أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصــل العاشــر من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.
- أهلا وسهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك أزاى ؟؟
أنتبه على صوت السكرتيرة ونظر إليها متفاجأَ وقال:
- هه..اه..أنا المهندس عمرو مصطفى عندى معاد النهارده مع صاحبة الشركة
أبتسمت السكرتيرة وهى ترفع سماعة الهاتف وتضغط أحد الازرار قائله :
- البشمهندس عمرو مصطفى وصل يا فندم
وضعت السماعه ونهضت واقفة وسارت أمامه وهى تشير للداخل قائله بروتينيه:
- أتفضل يا بشمهندس ...
فتحت الباب وأشارت له بالدخول وأغلقت الباب خلفه خطى عمرو داخل المكتب وهو ينظر الى تلك المرأه القابعه خلف مكتبها تنظر له بابتسامه وعينين متفحصتين...مدت يدها وصافحته قائله:
- أهلا وسهلا يا بشمهندس ..أتفضل أرتاح
ثم قامت بالتعريف بشخصها قائلة:
- أنا البشمهندسه إلهام مديرة الشركة
أبتسم عمرو وهو ينظر إليها جالساَ..كانت أمرأة فى العقد الرابع من عمرها شارف الزمان على طوى نضارة شبابها ولكن من الواضح أنها تعانده بشده وتصر على محاربة الايام بالازياء الحديثة التى لا تليق بعمرها والزينة المُتكلفة التى هى سلاحها الدائم فى هذه المعركة و من الواضح أنها قاتلت فيها باستماته فلم تخسر منها الكثير...
كانت نظرته إليها استكشافيه لم تخلو من الفضول ولكن نظراتها هى قد تبدو مختلفة ومتباينة أكثر وذات معنى لم يفهمه عمرو للتو...
وأخيراً تكلمت وهى تتصفح ملفه الخاص الذى بين يديها قائلة:
- ملفك عاجبنى أوى يا بشمهندس ..ماشاء الله تقديراتك حلوه أوى وخصوصا فى العملى..مش ناقصه غير الخبره بس ..ودى سهله اوى ..هنا هتتعلم كل حاجه وخبرتك هتبقى أكبر مما تتوقع
قال عمرو بتلقائية:
- أن شاء الله يا فندم ..أنا اصلا بتعلم بسرعه والشغل معاكوا هنا مكسب لاى حد لسه متخرج زيى
أبتسمت فى رضا وضغطت أزرار هاتفها قائله وهى عيناها لا تفارق عمرو :
- أبعتيلى البشمهندس صلاح بسرعه
أغلقت الهاتف وهى مازالت تتفحصه بابتسامتها العذبه ..شعر عمرو بالحرج فقال:
- طيب أنا ممكن استنى بره مش عاوز أعطل حضِرتك اكتر من كده
أنتبهت لعلامات الحرج التى ظهرت على ملامحه فعادوت النظر الى ملفه مرة أخرى وهى تغلقه قائلة
- البشمهندس صلاح هيجى دلوقتى علشان يوريك مكتبك ويعرفك على زمايلك فيه...طرق الباب ودخل المهندس صلاح ...رجل فى أواخر العقد الخامس من عمره يظهر عليه الوقار والنشاط فى نفس الوقت ..دخل وهو يرمق عمرو بنظرات خاليه من أى تعبير وقال موجهاً حديث لألهام:
- خير يا بشمهندسه
قالت بترفع وهى تشير الى عمرو:
- البشمهندس عمرو مهندس مدنى هيبدأ معانا من النهارده وهيبقى تحت مسؤليتك يا بشمهندس
أومأ براسه لها ثم نظر الى عمر بأبتسامه ودوده قائلاً:
-أهلا بيك يا بشمهندس أتفضل معايا
نهض عمرو شاكراً أياها وتوجه فى سرعه للخارج وكأنه يهرب من وحش نظراتها الملتهمه
دخل حجرة مكتبه بصحبة المهندس صلاح الذى قال :
- إن شاء الله الشغل معانا هيفيدك كويس اوى فى بدايتك يا بشمهندس ..رفع الزملاء نظرهم إلى القادم الجديد فأشار المهندس صلاح إليه قائلاً:
- البشمهندس عمرو هيبقى معاكوا فى المكتب من النهارده
ثم قام بتعريفهم لديه قائلا:
- البشمهندس أحمد،البشمهندس نادر
صافح عمرو زملاءه فى ترحاب شديد شعر به مع أحمد ولكنه شعر بعكسه تجاه نادر الذى صافحه ببرود وهو يبسم له بتهكم ..لم يوله عمرو أهتمام وجلسه خلف مكتبه وهو ينظر له وللكمبيوتر الخاص به بنشوة وسعادة ..كانت هذه هى المرة الاولى التى يشاهد فيها الكمبيوتر خارج أسوار الجامعه فهو لم يكن قد أنتشر فى هذا الوقت ليصل للجميع بعد......
هتفت أم يحيى بصوت اشبه للبكاء قائلة بلوعة:
- أنا خايفه على البنت يا ست أم فارس ..أنا حاسه كده أن مخها متأخر عن سنها ..مش زى زمايلها فى المدرسه ابدا
نظرت لها أم فارس بدهشة كبيرة وقالت :
- ما تصلى على النبى كده يا أم يحيى أيه الكلام اللى بتقوليه ده..مُهره ذكيه وكنت بشوفها وفارس بيذاكرلها بتجاوب لهلوبه
تكلمت أم يحيى بحنق شديد وقالت بأنفعال:
- أومال ليه كل ما اقعد أقولها سمعى ولا أخلى أخوها يسألها سؤال مبترضاش تجاوب ..وغير كده البت زى ما تكون عبيطه كده وشعنونه مش عارفلها حاجه
وضعت أم فارس يدها على صدرها وقطبت جبينها قائله:
- عبيطه!!! بقى مهره عبيطه..لاء ده انتى شكلك متعرفيش بنتك كويس بقى....قاطعها ان سمعت صوت قرع جرس باب الشقه فنهضت وفتحت الباب وقالت بترحاب شديد:
- أهلا يا عزة يابنتى تعالى
وقفت أم يحيى لمصافحة عزة ثم قالت بحرج :
- طب استأذن أنا بقى يا ست أم فارس
جلست أم فارس بجوار عزة وقالت بحنو:
- ها يا حبيبتى تشربى معايا قهوة ولا اجيبلك حاجه تانيه
تمسكت عزة بذراعها قبل أن تنهض وقالت بسرعه:
- لا يا طنط أنا مش غريبه وبعدين انا ماشيه على طول ..ثم تنحنحت بحرج قائله:
- أنا بس كنت عاوزه أخد رايك فى حاجه كده
- خير يا عزة شكلك كده فى حاجه مهمه
شعرت عزة بأضطراب شديد أبتلعت ريقها بصعوبه وقالت:
- بصراحه يا طنط أنا جايه أخد رايك فى عمرو..أصلك ياعنى أتعاملتى معاه عن قرب اكتر مننا بحكم انه صاحب فارس من زمان يعنى
أبتسمت أم فارس وهى تنظر لعزة المطرقة براسها لاسفل..فهى تعلم أنها ما ارادت رايها وأنما أرادت راى فارس ..مازالت متعلقة بلأمل مازالت ترغبه ...تود أن يقول لها لا تتزوجيه أرفضيه فسأصبح لكى فى يوم من الايام ..
أفاقت أم فارس من شرودها على صوت المفتاح يدور فى باب الشقه ورأت فارس يدخل ويغلق الباب خلفه مبتسماً لهما وهو يقول:
- السلام عليكم ..أزيك يا عزة
أبتسمت عزة وهى تنهضت واقفةً فى حرج وقالت:
- وعليكم السلام أزيك أنت يا فارس أخبارك أيه
تعجبت عزة أنه لا ينظر إليها وهو يحادثها ولكن قلبها خفق بشدة واصفر وجهها حينما سمعته يقول:
- ولا بلاش يا ستى أناديكى بأسمك كده لعمرو يزعل ولا حاجه ..أنا بعد كده هقولك يا مدام عمرو بقى وأخلص ..
أخذت حقيبة يدها بضيق وهى تعلقها على كتفها وتقول بتبرم:
- أنا لسه مبقتش مراته علشان تقولى مدام عمرو ..ثم أنحنت وقبلت أم فارس بسرعه وقالت لها وهى على عجلة من أمرها:
- معلش يا طنط اصلى أفتكرت حاجه مهمه عن اذنك
وخرجت سريعا وكأنها تهرول من بيته ..لا بل تهرول من صدى صوته التى مازال يتردد على مسامعها بكلماته التى أغضبتها وجعلتها تحسم أمرها سريعاً ..فلم تعد فى حاجه الى أن تستمع لرأيه فى شأن خطبتها من عمرو ..لقد أجابها دون سؤال
نظر فارس إلي والدته وهو يقترب منها متسائلا وقال:
- فى أيه يا ماما مالها عزة ؟!!
قالت والدته وهى تربت على كتفه :
- مفيش حاجه يابنى أدخل أنت غير هدومك على ما أحضرلك الغدا
دخل فارس غرفته ليبدل ملابسه ويلتقط انفاسه قليلا من عناء العمل بينما دخلت والدته المطبخ لتعد طعام وهى واجمة وتحدث نفسها قائلة فى شرود:
- وبعدهالك يا عزة هتفضلى متعلقه بحبال الهوا الدايبه لحد أمتى يابنتى ..والله لو كان عليا ماكنتش أسيبك ابداً لكن النصيب بقى
***************************
فى اليوم التالى وفى المساء صدح رنين الهاتف فى منزل عمرو ..قامت والدته للرد على الهاتف ..تحدثت فى سعاده كبيرة وبعد أن أنهت المكالمه أتجهت الى حيث يجلس عمرو ووالده وأخيه محمود وقالت بابتهاج تبشرهم:
- مبروك يا عمرو يا حبيبى عزة أستخارت ربنا ووافقت وعاوزنا نروح علشان نتفق على معاد الخطوبه والذى منه
أتسعت عيني عمرو فرحاً وهو ينظر لوالدته قائلاً:
- بجد يا ماما عزة وافقت عليا
قالت والدته بزهو:
- هما كانوا هيلاقوا أحسن منك فين يا بشمهندس
ربت والده على كتفه قائلاً:
- مبروك يابنى
ألتفت عمرو أليه وعانقه بشده وهو يقول:
- يا حبيبى يا بابا
تأوه والده من عناقه المؤلم ودفعه عنه قائلاً:
- فى ايه يا بنى هو حد قالك انى مش أبوك ولا ايه
ضحك أخيه محمود وهو يقول بعبث:
- ومالك فرحان كده ليه ده أنت هتخش القفص برجليلك يا حلو
أمسكه عمرو من خديه مداعباً هو يقول:
- خاليك فى الثانويه الجملى بتاعتك دى
ثم قبض كفيه وهو يشبكهما فى بعضهما البعض وينظر اليهم جميعا بسعاده ويقول:
- الحمد لله ربنا حققلى أغلى حاجه كنت بتمناها
ثم جلس بجوار والده وهو يقول بحرج:
- بابا حضرتك عارف طبعا انى أستلمت شغلى الجديد وأن شاء الله مرتبى هيبقى كويس أوى البشمهندس صلاح طمنى من الناحيه دى
قاطعه والده وهو يتفحصه قائلا:
- عاوز تقول ايه هات من الاخر
قال عمرو بسرعه:
- والله يا بابا هردهوملك أول ما اقبض
ألتقت نظرات والده بوالدته الحائرة فقال فى ثقه :
- متقلقيش يا أم عمرو أنا عامل حسابى ...
ثم نظر الى عمرو وقال مطمئناً
- متحملش هم أنا كنت عامل حساب اليوم ده من فتره وشبكة عزة عندى
*****************************
كان الجميع يعمل فى صمت كلُ يرتب أوراقه ويدون ملاحظاته عليها حتى وضع فارس قلمه على مكتبه وأغلق أوراقه ثم مسح وجهه بكلتا يديه مزيلاً لآثار التعب والارهاق البادى على وجهه وقال موجهاً حديثه ل حسن:
- يالا يا حسن علشان ننزل نصلى العشاء
رفع الجميع راسه إليه وقال حسن:
- هبقى أصليها لما أروح البيت يا فارس متحبكهاش كده العشاء ممدوده
نهض فارس وأتجه إليه واغلق الملف أمامه وقال باصرار:
- افضل وقت العشاء قبل الثلث الاول ما ينتهى وبعدين أنت كده هيفوتك ثواب الجماعه يالا بقى نلحق الاقامه فى المسجد
نهض حسن على مضض وهو يقول:
- أمرى لله أدينى قايم يا سيدى
قالت نورا بأبتسامه رقيقه:
- طب وأحنا يا أستاذ فارس مش المفروض نصليها دلوقتى ولا ايه
قال فارس دون أن ينظر إليها :
- لو قفلتوا الباب وضامنين محدش يدخل عليكم صلوا لكن لو ممكن حد يدخل ويشفكم وأنتوا راكعين ولا ساجدين يبقى تستنوا لما تروحوا البيت أحسن ...على رأى الشيخ حسن العشاء ممدوده...
نظرت لها دنيا بغيرة واضحه مخلوطه ببعض التهكم وأنتظرت حتى خرج فارس وحسن ثم قالت:
- بقيتى تهتمى أنتى يا نورا بمواعيد الصلاه وكده
التفتت إليها نورا بدهشه قائلة:
- أنا بهتم بيها من زمان ..أنا بصلى من زمان الحمد لله
أبتسمت دنيا ابتسامة صفراء وهى تعيد نظرها للأوراق مرة أخرى
كان باسم يعلم ميعاد خروج فارس من المكتب لذهابه لاداء فريضة العشاء فى المسجد ..أنتظر حتى تأكد من ذهابه ثم أرسل فى طلب حضور دنيا إلى حجرة مكتبه..حضرت إليه كما أراد فاشار لها بالجلوس أمامه وفاجأها قائلاً:
- كل سنه وأنتى طيبه يا دنيا مش عيد ميلادك النهارده برضه
نظرت إليه بدهشه قائله:
- وحضرتك طيب بس عرفت ازاى أن عيد ميلادى النهارده
قال بثقه زائدة:
- اللى بيهتم بحد ..بيحب يعرف عنه كل حاجه
أخرج علبه متوسطة الحجم من درج مكتبه وقدمها لها قائلاً:
- أتفضلى هديتك
نظرت إلى العلبه مندهشه ولمعت عيناها من المفاجأة وقالت:
- ايه ده تليفون محمول مره واحده
علت الابتسامه شفتيه وهو يقول:
- ده اقل حاجه ممكن تتقدملك...قال عبارته هذه وهو يتفحصها بجرأته المعهوده
شعرت بالخجل من نظراته وقالت بأرتباك :
- بس انا اسمع أنه بيبقى مع رجال الاعمال بس علشان شغلهم يعنى ..أنا بقى هعمل بيه أيه
- لا ده كان أول ما نزل مصر بس دلوقتى أبتدى ينتشر شويه وبعدين يا ستى علشان لما أحب أطمن عليكى ...أصلك لسه مردتيش عليا فى موضوع الشغل وأنا خلاص يومين وماشى من هنا وعاوز أعرف أكلمك وقت ما أحب
لم تكن كلماته تحمل معنى آخر نظرت الى العلبة بين يديها سعيدة بها وحائرة هل تقبلها أم لا إنها هدية ليست بالبسيطه وفى نفس الوقت ماذا ستبرر ذلك لفارس ...وكأنه قرأ أفكرها التى ظهرت جلية فى عينيها وهى تنظر للعلبه فقال باصرار:
- أنا مش هتنازل عن أنك تقلبيها ..ألتفتت أليه فقال:
- وبعدين يا ستى لو خايفه من الاحراج مش لازم تقولى أنى أنا اللى ادتهولك ..وكأنه أعطاها المخرج من تلك الورطه فابتسمت وهى تقول:
- متشكره أوى يا أستاذ باسم على الهدية القيمه دى الحقيقه دى أغلى هديه جاتلى فى عيد ميلادى
مد يده ليصافحها قبل أن تخرج وضغط على كفها بين كفه برقه وقال:
- دى حاجه بسيطه بالنسبه للى جاى لو وافقتى تشتغلى معايا
أبتسمت بأرتباك وتوتر وهى تسحب يدها من يده ببطء قائله بخفوت:
- هشوف كده ربنا يسهل
خرجت دنيا من حجرة مكتب باسم مسرعة وهى تخشى أن يكون قد عاد من صلاة العشاء ولكنها أسترخت وهى لا ترى فى الحجرة سوى نورا فقط والتى كانت منكبه على عملها بأهتمام
حشرت العلبة فى حقيبه يدها عنوه ووضعتها تحت مكتبها الخاص حتى لا تلفت الانتباه بأنتفاخها وواصلت عملها بنظرات زائغه وكأن شيئا لم يكن
عاد فارس وحسن من صلاة العشاء وجلس كل منهم خلف مكتبهم ولكن نورا لم تنسى تحيييه بابتسامه قائله:
- تقبل الله
- منا ومنكم
نظر حسن الى الجميع بأهتمام وقال وكأنه سيدلى بمعلومه سرية:
أنتوا عرفتوا يا جماعه أن الاستاذ باسم هيسيب الشغل هنا ويفتح مكتب خاص بيه
قال فارس دون أن يرفع نظره إليه وكأن الامر لا يعنيه:
- أيوا عارفين ربنا يصلح حالنا جميعا
قالت نورا بأهتمام :
- تفتكروا مين اللى هيمسك أدارة المكتب مكانه يا جماعه
أكمل حسن حديثه وكأنه لم يستمع إليها قائلا:
- طب عارفين أنى هروح معاه
نظر له فارس بأستنكار وقال:
- ليه يا حسن أنت هنا بتاخد خبره أكبر وبتتعلم من الدكتور حمدى
قال حسن بتهكم وهو يشير الى حجرة باسم:
- وهناك هاخد فلوس أكتر
ردت دنيا بحماس وكأنها قد وجدت من يعينها ويفكر مثلها:
- برافو عليك ده تفكير منطقى جدااااا
ألتفت فارس بأستنكار وقال بضيق:
- تفكير منطقى أزاى يعنى ..الفلوس مش كل حاجه
أومأت نورا موافقه لكلامه وقالت:
- ده صحيح الخبره مستقبلها اكبر من المرتب بكتير ..ثم ألتفتت الى حسن وهى تتابع حديثها:
- وبعدين يعنى الفرق مش هيبقى كبير
عقد حسن ذراعيه أمام صدره وقال مخالفا:
- ولو جنيه واحد زياده هيفرق معايا...وبعدين أنتوا مش ملاحظين ان الشغل هنا ابتدى يقل ..وأخفض صوته وهو يستطرد قائلا:
- والدكتور كمان مبقاش يجى كتير
قال فارس بأنفعال:
- ده علشان الدكتور مبيقبلش قضايا المخدرات والقضايا المشكوك فيها يعنى على الاقل يا أخى ضامن ان مرتبك من فلوس حلال
أبتسم حسن بسخريه وهو يفتح ذراعيه قائلا:
- أهلا الشيخ فارس وصل
هب فارس واقفا بغضب واشار له محذرا وقال:
- ألزم حدودك معايا يا حسن وأتكلم باسلوب أحسن من كده
وقفت نورا مسرعه وهى تقول منفعله:
- أيه يا أساتذه صلوا على النبى كده وأهدوا ..كده صوتنا هيوصل للدكتور
أسندت دنيا رأسها الى كفيها وهى تنظر إليهم مشتتاً أفكارها وهى تقول فى نفسها:
- أومال لو قلتله أنى عاوزه أروح أشتغل معاه هيعمل فيا أيه
أوت إلى فراشها ليلاً وهى تمسك بالهاتف النقال فى يد وبالكتالوج فى اليد الاخرى محاولةً فك طلاسم هذا الهاتف وهى تتمتم بسخريه:
- ايه الجهل اللى أنا فيه ده
وفجأه صدح رنينه بين يديها تفاجأت وهى تنظر لاسم باسم تضى به شاشة هاتفها وهمهمت قائله:
- انا مسجلتش اسمه ..معقوله يكون مديهولى وهو مسجل اسمه عليه
ترددت لبرهه ثم قررت الرد وقالت بصوت متلعثم:
- الو
- ها التليفون عجبك
- اه جميل بصراحه..ميرسى اوى
- مبروك عليكى ...طيب يا ستى أنا قلت بس أقولك تصبحى على خير
- وأنت من أهله
أغلقت الهاتف وهى تنظر له وتقلبه بين يديها وهى واجمةً وتفكر فى الخطوة القادمه
كيف ستفاتح فارس فى الامر وكيف ستكون ردة فعله تجاهها
************************************************
أستيقظ فارس قبل الفجر بساعه وهو يمد يده ويطفىء ساعته المنبهه التى تصدح يوميا فى مثل هذا الموعد معلنةً عن وقت صلاة القيام ...تململ فارس فى فراشه وهو يشعر بأجهاد شديد وكأنه لم ينم الا منذ لحظات قليله معدودة ولكنه جاهد نفسه وهب واقفاً بدون تفكير حتى لا يفكر فى العودة الى النوم مرة اخرى ويغلبه كسله وأجهاده ...توضأ وعاد الى غرفته جلس وهو ممسكأ بالمصحف وقرا ورده الليلى منه ولكنه شرد بعقله وهو يفكر فى عمله ولا يعلم لماذا راودته صورة وهو فى حجرة مكتبه بين دنيا ونورا..فشعر بالاستنكار لهذه الصورة وبانقباض قلبه لها ..كيف أجلس كل هذا الوقت بين فتاتين وخصيصا أن حسن هو الاخر سوف يترك المكتب للعمل مع باسم هذا سيكون مدخل من مداخل الشيطان ومدعاة للفتن ..كيف لم يفكر فى هذا الامر من قبل لماذا لم يطلب من الدكتور حمدى سابقا ان يفصل بين النساء والرجال فى مكتبه
كيف تجلس النساء كل يوم كل هذه الساعات من العمل بصحبة الرجال الزملاء فى العمل ..من الاكيد سيحدث أعتياد وألفه وترى المرأة زميلها فى صورة متالقه غير التى ترى بها زوجها فى البيت يوميا وكذلك سيفعل الرجال سيرون زملايتهم فى ابهى صورة يوميا.. من الملابس وطريقة المعاملات واسلوب الكلام غير التى يرى بها زوجته فى المنزل رغم أن الفارق كبير ..فهذه فى عملها وهذه بأطفالها ومسؤلياتها ولكن
الشيطان لن يقول لهما هذا... أنما سيجمل زميلته وزميلها فى عينيهما وسيصور لهما أنهما الافضل والاجمل وسيطفى عليهما صفات خياليه أخرى تجعل الالفه والاعتياد لهما مفهوما اخر
وضع المصحف جانباً ووقف يصلى القيام واطال فيه حتى ركع وأطال فى الركوع حتى سجد ولاول مره يشعر بسجود قلبه مع سجود جبهته أطال السجود وهو يشعر بحلاوته التى يتذوقها بقلبه وجوارحه أغمض عينيه وهو يدعو لا يريد ان يفارق تلك السجدة التى وجد حلاوتها ابدا فهى له الدنيا بما فيها ووجد نفسه يدعو..اللهم جنبنى الفتن ما ظهر منها وما بطن ،اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك ،اللهم خذ بيدى إليك أخذ الكرام عليك
لم يستطع أن يرفع راسه ابدا الا عندما سمع صوت أذان الفجر ينتشر فى الارجاء ..أنهى فارس صلاته وقد قرر ان يفاتح الدكتور حمدى فى امر فصل الرجال عن النساء حين عودتهم للعمل
***********************************************
دخلت والدتها لتوقظها فى الصباح فوجدت الهاتف النقال بجانبها فأخذته وظلت تنظر إليه بأمعان وتتفحصه وباليد الاخرى توقظ دنيا وتهزها هاتفتاً بها:
- قومى يا دنيا ايه اللى جاب التليفون ده معاكى
نهضت دنيا متكاسله وهى تتثائب فتحت عيونها فوجدت امها تمسك هاتفها النقال بين يديها وتقلبه متسائلةً:
- بتاع مين ده يا دنيا
أنتزعته من يد والدتها وهى تقول برجاء:
- الله يخليكى يا ماما مش عاوزه بابا يعرف ليقعد يحقق معايا وجبتيه منين ومجبتيهوش منين
نظرت لها والدتها بشك وقالت:
- وانا يعنى مش هسألك
قبلتها دنيا على وجنتها وقالت :
- انتى مامتى حبيبتى مش هتعقديلى الدنيا زى بابا
أبعدتها والدتها عنها قليلا وبرفق قالت:
- طب جاوبينى مين اللى أدهولك
- أستاذ باسم مدير المكتب اللى حكتلك عنه قبل كده أنه عاوز ياخدنى معاه مكتبه
- وجابهولك بمناسبة ايه ده
- بمناسبة عيد ميلادى يا حبيبتى
صمتت والدتها قليلا فقالت دنيا متوتره:
- ايه يا ماما سكتى يعنى
- مش عارفه مش مرتاحه
عانقتها دنيا وقبلتها مرة أخرى وهى تنهض من الفراش قائله بثقه:
- متقلقيش يا حبيبتى انا عارفه انا بعمل ايه كويس وبتعامل مع الناس أزاى
نظرت والدتها إليها وقد خرجت من الغرفه ثم ألتفتت الى الهاتف الملقى على الفراش وشردت تماما ولاول مره تشعر بالقلق حيال تصرفات ابنتها
****************************************
ويوم الخميس وفى المساء كان منزل عزة مهيأ لتلك المناسبه المبهجة للأسرتين حفلة خطوبة عزة وعمرو
كانت الحفله بسيطه ينعزل فيها الرجال عن النساء نوعا ما فالنساء فى الصالون والرجال فى الخارج يفصل بينهما بابا لا يكاد ينغلق من كثرة الحضور..لذلك أحتفظت عبير بنقابها حتى لا يراها احد دون أن تشعر
لم يكن هناك شخص أسعد منه فى تلك اللحظه..اللحظة التى طوق خاتم خطبته اصبعها وأخيرا اصبحت خطيبته واخيرا اصبحت له...لم يكن بحاجه الى التعبير عن سعادته فلقد تكفلت عيناه بهذا الامر مما جعل عزة تشعر بتأنيب الضمير لانها لا تبادله نفس مشاعره ولا حتى جزء منها غير الاحترام وفقط
كان فارس يجلس مع الرجال فى الخارج وفجأة شعر بمن يهزة من الخلف نظر خلفه فوجد مُهره ابتسم كعادته كلما رآها واستدار إليها فى جلسته ودون ان يقف فأقتربت من اذنه وهى تشير الى محمود أخو عمرو وهى تقول :
- ألحق يا فارس الواد الرخم ده بيضايقنى
نظر فارس إلى حيث تشير ثم نظر إليها مرة أخرى متعجباً وقال:
- بس هو شافك أزاى اصلاً علشان يضايقك
نظرت له بغضب ومطت شفتاها وقالت:
- انت كمان بتتريق عليا ماشى يا فارس
قال مداعباً:
- طب متزعليش بقى خلاص انا هقوم أكسرلك عضمه ..ثم حك ذقنه وهو يقول:
- بس قوليلى هو ضايقك ازاى يعنى خد منك حاجه
حركت راسها نفيا وقالت:
- لاء بيقولى شعرك حلو اوى
نظر لها بدهشه ثم تصنع الجديه والغضب وهب واقفا وهو يقول:
- طب استنى هنا انا هروح أكسرهولك
تقدم فارس من محمود أخو عمرو وهى تتبعه كظله وقال مداعباً له :
- أنت يا أخ أنت بتعاكس خطيبتى ليه
ضحك محمود وهو يقول:
- خطيبتك ايه يا ابيه فارس بقى الاوزعه دى خطيبتك
صاحت مُهره من جواره بغضب:
- بس متقولش أوزعه
أمسكه فارس من شعره كما يفعل به دائما كلما رأه وقال له:
- عارف لو شفتك بضايقها تانى هعمل فيك ايه ..هحلقلك شعرك اللى فرحان بيه ده زلبطه
ثم ألتفت الى مُهره واشار لها آمراً وقال بجديه :
- اتفضلى يا هانم اقعدى جوه مع الستات ايه اللى مطلعك وسط الرجاله
أستدارت مُهره وهى تنظر الى محمود بانتصار وشماته ودخلت عند النساء كما أمرها فارس
قال فارس لمحمود:
- أنت من صغرك كده هتقعد تعاكس البنات اومال لما تكبر شويه هتعمل ايه ..وبعدين ملقتش الا مُهره يعنى دى تجرسك فى كل حته يابنى
قال محمود : بصراحه يا ابيه فارس أنا ناوى اخطبها لما تكبر
-والله ..وانت بقى هتستناها لما تكبر
- وفيها ايه يا ابيه انا رايح تانيه ثانوى وهى رايحه تانيه أعدادى يعنى قريبين من بعض
أمسكه فارس من كتفه وقال بجدية:
- بقولك ايه يا محمود أنت فى مرحله حرجه دلوقتى يعنى تركز فى مذاكرتك أحسن يابنى علشان تعرف تدخل كليه محترمه..وبعدين يعنى اشمعنى مُهره دى شعرها أطول منها
- ماهو ده اللى عاجبنى فيها يا ابيه
كتم فارس غيظه وهو ينظر إليه شاعرا بتفاهته وقال:
- هو انا واقف معاك ليه اصلا ..ودفعه قائلا :
- امشى يلا من هنا
وقفت أمرأة بجوار عبير عن قصد وقالت بتشفى :
- عقبالك يا حبيبتى
نظرت لها عبير بود وقالت :
- جزاكى الله خيرا يا طنط عقبال بناتك يارب كده لما تفرحى بيهم
ضحكت المرأة وهى تنوى أغاظتها وقالت:
- بناتى ..انا بناتى أتجوزوا من زمان يا حبيبتى مفيش واحده فيهم قعدت لبعد العشرين ..عقبالك انتى بقى
صمتت عبير ولم ترد فقد شعرت فى نبرة المرأة شىء غير مريح فآثرت الصمت حتى لا تحدث مشكله تعكر صفو خطبة اختها ولكن المرأة لم تصمت ولم تتوقف وقالت:
- الا أنتى عديتى التلاتين ولا لسه يا عبير
بدون شعور منها وجدت العبرات طريقها الا عينيها حاولت منعها حتى لا تشمت بها تلك المرأة أكثر فرفعت يدها وأنزلت البيشه على عينيها فوق النقاب وهى تقول:
- لا لسه يا طنط عن أذنك
مرت بهدوء لتخرج من غرفة الصالون ولكن والدتها نادت عليها قائله :
- اطلعى يا عبير هاتى صندوق حاجه ساقعه من بره البقال باعتهم على السلم
خرجت بسرعه فى طريقها للباب الخارجى للشقه وهى تحاول دفع دموعها للتراجع ولكن بلا جدوى حتى أنعدمت الرؤيا تماما لديها وأختل توازنها وهى تحاول حمل الصندوق ولم تشعر بشى ألا وهى تسقط من اعلى درجات السلم وفقدت الوعى تماما ..
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل التاسع )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصــل العاشــر ) |
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصــل العاشــر )
وقف عمرو أمام هذا المبنى الكبير الكائن فى أحد الأحياء الراقيه فى القاهرة وتنقلت عيناه بين اللافتات الكثيرة فى ذك المبنى ما بين لافتات عيادات أطباء كبار وبين شركات متنوعه أستيراد وتصدير ومقاولات وشركات هندسيه وهنا توقف نظره على أحدى الافتات الكبيرة والتى من الواضح أنها تحتل أكثر من ثلاثة طوابق فى المبنى الكبير ...مشى ببطء داخل ردهة الشركة الهندسه الخارجيه يتأمل الفخامه والديكور المميز الذى يدل على ذوق رفيع وبذخ فى الانفاق..ظل يجول ببصره حتى سمع صوت أنثوى يقول بلباقة :- أهلا وسهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك أزاى ؟؟
أنتبه على صوت السكرتيرة ونظر إليها متفاجأَ وقال:
- هه..اه..أنا المهندس عمرو مصطفى عندى معاد النهارده مع صاحبة الشركة
أبتسمت السكرتيرة وهى ترفع سماعة الهاتف وتضغط أحد الازرار قائله :
- البشمهندس عمرو مصطفى وصل يا فندم
وضعت السماعه ونهضت واقفة وسارت أمامه وهى تشير للداخل قائله بروتينيه:
- أتفضل يا بشمهندس ...
فتحت الباب وأشارت له بالدخول وأغلقت الباب خلفه خطى عمرو داخل المكتب وهو ينظر الى تلك المرأه القابعه خلف مكتبها تنظر له بابتسامه وعينين متفحصتين...مدت يدها وصافحته قائله:
- أهلا وسهلا يا بشمهندس ..أتفضل أرتاح
ثم قامت بالتعريف بشخصها قائلة:
- أنا البشمهندسه إلهام مديرة الشركة
أبتسم عمرو وهو ينظر إليها جالساَ..كانت أمرأة فى العقد الرابع من عمرها شارف الزمان على طوى نضارة شبابها ولكن من الواضح أنها تعانده بشده وتصر على محاربة الايام بالازياء الحديثة التى لا تليق بعمرها والزينة المُتكلفة التى هى سلاحها الدائم فى هذه المعركة و من الواضح أنها قاتلت فيها باستماته فلم تخسر منها الكثير...
كانت نظرته إليها استكشافيه لم تخلو من الفضول ولكن نظراتها هى قد تبدو مختلفة ومتباينة أكثر وذات معنى لم يفهمه عمرو للتو...
وأخيراً تكلمت وهى تتصفح ملفه الخاص الذى بين يديها قائلة:
- ملفك عاجبنى أوى يا بشمهندس ..ماشاء الله تقديراتك حلوه أوى وخصوصا فى العملى..مش ناقصه غير الخبره بس ..ودى سهله اوى ..هنا هتتعلم كل حاجه وخبرتك هتبقى أكبر مما تتوقع
قال عمرو بتلقائية:
- أن شاء الله يا فندم ..أنا اصلا بتعلم بسرعه والشغل معاكوا هنا مكسب لاى حد لسه متخرج زيى
أبتسمت فى رضا وضغطت أزرار هاتفها قائله وهى عيناها لا تفارق عمرو :
- أبعتيلى البشمهندس صلاح بسرعه
أغلقت الهاتف وهى مازالت تتفحصه بابتسامتها العذبه ..شعر عمرو بالحرج فقال:
- طيب أنا ممكن استنى بره مش عاوز أعطل حضِرتك اكتر من كده
أنتبهت لعلامات الحرج التى ظهرت على ملامحه فعادوت النظر الى ملفه مرة أخرى وهى تغلقه قائلة
- البشمهندس صلاح هيجى دلوقتى علشان يوريك مكتبك ويعرفك على زمايلك فيه...طرق الباب ودخل المهندس صلاح ...رجل فى أواخر العقد الخامس من عمره يظهر عليه الوقار والنشاط فى نفس الوقت ..دخل وهو يرمق عمرو بنظرات خاليه من أى تعبير وقال موجهاً حديث لألهام:
- خير يا بشمهندسه
قالت بترفع وهى تشير الى عمرو:
- البشمهندس عمرو مهندس مدنى هيبدأ معانا من النهارده وهيبقى تحت مسؤليتك يا بشمهندس
أومأ براسه لها ثم نظر الى عمر بأبتسامه ودوده قائلاً:
-أهلا بيك يا بشمهندس أتفضل معايا
نهض عمرو شاكراً أياها وتوجه فى سرعه للخارج وكأنه يهرب من وحش نظراتها الملتهمه
دخل حجرة مكتبه بصحبة المهندس صلاح الذى قال :
- إن شاء الله الشغل معانا هيفيدك كويس اوى فى بدايتك يا بشمهندس ..رفع الزملاء نظرهم إلى القادم الجديد فأشار المهندس صلاح إليه قائلاً:
- البشمهندس عمرو هيبقى معاكوا فى المكتب من النهارده
ثم قام بتعريفهم لديه قائلا:
- البشمهندس أحمد،البشمهندس نادر
صافح عمرو زملاءه فى ترحاب شديد شعر به مع أحمد ولكنه شعر بعكسه تجاه نادر الذى صافحه ببرود وهو يبسم له بتهكم ..لم يوله عمرو أهتمام وجلسه خلف مكتبه وهو ينظر له وللكمبيوتر الخاص به بنشوة وسعادة ..كانت هذه هى المرة الاولى التى يشاهد فيها الكمبيوتر خارج أسوار الجامعه فهو لم يكن قد أنتشر فى هذا الوقت ليصل للجميع بعد......
هتفت أم يحيى بصوت اشبه للبكاء قائلة بلوعة:
- أنا خايفه على البنت يا ست أم فارس ..أنا حاسه كده أن مخها متأخر عن سنها ..مش زى زمايلها فى المدرسه ابدا
نظرت لها أم فارس بدهشة كبيرة وقالت :
- ما تصلى على النبى كده يا أم يحيى أيه الكلام اللى بتقوليه ده..مُهره ذكيه وكنت بشوفها وفارس بيذاكرلها بتجاوب لهلوبه
تكلمت أم يحيى بحنق شديد وقالت بأنفعال:
- أومال ليه كل ما اقعد أقولها سمعى ولا أخلى أخوها يسألها سؤال مبترضاش تجاوب ..وغير كده البت زى ما تكون عبيطه كده وشعنونه مش عارفلها حاجه
وضعت أم فارس يدها على صدرها وقطبت جبينها قائله:
- عبيطه!!! بقى مهره عبيطه..لاء ده انتى شكلك متعرفيش بنتك كويس بقى....قاطعها ان سمعت صوت قرع جرس باب الشقه فنهضت وفتحت الباب وقالت بترحاب شديد:
- أهلا يا عزة يابنتى تعالى
وقفت أم يحيى لمصافحة عزة ثم قالت بحرج :
- طب استأذن أنا بقى يا ست أم فارس
جلست أم فارس بجوار عزة وقالت بحنو:
- ها يا حبيبتى تشربى معايا قهوة ولا اجيبلك حاجه تانيه
تمسكت عزة بذراعها قبل أن تنهض وقالت بسرعه:
- لا يا طنط أنا مش غريبه وبعدين انا ماشيه على طول ..ثم تنحنحت بحرج قائله:
- أنا بس كنت عاوزه أخد رايك فى حاجه كده
- خير يا عزة شكلك كده فى حاجه مهمه
شعرت عزة بأضطراب شديد أبتلعت ريقها بصعوبه وقالت:
- بصراحه يا طنط أنا جايه أخد رايك فى عمرو..أصلك ياعنى أتعاملتى معاه عن قرب اكتر مننا بحكم انه صاحب فارس من زمان يعنى
أبتسمت أم فارس وهى تنظر لعزة المطرقة براسها لاسفل..فهى تعلم أنها ما ارادت رايها وأنما أرادت راى فارس ..مازالت متعلقة بلأمل مازالت ترغبه ...تود أن يقول لها لا تتزوجيه أرفضيه فسأصبح لكى فى يوم من الايام ..
أفاقت أم فارس من شرودها على صوت المفتاح يدور فى باب الشقه ورأت فارس يدخل ويغلق الباب خلفه مبتسماً لهما وهو يقول:
- السلام عليكم ..أزيك يا عزة
أبتسمت عزة وهى تنهضت واقفةً فى حرج وقالت:
- وعليكم السلام أزيك أنت يا فارس أخبارك أيه
تعجبت عزة أنه لا ينظر إليها وهو يحادثها ولكن قلبها خفق بشدة واصفر وجهها حينما سمعته يقول:
- ولا بلاش يا ستى أناديكى بأسمك كده لعمرو يزعل ولا حاجه ..أنا بعد كده هقولك يا مدام عمرو بقى وأخلص ..
أخذت حقيبة يدها بضيق وهى تعلقها على كتفها وتقول بتبرم:
- أنا لسه مبقتش مراته علشان تقولى مدام عمرو ..ثم أنحنت وقبلت أم فارس بسرعه وقالت لها وهى على عجلة من أمرها:
- معلش يا طنط اصلى أفتكرت حاجه مهمه عن اذنك
وخرجت سريعا وكأنها تهرول من بيته ..لا بل تهرول من صدى صوته التى مازال يتردد على مسامعها بكلماته التى أغضبتها وجعلتها تحسم أمرها سريعاً ..فلم تعد فى حاجه الى أن تستمع لرأيه فى شأن خطبتها من عمرو ..لقد أجابها دون سؤال
نظر فارس إلي والدته وهو يقترب منها متسائلا وقال:
- فى أيه يا ماما مالها عزة ؟!!
قالت والدته وهى تربت على كتفه :
- مفيش حاجه يابنى أدخل أنت غير هدومك على ما أحضرلك الغدا
دخل فارس غرفته ليبدل ملابسه ويلتقط انفاسه قليلا من عناء العمل بينما دخلت والدته المطبخ لتعد طعام وهى واجمة وتحدث نفسها قائلة فى شرود:
- وبعدهالك يا عزة هتفضلى متعلقه بحبال الهوا الدايبه لحد أمتى يابنتى ..والله لو كان عليا ماكنتش أسيبك ابداً لكن النصيب بقى
***************************
فى اليوم التالى وفى المساء صدح رنين الهاتف فى منزل عمرو ..قامت والدته للرد على الهاتف ..تحدثت فى سعاده كبيرة وبعد أن أنهت المكالمه أتجهت الى حيث يجلس عمرو ووالده وأخيه محمود وقالت بابتهاج تبشرهم:
- مبروك يا عمرو يا حبيبى عزة أستخارت ربنا ووافقت وعاوزنا نروح علشان نتفق على معاد الخطوبه والذى منه
أتسعت عيني عمرو فرحاً وهو ينظر لوالدته قائلاً:
- بجد يا ماما عزة وافقت عليا
قالت والدته بزهو:
- هما كانوا هيلاقوا أحسن منك فين يا بشمهندس
ربت والده على كتفه قائلاً:
- مبروك يابنى
ألتفت عمرو أليه وعانقه بشده وهو يقول:
- يا حبيبى يا بابا
تأوه والده من عناقه المؤلم ودفعه عنه قائلاً:
- فى ايه يا بنى هو حد قالك انى مش أبوك ولا ايه
ضحك أخيه محمود وهو يقول بعبث:
- ومالك فرحان كده ليه ده أنت هتخش القفص برجليلك يا حلو
أمسكه عمرو من خديه مداعباً هو يقول:
- خاليك فى الثانويه الجملى بتاعتك دى
ثم قبض كفيه وهو يشبكهما فى بعضهما البعض وينظر اليهم جميعا بسعاده ويقول:
- الحمد لله ربنا حققلى أغلى حاجه كنت بتمناها
ثم جلس بجوار والده وهو يقول بحرج:
- بابا حضرتك عارف طبعا انى أستلمت شغلى الجديد وأن شاء الله مرتبى هيبقى كويس أوى البشمهندس صلاح طمنى من الناحيه دى
قاطعه والده وهو يتفحصه قائلا:
- عاوز تقول ايه هات من الاخر
قال عمرو بسرعه:
- والله يا بابا هردهوملك أول ما اقبض
ألتقت نظرات والده بوالدته الحائرة فقال فى ثقه :
- متقلقيش يا أم عمرو أنا عامل حسابى ...
ثم نظر الى عمرو وقال مطمئناً
- متحملش هم أنا كنت عامل حساب اليوم ده من فتره وشبكة عزة عندى
*****************************
كان الجميع يعمل فى صمت كلُ يرتب أوراقه ويدون ملاحظاته عليها حتى وضع فارس قلمه على مكتبه وأغلق أوراقه ثم مسح وجهه بكلتا يديه مزيلاً لآثار التعب والارهاق البادى على وجهه وقال موجهاً حديثه ل حسن:
- يالا يا حسن علشان ننزل نصلى العشاء
رفع الجميع راسه إليه وقال حسن:
- هبقى أصليها لما أروح البيت يا فارس متحبكهاش كده العشاء ممدوده
نهض فارس وأتجه إليه واغلق الملف أمامه وقال باصرار:
- افضل وقت العشاء قبل الثلث الاول ما ينتهى وبعدين أنت كده هيفوتك ثواب الجماعه يالا بقى نلحق الاقامه فى المسجد
نهض حسن على مضض وهو يقول:
- أمرى لله أدينى قايم يا سيدى
قالت نورا بأبتسامه رقيقه:
- طب وأحنا يا أستاذ فارس مش المفروض نصليها دلوقتى ولا ايه
قال فارس دون أن ينظر إليها :
- لو قفلتوا الباب وضامنين محدش يدخل عليكم صلوا لكن لو ممكن حد يدخل ويشفكم وأنتوا راكعين ولا ساجدين يبقى تستنوا لما تروحوا البيت أحسن ...على رأى الشيخ حسن العشاء ممدوده...
نظرت لها دنيا بغيرة واضحه مخلوطه ببعض التهكم وأنتظرت حتى خرج فارس وحسن ثم قالت:
- بقيتى تهتمى أنتى يا نورا بمواعيد الصلاه وكده
التفتت إليها نورا بدهشه قائلة:
- أنا بهتم بيها من زمان ..أنا بصلى من زمان الحمد لله
أبتسمت دنيا ابتسامة صفراء وهى تعيد نظرها للأوراق مرة أخرى
كان باسم يعلم ميعاد خروج فارس من المكتب لذهابه لاداء فريضة العشاء فى المسجد ..أنتظر حتى تأكد من ذهابه ثم أرسل فى طلب حضور دنيا إلى حجرة مكتبه..حضرت إليه كما أراد فاشار لها بالجلوس أمامه وفاجأها قائلاً:
- كل سنه وأنتى طيبه يا دنيا مش عيد ميلادك النهارده برضه
نظرت إليه بدهشه قائله:
- وحضرتك طيب بس عرفت ازاى أن عيد ميلادى النهارده
قال بثقه زائدة:
- اللى بيهتم بحد ..بيحب يعرف عنه كل حاجه
أخرج علبه متوسطة الحجم من درج مكتبه وقدمها لها قائلاً:
- أتفضلى هديتك
نظرت إلى العلبه مندهشه ولمعت عيناها من المفاجأة وقالت:
- ايه ده تليفون محمول مره واحده
علت الابتسامه شفتيه وهو يقول:
- ده اقل حاجه ممكن تتقدملك...قال عبارته هذه وهو يتفحصها بجرأته المعهوده
شعرت بالخجل من نظراته وقالت بأرتباك :
- بس انا اسمع أنه بيبقى مع رجال الاعمال بس علشان شغلهم يعنى ..أنا بقى هعمل بيه أيه
- لا ده كان أول ما نزل مصر بس دلوقتى أبتدى ينتشر شويه وبعدين يا ستى علشان لما أحب أطمن عليكى ...أصلك لسه مردتيش عليا فى موضوع الشغل وأنا خلاص يومين وماشى من هنا وعاوز أعرف أكلمك وقت ما أحب
لم تكن كلماته تحمل معنى آخر نظرت الى العلبة بين يديها سعيدة بها وحائرة هل تقبلها أم لا إنها هدية ليست بالبسيطه وفى نفس الوقت ماذا ستبرر ذلك لفارس ...وكأنه قرأ أفكرها التى ظهرت جلية فى عينيها وهى تنظر للعلبه فقال باصرار:
- أنا مش هتنازل عن أنك تقلبيها ..ألتفتت أليه فقال:
- وبعدين يا ستى لو خايفه من الاحراج مش لازم تقولى أنى أنا اللى ادتهولك ..وكأنه أعطاها المخرج من تلك الورطه فابتسمت وهى تقول:
- متشكره أوى يا أستاذ باسم على الهدية القيمه دى الحقيقه دى أغلى هديه جاتلى فى عيد ميلادى
مد يده ليصافحها قبل أن تخرج وضغط على كفها بين كفه برقه وقال:
- دى حاجه بسيطه بالنسبه للى جاى لو وافقتى تشتغلى معايا
أبتسمت بأرتباك وتوتر وهى تسحب يدها من يده ببطء قائله بخفوت:
- هشوف كده ربنا يسهل
خرجت دنيا من حجرة مكتب باسم مسرعة وهى تخشى أن يكون قد عاد من صلاة العشاء ولكنها أسترخت وهى لا ترى فى الحجرة سوى نورا فقط والتى كانت منكبه على عملها بأهتمام
حشرت العلبة فى حقيبه يدها عنوه ووضعتها تحت مكتبها الخاص حتى لا تلفت الانتباه بأنتفاخها وواصلت عملها بنظرات زائغه وكأن شيئا لم يكن
عاد فارس وحسن من صلاة العشاء وجلس كل منهم خلف مكتبهم ولكن نورا لم تنسى تحيييه بابتسامه قائله:
- تقبل الله
- منا ومنكم
نظر حسن الى الجميع بأهتمام وقال وكأنه سيدلى بمعلومه سرية:
أنتوا عرفتوا يا جماعه أن الاستاذ باسم هيسيب الشغل هنا ويفتح مكتب خاص بيه
قال فارس دون أن يرفع نظره إليه وكأن الامر لا يعنيه:
- أيوا عارفين ربنا يصلح حالنا جميعا
قالت نورا بأهتمام :
- تفتكروا مين اللى هيمسك أدارة المكتب مكانه يا جماعه
أكمل حسن حديثه وكأنه لم يستمع إليها قائلا:
- طب عارفين أنى هروح معاه
نظر له فارس بأستنكار وقال:
- ليه يا حسن أنت هنا بتاخد خبره أكبر وبتتعلم من الدكتور حمدى
قال حسن بتهكم وهو يشير الى حجرة باسم:
- وهناك هاخد فلوس أكتر
ردت دنيا بحماس وكأنها قد وجدت من يعينها ويفكر مثلها:
- برافو عليك ده تفكير منطقى جدااااا
ألتفت فارس بأستنكار وقال بضيق:
- تفكير منطقى أزاى يعنى ..الفلوس مش كل حاجه
أومأت نورا موافقه لكلامه وقالت:
- ده صحيح الخبره مستقبلها اكبر من المرتب بكتير ..ثم ألتفتت الى حسن وهى تتابع حديثها:
- وبعدين يعنى الفرق مش هيبقى كبير
عقد حسن ذراعيه أمام صدره وقال مخالفا:
- ولو جنيه واحد زياده هيفرق معايا...وبعدين أنتوا مش ملاحظين ان الشغل هنا ابتدى يقل ..وأخفض صوته وهو يستطرد قائلا:
- والدكتور كمان مبقاش يجى كتير
قال فارس بأنفعال:
- ده علشان الدكتور مبيقبلش قضايا المخدرات والقضايا المشكوك فيها يعنى على الاقل يا أخى ضامن ان مرتبك من فلوس حلال
أبتسم حسن بسخريه وهو يفتح ذراعيه قائلا:
- أهلا الشيخ فارس وصل
هب فارس واقفا بغضب واشار له محذرا وقال:
- ألزم حدودك معايا يا حسن وأتكلم باسلوب أحسن من كده
وقفت نورا مسرعه وهى تقول منفعله:
- أيه يا أساتذه صلوا على النبى كده وأهدوا ..كده صوتنا هيوصل للدكتور
أسندت دنيا رأسها الى كفيها وهى تنظر إليهم مشتتاً أفكارها وهى تقول فى نفسها:
- أومال لو قلتله أنى عاوزه أروح أشتغل معاه هيعمل فيا أيه
أوت إلى فراشها ليلاً وهى تمسك بالهاتف النقال فى يد وبالكتالوج فى اليد الاخرى محاولةً فك طلاسم هذا الهاتف وهى تتمتم بسخريه:
- ايه الجهل اللى أنا فيه ده
وفجأه صدح رنينه بين يديها تفاجأت وهى تنظر لاسم باسم تضى به شاشة هاتفها وهمهمت قائله:
- انا مسجلتش اسمه ..معقوله يكون مديهولى وهو مسجل اسمه عليه
ترددت لبرهه ثم قررت الرد وقالت بصوت متلعثم:
- الو
- ها التليفون عجبك
- اه جميل بصراحه..ميرسى اوى
- مبروك عليكى ...طيب يا ستى أنا قلت بس أقولك تصبحى على خير
- وأنت من أهله
أغلقت الهاتف وهى تنظر له وتقلبه بين يديها وهى واجمةً وتفكر فى الخطوة القادمه
كيف ستفاتح فارس فى الامر وكيف ستكون ردة فعله تجاهها
************************************************
أستيقظ فارس قبل الفجر بساعه وهو يمد يده ويطفىء ساعته المنبهه التى تصدح يوميا فى مثل هذا الموعد معلنةً عن وقت صلاة القيام ...تململ فارس فى فراشه وهو يشعر بأجهاد شديد وكأنه لم ينم الا منذ لحظات قليله معدودة ولكنه جاهد نفسه وهب واقفاً بدون تفكير حتى لا يفكر فى العودة الى النوم مرة اخرى ويغلبه كسله وأجهاده ...توضأ وعاد الى غرفته جلس وهو ممسكأ بالمصحف وقرا ورده الليلى منه ولكنه شرد بعقله وهو يفكر فى عمله ولا يعلم لماذا راودته صورة وهو فى حجرة مكتبه بين دنيا ونورا..فشعر بالاستنكار لهذه الصورة وبانقباض قلبه لها ..كيف أجلس كل هذا الوقت بين فتاتين وخصيصا أن حسن هو الاخر سوف يترك المكتب للعمل مع باسم هذا سيكون مدخل من مداخل الشيطان ومدعاة للفتن ..كيف لم يفكر فى هذا الامر من قبل لماذا لم يطلب من الدكتور حمدى سابقا ان يفصل بين النساء والرجال فى مكتبه
كيف تجلس النساء كل يوم كل هذه الساعات من العمل بصحبة الرجال الزملاء فى العمل ..من الاكيد سيحدث أعتياد وألفه وترى المرأة زميلها فى صورة متالقه غير التى ترى بها زوجها فى البيت يوميا وكذلك سيفعل الرجال سيرون زملايتهم فى ابهى صورة يوميا.. من الملابس وطريقة المعاملات واسلوب الكلام غير التى يرى بها زوجته فى المنزل رغم أن الفارق كبير ..فهذه فى عملها وهذه بأطفالها ومسؤلياتها ولكن
الشيطان لن يقول لهما هذا... أنما سيجمل زميلته وزميلها فى عينيهما وسيصور لهما أنهما الافضل والاجمل وسيطفى عليهما صفات خياليه أخرى تجعل الالفه والاعتياد لهما مفهوما اخر
وضع المصحف جانباً ووقف يصلى القيام واطال فيه حتى ركع وأطال فى الركوع حتى سجد ولاول مره يشعر بسجود قلبه مع سجود جبهته أطال السجود وهو يشعر بحلاوته التى يتذوقها بقلبه وجوارحه أغمض عينيه وهو يدعو لا يريد ان يفارق تلك السجدة التى وجد حلاوتها ابدا فهى له الدنيا بما فيها ووجد نفسه يدعو..اللهم جنبنى الفتن ما ظهر منها وما بطن ،اللهم أكفنى بحلالك عن حرامك وأغننى بفضلك عمن سواك ،اللهم خذ بيدى إليك أخذ الكرام عليك
لم يستطع أن يرفع راسه ابدا الا عندما سمع صوت أذان الفجر ينتشر فى الارجاء ..أنهى فارس صلاته وقد قرر ان يفاتح الدكتور حمدى فى امر فصل الرجال عن النساء حين عودتهم للعمل
***********************************************
دخلت والدتها لتوقظها فى الصباح فوجدت الهاتف النقال بجانبها فأخذته وظلت تنظر إليه بأمعان وتتفحصه وباليد الاخرى توقظ دنيا وتهزها هاتفتاً بها:
- قومى يا دنيا ايه اللى جاب التليفون ده معاكى
نهضت دنيا متكاسله وهى تتثائب فتحت عيونها فوجدت امها تمسك هاتفها النقال بين يديها وتقلبه متسائلةً:
- بتاع مين ده يا دنيا
أنتزعته من يد والدتها وهى تقول برجاء:
- الله يخليكى يا ماما مش عاوزه بابا يعرف ليقعد يحقق معايا وجبتيه منين ومجبتيهوش منين
نظرت لها والدتها بشك وقالت:
- وانا يعنى مش هسألك
قبلتها دنيا على وجنتها وقالت :
- انتى مامتى حبيبتى مش هتعقديلى الدنيا زى بابا
أبعدتها والدتها عنها قليلا وبرفق قالت:
- طب جاوبينى مين اللى أدهولك
- أستاذ باسم مدير المكتب اللى حكتلك عنه قبل كده أنه عاوز ياخدنى معاه مكتبه
- وجابهولك بمناسبة ايه ده
- بمناسبة عيد ميلادى يا حبيبتى
صمتت والدتها قليلا فقالت دنيا متوتره:
- ايه يا ماما سكتى يعنى
- مش عارفه مش مرتاحه
عانقتها دنيا وقبلتها مرة أخرى وهى تنهض من الفراش قائله بثقه:
- متقلقيش يا حبيبتى انا عارفه انا بعمل ايه كويس وبتعامل مع الناس أزاى
نظرت والدتها إليها وقد خرجت من الغرفه ثم ألتفتت الى الهاتف الملقى على الفراش وشردت تماما ولاول مره تشعر بالقلق حيال تصرفات ابنتها
****************************************
ويوم الخميس وفى المساء كان منزل عزة مهيأ لتلك المناسبه المبهجة للأسرتين حفلة خطوبة عزة وعمرو
كانت الحفله بسيطه ينعزل فيها الرجال عن النساء نوعا ما فالنساء فى الصالون والرجال فى الخارج يفصل بينهما بابا لا يكاد ينغلق من كثرة الحضور..لذلك أحتفظت عبير بنقابها حتى لا يراها احد دون أن تشعر
لم يكن هناك شخص أسعد منه فى تلك اللحظه..اللحظة التى طوق خاتم خطبته اصبعها وأخيرا اصبحت خطيبته واخيرا اصبحت له...لم يكن بحاجه الى التعبير عن سعادته فلقد تكفلت عيناه بهذا الامر مما جعل عزة تشعر بتأنيب الضمير لانها لا تبادله نفس مشاعره ولا حتى جزء منها غير الاحترام وفقط
كان فارس يجلس مع الرجال فى الخارج وفجأة شعر بمن يهزة من الخلف نظر خلفه فوجد مُهره ابتسم كعادته كلما رآها واستدار إليها فى جلسته ودون ان يقف فأقتربت من اذنه وهى تشير الى محمود أخو عمرو وهى تقول :
- ألحق يا فارس الواد الرخم ده بيضايقنى
نظر فارس إلى حيث تشير ثم نظر إليها مرة أخرى متعجباً وقال:
- بس هو شافك أزاى اصلاً علشان يضايقك
نظرت له بغضب ومطت شفتاها وقالت:
- انت كمان بتتريق عليا ماشى يا فارس
قال مداعباً:
- طب متزعليش بقى خلاص انا هقوم أكسرلك عضمه ..ثم حك ذقنه وهو يقول:
- بس قوليلى هو ضايقك ازاى يعنى خد منك حاجه
حركت راسها نفيا وقالت:
- لاء بيقولى شعرك حلو اوى
نظر لها بدهشه ثم تصنع الجديه والغضب وهب واقفا وهو يقول:
- طب استنى هنا انا هروح أكسرهولك
تقدم فارس من محمود أخو عمرو وهى تتبعه كظله وقال مداعباً له :
- أنت يا أخ أنت بتعاكس خطيبتى ليه
ضحك محمود وهو يقول:
- خطيبتك ايه يا ابيه فارس بقى الاوزعه دى خطيبتك
صاحت مُهره من جواره بغضب:
- بس متقولش أوزعه
أمسكه فارس من شعره كما يفعل به دائما كلما رأه وقال له:
- عارف لو شفتك بضايقها تانى هعمل فيك ايه ..هحلقلك شعرك اللى فرحان بيه ده زلبطه
ثم ألتفت الى مُهره واشار لها آمراً وقال بجديه :
- اتفضلى يا هانم اقعدى جوه مع الستات ايه اللى مطلعك وسط الرجاله
أستدارت مُهره وهى تنظر الى محمود بانتصار وشماته ودخلت عند النساء كما أمرها فارس
قال فارس لمحمود:
- أنت من صغرك كده هتقعد تعاكس البنات اومال لما تكبر شويه هتعمل ايه ..وبعدين ملقتش الا مُهره يعنى دى تجرسك فى كل حته يابنى
قال محمود : بصراحه يا ابيه فارس أنا ناوى اخطبها لما تكبر
-والله ..وانت بقى هتستناها لما تكبر
- وفيها ايه يا ابيه انا رايح تانيه ثانوى وهى رايحه تانيه أعدادى يعنى قريبين من بعض
أمسكه فارس من كتفه وقال بجدية:
- بقولك ايه يا محمود أنت فى مرحله حرجه دلوقتى يعنى تركز فى مذاكرتك أحسن يابنى علشان تعرف تدخل كليه محترمه..وبعدين يعنى اشمعنى مُهره دى شعرها أطول منها
- ماهو ده اللى عاجبنى فيها يا ابيه
كتم فارس غيظه وهو ينظر إليه شاعرا بتفاهته وقال:
- هو انا واقف معاك ليه اصلا ..ودفعه قائلا :
- امشى يلا من هنا
وقفت أمرأة بجوار عبير عن قصد وقالت بتشفى :
- عقبالك يا حبيبتى
نظرت لها عبير بود وقالت :
- جزاكى الله خيرا يا طنط عقبال بناتك يارب كده لما تفرحى بيهم
ضحكت المرأة وهى تنوى أغاظتها وقالت:
- بناتى ..انا بناتى أتجوزوا من زمان يا حبيبتى مفيش واحده فيهم قعدت لبعد العشرين ..عقبالك انتى بقى
صمتت عبير ولم ترد فقد شعرت فى نبرة المرأة شىء غير مريح فآثرت الصمت حتى لا تحدث مشكله تعكر صفو خطبة اختها ولكن المرأة لم تصمت ولم تتوقف وقالت:
- الا أنتى عديتى التلاتين ولا لسه يا عبير
بدون شعور منها وجدت العبرات طريقها الا عينيها حاولت منعها حتى لا تشمت بها تلك المرأة أكثر فرفعت يدها وأنزلت البيشه على عينيها فوق النقاب وهى تقول:
- لا لسه يا طنط عن أذنك
مرت بهدوء لتخرج من غرفة الصالون ولكن والدتها نادت عليها قائله :
- اطلعى يا عبير هاتى صندوق حاجه ساقعه من بره البقال باعتهم على السلم
خرجت بسرعه فى طريقها للباب الخارجى للشقه وهى تحاول دفع دموعها للتراجع ولكن بلا جدوى حتى أنعدمت الرؤيا تماما لديها وأختل توازنها وهى تحاول حمل الصندوق ولم تشعر بشى ألا وهى تسقط من اعلى درجات السلم وفقدت الوعى تماما ..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصــل العاشــر من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن،
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا