أصدقائي الأعزاء متابعي موقع قصص 26 يسعدني أن أقدم لكم الفصل السابع عشر من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن وهي رواية رومانسية واقعية ذات طابع ديني تتسم بالكثير من الأحداث والمواقف المتشابكة التي ستنال اعجابك بالتأكيد فتابع معنا.
- تعالى يا أم العيال أدخلى
دخلت مُهرة وهى تضحك لمداعبة أم فارس وجلست ووضعت الطفل على قدمها وأخذت تهزة وتأرجحه وهى تقول:
- اه والله يا طنط أنا حاسه انى انا أمهم فعلا
أعطتهم أم فارس أحد قطع الالعاب الصغيرة وهى تقول:
- من يوم ما شوفتيهم بعد ما أتولدوا وأنتى شايلاهم بصراحه يا مُهرة أنتى شلتى عبء كبير عن عبير
وضعت مُهرة يديها فى خصرها وهى تقول بمشاغبة:
- يا سلام مش ساعتها كنتوا بتقولوا صغيره ومش هتعرف تخلى بالها منهم
وعزة مش مكفيها تاخد منهم واحد لا كمان كانت طمعانه فى اللى حطيت عينى عليه
ضحكت ام فارس وهى تقول باستغراب:
- هما طبق كشرى بتفرقى يابنتى دول أطفال صغيرة
- بس عرفت اخد بالى منهم ولا لاء
قالت أم فارس بإعجاب :
- بصراحه عرفتى وابصملك بالعشرة
دارت مُهرة ببصرها فى المنزل وهى تقول:
- هو فارس لسه مجاش من الشغل
ضربت أم فارس بيدها على جبينها وهى تقول متذكرة:
- الاكل على النار يخرب عقلك يا مُهرة نستينى
نهضت واقفة وتابعت وهى فى طريقها للمطبخ:
- ده زمانه جاى هو ومراته ..عازمها على الغدا عندنا النهارده
مطت شفتيها بأمتعاض وهى تقول بصوت عالى :
- الله يكون فى عونك يا طنط أنا عارفه هتستحمليها ازاى
خرجت ام فارس من المطبخ ونظرت إلى مُهرة بعتاب وقالت:
- لاء يا مُهرة محبش أسمعك بتقولى كده لو فارس سمعك هيزعل أوى دى مراته برضه
لوحت مُهرة بيدها وهى تقول معترضه:
- لاء مش مراته دى خطيبته بس
أبتسمت أم فارس وهى تقول :
- لاء مدام كتب كتابه عليها تبقى مراته
قالت كلمتها الاخيره وعادت للمطبخ ثانية تكمل ما بدأته من طعام الغذاء ..وضعت مهُرة الطفلين على الاريكة وأخذت تلاعبهما وتضاحكهما ببعض الالعاب ثم وضعتهم على الارض يمرحان بألعابهم ووقفت تنظر لغرفة فارس التى اعتادت الدخول إليها يوميا وهو غير موجود فى البيت ... وقفت وسط الغرفة تتأمل المكان حولها وكأنها تدخل لاول مرة وفعلت كما تفعل يوميا ..جلست خلف مكتبه الصغير وفتحت احد أدراجه وأخرجت بعض من صورها الذى أُلتقطت لها وهى صغيرة ومازال فارس محتفظا بها فى درج ذكرياته كما يسميه...تأملت صورها قليلا وهى تبتسم تارة لصورتها بشعرها الاشعث المتناثر وصورة اخرى بملابس العيد الجديدة وصورة جمعت بينهما وهما ينظران لبعضهما البعض ويخرج كل منهما لسانه للآخر بمشاغبة وهى تحمل دميتها المفضلة باربى هدية فارس لها...
أنتزعها من ذكرياتها صوت ثلاث طرقات على باب الشقه تعرفهم جيدا وتحفظ نغمتهم ..أعادت الدرج الى وضعه سريعاً وخرجت مسرعة فوجدت والدته قد سبقتها وفتحت الباب قبلها ورأت دنيا تدلف من الباب ونظرها مصوب بأتجاه مهُرة رغم أنها تقبل أم فارس وتصافحها ...دخل خلفها فارس يلقى السلام فوجد مُهرة واقفة مستندة على حافة باب غرفته المفتوحه
فابتسم لها وقال محذراً:
- عارفه لو لعبتى فى شغلى من ورايا هعمل فيكى ايه
قالت بأندفاع :
- لا والله ما لعبت فى حاجه
أبتسم فارس وهو يشير لدنيا موجهاً حديثه لمُهرة قائلا:
- مش هتسلمى على ابله دنيا
نظرت لها مُهرة فوجدتها تنظر لها ببرود وتبتسم لها ابتسامة صفراء فبادلتها نفس الابتسامه ونفس النظرة وهى تضغط كلمتها قائلة:
- اهلاً
نظرت لها دنيا بحدة وقالت:
- يصح بنت كبيرة كده تدخل اوضة راجل غريب هى مامتك مبتعلمكيش الحاجات دى ولا ايه
نظر لها فارس بضيق ولمعت الدموع فى عينيى مُهرة بينما قالت ام فارس وهى تنظر لها بجديه:
- هى مبتدخلش الاوضه وهو موجود
ثم تابعت بضيق:
- مُهرة غاليه عليا ومحبش حد يكلمها كده ابداً حتى لو كان فارس نفسه
عقدت دنيا ذراعيها امام صدرها وقالت بتهكم:
- يا طنط انا اللى مرات ابنك مش هيه
جذبها فارس من ذراعها برفق وقال بحسم:
- دنيا ..هنتكلم فى الموضوع ده كام مره مش خلصنا منه قبل كده ولا ايه
تحركت مُهرة بانفعال وهى تحبس دموعها وأخذت الطفلين وتوجهت بهما إلى الخارج واغلقت الباب خلفها بقوة وصعدت لشقتها
دخلت ام فارس المطبخ ودخل خلفها قبل راسها وقال معتذرا:
- أنا اسف يا أمى بالنيابه عنها معلش متزعليش علشان خاطرى
نظرت له أمه بعتاب وقالت :
- فهم مراتك ان مُهره زى بنتى واللى مبيحبهاش على الاقل يراعى انى بحبها وانها غاليه عليا
أحاط كتفيها وقال بحنو:
- ما انتى عارفه يا ماما ان مُهره غاليه عندى انا كمان وبعتبرها أختى الصغيرة ونفسى والله دنيا تحبها بس مش عارفه هى واخده موقف عدائى منها كده ليه
لاحت ابتسامة واثقة على شفتيها وقالت:
- انا بقى عارفه
رفع حاجبيه متعجباً وقال:
- عارفه ايه يا أمى
ربطت على كتفيه قائلة:
- مش وقته دلوقتى روح يالا اقعد معاها لتتقمص زى المره اللى فاتت وتاخد بعضها وتمشى
قبل راسها مرة أخرى وخرج من المطبخ متوجهاً إليها لم يجدها فى الصاله الخارجيه بحث بعينيه سريعاً فوجدها بداخل غرفته دلف خلفها فوجدها تنظر يمنةً ويسره وكأنها تبحث عن شىء ما لا تعرفه فقال:
- فى ايه بتدورى على حاجه ؟
كانت تظن أن مُهرة ربما تكون قد تركت لفارس رسالة أو شيئاً من هذا القبيل فى غرفته ولكنها قالت له :
- ابداً مفيش هو انا يعنى اللى اوضتك متحرمه عليا ولا ايه
لفها إليه ورفع راسها ينظر إليها وقال :
- دنيا ..أنتى اللى محرمه نفسك عليها ..هو فى حد يقعد كاتب كتابه 3 سنين
أزاحت يديه وقالت حانقةً:
- يوه بقى يا فارس انت كل ما تشوفنى تكلمنى فى الحكايه دى وبعدين ماهو عندك صاحبك عمرو مش ده برضه كتب كتابه معانا تقريبا ولسه مدخلش لحد دلوقتى
حاول فارس أن يتحكم بأعصابه وكتم غضبه حتى لا تستمع والدته لما يحدث بينهم فأخفض صوته وقال بضيق:
- وأحنا مالنا ومال عمرو وبعدين هو لو عليه كان زمانه دخل من زمان لكن ده من ساعة ما كتب كتابه وزى ما يكونوا بينتقموا منه فى شغلوا ومبهدلينوا فى مشاريع بره القاهره حتى مراته مبيشوفهاش غير مرتين تلاته فى السنه ...
و زفر بقوة ثم تابع قائلاً:
- وبعدين هو عنده مشكله فى الشقه لكن أحنا الشقه اللى هنتجوز فيها موجوده أهى وأنتى وافقتى لما كتبنا الكتاب وقلتى معندكيش مانع نقعد هنا
شعرت دنيا بالتوتر يسود بينهم وشعرت أن فارس غضبه يتصاعد فحاولت من تخفيف حدة النقاش قليلاً فغيرت نبرة صوتها وجعلتها أكثر نعومة وقالت:
- يا فارس ما أنت عارف ظروفى ده بدل ما تتفهم حالتى النفسيه بعد وفاة بابا الله يرحمه وبعدين مش أحنا كنا متفقين لما تخلص الدكتوراه علشان مفيش حاجه تعطلك عن الرساله وتخلصها بسرعه
وقبل أن يجيب سمع والدته تناديه من الخارج ..خرج إليها مسرعاً فقالت:
- الغدا خلص تعالى حط الاطباق معايا على السفرة وبعد كده تكملوا بعيد عن البيت
أنا وحده عندى الضغط ومش ناقصه حرق دم
*********************
أستيقظ بلال من نومه وهو يتململ فى فراشة نظر فى ساعته بعين مفتوحه وأخرى ..مغمضة هب واقفاً فى سرعة ليلحق بصلاة العصر فى المسجد ..توضأ وبدل ملابسه وسريعاً للخارج فوجد عبير تجلس بجوار والدته ويتسامران ..نظر لها بعتاب وقال:
- كده برضوا يا عبير ..أنا مش منبه عليكى تصحينى قبل الاذان بربع ساعه
نهضت وقالت معتذره:
- اسفه والله يا حبيبى كنت هدخل اصحيك من شويه والكلام خدنا انا وماما
نظر إلى والدته وهى تحمل طفله الصغير على قدمها وتلاعبه فقال وهو ينظر حوله:
- الله أومال فين باقى الولاد نايمين ولا ايه
ضحكت والدته وهى تقول:
- لا مش هنا اصلاً واحد مع عزه وأتنين مع مُهرة
نظر لهم متعجباً وأتجه إلى الباب وهو يتمتم:
- واحد مع عزه وأتنين مع مُهرة انا مش عارف هما دول ولادى ولا علبة ألوان
ألقى السلام وخرج وأغلق الباب خلفه متوجهاً للمسجد
جلست عبير وهى تحمل الطفل عن أم بلال وهى تقول:
- والله يا ماما أنا ما كنت عارفه هعمل ايه فى العيال دى لوحدى لولا أن ربنا من عليا بعزه ومُهرة وأنتى كمان يا ماما بتتعبى معانا اوى ربنا يخاليكى لينا
ربطت ام بلال على كتفها برضا وأردفت تقول:
- انا مكنتش مستغربه من عزه لانها كبيرة ماشاء الله وتقدر تخلى بالها من طفل صغير اللى كنت مستغربه منه بجد هى مُهرة ...تعرفى يا عبير لما شفتها فى فرحك حسيت أن البنت دى هتبقى قريبه مننا أوى وحسيت انى اعرفها من زمان ولما ولدتى وجبتى الاربعه ماشاء الله صممت تيجى تقعد معاكى وأمها بصراحه مقالتش لاء ...وفى أسبوع واحد كانت أتعلمت تتعامل مع العيال أزاى وتديهم الرضعه وتنيمهم والعيال كمان أتعلقت بيها أوى ..بس تعرفى يا عبير أمها كمان بتحبك أوى
ابتسمت عبير وهى تقول:
- أم يحيى دى غلبانه اوى يا ماما هى اللى شايله بيتها على كتفها جوزها اصلا بيخرج الفجر مبيرجعش غير بعد نص الليل ولا يعرف حاجه عن ولادوا ومكبر دماغوا ..لما كلمتها عن الصلاة لقيتها ياعينى متعرفش حاجه ومن ساعة ما اتعلمت وهى مواظبه عليها وبتحبنى أوى من ساعتها
أبتسمت لها أم بلال وقالت بحنان:
- انتى يا عبير بترضى ربنا علشان كده ربنا بيحبك وبيخلى الناس الكويسه كلها تحبك وتتعلق بيكى يابنتى
عاد بلال من المسجد فوجدهما فى مكانهما كما تركهما ..دخل وأغلق الباب خلفه ينظر إليهم بابتسامة وهو يردد دعاء دخول المنزل ..
- بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى ربنا توكلنا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقبلت عبير عليه بابتسامه فقبلها على جبينها وأتجه إلى أمه وقبل كفها وحمل عنها طفله الصغير فقالت عبير :
- ثوانى هحضر الغدا ..أوقفها نداء زوجها فالتفتت إليه متسائله فاقترب منها قائلاً:
- صليتى العصر
قالت بسرعة وهى تستدير للتوجه للمطبخ مرة أخرى:
- لاء لسه هحضر الغدا وأروح اصليه
جذبها من ساعدها برفق وقال:
- تعالى يا عبير عاوزك فى كلمتين
أخذها ودخل بها غرفتهم وأغلقها خلفه ...أستدار لها ينظر إليها وأبتسم وهو يقترب منها ويتحسس وجنتها بأنامله فى رقة وقال :
- على فكره انا زعلان منك أوى يا حبيبتى
قطبت جبينها وقالت بلهفه :
- ليه يا بلال أنا عملت ايه
قال وهو مازال يداعب وجنتها برفق:
- مش ملاحظه يا عيون بلال انك من ساعة ما ربنا رزقنا بالاولاد وانتى بتأخرى الصلاة
خفضت نظرها فى خجل وقالت :
- معاك حق يا حبيبى بس والله بيبقى غصب عنى ...بعمل حاجات كتيرة والولاد وشغل البيت بيخلونى باخرها غصب عنى
قبلها على وجنتها قائلا:
- روح قلبى ..أنتى عارفه كويس أن مينفعش نقدم اى حاجه على الصلاة مهما كانت الحاجه دى ايه ..عارفه لو أول ما سمعتى الاذان سبتى كل اللى فى ايدك وروحتى أتوضيتى وصليتى ...
هترجعى تلاقى الحاجه بتتعمل بسهوله ويسر أكتر من لو أخرتى الصلاه علشانها ...يعنى لو سبتى الطبيخ وروحتى صليتى هترجعى تكملى وأنتى مرتاحه والاكل هيطلع فيه بركة من ربنا ...
لو بداتى تتهاونى فى مواعيد الصلاه يا عبير هتلاقى نفسك يوم ورا يوم بتصليها قبل الوقت اللى بعدها بخمس دقايق وواحده واحده هتسيبى النوافل والسنن لانك بتصليها يدوب على الوقت
وواحده واحده هتلاقى نفسك بتجمعى الصلوات مع بعض ....ماهو الشيطان مش هيجى يقولك مره واحده كده سيبى الصلاه لاء..ده هيجبهالك واحده واحده الاول تأخريها وبعدين تسيبى السنن وبعدين تجمعى الصلوات وبعد كده الله اعلم ...وأنا عارف أن حبيبتى هتاخد بالها بعد كده ولو الولد بيعيط حتى ...صلى وانتى شايلاه مفيهاش حاجه
أبتسمت عبير وهى تمسك بيده التى سكنت على وجنتها قالت بحب:
- ربنا يخاليك ليا يا حبيبى ...انا مبسوطه بيك اوى يا بلال ..لو كنت اتجوزت راجل مش ملتزم كنت هلاقى مين ينبهنى ويقولى الكلام ده وبالطريقة دى
أبتسم وهو ينظر لعينيها وقال بحب:
- لا اعملى حسابك مش كل مره هتكلم بالطريقة دى ..المره اللى جايه فى ضرب ومش أى ضرب ده هيبقى ضرب بضمير وطبعا أنتى عارفه ضميرى ..فاهمانى
ضحكت عبير وهى تحمل الطفل قائلة:
- الا عارفه أنت هتقولى على ضميرك برضه ..انا هروح بقى اصلى وبعدين أحضر الغدا
لحق بها عند باب الغرفه وقال:
- لا بلاش تدخلى المطبخ
ألتفتت له بدهشة وقالت متعجبة :
- ليه
قال بحب وهو يمسح على شعرها:
- بغير عليكى من عيون البوتاجاز
ضحكت عبير وأحمرت وجنتيها وخرجت مسرعة توضأت وصلت العصر وأعدت الطعام كأحسن ما يكون.. ولم لا فلقد بثها حناناً فأطعمته جمالاً..جعلها ملكةً فوضعته على عرش قلبها وتوجتةُ حاكماً وملكته صكوك غفرانها
*******************************
أخذت عزة الهاتف وسحبت السلك خلفها ودخلت غرفتها وأغلقتها خلفها وهى تضع سامعته على أذنها وتسندها بكتفها وابتسامتها واسعة ثم قالت بصوت خفيض:
- وحشتنى
قال مداعباً:
- أيه الجرأة دى كلها وحشتنى مره واحده ..الله يرحم اللى كانت قاعده جنبى يوم كتب كتابنا ومكنتش عاوزانى ألمسها اصلاً
أحمر وجهها وقالت بعتاب:
- كده يا عمرو طب انا غلطانه مش هقولك حاجه تانى
قال بسرعة :
- لالالالالا بهزر معاكى يا شيخه أنتى ايه ما بتصدقى علشان تمنعى عنى الدعم السنوى
أتجهت إلى فراشها وهى تحمل الهاتف وكأنها تحمل قلبها بين يديها بعنايه وجلست عليه وقالت بشوق:
- بجد يا عمرو هتيجى أمتى وحشتنى جدا جدا جدا
أستلقى على فراشه ووضع يده تحت راسه وقال بهمس:
- وأنتى كمان يا حبيبتى وحشتينى اوى بس غصب عنى والله بس عموماً هانت كلها أسبوعين وتلاقينى عندك وساعتها بقى يا جميل هبقى عاوز عشره يكتفونى زى الراجل ابو عضلات ده اللى بيقعد فى المولد يقول عاوز عشره يكتفونى وبعدين يعيط ويقول وعشرين يفوكونى
- اسبوعين يا عمرو لسه أسبوعين كمان وياترى بقى زى كل مره هتيجى يومين وتمشى تانى
أراد عمرو ان يغير مجرى الحديث فهو يعلم انها ستبكى بعد قليل كعادتها وتطالبه بترك شركته التى أتعبتها شوقاً له منذ عقد قرانه عليها فقال :
- فاكره يا وزه يوم كتب الكتاب عملتى فيا ايه بقى فى عروسه تسيب جوزها زعلان وتقعد تاكل هى
ابتسمت وقد تذكرت ذلك اليوم وقالت :
- هو انا يعنى كنت باكل جوع انا كنت بهرب منك أنت مكنتش شايف شكلك ساعتها
ضحك ضحكات رنانه أختلج لها قلبها وقال:
- بصراحه معاكى حق أنا كنت عامل زى القطر اللى من غير سواق
وضحك مرة اخرى وأختلج قلبها وخفق مرة اخرى وهى تستمع لمغازلاته وأشواقه وأنهت المكالمه كما تنهيها كل مرة هاتفةً:
- عمرو أنت مش مؤدب ..
وتضع سماعة الهاتف بارتباك وقد تلون وجهها وتنهض مقطبةً جبينها وهى تتوعده فى داخلها بنفس العباره..
- ماشى يا عمرو مش هكلمك تانى بالليل ولو أتصلت مش هرد عليك....
************************************************
وفى الليل دخل فارس فراشة وأستلقى فى أرهاق شديد ..أمسك جبينه بيديه يشعربألم شديد فى رأسه ...نهض مرة أخرى وجلس خلف مكتبة الصغير يبحث عن حبات مسكنة للصداع تناول واحدة منها وشرع فى إغلاق درج مكتبة مرة أخرى فوقع بصره على الصور الفوتوغرافية الصغير مبعثرة داخله فأبتسم وقد علم أن مُهرة كانت تشاهدها وأغلقت الدرج سريعاً بحيث بعثرت ما به ...أعادها بعناية كما كانت سابقاً وهو يحاول أن يذكر نفسه بأن يحضر ألبوماً للصور لكى يحافظ عليها من أى اهمال قد يصيبها فهى تمثل حقبة مهمة من حياته منذ أن كان صبياً فى الحادية عشر من عمره ووُلدت مُهرة فى غياب والدها وحملها طوال الليل بعد أن اهملها الجميع فكان الجميع منشغلاً فى والدتها التى أُصيبت بنزيف حاد بعد ولادتها وأعطتها له والدته يحملها ويرعاها ووضعت بجوار كوب به ماءاً مختلطاً بالسكر ليسقيها حتى تعود إليه ونسيها الجميع معه...كان يسقيها تارة ويتأملها تاره ويدور بها فى الغرفه حتى يسكت بكاؤها الذى لم يطل كثيراً وأخذ يفكر فى اسم يليق بملامحها البريئة حتى بزوخ فجر يوم جديد كان قد أستقر على أسمها الجديد والذى استقاه من أسمه وقد كانت مُهرة ..أنتزعه صوت هاتفه النقال من عالمه الخاص وابتسم وهو ينظر لاسم المتصل وأجابه على الفور:
- حظك حلو لسه كنت هعمل الموبايل صامت وهنام
ضحك عمرو وقال مداعباً:
- والله وعرفنا الموبايلات والصامت والحركات ربنا يخاليك لينا يا شارع عبد العزيز
ضحك فارس لدعابته وقال :
- والله عمرك ما هتتغير ده أنت تستحق البهدله اللى أنت فيها
زفر عمرو بقوة وهو يقول:
- وأى بهدله يا فارس أنا مش عارف هو انا مهندس ولا متهم وواخدينه كعب داير
- وأنا مش عارف أنت متمسك بالشركة دى كده ليه طالما مطلعين عينك
- أعمل ايه بس يا فارس منا دخت على شغل كتير مش لاقى حتى نص المرتب اللى باخده من الشركه دى
- خلاص بقى أستحمل ومتشتكيش
- انا متبعبش من الشغل وأنت عارف انا بس مضايق علشان عزة كل ما أكلمها الاقيها مضايقه من كتر سفرى والشحططه اللى أنا فيها وعماله تزن عليا علشان أسيب الشغل وانا بصراحه مش ناوى أسيبه الا لما الاقى حاجه أحسن
- بصراحه معاها حق انا لو منها أصمم مش عارف هى ليه بتسمع كلامك
ضحك عمرو وقال بثقة:
- يابنى أنا محدش يقدر يقف قدام جاذبيتى ...واردف قائلاً:
- وبعدين خلاص هانت بابا كلمنى وقالى أن فى شقة على اول شارعنا هتفضى قريب وإيجارها معقول أوى وهو ظبط مع صاحب البيت خلاص ...المهم أنت عامل ايه وهتدخل أمتى لما تخلل ولا قبلها بشويه ؟!!!
نظر فارس أمامه وقال بحسم:
- خلاص يا عمرو انا مش هستحمل أعذارها أكتر من كده كبيرها معايا شهرين اخلص فيها الرسالة ومش هقبل أى تأجيل تانى خلاص
تحدث قليلاً مع صديقه وعاد إلى فراشة مرة اخرى مستعداً للاستغراق فى نوم عميق ولكن عقله كان شاردأً فى علاقته بدنيا ووضع امامه علامات استفهام كبيرة ..هل حقاً هى التى تؤجل الزفاف بدون اسباب مقنعه ام هو الذى كان يوافقها على أسبابها تلك وكأنه يرحب بالتأجيل ...كيف ستسكن فى شقة واحدة مع أمى وهما مشاعرهما متنافرة تجاه بعضهما البعض لن يستطيع أن يترك امه وحدها مهما كانت الاسباب وخصيصاً أن أمه أمرأة خلُوقة لا تؤذى احداً بلسانها ولا بافعالها ولا تتطفل على احد ولن تسبب لهما أى ضيق فى حياتهما الزوجية هى فقط تريد من يرعاها ويذكرها بدوائها ويتسامر معها قليلا حتى لا تشعر بالوحدة فهل هذا كثيراً عليها فى مثل هذا العمر ....
*************************************
وفى الصباح خرجت مُهرة لتذهب لمدرستها ولكنها توقفت فجأة أمام باب شقة فارس ولمعت عينيها بفكرة مراهقه مثلها ..صعدت مرة اخرى أربع درجات من السلم للخلف ووقفت تنتظره فهو يذهب إلى عمله صباحاً فى هذا التوقيت وقفت أكثر من ربع ساعة حتى سمعت مقبض الباب يدور من الداخل والباب يفتح فتصنعت النزول وكأنها قابلته صدفه ...أبتسم لها قائلاً:
- صباح الخير يا مُهرة رايحه المدرسة ؟
أبتسمت فى خجل وقبل أن تجيبه وجدته قطب جبينه وهو يقول بجدية:
- ايه ده يا مُهرة الحجاب صغير كده ليه
وضعت يدها على أطراف حجابها ونظرت إليه وقالت:
- مش صغير ولا حاجه ده كبير بس بلفوا بطريقة معينه زى صحباتى ما بيعملوا
حك ذقنه قليلاً ثم طرق باب شقته ففتحت والدته ونظرت لهما دهشة وهى تقول:
- ايه يابنى نسيت حاجه ولا أيه
أشار إلى مُهرة وقال بضيق:
- أه نسيت نسيت أخد بالى منها بقالى بفترة طويله ..خديها يا ماما لو سمحتى جوه خاليها تظبط حجابها
وقفت مُهرة أمام المرآه تعدل من حجابها سريعاً وهى تتمتم متبرمة:
- يا طنط كل صحابتى بيلفوا طرحتهم كده
كانت والدته تنظر إليها فى صمت وشرود وهى تتحدث وتمط شفتيها وتتمتم فى ضيق وتحرك يديها فى سرعة لتثبت دبابيس الحجاب جيدا حتى أنتهت وألتفتت إليها قائله:
- ها كده كويس
أومأت لها والدته وقالت :
- أيوا كده كويس يالا بقى علشان متتأخريش على مدرستك اكتر من كده
ألقى فارس نظرة سريعة على حجابها وأستدار ليخرج متوجهاً لعمله وهو يقول:
- هجبلك النهارده وأنا راجع خمارات لف ...شغل الطرح ده مش عاجبنى
حملت مُهرة حقيبتها وخرجت تعدو لتلحق بمعاد المدرسة وأغلقت الباب خلفها ظلت أم فارس تنظر إلى الباب المغلق واجمةُ وبداخلها مشاعر كثيرة ودت لو كانت مخطأةُ فيها ...
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السادس عشر )
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السابع عشر ) |
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن ( الفصل السابع عشر )
طرقت مُهرة باب شقة فارس وهى تمسك بيدها بطفلين صغيرين لم يتما السنتين بعد ..أبتسمت أم فارس وتفتح لها الباب وتنظر إلى الولدين فى يدها وقالت وهى تنحنى لتأخذ واحدا منهما وتلاعبه:- تعالى يا أم العيال أدخلى
دخلت مُهرة وهى تضحك لمداعبة أم فارس وجلست ووضعت الطفل على قدمها وأخذت تهزة وتأرجحه وهى تقول:
- اه والله يا طنط أنا حاسه انى انا أمهم فعلا
أعطتهم أم فارس أحد قطع الالعاب الصغيرة وهى تقول:
- من يوم ما شوفتيهم بعد ما أتولدوا وأنتى شايلاهم بصراحه يا مُهرة أنتى شلتى عبء كبير عن عبير
وضعت مُهرة يديها فى خصرها وهى تقول بمشاغبة:
- يا سلام مش ساعتها كنتوا بتقولوا صغيره ومش هتعرف تخلى بالها منهم
وعزة مش مكفيها تاخد منهم واحد لا كمان كانت طمعانه فى اللى حطيت عينى عليه
ضحكت ام فارس وهى تقول باستغراب:
- هما طبق كشرى بتفرقى يابنتى دول أطفال صغيرة
- بس عرفت اخد بالى منهم ولا لاء
قالت أم فارس بإعجاب :
- بصراحه عرفتى وابصملك بالعشرة
دارت مُهرة ببصرها فى المنزل وهى تقول:
- هو فارس لسه مجاش من الشغل
ضربت أم فارس بيدها على جبينها وهى تقول متذكرة:
- الاكل على النار يخرب عقلك يا مُهرة نستينى
نهضت واقفة وتابعت وهى فى طريقها للمطبخ:
- ده زمانه جاى هو ومراته ..عازمها على الغدا عندنا النهارده
مطت شفتيها بأمتعاض وهى تقول بصوت عالى :
- الله يكون فى عونك يا طنط أنا عارفه هتستحمليها ازاى
خرجت ام فارس من المطبخ ونظرت إلى مُهرة بعتاب وقالت:
- لاء يا مُهرة محبش أسمعك بتقولى كده لو فارس سمعك هيزعل أوى دى مراته برضه
لوحت مُهرة بيدها وهى تقول معترضه:
- لاء مش مراته دى خطيبته بس
أبتسمت أم فارس وهى تقول :
- لاء مدام كتب كتابه عليها تبقى مراته
قالت كلمتها الاخيره وعادت للمطبخ ثانية تكمل ما بدأته من طعام الغذاء ..وضعت مهُرة الطفلين على الاريكة وأخذت تلاعبهما وتضاحكهما ببعض الالعاب ثم وضعتهم على الارض يمرحان بألعابهم ووقفت تنظر لغرفة فارس التى اعتادت الدخول إليها يوميا وهو غير موجود فى البيت ... وقفت وسط الغرفة تتأمل المكان حولها وكأنها تدخل لاول مرة وفعلت كما تفعل يوميا ..جلست خلف مكتبه الصغير وفتحت احد أدراجه وأخرجت بعض من صورها الذى أُلتقطت لها وهى صغيرة ومازال فارس محتفظا بها فى درج ذكرياته كما يسميه...تأملت صورها قليلا وهى تبتسم تارة لصورتها بشعرها الاشعث المتناثر وصورة اخرى بملابس العيد الجديدة وصورة جمعت بينهما وهما ينظران لبعضهما البعض ويخرج كل منهما لسانه للآخر بمشاغبة وهى تحمل دميتها المفضلة باربى هدية فارس لها...
أنتزعها من ذكرياتها صوت ثلاث طرقات على باب الشقه تعرفهم جيدا وتحفظ نغمتهم ..أعادت الدرج الى وضعه سريعاً وخرجت مسرعة فوجدت والدته قد سبقتها وفتحت الباب قبلها ورأت دنيا تدلف من الباب ونظرها مصوب بأتجاه مهُرة رغم أنها تقبل أم فارس وتصافحها ...دخل خلفها فارس يلقى السلام فوجد مُهرة واقفة مستندة على حافة باب غرفته المفتوحه
فابتسم لها وقال محذراً:
- عارفه لو لعبتى فى شغلى من ورايا هعمل فيكى ايه
قالت بأندفاع :
- لا والله ما لعبت فى حاجه
أبتسم فارس وهو يشير لدنيا موجهاً حديثه لمُهرة قائلا:
- مش هتسلمى على ابله دنيا
نظرت لها مُهرة فوجدتها تنظر لها ببرود وتبتسم لها ابتسامة صفراء فبادلتها نفس الابتسامه ونفس النظرة وهى تضغط كلمتها قائلة:
- اهلاً
نظرت لها دنيا بحدة وقالت:
- يصح بنت كبيرة كده تدخل اوضة راجل غريب هى مامتك مبتعلمكيش الحاجات دى ولا ايه
نظر لها فارس بضيق ولمعت الدموع فى عينيى مُهرة بينما قالت ام فارس وهى تنظر لها بجديه:
- هى مبتدخلش الاوضه وهو موجود
ثم تابعت بضيق:
- مُهرة غاليه عليا ومحبش حد يكلمها كده ابداً حتى لو كان فارس نفسه
عقدت دنيا ذراعيها امام صدرها وقالت بتهكم:
- يا طنط انا اللى مرات ابنك مش هيه
جذبها فارس من ذراعها برفق وقال بحسم:
- دنيا ..هنتكلم فى الموضوع ده كام مره مش خلصنا منه قبل كده ولا ايه
تحركت مُهرة بانفعال وهى تحبس دموعها وأخذت الطفلين وتوجهت بهما إلى الخارج واغلقت الباب خلفها بقوة وصعدت لشقتها
دخلت ام فارس المطبخ ودخل خلفها قبل راسها وقال معتذرا:
- أنا اسف يا أمى بالنيابه عنها معلش متزعليش علشان خاطرى
نظرت له أمه بعتاب وقالت :
- فهم مراتك ان مُهره زى بنتى واللى مبيحبهاش على الاقل يراعى انى بحبها وانها غاليه عليا
أحاط كتفيها وقال بحنو:
- ما انتى عارفه يا ماما ان مُهره غاليه عندى انا كمان وبعتبرها أختى الصغيرة ونفسى والله دنيا تحبها بس مش عارفه هى واخده موقف عدائى منها كده ليه
لاحت ابتسامة واثقة على شفتيها وقالت:
- انا بقى عارفه
رفع حاجبيه متعجباً وقال:
- عارفه ايه يا أمى
ربطت على كتفيه قائلة:
- مش وقته دلوقتى روح يالا اقعد معاها لتتقمص زى المره اللى فاتت وتاخد بعضها وتمشى
قبل راسها مرة أخرى وخرج من المطبخ متوجهاً إليها لم يجدها فى الصاله الخارجيه بحث بعينيه سريعاً فوجدها بداخل غرفته دلف خلفها فوجدها تنظر يمنةً ويسره وكأنها تبحث عن شىء ما لا تعرفه فقال:
- فى ايه بتدورى على حاجه ؟
كانت تظن أن مُهرة ربما تكون قد تركت لفارس رسالة أو شيئاً من هذا القبيل فى غرفته ولكنها قالت له :
- ابداً مفيش هو انا يعنى اللى اوضتك متحرمه عليا ولا ايه
لفها إليه ورفع راسها ينظر إليها وقال :
- دنيا ..أنتى اللى محرمه نفسك عليها ..هو فى حد يقعد كاتب كتابه 3 سنين
أزاحت يديه وقالت حانقةً:
- يوه بقى يا فارس انت كل ما تشوفنى تكلمنى فى الحكايه دى وبعدين ماهو عندك صاحبك عمرو مش ده برضه كتب كتابه معانا تقريبا ولسه مدخلش لحد دلوقتى
حاول فارس أن يتحكم بأعصابه وكتم غضبه حتى لا تستمع والدته لما يحدث بينهم فأخفض صوته وقال بضيق:
- وأحنا مالنا ومال عمرو وبعدين هو لو عليه كان زمانه دخل من زمان لكن ده من ساعة ما كتب كتابه وزى ما يكونوا بينتقموا منه فى شغلوا ومبهدلينوا فى مشاريع بره القاهره حتى مراته مبيشوفهاش غير مرتين تلاته فى السنه ...
و زفر بقوة ثم تابع قائلاً:
- وبعدين هو عنده مشكله فى الشقه لكن أحنا الشقه اللى هنتجوز فيها موجوده أهى وأنتى وافقتى لما كتبنا الكتاب وقلتى معندكيش مانع نقعد هنا
شعرت دنيا بالتوتر يسود بينهم وشعرت أن فارس غضبه يتصاعد فحاولت من تخفيف حدة النقاش قليلاً فغيرت نبرة صوتها وجعلتها أكثر نعومة وقالت:
- يا فارس ما أنت عارف ظروفى ده بدل ما تتفهم حالتى النفسيه بعد وفاة بابا الله يرحمه وبعدين مش أحنا كنا متفقين لما تخلص الدكتوراه علشان مفيش حاجه تعطلك عن الرساله وتخلصها بسرعه
وقبل أن يجيب سمع والدته تناديه من الخارج ..خرج إليها مسرعاً فقالت:
- الغدا خلص تعالى حط الاطباق معايا على السفرة وبعد كده تكملوا بعيد عن البيت
أنا وحده عندى الضغط ومش ناقصه حرق دم
*********************
أستيقظ بلال من نومه وهو يتململ فى فراشة نظر فى ساعته بعين مفتوحه وأخرى ..مغمضة هب واقفاً فى سرعة ليلحق بصلاة العصر فى المسجد ..توضأ وبدل ملابسه وسريعاً للخارج فوجد عبير تجلس بجوار والدته ويتسامران ..نظر لها بعتاب وقال:
- كده برضوا يا عبير ..أنا مش منبه عليكى تصحينى قبل الاذان بربع ساعه
نهضت وقالت معتذره:
- اسفه والله يا حبيبى كنت هدخل اصحيك من شويه والكلام خدنا انا وماما
نظر إلى والدته وهى تحمل طفله الصغير على قدمها وتلاعبه فقال وهو ينظر حوله:
- الله أومال فين باقى الولاد نايمين ولا ايه
ضحكت والدته وهى تقول:
- لا مش هنا اصلاً واحد مع عزه وأتنين مع مُهرة
نظر لهم متعجباً وأتجه إلى الباب وهو يتمتم:
- واحد مع عزه وأتنين مع مُهرة انا مش عارف هما دول ولادى ولا علبة ألوان
ألقى السلام وخرج وأغلق الباب خلفه متوجهاً للمسجد
جلست عبير وهى تحمل الطفل عن أم بلال وهى تقول:
- والله يا ماما أنا ما كنت عارفه هعمل ايه فى العيال دى لوحدى لولا أن ربنا من عليا بعزه ومُهرة وأنتى كمان يا ماما بتتعبى معانا اوى ربنا يخاليكى لينا
ربطت ام بلال على كتفها برضا وأردفت تقول:
- انا مكنتش مستغربه من عزه لانها كبيرة ماشاء الله وتقدر تخلى بالها من طفل صغير اللى كنت مستغربه منه بجد هى مُهرة ...تعرفى يا عبير لما شفتها فى فرحك حسيت أن البنت دى هتبقى قريبه مننا أوى وحسيت انى اعرفها من زمان ولما ولدتى وجبتى الاربعه ماشاء الله صممت تيجى تقعد معاكى وأمها بصراحه مقالتش لاء ...وفى أسبوع واحد كانت أتعلمت تتعامل مع العيال أزاى وتديهم الرضعه وتنيمهم والعيال كمان أتعلقت بيها أوى ..بس تعرفى يا عبير أمها كمان بتحبك أوى
ابتسمت عبير وهى تقول:
- أم يحيى دى غلبانه اوى يا ماما هى اللى شايله بيتها على كتفها جوزها اصلا بيخرج الفجر مبيرجعش غير بعد نص الليل ولا يعرف حاجه عن ولادوا ومكبر دماغوا ..لما كلمتها عن الصلاة لقيتها ياعينى متعرفش حاجه ومن ساعة ما اتعلمت وهى مواظبه عليها وبتحبنى أوى من ساعتها
أبتسمت لها أم بلال وقالت بحنان:
- انتى يا عبير بترضى ربنا علشان كده ربنا بيحبك وبيخلى الناس الكويسه كلها تحبك وتتعلق بيكى يابنتى
عاد بلال من المسجد فوجدهما فى مكانهما كما تركهما ..دخل وأغلق الباب خلفه ينظر إليهم بابتسامة وهو يردد دعاء دخول المنزل ..
- بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى ربنا توكلنا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أقبلت عبير عليه بابتسامه فقبلها على جبينها وأتجه إلى أمه وقبل كفها وحمل عنها طفله الصغير فقالت عبير :
- ثوانى هحضر الغدا ..أوقفها نداء زوجها فالتفتت إليه متسائله فاقترب منها قائلاً:
- صليتى العصر
قالت بسرعة وهى تستدير للتوجه للمطبخ مرة أخرى:
- لاء لسه هحضر الغدا وأروح اصليه
جذبها من ساعدها برفق وقال:
- تعالى يا عبير عاوزك فى كلمتين
أخذها ودخل بها غرفتهم وأغلقها خلفه ...أستدار لها ينظر إليها وأبتسم وهو يقترب منها ويتحسس وجنتها بأنامله فى رقة وقال :
- على فكره انا زعلان منك أوى يا حبيبتى
قطبت جبينها وقالت بلهفه :
- ليه يا بلال أنا عملت ايه
قال وهو مازال يداعب وجنتها برفق:
- مش ملاحظه يا عيون بلال انك من ساعة ما ربنا رزقنا بالاولاد وانتى بتأخرى الصلاة
خفضت نظرها فى خجل وقالت :
- معاك حق يا حبيبى بس والله بيبقى غصب عنى ...بعمل حاجات كتيرة والولاد وشغل البيت بيخلونى باخرها غصب عنى
قبلها على وجنتها قائلا:
- روح قلبى ..أنتى عارفه كويس أن مينفعش نقدم اى حاجه على الصلاة مهما كانت الحاجه دى ايه ..عارفه لو أول ما سمعتى الاذان سبتى كل اللى فى ايدك وروحتى أتوضيتى وصليتى ...
هترجعى تلاقى الحاجه بتتعمل بسهوله ويسر أكتر من لو أخرتى الصلاه علشانها ...يعنى لو سبتى الطبيخ وروحتى صليتى هترجعى تكملى وأنتى مرتاحه والاكل هيطلع فيه بركة من ربنا ...
لو بداتى تتهاونى فى مواعيد الصلاه يا عبير هتلاقى نفسك يوم ورا يوم بتصليها قبل الوقت اللى بعدها بخمس دقايق وواحده واحده هتسيبى النوافل والسنن لانك بتصليها يدوب على الوقت
وواحده واحده هتلاقى نفسك بتجمعى الصلوات مع بعض ....ماهو الشيطان مش هيجى يقولك مره واحده كده سيبى الصلاه لاء..ده هيجبهالك واحده واحده الاول تأخريها وبعدين تسيبى السنن وبعدين تجمعى الصلوات وبعد كده الله اعلم ...وأنا عارف أن حبيبتى هتاخد بالها بعد كده ولو الولد بيعيط حتى ...صلى وانتى شايلاه مفيهاش حاجه
أبتسمت عبير وهى تمسك بيده التى سكنت على وجنتها قالت بحب:
- ربنا يخاليك ليا يا حبيبى ...انا مبسوطه بيك اوى يا بلال ..لو كنت اتجوزت راجل مش ملتزم كنت هلاقى مين ينبهنى ويقولى الكلام ده وبالطريقة دى
أبتسم وهو ينظر لعينيها وقال بحب:
- لا اعملى حسابك مش كل مره هتكلم بالطريقة دى ..المره اللى جايه فى ضرب ومش أى ضرب ده هيبقى ضرب بضمير وطبعا أنتى عارفه ضميرى ..فاهمانى
ضحكت عبير وهى تحمل الطفل قائلة:
- الا عارفه أنت هتقولى على ضميرك برضه ..انا هروح بقى اصلى وبعدين أحضر الغدا
لحق بها عند باب الغرفه وقال:
- لا بلاش تدخلى المطبخ
ألتفتت له بدهشة وقالت متعجبة :
- ليه
قال بحب وهو يمسح على شعرها:
- بغير عليكى من عيون البوتاجاز
ضحكت عبير وأحمرت وجنتيها وخرجت مسرعة توضأت وصلت العصر وأعدت الطعام كأحسن ما يكون.. ولم لا فلقد بثها حناناً فأطعمته جمالاً..جعلها ملكةً فوضعته على عرش قلبها وتوجتةُ حاكماً وملكته صكوك غفرانها
*******************************
أخذت عزة الهاتف وسحبت السلك خلفها ودخلت غرفتها وأغلقتها خلفها وهى تضع سامعته على أذنها وتسندها بكتفها وابتسامتها واسعة ثم قالت بصوت خفيض:
- وحشتنى
قال مداعباً:
- أيه الجرأة دى كلها وحشتنى مره واحده ..الله يرحم اللى كانت قاعده جنبى يوم كتب كتابنا ومكنتش عاوزانى ألمسها اصلاً
أحمر وجهها وقالت بعتاب:
- كده يا عمرو طب انا غلطانه مش هقولك حاجه تانى
قال بسرعة :
- لالالالالا بهزر معاكى يا شيخه أنتى ايه ما بتصدقى علشان تمنعى عنى الدعم السنوى
أتجهت إلى فراشها وهى تحمل الهاتف وكأنها تحمل قلبها بين يديها بعنايه وجلست عليه وقالت بشوق:
- بجد يا عمرو هتيجى أمتى وحشتنى جدا جدا جدا
أستلقى على فراشه ووضع يده تحت راسه وقال بهمس:
- وأنتى كمان يا حبيبتى وحشتينى اوى بس غصب عنى والله بس عموماً هانت كلها أسبوعين وتلاقينى عندك وساعتها بقى يا جميل هبقى عاوز عشره يكتفونى زى الراجل ابو عضلات ده اللى بيقعد فى المولد يقول عاوز عشره يكتفونى وبعدين يعيط ويقول وعشرين يفوكونى
- اسبوعين يا عمرو لسه أسبوعين كمان وياترى بقى زى كل مره هتيجى يومين وتمشى تانى
أراد عمرو ان يغير مجرى الحديث فهو يعلم انها ستبكى بعد قليل كعادتها وتطالبه بترك شركته التى أتعبتها شوقاً له منذ عقد قرانه عليها فقال :
- فاكره يا وزه يوم كتب الكتاب عملتى فيا ايه بقى فى عروسه تسيب جوزها زعلان وتقعد تاكل هى
ابتسمت وقد تذكرت ذلك اليوم وقالت :
- هو انا يعنى كنت باكل جوع انا كنت بهرب منك أنت مكنتش شايف شكلك ساعتها
ضحك ضحكات رنانه أختلج لها قلبها وقال:
- بصراحه معاكى حق أنا كنت عامل زى القطر اللى من غير سواق
وضحك مرة اخرى وأختلج قلبها وخفق مرة اخرى وهى تستمع لمغازلاته وأشواقه وأنهت المكالمه كما تنهيها كل مرة هاتفةً:
- عمرو أنت مش مؤدب ..
وتضع سماعة الهاتف بارتباك وقد تلون وجهها وتنهض مقطبةً جبينها وهى تتوعده فى داخلها بنفس العباره..
- ماشى يا عمرو مش هكلمك تانى بالليل ولو أتصلت مش هرد عليك....
************************************************
وفى الليل دخل فارس فراشة وأستلقى فى أرهاق شديد ..أمسك جبينه بيديه يشعربألم شديد فى رأسه ...نهض مرة أخرى وجلس خلف مكتبة الصغير يبحث عن حبات مسكنة للصداع تناول واحدة منها وشرع فى إغلاق درج مكتبة مرة أخرى فوقع بصره على الصور الفوتوغرافية الصغير مبعثرة داخله فأبتسم وقد علم أن مُهرة كانت تشاهدها وأغلقت الدرج سريعاً بحيث بعثرت ما به ...أعادها بعناية كما كانت سابقاً وهو يحاول أن يذكر نفسه بأن يحضر ألبوماً للصور لكى يحافظ عليها من أى اهمال قد يصيبها فهى تمثل حقبة مهمة من حياته منذ أن كان صبياً فى الحادية عشر من عمره ووُلدت مُهرة فى غياب والدها وحملها طوال الليل بعد أن اهملها الجميع فكان الجميع منشغلاً فى والدتها التى أُصيبت بنزيف حاد بعد ولادتها وأعطتها له والدته يحملها ويرعاها ووضعت بجوار كوب به ماءاً مختلطاً بالسكر ليسقيها حتى تعود إليه ونسيها الجميع معه...كان يسقيها تارة ويتأملها تاره ويدور بها فى الغرفه حتى يسكت بكاؤها الذى لم يطل كثيراً وأخذ يفكر فى اسم يليق بملامحها البريئة حتى بزوخ فجر يوم جديد كان قد أستقر على أسمها الجديد والذى استقاه من أسمه وقد كانت مُهرة ..أنتزعه صوت هاتفه النقال من عالمه الخاص وابتسم وهو ينظر لاسم المتصل وأجابه على الفور:
- حظك حلو لسه كنت هعمل الموبايل صامت وهنام
ضحك عمرو وقال مداعباً:
- والله وعرفنا الموبايلات والصامت والحركات ربنا يخاليك لينا يا شارع عبد العزيز
ضحك فارس لدعابته وقال :
- والله عمرك ما هتتغير ده أنت تستحق البهدله اللى أنت فيها
زفر عمرو بقوة وهو يقول:
- وأى بهدله يا فارس أنا مش عارف هو انا مهندس ولا متهم وواخدينه كعب داير
- وأنا مش عارف أنت متمسك بالشركة دى كده ليه طالما مطلعين عينك
- أعمل ايه بس يا فارس منا دخت على شغل كتير مش لاقى حتى نص المرتب اللى باخده من الشركه دى
- خلاص بقى أستحمل ومتشتكيش
- انا متبعبش من الشغل وأنت عارف انا بس مضايق علشان عزة كل ما أكلمها الاقيها مضايقه من كتر سفرى والشحططه اللى أنا فيها وعماله تزن عليا علشان أسيب الشغل وانا بصراحه مش ناوى أسيبه الا لما الاقى حاجه أحسن
- بصراحه معاها حق انا لو منها أصمم مش عارف هى ليه بتسمع كلامك
ضحك عمرو وقال بثقة:
- يابنى أنا محدش يقدر يقف قدام جاذبيتى ...واردف قائلاً:
- وبعدين خلاص هانت بابا كلمنى وقالى أن فى شقة على اول شارعنا هتفضى قريب وإيجارها معقول أوى وهو ظبط مع صاحب البيت خلاص ...المهم أنت عامل ايه وهتدخل أمتى لما تخلل ولا قبلها بشويه ؟!!!
نظر فارس أمامه وقال بحسم:
- خلاص يا عمرو انا مش هستحمل أعذارها أكتر من كده كبيرها معايا شهرين اخلص فيها الرسالة ومش هقبل أى تأجيل تانى خلاص
تحدث قليلاً مع صديقه وعاد إلى فراشة مرة اخرى مستعداً للاستغراق فى نوم عميق ولكن عقله كان شاردأً فى علاقته بدنيا ووضع امامه علامات استفهام كبيرة ..هل حقاً هى التى تؤجل الزفاف بدون اسباب مقنعه ام هو الذى كان يوافقها على أسبابها تلك وكأنه يرحب بالتأجيل ...كيف ستسكن فى شقة واحدة مع أمى وهما مشاعرهما متنافرة تجاه بعضهما البعض لن يستطيع أن يترك امه وحدها مهما كانت الاسباب وخصيصاً أن أمه أمرأة خلُوقة لا تؤذى احداً بلسانها ولا بافعالها ولا تتطفل على احد ولن تسبب لهما أى ضيق فى حياتهما الزوجية هى فقط تريد من يرعاها ويذكرها بدوائها ويتسامر معها قليلا حتى لا تشعر بالوحدة فهل هذا كثيراً عليها فى مثل هذا العمر ....
*************************************
وفى الصباح خرجت مُهرة لتذهب لمدرستها ولكنها توقفت فجأة أمام باب شقة فارس ولمعت عينيها بفكرة مراهقه مثلها ..صعدت مرة اخرى أربع درجات من السلم للخلف ووقفت تنتظره فهو يذهب إلى عمله صباحاً فى هذا التوقيت وقفت أكثر من ربع ساعة حتى سمعت مقبض الباب يدور من الداخل والباب يفتح فتصنعت النزول وكأنها قابلته صدفه ...أبتسم لها قائلاً:
- صباح الخير يا مُهرة رايحه المدرسة ؟
أبتسمت فى خجل وقبل أن تجيبه وجدته قطب جبينه وهو يقول بجدية:
- ايه ده يا مُهرة الحجاب صغير كده ليه
وضعت يدها على أطراف حجابها ونظرت إليه وقالت:
- مش صغير ولا حاجه ده كبير بس بلفوا بطريقة معينه زى صحباتى ما بيعملوا
حك ذقنه قليلاً ثم طرق باب شقته ففتحت والدته ونظرت لهما دهشة وهى تقول:
- ايه يابنى نسيت حاجه ولا أيه
أشار إلى مُهرة وقال بضيق:
- أه نسيت نسيت أخد بالى منها بقالى بفترة طويله ..خديها يا ماما لو سمحتى جوه خاليها تظبط حجابها
وقفت مُهرة أمام المرآه تعدل من حجابها سريعاً وهى تتمتم متبرمة:
- يا طنط كل صحابتى بيلفوا طرحتهم كده
كانت والدته تنظر إليها فى صمت وشرود وهى تتحدث وتمط شفتيها وتتمتم فى ضيق وتحرك يديها فى سرعة لتثبت دبابيس الحجاب جيدا حتى أنتهت وألتفتت إليها قائله:
- ها كده كويس
أومأت لها والدته وقالت :
- أيوا كده كويس يالا بقى علشان متتأخريش على مدرستك اكتر من كده
ألقى فارس نظرة سريعة على حجابها وأستدار ليخرج متوجهاً لعمله وهو يقول:
- هجبلك النهارده وأنا راجع خمارات لف ...شغل الطرح ده مش عاجبنى
حملت مُهرة حقيبتها وخرجت تعدو لتلحق بمعاد المدرسة وأغلقت الباب خلفها ظلت أم فارس تنظر إلى الباب المغلق واجمةُ وبداخلها مشاعر كثيرة ودت لو كانت مخطأةُ فيها ...
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع عشر من رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن،
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا