مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والحكايات الخلابة في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتبة دعاء عبدالرحمن و الفصل الثاني من قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن، هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية البوليسية الغامضة.
تابعونا لقراءة جميع فصول قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن.
اقرأ أيضا
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن
ضوضاء وتشوش يصاحبناها، أحاطا بعقلها غمامة سوداء باهتة تزحف بعيدا عن وعيها ؛لتسمح بتأوهات خافتة متلاحقة تنطلق من صدرها؛لتبدأ ذاكرتها باسترجاع اللحظات الأخيرة قبل أن تفقد الوعي، تشنج جسدها فجأة بعدما عملت حاسة الشم خاصتها وهى تلتقط بقايا الرائحة النفاذة التى كانت مخلوطة بقطعة القماش العريضة التى كممها بها، والتى مازالت عالقة حول جيدها.
يبدو أنه أراد أن تظل فاقدة وعيها لفترة طويلة فلم يكتف بكتم أنفاساها، بل قام بعقد القماش حول أنفها وفمها ولسبب ما تهدلت العقدة، وسقطت حول رقبتها العارية..عارية؟!.عندما وصلت حواسها لتلك النقطة،قاومت ثقل جفنيها بفزع،وهى تحاول فتح عينيها مرات ومرات وجسدها يتشنج من جديد فى اختضاضة أكثر فزعا وقوة من سابقتها وهى تستشعر عري شعرها ونحرها أسفل الغطاء الأبيض الباهت الملقى فوق جسدها بإهمال.
ذلك الألم شديد النزع الذى يضغط حول معصميها جعلها تستوعب ان يديها مكبلتان بشئ مافوق رأسها الرؤية مازالت مشوشة قليلا من أثر المخدر وكأن كل الصور تتداخل وتمتزج بشكل مموه مزعج يزيد من صداع رأسها مقاومتها لما يكبل يديها تزيد تدريجيا مع زيادة نبض قلبها الذى يضخ الدم فى عروقها بجنون وقد تمكن منها الرعب قبل أن تفتح عينيها تماما وتدرك وضعها الصعب.
غرفة ضيقة بجدران قاتمة عارية تماما من الصور المعلقة والستائر لا يكسوها سوى طبقات الغبار نافذتها الصغيرة جدا والوحيدة تقبع هنالك بعيدا في الزاوية أسفل سقفها المرتفع بقليل موصودة بألواح خشبية تكافح أشعة الشمس للولوج من بينها.
السرير المكبلة فوقه باعمدة نحاسية صفراء يتحرك بصرير مزعج كلما حاربت وهى تحاول جذب رسغيها من قيدههما الديدي المثبت بأحد أعمدة الفراش كماجانين ذوى الخطر.استجمعت قوتها وأغمضت عينيها وهى تشد يديها بقوة وجنون لا تبالى بالألم المستشرى بها مرة وثانية وثالثة.
وفجأة توقفت عندما سمعت صوته الساخر الذى جذب إنتباهها نحو الباب الخشبي العريض في زاوية من تلك الغرفة الغريبة التى تبدو كأنها جزء مقتطع من مكان آخر أكبر منه.
أخبريني عندما تنتهين.
تجمد بصرها ذاهلة فوق سطح وجهه البارد النظرات تحجر الدمع بعينيها وعلقت آخر قطرة منه بأهدابها وهي تهمس باسمه:
حسن؟!!
كان واقفا مستندا بكتفه إلي حافة الباب المفتوح عاقدا ذراعيه فوق صدره هو لم يتغير كثيرا عما كانت تعرفه مازال متجهما حتي وهو يسخر منها.
الجميلة الوحيدة التى نطق بها واضحة دون تقطيع أنباتها بان تلك اللعثمة التى كانت تجعله يتوقف مرغما أثناء حديثه القليل قد زالت فلقد كانت الكلمات تقف فى حلقه فيحتقن وجهه وهو يجاهد لاستكمال عبارته.
هل طالت قامته فى تلك السنوات التى لم تره بها أم أن سنوات سجنه منحت جسده ضخامة وقوة توحي بذلك؟.
يبدو انه مازال يمارس الملاكمة كما كان يفعل هناك فى الساحة الشعبية الواسعة التي تحتل قمامة الحرة القديمة زاوية واضحة منها...ولكن مهلا.
هذا كله لم يعد يعنيها بل لا يجب أن يعنيها الآن تحديدا وهى محتجزة هنا تحت رحمته هل أصبح مجرما بالفعل؟!
اقترب منها ببطئ حتى وصل إلى الفراش الصغير انحني للأسفل جاذبا سلسالا معدنيا طويلا ينتهى أحد طرفيه بكلابة تحيط بقدميها اليمنى أما الطرف الآخر فمثبت بحلقة حديدية فى الجدار بجوار السرير مباشرة إنها أسيرته حرفيا لقد ذاقت شعور الاحتجاز من قبل إل أن هذه هى المرة الآولي لها فى اختبار القيود الحقيقية ودون أن تعرف لماذا؟
احتفظ هو بمنتصف السلسال الطويل معلقا داخل قبضته إليها بالتعليمات ببساطة وكأنه يحدثها عن الطقس قبل أن يلقيه علي الأرض بدوي مكتوم:
السلسة طولها يسمح لك بدخول الحملم الملاصق بابه لباب هذه الغرفة.
أنهي جملته بإشارة من سبابته تجاه الباب المفتوح.
لحظة اثنتان ثلاث ..لا تتكلم صامتة مذهولة كما هى تناظره بعينين شاخصتين تتجمع بداخلهما دموع لا تهطل ولا تتراجع أيضا.
عقد ساعديه فوق صدره مجددا متخذا وقفة عبثية كنبرة صوته وهو يتأمل تماسكها الغريب أمامه طالت اللحظات كل لحظة منهن تستفزه اكثر لقد كان يعد نفسه لكتم صرخاتها بالوشاح القطني الذى تركه عالقا حول رقبتها بمجرد أن تستفيق ولكنها لم تصرخ.
ربما سيطفئ بكاؤها وتوسلها بعضا من نيرانه المتقدة بداخله ربما تشفي استغاثاتها حنقه وكراهيته المتزايدة.
فقال بتجهم وهو يحدق بعينيها بينما نظرات الألم والدهشة تتزايد أكثر فأكثر:
ليلة كاملة ..ونهار قد ولي..ترى هل يبحث عنك والدك الان .. أم اعتبرك هاربة مع عشيق ما؟.
أخيرا حصل علي ردة فعل انتظرها كثيرا تحرك حلقها واضطراب صوت تنفسها يشي بدقات متزايدة بخافقها بينما انفرجت شفتاها بتسال مرتعش خافت انتظره طويلا:
ماذا تريد مني؟!
رفع كتفيه بلا مبالاة كأن الأمر لا يعنيه وهو يستير ليخرج ويتركها:
ستكتشفين بنفسك.
حسن.
استدار إليها بنظرة محذرة نارية إنها تناديه وكأن بينهما صداقة قديمة لا تخشاه وربما تسخر منه أيضا بداخلها:
ماذا تريد مني ياحسن؟!
كررت سالها مرة أخري ولكن بنبرة مختلفة نبرة تبدو عارفة به أى سؤال هذا الذى يحمل طعم كل الإجابات ؟!
ماذا يريد؟! ينتقم يا حمقاء ولا يهم ممن سيقع عليه انتقامه ؟ ففي النهاية لابد لأحدهم أن يدفع الثمن.
بلا إجابة ولا كلمة تفهمها تقدم نحوها وقام بفك قيد يديها مكتفيا بقيد قدمها وبحروف مهددة تقطر حاقدا لا ينضب قال:
أنت هنا في منطقة منعزلة مسكونة بالعفاريت ....مهما صرخت.. فلن يسمعك غيري... ووقتها لن تلومي سوى نفسك.
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثاني من قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن،
تابعونا على صفحتنا على الفيس بوك من هنا للمزيد من الروايات الأخري
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا