أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل السادس عشر من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.
- أيه يا بشمهندس يعنى محدش بيشوفك
لم يستطع أن يغالب المزاح بداخله فوجد نفسه قائلا:
- والله ..وفيها ايه لما يشوفنى يعنى
قطب جبينها وقالت بعدم فهم:
- هو مين ده !!
رفع حاجبيه وهو يقول:
- محدش
أبتسمت وهى تضيق عينيها قليلا ناظرة إليه وقالت:
- ايه ده وكمان دمك خفيف..
وخضعت بالقول وهى تردف:
- مش كفايه ذكى ووسيم وجذاب كمان دمك خفيف لاء كده مش هاستحمل
أبتلع عمرو ريقة وهو حانقاً على نفسه وعلى دعابته هل اصبحت الدعابه تسرى فى دمه لهذه الدرجه فلا يستطيع وضع احاديثه فى نصابها الصحيح ومع الشخص الصحيح .. رآها تنهض من مجلسها وتقف خلفه وقالت :
- عمرو.. انا عاوزه أتكلم معاك شويه بره الشغل ... أنت بيبقى وراك حاجه بالليل
قالت كلمتها الاخيرة هذه وهى تلامس خصلات شعره من الخلف مما جعله ينتفض واقفاً وبحث عن مخرج مناسب لا يتسبب قى أنهاء حياته العمليه من الشركة ولكنها لم تنتظره طويلا وأعتبرت صمته تفكير فى الامر فاقتربت أكثر لتحثه على الموافقه وتعده بما ليس له بل وليس من حقه بدنوها منه إلى هذه الدرجه حتى شعر بانفاسها من خلف أذنيه واشتم رائحة عطرها النفاذ تزكم أنفه رغماً عنه لتوقظ بعض مشاعره الدفينه وشعر بدفء جسدها بملامسة ظهره وسمعها تقول بهمس كالفحيح:
- أيه رأيك نتعشى سوا الليله
وفجأة فُتح الباب ودلف المهندس صلاح فى عجلة من أمره ولكنه توقف أمام ذلك المشهد ..عمرو واقفاً فى توتروإلهام تقف خلفه مقتربة منه بشده ..وقف جامداً ينظر إليهما ولكنها كانت فرصة سانحه وجدها عمرو للهروب بدون عواقب كما كان يفكر قبل دخول صلاح عليهما ..تنحنح وهو يتحرك فى اتجاه صلاح ووقف بجواره قائلا:
- طب أستأذن أنا علشان عندى شغل كتير
بمجرد أن خرج عمرو حتى قامت عاصفة إلهام الرعديه وظلت ترعد وتؤنب صلاح على دخوله بغير أذن وبغير ميعاد ...وضع صلاح الملف الذى كان يحتاج إلى توقيعها امامها على المكتب وأنصرف على الفور وتركها وسط حممها المتصاعدة وعاد لعمله .. فوجئ بوجود عمرو فى مكتبة ينتظره..ألقى عليه نظرة عتاب كبيرة وهو يجلس خلف مكتبة ويتابع عمله بصمت...وقف عمرو مدافعاًعن نفسه وقال:
متبصليش كده يا بشمهندس أنا والله ما عملت حاجه
رفع صلاح عينيه إليه قائلا:
- معملتش اه لكن سكت والانسان اللى يسكت على الغلط يبقى مشارك فيه ومينفعش بعد كده انه يلوم اللى هيطمع فيه بعد كده نتيجة سكوته وزى ما بيقولوا السكوت علامة الرضا
قال عمرو بأنفعال وهو يجلس :
- أنا مكنتش ساكت أنا كنت بدور على طريقة مناسبه أهرب بيها من الموقف
- الحكايه مش محتاجه تفكير يا عمرو أنت بتخاف على شغلك ومستقبلك أكتر ما بتخاف من ربنا . .. وأنا حذرتك كتير ونبهتك كتير بس أنت شكلك مش هتتعلم ببلاش ..اللى بيسيب الباب موارب يابنى مايزعلش لما يدخله منه شر بعد كده
خرج عمرو من مكتب المهندس صلاح يضيق بنفسه ذرعاً ولا يعلم لماذا يتهاون إلى هذا الحد هل كما قال صلاح فعلا هو يخاف على مستقبلة وعمله أكثر من خوفه من خالقه ...نفض الفكرة عن رأسه مستنكراً لها ولكنه لم يستطع أن ينفض تلك المشاعر التى عاشها والتى أستقيظت بداخله منذ لحظات فى مكتب إلهام فمازال يشتم عطرها النفاذ ومالزال يشعر بلمستها ...لم يستطع أن يغالب هذا الشعور الذى يجتاحه فخرج فورا من الشركة عائداً لمنزله تصارعه مشاعر شتى وبدلاً من أن يدخل منزله وجد نفسه يتوجه إلى بيت خطيبته قاصداً اياها ...
****************************************************
دخل والد عزه على زوجته وبناته المجتمعين فى غرفة عبير ينظر إليهم نظرات حائرة فقالت زوجته على الفور:
- خير يا حاج عمرو كان عاوزك ف أيه
نظر إلى عزه قائلا:
- عاوز يكتب الكتاب
تبادلت عزه النظرات مع والدتها التى قالت:
- وايه اللى طلعها فى دماغه فجأة كده مش كنا متفقين هنستنى شويه
قال زوجها موجهأً حديثه لأبنته متسائلاً:
- أنتى رايك ايه يا عزه يابنتى ..
قالت عزه وهى حائرة:
- مش عارفه يا بابا ...حضرتك رايك ايه ؟
- أنا يابنتى قولتله أحنا متفقين نستنى شويه لكن جوز أختك كان قاعد وسامع الكلام وقعد يقنع فيا أنى أوافق
تدخلت عبير قائلة:
- بيتهيالى يا بابا بلال معاه حق نتوكل على الله وأهو أحسن من الخطوبه اللى مالهاش لازمه دى لا بيعرفوا يتكلموا ولا يقعدوا مع بعض خالص زيه زى أى حد غريب
*******************
تم تحديد ميعاد عقد قران عزه وعمرو بعد أسبوع ليصبح فارس هو أخر من يتم عقد قرانه بينهم وفى هذه الفترة كان عمرو يتهرب من اى لقاء يجمعه بإلهام وكان المهندس صلاح يساعده على ذلك ويتصدر هو لاى عمل يتطلب وجود عمرو معها فى مكان واحد وجاء اليوم المنتظر وكان بسيطاً كالذى سبقه تماماً يجتمع فيه الاهل والاحبة والجيران فى منزل العروس ليتم عقد القران بينهم وبحضور الشاهدين فارس وبلال ويالها من مفارقة ...كانت فى يوم من الايام تتمناه زوجاً وها هو اليوم يشهد على عقد قرانها ويزيل عقدها بتوقيعه المميز ..
أجتمعت بعض النساء فى الداخل ينشدون لعزه الاناشيد بقيادة عبير التى كانت قد تحسنت كثيرا بفضل تمارين بلال المكثفه و< بضمير > كما كان يقول ويبدو أن ضميره هذا قد أنعكس على حالتها النفسية كثيراً فقد كانت تبدو كما لو كانت هى العروس وكأنها فى العشرين من ربيعها وهى تغرد بأناشيدها المحببة وتضرب بالدف فى سعادة وقوة وتتنقل بين النساء كالفراشة التى تتنقل بين الزهور فى بستان المودة والرحمه التى نهلت منه منذ أن أصبحت زوجة لـ بلال وحبيبة لقلبه الفياض ...
وأثناء انشغالها سمعت أمها تهمس فى اذنها ان زوجها يريدها فى الخارج ربما قد يكون الامر عاديا لولا أن والدتها أنبئتها أنه يبدو عليه الانزعاج وربما الغضب ..أرتدت ملابسها كاملة وخرجت تبحث عنه فاشارت لها والدتها أنه ينتظرها فى المطبخ ..دخلت بسرعة إلى مطبخها فوجدته فعلا قد بدا عليه الضيق الشديد ..فرفعت نقابها ونظرت إليه بقلق وقالت متسأله:
- مالك يا حبيبى فى ايه
نظر إليها بضيق وقطب جبينه وقال منفعلا:
- مش عارفه فى ايه ..أنتى فاكره نفسك بتنشدى فى الصحرا لوحدك ..صوتك واصل بره عندنا يا هانم
أصفر وجهها وشحب وأتسعت عيناها وهى تضع يديها على وجهها ثم قالت بأحراج:
- ينهار ابيض والله ما كنت واخده بالى ..ثم نظرت له معتذرة وقالت :
- أنا اسفه يا حبيبى بالله عليك متزعلش مني
هدأ قليلاً وهو عاقداً ذراعيه خلف ظهره وقال معاتباً:
- أبقى خدى بالك بعد كده ..ثم مد يده ومسح وجنتها بظهر أنامله وقال بحب:
- ما أنتى عارفه انا بغير عليكى أزاى يا حبيبتى حتى صوتك محبش أن راجل غيرى يسمعه
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت مداعبةً له:
- ده أنت أرهابى بقى
أمسك وجهها بين كفيه وأحتواها بعينيه ..ثم قال:
- لو ده الارهاب فأنا أرهابى أصيل... ثم قبل جبهتها وقال مردفاً:
- ولابس حزام ناسف كمان
أبتسمت فى سكون وهى تمسك بيديه التى تحيط بوجهها فقال :
- أخبار رجلك ايه
نظرت له بدهشه وقالت:
- كويسه الحمد لله بتسأل ليه
مط شفتيه وقال:
- انا بقول نعمل الفرح والدخله بقى علشان نكمل التمارين فى بيتنا براحتنا الواحد يا شيخه مش حاسس أنه بيشتغل بضمير فى العلاج
أزاحت يديه ووضعت يديها حول خصرها قائلة:
- كل ده وضميرك لسه مستريحش
ابتسم وهو يرمقها بنظراته المتفحصه:
- كل ده ايه ده انا حاسس انى مقصر.. يرضيكى يعنى ضميرى يعذبنى
قالت وهى تعيد النقاب على وجهها مرة أخرى :
- مقصر ..لاء خاليك مقصر الله يخليك وأفلتت من يده وعادة الى النساء مرة اخرى أكثر اشراقاُ وجاذبيه فهكذا هى الزهرة كلما لاقت حباً وأهتماماً وعنايةً كلما زادت اشراقاً وتألقاً وتفتحاً وعبيراً...تفيض على من حولها بشذاها
أنتهت حفلة عقد القران وأستأذن بلال والد عبير أن يخرجا سوياً وخرج معها من منزلها اصابعهما متشابكة كما كان يحلم دائماً وهى تقول :
- بلال أنا مكسوفه أمشى فى شارعنا وأحنا ماسكين ايد بعض كده
بلال :
- ليه يا حبيبتى هو انتى صاحبتى ده انتى مراتى
****************
دفعت عزه عمرو بعيدا عنها بهدوء وقالت بارتباك :
- ايه يا عمرو ده مينفعش كده على فكره
نظر إليها بضيق وقال متبرماً:
- ايه يا عزه أنا جوزك دلوقتى
- يا عمرو دى اول مره نقعد فيها مع بعض ارجوك تراعى الحكايه دى
أسند مرفقيه على مائدة الطعام امامه وقال معتذرا :
- حاضر هراعى بس انتى كمان راعى أنى بحبك وأنى شاب زى كل الشباب وطول عمرى بشوف بنات وشباب وعلاقتهم مفتوحه كأنها مراته فى كل حته بمشى فيها فى البلد ورغم كده عمرى ما عملت زيهم عارفه ليه ..وقبل أن تجيب قال :
- علشان بحبك وعمرى ما حبيت أنى ارتبط بواحده غيرك لا فى حلال ولا فى حرام مينفعش بقى تيجى بعد كل ده وتقوليلى مينفعش يا عمرو
كادت عزه ان تبكى وهى تشعر بضغطه عليها بكلماته وأستعجاله للأمور بهذا الالحاح المتواصل ومحاولاته المستمره
*************
سار بلال بجوار عبير بمحاذاة كورنيش النيل متعانقة ايديهما متشابكة اصابعهما نظر لها ليرى بعض علامات الضيق والاضطراب ظاهرة بوضوح فى عينيها فقال:
- مالك يا حبيبتى ايه اللى مضايقك
- مش شايف المناظر يا بلال هى البنات دى مش مكسوفه وهى واقفه بالشكل ده طب مش خايفين من اهاليهم
...بلاش اهاليهم مش خايفين من ربنا طيب
هز راسه باسى وكأن حديثها اثار شجونه وقال:
يعنى انتى من مره واحده وقلتى كده وأضايقتى من المناظر اومال أنا أعمل ايه اللى على مدار حياتى شفت اضعاف اضعاف المناظر دى ده غير الاشكال اللى كنت بقابلها فى شغلى ايام ما كنت بشتغل فى مركز كبير بعد تخرجى وكان بيورد علينا رجاله وستات والحاجات اللى كانت بتتعرض عليا ساعتها ورغم كده الواحد كان بيستحمل وبيصبر وبيغض بصره عن الحرام
قالت عبير بحنان:
- وكنت بتقدر تستحمل كده ده ازاى يا حبيبى
- علشان ربنا يا عبير ...كنت بصبر وبصوم كتير وبخرج طاقتى فى شغلى وفى المشى والرياضة والحمد لله ربنا عصمنى
ثم نظر لها وقال بحب:
- مش كده وبس ..ده كمان كافأنى ورزقنى بزوجه صالحه زيك
ابتسمت رغم الشجن الذى لمسته من كلماته وحاولت تخفيف ما أستعاده من ذكريات قد تضيق بها نفسه وقالت بمرح :
- بس ايه يا عم الكاجوال الخطير ده الناس يقولوا ايه شيخ ولابس كاجوال
نظر إلى ملابسه وقال بزهو مصطنع:
- لا وكله كوم والتيشرت الفظيع ده كوم لوحده
ضحك كلاهما وهم يسيرو عكس أتجاه الطريق ليعودا أدراجهما إلى منازلهم وتركوا خلفهم شباب متسكعه وبنات متخبطة فى شهوات الدنيا وملذات الحياه متسلقين زورقا للحب يتخبط بهم فى بحار عالية الامواج بعيدة القاع ذات اليمين وذات الشمال فهل يُأمل لهم النجاة وقد بعُد المرسى ...........
*******************
أستطاعت دنيا أن تتكيف على عالمها الجديد فلا تدخل ولا تخرج الا بصحبة والدتها وقد اشرفت والدتها بنفسها على شراء ملابسها الجديده فأختارت لها كل ما هو طويل وغير مكشوف وتغيرت طريقة لبس دنيا بالكامل مما جعل فارس يشعر انهما على بداية الطريق الصحيح وأنها من الممكن أن تتغير فعلا وأنه أحسن الاختيار ...ولكنه لم يعرف أنها كانت تجاريهم فقط لتمر الازمة على خير وفى كل الحالات هى تحب فارس ولا باس عندها من الزواج به ..
حاولت والدة فارس أن تجعل حفل كتب الكتاب فى منزلها نظرا لظروف وفاة والدها ولكن والدتها أصرت أن تسير الامور بشكل طبيعى وأن يتم كتب الكتاب فى بيتها للأشهار فى منطقة سكنها ...
حضر عقد القران كل من عمرو وبلال وعبير وعزة ورغم المحاولات الكثيرة التى قام بها فارس لأصطحاب مُهرة معهم ولكنها رفضت بشدة بل وتصنعت المرض لكى لا تذهب معهم ...
بعد كتب الكتاب أصرتا عزه وعبير على المغادرة فى سرعه فلقد كانت دنيا تتعامل معهم ببرود وبابتسامه خاويه من اى ترحيب مما جعلهن يشعرن بالوحدة فى بيتها وطلبا المغادرة بعد تهنئتها بالزواج بصحبة والدة فارس ...غادر الجميع وتركت والدة دنيا لفارس المجال أن يجلس مع دنيا قليلا على أنفراد بعد ان اصبحت زوجته قبل أن ينصرف هو الاخر بعد أن طبع قبلة رقيقة على وجنتها مودعاً أياها
ومرت الشهور تلو الشهور وسنة يعقبها سنه تتسابق وتتلاحق وكأنها فأر يقرض فى عمر الزمن فى سرعة وخفة لا يشعر بها أحد وماهى الا أعمار تنتهى وأعمار تبدأ وحياة تنتهى وحياة تولد والفائز هو من استغل عمره فى حسن عمله ...
كان فارس قد حصل على الماجيستير وبدأ فى رسالة الدكتوراه فى همة عالية
ورزق بلال من عبير باربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الاقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات وهذه هى البركة التى لا يعلم عنها الكثير فى هذا الزمن
وحاول عمرو اقناع والد عزه بأن يتم الزواج فى شقة والده ولكن والدها رفض نظراً لان لديه أخ صغير وهو محمود والذى كان قد أنهى الثانويه وألتحق بالجامعة هو ويحيى صديقة فكيف ستعيش عزه مع محمود فى منزل واحد فبائت المحاوله بالفشل وبدأ عمرو فى البحث عن شقة ايجار فى مكان قريب منهم
وبدأت مُهرة فى مرحله جديدة وهى مرحلة المراهقه بعد أن أصبحت فى الصف الثانى الثانوى..ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهوله ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى افعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير .... كانت أنوثتها قد لاحت فى الافاق ولكن فارس لم يراها يوماً إلا طفلته الصغيرة العنيدة التى يفخر بها وبصدعها للحق دائما فى وجه المخطا لا تخاف لومة لائم
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل الخامس عشر )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس عشر ) |
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس عشر )
طرق عمرو باب حجرة المكتب الخاص بإلهام ودلف إليها مبتسماً أبتسامة روتينية بعد أن ألقى التحية ...اشارت له إلهام بالجلوس وهى تتأمله متفحصة وأرتسمت على شفتيها الابتسامة المعتادة التى تغزوها كلما رأته ثم قالت بنعومه:- أيه يا بشمهندس يعنى محدش بيشوفك
لم يستطع أن يغالب المزاح بداخله فوجد نفسه قائلا:
- والله ..وفيها ايه لما يشوفنى يعنى
قطب جبينها وقالت بعدم فهم:
- هو مين ده !!
رفع حاجبيه وهو يقول:
- محدش
أبتسمت وهى تضيق عينيها قليلا ناظرة إليه وقالت:
- ايه ده وكمان دمك خفيف..
وخضعت بالقول وهى تردف:
- مش كفايه ذكى ووسيم وجذاب كمان دمك خفيف لاء كده مش هاستحمل
أبتلع عمرو ريقة وهو حانقاً على نفسه وعلى دعابته هل اصبحت الدعابه تسرى فى دمه لهذه الدرجه فلا يستطيع وضع احاديثه فى نصابها الصحيح ومع الشخص الصحيح .. رآها تنهض من مجلسها وتقف خلفه وقالت :
- عمرو.. انا عاوزه أتكلم معاك شويه بره الشغل ... أنت بيبقى وراك حاجه بالليل
قالت كلمتها الاخيرة هذه وهى تلامس خصلات شعره من الخلف مما جعله ينتفض واقفاً وبحث عن مخرج مناسب لا يتسبب قى أنهاء حياته العمليه من الشركة ولكنها لم تنتظره طويلا وأعتبرت صمته تفكير فى الامر فاقتربت أكثر لتحثه على الموافقه وتعده بما ليس له بل وليس من حقه بدنوها منه إلى هذه الدرجه حتى شعر بانفاسها من خلف أذنيه واشتم رائحة عطرها النفاذ تزكم أنفه رغماً عنه لتوقظ بعض مشاعره الدفينه وشعر بدفء جسدها بملامسة ظهره وسمعها تقول بهمس كالفحيح:
- أيه رأيك نتعشى سوا الليله
وفجأة فُتح الباب ودلف المهندس صلاح فى عجلة من أمره ولكنه توقف أمام ذلك المشهد ..عمرو واقفاً فى توتروإلهام تقف خلفه مقتربة منه بشده ..وقف جامداً ينظر إليهما ولكنها كانت فرصة سانحه وجدها عمرو للهروب بدون عواقب كما كان يفكر قبل دخول صلاح عليهما ..تنحنح وهو يتحرك فى اتجاه صلاح ووقف بجواره قائلا:
- طب أستأذن أنا علشان عندى شغل كتير
بمجرد أن خرج عمرو حتى قامت عاصفة إلهام الرعديه وظلت ترعد وتؤنب صلاح على دخوله بغير أذن وبغير ميعاد ...وضع صلاح الملف الذى كان يحتاج إلى توقيعها امامها على المكتب وأنصرف على الفور وتركها وسط حممها المتصاعدة وعاد لعمله .. فوجئ بوجود عمرو فى مكتبة ينتظره..ألقى عليه نظرة عتاب كبيرة وهو يجلس خلف مكتبة ويتابع عمله بصمت...وقف عمرو مدافعاًعن نفسه وقال:
متبصليش كده يا بشمهندس أنا والله ما عملت حاجه
رفع صلاح عينيه إليه قائلا:
- معملتش اه لكن سكت والانسان اللى يسكت على الغلط يبقى مشارك فيه ومينفعش بعد كده انه يلوم اللى هيطمع فيه بعد كده نتيجة سكوته وزى ما بيقولوا السكوت علامة الرضا
قال عمرو بأنفعال وهو يجلس :
- أنا مكنتش ساكت أنا كنت بدور على طريقة مناسبه أهرب بيها من الموقف
- الحكايه مش محتاجه تفكير يا عمرو أنت بتخاف على شغلك ومستقبلك أكتر ما بتخاف من ربنا . .. وأنا حذرتك كتير ونبهتك كتير بس أنت شكلك مش هتتعلم ببلاش ..اللى بيسيب الباب موارب يابنى مايزعلش لما يدخله منه شر بعد كده
خرج عمرو من مكتب المهندس صلاح يضيق بنفسه ذرعاً ولا يعلم لماذا يتهاون إلى هذا الحد هل كما قال صلاح فعلا هو يخاف على مستقبلة وعمله أكثر من خوفه من خالقه ...نفض الفكرة عن رأسه مستنكراً لها ولكنه لم يستطع أن ينفض تلك المشاعر التى عاشها والتى أستقيظت بداخله منذ لحظات فى مكتب إلهام فمازال يشتم عطرها النفاذ ومالزال يشعر بلمستها ...لم يستطع أن يغالب هذا الشعور الذى يجتاحه فخرج فورا من الشركة عائداً لمنزله تصارعه مشاعر شتى وبدلاً من أن يدخل منزله وجد نفسه يتوجه إلى بيت خطيبته قاصداً اياها ...
****************************************************
دخل والد عزه على زوجته وبناته المجتمعين فى غرفة عبير ينظر إليهم نظرات حائرة فقالت زوجته على الفور:
- خير يا حاج عمرو كان عاوزك ف أيه
نظر إلى عزه قائلا:
- عاوز يكتب الكتاب
تبادلت عزه النظرات مع والدتها التى قالت:
- وايه اللى طلعها فى دماغه فجأة كده مش كنا متفقين هنستنى شويه
قال زوجها موجهأً حديثه لأبنته متسائلاً:
- أنتى رايك ايه يا عزه يابنتى ..
قالت عزه وهى حائرة:
- مش عارفه يا بابا ...حضرتك رايك ايه ؟
- أنا يابنتى قولتله أحنا متفقين نستنى شويه لكن جوز أختك كان قاعد وسامع الكلام وقعد يقنع فيا أنى أوافق
تدخلت عبير قائلة:
- بيتهيالى يا بابا بلال معاه حق نتوكل على الله وأهو أحسن من الخطوبه اللى مالهاش لازمه دى لا بيعرفوا يتكلموا ولا يقعدوا مع بعض خالص زيه زى أى حد غريب
*******************
تم تحديد ميعاد عقد قران عزه وعمرو بعد أسبوع ليصبح فارس هو أخر من يتم عقد قرانه بينهم وفى هذه الفترة كان عمرو يتهرب من اى لقاء يجمعه بإلهام وكان المهندس صلاح يساعده على ذلك ويتصدر هو لاى عمل يتطلب وجود عمرو معها فى مكان واحد وجاء اليوم المنتظر وكان بسيطاً كالذى سبقه تماماً يجتمع فيه الاهل والاحبة والجيران فى منزل العروس ليتم عقد القران بينهم وبحضور الشاهدين فارس وبلال ويالها من مفارقة ...كانت فى يوم من الايام تتمناه زوجاً وها هو اليوم يشهد على عقد قرانها ويزيل عقدها بتوقيعه المميز ..
أجتمعت بعض النساء فى الداخل ينشدون لعزه الاناشيد بقيادة عبير التى كانت قد تحسنت كثيرا بفضل تمارين بلال المكثفه و< بضمير > كما كان يقول ويبدو أن ضميره هذا قد أنعكس على حالتها النفسية كثيراً فقد كانت تبدو كما لو كانت هى العروس وكأنها فى العشرين من ربيعها وهى تغرد بأناشيدها المحببة وتضرب بالدف فى سعادة وقوة وتتنقل بين النساء كالفراشة التى تتنقل بين الزهور فى بستان المودة والرحمه التى نهلت منه منذ أن أصبحت زوجة لـ بلال وحبيبة لقلبه الفياض ...
وأثناء انشغالها سمعت أمها تهمس فى اذنها ان زوجها يريدها فى الخارج ربما قد يكون الامر عاديا لولا أن والدتها أنبئتها أنه يبدو عليه الانزعاج وربما الغضب ..أرتدت ملابسها كاملة وخرجت تبحث عنه فاشارت لها والدتها أنه ينتظرها فى المطبخ ..دخلت بسرعة إلى مطبخها فوجدته فعلا قد بدا عليه الضيق الشديد ..فرفعت نقابها ونظرت إليه بقلق وقالت متسأله:
- مالك يا حبيبى فى ايه
نظر إليها بضيق وقطب جبينه وقال منفعلا:
- مش عارفه فى ايه ..أنتى فاكره نفسك بتنشدى فى الصحرا لوحدك ..صوتك واصل بره عندنا يا هانم
أصفر وجهها وشحب وأتسعت عيناها وهى تضع يديها على وجهها ثم قالت بأحراج:
- ينهار ابيض والله ما كنت واخده بالى ..ثم نظرت له معتذرة وقالت :
- أنا اسفه يا حبيبى بالله عليك متزعلش مني
هدأ قليلاً وهو عاقداً ذراعيه خلف ظهره وقال معاتباً:
- أبقى خدى بالك بعد كده ..ثم مد يده ومسح وجنتها بظهر أنامله وقال بحب:
- ما أنتى عارفه انا بغير عليكى أزاى يا حبيبتى حتى صوتك محبش أن راجل غيرى يسمعه
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت مداعبةً له:
- ده أنت أرهابى بقى
أمسك وجهها بين كفيه وأحتواها بعينيه ..ثم قال:
- لو ده الارهاب فأنا أرهابى أصيل... ثم قبل جبهتها وقال مردفاً:
- ولابس حزام ناسف كمان
أبتسمت فى سكون وهى تمسك بيديه التى تحيط بوجهها فقال :
- أخبار رجلك ايه
نظرت له بدهشه وقالت:
- كويسه الحمد لله بتسأل ليه
مط شفتيه وقال:
- انا بقول نعمل الفرح والدخله بقى علشان نكمل التمارين فى بيتنا براحتنا الواحد يا شيخه مش حاسس أنه بيشتغل بضمير فى العلاج
أزاحت يديه ووضعت يديها حول خصرها قائلة:
- كل ده وضميرك لسه مستريحش
ابتسم وهو يرمقها بنظراته المتفحصه:
- كل ده ايه ده انا حاسس انى مقصر.. يرضيكى يعنى ضميرى يعذبنى
قالت وهى تعيد النقاب على وجهها مرة أخرى :
- مقصر ..لاء خاليك مقصر الله يخليك وأفلتت من يده وعادة الى النساء مرة اخرى أكثر اشراقاُ وجاذبيه فهكذا هى الزهرة كلما لاقت حباً وأهتماماً وعنايةً كلما زادت اشراقاً وتألقاً وتفتحاً وعبيراً...تفيض على من حولها بشذاها
أنتهت حفلة عقد القران وأستأذن بلال والد عبير أن يخرجا سوياً وخرج معها من منزلها اصابعهما متشابكة كما كان يحلم دائماً وهى تقول :
- بلال أنا مكسوفه أمشى فى شارعنا وأحنا ماسكين ايد بعض كده
بلال :
- ليه يا حبيبتى هو انتى صاحبتى ده انتى مراتى
****************
دفعت عزه عمرو بعيدا عنها بهدوء وقالت بارتباك :
- ايه يا عمرو ده مينفعش كده على فكره
نظر إليها بضيق وقال متبرماً:
- ايه يا عزه أنا جوزك دلوقتى
- يا عمرو دى اول مره نقعد فيها مع بعض ارجوك تراعى الحكايه دى
أسند مرفقيه على مائدة الطعام امامه وقال معتذرا :
- حاضر هراعى بس انتى كمان راعى أنى بحبك وأنى شاب زى كل الشباب وطول عمرى بشوف بنات وشباب وعلاقتهم مفتوحه كأنها مراته فى كل حته بمشى فيها فى البلد ورغم كده عمرى ما عملت زيهم عارفه ليه ..وقبل أن تجيب قال :
- علشان بحبك وعمرى ما حبيت أنى ارتبط بواحده غيرك لا فى حلال ولا فى حرام مينفعش بقى تيجى بعد كل ده وتقوليلى مينفعش يا عمرو
كادت عزه ان تبكى وهى تشعر بضغطه عليها بكلماته وأستعجاله للأمور بهذا الالحاح المتواصل ومحاولاته المستمره
*************
سار بلال بجوار عبير بمحاذاة كورنيش النيل متعانقة ايديهما متشابكة اصابعهما نظر لها ليرى بعض علامات الضيق والاضطراب ظاهرة بوضوح فى عينيها فقال:
- مالك يا حبيبتى ايه اللى مضايقك
- مش شايف المناظر يا بلال هى البنات دى مش مكسوفه وهى واقفه بالشكل ده طب مش خايفين من اهاليهم
...بلاش اهاليهم مش خايفين من ربنا طيب
هز راسه باسى وكأن حديثها اثار شجونه وقال:
يعنى انتى من مره واحده وقلتى كده وأضايقتى من المناظر اومال أنا أعمل ايه اللى على مدار حياتى شفت اضعاف اضعاف المناظر دى ده غير الاشكال اللى كنت بقابلها فى شغلى ايام ما كنت بشتغل فى مركز كبير بعد تخرجى وكان بيورد علينا رجاله وستات والحاجات اللى كانت بتتعرض عليا ساعتها ورغم كده الواحد كان بيستحمل وبيصبر وبيغض بصره عن الحرام
قالت عبير بحنان:
- وكنت بتقدر تستحمل كده ده ازاى يا حبيبى
- علشان ربنا يا عبير ...كنت بصبر وبصوم كتير وبخرج طاقتى فى شغلى وفى المشى والرياضة والحمد لله ربنا عصمنى
ثم نظر لها وقال بحب:
- مش كده وبس ..ده كمان كافأنى ورزقنى بزوجه صالحه زيك
ابتسمت رغم الشجن الذى لمسته من كلماته وحاولت تخفيف ما أستعاده من ذكريات قد تضيق بها نفسه وقالت بمرح :
- بس ايه يا عم الكاجوال الخطير ده الناس يقولوا ايه شيخ ولابس كاجوال
نظر إلى ملابسه وقال بزهو مصطنع:
- لا وكله كوم والتيشرت الفظيع ده كوم لوحده
ضحك كلاهما وهم يسيرو عكس أتجاه الطريق ليعودا أدراجهما إلى منازلهم وتركوا خلفهم شباب متسكعه وبنات متخبطة فى شهوات الدنيا وملذات الحياه متسلقين زورقا للحب يتخبط بهم فى بحار عالية الامواج بعيدة القاع ذات اليمين وذات الشمال فهل يُأمل لهم النجاة وقد بعُد المرسى ...........
*******************
أستطاعت دنيا أن تتكيف على عالمها الجديد فلا تدخل ولا تخرج الا بصحبة والدتها وقد اشرفت والدتها بنفسها على شراء ملابسها الجديده فأختارت لها كل ما هو طويل وغير مكشوف وتغيرت طريقة لبس دنيا بالكامل مما جعل فارس يشعر انهما على بداية الطريق الصحيح وأنها من الممكن أن تتغير فعلا وأنه أحسن الاختيار ...ولكنه لم يعرف أنها كانت تجاريهم فقط لتمر الازمة على خير وفى كل الحالات هى تحب فارس ولا باس عندها من الزواج به ..
حاولت والدة فارس أن تجعل حفل كتب الكتاب فى منزلها نظرا لظروف وفاة والدها ولكن والدتها أصرت أن تسير الامور بشكل طبيعى وأن يتم كتب الكتاب فى بيتها للأشهار فى منطقة سكنها ...
حضر عقد القران كل من عمرو وبلال وعبير وعزة ورغم المحاولات الكثيرة التى قام بها فارس لأصطحاب مُهرة معهم ولكنها رفضت بشدة بل وتصنعت المرض لكى لا تذهب معهم ...
بعد كتب الكتاب أصرتا عزه وعبير على المغادرة فى سرعه فلقد كانت دنيا تتعامل معهم ببرود وبابتسامه خاويه من اى ترحيب مما جعلهن يشعرن بالوحدة فى بيتها وطلبا المغادرة بعد تهنئتها بالزواج بصحبة والدة فارس ...غادر الجميع وتركت والدة دنيا لفارس المجال أن يجلس مع دنيا قليلا على أنفراد بعد ان اصبحت زوجته قبل أن ينصرف هو الاخر بعد أن طبع قبلة رقيقة على وجنتها مودعاً أياها
ومرت الشهور تلو الشهور وسنة يعقبها سنه تتسابق وتتلاحق وكأنها فأر يقرض فى عمر الزمن فى سرعة وخفة لا يشعر بها أحد وماهى الا أعمار تنتهى وأعمار تبدأ وحياة تنتهى وحياة تولد والفائز هو من استغل عمره فى حسن عمله ...
كان فارس قد حصل على الماجيستير وبدأ فى رسالة الدكتوراه فى همة عالية
ورزق بلال من عبير باربع توائم دفعة واحدة وكأن الله سبحانه وتعالى قد صرف لها الاقدار ومنحها دفعة واحدة جوائزه وعطاياه كما لو كانت تزوجت منذ سنوات وهذه هى البركة التى لا يعلم عنها الكثير فى هذا الزمن
وحاول عمرو اقناع والد عزه بأن يتم الزواج فى شقة والده ولكن والدها رفض نظراً لان لديه أخ صغير وهو محمود والذى كان قد أنهى الثانويه وألتحق بالجامعة هو ويحيى صديقة فكيف ستعيش عزه مع محمود فى منزل واحد فبائت المحاوله بالفشل وبدأ عمرو فى البحث عن شقة ايجار فى مكان قريب منهم
وبدأت مُهرة فى مرحله جديدة وهى مرحلة المراهقه بعد أن أصبحت فى الصف الثانى الثانوى..ولكنها ظلت البنت العنيدة التى لا تستسلم بسهوله ولا تصمت على شىء تراه خطأ من وجهة نظرها وكانت تحاكى افعال فارس فى كل شىء بل وتتحدث مثله وتستمع إليه وتدون النقاط المهمة فى حديثه تحفظها عن ظهر قلب حتى أن الجميع كان يلقبها بالفارس الصغير .... كانت أنوثتها قد لاحت فى الافاق ولكن فارس لم يراها يوماً إلا طفلته الصغيرة العنيدة التى يفخر بها وبصدعها للحق دائما فى وجه المخطا لا تخاف لومة لائم
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السادس عشر من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن،
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا