مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والحكايات الخلابة في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتبة دعاء عبدالرحمن و الفصل الخامس والأربعون من قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن، هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية البوليسية الغامضة.
تابعونا لقراءة جميع فصول قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن.
اقرأ أيضا
رواية مع وقف التنفيذ لدعاء عبدالرحمن
ثلاث علب لفافات التبغ واحدة تلو الأخرى وهو لا يرحم استغاثة صدره الذى امتلأ
بسواد دخانهم عن آخره
لقد قام بتسليم (رجاء) بنفسه وفى طريقه لمواجهتها بالممرضة لتتعرف عليها ثم يغلق
ملف قضية مقتل هذا الطبيب بلا رجعة وتبدأ النيابة عملها.
يقاوم الصراع بداخله وهو يردد على مسامعه هامسا لنفسه بعبارته الشهيرة
(أنا أنفذ القانون ولا دخل لى بأى إعتبارات أخرى)
أما الجالسة أمامه فى تلك اللحظة فهو يعرف جيدا كيف يتعامل معها؟
كان من الأولى أن ترسلى لها محاميا ياحاجة (جليلة) وجودك هنا لا معنى له.
ظننتك مختلفا يا عاصم بيه.
كانت تقف أمامه رافضة الجلوس تنظر له بجمود عيناها الحادتان عباءتها السوداء
الفضفاضة جدا وشاحها الذى صار شديد البياض هالة من الهيبة تبتلعه بداخلها وتذكره
بأنها تتبع قانونها الخاص الذى تقوم بتنفيذه كما يفعل هو مع قوانينه الصارمة:
أنا لست مختلفا يا حاجة (جليلة) أنا أنفذ القانون ... كما فعلتم أنت
ورجاء..وحسن...أليس كذلك؟
أطلت نظرة خبيثة من عينيه تلقتها (جليلة) ببسمة ساخرة
هل يهددها بطريقة مبطنة أم يدعوها للهرب قبل أن يوجه لها تهمة هى الأخرى؟
استندت إلى المقعد المقابل لمكتبه الخشبى بيدها قائلة:
معك حق يجب على كل من له مظلمة ان يترك القانون يأخذ مجراه ...
أنا مثلا يجب أن أرضى بأن من قتل ولدى الوحيد وانتهكا عرضه لا يقتص منهما
لأنهما لم يتجاوزا الثامنة عشرة...
ورجاء يجب عليها أن تحتوى حماقة ذاك الشاب الضائع الذى قتل فتاتها ثم خرج دون
عقاب كالشعرة من العجين معتمدا على ذلك القانون الأعمى الذى منحه البراءة والحرية...
معك حق يجب أن نقتلع قلوبنا ونضع مكانها حجرا بينما حقوق الأطفال والفتيات يضيع
أمام أعيننا وأعين القانون دون عقاب رادع...
يجب أن نكتفى بأن نجتمع كما تجتمع الثكالى لندب موتاهم...
يجب ألا نفكر نحن والكثير غيرنا من شدة القهر فى قانون خاص يحفظ لنا حقوقنا...
أليس كذلك؟!
نظر لها مطولا وهو يفكر فى ألا يفكر !
لن يسمح لنفسه بأن يتقبل منطقها الخاص يكفى أنه رحمة بها لم يوجه لها تهمة حتى الآن
ولكن من يدرى؟ ربما ستعترف (رجاء) بكل شئ خصوصا بعدما سرب لها خبر إلقاء
القبض على (حسن) فى نفس اليوم.
لن يفشل فى قضية تولى أمرها كما لم يفعل من قبل
ربما تسامح معها سابقا لأن جريمة قتل (شاهين وسيد) لم تكن مهمته من الأساس
وكان تعاطفه هو الغالب عليه أما الآن فهو بينها وبين نفسه فمن ستكون له الأولوية؟
ارتفع رنين هاتفه فجأة فى توقيت خطر غير مناسب ولكن الأكثر خطورة كان الرقم
الذى أضاء شاشته به
التقت الهاتف سريعا ليجيب محدثه برسمية وهو يشد قامته بثبات
امتقع وجهه للحظة قبل أن يومئ بطاعة:
دقيقة وسأكون فى مكتب سيادتك.
قذف سيادة اللواء الجريدة بوجه (عاصم) هاتفا باستنكار:
ماهذا الذى تفعله زوجتك ياعاصم؟
التقط (عاصم) الجريدة ومرر عينيه سريعا على التحقيق الصحفى الذى يذيله فى النهاية
توقيع (أروى) إنه مختلف بشدة عما كتبته زوجته من قبل فهى فى كل مرة تندد بما يحدث
من جرائم الاختطاف وتنادى بالعقوبات الرادعة وفقط مع ذكر بعض الحالات التى انتقلت
من ملفات الأقسام إلى ملفات الإعلام ويتم التحدث عنها فى البرامج الحوارية
أما الآن فهى تهاجم كل مؤسسات الدولة لا تتهمهم بالتقاعس والإهمال فقط بل تتسائل:
لماذا لا نسمع بابن مسؤول تم اختطافه كما يحدث لعامة الشعب؟
هل هناك فى تلك المؤسسات أذرع مستفيدة استفادة مباشرة؟
وتكرر تساؤلها فى نهاية التقرير :
هل يوجد فى تلك المؤسسات إهمال متعمد؟
هل الأمر له علاقة بمافيا تجارة الأعضاء؟
أم أنه إهمال متعمد لإلهاء الشعب عن سياسات الحكومة مؤخرا؟
لماذا يتم إطلاق سراح المختطفين عن طريق الثغرات القانونية؟
لماذا لا يتم منع المواقع الإباحية التى تتسبب بشكل مباشر فى بعض حالات الخطف؟
لماذا لا يتم تعديل قانون الطفل ويتم الحكم بالقصاص على أساس البلوغ الجسدى
وليس شرط بلوغ الثامنة عشرة؟
لماذا تقف الدولة صامتة بينما الجيل القادم يتم جزه وانتهاكه بكل الطرق الممكنة؟
ابتلع (عاصم) ريقه الجاف من الأصل مغمضا عينيه دون أن يتابع القراءة لقد كان يعلم
أنها مجنونة ولن تتوقف ولكنها الآن تضعه فى موقف لا يحسد عليه أمام رؤسائه بل وأمام
نفسه قبل ذلك ،كلماتها دائما قذائف مدفعية تحطم بها مرآته المنمقة.
تنحنح بصعوبة ليجلى حنجرته قائلا بثبات:
إنها تعتمد على حرية الصحافة ياسيادة اللواء.
عاااصم...
هتف سيادة اللواء مزمجرا وهو ينهض غاضبا من تعليقه الغريب
وقف قبالته ينظر إلى عينيه مباشرة نظرات يعرفها (عاصم) جيدا ويعرف ما سيأتى بعدها:
حرية الصحافة هذه لن تمنع أن يتم توجيه كومة من الاتهامات إليها أقلها سيكون التحريض
على مؤسسات الدولة.
ترك (عاصم) الجريدة تسقط على الطاولة الصغيرة المقابلة للمقعد الجلدى
المواجه لمكتب سيادة اللواء وأطرق قليلا يفكر فى رد مناسب لا يزيد من
ارتفاع وتيرة غضب الرجل فقال بهدوء:
ألا يمكن أن نناقش ماتطرحه فى تقاريرها؟
وماذا يمكنه أن يقول غير هذا؟
لقد وقف وقفته هذه من قبل بينما رئيسه يعنفه بسببها ولكنه لم يكن غاضبا إلى تلك
الدرجة هذه المرة لن تفلح الوعود والاعتذارات
ثم إن الكيل قد فاض به فما تكتب عنه (أروى) حقيقة صورها تملأ الملفات فوق مكتبه.
فلماذا لا يتم مناقشة الحلول بدلا من إلقاء اللوم عليها ككل مرة؟
هى بالطبع مخطئة فى مهاجمة مؤسسات الدولة ولكن تلك الجرائم حقيقة ملموسة بالفعل
وتنتشر كانتشار النار فى الهشيم...
إذن فأنت تعترف بالتقصير والإهمال ياحضرة الضابط؟
يبدو أن كلام (رائد) عنك صحيح..
ضغط (عاصم) أضراسه يطحنها وقد احتقن وجهه بشدة ووجد نفسه يقول
دون تفكير ساخرا:
ابن أخيك....
ترى ما التهمة التى سيتم توجهيها له ولزوجته؟ هل هى إشاعة الفوضى ؟
أم التحريض على العنف؟ كلها جائزة وكلها متاحة ومتوفرة...
ماذا فعل بنفسه ؟...لا بد أن يستدرك ماقاله للتو.
سعل مرتين بشدة قبل أن يقول محاولا تغيير مسار الحديث الذى يعلم أنه لن يتغير أبدا:
بمناسبة النقيب (رائد) فالقضية التى نعمل عليها سويا توصلت....
لم يعد لك دخل بتلك القضية لقد تم تنحيتك عنها
قم بتسليم جميع تحرياتك وأوراقك فيها إلى ابن أخى..
نطق آخر كلمتين ساخرا بنفس الطريقة التى سخر بها (عاصم)
عقاب رادع وفورى ولكنه مؤلم
تغضن جبينه حنقا متسائلا:
متى تم تنحيتى؟
الآن..
حاول (عاصم) السيطرة على انفعالاته فأطرق أرضا للحظات ليس من الجيد أن
تظهر تلك النظرات الغاضبة الكارهة فى عينيه
كلمة.. مجرد كلمة نطق بها أطاحت بسجله كله وهوت بمجهوده إلى قعر الجحيم..
ما رأيك أن يتم تحويلك للتحقيق؟ فأنت مقصر ومهمل فى عملك....
كما كتبت زوجتك فى مقالها الفذ!
أنا لا أقصر فى عملى ياسيادة اللواء فأنا لست وزارة الداخلية ولست جهة تشريع
عليها فرض عقوبات أكثر قوة لمنع الجريمة من الأساس.
قالها هادئا محافظا على نبرة صوته فهو لم يعد يكترث بعد الآن
(أروى) كانت محقة من البداية ليس علينا أن نبدو طائعين أكثر من اللازم فنكون
مثل الماء الفاتر لا يشعر بنا أحد على الإطلاق وكأننا لم نكن
تلك العنترية لا تليق به وموقن من أنها سترميه خلف الشمس ولكن بعض التمرد
يكسب القوة أحيانا!
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الخامس والأربعون من قصة ولو بعد حين للكاتبة دعاء عبدالرحمن،
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا