مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الخيالية و روايات مترجمة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادي عشر من رواية مسيرة الملوك وهي الكتاب الثاني من "سلسلة طوق الساحر" للكاتب مورغان رايس وهي السلسلة التي تمتلك كل المقومات لتحقيق النجاح.
سنغوص سويا داخل سلسلة طوق الساحر وعبر أجزائها المتتالية في عالم من المؤامرات و المؤامرات المضادة و الغموض و الفرسان الشجعان و العلاقات المزدهرة التي تملئ القلوب المكسورة, الخداع و الخيانة, تابع الجزء الأول: رواية السعي من أجل البطولة.
سوف تقدم لك الترفيه لكثيرٍ من الوقت, وستتناسب مع جميع الأعمار. لذلك نوصي بوضعها في المكتبة الدائمة لجميع قرّاء القصص الخيالية.
رواية مسيرة الملوك | مورغان رايس - الفصل الحادي عشر
رواية مسيرة الملوك لـ مورغان رايس |
رواية مسيرة الملوك | مورغان رايس (الكتاب الثاني في "سلسلة طوق الساحر")
الفصل الحادي عشر
وقف غاريث على نافذة مكتبه المفتوحة, يشاهد بزوغ الفجر على مملكته. مملكته, إنه شعورٌ جميل أن يفكر بهذه الكلمة. اعتباراً من اليوم, سيكون الملك. لن يكون والده هو الملك , بل هو سيكون غاريث هو ماكجيل, ماكجيل الثامن. سيوضع التاج على رأسه, وسيكون عهد جديداً الآن, سلالة جديدة. سيكون وجهه على القطع النقدية. وسيوضع تمثال له خارج القلعة. كل ذلك في أسابيع قليلة, اسم والده سيكون ذكرى فقط, شيء يوجد في كتب التاريخ. الآن حان دوره في الارتفاع ووقته للتألق. هذا اليوم الذي كان يتطلع إليه طوال حياته.في الواقع, لقد كان غاريث مستيقظاً طوال الليل, غير قادرٍ على النوم, يتقلب في سريره, يدور بين الطوابق, يتعرق ويغطي جسده قشعريرة باردة. وفي اللحظات القليلة التي كان ينام فيها, كان يحلم أحلاماً سريعة ومضطربة, يرى وجه والده, يحدق فيه, يأنبه كما كان يفعل في الحياة تماماً. ولكن والده لا يمكن أن يمسه الآن, فالوضع أصبح تحت سيطرته. فتح غاريث عينيه وأخرج وجه أبيه عن مخيلته. إنه في أرض الأحياء , ليس مع والده. إنه الآن وحده.
كان غاريث بالكاد يستطيع تصور كل التغييرات التي تحدث من حوله. بينما كان يشاهد السماء تصبح أكثر دفئاً, كان يعلم أنه في ساعات فقط سيرتدي التاج والرداء الملكي ويمسك الصولجان الملكي. كل مستشاري الملك وقادته وكل شعب مملكته سيكونون تحت سيطرته ولن يكون هناك شخصٌ واحدٌ غير خاضع لحكمه. هذه القوة التي كان يسعى ويتوق لها طوال حياته. والآن هي في قبضته, ليس مع أخته ولا مع أحد من إخوته. لقد تمكن من تحقيق ذلك لأخيراً. ربما كان ذلك قبل وقته. ولكنه يعلم أنها يوما ما ستكون له بكل الأحوال. فلماذا ينبغي أن ينتظر طوال حياته ويضيع أيام مجده في الانتظار ؟ يجب أن يكون ملكاً في ريعان شبابه وليس حين يصبح رجلاً عجوزاً. لقد جعل ذلك يحدث بوقت أقرب فقط.
كان ذلك ما يستحقه والده, لقد كان ينتقده طوال حياته, رافضاً تقبله كما كان. الآن أجبر غاريث والده على قبوله, وهو في قبره. سواءً أحب ذلك أم لم يحب. لقد أجبره أن ينظر إلى الأسفل ويرى أقل أبناءه حباً يحكم من بعده, الابن الذي لم يكن يريده أبداً. لم يعد يحتاج غاريث إلى حبه الآن. هو يملك الآن حب المملكة كلها. إنه سيأخذ كل ما يمكن له أن يأخذ.
عندها جاء قرع على الباب, المطرقة الحديدية تضرب بالخشب, التفت غاريث وقد كان مرتدياً ثيابه, وتهادى نحو الباب. أجبر نفسه على فتح الباب بنفسه, وتأمل أن هذه ستكون المرة الأخيرة. بعد اليوم, سينام في غرفة مختلفة- غرفة الملك- وسيكون لديه خدم واقفين داخل وخارج بابه على مدار الساعة. لن يلمس مقبض الباب مرةً أخرى. إنهم سيتوافدون إليه ضمن حاشيةٍ ملكيةٍ, محاربين وحراس وأيّ شيء يريده. لقد جعله التفكير بذلك يرتعش.
"مولاي الملك," جاءت جوقة من الأصوات.
وانحنى عشرات من حراس الملك حين فتح الباب.
تقدم أحد مستشاريه إلى الأمام.
"لقد أتينا لمرافقتك إلى حفل التتويج."
"جيد جداً," قال غاريث, في محاولة لتنغيم صوته, محاولاً أن يبدو كما لو أنه كان يتوقع هذه اللحظة في كل يوم من أيام حياته.
كان يسير إلى الأمام, رافعاً ذقنه, ويحاول التدرب على نظرة الملك. سيتغير في هذا اليوم وسيطالب الجميع من حوله بأن ينظروا إليه نظرةً مختلفة.
مشى غاريث على السجادة الحمراء التي وضعت له على طول أرضية القلعة الحجرية, واصطف العشرات من الحراس على طول ذلك, بانتظار اقترابه. كان يمشي ببطءٍ وروية, ينزل ممراً بعد الممر, مستمتعاً بكل لحظة. في كل مكان يمشي فيه كانت الحراس تنحني.
"مولاي الملك," قالوا, واحد تلو الآخر, مثل قطع الدومينو.
لقد شعر بشعور جيد عند سماعه هذه الكلمة, كان ذلك كله خيالي. السير على الخطى التي كان يسير عليها والده في اليوم السابق فقط.
بينما تجاوز غاريث الزاوية, فتح الحضور باب البلوط الشاهق, وسحبوا مطرقة الحديد بكل قوتهم. فتح الباب مع صوت صرير, وكشف عن حجرة الاحتفال الضخمة. كان غاريث يتوقع حشداً من الناس, ولكنه اندهش من المشهد أمامه, كان هناك آلاف من أرقى وأهم الناس في البلاط, النبلاء والملوك ومئات من فرقة الفضة, كلهم يملؤون الغرفة, كل منهم وقف لحضوره عندما فتحت الأبواب. لقد كانوا مصطفين في المقاعد بدقة, يرتدون أجمل ما لديهم, لأنه سيكون الحفل الأكثر أهمية. التفت الآلاف منه لمقابلته وأحنوا رؤوسهم.
كان غاريث بالكاد يصدق ما يحصل. كل هؤلاء الناس قد اجتمعوا أجله. إن الوقت قد حان. ومن الصعب جداً أن يمنعه أحدٌ من ذلك. في لحظات فقط سيكون مرتدياً التاج, وكان ذلك شيئاً لا يمكن أبداً تجاوزه.
سار في الممر الطويل, مشى مئات الخطوات على السجادة الحمراء الفخمة في الوسط. وفي نهايتها يتربع المذبح والعرش. ينتظره هناك أرجون مع عدد من مجلس الملك.
"انتباه!, انتباه! الكل يقف في وجود الملك الجديد!"
"انتباه!" جاءت صيحات, وملأت الغرفة الآلاف من الأصوات, ارتفعت حتى وصلت إلى السقف. ارتفعت الموسيقى و أصوات العود, حين بدأ غاريث المسيرة الاحتفالية إلى العرش. بينما كان يمشي, مر على وجوه عرفها وأخرى لم يعرفها. كان من بينهم أشخاص اعتادوا على النظر إليه كما لو كان مجرد صبي وبعضهم كان لا ينطر إليه على الإطلاق. الآن يجب عليهم جميعاً أن يحترموه, الآن هو محط انتباههم جميعاً.
لقد مر بإخوته, كانوا واقفين معاً. غودفري, كندريك, جويندولين وريس. بجانب ريس كان يقف ذلك الفتى تور, كلهم أشواك في طريقه. ولكن لا يهم, سيتخلص منهم قريباً جداً. بمجرد توليه العرش, بمجرد توليه السلطة, سيتعامل مع كل منهم بطريقته الخاصة. بعد كل شيء, من كان يعرف أكثر منه أن أسوأ الأعداء هم أقرب الناس.
مر غاريث بوالدته, الملكة, التي حدقت في وجهه مع لمحة اعتراض. إنه لا يحتاج موافقتها الآن أو في أي وقت بعد الآن. الآن هو ملكها والآن يجب أن تستجيب لأوامره.
استمر غاريث بالسير, ومر على جميع الحاضرين حتى وصل أخيراً إلى العرش. وعلى صوت الموسيقى حين اعتلاءه الدرجات السبع العاجية إلى المنصة حيث كان ينتظره أرجون, وهو يرتدي أبهى جلباب احتفالي لديه.
وقف غاريث وجها لوجه معه. وحين فعل ذلك, كل من في الغرفة –الآلاف من الناس- جلسوا. توقفت الموسيقا وعم الصمت في جميع أنحاء الغرفة.
نظر غاريث إلى أرجون , الذي كان يحدق فيه بحدة تكاد تحرقه من الداخل. أراد غاريث أن يشيح نظره بعيداً ولكنه أجبر نفسه على عدم فعل ذلك. وتساءل مرة أخرى عن الذي رآه أرجون. هل رأى المستقبل ؟أو أسوأ من ذلك؟, هل رأى الماضي هل رأى ما فعله غاريث ؟ وإذا فعل هل سيفضح ذلك؟
صمم غاريث في عقله على الإطاحة بأرجون أيضاً, إنه سيطرد أي شخص وكل شخص كان من المقربين من والده, وأي شخص يمكن أن يشك بأنه مذنب, أي شخصٍ من الممكن أن يقف في طريقه.
أستعد غاريث بينما كان أرجون على وشك أن يفتح فمه, وصلى لكي لا يقول شيئاً يفضحه بأنه القاتل.
"بصفتي ساحر مملكة ماكجيل لسبعة أجيال, فمن واجبي أن أضع التاج الملكي على رأسك, غاريث, على أمل أن تحمل السلطة الأعلى لمملكة الطوق. هل تقبل أنت غاريث هذا الامتياز؟"
" بما أن القدر وضعنا هنا," أعلن أرجون ببطء, "جميعنا هنا اليوم حداداً على فقدان الملك العظيم, وفي الوقت نفسه تتويج ابنه ملكاً. إن قانون الطوق يفرض علينا نقل الحكم إلى الابن الشرعي البكر, والذي هو غاريث ماكجيل."
كل كلمة من كلمات أرجون كانت تقلل من شأن غاريث. لماذا كان عليه أن يبرر تأهيله للحكم, لماذا استخدم كلمة شرعية؟ كان من الواضح أنه رفض له. وكان ذلك يعني بوضوخ أنه يرغب بكندريك أن يكون ملكاً بدلاً منه. سيجعله غاريث يدفع ثمن ذلك.
"أقبل," أجاب غاريث.
"هل تتعهد بدعم وحماية سلطة مملكتنا العظيمة؟"
"أفعل."
"هل تعد بأن تسير على خطى والدك في جميع طرقه وعلى خطى أسلافك, لحماية الطوق, ودعم كانيون والدفاع عنا من كل الأعداء الخارجيين والداخليين؟"
"أفعل."
حدق أرجون في وجهه لوقت طويل وصعب, ثم أخيراً انتهي من ذلك, التقط التاج المرصع بالجواهر الكبيرة, الذي ارتداه والده, ورفعه عالياً, ووضعه ببطء على رأس غاريث. بينما كان يفعل أغلق عينيه وبدأ في الترديد مراراً وتكراراً بلغة الطوق القديمة المفقودة.
" أتيموس يكس بريموس...."
ردد أرجون بعمق, ينشد بصوت أجش واستمر لبعض الوقت. أخيراً, توقف, مد يده ووضعه على رأس غاريث
"من خلال الصلاحيات المخولة لي من قبل المملكة الغربية للطوق. أنا أرجون, أعلنك غاريث, ملك ماكجيل الثامن."
ارتفع صوت تصفيق صامت في الغرفة, خالياً من الحماسة, والتفت غاريث نحو كل رعاياه. لقد وقفوا جميعاً بأدب, نظر غاريث في وجوههم.
أخذ خطوتين إلى الوراء وجلس في كرسي والده, وشعر برغبة في أن يريح يديه على ذراعي الكرسي الذي عرفهما جيداً. جلس هناك, يحدق في رعاياه, الذين كان ينظرون إليه بعيون فيها بعض التفاؤل أو ربما الخوف . رأى أيضا في الحشد من لم يهتف له, وهم الذين كانوا ينظرون إليه بعين الشك.
إنه يتذكر وجوههم جيداً. سيدفع كل منهم الثمن على ذلك.
*
خرج تور من قلعة الملك, يحيط به أفراد الفيلق, وقد خرجوا جميعاً من الحفل الذي أجبروا على مشاهدته قبل قليل. كان يشعر بفراغ في داخله. وقد جعله الوقوف هناك ومشاهدة غاريث يتوج ملكاً يصاب بالمرض. كان ذلك سريالياً. قبل ساعات فقط, كان ماكجيل يجلس هناك, على عرشه, ملكاً لا يقهر, والكل تحت سلطته. قبل ساعات فقط, كانت المملكة كلها تظهر الإجلال لوالده. أين ذهب كل ما لديهم من ولاء؟
بالطبع فهم تور أن المملكة يجب أن يكون لها حاكم, وأن العرش لا يمكن أن يبقى شاغراً لفترة طويلة. ولكن ألا يمكن أن يبقى شاغراً لفترة أطول من ذلك قليلاً. هل كان قانون العرش أن لا يبقى فارغاً لأكثر من بضع ساعات؟ هل كان ذلك الذي يدفع الآخرين بالاندفاع لملء العرش, هل يتعلق ذلك بالعرش؟ أم بالحكم ؟ أم بالحق الشرعي؟ هل كان أرجون على حق ؟ هل سيكون هناك دائما مسيرة ملوك ؟ هل سينتهي هذا في أي وقت ؟
بينما كان تور يشاهد غاريث يجلس على العرش, بدا وكأنه أشبه بسجن مُذهّب أكثر من مقعدٍ للسلطة. لم يكن مقعد, وقد اكتشف تور أنه لن يريده لنفسه أبداً.
تذكر تور كلمات ماكجيل الأخيرة, حول مصيره الذي سيكون أعظم من الملك. لقد ارتجف, وصلى أنه لم يقصد بأن تور سيصبح ملكاً أبداً, ليس هنا, وليس في أي مكان. لم تكن السياسة تهمه, كان تور يريد أن يصبح محارباً عظيماً. لقد أراد المجد. يريد أن يقاتل إلى جانب إخوته في الجيش, لمساعدة الآخرين المحتاجين. كان هذا كل شيء. كان يريد أن يكون قائداً للرجال في نطاق المعركة فقط وليس خارجها. لم يكن متأكداً ولكنه شعر بأن كل قائد كافح من أجل السلطة انتهى به الأمر منحرفاً عن الهدف الحقيقي.
كان تور مثل الجميع, جميعهم كانوا منزعجين بسبب تأخر رحلتهم من أجل تبجيل الملك الجديد. لقد أعلن هذا اليوم عيداً وطنياً, والآن لن يتمكن الجميع من المغادرة حتى صباح اليوم التالي. لقد أصبح لديهم يوم آخر لن يفعلوا فيه شيئا سوى الجلوس, يرثون الملك السابق ويفكرون في اعتلاء غاريث للعرش. كان ذلك آخر شيء يريده تور. كان يتطلع للسفر, لعبور الوادي, للصعود على متن السفينة, علّ هواء البحر يعيد له رشده, كان يتطلع لترك كل هذا وراءه ورمي نفسه في أي تدريب للفيلق.
حين خرجوا من بوابات القلعة, جاء ريس إلى جانبه ووخزه بقوة في خاصرته. التفت تور ورأى ريس يشير إلى الجانب. التفت تور لينظر وعندما فعل, كان بالكاد يصدق ذلك.
هناك, واقفة لوحدها, ترتدي ثوبا طويلا من الحرير الأسود, هناك وقفت جويندولين. كانت تنظر مباشرة إلى وجهه.
"إنها تريد التحدث معك," قال ريس لتور. "اذهب إليها."
أوكونور و إيلدين والتوائم, وقفوا جنباً إلى جنب مع العديد من الأولاد الآخرين, يطلقون مجموعة من الأوه والآه وهم يدفعون تور إلى الأمام.
"لقد استُدعي الصبي العاشق!"
"الأفضل أن تركض إليها, قبل أن تغير رأيها!" قال إيلدين.
التفت تور وقد احمر وجهه خجلاً, وهو يحاول تجاهل الآخرين.
"ولكن أنا لا أفهم. ظننت أنها لا تريد رؤيتي." قال تور لريس.
هز ريس رأسه ببطء , وهو يبتسم.
" الآن هي هنا," أجاب ريس. "اذهب إليها, لن نغادر حتى يوم غد. لديك متسعٌ من الوقت."
سمع تور صرخة و نظر ليرى كروهن ينطلق ويدفعه إلى الأمام نحو جويندولين. لم يكن تور يحتاج لمزيد من التشجيع, ركض بسرعة أمام النمر الصغير متجاهلاً كلمات السخرية من أصدقاءه. لم يكن تور مهتما, لم يكن يهمه أي شيءٍ الآن, كان عقله لا يفكر بأيّ شيءٍ سواها. لم يكن مدركاً كم كان مشتاقاُ لها وكم كان عمق الألم الذي في صدره حتى رآها الآن.
تقدم كروهن وتبعه تور وهو يسير خلال الحشد حتى وصل إليها أخيراً. كانت واقفة بمكان ليس ببعيد عن مدخل القلعة, وقت تور أمامها بين زحام مئات الأشخاص الذي خرجوا من الحفل. وقفت هناك تحدق في وجهه باتزان. لقد أحزنه أن الفرحة الكبيرة التي كانت تضيء وجهها قد ذهبت الآن, وقد استبدلتها بنظرة انعزال, بهالة من الحداد. لقد جعلتها بطريقة أو بأخرى أكثر جمالاً في ضوء الصباح الصارخ. قفز كروهن على أقدامها , ولكنها لم تبعد عيناها عن تور.
الآن وهو واقف أمامها, مرة أخرى, كان لا يعرف ماذا يقول. حين أوشك على التكلم, على قول شيء. تحدثت هي أولاً.
"أنا أعتذر عن كلامي الذي قلته بالأمس" قالت بهدوء. "كلامي عن كونك من العامة, وأنك أقل مني. كنت مستاءة فقط, هذا الكلام لا يشبهني. سامحني على ذلك."
امتلأ قلب تور بالغبطة, إنه لا يصدق كيف أنها أصبحت لطيفةً معه مرةً أخرى.
"أنت لست بحاجة إلى الاعتذار," قال تور.
"بل يجب عليّ ذلك," قالت جوين. "لم أكن أقصد تلك الأشياء. أخبرني ريس بأن كل الأشياء التي سمعتها عنك كانت أكاذيب, كنت مخطئة. كان يجب أن لا أستمع إلى الآخرين, كان يجب أن أعطيك فرصة."
نظرت إليه, وكانت عيونها الزرقاء الرائعة تفتنه, وقد جعلته لا يقدر على التفكير.
"هل يمكنك أن تعطيني فرصة أخرى؟" سألت جوين.
رسم تور ابتسامةً واسعةً.
"بالطبع سأفعل," قال. نظر إلى الأسفل وركل الصخور أمامه. "في الواقع, كان عندي أمل أنك ستغيرين رأيك. لأنني لن أغير رأيي أبداً."
نظرت إلى وجهه, وابتسمت للمرة الأولى, ابتسامة عريضة, أسعدت قلب تور. كان يشعر بأن ثقل قد نزل عن كتفيه.
استمر الناس في الخروج من القلعة, يدفعون تور وجوين من كل اتجاه. اقتربت جوين وأخذت بيده, وقد أصابت بشرتها الناعمة جسد تور بالقشعريرة.
"تعال معي," قالت.
كان تور يشعر بنظرات كل من حولهم, وقد أراد أن يبتعد عن المكان أيضاً.
"أين يجب أن نذهب؟"
"سترى," أجابت.
تركها بدون تردد تقوده خلال الحشد, إلى خارج القلعة, نحو الحقول.
سار تور وجوين جنباً إلى جنب تحت ضوء الصباح الباكر عبر حقول الأزهار وكروهن إلى جانبهم, يوم صيفي جميل يتفتح حولهم. مرّا عبر بساتينٍ أزهرت فيها الأشجار, مع الفيروز والزهور البيضاء والخضراء والطيور بجميع أنواعها تحط من حولهم. كانت الزهور تغطي أقدامهم حتى ركبهم, استمروا في تسلق منحدر لطيف من تلة حتى وصلوا أخيراً إلى القمة.
من هناك. كان المشهد رائعاً. التفت تور, كان مشهداً يغطيه البلاط الملك بكل اتجاه ممكنٍ منه. كانت السماء زرقاء وصفراء بصفاء, وفيها سحابة تتربع بلطف في الأفق.
حين استدار تور إلى الجانب الآخر أثر فيه المشهد الذي رآه أكثر من مشهد البلاط الملكيّ, الأرض التي دفن فيها الملك. كانت كومة من التراب الجديد تقع مقابل منحدرات كلوفاين الدراماتيكية, يميزها عمود طويل عليه دائرة في نهايته وصقر في داخله, رمز مملكتهم. هناك علا صوتٌ مرتفعٌ للهواء, بينما كان تور ينظر, انقض إيستوفيليس وهبط على الحافة. جثم هناك يحدق إلى تور وجوين, رفع جناحيه رويداً رويداً, ثم أخفضهما مرة أخرى واستقر بشكل مريح على الحافة.
"إن تصرفات الحيوانات ستكون دائما لغزا بالنسبة لي," قال تور.
"إنهم يشعرون بأشياء," قالت. "إنهم يرون أشياء لا نراها."
تعجب تور من وجودهم في هذا المكان لوحدهم, في هذا الموقع الخطير. التفكير بهذا آلمه. قبل يوم واحد, كان يمكن للملك أن يأمر أي شخص يريده, كان يمكن أن يستدعي الآلاف من الناس على هواه. ولكن هو ميت الآن, لم يكن هناك شخص واحدٌ هنا لإجلاله.
جثت جوين ووضعت بلطف باقة من زهور الفيروز على التل كانت قد التقطتها على طول الطريق. جثا تور بجانبها, مبعداً عنها الصخور بلطف. مشى كروهن بينهما, انخفض على كومة من التراب وضع ذقنه و....
بينما جثا تور هناك, كان صوت الرياح يشعره بشعور غامر من الحزن. ومع ذلك وبطريقة غريبة كان يشعر بالارتياح. هذا هو المكان حيث أراد أن يكون, مع ماكجيل, مع جوين. ليس في البلاط ومشاهدة تتويج غاريث.
ليس في أيّ مكانٍ آخر من العالم.
"كان يعلم أن موته قادم," قالت.
نظر تور ورأى جوين, تحدق في القبر , وقلبها يتمزق حزناً.
"جلس معي, قبل أيام فقط, وبقي يتحدث عن وفاته. كان ذلك غريباً, لقد كان ذلك يزعجني. أخبرته أن يتوقف. لكنه لم يفعل, لم يتوقف حتى تعهدت له."
"تعهدت له بماذا؟" سأل تور.
مسحت جوين دموعها بصمت, ورتبت الزهور على قبر والدها. بعد فترة طويلة, اتكأت في النهاية وتنهدت.
"جعلني أتعهد له بأنه حين موته يجب أن أحكم مملكته."
التفتت و ونظرت إلى تور, بعيون زرقاء جميلة دامعة, أضاءت تحت شمس الصباح, كان أجمل شيء قد رآه في حياته, وقد صدم حين أدرك أن كلماتها كانت حقيقية.
"أنت؟ تحكمين المملكة؟" سأل مذهولاً.
أظلم وجهها.
"هل تعتقد بأنني غير قادرة على ذلك؟" سألت.
تلعثم تور.
" لا, لا, بالطبع لا. لم أقصد ذلك, لقد فوجئت فقط. لم يكن لدي أيّ فكرة حول ذلك."
خفت حدة تعابير وجهها.
"أنا فوجئت أيضاً. لم يكن هذا شيئاً أريده, لكنني وعدته. لم يتوقف حتى تعهدت له بذلك."
"إذاً.. أنا لا أفهم." قال تور مرتبكاً. " لماذا توّج غاريث إذاً ؟"
قالت وهي تنظر إلى الأسفل نحو قبر أبيها.
"رغبة والدي لم تنفذ, المجلس لم يلتزم بذلك."
"ولكن هذا ليس عدلاً," صاح تور بصوت عال, وشعر بالمهانة لارتفاع صوته. "لم يكن ذلك ما أراده والدك!"
هزت جوين كتفيها.
"الأمر كذلك فقط," قالت. "إنه شيء لا أريده حقاً."
تنهدت ومسحت دموعها, وتمالكت نفسها.
"يقولون أن كل مملكة تحصل على الملك الذي تستحقه," قالت.
كان تور يفكر ملياً في ذلك, أدرك أن جوين كانت أكثر حكمةٍ مما كان يعتقد. أدرك في تلك اللحظة كم ستكون حاكمة جيدة. لقد أزعجه كل ما كانت تمر به, وأن رغبة والدها لم تحقق.
"ولكنني قلقة على مصير مملكتنا," قالت, " على النصف الخاص بنا من الطوق. عندما يسمع الماكلاود أن غاريث توج ملكاً, سيكونون أكثر جرأة. ذلك سيشجع جميع أعداءنا. غاريث ليس حاكماً, جميعهم يعرفون ذلك, سنكون عرضة للخطر."
تساءل تور عن كل تداعيات اغتيال الملك, لقد بدت بدون نهاية.
"ولكن ما يزعجني أكثر من أيّ شيءٍ آخر, هو أنني لم أعرف من قتله," قالت. "يجب أن أعرف, لن يهدأ لي بال حتى أعرف. أشعر أن روح والدي لن تهدأ كذلك, يجب أن تتحقق العدالة. أنا لا أثق بأي شخص في هذا البلاط. هناك الكثير من الجواسيس والجميع كاذبون. في الواقع, أنت الشخص الوحيد الذي أثق به. إلى جانب إخوتي كندريك وريس, ولا أثق بأحد غيركم.
"هل لديك فكرة عمن يريد قتله؟" سأل تور.
"لدي الكثير من الأفكار, والكثير من الخيوط لأتابعها. سأتتبع كل واحدٍ منهم, لن أتوقف حتى أجد قاتله."
نظرت جوين إلى قبر والدها حين أعلنت عن ذلك, شعر تور بالقناعة في كلامها وأنها ستعرف من فعل ذلك.
"أريد أن أبتعد عن هنا," قالت جوين. "أريد أن أغادر هذا المكان, هناك جزء مني لا يريد العودة أبداً. أنا أكره كل هذا, لا أعرف أين سينتهي كل هذا. لكني أشعر بأن كل شيء سينتهي بشكل مأساوي. سيكون هناك موتٌ, خيانة, اغتيال. أنا أكره هذا البلاط, أنا أكره مسيرة الملوك. أتمنى أن أعيش حياة بسيطة. في الواقع, أتمنى لو كان والدي مزارعاً. في ذلك الحين كان سيبقى على قيد الحياة, وهذا يعني لي أكثر من المملكة بأكملها."
شعر تور بآلامها, اقترب وأمسك بيدها.
"سأكون بعيداً عن هنا ولكنني قريب." قال تور.
التفتت و ونظرت إليه, كان يستطيع رؤية الخوف بعينيها.
"ماذا تقصد؟" سألت بسرعة.
"غداً سنبدأ جميعنا, الفيلق كله, برحلة المئة يوم. سنبحر من أجل التدريب, نحو جزيرة بعيدة. لن أعود مرة أخرى حتى الخريف, على افتراض أنني سأستطيع العودة."
بدت جوين محبطة. هزت رأسها ببطء.
"يمكن للحياة أن تكون قاسية جداً," قالت. "كل شيء دفعة واحدة."
وفجأة سألت. "متى ستبحر السفينة؟"
"في الصباح."
شبكت جوين يده.
"هذا يترك لنا يوماً كاملاً نقضيه سوياً," قالت وهي ترسم ابتسامة. "دعنا نستغل ذلك."
ابتسم تور.
"ولكن كيف؟" سأل تور.
اتسعت ابتسامتها.
"أعرف المكان المثالي."
التفت وبدأت تقوده نحو الطريق, وانطلق اثناهما يد بيد, يركضان عبر الحقول وكروهن بجانبهما. لم يكن لدى تور أي فكرة عن المكان الذي كانا ذاهبين إليه. لكنه طالما كان معها, لا شيء يهمه غير ذلك.
*
بينما كان تور وجوين يسيران عبر حقولٍ من الأزهار, يصعدون وينزلون التلال الرائعة, تعجب كم يكون شعوره رائع حين يكون معها. لقد شعر بسعادتها أيضاً. لم تكن السعادة التي اعتاد أن يراها باديةً عليها, فقد كانت من قبل غارقة في الضحك والابتسامة التي أضاءت كل شيء حولها. أما الآن حل محلها شيء أكثر قتامة وأكثر قسوة منذ وفاة والدها. سارا عبر حقول مفعمة بالألوان, قوس قزح من ألوان وردية وبيضاء وخضراء وبنفسجية, كان كروهن يركض حولهما في دوائر, يصيح ويقفز, ويبدو أكثر سعادة منهم. أخيراً وصلا إلى تلةٍ كبيرة وحين بلغوا قمتها توقفت جوين وتوقف معها تور أيضاً. توقف وقد امتلأ قلبه بالرهبة من المنظر أمامه, هناك في الأفق, بحيرة ضخمة بمياه زرقاء مبيضة, كانت تلك المياه الأكثر نقاء التي رآها في حياته كلها, كانت تتألق تحت الشمس. تحيط بها الجبال الشاهقة وقد تألقت الألوان المختلفة تحت أشعة شمس الصباح.
"بحيرة المنحدرات," قالت. "إنها قديمة جداً, نها بحيرة مخفية. لم يأتي أحد إلى هنا من قبل, لقد اكتشفتها حين كنت صغيرة. كان لدي الكثير من الوقت, وأحب الاستكشاف. هل ترى تلك الجزيرة, هناك؟" سألت, مشيرة.
حدق تور بعينين نصف مغمضتين نحو الشمس, تلمع أشعتها على سطح البحيرة, ورأى ذلك. كانت جزيرة صغيرة في وسط البحيرة وبعيدة عن الشاطئ.
"هناك حيث كنت أهرب عندما كنت طفلة. كنت آخذ ذلك المركب الصغير, هناك," قالت مشيرة إلى مركب صغير على الشاطئ. كنت أقضي أحيانا أياماً بكاملها هناك, بعيداً عن الجميع. لقد كان مكاناً حيث لا يستطيع أحد الوصول إليّ. هذا هو الشيء الوحيد الذي بقي لي."
التفتت ونظرت إلى تور, نظر تور إليها. لقد كانت عيناها متوهجتان, بجميع الظلال المختلفة من اللون الأزرق, لقد بدت أنها على قيد الحياة للمرة الأولى منذ وفاة والدها.
"أود أن آخذك إلى هناك," قالت جوين. "أود أن أشاركك ذلك المكان."
شعر تور بأنها مسته في العمق, وأنها أقرب إليه من أي وقت مضى.
"أود ذلك حقاً," قال.
أخذت يده ومالت نحوه, والتقت شفاههما. كانت شفاهها ناعمة, وقد شعر بخدها الذي كان أكثر نعومة حتى.
استمرت القبلة لفترة طويلة, حتى سحبته من يده أخيراً وابتسمت. بدأ الاثنان يمشيان أسفل التل , منحدرين قليلاً إلى الأسفل نحو شاطئ البحيرة, نحو مركب صغير كان هناك ينتظر, وقد كان تور بالكاد يستطيع الانتظار.
بدأ تور بالتجديف بالمركب -جويندولين تجلس مقابله- عبر المياه الزرقاء الهادئة. جدف تور المركب حتى وصلوا الشاطئ الرملي للجزيرة الصغيرة, لقد كان رملها أحمر متلألئ. قفز تور وسحب المركب ليوصله بأمان, ثم مد يده وأخذ يد جوين ليساعدها على الخروج. قفز كوهن خارجاً مع عواء متحمس وبدأ يركض على الرمال.
أخذ تور يد جوين وتركها تقود الطريق بينما كانا يسيران في هذه الجزيرة الصغيرة, ظهر بين الرمال طريق يؤدي إلى حقل صغير من العشب والزهور, كانت الجزيرة تعج بالحياة مع أصوات تمايل الأشجار الشاهقة والأشجار الغريبة التي كانت مائلة على طول الطريق, ونسائم الصيف تأرجحهم يمنة ويسرة. بينما كانت الأشجار تتأرجح أسقطت بتلات الزهور البيضاء التي تساقطت من حولهم كالثلوج. كانت جوين على حق, كان هذا المكان ساحراً.
ضحكت جوين, لقد كان واضحاً أن روحها قد عادت للحياة في هذا المكان. أخذت يد تور وقادته على درب صغيرة خلال مسارات خضراء متعرجة. لقد عرف من الطريقة التي كانت تسير فيها أنها تحفظ كل شبر من هذه الجزيرة عن ظهر قلب, وتساءل إلى أين كانت تأخذه.
كانوا يلتفون صعوداً ونزولاً عبر المسارات, كان تور يتجنب الفروع فيبعد رأسه هنا وهناك, حتى وصلوا أخيراً إلى أرض خبأتها الأشجار في وسط الجزيرة. اندهش تور لرؤية أنقاض انهيار هيكل حجري صغير, مازالت جدرانه قائمة ولكن داخلها أجوف منذ
فترة طويلة. كان مفتوحاً من جميع الجوانب, وتتكون أرضيته من طحالب ناعمة سميكة. كان في داخلها كومة صغيرة من التراب منحنية بلطف صعوداً, مكونة سريراً صغيراً بشكل طبيعي.
قادت جوين تور نحو المكان, واستلقى اثناهما عليه, بجانب بعضهما, ظهورهم تستريح على المنحدر وينظر كلاهما إلى السماء. ركض كروهن مراراً واستلقى بجانب جوين, وبينما كانت تضحك وتلاعبه, بدأ تور يتساءل إذا كانت تحب كروهن أكثر منه. اتكأ تور على الطحالب الناعمة واضعا رأسه بين كفيه, نظر إلى أعلى لرؤية الشمسين, الفيروزية المشرقة والسماء الصفراء, الأشجار تتمايل مع الرياح وقد أسقطت ثلاث بتلات. صوت النسائم يملأ المكان وقد شعر بأنه هو وجوين الوحيدان المتبقيان على الأرض. لقد شعر وكأنهما فرّا من هموم العالم وأنهما كانا في مكان آمنٍ محميّ, المكان الوحيد الذي لا يمكن لأحد الاقتراب منهما. كانت هذه أكثر مرة يشعر فيها بالاسترخاء وأراد ألّا يغادر أبداً.
شعر بملمس أصابع على يده, التفت ورأى يد جوين. تشابكت أصابعهما, وقد شعر بملمس بشرتها في أعماقه. كان كل شيء جميل في تلك اللحظة.
بينما كانا مستلقيان في صمت, ويشعران باسترخاء عميق, فكر في ضرورة مغادرته اليوم التالي وقد آلمه هذا التفكير. بقدر ما كان متحمساً للذهاب في المئة يوم بقدر ما تؤلمه الآن فكرة ترك جوين. مع كل ما مر بهما اليوم, وفاة والدها وسوء التفاهم بيننا ومصالحتهما, شعر بأن كل هذا انتهى نهاية جيدة. وتساءل عما إذا كانت مغادرته ستفسد هذه النهاية. وتساءل عن ما ستؤول إليه الأمور بعد مئة يوم من الآن وعما إذا كانت جوين ستبقى تهتم لأمره.
"كنت أتمنى لو أنني لست مضطراً لتركك غداّ," قال تور. ووجد نفسه عصبياً لقول ذلك, وأمل أنه لا يبدو يائسا جداً.
ولكن ما فاجأه أنها التفتت ونظرت مباشرة في وجهه, وأضاء وجهها مع ابتسامة.
"كنت أتمنى أن تقول هذا," قالت. "لم أكن قادرةٍ على التفكير بأيّ شيءٍ آخر لو لم تقل لي هذا. فكرة مغادرتك تؤلمني بطريقة لا أستطيع أن أصفه, رؤيتك مرة أخرى هو عزاءي الوحيد."
ضمت يده بقوة, انحنت وقبلته. لقد قبلا بعضهما لمدة طويلة, ثم عادا للاستلقاء مرة أخرى.
"وماذا عن أمك؟" سأل تور." هل ستبقى تمنعك عن رؤيتي؟"
"منذ وفاة والدي أصبحت شخصاً مختلفاً, لم أعد أعرفها بعد الآن. لم تتحدث بكلمة إلى أي شخص, إنها تحدق فقط. أعتقد أن جزء منها مات معه, لا أعتقد أنها ستمنعنا. وإذا فعلت, فلم يعد ذلك يهمني. أنا شخصً مستقل, سأجد طريقة, سأترك المكان إذا اضطررت."
"أنت يمكن أن تتركي البلاط الملكي؟ من أجلي؟" سأل تور بدهشة.
نظرت إليه وأومأت برأسها, كان يرى الحب في عينيها. كان يرى أن ذلك كان صحيحاً وامتلأ قلبه بالامتنان لها.
وتساءل "ولكن أين يمكن أن نذهب؟"
"إلى أي مكان," قالت. "طالما أنا معك."
امتلأ قلبه فرحاً بكلماتها. لم يصدق أنها قالت ذلك, لأنه كان يفكر بنفس الشي بالضبط.
"أليس هذا مضحكاً" قالت بهدوء, "كيف يمكن لأناس معينين أنا يظهروا في حياتك في وقت معين؟ أتيت إلى حياتي حين توفى والدي تماماً. أليس ذلك غريباً. لا أعرف ما الذي كنت سأفعله لو لم تكن هنا. والتفكير بأنني فقدتك تقريبا, وسوء التفاهم السخيف."
"كثيرا ما أتساءل عن ذلك أيضاً," أجاب تور. "ماذا لو لم ألتق أرجون ذلك اليوم في الغابة؟" ماذا لو لم أحاول أن آتي إلى بلاط الملك, للانضمام إلى الفيلق؟ ماذا لو لم التقي بك أبداً؟ كيف ستكون حياتي مختلفة؟"
جلست والتفت إليه, نظرت إلى وجهه و.....
"هل تعدني بأنك ستعود من أجلي ؟" سألت مع إلحاح مفاجئ. كان يرى كيف أنها تشعر بالأشياء بعمق. لكن ذلك لم يخيفه, لأنه كان يشعر بنفس الطريقة.
نظر إليها بجدية متساوية.
"أعدك," أجاب.
"تعهد لي," قالت. "تعهد لي بأنك ستعود. بأنك لن تتركني هنا, مهما كان ستعود لي."
عقدت يديها وأخذهما تور بين يديه, نظر في عينيها بجدية.
"أقسم," أجاب. "سأعود إليك, مهما حصل."
نظرت جوين في عينيه لفترة طويلة, ثم انحنت وقبلته. كانت قبلة شغفةٍ طويلة, اقترب من خديها ولامسها بعمق. لقد حاول أن يغرس في ذاكرته ملمس بشرتها, صوتها ورائحة شعرها للاحتفاظ بها في عقله طوال المئة يوم. لقد كان هناك شيء يخبره حتى في تلك هذه اللحظة وفي ذروة السعادة لديه, أن شيئا مظلماً سيأتي بينهما. وأن هذا الوعد الذي قد أعطاه للتو قد يكلفه حياته.
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الحادي عشر من رواية مسيرة الملوك لـ مورغان رايس
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية أميرة القصر بقلم مايسة ريان
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا