-->
U3F1ZWV6ZTMzNTg0ODE3NzI1X0FjdGl2YXRpb24zODA0Njk2NDgxODg=
recent
آخر القصص

رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى - الفصل السابع عشر

مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السابع عشر من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى. 

رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل السابع عشر

اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة

رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى


تابع أيضا: قصص رومانسية

رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل السابع عشر

انتفض طايع فزعا لرؤيته إياد بتلك الحالة المزرية وهرول نحوه : مالك يا إياد ؟
نظر له إياد ولشقيقتيه خلفه وتلعثم : كو . كويس ..انا كو ...
قاطعته بسمة : اكيد شاف كابوس
هز رأسه مؤكدا : كا ..كابوس ..ايوه ..كابوس
نظر لها طايع ثم له ليجده عائدا بنفس الخطى المضطربة إلى غرفته وصوت أنفاسه يصل إليه ، عاد بنظره ل بسمة التى هزت كتفيها علامة قلة الحيلة ليتبع ولده بلا تردد ، نظرت لها نسمة : هو فى إيه ؟ كابوس إيه اللى يفزعه كده ؟؟
جلست بسمة وعادت بنظرها للتلفاز : كابوس عادى ، اللى يخوفه مش شرط يخوفنا ..
نظرت لها وزفرت بمبالغة مدعية الضيق : يعنى مثلا انا لو حلمت بهزيم بتاعك يبقى كابوس .
ضحكت نسمة وتناست تساؤلها وهى تعود لمتابعة برنامجها : هزيم كابوس !!! ماتفهميش فى الجمال خالص .
صمتت كل منهما عند هذه النقطة فما يستجد من حوار لا ينبغى أن يتم لتأثيره السلبى على كليهما .

****

دخل طايع حجرة إياد ليجده متقوقعا يحتضن ركبتيه ويجذبهما لصدره بقوة ، تحركت عينيه فقط نحو أبيه وللحظة واحدة قبل أن تهربا مجددا .
اقترب طايع وجلس بجواره ، مد كفه يداعب خصلاته المندية ثم هبط إبهامه لأعلى شفته العليا ليقول بحنو : شنبك خط يا إياد
حرر إياد يمناه ليرفعه أيضا متلمسا تلك الشعيرات الخفيفة التى تكلل شفته العليا وهو يقول ببراءة : بابا مفيش شنب بيعمل كده . انت بتضحك عليا
ضحك طايع فهو لم يكن يتخيل أن هذا السبب خلف ما يحدث مع إياد مؤخرا ، ورغم ذلك كانت ضحكته متألمة لقد قصر فى حق صغيره ولم يحطه علما بما قد يطرأ عليه فى مرحلة البلوغ ونتيجة تقصيره ذا فزع صغيره بهذا الشكل ، حمدا لله على براءة صغيره الشديدة فتى غيره فى مثل عمره كان ليلجأ لأحد أقرانه وكانت مضاعفات تقصيره هنا ستغدو اخطر ، ربما لتأخر علامات البلوغ نظرا لخصوصية حالة إياد أثر في تقصير أبيه الذى ظن أن الحديث عن هذا الأمر باكرا جدا ، أخبره الطبيب ألا يتعجل الأمر فأصحاب متلازمة داون لا يجب مقارنتهم بأقرانهم من نفس المرحلة العمرية  ، ظهر الضيق على وجه إياد لتخبت ضحكاته خاصة مع زيادة تقوقع إياد ونظرته اللائمة ، عاد يربت فوق رأسه : شنبك خط يعنى كبرت .. بجيت راچل
قطب جبينه بغضب مصطنع : هتفضل نايم إكده ؟؟ اتعدل وانا بتحدت وياك بلاش عمايل الصغار دى .

اعتدل إياد جالسا لكن برفض ظاهر ، رفع طايع ساقيه وجلس بأريحية فوق الفراش ليقول : تعرف الكابوس اللى شوفته ده مش كابوس ولا حاچة
ضم إياد ساقيه لصدره وزاد اضطرابه ليتساءل أبيه وقد غلف الحنان صوته  : انت شوفت كوابيس جبل سابج . زيه يعنى ؟
هز رأسه ولم يتحدث ليتابع أبيه : وما سألتنيش ليه ؟
تهرب بعينيه خجلا ليصمت طايع لحظات ثم يتحدث بهدوء : إحنا البشر يا ولدى ربنا خلجنا لينا احتياجات فطرية المفروض نشبعها ، الراچل منينا فى مرحلة البلوغ بتبدأ تظهر وتزيد عنديه بعض الرغبات وهو فى الوجت ده مايجدرش يشبعها بشكل شرعى ولأن ربنا عارف إن ده هيحصل خلج لينا متنفس للرغبة دى مش حرام وفى نفس الوجت بيريح الجسم ..المتنفس ده اسمه احتلام ، بيحصل والانسان نايم وربنا مايحسبوش عليه لأن النائم إيه !!
أجابه إياد مسرعا : مرفوع عنه القلم .
ابتسم طايع : براوة عليك . يبجى اللى يحصل والنفر منينا نايم نوم طبيعى بردو طبيعى وكل الرچالة بيحصل لهم إكده وغلطتى انى مافهمتكش اكده .
تساءل إياد : كل الرجالة ؟؟
أكد طايع : كل الرجالة ..انى غلطان كان لازمن افهمك جبل ما ده يحصل اساسا ، انت مش درست البلوغ ؟
أجابه بعفوية : بس ماخدناش الحلم فى العلوم
ضحك طايع : طيب بعد إكده لما تحصلك حاچة ماتفهمهاش اسألنى طوالى اوعى تسأل حد تانى
ربت فوق ذراعه : انت مش زى حد .. انت انضف كتير
صمت لحظة ثم انتقل ليجلس جانبه ويحيط كتفيه بذراعه هامسا : المهم تفهم دلوك لما يحصل اكدة تعمل ايه ،لازمن تتطهر والاغتسال من الاحتلام كما  يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيانه لصفة الغسل: غُسْل الجَنابة له صفتان: صفةٌ مُجزِئَةٌ، وصفةٌ كاملةٌ أما الصفةُ الْمُجزِئة فأَنْ يتمضْمَضَ ويستنشِق ويَعُمَّ بدَنَه بالماء ولو دُفعةً واحدةً ولو ينغَمِس في ماءٍ عميقٍ. وأمَّا الكاملة فهي أنْ يغسِل فَرْجَه وما تلوَّثَ مِن آثارِ الجَنابة ثُمَّ يتوضَّأ وُضوءاً كاملاً ثُمَّ يَحْثُو الماء على رأسه ثلاثاً حتى يروِيَه إلى أصول شَعْره ثم يغسل شِقَّه الأيمنَ ثُمَّ شِقَّه الأيسرَ. فهمت يا إياد ؟
نظر له إياد بتيه ليبتسم : طيب افهمك اكتر .

****

مر يومين وكانت الأمور بالنجع مستقرة إلى حد كبير ، العمل على قدم وساق للتجهيز لدمج اكبر عائلتين ومع اختفاء منصور زاد الاستقرار خاصة فى منزل زيدان الذى يؤثر غياب منصور عليه تأثيرا إيجابيا .
أما سليمة فمنذ عرفت بما ينتويه ابن عمها شعرت بأنه ذبحها حرفيا ، قلبها ينزف وعقلها يرفض التصديق أنه سيصل لتلك الدرجة من الإنحطاط ، تبدى سعادة زائفة وتساعد في تجهيز منزلها سابقا ليكون منزلا لزواج ولدها الوحيد .
فى منزل رفيع ...
ينحنى سويلم ملتقطا حذائه فى عجالة ثم يتحرك فيختل توازنه ، اعتدل واقفا وهو يسحب حقيبته خلفه ويهرول خارج الغرفة أوقفته سيلين مشاغبة كالعادة : بالراحة يا عم هتقع .
نظر لها بغيظ : روحى شوفى مذاكرتك وهملينى فى حالى .
تخصرت ونظرت له بعند : يا سلاااام كل ده علشان مسافر مصر !!
ابتلعت ما تبقى من كلماتها حين ترك الحقيبة واتجه نحوها ورفعت كفيها بتلقائية تحكم إغلاق فمها ليقول : المهم انك أجبن خلق الله مافكيش غير لسان .
أقبلت رنوة تحمل علبة لتتأفف : يابنتى اكبرى بقا وبطلى مناكفة انت مابتزهقيش ابدا ؟؟
نظرت نحو سويلم : خد يا حبيبي دى هدية لعروستك وسلم لى عليها ولولا الظروف كنا نزلنا كلنا ، معلش ملحوقة فى الفرح إن شاء الله .
تناول العلبة منها متسائلا : فيها ايه دى ؟
مايخصكش
أجابته أمه بحدة لتنفجر سيلين ضاحكة ، هز رأسه بأسف وعاد لحقيبته : انا ماشى جبل ما افتح راسك
فتح الباب ليجد دياب بالخارج : اتأخرت ليه هم شوية .
مد ذراعه يلتقط منه الحقيبة ويهرول نزولا ويتبعه سويلم محتفظا بهدية أمه .

****

غادرت عفاف المنزل لكن يصحبها والدها هذه المرة فمنذ تمت خطبتها لا تتحرك بدونه ، وصلا للجسر القديم الذى عليهما تجاوزه ليستوقفهما مصطفى فى مجازفة منه ، تقدم نحو عفاف فورا : ازيك يا بنت عمى ؟
نظر له زناتى بحدة : مالاكش صالح بيها ، هو انى مش راچل جدامك يا واد ضاحى ؟
ارتبك مصطفى : ماجصديش يا عمى .
لم يتخل زناتى عن حدته : بس دى مش أول مرة توجف فيها بتى فى الطريج وتانى مرة تحصل ماهيحصلش طيب ابدا .
قبض مصطفى كفه بغضب لتهديد زناتى الواضح لكن توقف سيارة دياب أمامهم اسكت الجميع ليترجل عنها دياب وسويلم الذى تساءل : فى حاچة يا عمى ؟؟
نظر لهما زناتى : لاه
دياب : مادمت مع عفاف يا عمى اركبوا اوصلكم المدرسة فى طريجنا .
أشار زناتى لابنته برأسه فاستقلت المقعد الخلفي بصمت وتبعها لينظر دياب ل مصطفى بغضب ويقول سويلم : فكر فى تصرفاتك يا مصطفى لأن بعد إكده محدش هيسيبك تغلط واولنا عمى ضاحى .

غادر الجميع ليقف مصطفى للحظات مراقبا ابتعاد السيارة حتى اختفت ، لقد هدده سويلم أيضا ، لم يستصغرون شأنه لهذه الدرجة !!

ما إن ابتعدت السيارة حتى ابتسمت عفاف ونظرت لوالدها : روج بالك يا بوى . دى حاچة مش مستاهلة
نظر لها أبيها دون أن تغيب الحدة عن ملامحه : ده كأنه مش منينا ولا يعرف عوايدنا ، لما يوجفك إكده بدل المرة كام مرة ماتبجاش نيته سليمة واصل .
نظرت نحو دياب : ماتخافش كل مرة كان واد عمى بيوجف له .
نظر أيضا نحو دياب الذى ابتسم بشحوب : صوح يا عمى وبت عمى بألف راچل مايتخافش عليها .
وعاد بنظره للطريق سامحا للصمت بفرض سيطرته على الجميع واكتفى بالصخب الدائر بين أضلعه فهو منذ عدة أيام يتخبط بشكل يزعجه للغاية بينما ابتسمت عفاف للهدوء الذى يغلفه ، يبدو أن دياب مقبل على مرحلة جديدة بحياته وهى لن تكون جزءا منها .

******
أقبلت بسمة نحو طاولة الطعام  : بابا بعد اذنك ممكن اعزم سويلم على الغدا النهاردة ؟
أسرعت ليليان تقاطع رد طايع : لا ماينفعش إحنا اليومين دول الدنيا ملخبطة ولا ناسية إن كتب كتاب اختك بكرة .
نظرت لأبيها الذى قال : بس سويلم مش غريب وفى كل الأحوال هنچيب اكل چاهز
ونظر لابنته : خليه يا بسمة ياچى .
اومأت بصمت لكن بداخلها جزء ما يشعر بالرفض والنفور تحاول وأده خوفا من تمكنه من قلبها لتنهض بعد لحظات معتذرة لارتباطها بمحاضرات هامة .

نظر طايع لزوجته بحدة بعد مغادرة صغيرته وغادر أيضا ، لا يريد مزيدا من الخلافات أمام أعين أبنائه وخاصة إياد الذى يجاهد للحفاظ على حالته النفسية مستقرة .

*"*****

غادر سويلم محطة القطار بالقاهرة ليجد سيارة حمزة تتوقف أمامه ، ابتسم واتجه نحوه فورا فهو لن يتمكن من صف السيارة فى هذا الزحام الشديد . استقل السيارة بجواره فورا : كيفك يا واد عمتى ؟
ابتسم حمزة : الحمدلله ، اذيك انت يا سويلم ؟
ابتسم سويلم بصفاء : انى زين الحمدلله .. لكن انت لاه . فيك إيه ؟؟
لم يراوغ حمزة وكأنه كان بإنتظار تلك الفرصة فقال فورا : انا هتجنن يا سويلم ، بابا فرحه بكرة ومصمم يتجوز . انا مش فاهم ماما عمرها ما قصرت معاه في حاجة .
حك سويلم جبهته بتوتر : شوف يا حمزة ، انت كأبن عمرك ما تفهم اللى بين امك وابوك ولا حد يجدر يحكم بنتاتهم احسن منيهم . ولانى خابر عمتى زين بجولك إذا كان فعلا عمى محمد چاى عليها بچوزاته دى ماكانتش سكتت واصل . هى خابرة إنها جصرت معاه ومش لازم تجولكم اكده وممكن ماتعترفش من أصله لكن من چواها فى حاچة هو محتاچها وهى ماجدراش تعملها . بلاش تظلم بوك يا حمزة .
نظر له حمزة بحدة ليتابع : طيب انت اتكلمت مع عمتى فى الحكاية دي ؟
نفى مسرعا : لا طبعا انت عاوزنى اوجعها بكلامى انا كمان ؟

*****

استيقظ محمد متأخرا بتعمد منه فهو لا يريد مواجهة جديدة مع ولده الذى أصبح يرفضه تماما وزاد هذا الرفض من مكابرة رحمة وعنادها حتى أنها منذ ليلتين هجرت فراشه وافترشت أريكة جانبية ، لكم يحتاج دفئها الذى تمنعه إياه لكنها لم ولن تتغير .
نهض عن الفراش بتثاقل متجها للخارج وهو على ثقة أن ولديه غادرا .
وجدها تجلس بهدوء مستفز تتابع مواقع التواصل كعادة مستجدة لها ، اقترب ووقف أمامها متسائلا : ممكن تحضرى لى الفطار ولا أحضره لنفسى ؟
أجابته بحدة : حضره لنفسك
ابتسم بسخرية : ما أنا عارف .. بس مش عارف نمتى على الكنبة ليه هى تفرق يعنى ؟
رفعت وجهها تنظر له بحدة : ماتفرقش طبعا بس لازم تفهم انى حرة ومش طايقاك جنبى
ضم قبضته بقوة لتنفر عروقه ثائرة : واحد غيرى كان كسر دماغك وريح نفسه كل ليلة ..
قاطعته ساخرة : يعنى ماعملتهاش !!
خرج عن سيطرته ليقترب جاذبا حجابها الذى تصر على ارتدائه وطالت قبضته خصلاتها لتشعر بالألم فتزم شفتيها بقوة ليصيح بغضب : عملتها علشان تعرفى انى اقدر وسايبك بمزاجى .. مش انا الراجل اللى يغصب مراته حتى لو كانت زيك
ودفعها لتسقط فوق الأريكة وقبل أن يتابع قاطعته صرخت ابنته : بابا

انتفض ونظر خلفه ليرى صدمتها تعتلى ملامحها فيعود ل رحمة بنظرة لأئمة ، تلعثمت فهى للمرة الأولى تتغاضى عن وجود أطفالها بالقرب أثناء خلافهما ، لكنها تعترف داخليا أنها لم تحاول أن تخبره بوجود زينة وتعترف أيضا أنه يثق بعدم وجودها ويسوءها أنها أرادت إظهاره بصورة سيئة أمام صغيرته متعمدة ، بالفعل فعلت هذا لكنها لن تعترف فقالت بعند : انت اللى قايم تقول يا شر اشتر .
لم تزل صدمته ليتساءل : انت ازاى بقيتى كده ؟ انا قصرت معاكى فى إيه ؟ امته وصلتى لكده وازاى ؟؟

دار على عقبيه مواجها ابنته : زينة انت فاهمة غلط .. حبيبتي انا ..
قاطعه فتح الباب ودخول حمزة وسويلم لتندفع زينة نحو حمزة فتستقر بصدره : خبينى يا حمزة .
نظر لها سويلم بدهشة ومحمد بألم بينما تحركت رحمة نحو سويلم وكأن شيئا لم يكن : حمد الله على السلامة يا سويلم .
ابتسم لها : الله يسلمك يا عمة

وقف محمد متحيرا عاجزا وحمزة يجذب شقيقته نحو غرفتها بصمت .

******

تصدر الحاج زيدان رأس الطاولة واجتمع حوله ابنه وابنته وأحفاده ، الأقرب له دينا وفى المقعد المقابل همت التى لا تخفى علامات الهزال التى بدت عليها بجانبها أمها سليمة تبرع فى اخفاء ألمها النفسى وفى المقعد المقابل شقيقها حسين الذى يجاوره ولده البكرى يزيد ويقابله هاشم وأخيرا يجلس زيدان الصغير يختطف نظرات مختلسة لابنة عمته البريئة التى لا يفهم حتى الآن كيف أخفاها أبيها عنهم كل هذه السنوات .
تعبث همت بصحنها لتحمحم دينا فتنظر لها فورا ، هزت رأسها نفيا لتمتنع همت مع ابتسامة واسعة ، ابتسم زيدان برضا واستحسان للتقدم الذى تحرزه همت ليتساءل زيدان الصغير : الوكل ماعاچبكيش يا همت ؟
تلفتت همت بدهشة قبل أن تنظر له ليجد فرصة سانحة فى تأمل ملامحها بينما قالت ببراءة تأسر القلوب : لا أحبه ، كل الأكل أحبه .
لم يحد بعينيه عنها ليقول هاشم : بعد اذنك يا چد هاخد همت المركز بدى اطمن عليها جبل ما انشغل عنيها فى تجهيزات الفرح .
أومأ زيدان بتفهم فكما أخبرته ابنته أن انقطاع همت عن الطعام وزهدها فيه بداية أزمة صحية دائما لذا عليهم الحيطة والحذر بينما تساءل زيدان الصغير : تطمن عليها ليه مالها ؟

لم يتعجب الجد تساؤل حفيده فالفتاة لم يعرفها إلا مؤخرا لكنها تطوعت بالإجابة بدلا عن الجميع الذين اسكتهم الخوف من التحدث أمامها لتقول : جلب ..همت وحش ..وحش اوي.. بيوچعنى .
نظرت لها دينا بشفقة بينما نظر لابن عمته بصدمة : جلبها ؟؟

أومأ هاشم بصمت وألم ليصمت الجميع لكنها لم تصمت وتحركت كفها لتعبث بشعيرات ذقن جدها الفضية : بس ..بحبك يا ..زيدااان
ابتسم لها جدها : وانا بحبك يا جلب چدك .
بدأت تنظر لكل منهم وتذكره بإسمه لتخبره أنها تحبه ببراءة شديدة .
وحين حان دوره قاطعها جدها : همت تروحى المركز تتفسحى ؟؟
نظرت له بدهشة فتابع : هاشم يوديكى للدكتور وبعد إكده تروحى مع امك ودينا تشتروا شوارها
صفقت بحماس : نچيب فستاااان أروسة لدينا ؟
ابتسم زيدان : امال ما هي عروسة .
تبدلت ملامحها فى لحظة : وانااا بدييى فستان أاا أروسة بردو بس   ..همت مش أروسة .

صدمة اعتلت وجوه الجميع خاصة امها واخيها فهما يعلمان حالتها الصحية جيدا ولم يعتقد اى منهما أنها قد تفكر في هذا الأمر لكن الجد تدارك الأمر سريعا : مش لازمن تبجى عروسة لأچل تلبسى فستان . انى هخليهم يچيبوا لك احسن فستان .
صفقت بحماس كبير للحظات قبل أن تخبو حماستها تماما ويشحب وجهها وقد تثاقلت انفاسها أيضا وفى لحظة ارتطم رأسها بالطاولة لينتفض الجميع فزعا .

******
دخل ضاحى لمنزله وهو يصيح : ريتاااا .. ريتاااا
هرولت نحوه : فى إيه يا ضاحى ؟؟
دار لينظر لها متسائلا : ولدك فين ؟؟
اتسعت عينيها : ولدى مين ؟؟
تقدم ضاحى بإندفاع : اللى مش هيهدى له بال إلا اما يولع الدنيا ويجلب النفوس ويجطع مابينى وبين ولد عمى .
فهمت فورا أنه يقصد مصطفى ، لابد أنه تهور مجددا لكنها دافعت عنه : راح ل لبيب وزمانه فى الجامعة . هو عمل إيه تانى ؟
لم يجب ضاحى بل اتجه للخارج : لما ياچى يترزع إهنه لحد ما أرچع له وإلا مش هيحصل له طيب واصل
وغادر فى نفس اللحظة ، انقبض قلبها لائما صغيرها الذى فاق تهوره كل الحدود .

******
لم يتمكن حمزة من دفعها للتحدث إلتزمت الصمت ورفضت التوجه للجامعة ليتركها مرغما .
تجلس بغرفتها منذ ساعة تقريبا وحيدة تراجع ذلك الحوار الذى دار بينها وبين أبيها منذ أيام .
لقد طلب منها ألا تخاف مادام حيا ، لقد ازال مخاوفها من هجره واهماله بعد زواجه كما أنه أثناء تناول الطعام أخبرها أنه يحتاج زوجة أخرى دون أن يخبرها عن السبب وراء هذا الاحتياج .
لكنها فهمت السبب من حوارهما صباحا ، لكم ارتعبت من هذا الحوار ، أهذا ما يصل إليه الأزواج بعد أعوام من الحب !!!
لقد أخبرها أبيها أنه لم يزل على حبه لإمها ، فكيف إذا سيجرحها !!!
سؤال غامض لم تجد إجابته إلا هذا الصباح .ترى الصورة الأن بشكل اوضح ورغم ذلك عاجزة عن الانحياز إلى جانب أبيها الذى يبدو أنه يفقد الجميع .
تحركت بالغرفة حتى وقفت أمام المرآة لتحدث نفسها : طيب البنت اللي هتتجوز بابا دى اكيد هيلاقى عندها اللى ناقصه ومحتاجه ، بس حاجته كأب !! ما هو ممكن يخلف منها بردو وكده يبقى احنا انتهينا من حياته !!!
معقول !!!
لا ، بابا مايعملش كده ابدا .
عادت إلى الفراش لتلقى نفسها فيه تختبئ من كل ما يخيفها .
طرقات على الباب رفضت إجابتها رغم إلحاح أمها لتفعل .
******
انتفض الجميع فور فقدانها الوعى وكانت بين ذراعى أخيها بلحظة ، صرخ الجد فى الجميع : همو شوفوا عربية ننجلها المشتشفى .
ركض زيدان للخارج وركضت دينا للأعلى وعادت بعد لحظات تحمل عباءة سوداء ووشاح لعمتها التى تهرول خلف هاشم الذى يحمل همت .
أوقف زيدان السيارة أمام الباب مباشرة ليضع هاشم شقيقته بالخلف وتسرع أمه للجهة الأخرى ليتساءل زيدان : هناخدها المستشفى وراسها مكشوفة إكده ؟
نظر له هاشم برفض بينما أسرعت دينا بخلع وشاحها ولفه فوق رأس همت ، انحنى يزيد وهو يغلق الباب : هچيب چدى ونحصلكم ابجى خليك معايا على المحمول .
أومأ زيدان وانطلق بالسيارة وذراعى سليمة يحيطان همت بفزع ، وكم تخشى أن تكون الأخيرة .

******
وصل سويلم أمام الجامعة حيث ينتظر خروج بسمة ولم يطل انتظاره ، لحظات وكانت تتجه نحوه بخطوات سريعة ، حاول إبطاء تنفسه عله يتحكم في ترنح قلبه بلا فائدة ، كلما زادت قربا كلما زاد ترنحا .
توقفت اخيرا أمامه لتصدمه قائلة : سويلم وحشتنى اوى .
نظر لها وكأنه لم يستمع لما تفوهت به وكانت حروفها فى الواقع تسرى فى عروقه فتفقده اتزان عقله .
جمعت حاجبيها كرها لإشراق وجهها : مالك يا سويلم ؟
كللت الجدية ملامحه ورفع سبابته محذرا : شوفى بجى من هنا لحد ما تبجى فى دارى مفيش چلع واصل
اقترب منها خطوة : ولا كلام يچنن الجلب .. ويسكر الرأس ...
قاطعته وقد عقدت ساعديها: وإذا ماسمعتش كلامك هتعمل ايه ؟؟
زادت ملامحه جدية : ولا حاچة بس ماهتروحيش دار عمى واخدك على الصعيد واجعدك على البلاط ...
دفعت كتبها نحو صدره بحدة ليضمها بتلقائية فتتعلق بذراعه هامسة : واهون عليك اقعد على البلاط ؟؟
ضيق عينيه: ماتهونيش طبعا اخدلك سرير ابوى .
تبدلت ملامحه لترفع كفها تكتم صوت ضحكتها فيتساءل : كتبنا الكتاب وعمرى ما سمعت ضحكتك .
زادت ضغط كفها فوق فمها ودفعت كتفه بكتفها ليتقدم للأمام فى اسعد حالاته فهى للمرة الأولى بحياته بهذا القرب .
*****
دخلت وفية للمتجر لتجد محمد يدفن وجهه بين كفيه ، اقتربت وطرقت فوق مكتبه برفق ليصيح : انا مش قلت ...
وذابت صرخته مع صدمتها منها ليقف فورا : وفية ، انا اسف فكرتك حد من العمال و...
قاطعته : مالك يا محمد ؟؟
حاول التبسم : ولا حاجة شوية صداع .
جلست أمامه : لا مش صداع .. انت حاجة مزعلاك جامد .. حد من الولاد ضايقك .
ارتمى فوق المقعد بإنهاك لتصمت للحظات قبل أن تقول : محمد إحنا لسه على البر ومفيش حاجة تلزمك تكمل ولادك ...
رفع كفه لتصمت فيقول : ولادى بكرة يفهموا لكن أنا محتاج لك يا وفية
ابتسمت وفية : وانا عمرى ماهسيبك ابدا .
غير مجرى الحديث : انت جاية منين ؟
أجابته : انا مش جاية انا رايحة اجيب حاجات نقصانى ضرورى وقلت اعدى اقولك انى خارجة .
أومأ بصمت دون أن يتعرض لرفض أبيها مهاتفتها له رغم تأكده من ذاك ، كلاهما يتعرض لضغوط شديدة لكن لا بأس سيتجاوزان هذه الفترة معا .
ابتسم لها بود فهى تتعرض لضغوط مثله لكنها تبدو اقوى فقد ألقت الضغوط جانبا وقدمت بنفسها إليه .

****
وصلت السيارة للمشفى ليحمل هاشم شقيقته فورا للداخل وتتبعه أمه ، وضعها فوق الفراش المدولب ليهرولا خلفه ككل مرة نحو غرفة العناية الفائقة .
اغلق الباب دونهما لتنظر له أمه بفزع : خيتك فيها حاچة يا هاشم ، دى اول مرة تغمى علطول إكده .. كانت تجطع الوكل يوم وتنين وماتغماش واصل .
ربنا يستر يا امى . دلوك الدكتور يطمنا .
حاول أن يبثها طمأنينة يفتقدها كليا ،ومع فزعهما لم ينتبها ل زيدان الذى يقف بالقرب منهما قلبه ينتفض حرفيا .

******
دخلت حياة للغرفة خلف محمود مباشرة فهو منذ أيام يتهرب منها فما تريد أن تحدثه فيه لا يخفى عليه ، كان يبدل ملابسه لتتساءل مباشرة : هتفضل تتهرب منى كتير ؟؟
لم ينظر لها وقال : مابتهربش ولا حاجة . قولى لى ابنك عمل إيه ؟
جلست فوق الفراش : ولا حاجة سناء قالت لي راح زعق شوية وعاصم ضربه قلم واتهمه إنه ضيع بنته وإنه هيبلغ عنه .
أومأ محمود : كويس . وانت اخدت هيا للدكتورة .
حياة : طبعا وقالت الحمدلله بقت احسن وطمنتنا . وانت بقا ؟
نظر لها مستفسرا : انا إيه ؟؟
أنهى تبديل ملابسه ليجلس فوق الفراش فتقول حياة بحدة : محمود من امته بتلف وتدور .
تأفف محمود : فى إيه يا حياة ؟ هو شكل وخلاص ؟
وقفت أمامه : فى انك بتتخلى عن اخوك الوحيد . اخوك يا محمود .. محمد اخوك الصغير
ارتمى فوق الفراش : عارف يا حياة بس مش قادر اساعده .. هيخرب بيته بإيده ..
قاطعته بهدوء : وليه مايكونش بيحافظ على بيته ؟؟
اعتدل بحدة : يحافظ على البيت بزوجة تانية ؟
اقتربت وجلست أمامه : محمود انت قولت بنفسك إن البنت مش طمعانة فيه .. ليه ماتكونش بتحبه بجد وهتسعده ؟
رفع عينيه لها : ورحمة ؟؟
أحاطت وجهه بكفيها : مالها رحمة ؟ رحمة هتفضل طول عمرها أم ولاده عمره ما يأذيها ابدا .
نظر لها بحزن : هو فى أذية اكتر من كده ؟؟
تسللت أناملها لخصلاته التى خط الشيب فيها بعضا من علاماته لتقول : محمود اتنين في بيت واحد محدش يعرف اللى بينهم غير ربنا ، زى ما انت مستغرب إن محمد هيتجوز انا مستغربة إن رحمة ماحاولتش تمنعه لكن مانقدرش نحكم عليهم وماينفعش اخوك يروح بكرة كتب كتابه لوحده .. فرضنا إنه غلطان ،نتخلى عنه كلنا كده ! نقطع عليه طريق الرجوع وتقوله مالاكش مكان وسطنا ولا فى قلوبنا .
صمتت لينظر لها محمود فتتابع : مش انت يا محمود اللى تعمل كده . مش انت ابدا .
عاد محمود يرتمى لكن بين ضلوعها حيث يمكنه دائما أن ينزع كل مايرتديه من شجاعة وصلابة وجلد وان يعرى مخاوفه جميعا لتواريها هى بحنان حتى تتوقف الرجفات وتحل السكينة متسللة من أضلعها فتغرس جذورها بصدره حيث يحتاجها تماما .
*****

مر الكثير من الوقت ولم يخرج الطبيب من غرفة العناية الفائقة بل لحق به عدة أطباء ، جلس الجد فوق مقعد معدنى بجواره سليمة التى فقدت ساقيها القدرة على حملها أما الجميع فيقف بلهفة منتظرين خبرا عن همت والتى يبدو أنها ليست بخير مطلقا .
ورغم وجود الجميع لم يتقدم زيدان خطوة واحدة للقرب منهم ، وكأنه ينتظر ما سيفصح عنه الطبيب ليلوذ بالفرار مما سيتفوه به .
اخيرا فتح باب الغرفة ليندفع الجميع نحو الطبيب المكفهرة ملامحه ، دارت عينيه على الأوجه بتعجب ونظر ل هاشم متسائلا : مين دول والحج منصور فين ؟؟ في حاجة لازم يعرفها .
ولم ينتظر زيدان الصغير أن يسمع وتقهقرت خطواته للخلف والفزع قد استوطن أضلعه معلنا سيطرة تامة أمرت ساقيه بالفرار ففعل دون تفكير .
عليه أن يفر فقط .
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل السابع عشر من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا

الاسمبريد إلكترونيرسالة