مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادى والعشرون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الحادى والعشرون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
|
وصلت زينة للجامعة بصحبة حمزة كالعادة ليتوجه الأخير بعد أن اطمأن لوصولها ليدرك محاضراته بينما اتجهت إلى تجمع من زميلاتها ، وقف مازن يراقب انصراف حمزة حتى تأكد منه ليلحق بها فورا .
اقترب مازن من تجمع الفتيات ليبدأن بالغمز وتشعر زينة بالحرج ، لم تكن تشعر بهذا الحرج مسبقا ، إقترب مرحبا : صباح الخير يا بنات ، ازيك يا زينة ؟
بادلنه التحية ليتابع فورا : زينة عاوزك فى موضوع مهم جدا تسمحى بدقايق ؟
وقبل أن تعترض بدأت الفتيات يعتذرن ويبتعدن لتنظر له بحدة : نعم يا مازن ، إيه الموضوع الضروري اللى يخليك تحرجنى كده ؟
اقترب منها خطوة : إحراج إيه بس يا زينة انا ابن عمك قبل اى حاجة !!
أغمضت عينيها بضيق ليتابع : عموما يا ستى انا عاوزك فى موضوع يخص مستقبلنا .
فتحت عينيها تنظر له بدهشة : مستقبلنا !!
عقدت ساعديها وتساءلت بتهكم : هو انت لاقيت مراتك ؟
زفر بضيق : لا مالقيتهاش ولولا بابا مانعنى كنت طلقتها غيابى . الجوازة كانت غلط من الاول .
لم يزد حديثه ملامحها إلا ضيقا لتقول : فعلا كانت غلط .. اللى زيك حرام يتجوز ويظلم بنات الناس معاه .. البنت ماقعدتش شهر واحد وطفشت منك رغم إنكم متجوزين عن حب ..
قاطعها مازن : لا حب ايه !! دى كانت جوازة كده وخلاص .. تضيع وقت وانبساط مش اكتر .
ارتفع حاجبيها بدهشة : تضيع وقت !! ومن امته الجواز كان تضيع وقت !! انت متخيل احساس هيا ولا احساس أهلها ؟؟ طب حاول كده تحط مروة مكان هيا !! خلى اختك تتجوز شهر وجوزها يقولك اصلى كنت بضيع وقتى وانبسط معاها ؟
زفر بضيق : انت مكبرة الموضوع كده ليه !! زينة سيبك من كل ده انا عاوزك تفهمى حاجة مهمة جدا .
استدعت صبرها وتساءلت : حاجة إيه ؟؟
ابتسم مازن : انا بحبك يا زينة .. بحبك واتمنى تبقى معايا
تقطعت كلماته مع ملامح النفور الشديد البادى عليها لتقاطعه بحدة : بتحبنى !! وتتمنى تبقى معايا قد ايه بقا ؟؟ شهر زى هيا كده ولا اقل ؟؟
قاطعها مازن فورا بحدة: زينة ماتشبهيش نفسك بحد
لانت نبرة صوته متابعا : انت غالية اوى يا زينة .. انت مش زى البنات .. انت بكل البنات .. انت حبيبتى يا زينة .. حبيبتى اللى حبها اتولد وعاش في قلبى من سنين .. حبيبتي اللى كبرت قدام عنيا يوم بيوم .. حبيبتي اللى اتمنى اعيش معاها عمرى كله .. عمرى كله فى ايدك انت يا زينة .
ظلت تطالعه بصمت ، لطالما حلمت باللحظة التى يعترف فيها بحبه لها .. طالما تخيلت رد فعلها وجنون قلبها .. لطالما تراءت لها سعادتها بهذا الإعتراف ؛ لكن لم يحدث أى من ذلك . لم يسعد قلبها بكلماته ، لم تختلف دقاته بل لم تكن كلماته سوى محركا لغضبها وثورتها .
تركته أنهى حديثه ثم قالت : معاك حق ، انا مش زى حد وغالية فعلا وعلشان كده عمرى ماهكون حبيبتك ولا هيبقى بنا اكتر من كونك ابن عمى وده للاسف مش بإيدى اغيره .
رمش عدة مرات بتوتر غير مستوعب لتلك الكلمات التي تقذفه بها بينما نظرت في هاتفها لتتابع : روح يا ابن عمى دور على مراتك هى اولى بيك منى ومن اى واحدة تانية
تلفتت حولها وهى تشير للفتيات : عن اذنك عندى محاضرة مهمة لازم الحقها علشان مسافرين الصعيد . ابقى سلم لى على عمى .
وابتعدت وهي تشعر أنها تخطت أسوار وهم عاشت به لسنوات ، مازن لم يكن لها يوما ولن يكون .
******
أخبر رحمة أنه مرتبط بموعد هام وسيعود سريعا ورغم تيقنها أنه ذاهب لزوجته الأخرى لم تحاول منعه أو تعطيله .
غادر محمد منزله الذى أصبحت الحياة فيه شديدة البرودة ، رحمة بدأت تتعامل معه بتحفظ دون أن تحاول التقرب منه أو السماح له بالتقرب منها ، حمزة يعامله بجفاء شديد بالكاد يتقابلان فى أيام وجوده بالمنزل أما زينة فهى الشئ الوحيد الذي يربطه بهذا المنزل بعد .
عليهم جميعا التوجه للصعيد لحضور زفاف دياب وإشهار عقد قران سويلم لذا أراد أن يحظى بلحظات أخيرة بالقرب من وفية قبل أن تحتل البرودة حياته لعدة أيام في غيابها فعادة حين تسافر رحمة للصعيد تفضل الإقامة لفترة ولم يكن يرفض ما يسعدها مطلقا .أما تلك المرة فهو غير واثق من تحمله تلك الفترة.
فتح الباب بهدوء ظنا أن وفية نائمة في هذا التوقيت المبكر خاصة مع علمها بتغيبه اليوم عنها ، وقف يطالعها وهى تتصفح هاتفها وامامها فنجان من القهوة ، عليه أن يعترف سيفتقدها بشدة ، إنها لا تتزين لوجوده فحسب رغم أن هذا كافيا لإسعاده ، لكنها تحب أن تحافظ على هيئتها المرتبة وكم هذا مريح له كزوج !!
ابتسم لإندماجها الشديد مناديا بصوت خفيض : وفية
تنهدت وفية وابتسمت ، هزت رأسها نفيا وهي تقول : اتجننتى يا وفية !!
ضحك لترفع وجهها نحوه بلهفة : محمد انت هنا فعلا !!
ألقت الهاتف وانطلقت نحوه دون تردد ، تلقاها بدفء ممتع لتهمس : من كتر ما بفكر فيك كتير يتهيألى انك موجود معايا .
أحاطت وجهه : لكن مش بيتهيألى . انت هنا
عادت تسكن بين ثناياه ليغمض عينيه براحة تامة مكتفيا بهذا الدفء الذى يتشربه منها ، ابتعدت بعد مدة لم تحصيها لتمسك كفه وتنطلق للداخل : تعالى نفطر سوا .
لم يكن ليعترض على اى ما يمكنه أن يجمعهما سويا ، جلس إلى الطاولة وهى تتحرك حوله بحماس وتضع المزيد من الاطباق أمامه دون أن ينظر إلى ما تحويه .
*****
دقق طايع النظر لابنته التى لم يبد عليها اى توتر متسائلا بعد دقائق : خطيبك إيه ؟؟
هزت كتفيها بلا مبالاة : مش عاوزنى اروح الصعيد عادى يا بابا روحوا انتو .
امتعضت ملامح طايع : عادى كيف يعنى ؟؟ انت ناسية إن هنعلن عجد اختك ولا إيه ؟؟
حاولت ليليان منع الخلاف : انا ممكن أكلمه وأقنعه ..
قاطعتها نسمة بجدية : لا يا ماما من فضلك إحنا اتناقشنا وانا مقتنعة بوجهة نظره ، كمان عندى شغل في كل الاحوال .
تساءلت بسمة بتردد : يعنى انت مش عاوزة تيجى ؟؟
نظرت لها مباشرة لتقول : بالضبط كده .
غادرت بسمة الطاولة فورا ليلحق بها إياد دون تردد بينما نظر طايع ل نسمة : وإذا جلت لك هتسافرى يعنى هتسافرى ؟؟
تنهدت بضيق : بابا من فضلك بلاش تحرجنى قدام خطيبى وأهله اكتر من كده .. وبلاش تحطنى بينك وبينه هو خطيبى وحضرتك ابويا وانا مش عاوزة ازعل حد منكم .
عادت ليليان تحاول رأب الصدع : خلاص يا طايع سافر انت والولاد وانا هقعد مع نسمة .
نظر لها بفزع : انت بتجولى إيه ؟؟ بدك اسافر واهملك انت وياها لحالكم إكده ؟
لم يكن يتخيل أن يصل بها التخلى عن بسمة لهذا الحد ، أن ترفض مشاركتها فرحتها ، كان بالماضي يظن أن تفريقها بين الفتاتين لن يؤثر عليهما وأنه قادر على احتواء الموقف لكنه كان مخطئ تماما ، لقد أثرت بشكل أسوأ من كل ظنونه وإن كان بالأحرى ب بسمة أن تكره تفضيل أمها شقيقتها إلا أنها لم تفعل وفى المقابل فضلت نسمة نفسها على الجميع ، هى فتاة أمها المفضلة ، هى الناجحة قوية الشخصية ، هى المستقبل المشرق .
طال الصمت حتى قطعه مغادرته أيضا لتنظر ليليان نحو ابنتها بضيق إنها تتمنى أن تنهى خلافها مع طايع لتأتى نسمة وتزيد مسافتهما بعدا ، كما عليها أن تعترف هى لن تسمح أن تظل نسمة وحدها ، هى حتى الآن لم تر من بسول ما يستحق ثقتها فيه كما أنها لم تر العكس أيضا لكن توتر العلاقات بين نسمة وبين الجميع ينذر بما لا يحمد عقباه .
******
دخلت بسمة غرفتها ليلحق بها إياد ، جلست فوق الفراش ليجلس أمامها بصمت ، مرت دقائق وهو ينظر لها بحزن ليمد كفه اخيرا نحو وجهها : ماتزعليش يا بسمة .
أغمضت عينيها ترفض البكاء ثم نظرت له برجاء : إياد احضنى .
لم يتردد إياد فى ضمها لصدره متحركا لليسار واليمين برتابة .
أرخت جفنيها مستسلمة لحنان أخيها ، ليت الجميع مثل إياد .
ليت شقيقتها تحظى بنصف براءته .
ليت أمها تملك نصف حنانه .
همس إياد قرب أذنها : ممكن تعيطى وانا مش هقول لحد .
ابتسمت مرغمة فطالما أخبرته تلك الجملة مع كل مساندة منها .
رفعت كفيها تتعلق بذراعيه وقد اشتدا وبدأت زهور الشباب تتفتح براعمها ببدنه بينما ظل يهدهدها لنصف ساعة كاملة قبل أن يدخل طايع للغرفة ، نظر لهما بحب ، لكم تمنى أن يكون ثلاثتهم بهذا التماسك !!
رفع إياد عينيه نحو أبيه الذى قال : إياد سيب اختك تجهز وقوم البس هنتحرك بعد ساعة .
ربت إياد فوق رأسها متسائلا ببراءة : اروح يا بسمة ؟؟
ابتعدت عنه قليلا : روح يا إياد .
ابتسم وقال بحماس : اقولك على سر ؟؟
أبدت حماسا زائفا ليتراجع : لا هتضحكى عليا .
وتحرك للخارج ليوقفه أبيه قبل أن يتجاوزه مناديا اسمه ، نظر له بتساؤل ليبتسم : انا فخور بيك يا إياد .
اتسعت ابتسامته ليرفع كفه لفمه ويتحرك للخارج فورا .
تنهد طايع واقترب من ابنته ليجلس أمامها : انا غلطت لما سمحت لها تفرق بينكم بس كنت فاكر انى أجدر اداوى اى غلط تعمله .
تلمست أنامله وجنتها بحنان : حجك على راسى يا بتى .
يمكنها اخيرا أن تحرر دموعها وان تتحرر من اوجاعها على صدر أبيها ، تعلم أنه يتسع لكل ما يؤلمها وكل ما ألمها يوما .
******
أصبح الركض خلف فراشات الحديقة مرهقا للغاية لذا نفرت منه رغم الحزن الذى يغلف ملامحها لذلك ، خرج حسين من الباب باحثا عنها : همت .. يا همت
سمعت صوته فأقبلت فى تكاسل : نعم
رأها تجر قدميها جرا إليه ليأسف لتدهور حالتها النفسية والصحية ، ابتسم ببشاشة متسائلا : مش جولت لك خليكى چوة الدار النهاردة وبكرة ؟
نظرت له بضجر : انا زهجت .
احتار فى أمره وأمرها ، يريد أن يحميها داخل المنزل ولا يعرف كيف يمكنه التسرية عنها ، توقفت السيارة أمام المنزل ليترجل زيدان عنها ، رآها تحادث أبيه ليقبل نحوها حاملا بضعة صناديق ، وقف أمامهما : همت تعالى اتفرچى على الحاچة بتاعتك
تهلل وجهها وهى تشير لصدرها : حاچتى ..انى !!!
ابتسم زيدان : طبعا هو احنا حدانا أهم منيكى !!
تعلقت بذراعه لتزيد اثقاله ثقلا لكنه لم يعترض ، نظر له حسين بحزن : ابجى تعالى في مكتب چدك يا زيدان .
ابتلع ريقه بتوتر : حاضر يا بوى
لتقاطعه همت وهى تدفعه للامام : يلا .. زيداان .
دخل معها للبهو ليضع الصناديق أرضا ويجلس لتجلس فورا ، بدأ يفض الأربطة الملونة لتسرع وتحتفظ بها ، ابتسم لها بود ليفتح الصندوق الأول فتتسع عينيها اتجهت إلى الصندوق على ركبتيها لتنظر داخله بسعادة : عر .. عروووسة
أخرجها من الصندوق مقدمها لها لتتردد مع إقبال هاشم متسائلا : جاعدين فى الأرض ليه ؟؟
نظر للعبة ولنظرة أخته السعيدة ثم لنظرات زيدان لينقبض قلبه ويضيق صدره ، ظلت تنظر ليديه بتردد ليقول هاشم بحدة واضحة : خديها يا همت .. زيدان زيى تمام . خوكى الكبير
نظر له زيدان بضيق بينما اختطفت اللعبة تضمها لصدرها وهى تنظر ل هاشم : دييى اكبر ..من العروسة .. . فاكر !!
ابتسم هاشم واومأ : فاكر يا همت
لتتابع بحماس : بس ...محدش .هي ..هيجطعها . انى هدسها زين .
وزادت ضما للعبتها لينظر له بتساؤل ، أشاح بوجهه ليزداد ضيق هاشم ويدفع الصناديق نحوها : اطلعى اوضتك والبنتة هيچيبوا لك باجى الحاچة دى .
مدت كفها بعفوية تمسك الصناديق لتمسك كفه الذى يدفعها ، سحب كفه مسرعا دون أن تنتبه وهي تتساءل : ينفع ..أخدهم معايا ؟؟
ابتسم لها لتتربع بجوار الصناديق فيقترب هاشم : تعالى يا حبيبتي انا هشيلهم .
بدأت تلملم كل ما يخص تلك الهدية بداية من لعبتها الغالية وحتى الشريط الملون .
اتجه زيدان نحو مكتب جده ليدخل بعد أن أذن له ، وجد جده يجتمع بأبيه وأخيه وثلاثتهم ينظر له بلوم ، زفر بضيق : چرى إيه يا چد هو انا عملت حاچة عفشة ؟
أسند زيدان رأسه لعصاه : وبعدهالك يا زيدان ؟؟ بت عمتك ماتنفعكش يا ولدى .. بعد عن طريجها وشاور على اى بنت فى البلد أچوزهالك .
نظر زيدان أرضا : مارايدش اتچوز يا چد وانى خابر إنها ماتنفعنيش بس غصب عني .
اقترب ليجلس أرضا أمام جده : مد يدك في صدرى وانزعها منيه يا چد .. انى كمان مارايدش وچعها اللى بينخر فى صدرى ده
اقترب يزيد ليمسك عضديه ويرفعه ، نظر له وقال : يا زيدان افهم همت حالتها متأخرة . الچواز يجتلها يا خوى .. محدش منينا كان هيعترض لو جلبها سليم .
اقترب حسين ليسحبه من بين ذراعى أخيه ويخفيه بصدره : احسن حاچة تبعد عن الدار دى .
وافقه الجد فورا : بعد الفرح سافر لأرض الچبل .
ضغط زيدان فوق ذراعى أبيه ليشعر الأخير بمدى ألمه ورفضه هذا القرار ، لقد اكتفى بما منحه القدر وهم سيحرمونه حتى من هذه المنحة .
بالأعلى دخلت همت الغرفة بحماس بينما وقف هاشم بالخارج حتى وضعت دينا حجابها وهرولت نحوه تحمل عنه الصناديق : ماخليتش واحدة من البنات تطلعهم ليه ؟؟
ابتسم هاشم : معلش مشغولين بيچهزوا للحنة .
ودار على عقبيه مغادرا لتغلق الباب وتشارك همت حماستها حول تلك الألعاب التى أهداها لها زيدان فبعد ساعات ستبدأ تستعد لزفافها وتغادر هذا البيت .
****
أراد زناتى أن يمنحها بضع ساعات إضافية للنوم ، فهى بعد ساعات ستغادره إلى حياة جديدة يتمنى أن تحصل فيها على ما تستحق من السعادة ، تسلل ليعد الفطور قبل ايقاظها لكن طرقات متتالية على الباب افزعته ليتجه له فورا .
فتح الباب ليجد سيلين ابنة أخيه وخلفها أخيها سليم يتثائب بتكاسل ، خلعت نظارتها ونظرت له : إيه يا عمى كل ده نوم ؟؟
تقدمت بلا حرج ليقول سليم : امرك لله يا عمى .. استلمت اروح اكمل نوم بقا .
وقبل أن يتحدث زناتى أوقفته شقيقته : سليم حداشر بالدقيقة تكون هنا بالعربية علشان تودينا المركز .
ارتسمت ملامح طفولية باكية على وجه سليم الذى قال : ربنا على المفترى ..
أولاها ظهره متابعا : هم يتجوزوا وانا يطلع عينى ..
غادر سليم بينما اقتربت من عمها الذى يبدو غير مدرك لما يحدث بعد ، مدت كفها تغلق الباب : مالك يا عمى اقفل الباب .
تلفتت حولها : اوعى تقولى عفاف نايمة !!
هز زناتى رأسه بأسف : ايوه نايمة انى جولت ...
لتتركه وتتحرك للامام : نايمة إيه بس هو فى عروسة تنام لحد دلوقتي ؟
أوقفها زناتى : يا بتى لسه بدرى
لكن حديثه لم يلق إلا صداه فقد اتجهت بالفعل لغرفة عفاف وبدأت في إزاحة الستائر ، فتحت عفاف إحدى عينيها تنظر لها مبتسمة : والله كنت خابرة انى هلاجيكى فوج راسى من النچمة
تخصرت سيلين : وأما انت خابرة نايمة ليه ؟؟ امال لو مش هتجوزى واد طول بعرض وأحمد عز فى نفسه كده !!
امتعضت ملامح عفاف ونهرتها : اتحشمى .. عمك لو سمعك هيچيب خبرك إن شاء الله
ضحكت سيلين وهى تشير نحوها : غيراااانة هههههههه .عمى بيتكسف مش هيجى وانا هنا .يلا قومى بطلى كسل
تأففت عفاف : طيب أفطر الأول
اتسعت عينا سيلين فى صدمة مصطنعة : تفطرى !! هو فى عروسة بتفطر ؟
انقضت عليها عفاف : يعنى هتحرمى عليا النوم والوكل ؟
ضحكت سيلين وهى تبتعد عن مرمى يدها : ايوه اللى تتجوز احمد عز بتاعك ده تقطع الاكل من اسبوع فات .
زاد غضب عفاف : جولت لك اتحشمى
رفعت كفيها للسماء : يارب بوى يسمعك .
عادت سيلين للضحك : غيراااانة هههههههه . قولت لك عمى بيتكسف ومش هيجى
لم تكن تعلم أن عمها يقف خلفها بالفعل وعلامات الصدمة جلية على وجهه ، لطالما كانت ابنة أخيه جريئة أكثر مما إعتاد عليه لكن ما لفت انتباه زناتى فى هذه اللحظة ليس جرأة سيلين بل علامات الغيرة الواضحة بالفعل في نبرة ابنته ، إنها لم تلتق هذا الشاب إلا مرات معدودة ، كذب إحساسه فى تلك المرة التى زار فيها هاشم الجمعية بعد أن قدمت لها رنوة الشبكة بيومين ، كانت ابنته مرتبكة بالفعل لكنه لم يفسر ارتباكها اهتماما به بل ظنه خجلا منه .
تحدث زناتى اخيرا بعد قليل من متابعة الفتاتين : مش هتفطروا ؟
انتفضت سيلين لكنها لم تفزع بل أسرعت نحوه تتأبط ذراعه وتدفعه للخارج : تعالى يا عمى انا عاوزاك فى موضوع ضرورى
سار معها زناتى ضاحكا : خير يا بت اخوى ؟؟ ربنا يستر من مواضيعك .
*******
كان رفيع فى غرفته يقطع الغرفة جيئة وذهابا فى قلق بالغ حتى دخلت رنوة ليهرع نحوها متسائلا بلهفة : ها نبهتى عليه ؟؟
ابتسمت له : ايوه نبهت عليه اطمن بقا .
جلس فوق الفراش يهز رأسه : جلبى مش مطمن .
أمسك هاتفه وطلب رقما وانتظر لحظات قبل أن يقول بلهفة : ها يا ضاحى عملت ايه ؟؟
صمت لحظات أخرى ليقول بتوتر بالغ : لاه مش كفاية يا ضاحى .شوف كمان عشر انفار أجل حاچة . لو مش جادر جول وانى اتصرف .
ظلت تطالعه بصمت ، تقدر مخاوفه وقلقه لكنها تشعر أنه بحاجة للمساعدة ، انتظرت حتى أنهى المحادثة لتقترب وتجلس أمامه ، رفعت كفها نحو وجهه حتى طالت جبهته ، مسد ابهامها إنعقاد حاجبيه ليغمض عينيه وتختلج عضلات وجهه فتقول : الماضى مش هيتكرر يا رفيع ماتخافش .
فتح عينيه بفزع ليقول برجاء : خليكى چارى ماتهملينيش .أنى ..أنى ..
لم تمهله ليعترف بضعفه ، بخوفه بل سحبته فورا لتحيطه بفيض من امان يحتاجه بشدة .
لحظات ودق هاتفه لينظر له بتعجب : زناتى !!!
اسرع مجيبا ليبتسم بعد لحظات ويقول : ولما تاچى زينة هشيعهالك كمان . امال انت عم وخال بالاسم ؟ البنات هيبيتوا عنديك الليلة .
*****
جلس زناتى وسيلين بينما تأخرت عفاف لتقول سيلين : ركز معايا يا عمى
نظر لها باهتمام لتتابع : دلوقتى انا وعفاف هنخلع على المركز ونسيبك ..
قاطعها زناتى : نخلع !! يا بت اتحدتى زين مش كفاية لغوتك المايعة دى !!
اعترضت بدلال : انا لغوتى مايعة !! ياعمى اللهجة الصعيدى دى مقعرة اوى و ...
عاد يقاطعها : م .. إيه !!
تنهدت بيأس : بص سيبك من اللهجة وركز معايا
زفر بضيق شديد لتتابع : اسمع بس احنا هنروح المركز وانت هتقابل الناس صح ؟
أومأ زناتى : معلوم
ابتسمت له بحماس : وطبعا البيت هيترس ستات
نظر لها بحدة لتتابع : يتملى يا عمى .ما دون العشرين ولحد ما فوق الخمسين .
اقتربت عفاف لتجلس وتقول : بطلى لف ودوران واتحدتى علطول .
نظرت لها بحدة : اسكتى انت . ركز يا عمى معايا
اعترض زناتى وهو يقطع قطعة من الخبز : انى صدعت من التركيز يا بت رفيع . ماتجولى بدك إيه من الحريم اللى هياچوا
اتسعت ابتسامة سيلين : انت سيبك من دون العشرين . هيبقوا صغيرين اوى .. وسيبك من فوق الخمسين كمان .. ركز فى النص .
كتمت عفاف ضحكتها وأبيها يهز رأسه متصنعا الفهم لتتابع سيلين بحماس : واختارلك عروسة نخطبهالك بعد ما البت دى تتوزع .
تركت عفاف العنان لضحكاتها بينما توقف زناتى عن المضغ لحظات مدهوشا ومصدوما قبل أن يخرج هاتفه ويطلب رقما نظرت له بتعجب وصمتت عفاف حتى قال : رفيع تعالى خد بتك دلوك .
عادت عفاف للضحك بينما اعترضت سيلين : الحق عليا خايفة عليك من الوحدة ؟
*******
اندفعت همت نحو النافذة حين علا صوت المزمار لتتبعها دينا التى وقفت بالخلف لتقول همت : دينا.. الحصااان هير..هيرجص
جلست دينا بجوارها : يبجى زيدان اخوى .
تلهفت همت للرؤية لتصاب بالاحباط وتقول : لاه ..مش هو .
طرق الباب ودخلت بعض فتيات العائلة اللاتى اتين للمشاركة في الاحتفال ليكون وجود همت صدمة واضحة على وجوههن ، تبادلن النظرات المتسائلة لتربت دينا فوق رأس همت بفخر : همت بت عمتى سليمة يا بنات .
لم تزل الصدمة عن الوجوه لتنظر لهن بغضب بينما قالت إحداهن : اول مرة نشوفها . كنتوا مخبينها ولا إيه ؟
لتهمس احداهن بصوت وصل ل دينا : على ايه يعنى دى حتى بالله ؟؟
وكزتها احداهن بحدة و تبسمت همت بود لجميعهن بينما نظرت لهن دينا بحدة وقالت : همت بت عمتى سليمة ست الدار اهنه واللى ماتعچبهاش ست الدار ماتجعدش فيه
تعجبت همت حدة دينا بينما تبادلن النظرات مرة أخرى لتقول احداهن : وماتعچبناش ليه ؟؟ دى همت ست البنتة
أقبلت نحوها تمد كفها بود : انا أسمى آيات يا همت وكلنا جرايبينك بنات اعمامك واخوالك .
اتسعت ابتسامة همت ونظرت دينا ل آيات بفخر وبعد لحظات تعرفت همت إليهن ليبدأن طقوس الإحتفال التى غابت عنها سليمة لإنشغالها بالمطبخ أو تشاغلها زهدا فيه .
******
حظت عفاف بحمام دافئ وبدأت تستعد لتفتح سيلين حقيبة معها وتقول : البت زينة وجبت معاكى وباعتت كل اللى طلبته ، شوفى ده حليب لوز وده حليب جوز الهند وده ...
قاطعتها عفاف : إيه كل ده ؟؟
أشارت لها سيلين لتقترب برأسها فتهمس : هقولك كلمتين حطيهم حلقة فى ودنك الراجل يا بنتى ...
ابتعدت عفاف ونظرت لها مستنكرة : انت عايشة فى دور چدتى ليه ؟؟
أشاحت سيلين بكفها : الحق عليا بنصحك . خدى يا اختى الشنطة دى حطيها فى الدولاب هوديهالك بكرة مع العشا .. على الله يطمر فيكى وتبيضى وشنا مع عيلة ابو العز
كادت عفاف أن تنهرها لتقول مسرعة : اوعى تقولى اتحشمى
هزت رأسها بأسف لتتابع سيلين : عفاف هو انت هتقولى ل هاشم اتحشم ؟؟
صرخت عفاف والقت الوسادة فوق رأسها لتركض سيلين ووسائد عفاف تلاحقها .
******
دخل ضاحى لمنزل هيبة الذى يتناول فطوره بصحبة زوجته وأولاده ، جلس مباشرة فوق أحد المقاعد وهو يقول : رفيع واد عمك عجله شت
تنهد هيبة : اعذره يا ضاحى انت خابر الليلة دى عملت فيه إيه
أومأ ضاحى : مش فيه وحديه يا خوى بس انا خلاص چبت رچالة النچع كلاتهم يحرسوا الليلة اعمل ايه تانى ؟
تساءل لبيب فورا : ليلة إيه اللى بتتحدت عنيها يا بوى ؟
لمحة من الحزن كست ملامح الجميع لتقول سما : الليلة اللى مات فيها عمك سويلم .
تمتم لبيب : الله يرحمه . بس إيه اللى حوصل لعمى رفيع ؟
نظر له هيبة : لبيب بلاش نفتح فى حاچات هتوچع الكل وأولهم عمك ضاحى اللى زمجان ده .
نظر لبيب لعمه ليهز رأسه متفقا مع أخيه فتسرع ليال وتغير دفة الحديث تماما : احلى حاچة عمتى ليال چاية وبسمة ونسمة و كمان زينة كنت چبت مريم يا عمى وعمتى يجعدوا ويانا .
ابتسم لها ضاحى : زمانهم چايين انا كنت برة من الصبح .
نظرت سما لزوجها : هنستنى ليال لما توصل ونروح ناخد رنوة ونروح كلنا لعروسة دياب ونرجع عند عفاف انا هبعت البنات من دلوقتى للطبيخ .
وافق هيبة زوجته خاصة مع تخلف والدة دياب عن الحضور الليلة واكتفت حين طلبتها رنوة بحضور حفل الزفاف ، لم يعلق أحدهم على تخلفها ذا يكفيهم تغطية غيابها بشكل اجتماعى أما ما بينها وبين ابنها فيخصهما وحدهما ، وجه لبيب أيضا لضرورة متابعة مصطفى ورغم شعوره بحرج ضاحى إلا أن الأخير أيده فليس منهم من يمكنه أن يغامر مع تهور هذا الفتى .
*****
انطلقت السيارة منذ فترة مع اعتراض مهران على بقاء نسمة وليليان وعلى السفر المفاجئ أيضا ، لكن مع غضب وحدة طايع تقبل الأمر على مضض، بدأ هو القيادة على أن ينوب عنه أخيه أو ابنه بعد فترة ، اتخذت روان من المقعد الخلفي لها مكانا ومعها خضر واياد . جلست بسمة فى مقعدا خاصا كانت تشاركها فيه اختها وأمها بينما طايع وخالد بجوار مهران .
بدأت بسمة تشعر بالدوار الذى يصيبها دائما مع ركوب السيارة لوقت طويل لتقول بوهن : بابا عاوزة انام
انتبه لها طايع : اخدتى الدوا ؟
اومأت وهى تغمض عينيها لينظر لأخيه : اركن يا مهران هرچع جمب بسمة .
لحظات واستقر بجوارها لتتمسك بذراعه بكفيها معا وتستسلم للنوم ، بعد ساعة تقريبا نظر خالد للخلف وكانت تغط فى نوم عميق ودون أن ينتبه عمه إلتقط لها صورة وارسلها ل سويلم . التفت له أبيه لضحكاته المباغتة متسائلا : بتضحك على ايه ؟
ضحك مجددا : لما نوصل هتعرف يا بابا .
******
اوقف محمد السيارة وزفر بضيق : حمزة تعالى سوق انا تعبان .
لم يعلق حمزة وترجل ليدور حول السيارة ويجلس خلف المقود .كانت رحمة تجلس بالخلف على غير العادة في السفر لكنه يعلم أنها تعانده لذا لم يلح عليها .
كانت زينة الوحيدة التي تساءلت : مالك يا بابا ؟
ابتسم لها بحنان : مفيش يا حبيبتي شوية صداع .
افسحت جانبها وقالت برجاء : تعالى جمبى يا بابا .
وكانت فرصة عظيمة له ليبتعد عن حمزة الذى لا يحاول إخفاء نفوره منه ، جلس بجوار زينة التى أمسكت كفه وابتسمت براحة قبل أن ترخى رأسها فوق كتفه ليرخى رأسه فوق رأسها مغمضا عينيه براحة .
بدأ حمزة القيادة ليشرد محمد إلى لحظاته الأخيرة مع وفية ..
عودة للوراء ...
عدل هندامه وهى تقف خلفه لا تخفى لهفتها ، نظر لها عبر المرآة لتبتسم بتوتر واضح ، اقتربت منه لتقف أمامه فينظر لها بحزن : غصب عني والله ، هرجع فى اسرع وقت .
اومأت بتفهم لتتساءل : هو انا ممكن ابقى اطلبك على الموبايل ؟
نظر لها بدهشة لتتراجع فورا : لا بلاش بعدين احرجك ابقى اطلبنى انت ل...
قاطعها محيطا وجهها بدفء وبلهفة ابتلع حروفها المتوترة معترضا على كل ما تفوهت به ، ابتعد بعد قليل ليغمرها بحب ويقول معاتبا : وفية انت مراتى .. اطلبينى اى وقت عمرى ما اتحرج منك ابدا
عاد محيطا وجهها لتنهمر دموعها : محمد هتوحشنى اوى بالله عليك ماتتأخرش عليا .
انتزع نفسه بصعوبة شديدة من قربها الذى يهلك حواسه ، لا ينكر أنه تزوجها لحاجة جسدية لكنها تتسلل إلى قلبه بسلاسة يشعر بها ويستلذها أيضا .
عاد من ذكرياته على ألم قلبه لوحدتها في بعده ، لقد رفضت الإقامة في بيت أبيها .. كيف ستقضى هذه الأيام !!!
زفرة متألمة خرجت من قلبه مباشرة لتهلك بمجرد تجاوز شفتيه دون أن يشعر بها أحد .
اقترب مازن من تجمع الفتيات ليبدأن بالغمز وتشعر زينة بالحرج ، لم تكن تشعر بهذا الحرج مسبقا ، إقترب مرحبا : صباح الخير يا بنات ، ازيك يا زينة ؟
بادلنه التحية ليتابع فورا : زينة عاوزك فى موضوع مهم جدا تسمحى بدقايق ؟
وقبل أن تعترض بدأت الفتيات يعتذرن ويبتعدن لتنظر له بحدة : نعم يا مازن ، إيه الموضوع الضروري اللى يخليك تحرجنى كده ؟
اقترب منها خطوة : إحراج إيه بس يا زينة انا ابن عمك قبل اى حاجة !!
أغمضت عينيها بضيق ليتابع : عموما يا ستى انا عاوزك فى موضوع يخص مستقبلنا .
فتحت عينيها تنظر له بدهشة : مستقبلنا !!
عقدت ساعديها وتساءلت بتهكم : هو انت لاقيت مراتك ؟
زفر بضيق : لا مالقيتهاش ولولا بابا مانعنى كنت طلقتها غيابى . الجوازة كانت غلط من الاول .
لم يزد حديثه ملامحها إلا ضيقا لتقول : فعلا كانت غلط .. اللى زيك حرام يتجوز ويظلم بنات الناس معاه .. البنت ماقعدتش شهر واحد وطفشت منك رغم إنكم متجوزين عن حب ..
قاطعها مازن : لا حب ايه !! دى كانت جوازة كده وخلاص .. تضيع وقت وانبساط مش اكتر .
ارتفع حاجبيها بدهشة : تضيع وقت !! ومن امته الجواز كان تضيع وقت !! انت متخيل احساس هيا ولا احساس أهلها ؟؟ طب حاول كده تحط مروة مكان هيا !! خلى اختك تتجوز شهر وجوزها يقولك اصلى كنت بضيع وقتى وانبسط معاها ؟
زفر بضيق : انت مكبرة الموضوع كده ليه !! زينة سيبك من كل ده انا عاوزك تفهمى حاجة مهمة جدا .
استدعت صبرها وتساءلت : حاجة إيه ؟؟
ابتسم مازن : انا بحبك يا زينة .. بحبك واتمنى تبقى معايا
تقطعت كلماته مع ملامح النفور الشديد البادى عليها لتقاطعه بحدة : بتحبنى !! وتتمنى تبقى معايا قد ايه بقا ؟؟ شهر زى هيا كده ولا اقل ؟؟
قاطعها مازن فورا بحدة: زينة ماتشبهيش نفسك بحد
لانت نبرة صوته متابعا : انت غالية اوى يا زينة .. انت مش زى البنات .. انت بكل البنات .. انت حبيبتى يا زينة .. حبيبتى اللى حبها اتولد وعاش في قلبى من سنين .. حبيبتي اللى كبرت قدام عنيا يوم بيوم .. حبيبتي اللى اتمنى اعيش معاها عمرى كله .. عمرى كله فى ايدك انت يا زينة .
ظلت تطالعه بصمت ، لطالما حلمت باللحظة التى يعترف فيها بحبه لها .. طالما تخيلت رد فعلها وجنون قلبها .. لطالما تراءت لها سعادتها بهذا الإعتراف ؛ لكن لم يحدث أى من ذلك . لم يسعد قلبها بكلماته ، لم تختلف دقاته بل لم تكن كلماته سوى محركا لغضبها وثورتها .
تركته أنهى حديثه ثم قالت : معاك حق ، انا مش زى حد وغالية فعلا وعلشان كده عمرى ماهكون حبيبتك ولا هيبقى بنا اكتر من كونك ابن عمى وده للاسف مش بإيدى اغيره .
رمش عدة مرات بتوتر غير مستوعب لتلك الكلمات التي تقذفه بها بينما نظرت في هاتفها لتتابع : روح يا ابن عمى دور على مراتك هى اولى بيك منى ومن اى واحدة تانية
تلفتت حولها وهى تشير للفتيات : عن اذنك عندى محاضرة مهمة لازم الحقها علشان مسافرين الصعيد . ابقى سلم لى على عمى .
وابتعدت وهي تشعر أنها تخطت أسوار وهم عاشت به لسنوات ، مازن لم يكن لها يوما ولن يكون .
******
أخبر رحمة أنه مرتبط بموعد هام وسيعود سريعا ورغم تيقنها أنه ذاهب لزوجته الأخرى لم تحاول منعه أو تعطيله .
غادر محمد منزله الذى أصبحت الحياة فيه شديدة البرودة ، رحمة بدأت تتعامل معه بتحفظ دون أن تحاول التقرب منه أو السماح له بالتقرب منها ، حمزة يعامله بجفاء شديد بالكاد يتقابلان فى أيام وجوده بالمنزل أما زينة فهى الشئ الوحيد الذي يربطه بهذا المنزل بعد .
عليهم جميعا التوجه للصعيد لحضور زفاف دياب وإشهار عقد قران سويلم لذا أراد أن يحظى بلحظات أخيرة بالقرب من وفية قبل أن تحتل البرودة حياته لعدة أيام في غيابها فعادة حين تسافر رحمة للصعيد تفضل الإقامة لفترة ولم يكن يرفض ما يسعدها مطلقا .أما تلك المرة فهو غير واثق من تحمله تلك الفترة.
فتح الباب بهدوء ظنا أن وفية نائمة في هذا التوقيت المبكر خاصة مع علمها بتغيبه اليوم عنها ، وقف يطالعها وهى تتصفح هاتفها وامامها فنجان من القهوة ، عليه أن يعترف سيفتقدها بشدة ، إنها لا تتزين لوجوده فحسب رغم أن هذا كافيا لإسعاده ، لكنها تحب أن تحافظ على هيئتها المرتبة وكم هذا مريح له كزوج !!
ابتسم لإندماجها الشديد مناديا بصوت خفيض : وفية
تنهدت وفية وابتسمت ، هزت رأسها نفيا وهي تقول : اتجننتى يا وفية !!
ضحك لترفع وجهها نحوه بلهفة : محمد انت هنا فعلا !!
ألقت الهاتف وانطلقت نحوه دون تردد ، تلقاها بدفء ممتع لتهمس : من كتر ما بفكر فيك كتير يتهيألى انك موجود معايا .
أحاطت وجهه : لكن مش بيتهيألى . انت هنا
عادت تسكن بين ثناياه ليغمض عينيه براحة تامة مكتفيا بهذا الدفء الذى يتشربه منها ، ابتعدت بعد مدة لم تحصيها لتمسك كفه وتنطلق للداخل : تعالى نفطر سوا .
لم يكن ليعترض على اى ما يمكنه أن يجمعهما سويا ، جلس إلى الطاولة وهى تتحرك حوله بحماس وتضع المزيد من الاطباق أمامه دون أن ينظر إلى ما تحويه .
*****
دقق طايع النظر لابنته التى لم يبد عليها اى توتر متسائلا بعد دقائق : خطيبك إيه ؟؟
هزت كتفيها بلا مبالاة : مش عاوزنى اروح الصعيد عادى يا بابا روحوا انتو .
امتعضت ملامح طايع : عادى كيف يعنى ؟؟ انت ناسية إن هنعلن عجد اختك ولا إيه ؟؟
حاولت ليليان منع الخلاف : انا ممكن أكلمه وأقنعه ..
قاطعتها نسمة بجدية : لا يا ماما من فضلك إحنا اتناقشنا وانا مقتنعة بوجهة نظره ، كمان عندى شغل في كل الاحوال .
تساءلت بسمة بتردد : يعنى انت مش عاوزة تيجى ؟؟
نظرت لها مباشرة لتقول : بالضبط كده .
غادرت بسمة الطاولة فورا ليلحق بها إياد دون تردد بينما نظر طايع ل نسمة : وإذا جلت لك هتسافرى يعنى هتسافرى ؟؟
تنهدت بضيق : بابا من فضلك بلاش تحرجنى قدام خطيبى وأهله اكتر من كده .. وبلاش تحطنى بينك وبينه هو خطيبى وحضرتك ابويا وانا مش عاوزة ازعل حد منكم .
عادت ليليان تحاول رأب الصدع : خلاص يا طايع سافر انت والولاد وانا هقعد مع نسمة .
نظر لها بفزع : انت بتجولى إيه ؟؟ بدك اسافر واهملك انت وياها لحالكم إكده ؟
لم يكن يتخيل أن يصل بها التخلى عن بسمة لهذا الحد ، أن ترفض مشاركتها فرحتها ، كان بالماضي يظن أن تفريقها بين الفتاتين لن يؤثر عليهما وأنه قادر على احتواء الموقف لكنه كان مخطئ تماما ، لقد أثرت بشكل أسوأ من كل ظنونه وإن كان بالأحرى ب بسمة أن تكره تفضيل أمها شقيقتها إلا أنها لم تفعل وفى المقابل فضلت نسمة نفسها على الجميع ، هى فتاة أمها المفضلة ، هى الناجحة قوية الشخصية ، هى المستقبل المشرق .
طال الصمت حتى قطعه مغادرته أيضا لتنظر ليليان نحو ابنتها بضيق إنها تتمنى أن تنهى خلافها مع طايع لتأتى نسمة وتزيد مسافتهما بعدا ، كما عليها أن تعترف هى لن تسمح أن تظل نسمة وحدها ، هى حتى الآن لم تر من بسول ما يستحق ثقتها فيه كما أنها لم تر العكس أيضا لكن توتر العلاقات بين نسمة وبين الجميع ينذر بما لا يحمد عقباه .
******
دخلت بسمة غرفتها ليلحق بها إياد ، جلست فوق الفراش ليجلس أمامها بصمت ، مرت دقائق وهو ينظر لها بحزن ليمد كفه اخيرا نحو وجهها : ماتزعليش يا بسمة .
أغمضت عينيها ترفض البكاء ثم نظرت له برجاء : إياد احضنى .
لم يتردد إياد فى ضمها لصدره متحركا لليسار واليمين برتابة .
أرخت جفنيها مستسلمة لحنان أخيها ، ليت الجميع مثل إياد .
ليت شقيقتها تحظى بنصف براءته .
ليت أمها تملك نصف حنانه .
همس إياد قرب أذنها : ممكن تعيطى وانا مش هقول لحد .
ابتسمت مرغمة فطالما أخبرته تلك الجملة مع كل مساندة منها .
رفعت كفيها تتعلق بذراعيه وقد اشتدا وبدأت زهور الشباب تتفتح براعمها ببدنه بينما ظل يهدهدها لنصف ساعة كاملة قبل أن يدخل طايع للغرفة ، نظر لهما بحب ، لكم تمنى أن يكون ثلاثتهم بهذا التماسك !!
رفع إياد عينيه نحو أبيه الذى قال : إياد سيب اختك تجهز وقوم البس هنتحرك بعد ساعة .
ربت إياد فوق رأسها متسائلا ببراءة : اروح يا بسمة ؟؟
ابتعدت عنه قليلا : روح يا إياد .
ابتسم وقال بحماس : اقولك على سر ؟؟
أبدت حماسا زائفا ليتراجع : لا هتضحكى عليا .
وتحرك للخارج ليوقفه أبيه قبل أن يتجاوزه مناديا اسمه ، نظر له بتساؤل ليبتسم : انا فخور بيك يا إياد .
اتسعت ابتسامته ليرفع كفه لفمه ويتحرك للخارج فورا .
تنهد طايع واقترب من ابنته ليجلس أمامها : انا غلطت لما سمحت لها تفرق بينكم بس كنت فاكر انى أجدر اداوى اى غلط تعمله .
تلمست أنامله وجنتها بحنان : حجك على راسى يا بتى .
يمكنها اخيرا أن تحرر دموعها وان تتحرر من اوجاعها على صدر أبيها ، تعلم أنه يتسع لكل ما يؤلمها وكل ما ألمها يوما .
******
أصبح الركض خلف فراشات الحديقة مرهقا للغاية لذا نفرت منه رغم الحزن الذى يغلف ملامحها لذلك ، خرج حسين من الباب باحثا عنها : همت .. يا همت
سمعت صوته فأقبلت فى تكاسل : نعم
رأها تجر قدميها جرا إليه ليأسف لتدهور حالتها النفسية والصحية ، ابتسم ببشاشة متسائلا : مش جولت لك خليكى چوة الدار النهاردة وبكرة ؟
نظرت له بضجر : انا زهجت .
احتار فى أمره وأمرها ، يريد أن يحميها داخل المنزل ولا يعرف كيف يمكنه التسرية عنها ، توقفت السيارة أمام المنزل ليترجل زيدان عنها ، رآها تحادث أبيه ليقبل نحوها حاملا بضعة صناديق ، وقف أمامهما : همت تعالى اتفرچى على الحاچة بتاعتك
تهلل وجهها وهى تشير لصدرها : حاچتى ..انى !!!
ابتسم زيدان : طبعا هو احنا حدانا أهم منيكى !!
تعلقت بذراعه لتزيد اثقاله ثقلا لكنه لم يعترض ، نظر له حسين بحزن : ابجى تعالى في مكتب چدك يا زيدان .
ابتلع ريقه بتوتر : حاضر يا بوى
لتقاطعه همت وهى تدفعه للامام : يلا .. زيداان .
دخل معها للبهو ليضع الصناديق أرضا ويجلس لتجلس فورا ، بدأ يفض الأربطة الملونة لتسرع وتحتفظ بها ، ابتسم لها بود ليفتح الصندوق الأول فتتسع عينيها اتجهت إلى الصندوق على ركبتيها لتنظر داخله بسعادة : عر .. عروووسة
أخرجها من الصندوق مقدمها لها لتتردد مع إقبال هاشم متسائلا : جاعدين فى الأرض ليه ؟؟
نظر للعبة ولنظرة أخته السعيدة ثم لنظرات زيدان لينقبض قلبه ويضيق صدره ، ظلت تنظر ليديه بتردد ليقول هاشم بحدة واضحة : خديها يا همت .. زيدان زيى تمام . خوكى الكبير
نظر له زيدان بضيق بينما اختطفت اللعبة تضمها لصدرها وهى تنظر ل هاشم : دييى اكبر ..من العروسة .. . فاكر !!
ابتسم هاشم واومأ : فاكر يا همت
لتتابع بحماس : بس ...محدش .هي ..هيجطعها . انى هدسها زين .
وزادت ضما للعبتها لينظر له بتساؤل ، أشاح بوجهه ليزداد ضيق هاشم ويدفع الصناديق نحوها : اطلعى اوضتك والبنتة هيچيبوا لك باجى الحاچة دى .
مدت كفها بعفوية تمسك الصناديق لتمسك كفه الذى يدفعها ، سحب كفه مسرعا دون أن تنتبه وهي تتساءل : ينفع ..أخدهم معايا ؟؟
ابتسم لها لتتربع بجوار الصناديق فيقترب هاشم : تعالى يا حبيبتي انا هشيلهم .
بدأت تلملم كل ما يخص تلك الهدية بداية من لعبتها الغالية وحتى الشريط الملون .
اتجه زيدان نحو مكتب جده ليدخل بعد أن أذن له ، وجد جده يجتمع بأبيه وأخيه وثلاثتهم ينظر له بلوم ، زفر بضيق : چرى إيه يا چد هو انا عملت حاچة عفشة ؟
أسند زيدان رأسه لعصاه : وبعدهالك يا زيدان ؟؟ بت عمتك ماتنفعكش يا ولدى .. بعد عن طريجها وشاور على اى بنت فى البلد أچوزهالك .
نظر زيدان أرضا : مارايدش اتچوز يا چد وانى خابر إنها ماتنفعنيش بس غصب عني .
اقترب ليجلس أرضا أمام جده : مد يدك في صدرى وانزعها منيه يا چد .. انى كمان مارايدش وچعها اللى بينخر فى صدرى ده
اقترب يزيد ليمسك عضديه ويرفعه ، نظر له وقال : يا زيدان افهم همت حالتها متأخرة . الچواز يجتلها يا خوى .. محدش منينا كان هيعترض لو جلبها سليم .
اقترب حسين ليسحبه من بين ذراعى أخيه ويخفيه بصدره : احسن حاچة تبعد عن الدار دى .
وافقه الجد فورا : بعد الفرح سافر لأرض الچبل .
ضغط زيدان فوق ذراعى أبيه ليشعر الأخير بمدى ألمه ورفضه هذا القرار ، لقد اكتفى بما منحه القدر وهم سيحرمونه حتى من هذه المنحة .
بالأعلى دخلت همت الغرفة بحماس بينما وقف هاشم بالخارج حتى وضعت دينا حجابها وهرولت نحوه تحمل عنه الصناديق : ماخليتش واحدة من البنات تطلعهم ليه ؟؟
ابتسم هاشم : معلش مشغولين بيچهزوا للحنة .
ودار على عقبيه مغادرا لتغلق الباب وتشارك همت حماستها حول تلك الألعاب التى أهداها لها زيدان فبعد ساعات ستبدأ تستعد لزفافها وتغادر هذا البيت .
****
أراد زناتى أن يمنحها بضع ساعات إضافية للنوم ، فهى بعد ساعات ستغادره إلى حياة جديدة يتمنى أن تحصل فيها على ما تستحق من السعادة ، تسلل ليعد الفطور قبل ايقاظها لكن طرقات متتالية على الباب افزعته ليتجه له فورا .
فتح الباب ليجد سيلين ابنة أخيه وخلفها أخيها سليم يتثائب بتكاسل ، خلعت نظارتها ونظرت له : إيه يا عمى كل ده نوم ؟؟
تقدمت بلا حرج ليقول سليم : امرك لله يا عمى .. استلمت اروح اكمل نوم بقا .
وقبل أن يتحدث زناتى أوقفته شقيقته : سليم حداشر بالدقيقة تكون هنا بالعربية علشان تودينا المركز .
ارتسمت ملامح طفولية باكية على وجه سليم الذى قال : ربنا على المفترى ..
أولاها ظهره متابعا : هم يتجوزوا وانا يطلع عينى ..
غادر سليم بينما اقتربت من عمها الذى يبدو غير مدرك لما يحدث بعد ، مدت كفها تغلق الباب : مالك يا عمى اقفل الباب .
تلفتت حولها : اوعى تقولى عفاف نايمة !!
هز زناتى رأسه بأسف : ايوه نايمة انى جولت ...
لتتركه وتتحرك للامام : نايمة إيه بس هو فى عروسة تنام لحد دلوقتي ؟
أوقفها زناتى : يا بتى لسه بدرى
لكن حديثه لم يلق إلا صداه فقد اتجهت بالفعل لغرفة عفاف وبدأت في إزاحة الستائر ، فتحت عفاف إحدى عينيها تنظر لها مبتسمة : والله كنت خابرة انى هلاجيكى فوج راسى من النچمة
تخصرت سيلين : وأما انت خابرة نايمة ليه ؟؟ امال لو مش هتجوزى واد طول بعرض وأحمد عز فى نفسه كده !!
امتعضت ملامح عفاف ونهرتها : اتحشمى .. عمك لو سمعك هيچيب خبرك إن شاء الله
ضحكت سيلين وهى تشير نحوها : غيراااانة هههههههه .عمى بيتكسف مش هيجى وانا هنا .يلا قومى بطلى كسل
تأففت عفاف : طيب أفطر الأول
اتسعت عينا سيلين فى صدمة مصطنعة : تفطرى !! هو فى عروسة بتفطر ؟
انقضت عليها عفاف : يعنى هتحرمى عليا النوم والوكل ؟
ضحكت سيلين وهى تبتعد عن مرمى يدها : ايوه اللى تتجوز احمد عز بتاعك ده تقطع الاكل من اسبوع فات .
زاد غضب عفاف : جولت لك اتحشمى
رفعت كفيها للسماء : يارب بوى يسمعك .
عادت سيلين للضحك : غيراااانة هههههههه . قولت لك عمى بيتكسف ومش هيجى
لم تكن تعلم أن عمها يقف خلفها بالفعل وعلامات الصدمة جلية على وجهه ، لطالما كانت ابنة أخيه جريئة أكثر مما إعتاد عليه لكن ما لفت انتباه زناتى فى هذه اللحظة ليس جرأة سيلين بل علامات الغيرة الواضحة بالفعل في نبرة ابنته ، إنها لم تلتق هذا الشاب إلا مرات معدودة ، كذب إحساسه فى تلك المرة التى زار فيها هاشم الجمعية بعد أن قدمت لها رنوة الشبكة بيومين ، كانت ابنته مرتبكة بالفعل لكنه لم يفسر ارتباكها اهتماما به بل ظنه خجلا منه .
تحدث زناتى اخيرا بعد قليل من متابعة الفتاتين : مش هتفطروا ؟
انتفضت سيلين لكنها لم تفزع بل أسرعت نحوه تتأبط ذراعه وتدفعه للخارج : تعالى يا عمى انا عاوزاك فى موضوع ضرورى
سار معها زناتى ضاحكا : خير يا بت اخوى ؟؟ ربنا يستر من مواضيعك .
*******
كان رفيع فى غرفته يقطع الغرفة جيئة وذهابا فى قلق بالغ حتى دخلت رنوة ليهرع نحوها متسائلا بلهفة : ها نبهتى عليه ؟؟
ابتسمت له : ايوه نبهت عليه اطمن بقا .
جلس فوق الفراش يهز رأسه : جلبى مش مطمن .
أمسك هاتفه وطلب رقما وانتظر لحظات قبل أن يقول بلهفة : ها يا ضاحى عملت ايه ؟؟
صمت لحظات أخرى ليقول بتوتر بالغ : لاه مش كفاية يا ضاحى .شوف كمان عشر انفار أجل حاچة . لو مش جادر جول وانى اتصرف .
ظلت تطالعه بصمت ، تقدر مخاوفه وقلقه لكنها تشعر أنه بحاجة للمساعدة ، انتظرت حتى أنهى المحادثة لتقترب وتجلس أمامه ، رفعت كفها نحو وجهه حتى طالت جبهته ، مسد ابهامها إنعقاد حاجبيه ليغمض عينيه وتختلج عضلات وجهه فتقول : الماضى مش هيتكرر يا رفيع ماتخافش .
فتح عينيه بفزع ليقول برجاء : خليكى چارى ماتهملينيش .أنى ..أنى ..
لم تمهله ليعترف بضعفه ، بخوفه بل سحبته فورا لتحيطه بفيض من امان يحتاجه بشدة .
لحظات ودق هاتفه لينظر له بتعجب : زناتى !!!
اسرع مجيبا ليبتسم بعد لحظات ويقول : ولما تاچى زينة هشيعهالك كمان . امال انت عم وخال بالاسم ؟ البنات هيبيتوا عنديك الليلة .
*****
جلس زناتى وسيلين بينما تأخرت عفاف لتقول سيلين : ركز معايا يا عمى
نظر لها باهتمام لتتابع : دلوقتى انا وعفاف هنخلع على المركز ونسيبك ..
قاطعها زناتى : نخلع !! يا بت اتحدتى زين مش كفاية لغوتك المايعة دى !!
اعترضت بدلال : انا لغوتى مايعة !! ياعمى اللهجة الصعيدى دى مقعرة اوى و ...
عاد يقاطعها : م .. إيه !!
تنهدت بيأس : بص سيبك من اللهجة وركز معايا
زفر بضيق شديد لتتابع : اسمع بس احنا هنروح المركز وانت هتقابل الناس صح ؟
أومأ زناتى : معلوم
ابتسمت له بحماس : وطبعا البيت هيترس ستات
نظر لها بحدة لتتابع : يتملى يا عمى .ما دون العشرين ولحد ما فوق الخمسين .
اقتربت عفاف لتجلس وتقول : بطلى لف ودوران واتحدتى علطول .
نظرت لها بحدة : اسكتى انت . ركز يا عمى معايا
اعترض زناتى وهو يقطع قطعة من الخبز : انى صدعت من التركيز يا بت رفيع . ماتجولى بدك إيه من الحريم اللى هياچوا
اتسعت ابتسامة سيلين : انت سيبك من دون العشرين . هيبقوا صغيرين اوى .. وسيبك من فوق الخمسين كمان .. ركز فى النص .
كتمت عفاف ضحكتها وأبيها يهز رأسه متصنعا الفهم لتتابع سيلين بحماس : واختارلك عروسة نخطبهالك بعد ما البت دى تتوزع .
تركت عفاف العنان لضحكاتها بينما توقف زناتى عن المضغ لحظات مدهوشا ومصدوما قبل أن يخرج هاتفه ويطلب رقما نظرت له بتعجب وصمتت عفاف حتى قال : رفيع تعالى خد بتك دلوك .
عادت عفاف للضحك بينما اعترضت سيلين : الحق عليا خايفة عليك من الوحدة ؟
*******
اندفعت همت نحو النافذة حين علا صوت المزمار لتتبعها دينا التى وقفت بالخلف لتقول همت : دينا.. الحصااان هير..هيرجص
جلست دينا بجوارها : يبجى زيدان اخوى .
تلهفت همت للرؤية لتصاب بالاحباط وتقول : لاه ..مش هو .
طرق الباب ودخلت بعض فتيات العائلة اللاتى اتين للمشاركة في الاحتفال ليكون وجود همت صدمة واضحة على وجوههن ، تبادلن النظرات المتسائلة لتربت دينا فوق رأس همت بفخر : همت بت عمتى سليمة يا بنات .
لم تزل الصدمة عن الوجوه لتنظر لهن بغضب بينما قالت إحداهن : اول مرة نشوفها . كنتوا مخبينها ولا إيه ؟
لتهمس احداهن بصوت وصل ل دينا : على ايه يعنى دى حتى بالله ؟؟
وكزتها احداهن بحدة و تبسمت همت بود لجميعهن بينما نظرت لهن دينا بحدة وقالت : همت بت عمتى سليمة ست الدار اهنه واللى ماتعچبهاش ست الدار ماتجعدش فيه
تعجبت همت حدة دينا بينما تبادلن النظرات مرة أخرى لتقول احداهن : وماتعچبناش ليه ؟؟ دى همت ست البنتة
أقبلت نحوها تمد كفها بود : انا أسمى آيات يا همت وكلنا جرايبينك بنات اعمامك واخوالك .
اتسعت ابتسامة همت ونظرت دينا ل آيات بفخر وبعد لحظات تعرفت همت إليهن ليبدأن طقوس الإحتفال التى غابت عنها سليمة لإنشغالها بالمطبخ أو تشاغلها زهدا فيه .
******
حظت عفاف بحمام دافئ وبدأت تستعد لتفتح سيلين حقيبة معها وتقول : البت زينة وجبت معاكى وباعتت كل اللى طلبته ، شوفى ده حليب لوز وده حليب جوز الهند وده ...
قاطعتها عفاف : إيه كل ده ؟؟
أشارت لها سيلين لتقترب برأسها فتهمس : هقولك كلمتين حطيهم حلقة فى ودنك الراجل يا بنتى ...
ابتعدت عفاف ونظرت لها مستنكرة : انت عايشة فى دور چدتى ليه ؟؟
أشاحت سيلين بكفها : الحق عليا بنصحك . خدى يا اختى الشنطة دى حطيها فى الدولاب هوديهالك بكرة مع العشا .. على الله يطمر فيكى وتبيضى وشنا مع عيلة ابو العز
كادت عفاف أن تنهرها لتقول مسرعة : اوعى تقولى اتحشمى
هزت رأسها بأسف لتتابع سيلين : عفاف هو انت هتقولى ل هاشم اتحشم ؟؟
صرخت عفاف والقت الوسادة فوق رأسها لتركض سيلين ووسائد عفاف تلاحقها .
******
دخل ضاحى لمنزل هيبة الذى يتناول فطوره بصحبة زوجته وأولاده ، جلس مباشرة فوق أحد المقاعد وهو يقول : رفيع واد عمك عجله شت
تنهد هيبة : اعذره يا ضاحى انت خابر الليلة دى عملت فيه إيه
أومأ ضاحى : مش فيه وحديه يا خوى بس انا خلاص چبت رچالة النچع كلاتهم يحرسوا الليلة اعمل ايه تانى ؟
تساءل لبيب فورا : ليلة إيه اللى بتتحدت عنيها يا بوى ؟
لمحة من الحزن كست ملامح الجميع لتقول سما : الليلة اللى مات فيها عمك سويلم .
تمتم لبيب : الله يرحمه . بس إيه اللى حوصل لعمى رفيع ؟
نظر له هيبة : لبيب بلاش نفتح فى حاچات هتوچع الكل وأولهم عمك ضاحى اللى زمجان ده .
نظر لبيب لعمه ليهز رأسه متفقا مع أخيه فتسرع ليال وتغير دفة الحديث تماما : احلى حاچة عمتى ليال چاية وبسمة ونسمة و كمان زينة كنت چبت مريم يا عمى وعمتى يجعدوا ويانا .
ابتسم لها ضاحى : زمانهم چايين انا كنت برة من الصبح .
نظرت سما لزوجها : هنستنى ليال لما توصل ونروح ناخد رنوة ونروح كلنا لعروسة دياب ونرجع عند عفاف انا هبعت البنات من دلوقتى للطبيخ .
وافق هيبة زوجته خاصة مع تخلف والدة دياب عن الحضور الليلة واكتفت حين طلبتها رنوة بحضور حفل الزفاف ، لم يعلق أحدهم على تخلفها ذا يكفيهم تغطية غيابها بشكل اجتماعى أما ما بينها وبين ابنها فيخصهما وحدهما ، وجه لبيب أيضا لضرورة متابعة مصطفى ورغم شعوره بحرج ضاحى إلا أن الأخير أيده فليس منهم من يمكنه أن يغامر مع تهور هذا الفتى .
*****
انطلقت السيارة منذ فترة مع اعتراض مهران على بقاء نسمة وليليان وعلى السفر المفاجئ أيضا ، لكن مع غضب وحدة طايع تقبل الأمر على مضض، بدأ هو القيادة على أن ينوب عنه أخيه أو ابنه بعد فترة ، اتخذت روان من المقعد الخلفي لها مكانا ومعها خضر واياد . جلست بسمة فى مقعدا خاصا كانت تشاركها فيه اختها وأمها بينما طايع وخالد بجوار مهران .
بدأت بسمة تشعر بالدوار الذى يصيبها دائما مع ركوب السيارة لوقت طويل لتقول بوهن : بابا عاوزة انام
انتبه لها طايع : اخدتى الدوا ؟
اومأت وهى تغمض عينيها لينظر لأخيه : اركن يا مهران هرچع جمب بسمة .
لحظات واستقر بجوارها لتتمسك بذراعه بكفيها معا وتستسلم للنوم ، بعد ساعة تقريبا نظر خالد للخلف وكانت تغط فى نوم عميق ودون أن ينتبه عمه إلتقط لها صورة وارسلها ل سويلم . التفت له أبيه لضحكاته المباغتة متسائلا : بتضحك على ايه ؟
ضحك مجددا : لما نوصل هتعرف يا بابا .
******
اوقف محمد السيارة وزفر بضيق : حمزة تعالى سوق انا تعبان .
لم يعلق حمزة وترجل ليدور حول السيارة ويجلس خلف المقود .كانت رحمة تجلس بالخلف على غير العادة في السفر لكنه يعلم أنها تعانده لذا لم يلح عليها .
كانت زينة الوحيدة التي تساءلت : مالك يا بابا ؟
ابتسم لها بحنان : مفيش يا حبيبتي شوية صداع .
افسحت جانبها وقالت برجاء : تعالى جمبى يا بابا .
وكانت فرصة عظيمة له ليبتعد عن حمزة الذى لا يحاول إخفاء نفوره منه ، جلس بجوار زينة التى أمسكت كفه وابتسمت براحة قبل أن ترخى رأسها فوق كتفه ليرخى رأسه فوق رأسها مغمضا عينيه براحة .
بدأ حمزة القيادة ليشرد محمد إلى لحظاته الأخيرة مع وفية ..
عودة للوراء ...
عدل هندامه وهى تقف خلفه لا تخفى لهفتها ، نظر لها عبر المرآة لتبتسم بتوتر واضح ، اقتربت منه لتقف أمامه فينظر لها بحزن : غصب عني والله ، هرجع فى اسرع وقت .
اومأت بتفهم لتتساءل : هو انا ممكن ابقى اطلبك على الموبايل ؟
نظر لها بدهشة لتتراجع فورا : لا بلاش بعدين احرجك ابقى اطلبنى انت ل...
قاطعها محيطا وجهها بدفء وبلهفة ابتلع حروفها المتوترة معترضا على كل ما تفوهت به ، ابتعد بعد قليل ليغمرها بحب ويقول معاتبا : وفية انت مراتى .. اطلبينى اى وقت عمرى ما اتحرج منك ابدا
عاد محيطا وجهها لتنهمر دموعها : محمد هتوحشنى اوى بالله عليك ماتتأخرش عليا .
انتزع نفسه بصعوبة شديدة من قربها الذى يهلك حواسه ، لا ينكر أنه تزوجها لحاجة جسدية لكنها تتسلل إلى قلبه بسلاسة يشعر بها ويستلذها أيضا .
عاد من ذكرياته على ألم قلبه لوحدتها في بعده ، لقد رفضت الإقامة في بيت أبيها .. كيف ستقضى هذه الأيام !!!
زفرة متألمة خرجت من قلبه مباشرة لتهلك بمجرد تجاوز شفتيه دون أن يشعر بها أحد .
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الحادى والعشرون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا