مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والعشرون من رواية السعي من أجل البطولة وهي الكتاب الأول من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة.
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية.
رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل الرابع والعشرون
رواية السعي من أجل البطولة |
رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس (الكتاب الأول في "سلسلة طوق الساحر")
الفصل الرابع والعشرون
فتح ماكجيل عينيه وهو عاري الثياب, مستيقظاً على طرق عنيفٍ على الباب وتمنى على الفور لو أنّه لم يستيقظ بهذه الطريقة. كان رأسه يؤلمه بشدّة وأشعة الشمس المزعجة تنحدر على وجهه عبر نافذة القلعة المفتوحة, ثمّ أحس بوجهه الذي كان مغروساً داخل غطاءه المصنوع من جلد الغنم. كان يحاول تذكر ما حصل بارتباك, لقد كان في البيت في قلعته, وحاول أن يستجمع في ذاكرته ما حصل الليلة السابقة. لقد كان يتذكر الصيد وذهابهم إلى الحانة بعده, ثمّ الشرب كثيراً. وبطريقةٍ ما عاد إلى هنا.ألقى نظرةً في المكان ورأى زوجته الملكة وهي نائمةٌ بجانبه تحت غطاء السرير وتستيقظ ببطء.
جاء صوت طرق الباب مرةً أخرى, صوت صفق مطرقة الباب الفظيع.
"من يمكن أن يكون؟" سألته الملكة وهي منزعجة.
تساءل ماكجيل عن نفس الشيء. ثمّ تذكر على وجه التحديد تنبيهه للحراس ألّا يقوموا بإيقاذه وخصوصاً بعد الصيد. سيدفعون ثمناً باهظاً لفعلتهم هذه.
ربما كان المسؤول المالي الخاص به من أجل مسألةٍ ماليةٍ أخرى.
"أوقفوا هذا الضجيج اللعين!" صاح ماكجيل أخيراً وهو يجلس على طرف السرير ويسند مرفقيه على ركبتيه واضعاً إحدى يديه على رأسه. مرّر يديه على شعره ولحيته الغير مغسولة ثمّ على وجهه محاولاً إيقاظ نفسه. الصيد والشرب كان قد أثّر كثيراً فيه, فهو لم يكن نشيطاً كالمعتاد. لقد أثرت السنوات الطويلة عليه كثيراً, لقد كان مستنفذ القوى. وفي هذه اللحظة قرر أنّه لن يشرب مرةً أخرى.
وبجهد كبير استطاع أن يدفع نفسه ويقف على قدميه مرتدياً عباءته فقط. مشى في الغرفة بسرعة بقدميه المثقلتين و وصل إلى الباب أخيراً أمسك بمقبض الباب وفتحه إلى الخلف.
كان يقف هناك قائد الجند الأكبر, بروميتش, ويحيط به اثنان من مساعديه. حنى الجنود رؤوسهم احتراماً له ولكن القائد ظلّ يحدق بوجهه وتعلو وجهه نظرةٌ كئيبة, كان ماكجيل يكره أن يرى هذه النظرة على وجهه فذلك يعني دائماً أخباراً سيئة. كانت هذه اللحظة تشبه اللحظة التي يكرهها عندما أخبروه أنّه أصبح الملك. لقد تذّكر اليوم الرائع الذي قضاه بالأمس في الصيد, لقد ذكّره ذلك بأيام شبابه عندما كان صغيراً وخالياً من الهموم, وخصوصاً عندما قضى الليلة الماضية بعيداً في الحانة. والآن استيقظ بهذه الطريقة الفظّة, لقد أذهب ذلك من عقله كل الأشياء الرائعة التي حصلت البارحة.
"مولاي, أنا أعتذر لإيقاظك بهذه الطريقة," قال بروميتش.
"يجب عليك أن تعتذر, يفضّل أن يكون الأمر مهماً." صاح ماكجيل بغضب.
"هو كذلك," قال قائد الجيش.
أحس ماكجيل بالخطورة في كلامه, أدار رأسه إلى الخلف ناظراً إلى زوجته فوجدها قد عادت إلى النوم. أومأ لهم ماكجيل بالدخول ثمّ قادهم عبر غرفة النوم الواسعة إلى غرفةٍ داخليةٍ أخرى ذات باب مقوّس, ثمّ أغلق الباب خلفهم كي لا يزعج الملكة. كان يستخدم هذه الغرفة الصغيرة التي لا يزيد عرض جدرانها عن العشرين قدماً مع عدد قليلٍ من الكراسي المريحة والنافذة الزجاجية الكبيرة الملونة, عندما يشعر أنّه ليس هناك حاجةٌ للذهاب إلى قاعة الاجتماع الكبرى.
"مولاي, أخبرنا جواسيسنا بأنّ هناك كتيبةً من الرجال من الماكلاود تتجه إلى الشرق, إلى بحر فابيان. وكشّافتنا في الجنوب أرسلوا لنا تقارير تفيد بأنّ هناك سفناً إمبراطورية تبحر باتجاه الشمال, و بالتأكيد هي متجهةٌ إلى هناك للقاء ماكلاود."
حاول ماكجيل أن يدير هذه المعلومات في رأسه, ولكن عقله كان يتحرك ببطءٍ شديد بسبب حالة السكر التي كان فيها.
"و؟" قال الملك وهو بحالة تعبٍ و هو لا يطيق أن يرى أحداً. لقد كان منهكاً من المكائد والحيل الغير منتهية والتي تحكيها له حاشيته.
"إذا اجتمع الماكلاود حقاً مع السفن الإمبراطورية فلن يكون لديهم سوى هدفٌ واحد," تابع بروميتش. "هم يتآمرون لاختراق كانيون وإسقاط الطوق."
حدّق ماكجيل بقائده القديم, إنّه الرجل الذي حارب بجانبه لمدة ثلاثين عاماً, ويمكنه أن يرى الخطورة القاتلة التي تهددهم في عينيه, كما يمكنه أن يرى الخوف. إذا كان ذلك يربكه فبالتأكيد هناك أمرٌ خطير, لقد كان الرجل الذي لم يره يخشى شيئاً في حياته أبداً.
ارتفع ماكجيل ببطءٍ واقفاً على قدميه بقامته الطويلة, ثمّ استدار ومشى حتى وصل إلى نافذة الغرفة. نظر إلى الخارج يتفحص بلاطه الملكي أمامه, لقد كان فارغاً في هذا الوقت الباكر وبدأ يفكّر بتمعن. لقد كان يعرف أن يوماً مثل هذا اليوم سيأتي بالتأكيد. ولكنه لم يكون يتوقع أن يأتي بهذه السرعة.
"كان ذلك سريعاً," قال ماكجيل. "لم يمضي سوى أيامٌ قليلة من زواج ابنتي من أميرهم. والآن أنت تعتقد بالفعل أنهم يتآمرون من أجل الإطاحة بنا؟"
"نعم أعتقد ذلك يا مولاي," أجاب بروميتش بصدق. "أنا لا أرى أي سببٍ آخر لتحركاتهم. كل المؤشرات تدلّ على أن ذلك اللقاء لقاءٌ سلميّ, وليس عسكريّ."
هزّ ماكجيل رأسه ببطء.
"ولكن ذلك لا معنى له, لا يمكنهم ان يُدخلوا الإمبراطورية في هذا الأمر. لماذا من الممكن أن يفعلوا ذلك؟ حتى لو أنهم تمكنوا لبعض الأسباب في تخفيف قوة الدرع لدينا وقاموا باختراقه, ماذا سيحدث بعد ذلك؟ ستقوم الإمبراطورية بسحقهم أيضاً, فهم كذلك ليسوا آمنين بالتأكيد, وهم يعرفون ذلك."
"ربما كانوا ذاهبين للتوصل إلى اتفاق," رد بروميتش. "ربما يريدون إدخال الإمبراطورية في الموضوع, وفي المقابل سيقومون بمهاجمتنا فقط, وبعد ذلك سيقوم الماكلاود بحكم الطوق."
أومأ ماكجيل برأسه بالنفي.
"الماكلاود أذكى من ذلك, هم ماكرون جداً. يعرفون أن الإمبراطورية لا يمكن الوثوق بها."
"ربما يريدون السيطرة على الطوق ويريدون الحصول على هذه الفرصة. خصوصاً أن ابنتك أصبحت ملكتهم الآن."
فكر ماكجيل في الأمر, كان رأسه يكاد أن ينفجر. لم يكن يريد معالجة هذا الأمر الآن, في هذا الوقت الباكر من الصباح.
"والآن ماذا تقترح؟" سأله الملك, أراد أن يختصر الأمر كلّه لأنّه تعب من كلّ هذه التكهنات.
"يمكننا استباق الأمر ومهاجمتهم يا مولاي, الوقت في صالحنا الآن."
حدّق به الملك باندهاش قائلاً, "الآن بعد أن أعطيتهم ابنتي في حفل الزفاف؟ لا أعتقد أنّنا سنفعل ذلك.
رد عليه بروميتش "إذا لم نفعل ذلك, سوف نكون قد حفرنا قبورنا بأيدينا. من المؤكد أنّهم سيقومون بمهاجمتنا , إذا لم يكن الآن ففي وقتٍ لاحق. إذا قاموا بالتحالف مع الإمبراطورية ضدنا سوف نكون قد انتهينا."
"لا يمكن أن يعبروا الهضاب المرتفعة بسهولة, فنحن نسيطر على جميع النقاط الحساسة والممرات الأساسية. سوف تكون مذبحة, حتى لو انضمت إليهم الإمبراطورية."
"الإمبراطورية لديها الملايين من الرجال كجيوشٍ احتياطية, يمكنهم تحمّل المذابح التي ستحصل." ردّ بروميتش.
"حتى إذا تمكنوا من تجاوز الدروع الواقية, لن يكون سهلاً عليهم أن يسيّروا الملايين من الجنود عبر وادي كانيون أو عبر المرتفعات, أو حتى الاقتراب عبر السفن. سوف نتمكن من تحديد مثل هذه التحركات أو الحشود العسكرية في وقت مبكّر, وسيكون هذا بمثابة تحذيرٍ بالنسبة لنا." أكمل ماكجيل مفكراً بالأمر. "لا, نحن لن نقوم بالمهاجمة. ولكن يمكننا الآن اتخاذ بعض الخطوات الحكيمة: نقوم بمضاعفة دورياتنا في المرتفعات ونعزّز التحصينات الموجودة لدينا, ونقوم بمضاعفة جواسيسنا, هذا كلّ شيء."
"أمرك, سيدي" قال بروميتش, ثمّ استدار وخرج من الغرفة مسرعاً مع مرافقيه.
استدار ماكجيل إلى النافذة مرةً أخرى ورأسه يؤلمه بشدة. أحس أنّ الحرب تلوح في الأفق, قادمةً إليه بالتأكيد مع عواصف الشتاء. إضافةً إلى ذلك أحسّ أنّه لم يكن هناك شيءٌ يمكنه فعله اتجاه ذلك. تأمل كلّ شيءٍ حوله, القصر وحجار القصر والجدران والديوان الملكي الأصيل الذي كان يمتد أمامه, لم يكن باستطاعته فعل شيء ولكنه تساءل إلى متى سيدوم كلّ هذا.
*********************
شعر تور بقدمٍ توكزه بلطف على أضلاعه, بدأ يفتح عينيه بصعوبة. كان ملقاً على وجهه فوق كومةٍ من القش ولم يكن لديه أدنى فكرةٍ عن مكان وجوده. شعرّ بأن رأسه يزن مئات الباوندات, كان حلقه أكثر جفافاً من أيّ وقتٍ مضى وكان رأسه يكاد أن ينفجر وعيناه تحرقاه بشدّة. كان يشعر كما لو كان قد سقط من على حصان.
شعر تور بالوكز مرةً أخرى, وبينما كان يحاول الجلوس شعر بالغرفة تدور به. انحنى تور قليلاً وتقيأ كل شيءٍ في معدته.
انفجر الضحك عالياً في كل مكانٍ حوله, نظر تور فوجد ريس و أوكونور و إيلدين والتوأمين يحومون بالقرب منه وينظرون إليه.
"وأخيراً استيقظ الجميل النائم!" صاح ريس عالياً وهو يبتسم.
"لم نعتقد أنك ستتمكن من النهوض مرةً أخرى أبداً," قال أوكونور.
"هل أنت بخير؟" سأله إيلدين.
جلس تور وهو يمسح فمه بالجزء الخلفي من يده, محاولاً أن يفهم كل ما يدور حوله. وبينما كان يفعل ذلك, نهض كروهن الذي كان مستلقياً على بعد عدة خطواتٍ منه, وركض بسرعةٍ باتجاهه ثمّ قفز بين يديه وأدخل رأسه داخل قميصه. شعر تور بالارتياح لرؤيته وكان سعيداً لوجوده بجانبه. بدأ تور بتذكر ما حصل.
"أين أنا؟ ما الذي حدث الليلة الماضية؟" سأل تور.
ضحك ثلاثةٌ منهم.
"أخشى أنك قد شربت كثيرً يا صديقي, هناك أحدّ لم يستطع أن يتحمل كل ذاك الشرب. ألا تستطيع التذكر؟ الحانة؟"
أغمض تور عينيه وهو يفرك صدغه, محاولاً أن يستجمع كل ما حصل في اليوم السابق مرةً أخرى. تبادر إلى ذهنه بعض اللقطات, تذكر الصيد... الدخول إلى الحانة... والشرب, تذكرّ جرّه إلى الطابق العلوي... والماخور. ولكن بعد ذلك كان كلّ شيءٍ مظلماً.
تسارعت ضربات قلبه حينما بدأ يفكر بجويندولين, ترى هل فعل أيّ شيءٍ مع تلك الفتاة؟ هل أضاع فرصته التي كانت مع جوين؟
"ما الذي حدث؟" قال تور مخاطباً ريس بجديّة وهو يمسك رسغه ويضغط عليها بشدّة. "أرجوك أخبرني, أخبرني أنّني لم أفعل شيئاً مع تلك المرأة."
ضحك الآخرون ولكن ريس حدّق فيه بجديّة, متفاجئاً من استياءه من هذا الموضوع.
"لا تقلق يا صديقي," أجابه ريس. "أنت لم تفعل معها شيئاً على الإطلاق, سوى التقيأ والسقوط على أرض غرفتها."
ضحك الأخرون مرةً أخرى.
"هذا كثيرٌ جداً بالنسبة للمرة الأولى," قال إيلدين.
شعر تور بارتياح كبير في داخله, لن تبتعد جوين وتنفر منه.
"هذه آخر مرةٍ أشتري فيها امرأة من أجلك!" قال كونفال.
"هذه طريقةٌ ممتازة لتبديد المال," قال كونفين. "هي لن ترضى أن تعيد ذلك مرةً أخرى ."
سخر الآخرون منه مرةً أخرى. شعر تور ببعض الإهانة ولكنّ ما كان يواسيه أنّه لم يدمر أيّ شيء.
سحب ريس من يده وأخذه جانباً.
"أختك," همس تور في أذنه بإلحاح. "هي لا تعرف أيّ شيءٍ عن الذي حصل, أليس كذلك؟"
ارتسمت ابتسامةٌ صغيرة على وجه ريس وهو يضع ذراعه على كتف تور.
"سرّك في مأمنٍ معي. و على الرغم من أنك لم تفعل شيئاً فهي لن تعرف أيّ شيء. ويمكنني أن أرى بسهولة كيف أنك تهتم لأمرها وترعاها, وأنا أقدر ذلك," قال ذلك ثمّ تحول تعابير وجهه إلى بعض الجديّة. "الآن استطعت التأكد أنك ترعاها بشكلٍ جيد. لو أنك قمت بالنوم مع تلك المومس فلن تكون هذا الشخص الذي أرغب في أن يكون زوج أختي. في الواقع لقد طُلب مني تسليم هذه الرسالة إليك."
دفع ريس بلفافة ورقٍ صيرةٍ في يد تور, نظر تور إلى يده ببعض الارتباك. رأى تور الطابع الملكي على الورقة الزهرية, ثمّ تسارعت دقات قلبه.
"من أختيّ!" أضاف ريس.
"قف!" انفجرت مجموعة من الأصوات من خلفهم.
"حصل أحدهم على رسالة حب!" قال أوكونور.
"اقرأها لنا!" صاح إيلدين.
دخل الجميع في نقاشٍ كبير وهم يضحكون.
ولكنّ تور أراد بعض الخصوصية, ركض بسرعةٍ إلى جانب الثكنات بعيداً عن الآخرين. كان رأسه يؤلمه بشدّة و لا تزال الغرفة تدور فيه, ولكنه لم يهتم لكلّ ذلك. قام بفتح اللفافة بلطف وقرأ المكتوب داخلها ويده ترتجف.
قابلني في غابة ريدج عند منتصف اليوم, لا تتأخر. و لا تقم بلفت الانتباه أبداً."
قام تور بحشر الورقة في جيبه.
"ماذا كتب فيها, أيها الصبي العاشق؟" صاح كونفين عالياً.
أسرع تور باتجاه ريس وهو متأكدٌ أنّ بإمكانه الوثوق به.
"ألا يوجد تدريبٌ في الفيلق اليوم؟" سأل تور.
"هزّ تور رأسه بالنفي, "بالطبع لا, إنّها عطلة."
"أين تقع غابة ريدج؟" سأله تور.
ابتسم ريس قائلاً "إنّه المكان المفضّل لجوين, خذ الطريق الشرقي الخارج من البلاط الملكي وابقى في الاتجاه الأيمن, اصعد التلال التي أمامك, غابة ريدج تبدأ من بعد التلة الثانية."
نظر تور إلى ريس وقال له " من فضلك أنا لا أريد لأحدٍ أن يعلم بذلك."
ابتسم ريس, "أنا متأكدٌ أنها ايضاً لا تريد ذلك. إذا اكتشفت أمي ذلك فستقتلكما كليكما. سوف تقوم بحبس أختي داخل غرفتها, وستقوم بنفيك إلى الطرف الجنوبي من المملكة."
غصّ تور وهو يفكر بذلك.
"حقاً؟" سأل تور.
"إنك لا تروق لها, لا أعرف لماذا ولكنّ عقلها هكذا. اذهب بسرعة ولا تخبر أحداً أبداً." ثمّ وضع يده في يد تور. "ولا تقلق, أنا أيضاً لن أخبر أحداً."
مشى تور بسرعةٍ في هذا الصباح الباكر و كروهن يهرول بجانبه, محاولاً كلّ جهده ألّا يراه أحد. اتبع الاتجاهات التي أخبره ريس بها بأسرع ما يستطيع وهو يعيدها في رأسه, خرج من البلاط الملكي حتى وصل إلى تلّة صغيرة ومشى على طول الغابة الكثيفة. ثمّ اتجه إلى اليسار وأصبحت الأرض تنخفض تحته, مما جعله يمشي على دربٍ ضيق على حافة سلسلةٍ من التلال شديدة الانحدار, كان المنحدر على يساره والغابة على يمينه. وأخيراً وصل إلى غابات ريدج. لقد قالت أنها تريد لقاءه هناك, هل كانت جديّةً في كلامها؟ أم أنها فقط تريد التسلية معه؟
هل كان ذلك المخنّث, ألتون, على حق؟ هل كان تور مجرد تسليةٍ بالنسبة لها؟ وستملّ منه قريباً؟ تمنى أكثر من أيّ شيءٍ آخر ألّا يكون ذلك صحيحاً. أراد أن يؤمن بمشاعرها اتجاهه وأنها مشاعر صادقة, ولكن لا يزال أمامه وقتٌ صعب لتخيل علاقتهما كيف ستكون. إنّه بالكاد يعرفها وهي تنحدر من عائلة ملكية, كيف من الممكن أن تهتم به؟ ناهيك عن أنّها أكبر منه بسنةٍ أو سنتين, ولم يسبق له أنّ اهتمت به فتاةٌ أكبر منه من قبل. في الواقع لم يسبق له أن اهتمت به فتاةٌ أبداً, غير أنّه كان هناك العديد من الفتيات اللاتي لفتن نظره في قريته.
ولكن تور لم يختلط من قبل مع الفتيات أبداً بهذا القدر, لم يكن لديه أيّه أخوات وكان هناك عددٌ قليلٌ فقط من الفتيات اللاتي في نفس عمره في القرية. وفي هذا السن لم يبدو أنّ هناك أحدٌ من الفتية يهتم بهذا الأمر كثيراً. كان معظم الفتية يتزوجون تقريباً في الثامنة عشرة من عمرهم, عن طريق الزيجات المدبرة, في الحقيقة لم تكن تبدو أكثر من بعض الأعمال التجارية. الرجال من الطبقات الغنية لم يكونوا يتزوجون حتى يصلوا إلى سن الخامسة والعشرين, حتى يصلوا إلى يوم الاختيار: كانوا ملزمين إمّا باختيار عروسٍ من محيطهم أو الخروج والبحث عن واحدة. ولكن هذا الكلام لم يكن ينطبق على تور, لقد كان من الطبقة الفقيرة والناس في منزلتهم يتزوجون بحسب الطريقة التي تعود بالنفع على عائلاتهم, كان ذلك يشبه رعاية الماشية.
ولكنه عندما رأى جويندولين, تغيّر كلّ شيء. للمرة الأولى أحس بأنّ شيئاً اجتاحه بقوة, شعور عميقٌ جداً وقويّ لم يسمح له بأنّ يفكر بأيّ شيءٍ آخر. في كلّ مرةٍ كان يراها, كان هذا الشعور يتعمّق داخله. لم يكن من السهل أن يفهم ذلك كلّه, ولكنه كان يتألم عندما يكون بعيداً عنها.
ضاعف تور سرعته وهو يمشي على تلك التلال ويبحث عنها في كلّ مكان, متسائلاً أين يمكن أن تنتظره. بدأت الشمس ترتفع عالياً في السماء وظهرت أولى حبات العرق على جبهته. لا يزال يشعر ببعض التوعّك من آثار الليلة السابقة. ارتفعت الشمس أكثر وبدأ بحثه عنها يصبح غير مجدّي, وبدأ يتساءل إن كانت ستأتي حقاً لمقابلته. وبدأ يتساءل عن مدى خطورة المكان الذي وضع نفسه فيه, إذا كانت أمها الملكة بذاتها تقف ضدّهما بشكلٍ جديّ, هل من الممكن أن تقوم بترحيله من المملكة حقاً؟ ومن الفيلق؟ عن كلّ شيءٍ استطاع التوصل إليه وأحبه؟ ماذا سيفعل بعدها؟
بينما كان يفكّر بذلك قرّر أنّ ذلك لا يزال يستحق كلّ هذه المخاطرة, وهو الحصول على فرصة أن يحظى بها ويكون معها. لقد كان على استعداد للتضحية بكل شيء من أجل هذه الفرصة. وأعرب عن أمله في ألّا يكون غبياً أو متسرعاً بشأن استنتاجه عن مشاعرها بالنسبة إليه أو أن تكون هذه الاستنتاجات سابقةً لأوانها.
"هل تقوم بالمشي بهذه السرعة فقط من أجل إيجادي؟" جاء صوتٌ من خلفه وتلته قهقهةٌ خفيفة.
قفز تور, جاءه الصوت على حين غرة, توقف في مكانه واستدار إلى الخلف. كانت واقفة في ظلّ شجرة صنوبر ضخمة, بابتسامةٍ ساحرة, كانت جويندولين. قفز قلبه من مكانه من تلك الابتسامة, لقد كان يمكنه أن يرى الحب في عينيها. وكلّ ما كان داخله من همومٍ ومخاوف تلاشت بعيداً. كيف يمكن أن يكون بهذا القدر من الغباء ليقوم بتخوين نواياها مسبقاً, لام نفسه كثيراً على ذلك.
نظرت قليلاً إلى الأسفل فرأت كروهن.
"و ماذا لديك هنا؟" صاحت بفرح.
نزلت قليلاً إلى الأسفل على ركبتيها وركض كروهن إليها, قافزاً بين ذراعيها. رفعته بسرعة و احتضنته بين ذراعيها وهي تداعبه.
"إنه لطيفٌ جداًّ!" قالت و هي تغمره بشدّة, كان يلعق وجهها وهي تضحك وتقبله مرةً أخرى.
"وما اسمك أيها الولد الشقي؟" سألته جوين.
"كروهن," قال تور, وأخيراً هذه المرة لم يكن لسانه مربوطاً كما كان من قبل.
"كروهن!" قالت جوين وهي تنظر إلى عيني الشبل. "وهل كل يومٍ تسافر مع صديقك الشبل هذا؟" قالت لتور وهي تضحك.
"لقد وجدته في الغابة, أثناء الصيد." قال تور وهو يشعر ببعض الخجل بجانبها, كعادته. "أخبرني أخوكِ أنّ عليّ الاحتفاظ به, لأنني من وجده, لقد كان ذلك مقدراً ليّ."
نظرت إليه وأصبحت تعابير وجهها جديّةً بعض الشيء.
"نعم, إنّه محقٌ في ذلك. الحيوانات أشياءٌ مقدّسة جداً, و أنت لا تجدهم بل هم يجدوك."
"آمل ألّا تمانعي انضمامه إلينا," قال تور.
ضحكت جوين و أجابته "سأكون حزينةً إذا لم يفعل ذلك."
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والعشرون من رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية أميرة القصر بقلم مايسة ريان
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا