببراءة تارة وتضايق أخيها يحيى تارة أخرى
خرج عامر من ورشته عندما سمع صوت فارس وأتجه إليه فى خطوات واسعة مهنئا:
- مبروك يا أستاذ فارس معلش ملحقتش اكلمك امبارح كان عندى زباين وأتحرجت اطلعلك فوق
أبتسم فارس متفهما وقال:
- الله يبارك فيك يا عم عامر ويارب عقبال مريان ومينا ما يتخرجوا وتفرح بيهم
عامر مبتسما:
- طيب مش هاعطلك بقى يا سعادة المستشار
ضحك فارس بعذوبة قائلا:
- يسمع من بؤك ربنا يا عم عامر ..ثم قال معتذرا:
- عن اذنك انا بقى علشان مستعجل
عامر :أتفضل يابنى مع السلامه
وقبل أن يتحرك سمع جلبة من خلفه وهتاف يعرفه جيدا:
- يا أستاذ فارس أستنى
ألتفت وهو يرفع حاجبيه بمرح للحاج عبد الله الذى اقبل عليه بجلبه كبيره قائلا:
- مبروك يا أستاذ فارس يابنى والله والله انا فرحان زى ما يكون ابنى هو اللى أتخرج وبقى باشا قد الدنيا
ضحك فارس مداعبا:
- لسه مابقتش باشا يا حاج عبد الله أدعيلى انت بس
وضع الحاج عبد الله يده على كتفه وتكلم بهتاف كعادته :
- داعيلك يابنى والله ربنا يكتبلك الخير ماطرح ما تروح يابنى
ربت فارس على يده بأمتنان قائلا:
- ربنا يتقبل منك يا حاج عبد الله..ثم تنحنح قائلا:
- طيب تؤمرنى بحاجه ..اصلى عندى مشوار كده
أفسح له الحاج عبد الله الطريق قائلا:
- لا يا بنى أتفضل متعطلش نفسك ربنا يجعلك فى كل خطوة سلامه
أكمل فارس طريقه بصعوبة فكلما خطى خطوة أوقفه أحد جيرانه مهنئا وداعيا له بالتوفيق ...نعم هذه هى القلوب المحبة التى تمتاز بها أحيائنا المصرية البسيطة
وقفت دنيا تنتظر ظهور فارس وهى تنظر لساعتها اليدوية فى قلق حتى ظهر اخيرا قادما من بعيد بأبتسامتة المشرقة الجذابه ..وعندما رأها اسرع الخطى نحوها ووقف معتذرا :
- اسف والله يا حبيبتى بس أعمل ايه الناس عندنا ماكنتش عاوزه تسيبنى كل شويه حد يوقفنى يباركلى ويدعيلى
عقدت ذراعيها بغضب قائله:
- يعنى الناس دول اهم مني
قطب جبينه بمرح قائلا:
- انتى عارفه ان مفيش حد اهم منك عندى ..صح ولا لاء
وأمسك يدها وأجلسها على مقعدهم المفضل أمام النيل مباشرة قائلا:
- يعنى مردتيش
ألتفتت اليه قائلة:
- عارفه يا سيدى ..ارتحت...
ثم اردفت قائله:
- فارس انا ليا عندك طلب
أومأ براسه قائلا:
- أؤمرينى يا حبيبتى
قالت بدلال:
- انا عاوزه أجى أشتغل معاك فى المكتب
زفر بضيق قائلا:
- مش أحنا أتفقنا قبل كده ان انا بس اللى هشتغل..انتى عارفه يا دنيا شغل المحاماة متعب ازاى وبصراحه كده بحس انه بهدله للبنات
قالت بعناد:
- بس انا عاوزه أشتغل..وبعدين مانا هبقى معاك يا سيدى ايه اللى هيبهدلنى
رفع حاجبيه بدهشه قائلا:
- ياسلام يعنى لما تيجى تشتغلى والاستاذ يديكى شغل تعمليه هتقوليله طب اخد فارس معايا ولا ايه مش فاهم يعنى...انا مش حابب يا دنيا كل يوم تقعدى تتنططى ما بين الاقسام والنيابات والمحاكم والموظف ده يرزل عليكى والموظف ده يبصلك..لاء انا مش موافق
قالت بعناد أكبر:
- بص يا فارس انا كده ولا كده هشتغل انا مخدتش الشهاده علشان افضل قاعده فى البيت...فقولت أشتغل معاك أحسن ما اروح أشتغل فى مكتب تانى وعلى فكره جايلى مكتب كويس اوى لكن انا فضلت أشتغل معاك ...
نظر الى البحر متأملا وقال بهدوء:
- يعنى رأيي مش مهم عندك للدرجه دى
لمست كتفه وقالت بخفوت:
- ياحبيبى ازاى بس تقول كده ...بس انت عارف يا فارس انى لازم أساعد فى تجهيز نفسى وبابا مش هيقدر على الحمل ده كله لوحده ده انا لسه مجبتش قشايه فى جهازى
مط شفتيه متبرما وشعر بالاختناق وهو يقول:
- انا لو عليا مخليكيش تجيبى حتى القشايه دى...لكن مفيش فى ايدى حاجه غير مرتبى وأنتى عارفه
قالت بهدوء:
- عارفه يا حبيبى وبكره الدنيا هاتتغير وحياتنا هاتتغير وهانبقى من طبقة الهاى كلاس وبكره تقول دنيا قالت
وقف الأستاذ حمدى مهران أمام فارس وهو يربت على كتفه قائلا:
- بس كده يا سيدى خلاص أعتبرها أشتغلت خلاص ..خاليها تيجى من بكره لو تحب
قال فارس بأمتنان:
- متشكر اوى يا دكتور
أبتسم الاستاذ حمدى وهو يقول باهتمام :
- علشان تعرف بس انى نظرتى ثاقبه دايما..قولتلك هتنجح وبالتقدير اللى انت عاوزه
قال فارس بسعاده:
- طبعا يا دكتور وربنا ميحرمناش من توجيهاتك ابدا
أعتدل الاستاذ حمدى فى مقعده وهو يقول:
- بس أنا عاوزك تسعى فى الماجيستير من دلوقتى يا فارس ده هيخدمك جامد فى المستقبل..وعندك يا سيدى المكتبه بتاعتى هنا فى المكتب أستعين بيها زى ما انت عايز يعنى مش هتحتاج تشترى كتب من بره
قال فارس فى تفكير:
- ان شاء الله يا دكتور بس انا دماغى مشغول دلوقتى بحكاية النيابه دى عاوز استنى لما اعرف راسى من رجلى فيها
الاستاذ حمدى:
- فكر تانى فى الموضوع ده حكاية النيابه دى لسه قدامها وقت وانت لسه هتاخد دبلومه قبل الماجيستير ..استغل الوقت ده وخد الدبلومه لحد ما نشوف موضوع النيابه
بدا عليه التكفير فى الامر وهو ينظر للأمام قائلا:
- خلاص يا دكتور انا حطيت الموضوع فى دماغى وان شاء الله هابتدى اسأل على الاجراءات وايه المطلوب بالظبط
أومأ الأستاذ حمدى براسه مبتسما وهو يقول:
- خلاص ولو أحتاجت اى حاجه ماتترددش تعلالى على طول
فارس:طيب عن أذن حضرتك
أشار له ان ينصرف بابتسامه فأنصرف فارس الى مكتبه وجلس الى مقعده وأخرج بعض الملفات وبدأ فى العمل ولكن عقلة مازال يدور ويبحث الامر ولا يجرؤ ابدا ان يتطرق الى نقطة معينة وهى أحتمال عدم قبوله فى النيابة ..هو ليس حلمه وحده أنما هو حلم والدته ووالده قبل ان يتوفاه الله بل وجيرانه واصدقائه جميعهم ..ودنيا ..دنيا التى تحلم بأن تصبح زوجة وكيل نيابة وان تصعد من طبقتها الى طبقة أخرى .. دنيا التى لا تتوقف عن أحلامها وطموحها ابدا ولا تقف أمامها اى حدود من أجل تحقيقها
فى اليوم التالى وعند الخامسة مساء كانت دنيا تقف أمام باب مكتب الاستاذ حمد مهران وتخطو فيه أول خطواتها العمليه تمت المقابله مع الاستاذ حمدى بنجاح وبدأت فى الاطلاع على القضايا وملفاتها فى المكتب المجاور لمكتب فارس فى نفس الغرفه
نهض فارس من مكانه وأقترب من مكتبها مبتسما وجلس على المقعد المقابل لها قائلا:
- ها ايه رأيك فى الشغل ..فى حاجه مش فاهماها؟
قالت وهى تنظر بحيره الى الملفات التى أمامها:
- قول فى حاجه فاهماها
كتم ضحكاته وهو يقول:
- معلش بكره هتفهمى كل حاجه
ظلت تنظر الى الاوراق بعينين زائغتين وهى تقول:
- انا ماكنتش فاكره الشغل العملى كده
قال بجديه:
- متقلقيش انتى هتنزلى معايا بكره المحكمه والشهر العقارى وواحده واحده هتتعلمى
مطت شفتاها وهى تقول :
- بس المجهود ده كله على المرتب ده بس
نظر لها باستنكار قائلا:
- ده انتى لسه متخرجه وبصراحه المرتب ده ميحلمش بيه حد لسه متخرج ده الدكتور كرمك علشان خاطرى
قالت بحده:
- اه هو ياخد على قلبه الألوفات واحنا الملاليم
تعجب فارس من طريقة حديثها وهى التى لم تبذل اى جهد حتى الان وقال:
- فى ايه يا دنيا ده انتى لسه بتقولى يا هادى وبعدين بصراحه وبشهاده محاميين كتير الدكتور حمدى بيدى أعلى مرتبات فى مكاتب المحامين كلها...وبعدين خلى بالك احنا مش بناخد مرتب وبس لاء احنا بناخد كمان خبرته الطويله ودى متتقدرش بفلوس
عبثت فى الاوراق وهى تقول بلا مبالاه :
- والله انت طيب يا فارس يلا بقى قولى المفروض بكره هنعمل ايه بالظبط
قال بجديه :
- قبل ما اقولك على الشغل عاوز اقولك انى قررت حاجه مهمه جدا
الفتت اليه باهتما قائله:
- حاجة ايه قول
فارس:انا قررت ابدأ فى الدبلومه ان شاء الله
ظهرت الدهشه على وجهها وقالت:
- دبلومه؟! طب والنيابه
فارس:ياستى النيابه لسه قدامها سنه ويمكن أكتر وانا زى ما انتى عارفه مابحبش أضيع وقت..انا بقى هاستغل الوقت ده وأحضر الدبلومه ولو النيابه جات مش هاتخسر بالعكس دى هاتزيدنى خبره فى شغلى
أومأت برأسها بتفكير قائلة:
- مش مشكله أى حاجه تخلينا نقب بسرعه معنديش فيها مانع
قاطعهم دخول باسم أحد المحامين العاملين فى المكتب وهو ينادى على فارس بصخب ولكنه توقف عندما وقع بصره على دنيا الجالسة خلف مكتبها...فنهض فارس فى سرعه واقفا وهو يقدمها له قائلا:
- الاستاذه دنيا أول يوم معانا النهارده
أبتسم باسم أبتسامة واسعة وهو يتقدم نحوها وقال مرحبا وهو يمد يده ليصافحها:
- اهلا وسهلا نورتى المكتب
صافحتة بابتسامة رقيقة فبدأ فى تقديم نفسه قائلا:
- أنا باسم صفوت محامى هنا وابن خالة الدكتور حمدى
نظر لها فارس نظره حاده لتسحب يدها من يده فارتبكت وهى تسحب يدها بهدوء قائلة:
- أهلا بحضرتك
لاحظ فارس نظراتة المتفحصة لها والتى أشعلت مصافحته لها بداية فتيل الغيره فى قلبه فلم يعد يحتمل نظراته هى الاخرى فقال بعصبيه واضحه:
- خير يا أستاذ باسم حضرتك كنت عاوز حاجه
ألتفت اليه باسم متعجبا من عصبيته المفاجأه ولكن الموقف لم يكن يحتاج الكثير من الذكاء فعلم على الفور ان دنيا تخصه بشكل أو بآخر
فقال بهدوء:
- خلصت الملف اللى أديتهولك امبارح قبل ما تمشى
كان يحاول السيطره على أعصابة ولكنه لم ينجح فكانت كل خلجة من خلجات وجهه تنطق بالغيره فاستدار ليتناول الملف من فوق سطح مكتبه وناوله اياه قائلا:
- أيوا خلصته أتفضل
قلب باسم صفحاته سريعا واشار اليه ليتبعه قائلا:
- طب تعالى معايا مكتبى عاوز أناقشك فى شوية نقط فيه
ألقى عليها فارس نظرة حاده قبل ان يترك الحجره وتبع باسم الى حجرة مكتبه
فركت يدها فى توتر فهى تعلم ماذا ينتظرها من شلال جارف من الغيره الساخطة يجرفها بحدة لتصبح وحيده لا يراها غيره ولا يلمسها غيره فهكذا هو دائما
فى هذه الاثناء دخل محامى آخر كانت قد ألتقت به من قبل قبل دخولها لمقابلة الاستاذ حمدى فأبتسم لها قائلا:
- ها أخبار المقابله ايه..انا شايف اهو ماشاء الله بدأتى شغلك
قالت بارتباك :
- اه الحمد لله متشكره اوى يا استاذ حسن
جلس الى أحد المكاتب واشار الى المكتب الرابع والخاوى بجواره :
- ده بقى مكتب الاستاذه نورا..هى مجاتش النهارده بس لما هاتتعاملى معاها هتحبيها أوى
قالت بأهتمام:
- هى شغاله معاكوا من زمان
أومأ براسه قائلا:
- اه بس مش من زمان أوى أصلها بتشتغل من وهى لسه بتدرس زى فارس كده
رسمت ابتسامه مصطنعه وقالت بهدوء:
- تمام... ان شاء الله أستفاد من خبرتها
تصنعت الامبالاه وهى تنظر للملفات امامها قائله:
- واضح ان الاستاذ باسم قديم هنا فى المكتب
قال بسرعه:
- طبعا قديم ده بقالوا عشر سنين هنا ده غير أنه ابن خالة الدكتور حمدى وهو اللى ماسك أدارة المكتب تقريباً
تابعت حديثها بتسائل:
- طب وده ايه خلاه كل ده ميفتحش مكتب خاص بيه
أعجب حسن بفضولها الذى يشبع رغبته فى الحديث فى شئون زملاءه ..نظر حسن بأتجاه حجرة باسم المغلقه وقال بصوت خفيض:
- ده ذكاء منه...لو فتح مكتب هيضطر يجيب محامين وموظفين ويديهم مرتبات ده غير النور والايجار وخلافه لكن كده بيشتغل فى القضايا الخاصه بتاعته واللى بياخد أتعابها كامله لافى ضرايب ولا يحزنون
دنيا:طب والاستاذ حمدى ميعرفش كده
حسن:عارف طبعا بس ميفرقش معاه كتير وبعدين زى ما قلتلك الاستاذ باسم هو اللى بيدير المكتب ...اصلا الدكتور حمدى مش فاضى ومبيجيش كتير
خرج فارس من مكتب باسم فوجدها تتحدث مع حسن أتجه الى مكتبه وجلس خلفه وهو ينظر اليها بتوعد مما جعلها تخفى وجهها بين أوراقها حتى لا تنظر اليه
لم يستطع حسن كتم فضوله أبدا فقال بسرعه:
- هى الأستاذه دنيا تقربلك يا استاذ فارس
نظر له فارس بحده وقال:
- خطيبتى...ليه ؟
أرتبك حسن بسبب عصبية فارس الواضحه وقال:
- لا ابدا مفيش بسأل بس..ألف مبروك
وبعد أنتهاء مواعيد العمل فى المكتب أنصرفت دنيا بصحبة فارس الذى ظل صامتاً وهو يمشى بجوارها وهى تحاول اللحاق بخطواته الكبيرة فقالت وهى تحاول جاهدة ألتقاط أنفاسها :
- يا فارس براحه شويه أنا بجرى علشان الحقك
أبطأ من سرعته قليلا وظل محتفظا بصمته فقالت :
- أنا عارفه أنك زعلان مني بس أنت مش ملاحظ أنك مكبر الموضوع شويه يا فارس
توقف فجأة والتفت اليها وضغط على أسنانه بغضب وهو يقول:
- يعنى انتى مش شايف انك عملتى حاجه غلط؟
ارتبكت وقالت بتلعثم :
- يعنى كنت أقوله ايه هو اللى سلم وفضل ماسك ايدى
حاول كتم غضبه بقوة وهو يقول:
- يلا علشان أوصلك انا مش عاوز اتنرفز فى الشارع وصوتى يعلى ...ثم نظر لها بحده قائلا:
- خلى بالك انتى مبتراعيش مشاعرى ولا وجودى خالص وانا مش هستحمل كده كتير
حاولت ان تدافع عن نفسها مرة أخرى ولكنه لم يعطيها الفرصه وأوقف سيارة أجرة لتستقلها لمنزلها
فى اليوم التالى صباحا كان ينتظرها عند باب المحكمة رافقته فى رحلته اليوميه من المحكمه للشهر العقارى فى صمت لم تحاول التحدث الا بالقيل وهو لم يتحدث فى العمل فقط ..وهو يشرح لها وهى تحاول حفظ لاجراءات وأماكن المكاتب وأدوارها حتى يسهل عليها التوجه لها مباشرة عندما تقوم بالعمل بمفردها ...علمت قدر التعب والجهد المبذول فى عملهم فى مهنة المحاماة وخصوصا فى بداية الطريق ...فالنهار ينقضى هكذا تحت وطأة درجة الحراره الشديدة فى الصيف بين التنقل بين المحاكم واقسام الشرطة والشهر العقارى وغيرهم وفى الليل خلف مكاتبهم يبحثون الاوراق ويدققون بها بالاضافة الى كتابة المرافعات والمذكرات وغيرها..علمت ان العمل ليس بسهل او يسير على الاطلاق فهى ليست موظفه عاديه كما كانت تظن ...علمت الان لماذا كان يقول لها دائما هذا العمل غير مناسب للنساء ..عندما كان يقول لها ذلك كانت تشعر بالأستياء وبأنه يهمش دورها ويقلل من شأنها ولكن بعد ان رأت بعينيها علمت انه كان محقاً ...فهل تعود الى بيتها وتقبع به الى ان يتم تحديد مصيرها مع فارس؟!
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفــصــل الثـانــى )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفــصــل الثـانــى ) |
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفــصــل الثـانــى )
فى الصباح أستيقظ فارس على صوت والدتة وهى توقظة وتهتف به:- قوم يا فارس تليفون علشانك
نظر اليها بصعوبة وهو يحاول فتح عينيه قائلا:
- مين يا ماما
والدته بتأفف:
- السفيره عزيزة بتاعتك
ابتسم وهو ينهض من فراشة وأتجه مباشرة الى الهاتف:
- ألو
:صباح الخير يا حبيبى
:لسه فاكره
:هو انا لحقت ده انا لسه سيباك امبارح
:سايبانى طول اليوم وانتى عارفه انى مضايق منك وجايه تتصلى تانى يوم
:خلاص بقى يا حبيبى متبقاش حمقى كده...يالا بقى البس وانزل عاوزه أشوفك
:أبتسم ولكنه صبغ صوته بنبرة جدية قائلا:
-لا مش قادر انزل
:كده برضه يعنى موحشتكش
:أنتى فين دلوقتى
:انا فى البيت
:طيب خلاص نتقابل فى المكان بتاعنا بعد ساعه
:زفرت بقوة وهى تقول:
- يا حبيبى مش هنغير بقى المكان ده تلاقى مامتك أدتلك حلاوة النجاح
قال بحدة:
- جرى ايه يا دنيا هو انا عيل ولا ايه ايه حلاوة النجاح دى
:طب خلاص متتعصبش كده..خلاص اوكى ساعه وهكون هناك..يلا مع السلامه
:سلام
أغلق فارس الهاتف وأتجه الى الحمام توضأ وصلى الظهر ...بدل ملابسه وأتجه الى المطبخ وجد والدته تعد طعام الغذاء عندما رأته قالت بعبوس:
- يعنى مقولتش أنك خارج النهارده..اومال انا بعمل الغدا ده لمين ان شاء الله
قبلها على وجنتها وهو ينظر للأوانى ويلتقط منها بعض الطعام ليأكله فى سرعه وهو يقول:
- معلش يا ماما مش هتأخر ساعه ولا اتنين بالكتير وهتلاقينى هنا ..بس أتغدى انتى متقعديش جعانه لحد ما أرجع
ضربته على ظهر يده وهو يعبث بالطعام وتقول:
- قولتلك مية مره متحطش ايدك فى الاكل كده أستنى أحطلك فى طبق
تناول كوب مياه ليشربه ثم قال:
- لالا لما اجى بقى ..مش عاوزه حاجه اجيبهالك معايا
والدته :لا مش عاوزه حاجه بس خلى بالك من نفسك
طبع قبلة اخيرة على راسها وقال مودعا:
- طيب سلام بقى يا ست الكل
هبط الدرج قفزا كما يفعل دائما وخرج من باب البيت وما ان خطى خطوتين حتى سمع صوت طفولى من الاعلى يصيح به
- فااااااارس يا فاااااارس
نظر للأعلى مبتسما وقال بهتاف وهو يلوح :
- عارف عارف مش هنسى العسليه
ضحكت مُهره بينما نهرتها والدتها التى كانت تقف بجوارها فى الشرفه:
- يابنت عيب كده هو خلفك ونسيكى
أخذت مُهره دميتها ولم تجيبها ودخلت لتكمل لعبتها ببراءة تارة وتضايق أخيها يحيى تارة أخرى
خرج عامر من ورشته عندما سمع صوت فارس وأتجه إليه فى خطوات واسعة مهنئا:
- مبروك يا أستاذ فارس معلش ملحقتش اكلمك امبارح كان عندى زباين وأتحرجت اطلعلك فوق
أبتسم فارس متفهما وقال:
- الله يبارك فيك يا عم عامر ويارب عقبال مريان ومينا ما يتخرجوا وتفرح بيهم
عامر مبتسما:
- طيب مش هاعطلك بقى يا سعادة المستشار
ضحك فارس بعذوبة قائلا:
- يسمع من بؤك ربنا يا عم عامر ..ثم قال معتذرا:
- عن اذنك انا بقى علشان مستعجل
عامر :أتفضل يابنى مع السلامه
وقبل أن يتحرك سمع جلبة من خلفه وهتاف يعرفه جيدا:
- يا أستاذ فارس أستنى
ألتفت وهو يرفع حاجبيه بمرح للحاج عبد الله الذى اقبل عليه بجلبه كبيره قائلا:
- مبروك يا أستاذ فارس يابنى والله والله انا فرحان زى ما يكون ابنى هو اللى أتخرج وبقى باشا قد الدنيا
ضحك فارس مداعبا:
- لسه مابقتش باشا يا حاج عبد الله أدعيلى انت بس
وضع الحاج عبد الله يده على كتفه وتكلم بهتاف كعادته :
- داعيلك يابنى والله ربنا يكتبلك الخير ماطرح ما تروح يابنى
ربت فارس على يده بأمتنان قائلا:
- ربنا يتقبل منك يا حاج عبد الله..ثم تنحنح قائلا:
- طيب تؤمرنى بحاجه ..اصلى عندى مشوار كده
أفسح له الحاج عبد الله الطريق قائلا:
- لا يا بنى أتفضل متعطلش نفسك ربنا يجعلك فى كل خطوة سلامه
أكمل فارس طريقه بصعوبة فكلما خطى خطوة أوقفه أحد جيرانه مهنئا وداعيا له بالتوفيق ...نعم هذه هى القلوب المحبة التى تمتاز بها أحيائنا المصرية البسيطة
وقفت دنيا تنتظر ظهور فارس وهى تنظر لساعتها اليدوية فى قلق حتى ظهر اخيرا قادما من بعيد بأبتسامتة المشرقة الجذابه ..وعندما رأها اسرع الخطى نحوها ووقف معتذرا :
- اسف والله يا حبيبتى بس أعمل ايه الناس عندنا ماكنتش عاوزه تسيبنى كل شويه حد يوقفنى يباركلى ويدعيلى
عقدت ذراعيها بغضب قائله:
- يعنى الناس دول اهم مني
قطب جبينه بمرح قائلا:
- انتى عارفه ان مفيش حد اهم منك عندى ..صح ولا لاء
وأمسك يدها وأجلسها على مقعدهم المفضل أمام النيل مباشرة قائلا:
- يعنى مردتيش
ألتفتت اليه قائلة:
- عارفه يا سيدى ..ارتحت...
ثم اردفت قائله:
- فارس انا ليا عندك طلب
أومأ براسه قائلا:
- أؤمرينى يا حبيبتى
قالت بدلال:
- انا عاوزه أجى أشتغل معاك فى المكتب
زفر بضيق قائلا:
- مش أحنا أتفقنا قبل كده ان انا بس اللى هشتغل..انتى عارفه يا دنيا شغل المحاماة متعب ازاى وبصراحه كده بحس انه بهدله للبنات
قالت بعناد:
- بس انا عاوزه أشتغل..وبعدين مانا هبقى معاك يا سيدى ايه اللى هيبهدلنى
رفع حاجبيه بدهشه قائلا:
- ياسلام يعنى لما تيجى تشتغلى والاستاذ يديكى شغل تعمليه هتقوليله طب اخد فارس معايا ولا ايه مش فاهم يعنى...انا مش حابب يا دنيا كل يوم تقعدى تتنططى ما بين الاقسام والنيابات والمحاكم والموظف ده يرزل عليكى والموظف ده يبصلك..لاء انا مش موافق
قالت بعناد أكبر:
- بص يا فارس انا كده ولا كده هشتغل انا مخدتش الشهاده علشان افضل قاعده فى البيت...فقولت أشتغل معاك أحسن ما اروح أشتغل فى مكتب تانى وعلى فكره جايلى مكتب كويس اوى لكن انا فضلت أشتغل معاك ...
نظر الى البحر متأملا وقال بهدوء:
- يعنى رأيي مش مهم عندك للدرجه دى
لمست كتفه وقالت بخفوت:
- ياحبيبى ازاى بس تقول كده ...بس انت عارف يا فارس انى لازم أساعد فى تجهيز نفسى وبابا مش هيقدر على الحمل ده كله لوحده ده انا لسه مجبتش قشايه فى جهازى
مط شفتيه متبرما وشعر بالاختناق وهو يقول:
- انا لو عليا مخليكيش تجيبى حتى القشايه دى...لكن مفيش فى ايدى حاجه غير مرتبى وأنتى عارفه
قالت بهدوء:
- عارفه يا حبيبى وبكره الدنيا هاتتغير وحياتنا هاتتغير وهانبقى من طبقة الهاى كلاس وبكره تقول دنيا قالت
وقف الأستاذ حمدى مهران أمام فارس وهو يربت على كتفه قائلا:
- بس كده يا سيدى خلاص أعتبرها أشتغلت خلاص ..خاليها تيجى من بكره لو تحب
قال فارس بأمتنان:
- متشكر اوى يا دكتور
أبتسم الاستاذ حمدى وهو يقول باهتمام :
- علشان تعرف بس انى نظرتى ثاقبه دايما..قولتلك هتنجح وبالتقدير اللى انت عاوزه
قال فارس بسعاده:
- طبعا يا دكتور وربنا ميحرمناش من توجيهاتك ابدا
أعتدل الاستاذ حمدى فى مقعده وهو يقول:
- بس أنا عاوزك تسعى فى الماجيستير من دلوقتى يا فارس ده هيخدمك جامد فى المستقبل..وعندك يا سيدى المكتبه بتاعتى هنا فى المكتب أستعين بيها زى ما انت عايز يعنى مش هتحتاج تشترى كتب من بره
قال فارس فى تفكير:
- ان شاء الله يا دكتور بس انا دماغى مشغول دلوقتى بحكاية النيابه دى عاوز استنى لما اعرف راسى من رجلى فيها
الاستاذ حمدى:
- فكر تانى فى الموضوع ده حكاية النيابه دى لسه قدامها وقت وانت لسه هتاخد دبلومه قبل الماجيستير ..استغل الوقت ده وخد الدبلومه لحد ما نشوف موضوع النيابه
بدا عليه التكفير فى الامر وهو ينظر للأمام قائلا:
- خلاص يا دكتور انا حطيت الموضوع فى دماغى وان شاء الله هابتدى اسأل على الاجراءات وايه المطلوب بالظبط
أومأ الأستاذ حمدى براسه مبتسما وهو يقول:
- خلاص ولو أحتاجت اى حاجه ماتترددش تعلالى على طول
فارس:طيب عن أذن حضرتك
أشار له ان ينصرف بابتسامه فأنصرف فارس الى مكتبه وجلس الى مقعده وأخرج بعض الملفات وبدأ فى العمل ولكن عقلة مازال يدور ويبحث الامر ولا يجرؤ ابدا ان يتطرق الى نقطة معينة وهى أحتمال عدم قبوله فى النيابة ..هو ليس حلمه وحده أنما هو حلم والدته ووالده قبل ان يتوفاه الله بل وجيرانه واصدقائه جميعهم ..ودنيا ..دنيا التى تحلم بأن تصبح زوجة وكيل نيابة وان تصعد من طبقتها الى طبقة أخرى .. دنيا التى لا تتوقف عن أحلامها وطموحها ابدا ولا تقف أمامها اى حدود من أجل تحقيقها
فى اليوم التالى وعند الخامسة مساء كانت دنيا تقف أمام باب مكتب الاستاذ حمد مهران وتخطو فيه أول خطواتها العمليه تمت المقابله مع الاستاذ حمدى بنجاح وبدأت فى الاطلاع على القضايا وملفاتها فى المكتب المجاور لمكتب فارس فى نفس الغرفه
نهض فارس من مكانه وأقترب من مكتبها مبتسما وجلس على المقعد المقابل لها قائلا:
- ها ايه رأيك فى الشغل ..فى حاجه مش فاهماها؟
قالت وهى تنظر بحيره الى الملفات التى أمامها:
- قول فى حاجه فاهماها
كتم ضحكاته وهو يقول:
- معلش بكره هتفهمى كل حاجه
ظلت تنظر الى الاوراق بعينين زائغتين وهى تقول:
- انا ماكنتش فاكره الشغل العملى كده
قال بجديه:
- متقلقيش انتى هتنزلى معايا بكره المحكمه والشهر العقارى وواحده واحده هتتعلمى
مطت شفتاها وهى تقول :
- بس المجهود ده كله على المرتب ده بس
نظر لها باستنكار قائلا:
- ده انتى لسه متخرجه وبصراحه المرتب ده ميحلمش بيه حد لسه متخرج ده الدكتور كرمك علشان خاطرى
قالت بحده:
- اه هو ياخد على قلبه الألوفات واحنا الملاليم
تعجب فارس من طريقة حديثها وهى التى لم تبذل اى جهد حتى الان وقال:
- فى ايه يا دنيا ده انتى لسه بتقولى يا هادى وبعدين بصراحه وبشهاده محاميين كتير الدكتور حمدى بيدى أعلى مرتبات فى مكاتب المحامين كلها...وبعدين خلى بالك احنا مش بناخد مرتب وبس لاء احنا بناخد كمان خبرته الطويله ودى متتقدرش بفلوس
عبثت فى الاوراق وهى تقول بلا مبالاه :
- والله انت طيب يا فارس يلا بقى قولى المفروض بكره هنعمل ايه بالظبط
قال بجديه :
- قبل ما اقولك على الشغل عاوز اقولك انى قررت حاجه مهمه جدا
الفتت اليه باهتما قائله:
- حاجة ايه قول
فارس:انا قررت ابدأ فى الدبلومه ان شاء الله
ظهرت الدهشه على وجهها وقالت:
- دبلومه؟! طب والنيابه
فارس:ياستى النيابه لسه قدامها سنه ويمكن أكتر وانا زى ما انتى عارفه مابحبش أضيع وقت..انا بقى هاستغل الوقت ده وأحضر الدبلومه ولو النيابه جات مش هاتخسر بالعكس دى هاتزيدنى خبره فى شغلى
أومأت برأسها بتفكير قائلة:
- مش مشكله أى حاجه تخلينا نقب بسرعه معنديش فيها مانع
قاطعهم دخول باسم أحد المحامين العاملين فى المكتب وهو ينادى على فارس بصخب ولكنه توقف عندما وقع بصره على دنيا الجالسة خلف مكتبها...فنهض فارس فى سرعه واقفا وهو يقدمها له قائلا:
- الاستاذه دنيا أول يوم معانا النهارده
أبتسم باسم أبتسامة واسعة وهو يتقدم نحوها وقال مرحبا وهو يمد يده ليصافحها:
- اهلا وسهلا نورتى المكتب
صافحتة بابتسامة رقيقة فبدأ فى تقديم نفسه قائلا:
- أنا باسم صفوت محامى هنا وابن خالة الدكتور حمدى
نظر لها فارس نظره حاده لتسحب يدها من يده فارتبكت وهى تسحب يدها بهدوء قائلة:
- أهلا بحضرتك
لاحظ فارس نظراتة المتفحصة لها والتى أشعلت مصافحته لها بداية فتيل الغيره فى قلبه فلم يعد يحتمل نظراته هى الاخرى فقال بعصبيه واضحه:
- خير يا أستاذ باسم حضرتك كنت عاوز حاجه
ألتفت اليه باسم متعجبا من عصبيته المفاجأه ولكن الموقف لم يكن يحتاج الكثير من الذكاء فعلم على الفور ان دنيا تخصه بشكل أو بآخر
فقال بهدوء:
- خلصت الملف اللى أديتهولك امبارح قبل ما تمشى
كان يحاول السيطره على أعصابة ولكنه لم ينجح فكانت كل خلجة من خلجات وجهه تنطق بالغيره فاستدار ليتناول الملف من فوق سطح مكتبه وناوله اياه قائلا:
- أيوا خلصته أتفضل
قلب باسم صفحاته سريعا واشار اليه ليتبعه قائلا:
- طب تعالى معايا مكتبى عاوز أناقشك فى شوية نقط فيه
ألقى عليها فارس نظرة حاده قبل ان يترك الحجره وتبع باسم الى حجرة مكتبه
فركت يدها فى توتر فهى تعلم ماذا ينتظرها من شلال جارف من الغيره الساخطة يجرفها بحدة لتصبح وحيده لا يراها غيره ولا يلمسها غيره فهكذا هو دائما
فى هذه الاثناء دخل محامى آخر كانت قد ألتقت به من قبل قبل دخولها لمقابلة الاستاذ حمدى فأبتسم لها قائلا:
- ها أخبار المقابله ايه..انا شايف اهو ماشاء الله بدأتى شغلك
قالت بارتباك :
- اه الحمد لله متشكره اوى يا استاذ حسن
جلس الى أحد المكاتب واشار الى المكتب الرابع والخاوى بجواره :
- ده بقى مكتب الاستاذه نورا..هى مجاتش النهارده بس لما هاتتعاملى معاها هتحبيها أوى
قالت بأهتمام:
- هى شغاله معاكوا من زمان
أومأ براسه قائلا:
- اه بس مش من زمان أوى أصلها بتشتغل من وهى لسه بتدرس زى فارس كده
رسمت ابتسامه مصطنعه وقالت بهدوء:
- تمام... ان شاء الله أستفاد من خبرتها
تصنعت الامبالاه وهى تنظر للملفات امامها قائله:
- واضح ان الاستاذ باسم قديم هنا فى المكتب
قال بسرعه:
- طبعا قديم ده بقالوا عشر سنين هنا ده غير أنه ابن خالة الدكتور حمدى وهو اللى ماسك أدارة المكتب تقريباً
تابعت حديثها بتسائل:
- طب وده ايه خلاه كل ده ميفتحش مكتب خاص بيه
أعجب حسن بفضولها الذى يشبع رغبته فى الحديث فى شئون زملاءه ..نظر حسن بأتجاه حجرة باسم المغلقه وقال بصوت خفيض:
- ده ذكاء منه...لو فتح مكتب هيضطر يجيب محامين وموظفين ويديهم مرتبات ده غير النور والايجار وخلافه لكن كده بيشتغل فى القضايا الخاصه بتاعته واللى بياخد أتعابها كامله لافى ضرايب ولا يحزنون
دنيا:طب والاستاذ حمدى ميعرفش كده
حسن:عارف طبعا بس ميفرقش معاه كتير وبعدين زى ما قلتلك الاستاذ باسم هو اللى بيدير المكتب ...اصلا الدكتور حمدى مش فاضى ومبيجيش كتير
خرج فارس من مكتب باسم فوجدها تتحدث مع حسن أتجه الى مكتبه وجلس خلفه وهو ينظر اليها بتوعد مما جعلها تخفى وجهها بين أوراقها حتى لا تنظر اليه
لم يستطع حسن كتم فضوله أبدا فقال بسرعه:
- هى الأستاذه دنيا تقربلك يا استاذ فارس
نظر له فارس بحده وقال:
- خطيبتى...ليه ؟
أرتبك حسن بسبب عصبية فارس الواضحه وقال:
- لا ابدا مفيش بسأل بس..ألف مبروك
وبعد أنتهاء مواعيد العمل فى المكتب أنصرفت دنيا بصحبة فارس الذى ظل صامتاً وهو يمشى بجوارها وهى تحاول اللحاق بخطواته الكبيرة فقالت وهى تحاول جاهدة ألتقاط أنفاسها :
- يا فارس براحه شويه أنا بجرى علشان الحقك
أبطأ من سرعته قليلا وظل محتفظا بصمته فقالت :
- أنا عارفه أنك زعلان مني بس أنت مش ملاحظ أنك مكبر الموضوع شويه يا فارس
توقف فجأة والتفت اليها وضغط على أسنانه بغضب وهو يقول:
- يعنى انتى مش شايف انك عملتى حاجه غلط؟
ارتبكت وقالت بتلعثم :
- يعنى كنت أقوله ايه هو اللى سلم وفضل ماسك ايدى
حاول كتم غضبه بقوة وهو يقول:
- يلا علشان أوصلك انا مش عاوز اتنرفز فى الشارع وصوتى يعلى ...ثم نظر لها بحده قائلا:
- خلى بالك انتى مبتراعيش مشاعرى ولا وجودى خالص وانا مش هستحمل كده كتير
حاولت ان تدافع عن نفسها مرة أخرى ولكنه لم يعطيها الفرصه وأوقف سيارة أجرة لتستقلها لمنزلها
فى اليوم التالى صباحا كان ينتظرها عند باب المحكمة رافقته فى رحلته اليوميه من المحكمه للشهر العقارى فى صمت لم تحاول التحدث الا بالقيل وهو لم يتحدث فى العمل فقط ..وهو يشرح لها وهى تحاول حفظ لاجراءات وأماكن المكاتب وأدوارها حتى يسهل عليها التوجه لها مباشرة عندما تقوم بالعمل بمفردها ...علمت قدر التعب والجهد المبذول فى عملهم فى مهنة المحاماة وخصوصا فى بداية الطريق ...فالنهار ينقضى هكذا تحت وطأة درجة الحراره الشديدة فى الصيف بين التنقل بين المحاكم واقسام الشرطة والشهر العقارى وغيرهم وفى الليل خلف مكاتبهم يبحثون الاوراق ويدققون بها بالاضافة الى كتابة المرافعات والمذكرات وغيرها..علمت ان العمل ليس بسهل او يسير على الاطلاق فهى ليست موظفه عاديه كما كانت تظن ...علمت الان لماذا كان يقول لها دائما هذا العمل غير مناسب للنساء ..عندما كان يقول لها ذلك كانت تشعر بالأستياء وبأنه يهمش دورها ويقلل من شأنها ولكن بعد ان رأت بعينيها علمت انه كان محقاً ...فهل تعود الى بيتها وتقبع به الى ان يتم تحديد مصيرها مع فارس؟!
*********************
إلي هنا ينتهي الفــصــل الثـانــى من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن،
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابع الفصل الثالث من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا