مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة نهال مصطفي علي موقعنا قصص 26 و موعدنا اليوم مع الفصل الثانى من رواية عشق من نار بقلم نهال مصطفى وهي تعتبر الجزء الثاني من رواية أباطرة العشق.
رواية عشق من نار بقلم نهال مصطفى - الفصل الثانى
رواية عشق من نار بقلم نهال مصطفى - الفصل الثانى
■■■
ارتفع صوت تلكسات السيارات المزدحمه ، فهبت رياح الغضب من جوف سليم الذي يقود سيارته التى تقطن بها امه وزوجته ، وبدون تفكير فتح صندوق سيارته واخرج منها سلاحه وهو يدفع باب السيارة بقوة ليدلف منها ..
- جيتوا لقضاكم يا ولاد ال .....
تصرف سليم اشعل النيران بجوف محمد الذي فتح باب سيارته بقوة وركض خلف أخيه جاهرا
- لازمن تعرفوا ان دم الهواري غالى قوى ، ومش هيتسااااب ياعتامنه ..
على حِدى فُتحت ابواب السيارات كلها ودلف الجميع منها واعتلت فوهات البنادق باتجاهات معاكسه ، دلف ادهم وحيدر من سيارتهم فهتف حيدر قائلا
- ماتمرقوا يومكم ياهواره ..
انقض محمد على سترته كإنقضاض اسد ثائر وهو يرجه بقوة
- وكمان ليكم عين وعترفعوا راسكم قدامنا يااااا
صدر صوت شد اجزاء السلاح اخترق الاذان ممزوجا بصوت صراخ عفاف ويسر
- محمممممممممممممممممممد ....
لكمه قوة سقطت على فك حيدر جعلت الدماء تتقطر من بين اسنانه وهو يتراجع للخلف ، شد سليم اجزاء سلاحه عازما على أخذ الثأر ، اصدرت وجد صوت صرخه مرتفعه وهى تضع كفيها فوق ثغرها ، وعلى المقابل جهرت عفاف
- لااااا لا ياسليم ياولدى لاااا ..
جذب محمد السلاح من اخيه قائلا بتحدٍ
- انا اللى هاخد تار جدى ياسليم ...
صرخ سليم بوجهه مزمجرا
- محمد.... قولتلك حدش هياخد تار جدى غيرى ..
انفجر ادهم قائلا
- ايييه هتتسايروا كاتير !! طب روحوا الاول خدوا عزاكم واتفقوا وشوفوا مين هيقتل فيكم نكون احنا روحنا واتغدينا ومستنينكم كُمان ..
غُرزت فوهة بنادق الخفر في ظهر سليم ومحمد .. نظرت عفاف بعيون منهارة لابنها الاكبر متوسله .. فتحرك مجدى وعماد سويا تحت انظار الجميع .. فهتف عماد قائلا
- نزل سلاحك يامحمد ... انت اغلى من انك تلوث يدك بدم واحد زي دا .. حقنا هناخدوه بالقانون
محمد معاندا
- الدم مافهوش قانون ياعماد .. والنبي خليك انت بس في قانونك وسيبنى انا اخلص البلد كلها من شرهم ..
نفض ادهم بقايا الاتربه من فوق سترته ليقول ساخرا
- اسمع كلام اخوك ياسليم ..
ثم رفع نظره نحو النقيب حمزه قائلا بنبرة توعديه
- سلسال الدم غير طريقه .. وقريب الحق هيرجع لاصحابه ..
القت وعد نظرة خاطفه على زوجها ( حمزه الخياط ) الذي تدخل سريعا لانهاء العبث والفوضي التى خطفت انظار اهل البلدة واحتشد الجمهور حولها فوجه كلامه لكبير العتامنه
- ياريت تعقل ناسك يابيه ... وانت ياسليم يلا بطل لعب عيال ونزل سلاحك .. التار بحوره ماعتفضش ياولدى ..
اقترب النقيب حمزه ايضا منه وهو يضع يده على السلاح المصوب نحو صدر ادهم قائلا
- عارفك اعقل من انك تعملها .. يلا ياسليم يلا ..
تبادل كلٌ من سليم واخيه محمد النظرات طويلا حتى اخذ قراره تدريجيا وهو يطأطأ سلاحه وعيونه الشرسه تحرق اعين العتامنه جميعا ليقول بتوعد
- صوح .. التار اللى عيتاخد بالدم عيريح .. والموت راحه ليكم من اللى ناوي اعمله فيكم ..
ثم اقترب من اذن آدهم ليقول بتوعد
- هخليك تتمناه ولا هتطوله
ثم شيع نظرة خاطفه نحو ( وجد) الواقفه على جمرات الخوف وتراقبه بعيون متأرجحه ليقول
- الصبر حلو يااااااا ..
استدار سليم بجسده ، ومن خلفه محمد اخيه الذي ارسل نظرات ناريه عليهم جميعا حتى تحرك ببطء شديد نحو سيارته .. عادت الحركه الى مجراها المعتاد .. كل منهما صعد سياراته وبداخلهم مزيج من المشاعر ما بين الكره والانتقام .. الحب والفراق .. الدم والنار .. الخوف والقلق ..
اتكأت وجد بظهرها لاسفل وهى تنزف اخر دمعه من بحيره عيناها التى التقت بعيناى سليم الذي مر بجوارها في جزء من الثانيه ليصدر صوت قلبها قائلا
- كل يوم بتتعقد اكتر ياسليم ... ياتري بكرة مخبي لينا ايه !!
" في سيارة محمد "
- انت اتجننت !! كنت هتودى نفسك في داهيه .. كده بردو يامحمد عاوز تقتل؟!
انفجرت يسر في كلمات العتاب التى انطلقت من ثغرها سريعا بدون فاصل ممزوجه بانفاس الحزن التى اختلطت بمياه الخوف المتقطره من مُقلتيها .. ضرب محمد مقود السيارة بكفه هاتفا
- يسر ... مش عاوز اسمع كلمه من فضلك !!
- لا يامحمد منا مش هسكت .. كل يوم بكتشف فيك حاجه جديده واديك دلوقت عاوز تقتل وتحرمنى منك العمر كله ..
- يسرررررررر قولت اسكتى ..
زالت دموعها الجاريه فوق وديان وجنتيها وهى تبلل حلقها الذي جف من علقم الهم الذي يطاردهم كالشبح
- طول ما انت مش ناوى ترجع عن اللى في راسك دا يبقي طريقنا مش واحد ياابن عمى ....
رمقها بطرف عينه بنظرات تطوى بين ثناياها عتابًا وغضبًا ملتزما صمته الذي خيم عليهم طوال الطريق ..
■■■
" فى قصر العتامنه "
" مافيش صوان هيتنصب غير لما ناخدوا تار ولدنا الغالى .. مممم الف رحمه ونور عليك يافايز ياولد الغالى "
جهر ( حيدر ) بجملته وهو يدلف من باب سيارته ويرتب سترته فوق كتفيه قاصدا ارتفاع نبرة صوته لتخترق اذان الجميع .. لحق آدهم بخطاه مردفًا
- هنجيبه من ناب الاسد ياعمى .. ماتقلقش انت بس ..
-" انتوا ناويين على ايه !! مش كفاياكم خراب عاد !! عاوزين ايه تانى .. بركة الدم دى مسيرها ايه ياعمى !! "
انفجرت ( وجد) بنبرتها الغاضبه لتنهرهم من الخلف وهى تسرع خطواتها نحوهم .. استدار كلا من حيدر وآدهم بفظاظه فاردفت ادهم قائلا
- مالكيش مُصلحة بالحديت دا انت ياوجد !!
- ايه اللى ماليش مُصلحه !! مكفكمش موت راجح الهواري وفايز !! عاوزين تخلصوا على العيلتين نفر نفر .. في شرع مين دا .. !!
هتف آدهم قائلا
- وحق ابوكى ياست الضكتوره ..
- لو التار والدم هيرجعوه كنت مسكت الالى وفرغته في النجع كله .. لكن اللى بتعملوه انتوا دا خراب في خراب نهايته هنمشي كلنا في جنازتكم يوم بعد التانى ..
اتسعت حدقه عينى آدهم مصدوما
- وه وه وه .. كُمان عتفولى علينا فى وشنا ياوجد ..
- وليييييه المفروض ان دى الحقيقه اللى مش واخد بالك منها ولا ايه ياولد عمى ؟!
شرع ادهم بالحديث ولكن اوقفه حركه كف حيدر التى اشارت إليه ليصمت
- خبر ايه اومال ياوجد .. من ميته الحريم عيدخلوا في شغل الرجاله .. كان حد طلب منك تحملى سلاح يابتى !! تقلقيش رجاله العتامنه يكلوها نيه ....
شرعت لتتفوه بالثوارات التى اشتعلت بجوفها من لهيب كلماته الخارجه من ثغر جوفه المُثلج .. ولكنه وضع حدا اخرا لها ليردف بقوة
- كوثر ... تعالى عقلى بتك وقوليلها تحط عقلها فى راسها ..
قبضت كوثر على ساعد ابنتها وهى ترمقها بنظره قويه تشتعل بها نيران التوعد
- اتحركى قدامى ياوجد ..
تأوهت قليلا محاوله التخلص من قبضة امها التى كانت اقوى من مقاومتها .. تحركت امام انظار الجميع اللذين احرقوا ظهرها بنظارات حقد تطوى بين ثناياها ثورة على وشك الانداع لتطيح بكل من يعترض طريقها ..
تنهد ادهم مردفا
- وبعدين ياعمى .. هنعملوا ايه ..
اردف حيدر بنبره اشبه بالثقه
- كله معمول حسابه متقلقش !!
بدت على ادهم معالم الارتباك لينثنى قليلا هامسا في اذن عمه بنبره مرتجله
- عمى .. دا حمزه الخياط !! مش اى حد .. لازمن تكون عنينا في وسط راسنا ولا ايه ..
تأهب بالتحرك نحو مجلسه فلحق به آدهم بعجلٍ .. فاجابه حيدر وهو يطلق ضحكه ساخره
- طالما كل حاجه مدروسه زين يبقي ولا حمزه الخياط ولا عشره زيه هيمنعونا من اللى عاوزينه !!
اجابه مندفعا :
- ايوووه ..بس عاوز اعرف ايه اللى انت عاوزه !!
توقفه عن مسيره فجأه ليرمقه بنظره اخرى كانت اشبه بشد اجزاء السلاح قبل اندلاع رصاصته ليقول
- اللى طير راس ولد عمك نطير راسه ...
تجمدت الدماء بعروق آدهم لوهلة وهو يبلل حلقه عدة مرات
- يعنى !!
نفس عميق اخترق رئتى حيدر ليلقى بعدها بقذيفه كلماته
- مهر وجد بت عمك هو تار فايز اللى راح غدر .. بشرط مش عاوز نقطه دم واحده تطرطش على سمعتنا ياادهم .. مفهوووم !! .. بالمختصر شغل على نضافه ...
( تكمن بعض اللعنات فى اناسي يخترقون عالمنا ليشكلوه بالصورة التى ترق لهم .. كقطعة صلصال وقعت في يد طفلٍ عابث يريد ان يشكلها كيفما يتراءي له هواه .. )
■■■
- عوزاكى تسمعى كلامى زين ياوجد .. والا قسمًا عظمًا ادفنك حيه بيدى .. مفهوم يابت سالم ..
جهرت كوثر بجملتها الاخيره وهى تطيح بابنتها ارضا ليرتطم جسدها بارضيه الغرفه فتصدر انينًا مكتوما .. فالكارثه هنا تكمن فى ملجاك ومأواك الوحيد ينقلب ضدك .. كنت اظن ان الجيش الوحيد الذى يواكب سيره معى كتفى بكتفه يتلقى طعنات وخيبات الزمن بدلا منى هى " امى" ولكن ما الحل اذا تحول ذلك الجيش لعدوى الاول الذي اود ان اتخلص منه !!! كنت اتمنى ان تكونى سلاحى بدلا من ذراعى الذي بُتر في حربٍ لم تبدو بوادر نهايتها حتى الان .. فالحين يتلقى قلبى طعنه اقوى لتنثره اشلاء .. الان اصبحت احارب لوحدى .. وتلك اصعب حقيقه يواجهها المرء فى حياتك .. انه جيش نفس الاول والاخير والاوحد ..
بعد صمت ساد لبرهه تُرك فيه زمان الامر لنظرات الاعين قد تبوح بما تكنه .. فهتف وجد مردفه
- انا نفسى افهم انت معايا ولا ضدى .. انت ليه مش عاوزه تفهمى انك انت اللى باقيالى !!
اتسعت حدقة عينى كوثر التى يحاصرها الكحل من جميع الزوايا
- انا مع اللى يهدى السر ياوجد .. وانت مصممه تعندى وتدخلى حرب خسرانه .. انا يابتى عاوزاكى مرتاحه وعاوزه ليكى حياه خاليه من اى هم وغم ..
التوى ثغرها جنبًا لتطلق ضحكه ساخره
- ااه والحياه الوردى دى مع سي ادهم .. مش كده !!
- وماله ادهم .. راجل وسيد الرجاله والف مين تتمناه .. طول عمرنا اتربينا ياوجد على انه البت ملهاش غير ولد عمها .. اما انت العلام خرب مخك ونسيتى العادات والتقَاليد يابت سالم ... لكن هقول اى غير الله يرحمه طلعك على عينك ..
اطرقت وجد بخذلٍ
- ياريته كان عايش .. كان زمان قلب وجد دلوق متهنى وخالى من اى وجع .. لو كان عايش كان هيحارب معاي مش ضدتى يااااااااا....... يام زين !!!
- "هدى السر ياوجد وارضي بالمكتوب .. واى عوج تانى انا اللى هعدلك .. "
كانت تلك اخر جمله انبثقت من ثغر كوثر التى مزجتها بنظراتها الناريه قبل مغادرتها للغرفه وغلق بابها بكل ما اوتيت من قوة ، تاركه ابنتها تعتصر قلبها الما وتندب حظها عتابًا ..
( احلامنا بسيطه وسهله كل ما نريده ملجئًا وقت الضياع .. دفء وقت البرد .. شخص ما يخبرك طوال الوقت انه يُحبك ويعيش لاجلك فتحب نفسك بوجوده وتعافر في صخور الحياه لاجله .. كنت اريد وطنا في صورة شخص ولكنى نسيت ان الاوطان دائما محتله .. والنصره لمن خاض الحرب للنهايه حتى لطخت دماء الروح دروبها )
■■■
فُتحت ابواب السيارات على مصرعيها فى آنٍ واحد ، ليدلف منها سكان قصر آل الهوارى بصحبة عائله حمزه الخياط ..
جهر عماد للخفر بصيغة آمرة
- عاوز اكبر نصبه صوان لراجح الهوارى .. وكمان حد يروح ينقل الخبر الجرايد .. لازمن البلد كلها تعرف ان اللى مات دا راجل لا شافت ولا هتشوف البلد فى عظمته راجل تانى ..
تدخل محمد سريعا ليقطع وتيره الاوامر .. مردفا
- مافيش نصبه غير لما تار جدنا يتاخد ياعماد ..
ثم اكمل سليم قائلا
- ونار راجح الهوارى هتبرد الليله ..
ادفع مجدى نحوهم مردفا بحكمه
- وايه كمان ياخوى .. عاوزها حرب لحد ما العيلتين يتصفوا ..
اندفع سليم قائلا
- شاالله تبقي مجزرة .. دم راجح الهوارى مش هيكفيه رووس العتامنه كلهم ..
اطرق عماد قائلا
- اللى قتل راجح اتقتل ونبقي خالصين .. حسابهم عند ربنا دلوق ..
جهر محمد بصوت كالرصاص اخترق آذان الجميع
- طول ما راس التعلب موجوده يبقي مافيش خلصان ياولد ابوي .. ولو كلامك دا هيبرد نارك من اللى قتلوا جدك يبقي تنقطنا بسكاتك .. ومكنش حد طلب منك تمسك سلاح وتاخد التار .. سيب التار للرجال ..
اكتظت ملامح وجه عماد اكثر ليقول بلومٍ
- خبر ايه يامحمد .. انت نسيت انك عتتكلم مع اخوك الكبير ..
شرع محمد ليفجر بركانيه الثائره ولكن سرعان ما تدخل حمزه الخياط قائلا بفظاظه
- والله عال يا هوارة نجحوا العتامنه انهم يقلبوكم على بعض بدل مايخلوكم يد واحده ..
تدخلت عفاف المختبىء نصف وجهها خلف سترتها السوداء
- حمزه بيه انا فى عرضك .. ولادى مليش غيرهم ولازمن تعقلهم وتحط حل للحرب اللى عاوزين يقوموها ..
وجه سليم حديثه لامه قائلا
- التار مافهوش عواطف ياام عماد .. وانت مخلفتيش وربيتى رجاله عشان يلبسوا طُرح ويداروا جنبك وماياخدوش تار جدهم اللى البلد كلها عايشه فى خيره ...
تجمع السيدات بعيدا عن موقفهم ليراقبوا الموقف بخوف وهلعٍ يعكس صورة مما تكنه قلوبهم التى تتوق على مراجل ..
احتضنت وعد ابنتها لتطمئنها ثم انضمت لهم الهام وهى ترتل " استر يارب "
تقف ثريا بهيبتها الملفته ووجهها الذي ينبعث منه دخان الشماته .. لترسل نظراتها على بناتها الاتى يترقبن الموقف باهتمام بالغ ..
واخيرا وضع حمزه الخياط حدا لجدلهم اللامتناهي قائلا
- الأمور دى ما تتحلش اكده .. خشوا ريحوا والليله لينا مجلس نتسايروا فيه .... وأنت ياعماد كمل اجراءات النصبه .. راجح الهوارى سايب اسود فى ضهره مش شويه بلطجيه ..
تحرك ثغر سليم كى يعترض ولكن صرامه حمزه الخياط كانت اقوى من اى اعتراض فهتف قائلا
- دا امر ياسليم مش قابل لاى جدل .. روح ريح جسمك وبالليل هنشوفوا حل ... واللى عاوزكم تتاكدو منه ان الحق هيرجع ياولاد الهوارى ...
■■■
" فى احدى غُرف قصر الهواري "
- انت مش هتقعد هنا يوم كمان ياحمزه ..
بنبره قويه تحمل جيوش من القلق والارتباك يكسو جوف صاحبها اندفعت ( عشق ) بجملتها وهى تجفف دموع عينيها الجاريه ..
نزع حمزه سترته السوداء وهو يجيبها بسخريه
- عشق حمزه الخياط بقيت مديري ولا ايه !! لا وكمان بتدى أوامر ..
وضعت كفها وراء ظهرها كأنها تقاوم وجعًا ما بداخلها .. فاردفت باغتياظ
- حمزه انت شايف انا بتكلم ازاى وانت بتتكلم ازاى !! انت مش مدرك حجم المصيبه اللى احنا كلنا فيها .. العيله دى شرانيه ومش ناويه على خير ..
دار بجسده ليضع قدمه فوق المنضده ويفك رباط حذائه قائلا
- عشق دا شغلى .. انت اللى شكلك مش مدركه كلامك .. فكرى فالكلام قبل ماتقوليه
ضغطت على شفتها السفليه بألم مكبوتٍ
- انت اللى مفتكرتش انا من غيرك هعيش ازاى ولا هعمل ايه ..
ضحك ساخرا وهو يقول ببرودٍ
- هتبقي ارملة النقيب حمزه .. تصدقى لقب حلو ..
اندفعت نحوه بخطوات سريعة وهى تتشبث بدزاعه لتوقفه امامها قائلة ببكاء
- الواضح انك مش بتفكر فيا خالص .. حمزه يانا يا شغلك هنا !!
ابتسم بفتور وهو يقترب منها محاولا ان يبث الطمأنيه بجوفها فشرع بوضع كفه على كتفها فبعدته عنها بقوه .. تنهد حمزه بيأس
- عشق ممكن ملكيش دعوة بشغلى ..
ردت بنبره اكثر حزم
- حمزه ياشغلك دا ياانا !!
- دا جنان ؟!
بللت حلقها بمراره لتردف بسخريه تخفى خلفها قهره
- صح هو فعلا جنان .. انا بخيرك بين شغلك كل حياتك وبين مراتك وابنك يادووب ..
- لا دانت اتجننتى رسمى !!
- حمزه انا عاوزه اطلق ...
■■■
" فى شقة عماد "
حالة من الحزن خيمت على جميع افراد العائله حتى ساد الصمت معظم اوقاتهم .. جلست نورا بجوار عماد بهدوء محاوله اخراج كبت جوفه مردفه
- البقاء لله ياعماد ..
اخد نفسًا طويلا كأنه يريد ان يطير احزانه التى تقرضه من الداخل في الهواء متكئاً للخلف فأطرق قائلا
- سبحان من له الدوام يانورا ..
فركت كفيها بارتباك بين محاوله خلق اي حديث معه
- تحب اجهزلك حاجه سريعه تاكلها لسه اليوم طول .. وو
رد متأففًا
- نورا انا مش طايق اسمع كلمه ..
- بس ماينفعش انت من امبارح مكلتش حاجه ياعماد .. ساندوتش بس تتسند عليه معدتك
رد بعصبيه
- انت بترغى كتير ليه .. قولت مش عاوز اكل ..
سالت سريعا دمعه من طرف عينيها التى قصدت ان تبعدهما عن مرمى انظاره .. شعر بشيء ما بداخله يهمس له معاتبا فاردف سريعا محاولا تبرير عصبيته
- نورا كل الحكايه انى ماليش نفس .. وهاخد دش ونازل اصلا ..
- محصلش حاجه خلاص براحتك
وثب قائما متخذا قراره وهو يقول
- ممكن غيار بس .. عشان الحق انزلهم
وقفت خلفه .. فاطرقت باسف
-حاضر اللى تشوفه ..
■■■
" فى شقه مجدى "
- حقيقي انا مش فاهمه انت مصنوع من ايه !! وكمان ليك نفس تنام !! انت مش بيجى فى بالك جدك عامل اى دلوقت ف تربته وانت نايم ومرتاح .. شوف ازاى ياعينى على رجاله الهوارى !!
اشعلت ( صفوة ) انارة الغرفه التى اقتحمتها بجبروت وصوت اهتزت له الجدران وهى تدنو من مخدع مجدى الذي نهض مفزوعًا اثر ثرثرتها قائلا
- وانت عاوزانى اعمل ايه يعنى !!
ضحكت ساخره وهى تجلس امامه
- تخليك راجل زى سليم ومحمد وتشيل سلاحك على قلبك وتاخد بالتار ..
رمقها بنظره نارريه تحمل بين ثناياها عتابا وتوعدا
- مش هحاسبك على كلامك دا دلوق .. لكن قسما عظما ياصفوة لو ماتعدلى ماحد هيعدلك غيرى ..
وضعت ساق فوق الاخرى وهى تدير جسدها هاتفه
- طبعا .. انتوا ياصنف الرجاله كده .. مابتعرفوش تعملوا رجاله غير على الستات .. اما وقت الجد بتقلبوا فيران وتيجوا تستخبوا فى اوضكم وتناموا كمان .. شوف ياخى !! هااا حسره على الرجاله ..
كانت اخر جمله لها ممزوجه نهايتها بصرخه عاليةٍ اثر رد فعل مجدى الذي سحبها بكل قوته من شعرها المطوى ليرتطم ظهرها بالفراش .. لازال ممسكًا بشعرها ولازالت تتلوى بين يديه كسمكه وقعت في يد صيادها للتو ..ضغط اكثر على شعرها فارتفع صوت صراخها .. فجهر مجدى قائلا
- انا عارف انه مش وقته ولا اوانه ولا انا فاضي لتربيتك دلوقت .. بس واللى خلق الخلق ياصفوة ماعندى مانع النصبه تبقي اتنين النهارده واخليكى تنامى الليله جنب جدك ..
ارتفع صوت صراخها اكثر وهى تتشبث بكفه القابض على شعرها وهى تتقلص ألما محاوله اثاره استفزازه اكثر
-عارفاك اجبن من انك تعملها واخرك كلام وبس ..كان اولى انك تروح تاخد حقك من عدوكم الحقيقي و بدل ماتتشطر عليا انا روح اتشطر على اللى قتلوا جدنا وسايبهم عايشين لحد دلوق .. -ثم اطلقت ضحكه مختلطه بالصراخ والالم قاصده اثارة ثورة غضبه - عشان تبقي تصدق انك اخرك تتشطر على ست يابيشمهندس ..
سحبها بقوه من شعرها لمقدمه مخدعه ولم يلفت انتباه قلبه صوت عويلها المتألم فكلماتها كانت كافيه انى تشعل كل براكينه الخامده .. اصبحت صفوه اسيره بين ركبتيه تتاوه وجعًا مع صفعه قويه على خدها اطاحت براسها للجهه الاخرى مندهشه من رد فعله .. فهى لم تتوقع ابدا ان اثارة غضبه تلك المرة امرا يسيرا فكان كافيًا لها إلقاء عود كبريت غير مشتعل في حقل بترول لتفجره .. تحول مجدى امامها لشخصٍ لم تعرفه من قبل .. عينياه تشيعان بنيران غضب اثارة الفزع بجسدها .. صوته تلك المره اكثر حده على عكس هدوءه المعتاد .. قوته اخترقت كل حواجر مبادئه ليفترس بضحيته التى تقدمت له على طبقٍ من فضة ..
تشبثت صفوة بذراعه تلك المرة ترجوه بعيناها ان يتركها .. ولكن ضباب غضبه كان اقوى من اى نظره .. تلفظت صفوة انفاسها بتثاقل وهى تسحب جسدها بعناء من تحت حصاره صارخه باسمه قبل ما يكمل حملة تفريغ غضبه المكتوم قائله بتوسل وهى تقبض على كفه بنظره منكسره لم يراها من قبل
- لا يامجددددى ...
لوهله شعر مجدى بتجمد كل اعضائه .. فكيف ترك الزمام لشيطانه يقوده بتلك الهمجيه .. امطرت سحابه الضباب من فوق عينيه ليري الدماء الذي يسيل من انفها وفمها معا .. اذن برصاصه اخرى اخترقت قلبه .. اصبحت تحته يده كطير زبيح يسبح في دماء روحها السائله .. التقطت نفسا طويلا كمن يستفيق من غيبوبته للتو وهو يملا انظاره من هيئتها التى تبدو بطفلٍ يتعلق بأول درجات القوة ولكن الريح كانت اقوى من تشبثه فاطاحت به تحت رحمة قاتلها ..
تعكز مجدى على ما تبقي بجوفه من حبٍ ليبتعد عنها بتثاقل وهو يندب قلبه عتابا ولوما .. انكمشت صفوة حول نفسها كالقرفصاء وبجسدٍ منتفضت وعيون متأرجحه تترقب خطوات مجدى نحو المرحاض تاركا للمياه مهمه اطفاء ثورة انفعاله ..
■■■
- عال والله البيه بقي بلطجى وكل تفكيره فى التار والدم .. انا انام جمبك ازاي بعد كده .. ولا اقول لابننا ايه لما يسالنى عنك .. متخيل الاجابه .. اقوله ابوك قاتل فاتسجن ولا كان رايح يقتل فاتقتل .. ماترد عليا ؟!
تقف خلف الباب مستنده عليه بظهرها بكل قوتها كى تمنعه من الخروج بسلاحه الذي اعلن نشانه ضحيته .. عزم محمد امره فقراره غير قابل لاى جدل فتلفظ قائلا
- يسر اختفى من وشي ..
نبره معانده اكثر حده
- اوعى واقولك اتفضل اقتل يامحمد .. جدنا هيكون مبسوط وانت رايح تلوث يدك بالدم ؟!
وضع محمد سلاحه داخل سترته وهو يرتب لاسته الصوف
- وفكرك راجح هيكون مبسوط واحنا سايبين اللى قاتلينه يتمتع بالدنيا ...
صرخت بوجهه قائله
- عمرها ماكانت دار متعه يادكتور .. ربك عادل يمهل ولا يهمل ولكل ظالم كفيته وداهيته .. سيبهم لربنا وهو هيرجعلك حقنا وزياده .. جدنا عمره انتهى خلاص ذاته خلص من الدنيا واللى قتله كان سبب بس .. زي مابيقولوا لو صبر القاتل ع المقتول كان مات لوحده .. اعقل يامحمد وحياتى عندك ..
دنى منها محمد ليبعدها عن الباب قائلا
- يسر خولص الحديت انتِ بتحاولى تقنعينى باايه ؟! البس طرحه وانزل اخد عزى جدي واقعد اولول زى النسوان ..
- لا روح اقتل عشان الناس تقول عليك برافو وبطل وقتلت اللى قتلتوا جدك .. بس انت مش هتسمع ولا كلمه من الشكرانيات الكدابه دى لانك ساعتها بيكون حبل المشنقه بيتلف حولين رقبتك .. كسبت انت ايه على كده ؟!
اتسعَ قفصه الصدرى ليمتلا بالهواء يبدو عليه ان كلامها تسرب داخل انفاسه متسللت من زاويه قلبه تحديدا .. حضنت كفه بكفيها ثم طالت النظر في عينيه .. فالمرأة حينما تحب تمتلك اسلحه خاصه لتخضع كيان حبيبها تحت تاثيرها .. دنت يسر منه جهة قلبه وهى تحدثه بنبره منخفضه متوسله
- اعقل يامحمد عشانى .. صل على النبى كده واخزى الشيطان .. اقولك على حاجه تيجى نصلى ركعتين كده وندعى لجدنا هو دلوقت عند الاحسن منى ومنك ياحبيبي ولو التار والدم هيررجعه كنت شلت سلاحى على قلبى ونزلت قبلك .. متقفش كده تعالى وانا هوضيك بنفسي ..
ثم رسمت على ثغرها ابتسامه خفيفه بصعوبه كى تطمئنه
- يلا يامحمد عشان خاطرى .. رحمة جدك ..
اغمض عينيه لبرهه محاولا استيعاب قسوة الكلمه التى خدشت قلبه .. طوال عمره يحلف بحياة وعمظه جده فجاء اليوم بمنتهى القسوة ليحلفه برحمة من تحامى عمرا بقوته وجبروته .. فك قبضة يدها بهدوء ثم طوق عنقها بذراعها مستعيذا من الشيطان وهو يتراجع لداخل منزله .. وضعت كفها على ظهره لتربت عليه بحنو وترسل له ابتسامه رضا هامسه
- انت قوتى اللى ماينفعش في يوم اخسرها يامحمد .. يسر بتستقوى بوجودك جمبها ..
اكتفى بضمها اكثر كأنه يعتذر لها عن كل ما بدى منه اثناء تغيبه وخضوعه لثورات انفعالاته ..
■■■
" الباقيه في حياتك ياسليم "
رسالة نصيه اخترقت هاتف سليم الذي لفت انتباه ضياء هاتفه الصامت .. التقط هاتفه ليفتحها ويتفحص الاسم جيدا .. ثم تفوه بمرارة
- وكمان ليكِ عين تعزينى ياوجد !!
اخذ قراره سريعا ليحادثها هاتفيا كأن سُقم قلبه تذكر علاجه الفعال للتو .. كأن شيء ما بروح في حاجه ليُرمم .. طعنه قويه اصابت قلب سليم عندما تذكر غيابها .. المسافات التى تتباعد بينهما .. قوة تجاذب روحه لقربها مع انها شيء يتنافر مع قوانين الطبيعيه ولكن برغم من آلامه فآماله بمعجرة تذوب تلك العواقب لتلقي بها بين ذراعين تحديدا .. تعمد ان يخطو بعيدا عن مسامع ماجده وهو يستمع لرنين اتصاله بها على عجلٍ حتى صعق قلبه بفولت صوتها الوهن
- سليم !!
تنهيد قويه خرجت من فمه ليفيق من سطوها
- ااه سلييم ياوجد ..
صمت كلاهما لبرهه ثم اردفت
- مكنتش متوقعه انى ممكن اسمع صوتك بعد اللى حصل ..
- لازم تحطى فى راسك ان كل حاجه هتحصل بعد النهارده خارج كل توقعاتك ..
اردفت باندهاش وهى تقف بتثاقل
- كيف !!
اجابها بنبره ساخره
- كيف ماانت جايه تعزى في القتيل اللى قتلتوه ..
- سليم انت عارف ان محدش فينا له ذنب فى كل اللى حصل واللى بيحصل ..
- واللى هيحصل دا بتاعى انا ..
صمت كلاهما قليلا ثم هتفت وجد متوسله
- انا مش عاوزه اخسرك ياسليم ..
اخذ قسطا كافيا من التفكير قبل ان يجيبها .. فتسلح بسلاح البرود رغم ثورته فكيف للمرء أن يتظاهر باللامبالاة، وقلبه يحترق .. فاطرق قائلا
- من النهارده محدش فينا هيخسر ياوجد .. خسرنا كتير قوى .. فكفايه اكده ....
-" وجد !! وجد ياسليم ؟! بت قتالين القُتله "
اقتحمت ماجده الغرفه التى يقطن بها سليم جاهره بجملتها الاخيره التى تعكس دخان إحتراق من جوفها .. تلعثمت الكلمات بداخل فمه فتحدث بثبات مصطنع
- اقفلى دلوق ياوجد ..
وجد بتوتر : سليييم ..
بنره اقوى فزعتها :
- قولت اقفلى ياوجد ..
القى هاتفه بعيدا ثم نظر لماجده قائلا
- وزعلانه ليه ؟!
- انت ايه معندكش دم .. ناسها يدهم ملطخه بدم جدك ..
- ماجده راسك مش رايقالك .. اوعى اكده من طريقى ..
تشبثت بذراعه بكل مااوتيت من تحدٍ لتقف سيره .. فاردفت بذهول صراخه بوجهه
- انت ايه !! بتدوسي على قلبى بميت جزمه وقولنا ماشي .. لكن دم جدك اي ياسليم .. دم راجح الهوارى اللى كلنا عايشين من خيره مهزش ف راسك شعره تفوقك !! ليه كده ياابن عمى .. سايب الحب اللى جايلك وفاتحلك دراعته وانت مصمم تجرى ورا نار وهم هتحرقك وتحرقنا كلنا ..
اجابها بيأس وغلب مكبوت
- الحاجه الوحيده اللى اتخلقت جونا من نار .. اتخلقت عشان تحرق اى حاجه تقف فى طريقه .. حلاوة العشق ناره مش اللى يجيلى لحد عندى .. وانا عشقى لوجد من نار حلفت ماهى منطفيه غير بيها .. فأنا شايف ان لو في حد المفروض مايتعلقش بوهم تبقي انت .. مش انا ..
كلماته كانت كجلاد كل صفعه على جدار القلب اقوى من سابقتها .. شيء ما بداخلها يحترق ، يتألم ، ينثر شظايا وجعا كافيا ان يمزق روحها لأجزاء .. شرعت ماجده ان تجداله كعادته ولكن تلك المرة اخترق جدار منزلهم اصوات عاليه مجهولة المصدر .. ركضت سليم سريعا نحو النافذه
- اي الصوت دا !!
وعلى الناحيه الاخرى بعدما افرغ محمد ويسر صلاتهما ركضوا سريعا نحو شرفه منزلهم ليترقبوا مصدر ذلك الصوت الجمهورى التى اهتزت له الجدران ..
وكذلك الأمر بالنسبه لنورا وعماد الذي ارتدى جلبابه سريعا ثم تحرك نحو نافذة غرفتهم .. ثارت نورا مندهشه
- اي الصوت دا ياعماد ..
اما عن مجدى فركض سريعا لاسفل وهو يلفح عبائته على كتفه ليرى ايضا مصدر الصوت القوى الذي خلع قلبه ..
" ف القصر "
نهضت عفاف وثريا من مجلس السيدات الاتى اصيبين بالذعر .. وعلى حِدى ركضت وعد صوب زوجها بعيون مرتجفه .. فاسرع الخفير ركضا وهو يمسك بسلاحه قائلا
- " الحق ياحمزه بيه نصيييبه وحلت على النجع كله " ..
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى من رواية عشق من نار بقلم نهال مصطفى
تابع من هنا: جميع فصول رواية عشق من نار بقلم نهال مصطفى
تابع من هنا: جميع فصول رواية جنون العشق بقلم أمونة
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات حب
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: قصة عشق بلا رحمة بقلم دينا ابراهيم
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا