مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والحكايات الخلابة في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتبة دعاء عبدالرحمن و الفصل الثاني عشر من قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن، هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية البوليسية الغامضة.
تابعونا لقراءة جميع فصول قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن.
اقرأ أيضا
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن
هل من السذاجة أن نشعر بالصدمة من أشخاص مارسوا علينا القهر والذل والخيانة لسنوات طويلة دون ذرة ضمير تؤرق مضاجعهم ثم ختموا أفعالهم تلك بشهادة زور باطلة؟!
إنها أبسط مما لاقاه منهم سابقا بكثير فلماذا كل تلك المرارة التى تملأ قلبه ؟! لماذا هذا الشعور بالخذلان الذى يزرع غصة تتبع أخرى فى حلقه؟!
هل هذه نظرية القشة التى قصمت ظهر البعير؟
أم أنه برغم كل تلك المعارك الخاسرة معهم يظل بداخلنا الأمل فى أن يحبونا يوما ما متشبثا بجزء ما خفى فى الفؤاد مختبئا بخجل حتى عنا نحن؟
نظرية الخاسرين التى لا يفهمها غيرهم!
ولا يستطيعون التعبير عنها بغير الألم
الألم الذى ينسحب رويدا رويدا
ويترك مكانه فارغا لليأس وكراهية الذات
ثم بغض الحياة والعالم بأسره والرغبة فى الموت بصمت.
رفض أن يستدعى محاميا للدفاع عنه
فانتدبت المحكمة واحدا من أجله
والذى أبلغه بأن والده قام بالشهادة ضده
وذكر من ضمن شهادته بأنه كان يشاهده مرارا وتكراراوهو يغازل المجنى عليها
بينما هى تهرب منه خائفة وليلة وقوع الجريمة رآهما يقفان أسفل الشجرة الضخمة يتشاجران ولكن الإضاءة كانت خافتة فلم يتبين ماذا حدث بعد ذلك؟
وأثناء إحدى الجلسات الخاصة بسماع الشهود جلس مطرقا خلف القضبان الحديدية فاقدا الرغبة فى الحياة وهو يشعر بأن صوت والده وهو يتحدث بثقة يتسلل إلى صدره لا إلى أذنيه كدخان أسود يخنقه ببطئ ويمنع عنه أقل حق من حقوقه فى التنفس على الرغم من أنه سمعها من قبل من المحامى المكلف بالدفاع عنه حتى أنه تناسي وجود (رمزى )بالقرب منه خلف القضبان والذى كان يقف مضطربا ممسكا بالقضبان بكلتا قبضتيه ملتصقا به والخوف والرعب يتجسدان علي ملامحه خوفا من تواجده بجوار(حسن) الذى ضربه من قبل فى غرفة الحجز بمجرد دخوله إليها حتى تم التفريق بينهما وخوفا من شهادة والدة المجنى عليها والتى مازالت تصر علي أن مواصفات (رمزى) هى الأقرب لما كانت ابنتها تصفها لها من قبل.
المحامى الذى كلفه والده بالدفاع عنه كان بارعا حقا فى عمله ويعرف ماذا يفعل؟
وهو يناقشها فى شهادتها متسائلا:
ولماذا لم تذهبى معها ولو مرة واحدة إلى هناك لتوقفى من يفعل ذلك معها عند حده؟!
صمتت للحظات وهى تنظر إليه بعينين مكلومتين متورمتين ووجه شاحب يعلوه الإحساس بالذنب لم تكن تحتاج إلى سؤاله هذا فلقد كانت تسأله لنفسها كل لحظة منذ أن وقفت على راس ابنتها وهى جثة هامدة فاقدة للروح هى المذنبة الحقيقية هى من سلمتها بيدها لهذا المجرم ليقتلها هى التى قتلتها بإهمالها ماذا كان سيحدث لو انها حصلت على إجازة من عملها ولو ساعتين فقط لتذهب معها إلى هناك وتتشاجر معه وتوبخه وتهدده بأن يبتعد عن ابنتها وإلا ... وإلا أى شئ... أى شئ يجعله يتراجع كل الأمهات يفعلن ذلك ببساطة كل يوم ولكنها بنفس تلك البساطة لم تكن تصدقها من الأساس كانت تأخذ شكواها بلا مبالاة.
من هذا الذى سيترك الفتيات الجميلات النتعافيات جسديا ويغازل ابنتها صاحبة العرج الواضحة والملامح المتواضعة جدا؟
لابد من أنها تكذب وتؤلف تلك القصص لتحصل علي اهتمامها فقط هكذا تفعل المراهقات دوما وخصوصا من تعانى من نقص فى ثقتها بشكلها الخارجى ماذا لو أخذتها مرة واحدة على محمل الجد؟ لابد من أن المجرم استغل وحدتها وضعفها وسلبها روحها على حين غرة.
بكت ..بكت بقوة وحرقة وهى تجيب بصوت مزقه البكاء:
لم أكن أتخيل أن يفعل بها ما فعل..تصورت أنها مجرد معاكسة لفتاة كما يحدث فى كل الطرقات.
وكأنها منحت(رمزى) شهادة الحرية بكلماتها تلك فابتسم محاميه بخبث وهو يفتح ذراعيه قائلا بثقة:
إذن فأنت لم تعيريها أى اهتمام فكيف نتأكد أنك كنت تهتمين بسماع تلك المواصفات التى تقولين بأنها تنطبق على (رمزى)؟
عادت تبكى من جديد وبقهر أكبر من ذي قبل وهى تهتف بانهيار حتى كادت تتهاوى ساقطة على ركبتيها:
أنا متأكدة....متأكدة.
وعلى النقيض تماما وقف (أنور برهان) بثقة وثبات وهو يشرح كيف شاهد ماحدث فى تلك الليلة وأنهى كلماته بعبارة ربما استوحاها من تلك الأفلام العربية القديمة التى يدمن مشاهدتها على المقهى الشعبى بصحبة صديقه (صفوان):
هو ولدى نعم ولكنها شهادة سأحاسب عليها أمام الله.
وزحفت فى تلك اللحظة ابتسامة بائسة مثله إلى شفتيه وهو يتمتم:
نعم ..ومثلك يعرف الله جيدا ..يا (أظلم)!!
أيام وأسابيع وشهور يلى بعضها بعضا حتى باتت مصافحتها للعام وشيكة لم يكن فاقدا لقدرته على العد بل لم تكن لديه رغبة فى المعرفة أحيانا يكون الجهل دواء بشكل مايتم به تسكين أعراض الظلم وارتفاع وتيرة حالة الانقراض والتلاشى اللذين كانا يسيطران عليه مثل كائن خرافى من العصور الوسطى .
هذا العام قضاه بين تحقيقات النيابة وجلسات المحاكمة وهو محبوس احتياطيا على ذمة القضية حتى حصل على الحكم الابتدائى الذى لم يشكل معه فارقا نفسيا كبيرا.
حكمت المحكمة بسجن المتهم عشر سنوات مع الشغل...نطق بها القاضي وكأنه لم يستقر فى وجدانه بعد أن (حسن) مذنب ولم لا وشهادة شهود الواقعة تتضارب وتتعارك أمامه بعنف؟!
فبرغم قوة شهادة والده إلا أن محاميه أثبت بشهادة الشهود من سكان الحى أن بينهما خلافات ومعارك يومية وفى نفس الوقت استطاع محامى (رمزى) أن يأتى بشاهدين أقرا بأن (رمزى) كان معهما ليلة وقوع الجريمة خارج القاهرة فى رحلة عمل إلى محافظة بور سعيد وقالا :إنهم ابتاعوا من هناك مجموعة لابأس بها من الملابس ليتاجروا بها فى الحى عند عودتهم كمشروع صغير.
وبالرغم من خروج (رمزى)من القضية كمتهم إلا أن الأمر لم يكن حاسما بعد فما زال هناك استئناف ونقض للقضية قد يصل بهم إلى عام آخر أو عامين.
هذا ماجعل والد (رمزى) يؤجل تنفيذ الصفقة المبرمة بينه وبين (أنور برهان) فى منزله فى تلك الليلة المشؤومة التى زارهم فيها واشترط ألا يتم التنفيذ إلا بعد صدور حكم نهائي لكى يطمئن قلبه وقال حينها بشكل قاطع :
سنقوم بعمل خطوبة فقط الآن .. أما الزواج فلن يحدث إلا بعد الحكم النهائي .
(أنور) كان ذئبا ماكرا إلا أنه فى نفس الوقت يشتاق إلى سجن (حسن) أكثر من شوقه إلى وضع خاتمه الرخيص حول إصبع الفتاة الصغيرة التى لم تكن تعرف أنها أصبحت كبش فداء لبراءة أخيها العابث.!
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثاني عشر من قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن،
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا