مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع عشر من رواية السعي من أجل البطولة وهي الكتاب الأول من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة.
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية.
رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل الرابع عشر
رواية السعي من أجل البطولة |
رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس (الكتاب الأول في "سلسلة طوق الساحر")
الفصل الرابع عشر
وقف جاريث في سوق مزدحم, وهو يرتدي عباءة على الرغم من حرارة الشمس في منتصف النهار, كان يتعرق بشدة و يحاول عدم الكشف عن هويته. لقد حاول دائماً تجنب هذا الجز من بلاط الملك, هذه الأزقة المزدحمة حيث الروائح الكريهة و عوام الناس.كل الناس من حوله يساومون و يتاجرون و يحاولون كسب ما يستطيعون. وقف جاريث في كشك على الزواية, يتظاهر بالاهتمام بفاكهة البائع, وأبقى رأسه منخفضاً. وهو يقف على بعد أمتار قليلة من فيرث, في نهاية زقاق مظلم, يفعلون ما الذي قدموا لفعله.
وقف جاريث على مقربة من المحادثة, مديراً ظهره لهم لكي لا يرى. كان قد أخبره فيرث عن رجل, من المرتزقة, سيبيعه قارورة سم. أراد جاريث شيئاً قوياً, شيئاً يمكنه أن ينفذ به مكيدته. ليس هناك فرص أخرى. ففي النهاية, كانت حياته على المحك.
كان من الصعب أن يسئل العطار عن هذه الأمور. لذلك وضع فيرث لهذه المهمة, حيث أبلغه فيرث بما وجده بعد أن سأل في السوق السوداء. كان قد دله على هذا الرجل القذر, الذي يتحدث إليه الآن في نهاية الزقاق. وكان جاريث قد أصر على القدوم للإجراء النهائي, للتأكد من أن كل شيء سيسير بسلاسة, وليتأكد أنه لم يكن هناك احتيال أو أنه سيعطى جرعة زائفة. وإضافة إلى ذلك, كان لا يزال غير مطمئن تماما من كفاءة فيرث. بعض المسائل يجب أن يهتم بها بنفسه.
لقد انتظروا هذا الرجل لمدة نصف ساعة, وكان جاريث قد وقف في السوق المزدحمة, يصلي أن لا يتعرف عليه أحد. حتى لو أن أحد تعرف عليه, تصور أنه طالما أبقى ظهره للزقاق, لو تعرف عليه شخص ما, سيسير بعيداً ولن يقترب منه.
"أين هي القارورة؟" فيرث, على بعد بضعة أمتار, سأل ذاك الرجل القميء.
التفت جاريث قليلاً, حذراً ليبقي وجهه متخفياً, يختلس النظر من زاوية ردائه. كان يقف قبالة فيرث شخص يملك نظرات شريرة, قذراً ونحيلاً جداً مع خدين غارقين وعيون سوداء ضخمة. كان يشبه الفئران قليلاً, كان يحدق بفيرث بعيون لا تجفن.
"أين المال؟" أجاب الرجل.
كان يأمل جاريث أن يستطيع فيرث التعامل مع هذا جيداً, فهو يدير الأمور عادة بطريقة مقلوبة.
"سأعطيك المال حين تعطيني القارورة," أصر فيرث على موقفه.
جيد, فكر جاريث معجباً بما فعله.
كانت هناك لحظة من الصمت, ثم:
"أعطني نصف المال الآن, وسأقول لك أين هي القارورة."
"أين هي؟" تردد صوت فيرث بارتفاع. "قلت أنه يمكنني الحصول عليها."
"قلت لك ذلك, نعم. ولكنني لم أقل لك أنني سأحضرها. هل تعتقد أنني معتوه؟ الجواسيس في كل مكان. لا أعرف ماهي نيتك, ولكنني أفترض أنها ليست حسنة. وإلا لماذا تريد شراء قارورة السم؟"
تردد فيرث, وعرف جاريث أنه قد ألقي القبض عليه.
أخيراً, سمع جاريث صوت قطع نقدية, اختلس النظر وشاهد العملات الذهبية تتدفق من كيس فيرث إلى راحة الرجل.
انتظر جاريث ثانية شعر أنها ستمتد إلى الأبد, بقلق متزايد لما يجري بينهم.
"عليك أن تذهب إلى الغابة المظلمة," أجاب الرجل في نهاية المطاف. " بعد ثلاثة أميال, على مفترق الطريق الذي يقود إلى أعلى التل. في الأعلى افترق على اليسار. سوف تذهب خلال الغابة المظلمة, ثم ستصل إلى أرض خالية من الأشجار. ستجد كوخ الساحرة, ستكون بانتظاركم مع القارورة التي تريدها."
اختلس جاريث النظر من غطاء رأسه, ورأى فيرث يستعد للمغادرة. بينما كان يفعل, أمسكه الرجل من قميصه فجأة.
"المال," زمجر الرجل. "هذا ليس كافياً."
كان يمكن لجاريث أن يرى الخوف يظهر على وجه فيرث, وتأسف لأنه أرسله لهذه المهمة. هذا الرجل القذر سيكتشف خوفه الآن ويستفيد من ذلك, لم يكن فيرث مناسباً لهذا النوع من الأمور.
"لكنني أعطيتك بالضبط ما طلبت," احتج فيرث رافعاً صوته عالياً جداً, كان يبدو مخنثاً. وهذا على ما يبدو شجّع الرجل.
ابتسم ابتسامة عريضة يملؤها الشر.
"ولكن الآن أنا أطلب أكثر."
اتسعت عينا فيرث من الخوف والتردد. ثم, فجأة التفت فيرث ونظر تماما في وجهه.
التفت جاريث بعيداً, على أمل أنه لم يتأخر جداً, وأنه لم يُكشف. كيف يمكن لفيرث أن يكون بهذا الغباء؟ كان يصلي لكي لا يحصل أسوأ من ذلك.
ارتعد قلب جاريث بينما كان ينتظر, كان يقلب الفاكهة بقلق شديد ويتظاهر بأنه مهتم. كان هناك صمت لا نهاية له, بينما كان جاريث يتخيل أن كل شيء سيصبح أسوأ.
من فضلك, لا تجعل الأمور تصبح بهذه الطريقة, جاريث صلى لنفسه. من فضلك, سأفعل أي شيء. سأتخلى عن المكيدة.
شعر بكف يصفعه على ظهره, التفت ونظر.
عيون ذاك الرجل المرتزق الكبيرة السوداء, تحدق به.
"لم تخبرني بأن لديك شريكاً," دمدم الرجل. "أم أنك جاسوس؟"
اقترب الرجل منه وقبل أن يستطيع جاريث أن يفعل شيئاً, نزع الرجل الغطاء عن رأسه. تفحص وجه جاريث, واتسعت عيناه في صدمة.
"سيدي الأمير," تلعثم الرجل. "ماذا تفعل هنا؟"
بعد ثانية, ضاقت عينا الرجل حين أدرك الأمر, وأجاب نفسه, مع ابتسامة رضا صغيرة. تحيكون مؤامرة معاً. كان أكثر ذكاء بكثير مما كان جاريث يؤمل.
"فهمت ذلك." أكمل الرجل. "هذه القارورة, كانت لك, أليس كذلك؟ كنت تهدف لتسميم شخص ما, أليس كذلك؟ ولكن من؟ نعم هذا هو السؤال..."
ظهر القلق على وجه جاريث. هذا الرجل, لقد كان سريعاً جداً. كان الأوان قد فات. كانت كل مخططاته تنكشف من حوله, كان فيرث قد أفسد الأمر برمته. لو أن هذا الرجل فضح جاريث, ربما سيحكم عليه بالإعدام.
"والدك, ربما؟" سأل الرجل, وعيناه تشتعلان لأخذ الاعتراف. "نعم, هكذا هو الأمر, أليس كذلك؟ لقد أبعدت عن الحكم. والدك, كنت تهدف لقتل والدك."
كان جاريث قد سمع ما يكفي. دون تردد, تقدم إلى الأمام وسحب خنجر صغير من داخل عباءته, وغرسه في صدر الرجل, شهق الرجل.
لم يرد جاريث أن يكون أحدا من المارة شاهداً على ذلك, لذلك أمسك الرجل من ردائه وسحبه قريباً منه, حتى كادت وجوههم أن تتلامس, وحتى كان يمكنه أن يشم رائحة أنفاسه النتنة. بيده الأخرى أغلق فم الرجل قبل أن يتمكن من الصراخ. شعر جاريث بقطرات دمه الساخنة على كفه, تسير خلال أصابعه.
جاء فيرث إلى جانبه وأطلق صرخة رعب.
أمسك جاريث بالرجل هكذا لستين ثانية, حتى النهاية, حين شعر بجسده ارتخى بين يديه. تركه ينهار, ويترنح, ثم أصبح كومة على الأرض.
نظر جاريث في كل مكان, يتساءل عما إذا كان قد شُوهد, لحسن الحظ, أن الرؤوس لا تلتفت في هذا السوق المزدحم, في هذا الزقاق المظلم. أزال ثوبه ورمى به على الكومة الهامدة.
"أنا آسف, أسف جداً, آسف لذلك," بقي فيرث يكرر ذلك مثل طفلة صغيرة, يبكي بشكل هيستيري و يهتز بينما كان يقترب نحو جاريث.
"هل أنت بخير؟ هل أنت بخير؟"
رفع جاريث يده في وجهه.
"أغلق فمك واذهب من هنا," قال جاريث مهسهساً.
سارع جاريث بالركض بعيداً.
استعد جاريث للمغادرة, ولكنه توقف بعد ذلك والتفت إلى الوراء. كان ما يزال هناك شيء واحد ليفعله, انحنى إلى الأسفل, أمسك بقطعه النقدية من يد القتيل, ووضعها مرة أخرى في حزامه.
لن يكون الرجل بحاجة هذه بعد الآن.
***************
مشى جاريث بسرعة عبر طريق الغابة, فيرث بجانبه, يضع الغطاء على رأسه بالرغم من الحرارة. إنه بالكاد يتصور أنه وجد نفسه بالوضع الذي كان يتجنبه تماماً. الآن كان هناك جثة, وهذا الدليل. من يدري من يكون هذا الرجل الذي تحدث إليه. كان يجب على فيرث أن يكون أكثر حذراً بالتعامل مع الرجل, الآن يمكن أن يُفضح جاريث.
"أنا آسف," قال فيرث, وهو يسرع للحاق به.
تجاهله جاريث, وضاعف سرعته وهو يغلي من الغضب.
"ما فعلته كان حماقة وضعف," قال جاريث. "لم يكن يجب أن تحملق باتجاهي هكذا."
"لم أكن أقصد ذلك. لم أكن أعرف ما الذي يجب أن أقوم به عندما طلب المزيد من المال." أجاب فيرث.
كان فيرث محقاً, كان الوضع صعب. كان الرجل خنزيراً جشعاً وأنانيّاً, لقد غير قواعد اللعبة وكان يستحق الموت. ولن يذرف جاريث الدموع عليه, كان يصلي فقط أن أحداً لم يشاهده. كان آخر شيء يريده دليل على ذلك. سيكون هناك تحقيق هائل في أعقاب اغتيال والده, ولا يمكن أن يتحمل أيّة دلائل صغيرة تشير إليه.
على الأقل كانوا الآن في الغابة المظلمة. بالرغم من أشعة الشمس الصيفية, كان المكان أقرب إلى الظلام. وأشجار الكينا الشاهقة تحجب كل ضوء, و قد كان ذلك يناسب مزاجه. كان جاريث يكره هذا المكان. واصل المشي عبر الدرب المتعرج, يتبع توجيهات القتيل. وكان يأمل أن الرجل كان يقول الحقيقة ولا يضللهم. أيّ شيء في كلامه كان يمكن أن يكون كذبة. أو يمكن أن يكون قد قادهم إلى فخ, ربما بعض أصدقائه ينتظرونهم ليسلبوهم المزيد من المال.
لام جاريث نفسه, لقد وضع ثقة زائدة في فيرث. كان يجب أن يعالج كل هذا بنفسه, مثلما كان يفعل دائماً.
"يجب أن تأمل فقط أن هذا الدرب يقودنا إلى الساحرة," قال جاريث ساخراً. "والتي يوجد لديها السم."
استمروا في السير حتى وصلوا إلى مفترق الطرق, ومثلما قال الرجل تماماً. هذا يبشر بالخير, شعر جاريث بالارتياح قليلاً. انعطفوا إلى اليمين, تسلقوا التل, ثم انعطفوا مرة أخرى. لقد كانت تعليماته صحيحة, وأمامهم كانت أكثر غابة مظلمة كان قد شاهدها جاريث في حياته, كانت أشجار سميكة وميتة بشكل لا يصدق.
دخل جاريث الغابة وشعر بقشعريرة فوراً, كان يمكن أن يشعر بالشر يملأ الجو. لم يكن يمكنه تصديق أنهم مازالوا في وضح النهار.
بينما كان الخوف يتسلل إليه, ويفكر في العودة, انتهى الطريق أمامه إلى أرض خالية من الأشجار. كانت مضاءة بشعاع ضوء واحد من أشعة الشمس التي اخترقت الأشجار. في وسطها كان كوخ حجر صغير, كوخ الساحرة. تسارع قلب جاريث, دخل المكان ونظر حوله ليتأكد من أن أحداً لا يراقبه. وليتأكد من أنه لم يكن فخاً.
"أنت ترى, إنه يقول الحقيقة," قال فيرث والخوف في صوته.
"هذا لا يعني شيئاً," وبخه جاريث. "ابقى خارجا وقم بالحارسة, و اطرق الباب إذا اقترب أي شخص. وأبقي فمك مغلقاً."
لم يكلف جاريث نفسه عناء طرق الباب الصغير الخشبي أمامه. بدلاً ذلك, أمسك المقبض الحديدي, دفع الباب السميك, وأخفض رأسه أثناء الدخول, وأغلقه وراءه.
كان الظلام يملأ المكان, يضيئه فقط شموع متناثرة في الغرفة. كان كوخاً من غرفة واحدة, تخلو من النوافذ و يلفها طاقة ثقيلة. كان واقفاً هناك, يكاد يخنقه الصمت وهو يعدّ نفسه لأي شيء يمكن أن يحدث. كان يستطيع الشعور بالشر الذي يملأ المكان, و كان ذلك يصيبه بالقشعريرة.
لاحظ حركة من خلال الظلال, ثم ضجيج.
ظهرت امرأة عجوز تمشي نحوه, ذابلة مع حدبة في ظهرها. أشعلت شمعة أضاءت وجهها المليء بالخطوط والتجاعيد. كانت تبدو أثرية, أقدم من الأشجار التي غطت كوخها.
"أنت ترتدي غطاء, حتى في الظلام." قالت و هي تبتسم ابتسامة شريرة, وصوتها متل فرقعة الخشب. "مهمتكم ليس بريئة."
"أتيت من أجل القارورة," قال جاريث بسرعة, يحاول أن يبدو شجاعاً ولكنه كان يسمع الارتجاف في صوته. "شيلديريك روت, قيل لي أنه لديك."
عمّ صمت طويل, تلاه جلبة مروعة ترددت في الغرفة الصغيرة.
"إن كانت لدي أو لم تكن ليس هذا السؤال. السؤال هو لماذا تريد ذلك؟"
ارتعد قلب جاريث وهو يحاول صياغة الجواب.
"ولماذا يهمك الأمر؟" سأل أخيراً.
"يسليني معرفة من تريد أن تقتل," قالت.
"هذا ليس من شأنك, لقد أحضرت المال لك."
أخرج جاريث كيس ذهب من حزامه بالإضافة إلى كيس الذهب الذي أعطاه للقتيل, ووضعهم بعنف على طاولتها الخشبية الصغيرة. رن صوت القطع النقدية في أرجاء الغرفة.
كان يصلي بأن يسكتها ذلك, وأن تعطيه ما يريده ويغادر هذا المكان.
أدخلت الساحرة ظفر واحد منحني وطويل في واحدة من الحقائب تتفقدها. حبس جاريث أنفاسه, على أمل أنها لن تطلب أكثر.
"هذا قد يكون كافياً لشراء صمتي, " قالت.
التفتت وعرجت خلال الظلام. كان هناك همس, وبجانب شمعة كان يمكن لجاريث رؤية السائل يخلط ويسكب في قارورة زجاجية صغيرة. لقد بقبقت, ثم أغلقتها بالفلينة. بدا الوقت بطيئاً جداً بينما كان جاريث ينتظر, وصبره يكاد ينفذ. مئات المخاوف مرت في عقله, ماذا لو كُشف؟ هنا, الآن؟ ماذا لو أعطته القارورة الخطأ؟ ماذا لو أخبرت شخصاً آخر عنه؟ هل تعرفت عليه؟ لم يكن ليعرف أبداً.
كان احتياطات جاريث تزداد بشأن هذا الأمر كله, لم يكن يعرف أن اغتيال شخص يمكن أن يكون صعب هكذا. بعد صمت شعر أنه لن ينتهي, عادت الساحرة. سلمته القارورة, كانت صغيرة جداً حتى أنها اختفت تقريباً في كفه, ثم سارت بعيداً.
"هذه القارورة الصغيرة؟" سأل. "هل يمكن أن تحقق المكيدة؟"
ابتسمت الساحرة.
"ستتفاجأ كم ستكون الكمية التي ستلزم لقتل الرجل صغيرة."
التف جاريث وتوجه نحو الباب, حينها فجأة شعر بإصبع باردة على كتفه. لم يكن لديه فكرة كيف تمكنت من عبور الغرفة بسرعة, وأرعبه ذلك كثيراً. وقف هناك متجمداً, ويخشى أن يلتفت وينظر إليها.
نظر حوله, وفاحت رائحة فظيعة انبعثت منها, ثم فجأة أمسكت وجنتيه بكلتا يديها وقبلته, ضاغطة شفتيها بقوة على شفتيه.
استفز ذلك جاريث. كان الشيء الأكثر اشمئزازاً قد رآه في حياته. كانت شفتيها مثل شفتي سحلية, ولسانها الذي دفعته نحو لسانه, كان أشبه بلسان الزواحف. حاول الابتعاد عنها, لكنها أمسكت وجهه بقوة, وسحبته بقوة أكبر.
أخيراً, نجح في الابتعاد, ومسح فمه بيده ثم انحنت الساحرة وضحكت.
"المرة الأولى التي تقتل فيها رجل تكون الأصعب," قالت. " ستجدها أكثر سهولة في المرة القادمة."
*
اندفع جاريث من الكوخ, عائدا نحو مكان فيرث, وجده واقفاً هناك ينتظره.
"ماذا هناك؟ ما الذي حصل؟" سأل فيرث, قلقاً. "أنت تبدو كأنك مطعون. هل قامت بإيذائك؟"
توقف جاريث, وهو يتنفس بصعوبة, ويمسح فمه مراراً وتكراراً. إنه لا يعرف كيف يرد.
"دعنا نبتعد عن هذا المكان," قال. "الآن!"
حين بدأ الخروج من المكان إلى الغابة المظلمة, حُجبت الشمس فجأة من الغيوم, حينها تحول اليوم الجميل إلى يوم بارد وظالم. لم ير جاريث غيوماً سوداء وكثيفة تظهر بهذه السرعة.
كان يعرف أنه مهما كان الذي يحدث, فهو شيء غير طبيعي. لقد قلق من قوى تلك الساحرة التي جعلت الرياح الباردة تهب في يوم صيفي. لم يكن يعرف أيّ شيء ولكنه توقع أنها امتلكته بطريقة ما بتلك القبلة, أو ألقت نوعاً من اللعنة عليه.
"ما الذي يحدث هناك؟" سأل فيرث.
"أنا لا أريد التحدث عن ذلك," قال جاريث. "أنا لا أريد أن أتذكر هذا اليوم أبداً."
سارع الاثنان إلى أسفل الطريق, وسرعان ما دخلا في طريق الغابات الرئيسي ليعودا نحو البلاط الملكس. حينها بدأ جاريث يشعر بالارتياح أكثر, وفجأة سمع صوت عدد من الأحذية. التفت ورأى مجموعة من الرجال يسيرون نحوهم’ لم يكن يستطيع تصديق ذلك.
شقيقه غودفري, في حالة سكر. كان يسير نحوهم و يضحك, يحيط به هاري الخسيس واثنان آخران من أصدقائه المثيران للمتاعب. من كل الأماكن والأوقات وصل إليه أخيه الآن. في الغابة و في مكان كهذا. شعر كما لو أن كل هذا مؤامرة.
التفت جاريث بعيداً, وسحب الغطاء على وجهه, وسار بسرعة أكبر, كان يصلي أنه لم يتم اكتشافه بعد.
"جاريث؟" خرج صوت.
لم يكن لدى جاريث خيار. توقف في مكانه, وأبعد غطاء رأسه, التفت ونظر إلى شقيقه الذي جاء يرقص بمرح نحوه.
"ماذا تفعل هنا؟" سأل غودفري.
فتح جاريث فمه ليتكلم, ولكن بعدها أغلقه, وهو لا يملك ما يقوله.
"نحن ذاهبون للتنزه," تكلم فيرث منقذاً جاريث.
"نزهة, هنا؟" أحد أصدقاء غودفري سخر من فيرث, بصوت أنثوي عالي. ضحك أصدقائه أيضاً. عرف جاريث أن شقيقه وأصدقائه يسخرون منه بسبب ميوله, ولكنه بالكاد كان يهتم لذلك الآن. إنه يحتاج لتغيير الموضوع فقط, ولا يريد أن يتساءلوا ما الذي كان يفعله هنا.
"ماذا تفعل هنا؟" سأل جاريث, قالباً الطاولة عليه.
"فتحت حانة جديدة, في الغابة الغربية," أجاب غودفري. "كنا نقوم بتجربتها, أفضل جعة في المملكة. هل تريد القليل؟" سأل, وهو يحمل برميل خشبي.
هز جاريث رأسه رافضاً. كان يعلم أنه يجب أن يصرف تفكيره, وفكر أن أفضل طريقة لتغيير الموضوع هو توبيخه.
"سيكون والدنا غاضباً إذا ألقى القبض عليك وأنت تشرب خلال النهار," قال جاريث. "أقترح عليك أن تترك هذا وتعود إلى القلعة."
لقد نجح هذا. حملق غودفري بغضب, وكان من الواضح أنه لم يعد يفكر في جاريث, ولكن في والده و نفسه فقط.
"ومنذ متى تهتم لإرادة الوالد؟" رد غودفري.
كان جاريث قد أضاع ما يكفي من الوقت. لم يكن لديه المزيد ليضيعه مع سكّير. لقد نجح في ما أراد, صرف تفكيره, والآن لحسن الحظ أنه لن يفكر بعمق عن سبب وصول شقيقه إليه.
التفت جاريث وسارع نحو الطريق, يسمع ضحكات الاستهزاء به وراءه حين ذهب. إنه لم يعد يهتم لذلك, سيكون هو من سيضحك في النهاية.
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع عشر من رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية أميرة القصر بقلم مايسة ريان
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا