مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل التاسع والعشرون (الأخير) من رواية السعي من أجل البطولة وهي الكتاب الأول من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة.
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية.
رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس - الفصل التاسع والعشرون (الأخير)
رواية السعي من أجل البطولة |
رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس (الكتاب الأول في "سلسلة طوق الساحر")
الفصل التاسع والعشرون (الأخير)
سار تور بحصانه في الليل عبر البوابة الأخيرة للبلاط الملكي, بالكاد قام بإبطاء حصانه وهو يقفز عنه ثمّ قام بإعطاء اللجام لأحد الخدم الموجودين. كان يلهث بشدة, لقد سافر على حصانه طوال اليوم. كانت الشمس قد غابت منذ عدة ساعات فقط. استطاع أن يرى على الفور المشاعل المضيئة في الداخل و يسمع الموسيقى و هي تعزف في الداخل, هذا يعني أن الوليمة الملكية قائمةٌ على قدمٍ و ساق. لام نفسه بشدّة على فعلته هذه و أنّه كان بعيداً كلّ هذا الوقت, و صلّى من أجل ألّا يكون الأوان قد فات بعد.ركض بسرعةٍ إلى أقرب الخدم الموجودين.
"هل تسير جميع الأمور على ما يرام؟" سأل تور و هو في عجلة من أمره, أراد معرفة ما إذا كان الملك بخير, ولكن بالطبع لا يمكنه أن يسأل بصراحة إذا كان الملك قد مات مسموماً.
حدق الخادم بوجهه في حيرة.
"و لماذا لا يكون كذلك؟ جميع الأمور تسير كما خُطط لها, ما عدا أنك متأخر, ينبغي على جميع أعضاء الفيلق أن يكونوا دائماً في الوقت المحدد. بالإضافة إلى أنّ ملابسك قذرة, و هذا يعكس انطباعاً سيئاً عن زملائك. اغسل يديك وعجّل بالدخول."
ركض تور عبر البوابة وهو يتصبب عرقاً, وضع يديه في حوض صغير مملوءٍ بالماء, و رشقها على وجهه ثمّ قام بمسح شعر الطويل قليلاً. لقد كان منذ الصباح في حركةٍ مستمرةٍ بلا توقف, و كان مغطاً ببعض الغبار من الطريق. لقد شعر بأنّ هذا اليوم مرّ كعشرة أيام. أخذ نفساً عميقاً و حاول تهدئة نفسه و أن يبدو طبيعياً. سار بسرعةٍ متجاوزاً الممر بعد الممر, نحو الأبواب الواسعة لقاعة الولائم.
حالما وصل تور إلى الداخل, عبر الأبواب المقوّسة الضخمة, رأى أنّ ذلك كحلمه تماماً. كان أمامه طاولتين طويلتين من الولائم, طولهما على الأقل مئة قدم. وفي نهايتهما بعيداً كان يجلس الملك على رأس طاولته الخاصة, محاطاً بالعديد من الرجال. كانت الضوضاء تطرق رأس تور, القاعة مليئة تماماً بالناس. لم يكن هناك فقط رجال الملك و أعضاء الفضة و الفيلق يجلسون على الموائد, و لكن كان هناك أيضاً المئات الآخرين, فرقٌ من الموسيقيين المتنقلين و مجموعات من الراقصين و العديد من المهرجين بالإضافة إلى العشرات من النساء من المواخير... بالإضافة إلى وجود جميع رتب الخدم و الحراس و الكلاب التي تركض في المكان. كان المكان فوضوياً جداً.
كان الرجال جميعاً يشربون النبيذ و البيرة بكؤوس كبيرة, الكثير منهم يقف و يغني الأغاني مع الموسيقيين و يضعون أيديهم على أكتاف رفاقهم و يضربون كؤوسهم ببعضها. كان هناك أطباق كبيرة من الطعام موضوعةٌ على الطاولات, مع الخنازير و الغزلان و جميع أنواع الحيوانات التي يتم صيدها موضوعة على الأسياخ ويتم شويها أمام المواقد.
كان نصف الموجودين في الغرفة قد اتخموا أنفسهم من الطعام, في حين يختلط النصف الآخر ببعضهم. نظر تور بهذه الفوضى الموجودة في القاعة و رأى كيف كان الرجال في حالة سكر, أدرك أنّه لو وصل باكراً عندما بدأت الحفلة, كان ذلك أفضل. الآن في هذه الساعات المتأخرة سوف يعتقد الجميع أنّه تحت تأثير الشرب ولا يعي ما يفعله.
بغض النظر عن كونه مرتبكاً قليلاً, كانت ردة فعله الأولى الامتنان الكبير كونه وجد الملك ما زال على قيد الحياة. تنفس الصعداء, إنه بخير. تساءل مرةً أخرى إذا كان هذا الفأل لا يعني شيئاً, إذا كان حلمه كلّه لا يعني شيئاً. إذا كان قد بالغ في ردة فعله و في أوهامه و قام بتضخيم الأمر في رأسه أكثر من اللازم. و لكنه لا يزال غير متمكنٍ من إخراج ذلك من رأسه, لا يزال يشعر بحاجةٍ ملحةٍ للوصول إلى الملك من أجل تحذيره.
احمي ملكنا.
شقّ تور طريقه عبر الحشد محاولاً قطع المسافة الطويلة التي تفصله عن الملك. سار تور ببطء فالرجال كانوا في حالة سكر و غوغائية, مصطفين كتفاً إلى كتف, و ماكجيل كان بعيداً مئات الأقدام.
تمكن تور من قطع نصف المسافة تقريباً من خلال الحشد الكبير عندما توقف فجأةً في مكانه, لقد رأى جويندولين. كانت تجلس على أحد الطاولات الصغيرة, على أحد جوانب القاعة محاطةٌ بجاريتيها. بدت كئيبةً على غير عادتها, طعامها و شرابها كما هو, و تجلس لوحدها في طرف القاعة مفصولةً عن الأسرة المالكة. تساءل تور عن سبب ذك كله.
انطلق تور عبر الحشد مسرعاً باتجاهها.
نظرت جوين إلى الأمام و رأته قادماً باتجاهها, و لكن بدلاً من أن تبتسم كما تفعل دائماً, اكتئب وجهها. و للمرة الأولى رأى تور الكثير من الغضب في عينيها.
أرجعت جوين كرسيها إلى الخلف و نهضت, ثمّ أدارت ظهرها و سارت بعيداً.
شعر تور و كأن سكيناً قد طعنته في قلبه, لم يستطع أن يفهم ردة فعلها. هل قام بارتكاب خطأ ما؟
أسرع تور و التف حول الطاولة محاولاً اللحاق بها, ثمّ امسكها من معصمها بلطف.
فاجأته جوين بتصرفها, لقد قامت برمي يده عنها و استدارت بوجهها المقطب تحدق به.
"لا تلمسني!" صرخت عالياً.
رجع تور خطوةً إلى الوراء, كان مصدوماً من ردّة فعلها. هل كانت هذه نفسها جويندولين التي يعرفها؟
"أنا آسف," قال تور. "لم أقصد أن أسبب لك أي ضرر أو عدم احترام, أردت فقط التحدث معك."
"لم يتبقى أي كلامٍ أتحدثه معك," قال وهي تشتعل غضباً.
كان تور يتنفس بصعوبة و ليس لديه أيّة فكرةٍ عن الخطأ الذي قام به.
"سيدتي, من فضلك أخبريني ما الذي فعلته؟ أيّاً كان الذي فعلته و أساء إليك, فأنا أعتذر."
"ما الذي قمت به لا يمكن إصلاحه, ولن يكفيه أيّة اعتذارات. إنه يتعلق بمن أنت."
بدأت تسير مبتعدةً مرة أخرى, كان جزءٌ من تور يخبره بأن يتركها تذهب, ولكن الجزء الآخر لم يتمكن من الوقوف ومشاهدتها وهي تذهب مبتعدة, ليس بعد الذي جرى بينهما. كان عليه أن يعرف السبب الذي جعلها تكرهه بهذا القدر.
ركض تور إلى أمامها, و وقف في طريقها. لم يستطع أن يدعها تذهب هكذا, ليس بهذه الطريقة.
"جويندولين, من فضلك. من فضلك فقط أعطني فرصة واحدةً, على الأقل كي أعرف ما الذي قمت به. من فضلك فقط أخبريني بذلك."
فتحت عينيها محدّقةً به و هي تغلي, ثمّ وضعت يديها على وسطها.
"أعتقد أنك تعرف, تعرف ذلك جيداً."
"لا, لا اعرف شيئاً." قال تور بجدية.
حدّقت به مرةً أخرى, كما لو كانت تريد قول شيءٍ ما. و أخيراً يبدو أنها صدقته.
"في الليلة التي سبقت موعدنا, قيل لي أنك كنت في الماخور. و قمت بالاستمتاع مع العديد من النساء, و استمتعت بذلك طوال الليل. ثمّ في اليوم التالي, عندما طلعت الشمس قدمت إليّ. هل تذكرت الآن؟ أنا مشمئزةٌ جداً من تصرفك هذا. أنا لم أعد أريد رؤيتك مرةً أخرى في حياتي أبداً, ولن تلمسني أبداً. آمل ألّا أرى وجهك مرةً أخرى, لقد جعلتني أبدو كالحمقاء. ولا يستطيع أحدٌ أن يجعلني أبدو كذلك!"
"سيدتي!" صاح تور. وقف في وجهها محاولاً منعها من الذهاب, أراد أن يوضح ذلك كله. "هذا غير صحيح!"
لكن فرقةً من الموسيقيين وقفت بينهما, بينما اندفعت جوين في الاتجاه الآخر, منطلقةً عبر الحشد بسرعة مما جعل تور يعجز عن إيجادها. و خلال لحظات فقد أثرها كليّاً.
كان تور يحترق في داخله. لم يستطيع تصديق أنّ شخصاً ما أخبرها بذلك و قال كلّ هذه الأكاذيب عنه, لقد جعلها تتحول ضده تماماً. تساءل تور عمّن كان وراء ذلك. لم يعد مهماً الآن من قام بذلك, لقد دمّر فرصته معها كاملاً, كان يموت في داخله.
التفت تور و مشى مرتبكاً عبر القاعة. تذكر الملك ولكنه شعر بفراغٍ كبير في قلبه, كما لو لم يبقى هناك أيّ شيءٍ يعيش من أجله.
قبل أن يبتعد عدة خطواتٍ من مكانه, ظهر ألتون فجأة و وقف في وجهه, نظر إليه مع ابتسامةٍ ساخرة. كان يرتدي رداءً حريراً و سترةً مخمليّة و قبعةً من الريش. نظر إلى تور بأنفه الطويل و بمنتهى الغطرسة و الكبرياء.
" حسناً حسناً, هل وجدت عروستك التي يجب أن تكون هنا؟ بالطبع لم تجد. أعتقد أن الشائعات الآن انتشرت بالفعل بشكل واسع حول مآثرك في الماخور." ابتسم وانحنى مقترباً من تور, كاشفاً عن أسنانه الصفر الصغيرة. "في الحقيقة أعتقد أن ذلك قد حصل."
"هل تعرف ما الذي يقولونه؟ إذا كان هناك بصيصٌ صغيرٌ من الحقيقة, فإن ذلك يساعد كثيراً على انتشار الشائعات. لقد وجدت ذلك البصيص, و الآن تمّ تدمير سمعتك أيها الصبي."
كان تور يشتعل غضباً, لم يعد يستطيع تحمله أكثر من ذلك. أرجع تور يده قليلاً و ضربه على معدته, ما جعله يسقط أرضاً من الألم.
بعد لحظات, اقترب الجميع منهما, و قام أعضاء الفيلق و زملائه و الجنود بالوقوف في وجهه و سحبه بعيداً.
" لقد تجاوزت حدودك أيها الصبي!" صاح ألتون, مشيراً إليه من بين المجموعة. "لا أحد يمس العائلة الملكية! سوف تبقى في السجن لبقية حياتك! سوف أجعلهم يعتقلونك, تأكد من ذلك! عند شروق الشمس غداً سيكونون عندك!" صاح ألتون عالياً, ثمّ استدار و مضى مسرعاً.
لم يكن تور مهتماً بألتون أو بحراسه, كان يفكر بالملك فقط. قام بإبعاد أعضاء الفيلق من حوله, و انطلق باتجاه ماكجيل. كان تور يبعد الناس عن طريقه وهو يتجه مسرعاً إلى طاولة الملك. كان عقله غارقاً بالكثير من المشاعر, لم يستطع تصديق هذا التحول الكبير في الأحداث بهذه السرعة. بعد أن وصل إلى هذا المكان و كانت سمعته في تحسّن دائم, تمّ تدمير كل ذلك بسبب ثعبان خبيث, من أجل إبعاد حبه عنه. و الآن من الممكن أن يتم اعتقاله في الصباح و يتعرض للسجن, و خصوصاً أن الملكة منحازةٌ ضده, لقد كان يخشى أن يحصل كل ذلك بالفعل.
لم يهتم تور لكل ذلك, أكثر ما كان يهمه الآن هو حماية الملك.
زاد سرعته وهو يشقّ طريقه عبر الحشود الموجودة وتصادم مع الناس و مع المهرجين, و أخيراً و بعد دفع أكثر من ثلاث خدم استطاع الوصول إلى طاولة الملك.
جلس الملك في وسط الطاولة بوجنتيه الحمراوين و بيده كأسٌ كبيرة من النبيذ, كان يضحك عالياً لمشاهد الترفيه التي أمامه. كان محاطاً بكبار القادة في المملكة. وقف تور أمامهم ثمّ انطلق مباشرةً إلى المقاعد الفارغة على الطاولة, حتى في النهاية انتبه الملك لقدومه.
"مولاي!" صاح تور عالياً مع بعض الحزن في صوته. "يجب عليّ أن أتحدث معك, من فضلك!"
اتجه الحرس الملكي إلى تور من أجل سحبه بعيداً, ولكن الملك رفع يده مشيراً لهم بالتوقف.
"تورجرين!" صاح الملك عالياً بصوت ملكي عميق, وهو في حالة سكر من النبيذ. "بنيّ, لماذا أتيت إلى طاولتنا؟ طاولة الفيلق هناك."
انحنى تور محيّياً الملك.
"مولاي, أنا آسف. و لكن يجب أن اتحدث إليك الآن."
كان أحد الموسيقيين يقرع بالصِّنج في أذن تور, وأخيراً أشار الملك له بالتوقف.
توقفت الموسيقى, والتفت جميع القادة الموجودين ناظرين إلى تور. شعر تور بأن كلّ الاهتمام توجه نحوه.
"حسناً, تورجرين الشاب, الكلمة لك الآن, تحدث. ما هو الشيء المهم الذي لا يمكن تأجيله إلى الغد؟"
"مولاي," بدأ تور بالكلام, و لكنه توقف بعد ذلك. ما الذي سيقوله بالضبط؟ أنّه رأى حلم؟ أم أنه رأى النذير؟ شعر أنه سيتم تسميم الملك؟ هل سيبدو ذلك سخيفاً؟
لم يكن لديه أيّ خيار, كان عليه أن يكمل.
"مولاي, لقد رأيت حلم," بدأ بالكلام. "لقد كان ذلك عنك. في قاعة الولائم هذه وفي هذا المكان بالتحديد. لقد كان الحلم... أنّه لا ينبغي عليك أن تشرب."
انحنى الملك إلى الأمام قليلاً, فتح عينيه جداً.
"يجب عليّ ألّا أشرب؟" كرر الملك ذلك ببطء و بصوت عالٍ.
ثمّ و بعد لحظةٍ من الصمت, انحنى الملك إلى الخلف و ضحك عالياً جداً.
"يجب عليّ ألّا أشرب!" قالها ماكجيل مرةً أخرى. "يا له من حلم! يجب عليّ أن أسميه كابوس!"
رجع الملك إلى الخلف و انفجر بالضحك مرةً أخرى بينما فعل جميع الموجودين ذلك. احمرّ تور خجلاً, و لكن لا يمكنه التراجع الآن.
أشار ماكجيل برأسه فاقترب الحراس من تور و أمسكوا به يريدون أن يسحبوه بعيداً, و لكن تور دفع الحراس عنه. كان مصمماً على ذلك, يجب عليه أن يوصل هذه الرسالة إلى الملك.
احمي ملكنا.
"مولاي, أطالبك بأن تستمع إليّ!" صرخ تور بوجهه الأحمر, وهو يقترب إلى الأمام و يضرب على الطاولة بعنف.
هزّ ذلك الطاولة كلها, و التفت جميع الرجال يحدقون بتور.
ساد الصمت في المكان, ثمّ تحول وجه الملك إلى الغضب.
"تطالبني!" صاح ماكجيل. "أنت لا تطالبني بشيءٍ أيها الصبي." صرخا عالياً مع ازدياد غضبه.
صمت الجميع أكثر, و شعر تور بالإذلال مع احمرار وجهه.
"مولاي, اغفر لي. لم أقصد أي إساءةٍ, و لكنني أشعر بالقلق على سلامتك. من فضلك لا تشرب, لقد حلمت أن الكأس مسمومة! من فضلك. أنا مهتم بك كثيراً, هذا هو السبب الوحيد لإخبارك بذلك."
ببطء, زال تجهّم ماكجيل من على وجهه. كان يحدق بعمق بعينيّ تور و أخذ نفساً عميقاً.
"نعم, أنا أستطيع أن أرى أنك تهتم لأمري حتى لو كنت صبياً أحمقاً. أنا أغفر لك عدم احترامك لي. اذهب الآن, ولا أريد أن أرى وجهك مرةً أخرى حتى الصباح."
أشار إلى حراسه الذي جرّوا تور بعيداً ولكن بقوةٍ هذه المرة. استأنف الموجودون على الطاولة فرحهم ببطء و عادوا جميعاً إلى الشرب.
قام الحرس بسحب تور عدة أقدام بقوة. لقد كان يخشى من الذي قام به هذه الليلة, لقد شعر بأنه غداً سيدفع ثمن ذلك كله. ربما سيطلب منه ترك هذا المكان كله, إلى الأبد.
بينما قام الحراس بدفعه مرةً أخيرة بقوة, وجد تور نفسه على طاولة الفيلق, حوالي عشرين قدماً بعيداً عن الملك. شعر بيدٍ على كتفه و استدار فرأى ريس يقف هناك.
"لقد بحثت عنك طوال اليوم, ما الذي حدث لك؟" سأل ريس. "تبدو و كأنك قد رأيت شبحاً ما."
كان تور لا يستطيع التفوه بأيّة كلمة.
"تعال و اجلس معي, لقد حجزت لك مقعداً بجانبي." قال ريس.
سحب ريس تور إلى جانبه, على طاولةٍ موضوعةٍ جانباً لأسرة الملك. كان غودفري يمسك كأس شربٍ في كلّ يد, و بجانبه يجلس جاريث. نظر تور في جميع الموجودين إلى الطاولة متأملاً أن يجد جويندولين هنا أيضاً, ولكنها لم تكن هنا.
"ما بك تور؟" سأله ريس وهو يجلس بجانبه. "أنت تحدق بجميع الموجودين على الطاولة و كأنهم سيقومون بعضّك."
أومأ تور برأسه بالنفي.
"إذا أخبرتك فلن تصدقني, لذلك أفضل أن أبقي فمي مغلقاً."
"قل لي, يمكنك أن تخبرني بأيّ شيء." قال ريس حاثّاً إيّاه على الكلام.
نظر تور إلى عينيه ورأى نظرة صدقٍ في عينيه, أدرك أخيراً أنه وجد أحداً ما سيأخذه على محمل الجد. أخذ نفساً عميقاً و بدأ بالكلام, لم يكن لديه أيّ شيءٍ ليخسره.
"في ذلك اليوم, في الغابة, عندما كنت أنا و أختك, رأينا ثعبان زيزفون لقد أخبرتني بأنّ ذلك نذير موت, و أنا صدقت ذلك أيضاً. ذهبت إلى أرجون و أكّد لي أن هناك موتاً قادماً. بعد وقتٍ قصير, حلمت أنّه سيتم تسميم والدك, هنا في هذه الليلة و في هذه القاعة. أستطيع الإحساس بأن ذلك سيحدث في كل خليةٍ في جسمي, هناك شخصٌ ما يحاول اغتياله." قال تور.
قال ذلك كلّه دفعةً واحدة, و شعر بالارتياح بإزالة ذلك كلّه من داخله و أحس بتحسّن بأن هناك شخص يستمع إليه بالفعل.
كان ريس يستمع إليه بهدوء و يحدق بعينيه طوال الوقت, و أخيراً تحدث.
"أنت تبدو صادقاً في كلّ شيءٍ تقوله, ليس لديّ أدنى شك بذلك. أنا أقدر اهتمامك بوالدي, و أصدقك بكل شيءٍ تقوله. لكن الأحلام أشياءٌ خدّاعة ولا تعني دائماً شيئاً حقيقياً."
"أخبرتك الملك بذلك," قال تور. "ولكنهم ضحكوا عليّ, و بالتأكيد سيشرب هذه الليلة."
"تور, أنا أصدق أنك حلمت بذلك و أنك تشعر بذلك. ولكنني أيضاً حلمت بالكثير من الأحلام الرهيبة جداً, طوال حياتي. في إحدى الليالي, حلمت أنّه تم طردي من القلعة, و استيقظت وأنا أشعر بأن ذلك سيحدث ولكن لم يحدث شيءٌ من ذلك. هل تفهمني؟ الأحلام أشياءٌ معقدة و أرجون يتحدث بالألغاز, يجب ألّا تأخذ كلّ شيءٍ على محمل الجد. والدي على ما يرام و أنا بخير و نحن جميعاً بخير. حاول أن تجلس بهدوء و تشرب و تسترخي فقط, و استمتع بكل ذلك."
بعد ذلك انحنى ريس إلى الخلف و هو جالسٌ في كرسيه و مغطاً بالفرو. أشار إلى أحد الخدم الذي قام بوضع قطعةٍ كبيرةٍ من لحم الغزال أمام تور, بالإضافة إلى قدحٍ من النبيذ.
ولكن تور جلس هناك فقط يحدّق بالطعام الذي أمامه. أحس تور أن حياته كاملةً تعرض أمامه, دون أن يعرف ما الذي يستطيع فعله.
لا يزال لا يستطيع التفكير بأيّ شيءٍ سوى بحلمه, كان الذي يراه أحلام يقظة, يجلس هناك و يشاهد الجميع يشرب و يلهو من حوله. كلّ ما كان يمكنه فعله هو الجلوس و مشاهدة جميع المشروبات و الكؤوس تتجه إلى الملك. كان يراقب عن كثب كل خادم و كلّ قدحٍ من النبيذ, و في كلّ مرةٍ يشرب الملك كان تور يتنفس الصعداء.
كان ذلك هاجس تور, لم يتمكن من النظر بعيداً. استمر فقط بالمراقبة و المراقبة لعدة ساعات.
أخيراً, رصد تور أحد الخدم الذي اقترب من الملك وهو يحمل قدحاً مختلفاً عن الآخرين. كان كأساً كبيراً مصنوعاً من الذهب المميز جداً و المغطى بصفوفٍ من الياقوت و المرجان.
كان تماماً كالكأس الذي رآه تور في منامه.
خفق قلب تور بشدةٍ في صدره وهو يشاهد ذلك الخادم يقترب من الملك. كانت مجرد عدة أقدامٍ تفصله عن الملك عندما وقف تور بسرعة, كل خليةٍ في جسمه كانت تريد أن تصرخ عالياً, هذا القدح مسموم.
قفز تور من على كرسيه شاقاً طريقه من خلال الحشد, وهو يدفع كل شخصٍ في طريقه.
في اللحظة التي مسك فيها الملك ذلك الكأس بيده قفز تور على طاولته, حتى وصل إلى الملك و ضرب الكأس من يد الملك رامياً إياه بعيداً.
مرت لحظات رعبٍ داخل القاعة بأكملها بينما طار القدح في الهواء و سقط على الحجر مع صوت طرقةٍ قوية.
ساد صمتٌ مخيف في القاعة كلها, كل الموسيقى و كل المهرجين توقفوا. التفت المئات من الرجال و النساء يحدقون بالذي حصل.
وقف الملك ببطء و حملق بتور بغضب شديد.
"كيف تجرؤ على ذلك؟" صرخ الملك عالياً. "أنت صبيٌ وقح! سوف أضعك في السجن من أجل ذلك!؟
وقف تور هناك و الرعب يملأ قلبه, أحس أن العالم كلّه انهار فوق رأسه. أراد فقط أن تنشق الأرض و يختفي داخلها.
فجأةً, سار أحد كلاب الصيد متجهاً إلى بركة النبيذ التي انسكبت من الكأس على الأرض, وبدأ يلعق ذلك النبيذ. وقبل أن يتمكن تور من فعل أي حركة و قبل أن يتحرك أحدٌ داخل القاعة, اتجهت كل العيون إلى الكلب الذي بدأ يصدر أصواتاً مرعبةً و رهيبة.
و بعد لحظة تجمد الكلب في مكانه وسقط على الأرض ميتاً. نظر جميع الموجودين داخل القاعة إلى ذلك الكلب برعب.
"أنت تعرف أن ذلك الكأس كان مسموماً!" صاح صوت من الحشد.
استدار تور و رأى الأمير جاريث هناك يتقدم باتجاه الملك, مشيراً بأصبع الاتهام إلى تور.
"كيف يمكن لك أن تكون على علم بأن الكأس مسموماً؟ لو لم تكن واحداً من الذين قاموا بذلك! لقد حاول تور تسميم الملك!" صاح جاريث عالياً.
هلل الحشد جميعاً بغضب.
"خذوه إلى الزنزانة," أمر الملك.
خلال لحظات أحس تور بالعديد من الحراس يلقون القبض عليه من الخلف و يسحبونه من خلال القاعة. كان يحاول دفعهم بعيداً عنه محاولاً أن يحمي نفسه.
"لا!" صرخ تور عالياً. "أنتم لا تفهمون!"
ولكن أحداً لم يستمع له, تمّ جرّه عبر الحشد بسرعةٍ كبيرة, و بينما هو يذهب شاهد تور حياته كلها تضيع منه, كلّ شيءٍ اختفى بلمح البصر. عبروا القاعة كلها و خرجوا من أحد الأبواب الجانبية, ثمّ أغلق الباب خلفهم بقوة.
كان يسود الهدوء هنا, و بعد لحظات رأى تور العديد من الأيادي تقوم بجرّه عبر أحد السلالم الحجرية الدائرية إلى الأسفل. كان المكان يصبح مظلماً أكثر فأكثر, و سرعان ما أصبح تور يسمع صراخ السجناء.
سمع تور أحد الأبواب الحديدية و هي تفتح, و أدرك سريعاً أنه يتم نقله إلى إحدى الزنزانات.
كان يحاول دفعهم بكل قوته محاولاً الإفلات منهم.
"أنتم لا تفهمون!" صاح تور.
نظر تور إلى الأمام و رأى أحد الحراس يتقدم عدة خطواتٍ باتجاهه, كان حارساً ضخماً و خشناً, غير حليق و ذو أسنان صفراء كبيرة.
عبس في وجه تور.
"آه, أنا أفهمك بشكل جيدٍ جداً," قال بصوت خشنٍ.
قام بسحب تور من ذراعه بقوة, و كان آخر شيءٍ يراه تور هو قبضته الكبير تنزل مباشرةً على وجهه.
ثمّ أصبح كل شيءٍ أسوداً.
*********************************
تمت بحمد الله ...رواية السعي من أجل البطولة | مورغان رايس من سلسلة طوق الساحر
سنبدأ غدا في نشرالجزء الثاني مسيرة الملوك.
*********************
تابع جميع فصول الرواية من هنا: جميع فصول رواية السعي من أجل البطولة
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية أميرة القصر بقلم مايسة ريان
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا