مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية وصعيدية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
رواية أثواب حريرية - إلهام رفعت |
رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت - الفصل الثانى
تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة
بعد مـــرور عدة سنـــــواتٍ.........!!ولجت منزلهم البسيط والفرحة عانقت اشتياقها ليلوح ذلك على هيئتها اللاهثة، وقعت عيناها على خالتها كما تعودت على ذلك جالسة مع والدتها ولسانها ينطق اسمها، هتفت غزل بفرحة جلية:
-خــالتي!!
ثم هرولت نحوها لتفرد الأخيرة ذراعيها مستقبلة إياها فغاصت غزل في أحضانها، هتفت فتحية بشوقٍ سافر:
-وحشتيني يا غزل، مبجيش هنا غير علشانك يا وش السعد إنتي
وصلت فرحة فتحية عنان السماء وهي تراها تكبر عن كل مرة، صارت صبية على مشارف بداية العقد الثاني، ابتعدت غزل وهي تضحك بمسرة من رؤيتها، استفهمت بلهف طفولي:
-جبتيلي أيه معاكي من مصر يا خالتي
قهقهت فتحية قائلة بتصحيح:
-اسمها القاهرة يا غزل، إحنا أصلاً في مصر
لم تعي غزل أو بالأحرى لم تهتم وبدا ذلك على وجهها ذي الملامح الصغيرة، تابعت فتحية مدعية الحزن:
-وكمان مش تقولي وحشتيني يا خالتي، دا أنا باجي كل فين وفين!!، ولا بتستنيني علشان الحاجات الحلوة اللي بجيبهالك؟
اقتربت غزل منها لتقبل وجنتيها مرددة بشغف:
-وحشتيني جوي، يلا فرجيني جبتيلي أيه
رق قلبها وهي ترى لهفتها لتفتح حقيبة سفر شبه قديمة فبدأ الفضول يعرف طريقه في نظرات غزل وهي تتفحص ما جلبته، بعفوية محبوبة مدت يدها لتلتقط ثوب وردي انبهرت به، وضعته تلقائيًا على جسدها مرددة بحماس:
-عاوزة ده، على مجاسي بالظبط
ثم نهضت ممسكة بالثوب لتركض به إلى غرفة مقابلة كي ترتديه، تتبعها نظرات خالتها الحانية فكم أحبت هذه الفتاة، انتبهت لحديث أختها سعاد وهي تخاطبها:
-المرة دي اتأخرتي جوي يا فتحية؟
وجهت فتحية بصرها نحوها لتجيب بانتباه:
-أصل الست هانم مش بتستغنى عني، خصوصًا إن الست عزة مرات مراد بيه قرّبت تولد، قالتلي روحي البلد يومين علشان بعد الولادة مش هتوافق بأجازة ليا
تفهمت سعاد وضعها فسألتها بمعنى:
-وإنتي مبسوطة معاهم يا فتحية؟
ردت بجدية:
-أنا مش عاوزة أسيبهم من راحتي وسطيهم، الست هدى دي بلسم، بتعاملك كأنك واحدة من عيلتها
قطع حديثهن خروج غزل مرتدية الثوب، تصلبت نظراتهن عليها وبالأخص خالتها التي رمقتها بإعجاب بائن، دارت غزل حول نفسها وهي تسألهن بتهلل:
-حلو عليا؟
ردت والدتها بتأكيد:
-هياكل منيكي حتة
توقفت غزل عن الدوران لتسأل خالتها:
-مجولتليش رأيك يا خالتي؟
ابتسمت فتحية وهي تقول بمحبة واضحة:
-حلو يا غزل، كأنه متفصل عليكي
كان يوسف قد عاد ليراها هكذا فلم تتزحزح نظراته من عليها، بات شابًا في أوائل العشرينات؛ قوي البنية رغم نحافة جسده، اكتسب بشرته الحنطية من عمله المتواصل تحت أشعة الشمس، لاحظت غزل حضوره فركضت نحوه، انتبه لنفسه فقالت له بتهلل:
-شوفت خالتي جابتلي أيه يا يوسف؟
قالتها وهي تلف حول نفسها كي يشاهدها عن قرب فابتسم، رد بشخصيته الهادئة:
-إنتي اللي محلياه يا غزل
رده عليها جعل فتحية تقول بمكر:
-أموت واعرف السر اللي يخليك تحب البت دي كده وتتعلق بيها
توتر يوسف وهو ينظر لخالته ثم إلى والدته التي ارتبكت، ردت عليها موضحة بثبات مزيف:
-مش أخته يا فتحية!
-ما آني كمان أخته ومبشوفِش منيه غير وش خشب
قالتها أمل أخته والتي عادت برفقة والدها وطلعتها مكشرة، رد والدها موضحًا بتودد:
-علشان الصغيرة يا أمل، عتغيري من أختك!
لوت فمها ثم تعمقت للداخل مقتربة من خالتها كي ترحب بها، عانقتها على غير غرض، حين ابتعدت قالت فتحية بعدم رضى:
-كل أما آجي ألاقيكي عابسة كده
ردت أمل بضيق شديد:
-علشان كلاتكم ما شيفينش غير غزل، حتى إنتي كمان يا خالتي، بتحبيها أكتر مني
جلس يوسف هو ووالده على الأرضية وكذلك تقدمت غزل لتقف أمامهم وما فهمته أن أختها لم تحبها، بررت فتحية لتكسب ودها:
-أنا بأحب غزل زيك بالظبط، وغزل يوم ما شوفتها وشها جاب الخير عليا، جاني الشغل الحلو اللي أنا فيه ده
بعد كلامها لاحظت أن أمل كما هي رغم كبتها لضيقها، انزعجت سعاد من رؤية ابنتها غير سعيدة ثم نظرت لـ حسن الذي ابتسم بطيبة جارفة لا يريدها أن تنقلب على الفتاة الصغيرة، بينما اعتزمت سعاد أن تخبر ابنتها بحقيقة غزل وسر تعلق أخيها بها كي لا تزيد فجوة النفور بينهما فأولادها أهم عندها، وقفت غزل تتابع ما يحدث بعدما تلاشت فرحتها بما جلبته لها خالتها، لم تتفهم شيء سوى كره أختها لتحزن من ذلك، أضحت الأعين تتحدث والنظرات ترسل ردود لبعضهم البعض، أدركت فتحية بأن الصمت غير موفق هنا فتابعت بألفة مخاطبة الجميع:
-تعالوا اتفرجوا جبتلكم أيه كلكم.............!!
___________________________________
ناولته حبة الدواء كي يأخذها حين جاءت إلى غرفته، ارتشف السيد رشدي الماء بعدها ليحمد الله قائلاً:
-الحمد لله، ربنا ما يحرمني منك يا هدى، بتعملي معايا اللي بنتي مش فاضية تعمله ليا
ابتسمت له بود وهي تعيد أخذ الكوب منه مرددة:
-ربنا يطولنا في عمرك يا رب، وكمان سميحة مشغولة بولادها، ابنها الصغير شقى شوية
ثم وضعت الكوب على المنضدة أمامه فابتسم السيد بسخط من حال الجميع من حوله، طالع هدى بنظرات ودودة أكثر ليحدثها بسماحة:
-اقعدي يا هدى عاوز اتكلم معاكي
دون تعليق جلست لتستمع له بآذان صاغية، قال السيد رشدي بتزكية:
-أنا من غير تفكير مبحبش أعمل حاجة تضايقك علشان إنتي غالية عندي
ابتسمت له بنظرتها المحببة فأكمل بتوضيح:
-طلبتي ما جوزش مراد ومعملتهاش، رغم إني تعبت كتير علشان أحميه، لدرجة كان هيروح فيها لما حاولوا يسمموه
تذكرت هدى ذلك فاغتمت، ردت بامتنان:
-باشكر ربنا ليل نهار إنه نجاه
-الحمد لله
قالها السيد راضيًا فقالت هدى بتعقل:
-علشان كده طلبت من حضرتك تجوزوه، عارفة إن ده مش هيعوضني عن مراد لو حصله حاجة بس المهم عندي اسم شريف مينتهيش
رد السيد بجدية:
-يزيد ومراد دلوقتي بقوا في نفس الخطر، وبحاول على قد ما أقدر أحميهم، وفرحتي بإن مراد مراته هتخلف متعرفيش مفرحاني قد أيه!!
تنهدت بغبطة وهي ترد:
-قلبي حاسس إن ربنا هيرزقه بولد
-يا رب!
فتح سيرة ما كان يضم ه من مدة قائلاً بتردد جم:
-ليه حاسس يا هدى إن فيه حاجة كبيرة مزعلاكي، بقالك فترة حزينة ومن عنيكي باحس إنك كنتي بتعيطي
ارتبكت ولمعت عيناها بدموع فترقب السيد أن تشرح له لكن خيبت ظنه حين عللت دون أن يقتنع:
-زعلانة علشان خايفة على مراد ويزيد، هما بس اللي شاغلين بالي
هز رأسه ولم يظهر أنه يريد ردًا آخر، ظن بأن أحد بالفيلا يضايقها لكنها كما يعرفها تتحمل كي لا تفتعل المشكلات، دُق الباب عليهما ليقطع حديثهما فتنفست هدى براحة، أمر السيد الطارق بالدخول، ولجت الخادمة مرددة بشغف رغم وقوفها الهادئ:
-الست عزة بتولد يا هدى هانم
نهضت هدى وكذلك السيد الذي سأل بتوتر فرح:
-مراد معاها ولا فين؟!.........
___________________________________
بداخل أحد مخازنه الكبرى، وضع إمضائه أسفل الورقة ومن بعدها طبع ختم جده الذي يملكه فكل شيء بات تحت سيطرته، أعطى مراد الورقة للجالس أمامه قائلاً بحزم:
-بنفسك توصلها، وتعرف منه ميعاد التسليم، علشان لو اتأخر يوم ليا كلام تاني معاه
هتف ضرغام وهو اليد اليمنى لـ مراد بخشونة:
-بس يا مراد بيه عم حضرتك وجت ما بيشوفني نازل البلد بيتدخل في كل حاجة باعملها، وأنا مبرضاشي أجوله حاجة علشان سيادتك
نفخ مراد منزعجًا، هتف بانفعال:
-وهو ماله، ومين بيقوله على شغلي في البلد؟
رد ضرغام بظلمة:
-بيعرف من جعفر علوان، ما هما صحاب وسهراتهم إكتير جوي، وجعفر مافيش حاجة بتتخبى عليه، رجالته مالية البلد، راجل جادر والقتل عنده سهل قوي
زم مراد شفتيه متفهمًا ، رد مسلمًا أمره:
-خليه يتدخل، بس في الآخر اللي أقول عليه هو اللي يتنفذ، وكمان جعفر ده ليا شغل معاه
ردد ضرغام بتحذير المتوجس:
-خليك ابعيد يا بيه عنيه، دا فيه ناس بيجولوا جتل بته وفيه بيجول دفنها حية، وهو مطلع إنيها هُربت، عمل إكده في بته، أومال مع الغريب بيعمل أييه
اختنق مراد وهو يستمع له ليردد باستنكار جم:
-فيه ناس بالجبروت ده، ربنا يعافينا!!
ثم تنهد ليتابع بهدوء مزيف:
-يلا إنت علشان متتأخرش، الشمس قربت تغيب علشان توصل هناك على الصبح كده وتخلص شغلك
أومأ رأسه بانصياع لينهض كي ينفذ المطلوب منه، بعد دلوفه شرد مراد في عدة أشياء مختلطة أشعرته بصداع ليفرك رأسه فالحمل صار ثقيل عليه وهو في هذا السن، رن الهاتف الأرضي أمامه على المكتب فانتبه، جاوب مراد فتلقى خبر ولادة زوجته، نهض قائلاً بقلق:
-طيب جاي، مستشفى أيه يا يزيد؟! ............
__________________________________
ركض الأطفال من خلفها وهم يلقون عليها الحجارة الصغيرة فأسرعت في ركضها المذعور لتهرب منهم، حين ابتعدت مسافة أهّلتها لأن ترتاح أنفاسها وتتختبئ خلف هذه الشجرة الضخمة، جلست ضاممة ركبتيها لصدرها ثم أخذت تبكي والخوف طافح عليها.....
من بعيد جلست غزل برفقة خالتها فتحية يتحدثن سويًا، رأت غزل الأطفال يركضون خلف المرأة ثم تأملتها بشفقة وهي جالسة هكذا بوضع يقطع القلوب، سألت خالتها بحزن عليها:
-الست دي من يوم ما وعيت يا خالتي وآني باشوفها إكده، تجعد تبكي وتتحدت مع نفسيها، هي عنديها أيه وليه هي إكده؟
وجهت فتحية بصرها نحو المرأة فهي على علم بوضعها، جاوبت على حيرتها قائلة:
-دي يا غزل واحدة كانت بتشتغل في أرض هنا وكانت سايبة بنتها عند هدومها وأكلها، خرجت من الأرض ملقتهاش، من يومها وهي على الحال ده، بتخرف وبتدور على بنتها
أثرت قصة المرأة في نفسية غزل لتتأجج شفقتها عليها، ابتسمت فتحية معجبة بحنان غزل، ضمتها من كتفها لصدرها ثم استفهمت باهتمام:
-يلا احكيلي أيه اللي مزعلك؟، إحنا بعيد عن البيت أهو ومحدش سامعنا
أخذت غزل فرصتها لتسرد لخالتها عما يحزنها قائلة:
-أمل ما هتحبينيش، دايما تعاملني مش منيح، وكل أما إتشوف يوسف يجبلي حاجة تتضايج منيه
ربتت على ظهرها لتهدئ من حالتها، هي الأخرى مستغربة من اهتمام يوسف بها عكس أخته، لم تعرف ماذا تقول؟ سوى أن تنصحها قائلة بجدية:
-شدي حيلك إنتي في مدرستك، عاوزاكي ناجحة ومتفشليش في العلام، البنات في البلد بيحسدوكي، محدش بيتعلم غير الولاد وعيال كبارات البلد
ابتعدت عنها غزل لتستفهم بتكهن:
-هو أنا ممكن أدخل الجامعة يا خالتي لو فلحت في دراستي
ردت فتحية مؤكدة:
-وليه لأ، أنا هدخلك الجامعة، ولو دخلتي هاخدك معايا البندر
كلماتها حمّست غزل لتتخيل نفسها من تلك اللحظة بالجامعة وتذهب معها، ارتمت على خالتها لتحتضنها بامتنان قائلة:
-حبيبتي يا خالتي، لولاكي مكنتش اتعلمت ولا دخلت المدرسة
هنا تدخل يوسف الذي أتى من خلفهن قائلاً بعبوس ممتزح بالحزن:
-ويوسف اللي شجيان علشان يجيب فلوس لمدرستك ملوش نصيب في المحبة دي.........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
جلست على الكنبة المقابلة لشباك الغرفة التي تجمعها بـ غزل تتطلع أمامها بشرود وهي ما زالت حاقدة على أختها، ولجت سعاد الغرفة ثم اوصدت الباب خلفها وقد اتخذت قرارها بإخبارها كي لا تراها متضايقة هكذا، تقدمت منها لتنتبه لها أمل ثم اعتدلت في جلستها، جلست سعاد بجانبها متسائلة ببسمة ودية:
-لسه زعلانة يا أمل؟
نظرت لها بجحود هاتفة:
-يعني مشيفاش ياما كيف يوسف وخالتي بيهتموا بالست غزل؟، بيشتغل علشان تتعلَم
ردت سعاد بعتاب:
-إنتي اللي مفلحتيشي في العلام وجولتي مش عاوزة اتعلم، مكناش مجصرين معاكي
تأففت أمل ثم ردت بضيق:
-طيب هو بيحبها أكتر مني زي ما أكون مش أخته زييها وبت حرام آني
-اسكتي متجوليش إكده
صرخت بها سعاد لتمنعها من مجرد التفكير في ذلك، تابعت سعاد بغلظة:
-إنتي بنتي ولحمنا، هي اللي بت حرام!
عفويتها جعلتها تخبرها بطريقة فظة فشهقت أمل وانصدمت مما نطقت به، لكن سرعان ما أنّبت سعاد نفسها فهي لم تبغض غزل وتحبها، لامت نفسها ثم استكملت بتأنٍ:
-هجولك على كل حاجة، علشان معاوزاكيش تزعلي من أخوكي
ثم سردت لها كيف جاءت غزل لبيتهم؟، وهي تتحدث كانت أمل في عالمٍ آخر، مصدومة مشدوهة لم تتوقع يومًا أن تكون غزل ليست بأختها، حين انتهت سعاد قالت بتعليل:
-علشان إكده يوسف بيهتم بيها، أصل الواد متعلج بيها وباينله بيحبها، يوسف مش إصغير وكان واعي لكل حاجة
بتوهان شديد رددت أمل باستنكار:
-معجولة غزل مش أختنا!!
ثم حملقت في والدتها لتستفهم بفضول:
-ومعرفتوشي مين أهلها؟
نفت سعاد بهز رأسها، نظرت أمل أمامها ولم تعرف لما الفرحة بداخلها، ربما أنها اكتشفت أن غزل أقل منها معدومة النسب، ذلك التمييز بينهن جعلها تحقد عليها، خف غيظها بعد معرفتها بذلك لتنتوي في نفسها لكن على ماذا؟، فاقت للواقع حين خاطبتها والدتها بتنبيه لم تهتم به كثيرًا:
-إوعاكي يا أمل حد يعرف بالكلام ده.........!!
___________________________________
حين وصل للمشفى كانت زوجته قد وضعت أولاده، فرح مراد حين قابلته السيدة هدى وإحدى الممرضات يحملن ولدين، حمل ما بيد الممرضة فقالت هدى بفرحة:
-مبروك يا مراد، عزة جابت ولدين، مش قولتلك قلبي حاسس إنه مش واحد بس
ضحك بخفوت وهو يتطلع على ابنه، قبّل جبهته ثم وجه بصره للولد الآخر الذي تحمله السيدة، تأمله بحب ثم ابتسم، حدثته بألفة:
-يتربوا في عزك يا حبيبي!
نظر لها قائلاً بلطف:
-الله يبارك فيكي يا ماما
انزعجت والدة عزة السيدة سامية وهي تقف عند باب غرفة العمليات منهما، عدم اهتمام مراد بوضع ابنتها الحرج جعلها تغتاظ، تتبعت قدومهما نحوهم باستشاطة داخلية، استفهم مراد منهم بجدية:
-عزة عاملة أيه، لسه مخرجتش؟
بتهكم شديد ردت عليه السيدة سامية:
-الدكتور بيقول حالتها صعبة قوي، مكنش ليها تخلف في سنها ده، بس نقول أيه
كشر مراد من ردها فعلل لها باكفهرار:
-عزة مش صغيرة، هي اللي تعبانة وسيادتك عارفة بكده، جوزتيها ليه لما إنتي خايفة عليها
تدخلت هدى لتقول بعقلانية:
-دا وقته!، ادعولها تقوم بالسلامة، وعزة بتحبك يا مراد وحبت تجيبلك ولاد
تنهد مراد بقوة محاولاً الهدوء، حين دلف الطبيب انتبه له الجميع، أعطى مراد الطفل للسيدة سامية ليتحدث معه، قال له الطبيب بمفهوم:
-المدام طالبة تتكلم مع سيادتك يا مراد بيه!
ارتاب الجميع في نبرة الطبيب الذي لم يخبرهم بحالتها، تحرك مراد للداخل قلقًا عليها، حين ولج تطلع عليها وهي راقدة بحيرة ثم تأمل ملامحها المسجورة، اقترب منها أكثر فوجودها تنظر إليه بضعف وعلى ثغرها بسمة محبوبة، دنا من الفراش فقالت عزة بعشق:
-مراد حبيبي
حين رفعت ذراعيها أدرك أنها تريد معانقته، لم يبخل في ضمها إليه فتابعت بتوجس قاتل:
-خايفة أموت، أنا باحبك يا مراد متخليش حاجة تبعدني عنك
طمأنها قائلاً بتردد:
-هتعيشي يا عزة وهتربي الولاد
ثم جاء ليبتعد فمنعته قائلة بتعلق:
-خليك معايا يا مراد
كان تعلقها به في تلك اللحظة غريب يثير الريبة، حديث الطبيب المقتضب والغير مفهوم وما تفعله الآن، خشي مراد عليها وبات خوفه معلنًا حين تراخت ذراعاها من عليه، هنا فطن الأمر ليغمض عينيه مدركًا بأنها فارقت الحياة.....
في الخارج زادت همهمات الأهل من هذا الموقف؛ بالأخص أهل عزة جميعهم، حين خرج مراد من الغرفة اتضح من هيئته أن هناك ما يحزن وراء تعبيراته الكامدة، هرعت السيدة سامية نحوه مرددة بخوف:
-بنتي عاملة أيه، عاوزة تشوفني مش كده؟!
رد مراد بحزن وهو يتحرك نحو السيدة هدى:
-البقاء لله!
أطلقت السيدة سامية صرخة مفجوعة ثم هرولت لترى ابنتها، لم يستعجب الكثير مما حدث فهي مريضة وقد تزوج بها محبة في والدته كونها ابنة خالته، سأل مراد بصلابة:
-فين الولاد؟!................
___________________________________
-ما كانتش تموت قبل ما تولدهم!
هتف السيد أسعد بتلك العبارة حاقدًا على ما أتاه من خبر ولادة زوجة مراد، رد ابنه ماهر بغل:
-داخل القصر زي الأسد وهو شايل العيال لواحده
كز أسعد على أسنانه بقوة فقد ظن بأن زوجته لن تتحمل الحمل وستموت قبل أن تلد؛ لكن تلك مشيئة الله، هتف أسعد بتجهم:
-طيب إقفل وبعدين هكلمك، أصلي مشغول
ثم أغلق الهاتف ليوجه بصره نحو الجالس أمامه يحتسي الجعة، سأله الرجل بجهل:
-باينله وصلك خبر موش تمام
تنهد الأخير مرددًا بحنق بعدما تجرع كوبه كاملاً:
-مراد مراته جابتله ولدين
شهق الرجل قائلاً بحسد صريح:
-ولدين حتة واحدة، يا بوي!!، دا آني أتجوزت عشر مرات ومافيش واحدة فيهم حبلت وبشرتني
ابتسم أسعد بسخرية ثم رد موزعًا أنظاره على هيئته:
-جرا أيه يا جعفر، ما تبوص لنفسك يا راجل، خلاص كبرت وراحت عليك، البنات الصغيرة اللي بتتجوزهم فضحوك
امتعض جعفر ليرتشف من كوبه، رد بقلب ميت:
-هما فين البنات دول، أنا معشوفش بنته من اللي اتجوزتها
ضحك أسعد بشدة فهو يعرفه جيدًا فقد تخلص منهن، قال بمكر أربكه:
-هو إنت ليه مش بتدور على بنتك الهربانة، ولا تكون عارف مكانها ومش عاوز تقول
تلميحاته باتت مفهومة للسيد جعفر والذي لم يهتم حتى وإن انكشف مقتله لابنته وابنتها الصغيرة، رد ببرود الواثق:
-شكلك بيجول إن بكلامك ده مستغني عن خدماتي ليك، عاوز تخسرني يا أسعد
أعدل أسعد عن حديثه لا يريد إفساد علاقتهما مرددًا بمحبة وقد توتر:
-لا يا جعفر دا إنت حبيبي، دا إحنا عِشرة عُمر يا راجل هضيعها علشان حاجة تافهة زي دي!!
نظر له جعفر بتكبر فلم يُخلق بعد من يقف ويُجادله، غيّر أسعد الموضوع قائلاً بودٍ مخادع:
-مقولتليش بقى هتساعدني في وضعي ده إزاي، عاوز حقي اللي بيتسحب مني................!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
رحلت خالتهم بعدما طلبوها في القاهرة، وقفت أمل منتصف الغرفة تتابع ما تفعله غزل مع نفسها على التخت، حيث جلست غزل تتفقد ما جلبته لها خالتها من أثواب رائعة من وجهة نظرها لكن هي في الحقيقة بخسة الثمن، ارتضت بها غزل كونها لم تملك شيء نظيف، لم تلاحظ نظرات أمل التي تخترقها، الآن فقد تساوت الأمور، كلمات رددتها أمل!، تحركت نحوها بنظرات ماكرة سرعان ما بدلتها لترسم الإجهاد على وجهها، طلبت منها بتعب مزيف:
-روحي يا غزل هاتي ماية من الترعة أصل رجليا وجعني ومش جادرة أجف عليهم
تركت غزل ما بيدها ثم ردت بقلة حيلة:
-بس أنا مهعرفش أجيب ماية، على طول بتجيبي إنتي
غمغمت أمل باغتياظ:
-ما أنا أصلي خدامة اللي خلفوكي
لم تستمع غزل بالضبط لما تفوهت به لتسألها:
-بتجولي حاجة يا أمل؟
زيفت أمل بسمة وهي ترد بدهاء:
-معجولش حاجة يا عيون أمل، كل اللي عاوزاه منيكي إنك تروحي تجيبي مية وبعدها تغسلي المواعين، ما إنتي كبرتي ولازم تساعدي معانا
كانت نبرة أمل جديدة لتستفهم غزل أنها تكرهها، ففتاة في عمرها لم تفعل ما تطلبه منها فقد أكملت فقط العاشرة، أطاعتها غزل ثم نهضت قائلة:
-حاضر، هروح أعمل اللي جولتي عليه
ثم تحركت للخارج وسط نظرات أمل الخبيثة، رددت بمقت:
-على آخر الزمن هخدم واحدة ملهاش أهل ورمينها.....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تممت أمل على ما جلبته غزل من مياة كثيرة لتجعلها تزيد من جلب المياة قبل عودة أهل البيت، عاد يوسف وهذا من حُسن حظها، قابلته حين ولج من الباب قائلة بمكر:
-حمدالله على السلامة يا يوسف
رد متنهدًا باجهاد:
-الله يسلمك، أبوي وأمي لسه معاودوش؟
ثم جلس على الأرضية ساندًا ظهره للحائط، ردت أمل وهي تجلس برفقته:
-لأ لساتهم برة
لا إراديًا وزع نظراته من حوله ليستفهم بفضول:
-فين غزل؟
أخفت بسمتها ومكرها معًا لترد بمغزى:
-بتملالنا مية من الترعة
هتف باستياء:
-من ميتى غزل بتشتغل؟، دي لساتها صغيرة!
ردت بحقد جلي:
-عيب عليك يا يوسف تبوص لعيلة في سنها
تفاجأ من حديثها المستقبح ليوبخها بامتعاض:
-اتجنيتي في مخك إياك، دي أختي!
ردت بسخط استفزه:
-بتضحك على نفسك ولا عليا، غزل مش أختنا واصل وإنت خابر إكده زين
ارتبك بشدة وجف حلقه، اعتدل في جلسته وهو يحدق فيها بصدمة، تابعت أمل بطلعة كالحة:
-بتفضل بت الحرام دي على أختك
غضب يوسف من كلمتها الوخيمة في حق الأخيرة لذا قام بصفعها، صُدمت أمل من ردة فعله فهتف يوسف باهتياج:
-صحيح مافيش في جلبك رحمة، بتجلبي على عيلة إصغيرة علشان عرفتي إنيها مش منينا
نهضت أمل من أمامه وقد حزنت، نهض هو الآخر فهتف بتحذير:
-لو حد عرف يا أمل مهرحمكيش، وجتها هتشوفي يوسف تاني، وغزل أختنا
عقبت على كلمته الأخيرة مرددة بحنق:
-وهتفضل أختنا لحد ميتى يا يوسف، ما باينش إنك شايفها أختك
رفع يده ليعاود صفعها فصرخت أمل، في تلك اللحظة انتبه يوسف لمجيء غزل حاملة الماء على رأسها، نظر الاثنان لها ولاح الكُره في نظرات أمل نحوها، استفهمت غزل بعدم فهم:
-تجصدوا مين بحديتكم ده؟!...
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى من رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية أثواب حريرية بقلم إلهام رفعت
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع من هنا: جميع فصول رواية فى قلبى أنثى عبرية بقلم خولة حمدى
تابعوا صفحتنا على الفيس بوك للمزيد من روايات عربية
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
اقرأ أيضا: رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
يمكنك تحميل تطبيق قصص وروايات عربية من متجر جوجل بلاي للإستمتاع بكل قصصنا
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا