مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الخامس والعشرون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الخامس والعشرون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
|
استراح هاشم قليلا حين لحقه زيدان بصحبة أخيه بالفعل لكن من نظرته الغاضبة تكهن بحالة همت لذا تسلل من بين الحضور ليخمد خوفه عليها .
صعد للدور العلوى لتصل لأذنيه همسات بعض النسوة خاصة بزوجته ، إحداهن تنتقد ردائها والأخرى وصفتها بالبومة فكان رده نظرة حادة ألقمتها كلماتها .
طرق الباب ودخل بعد لحظات ليجد همت بين ذراعى دينا التى نظرت له بلوم لم يعترض عليه .
اقترب ليجلس أمامها فتدفن رأسها بصدر دينا ويعلو نحيبها ، زفر بضيق هامسا : همت .
علا صوتها ليرفع كفه ماسحا رأسها فترتعد حرفيا ، رفع كفه فورا وهو لا يصدق ما يحدث هل فقد أمه وترتعب منه أخته ؟؟؟
نظر ل دينا برجاء : هشيع لها أكل واديها دواها الله يرضى عنيكى .
اومأت بصمت ليغادر دون إضافة ، توقفت خطواته أمام الباب متسائلا : ماتعرفيش عفاف فين ؟
لم يأته ردا ليفهم إجابتها ويغادر .
******
دخل دياب مقتحما المنزل لينظر له سويلم بحدة : خطوة كمان يا دياب وحسابك هيبجى معايا .
اتسعت عينا دياب بصدمة : بتطردنى يا سويلم ؟؟
لانت حدة سويلم : بحميك يا خوى .روح هات الحكيمة جوام .
انتزع نفسه للخارج بينما دخل سويلم للغرفة ليضع عفاف فوق الفراش وقد خارت قواها تماما ، نظر ل بسمة بفزع وتساؤل بينما أسرعت تدفعه خارج الغرفة : خلى سيلين تجيب هدوم من عندها .
أغلقت الباب بعد أن لفظته خارجا فهى لا تملك أجوبة لتمنحه إياها .
*****
سار مصطفى قاصدا بيت ابو العز منتشيا بتلك الفرصة التى اغتنمها ، سيحطم حياتها كما حطمت قلبه .
عاد بذكرياته لأيام مضت حين تملص من مراقبة لبيب المرهقة ليتسلل إلى المدرسة التى تعمل بها عفاف .
دخل بهدوء يتلفت حوله بريبة ...
عودة للوراء
دخل المدرسة عازما على إثنائها عن هذا الزواج المخزى ، كانت المدرسة هادئة وكل منشغل بعمله ليحالفه حسن حظه ويسمع صوتها صادرا عن اول فصل مر به .
طرق الباب لينفتح عنها بصدمة لا تخفى عليه : ازيك يا عفاف ؟
تساءل بهدوء لتجيب بتعجب : خبر إيه ؟؟ إيه چابك إهنه ؟
اقترب هامسا : عفاف لازم اتكلم معاكى .. اللى بيحصل ده انا مش هسمح بيه .. انت مش هتكونى لغيرى .
زادت دهشتها لتتساءل : ومين جال انى ممكن ارضى بيك ؟
حصل على نصيبه من الصدمة لتتابع بحزم : اسمع يا واد عمى .. انت عمرك حتى لو جعدت عمرى من غير چواز ما هتعدى خانة واد عمى دى .
لفظ صدمته متسائلا : ليه يعنى ؟؟
زفرت بضيق : مش لأچل عمرك لاه .. انت يا مصطفى مش الراچل اللى ينفعنى .. انا رايدة راچل عاجل يوزنى ويعينى على مشوارى .. رايدة راچل يشيل ويفهم ويتحمل مش واحد زييك كل ساعة بحال
رفعت كفها محذرة : مرة تانية ماهداريش چنانك ده .
أشاحت بكفها : يلا روح من إهنه جبل ما حد يوعى لك وتچيب لعمى الغم .
وأغلقت الباب أمامه لتتركه واقفا يحملق فيه . هى لا تراه رجلا يناسبها !!
لن يمرر هذه الإهانة .. سيثبت لها أن هذا المتفاهم الذى فضلته عليه ليس بأفضل منه .. فقط يحتاج فرصة .
ابتسم بخبث وقد عاد من ذكرياته و نال فرصته وسيعمل على تطويعها للقصاص لكرامته .
*****
دق هاتف محمد ليبتعد عن الجميع ويجيب مسرعا : السلام عليكم . عاملة إيه يا وفية ؟
جاءه صوتها المنهك : انت هتيجى امته يا محمد ؟
تنهد بحزن : كنت ناوى اجى النهاردة بس حصلت حالة وفاة مضطر استنى يوم ولا اتنين . وفية فيكى إيه صوتك مش عاجبنى !!
أجابته بصدق : مابنامش يا محمد .. انت وحشتنى وخايفة عليك .
لأول مرة منذ الصباح يخفق قلبه ببعض الراحة ، بعض السكينة ، بدأ يتجول بالانحاء مانحا نفسه بعض الوقت في ارتشاف شوقها الذى ينفث رماد الإحتراق عن قلبه .
****
وصلت الطبيبة بصحبة دياب الذى وقف خارج الغرفة هو وسويلم بينما بسمة وسيلين فى الداخل ، دقائق معدودة وخرجت سيلين بوجه شاحب ليتساءل سويلم : مالك يا سيلى ؟؟
اتلتقطت أنفاسها لتقول بإرتجاف : خايفة يا سويلم . أنا خايفة .
أقترب منها ليجذبها نحو صدره : خايفة من إيه بس ! هتبجى زينة ماتخافيش .. صوح زينة فين ؟
همست سيلين : نايمة ..ماما قالت اسيبها نايمة .
ربت فوق وجنتها : طيب روحى صحيها وچهزوا وكل بسمة هتجضى اليوم معاكم .
اومأت بصمت واتجهت للدور العلوى .
فحصت الطبيبة عفاف بعناية لتقول بسمة : هى فرحها كان امبارح يا دكتورة .
خلعت الطبيبة قفازها : لا مش ده السبب مفيش اى اثر لتهتك يعمل نزيف .
تابعت بسمة : اصل حماتها اتوفت الصبح وهى تعبت شوية
اومأت بتفهم : يبقى صدمة .. حالة نفسية يعنى مش عضوية ابدا . عموما هى ضغطها واطى ومحتاجة محاليل والحقن دى بسرعة إذا النزيف استمر اكتر من يومين هنعمل اشعات .
نظرت بسمة فى التذكرة الدوائية باهتمام قبل أن تصحب الطبيبة للخارج .
*****
صعد الرجال لحمل الجثمان للتوجه للمسجد ، تلفت هاشم حوله بحثا عنها دون جدوى ، زادت هواجسه من إصابتها بمكروه خاصة بعد الكلمات التى طعنت أذنيه .
هبط اولا متصدرا لتتسمر قدميه بالأرض فور رؤية منصور يقف بالباب ، لا يمكنه أن يخطئ عينيه السعيدة مهما اتخذت قسماته تعبيرات أخرى .
علت الهمهمات ليدفعه يزيد فيسير مرة أخرى وفوق كتفه حمل أمه الراحلة ، ليس بجسدها بل بالظلم الذى تجرعته على يدى أبيه .
لم يكن يظن أنه سيقتلها يوما ، لم يكن يعلم أن المرأة بهذه الهشاشة .
كم بدت أمه قوية !! وكانت تموت ألما .
اسرع منصور نحو النعش متباكيا ليقف يزيد بطريقه : نصيحة لوچه الله لو شوفت خلجتك فى المسچد ولا الدفنة مااضمنش تروح دارك . هسمح لك تجف فى العزا بس لأچل هيبة العيلة جدام الناس اكتر من إكده ماتلومش غير روحك .
وتجاوزه ليتبع الرجال بينما ابتسم منصور بلا مبالاة واتخذ اتجاها اخر .
سار يتذكر لحظة وصول الخبر إليه ؛ كم سعد بهذا الخبر !
عودة للوراء ..
كان يجلس يتناول فطوره بصحبة زوجته وطفليه حين هاتفه أحدهم يخبره بموت سليمة .
نظرت له علية بدهشة : مين اللي مات يا منصور ؟ ومالك فرحان ليه إكده ؟؟ حد يفرح في الموت !!
أشاح برأسه متجاهلا : سليمة ماتت . ماتت فى وجتها بالتمام .
قاطعته علية : انت مش طلجتها ؟؟
ضحك منصور : طلجتها من يومين بس لسه في العدة يعنى اورثها كأنى ماطلجت .
استرخى فوق المقعد متشفيا : اهى دى الجاضية ل زيدان ابو العز .
ابتسم وهو يتذكر ملامح عمه المنكسرة وعجزه عن إعلان طلاقه لابنته أمام الرجال ليتأكد أنه سيحصل على إرثه كاملا دون أدنى مقاومة .
*******
كان ثلاثتهن بالغرفة وبسمة تعمل على مد عفاف بالعلاج اللازم لها ، لم يفارقنها منذ غادرت الطبيبة .
تأوهت عفاف بألم لتمسح زينة جبينها بحنو بالغ ، انتهت بسمة لتجلس حين علا صوت سويلم الذى يقول : وبعدهالك يا دياب .. روح إلحج الچنازة وانا إهنه .
جاء صوت دياب : اروح فين ؟؟ ماشايفش عمل فيها ايه ؟؟ ده دمها لسه على خلجاتك !!
عاد صوت سويلم : مالاكش صالح راچل ومرته يصرفوا أمورهم مالناش صالح بيهم .
لتنهض بسمة عازمة على إنهاء هذا الأمر ، اتجهت للخارج ليصمتا فور رؤيتها ، اقتربت من دياب ونظرت له : سويلم معاه حق .. وبعدين الدكتورة قالت صدمة نفسية جوزها برئ منها خالص .
اضطرب دياب لتقترب منه خطوة متسائلة : انت هنا بتعمل ايه ؟؟ سايب مراتك لوحدها في الظروف دى ليه ؟؟
نظر دياب ل سويلم لينقذه من هجومها لكنه لم يتدخل لتتابع : شوف يا دياب علشان ننهى الموضوع ده خالص ، انت عمرك ما حبيت عفاف ولا كنت تنفعها . عفاف محتاجة راجل تحتوية .. زى ما احتوت هاشم النهاردة .. انت مش كده ولا عمرك هتسمح لها تشوف وجعك .. اللى بيحب حد مابيخبيش منه وجعه بيخبيه فيه
ظل صامتا ينظر لها لتتابع : عفاف بالنسبة لك زى سيلين ل سويلم مايبطلوش مناكفة لكن لما ياخدها فى حضنه مش هيحسها .. مش زى ما انت حسيت دينا لو كنت اتجوزت عفاف كنت هتعيش ميت .. زى ناس كتير عايشين للعيشة والسلام لكن لا حب ولا دفا ولا سعادة ... ولا لحظة راحة حقيقية . عايشين وهم يا دياب وهم .
عاد دياب خطوة للخلف لتتقدم هى : انت بمنتهى الغباء ممكن بوجودك هنا دلوقتى تدمر حياتها وحياتك .. مش بس كده ده انت هتقوم حرب بين العيلتين هتاخد فى وشها سنين . هو ده اللي انت عاوزه ؟ لو مش شايف الصورة كويس تبقى اعمى القلب والنظر !!
ولم يستمر وقوفه بعد قولها أكثر من ثانيتين وكان يفر من أمامها هاربا من الحقائق التي ترميه بها فتصيب كل منها كبده .
دارت على عقبيها عائدة للغرفة قبل أن يجذبها سويلم للخلف ، فزعت للمباغتة فقط لتعقد ساعديها وتنظر له بحدة فيهاجمها فورا : إيه الحديت الماسخ ده !! حضن إيه وإحساس إيه !!
رفعت كفها محذرة : سويلم مش وقت غيرتك دى خالص .
همت بالابتعاد ليوقفها مجددا بجذبه إياها : الغيرة مالهاش وجت يا هانم الصبح ابجى واجف وتحدتى يزيد ولا كانى موچود ودلوك طالعة تجولى ل دياب حديت مالوش عازة .
لم تهتز وقالت بهدوء : هتشوف كلامى اللى مش عاجبك هيعمل ايه .. عن اذنك
وقبل أن تبتعد مجددا وجدت نفسها بين أضلعه وذراعيه يطبقان عليها بقوة مؤلمة ، تنفست بصعوبة وفزع : سويلم !
هز رأسه رفضا قبل أن تتابع ليهمس : انا نار چوايا العالم بيها ربنا .. الود ودى افتح صدرى وادسك فيه .. مش لو العيلتين هيجتلوا فى بعض لو النچع هيولع باللى فيه مااسمعش الحديت ده لراچل تانى .. فاهمة ؟
جاهدت للإفلات من قبضته ليزيدها اختطافا لأول أنفاسها بحرارة مفرطة دفعها للخلف متواريا بها عن الأعين الوارد تواجدها ، انصهر صدره من شدة إحتراقه بهذا القرب ، وكلما استزاد ريا زاد تعطشه ألما .
لم يتمالك أنفاسه ولم يحكم هذيان قلبه ولم يبرد لهيب صدره فما إن تجاوزت الصدمة وشعرت بإرتخاء ذراعيه وزاد دفء صدره حتى دفعته عنها وقبل أن تدركه برودة ابتعادها عنه كانت تفر هاربة .
انتفضت الفتاتين لدخولها الصاخب وقبل أن تبدأ التساؤلات كانت تدفن وجهها باكية بحرقة .اسرعتا نحوها لتتساءل زينة : الله جرى إيه ؟؟
تابعت سيلين : اكيد سى سويلم وغيرته الغبية .
ضمتها زينة وهى تشير لابنة خالها أن تصمت ، جذبت كفيها عن وجهها لتشهقا بصدمة فتجذب كفيها من زينة وتدفن وجهها مجددا .
****
وضع النعش أرضا ونظر هاشم للقبر ذو الفاه الجائع لكم ألقموه من أحبه ولم ولن ينتهى جوعه حتى يفنيهم ، تراجع الرجال للخلف تاركين المحارم فقط حول النعش فى تأدب وإجلال للحظة الطاحنة للقلوب .
نظر الجميع أرضا بينما تسارعت دموع هاشم لرى المقابر المقفرة ، بكف مرتعش وأعين غائمة رفع حسين الساتر عن النعش ليهمهم هاشم : انا هشيل امى لحالى .. وانزل بيها لحالى .
نهره يزيد : هاشم انت بتجول إيه ؟؟
وضع هاشم قراره حيز التنفيذ وهو يجلس فوق ركبتيه بجوار النعش . تنكست الرؤس احتراما لحرمة المتوفاة لينهض هاشم بجثمانها بين ذراعيه .
لم يقو الجد على الحديث وقلبه يبكى صغيرته التى توارى قبرها ليقول حسين بجدية : همله يا يزيد وانى هنزل وياه .
طال مكوثهما فى القبر قبل أن يتمكنا من تركها وأصر هاشم ألا يساعده أى منهم حتى أحكم إغلاق القبر ، بسط كفه فوق الباب الموصود هامسا : فى رجبتى يا امى ..
*****
بدأت عفاف تدرك ما حولها واين هي ليقصصن عليها ما حدث ، لاحظت انتفاخ عينى بسمة اثر بكائها لكنها لن تزدها ألما بإعادة ما حدث .
تساءلت بسمة : عفاف معاكى رقم هاشم ؟؟
هزت رأسها نفيا لتنظر ل سيلين .
****
طرق الباب لتزفر بضيق ، ليست في مزاج جيد لاستقبال أحد ، لقد غادر أبيها منذ ساعة ، من هذا القادم إذا ؟؟
وضعت خمارها ووقفت خلف الباب بتوتر : مين ؟؟
جاءها صوت مألوف : السلام عليكم انا محمود يا وفية ومعايا حياة مراتى .
قطبت جبينها بعدم فهم وفتحت الباب فورا ، تحمد الله أنها لا زالت بعباءة الاستقبال التى ارتدتها هذا الصباح ولم ترتد أحد تلك السخافات التى ترتديها بالمنزل حاملة الكثير من الرسوم الكرتونية البلهاء .
ابتسمت بترحيب : اهلا وسهلا . اتفضلوا .
أقبلت عليها حياة تضمها بود بينما قال محمود : انت بخير اهو الحمدلله .. محمد قلقان عليكى وقلقنا معاه قولنا نيجى نطمن .
اتسعت ابتسامتها لمجرد أن أخبرها أنه يقلق بشئنها ، بل ويتحدث لأخيه عنها .. يال سعادتها !!!
تقدمت وتبعاها لتتابع حياة : فى كل الاحوال لازم نطمن عليكى مادام محمد مسافر .
وكانت زيارة تحمل الكثير من الود والكثير من الألفة وقدر ضئيل للغاية من التوتر .
******
خرجت سيلين بوجه غاضب تضرب الأرض بقدميها ، بحثت بعينيها عنه لتجده فوق أحد الأرائك وقد بدل ملابسه ، اقتربت وتعمدت إغضابه بقولها : بسمة بتقولك اطلب لها دياب .
انتفض غضبا ليصرخ : نعم !! اطلبها مين !!
عقدت ساعديها : زى ما سمعت ويبقى جمب جوز عفاف ويتصل عليا عاوزينه .
أشار لها بكفه : تعالى هنا .. وشك مجلوب ليه !!
دارت على عقبيها رافضة إجابته ليقول : ماهطلبش حدا
نظرت له بتحفز : انت حر انا هطلبه . قولت لها كده قال إيه مايصحش تكلم حد من وراك .
اتجهت للغرفة لتتسارع أفكاره ، إنها تحترمه ، وهو يقابل احترامها له بتلك الغيرة الغبية .
ماذا بيده ؟؟
إنه يحترق .
أوقفها قبل أن تصل للباب : هطلبه . بس تاچى تكلمه إهنه .
ضربت كفيها ببعضهما ودخلت صافقة الباب بقوة .
*****
بدأ الرجال يغادرون جماعات وافرادا . أحاط حسين ويزيد زيدان الذى يقف بصعوبة حتى السيارة بينما ظل هاشم مكانه ، إقترب دياب بحرص : هاشم !!
لم يلتفت وقال : هملونى وانا هاچى لحالى .
ليضطر أن يتركه مبتعدا ، بالكاد أدرك صلاة الجنازة فقد ترك سيارته منذ بداية اليوم أمام منزل ابو العز .
تنهد بحزن وسلك طريقا بين المقابر قاصدا مدفن بعينه .
بعد نصف ساعة قاطع خلوته هاتفه اللعين ، كان سويلم ليجيبه برتابة .
عاد إلى حيث ترك هاشم متمنيا أن يجده وبالفعل وجده كما تركه تماما ، اقترب منه ليحمحم فيلتفت له ماسحا وجهه ، لم يبد ملاحظة عن عينيه المنتفخة بل قال فورا : خيتى بعافية فى دار عمى رفيع .. انا چبت لهم الدكتورة وروحتها بس بت عمى الدكتورة بدها تتحدت وياك .
قطب هاشم جبينه لحظات حتى أدرك أنه يتحدث عن زوجته ، تلك التي يبحث عنها هنا وهناك .أومأ بصمت ليطلب دياب رقم سويلم ويقدم له الهاتف .
****
انتظر سويلم تلك المكالمة والتى سترغمها على مغادرة الغرفة وما إن أعلن هاتفه عنها حتى اسرع يجيب ويطرق الباب فى آن واحد وفى لحظة كانت أمامه وسيلين تلتصق بها .
تناولت الهاتف منه بغلظة ووجه متجهم لتقول : السلام عليكم . ايوه يا بشمهندس . هو جدى زيدان كان قال لعفاف تروح بس حسيتها تعبانة فروحت معاها ، لما وصلنا البيت افتكرت إن المفتاح معاك ومش هتعرف تدخل فقولنا تروح بيت عمى زناتى تلبس حاجة مناسبة لأن فى تعليقات مؤلمة جدا الحقيقة .. المهم تعبت اوى واحنا ماشين فدخلنا بيت عمى رفيع لانه أقرب وهى فقدت الوعى وجالها نزيف .
صمتت لحظة لتقول : ايوه قالت صدمة وضغط عصبى . هى معلقة محاليل بس اذا تحب تنقلها البيت يكون افضل حضرتك عارف الناس يعنى .
عادت تصمت لحظات : تمام .. لا تمام مش مشكلة .
*****
حمل يزيد جده إلى غرفته يتبعه ولده و هيبة الذى جلس بجواره وبعد قليل وصل طايع ومهران بصحبة ضاحى .
كان مصطفى يقتنص الوقت المناسب لتفجير فضيحته المزعومة وحين دخلت دينا للغرفة لحق بها .
جلست بطرف الفراش : ألف سلامة عليك يا چدى .
ابتسم زيدان بوهن وهل سيجد السلام فى الدنيا مجددا !!
أشار طايع لأخيه لينهض فيقول : تستأذن إحنا يا حچ وناچوك بالليل إن شاء الله .
قاطعه حسين : مايصحش يا رچالة . لازمن تاخدو واچبكم .
أعتذر مهران بهدوء : مرة تانية إن شاء الله
نظر نحو دينا : لو سمحت يا بتى نادمى لنا على بسمة .
نظرت له دينا : بسمة مش إهنه الحريم جالوا مشت مع عفاف .
تعجب طايع : مشت مع عفاف . عنديها يعنى ؟؟
جاءت فرصة ذهبية ل مصطفى ليقول : راحوا حدا عمى رفيع .
نظر له الجميع بدهشة ليتابع بخبث : معاهم سويلم ودياب مش لحالهم ماتخافش يا عمى .
اتسعت الأعين وشهقت دينا . اقترب منه أبيه ينهره بحدة : انت بتجول إيه يا مخبل انت ؟؟ حديتك ده يطير فيه رجاب !!
هو يعى جيدا ما قاله والده وكم يتمنى أن تكون رقبة دياب اول الرقاب المتطايرة .
أخرج يزيد هاتفه ورمى مصطفى بنظرة حادة ، رفع هاتفه ليتساءل : انت فين يا هاشم ؟
توقف ونظر ل مصطفى بتحدى وقد لاحت ابتسامته الساخرة ليتوتر مصطفى ويغادر ، لم يحاول منعه فأمره متروك لأهله .
اصطدم دياب أثناء دخوله الغرفة ب مصطفى مغادرا دون أن يأبه له . دخل من الباب لتقف دينا تنظر له بحيرة . اقترب بثبات من فراش الجد : الف سلامة عليك يا چد
همهم زيدان بضعف : الله يسلمك يا ولدى .
نظر له حسين بغضب تجاهله ونظر لها : دينا انا هروح اتسبح واغير وارچعلك طوالى .
نظرت أرضا واقتربت منه : انا شيعت چبتلك غيار فكرتك هتاچى تغير إهنه .
استحسن بلا حرج : عملتى طيب .
جاء صوت زيدان الصغير : اطلعى يا خية مع چوزك .
نظرت له ليقول : اتفاهموا لحالكم .
فهمت ما يرمى إليه لتتجه للخارج ويتبعها محمحما : بالإذن
غادرا ليدخل يزيد : چدى انا هروح أجيب هاشم ومرته من دار عمى رفيع . هى بعافية والحكيمة معلجة لها محاليل .
هدأت نظرات حسين بينما رمق الجد حفيده الحامل اسمه بإستحسان .
نظر يزيد ل طايع : الدكتورة بسمة هتاچى وياهم على إهنه بعد اذنك يا عمى تعرف دينا بس هتعمل ايه واروحكم بعربيتى .
*****
دخل رفيع للمنزل مسرعا تتبعه رحمة ونوة ، وجد سويلم ليسأله : چرى إيه يا ولدى ؟؟
اقتحم زناتى المنزل : بتى چرى لها إيه ؟؟
هدأه سويلم : زينة يا عمى ماتخافش . زى ما تجول الخضة .
دخلت رنوة ورحمة للغرفة فورا للاطمئنان على حالة عفاف لتهدأ بسمة مخاوفهما .همت رنوة بالمغادرة : خلاص احضر لك اكل بسرعة مادام جوزك جاى .ياريتك تقدرى تأكليه اى حاجة .
ايدتها رحمة : انا چاية اساعدك .
تحركتا للخارج لتقول زينة : طيب احنا هنطلع يا عفاف علشان جوزك مايتحرجش . هنبقى نيجى لك هناك .
نظرت لها سيلين : مش هنتأخر ولو محتاجة حاجة عرفينى .
وتحركتا للخارج وقبل أن تصعد سيلين اتجهت للمطبخ حيث امها ، همست فى إذنها بضع كلمات لتنظر لها رنوة بدهشة : عرفتى منين ؟
أجابت بصدق : كان باين على وشها وعيطت لما شبعت .
اومأت رنوة : طيب روحى انت .
غادرت رنوة وهى على ثقة أن عقاب سويلم سيكون شديد ، تراه يستحق العقاب خاصة مع حالة الفزع والفوضى التي رأت بسمة عليها .
وصل هاشم ليستقبله زناتى مرحبا بعد أن أكدت له رحمة بناءا على تأكيد بسمة أنه برئ مما ألم بإبنته الغالية .
دخل زناتى يتبعه هاشم : تعالى يا ولدى .
نظر أرضا وهو يقول : السلام عليكم .
رحب به رفيع : تعالى يا هاشم . ادخل اطمن على مرتك . دخله يا سويلم .
اتجه سويلم معه : اتفضل إهنه .
تبعه هاشم بصمت ليطرق الباب صائحا : البشمهندس هاشم .
فتحت الباب وأفسحت له قبل أن تغادر متجاهلة وقوفه . دخل سليم وحمزة من الباب يتهامسان مع خروج رنوة تحمل صينية الطعام ليسرع نحوها زناتى : عنك يا مرت اخوى .
تركت له ادخال الطعام واتجهت للبهو حيث رفيع يجلس بجوار بسمة منحنيا بالقرب منها وسويلم يشتعل غيرة بجواره .
وقفت أمامه : سويلم .
وقف فورا : نعم يا اما
لم تتحدث بل صفعته صفعة توقفت لها الأنفاس واتبعتها قولها : اللى حصل النهاردة مايتكررش تانى . فاهم !
اولته ظهرها بينما اسرع له سليم : انت عملت ايه يا سويلم ؟ دى ماما اول مرة تعملها ؟
جلس سويلم صامتا بينما نظر رفيع نحو بسمة ، رأى دموعها المتجمعة ليمد ذراعه يحيطها وما إن شعرت بحنانه حتى تعلقت برقبته تبكى ، قبل رأسها بحنان : انى محجوج لك يا بتى ماتبكيش . لو ماكانتش أمه عملت إكده كان حسابى انا هيبجى واعر .
اقترب حمزة ليشير ل سليم بحرج ، اقترب منه ليقول : انا طالع مش ناقصة توتر .
تبعه سليم دون أن يفهم ما يحدث بينما خرج زناتى وقد فاته الكثير من الأحداث ليتبعه خروج رحمة تحمل الطعام : افطروا انتو كمان .
وضعت الطعام لينهض سويلم : ماليش نفس بالاذن .
وغادر ليمسح رفيع على رأس بسمة : هاتى لها حليب يا رحمة .
ثم نظر ل بسمة : هنرچعك لبوكى مخطوفة إكده ! ده كان مهران ياكلنا .
هرولت رحمة نحو المطبخ : ده انا هچيب لها سطل حليب دى عروسة الغالى .
******
غادرت بسمة وأغلقت الباب لينظر لها فورا : إيه اللى حوصل ؟ حاسة بإيه دلوك ؟
أغمضت عينيها براحة ، لهفته تلك تنفى تضارب الأفكار السيئة برأسه ، نظرت له بضعف : انا زينة ماتخافش .
استقر بجوارها يفحص ذراعها المتصل به خرطوم طبى ، لمس كفها المتورم ليتلمسه بحنان قبل أن يرفعه ويحاول نزع خاتم الزواج منه . نظرت له بفزع : هتعمل ايه ؟
أجاب ببساطة : الدبلة هتجطع يدك ..بناجصها ..
تاوهت بألم : خليها يا هاشم لأچل خاطرى .
ارتفع كفه لوجهها تلمسه بدفء أرخت رأسها فوق كفه وتسللت دمعة ترثى حالها ، إلتقطها بإبهامه : سمعوكى كلام زى السم مش إكده ؟؟
أغمضت عينيها ليطرق الباب ويدخل أبيها حاملا لطعامهما : بت عمك بتجول الحكيمة جالت تاكلى زين .
دار هاشم حول الفراش ليرفعها حتى جلست ويضع زناتى الطعام متابعا : كل معاها يا ولدى مابتاكلش لحالها واصل .
لم يعترض هاشم : حاضر يا عمى .
ربت زناتى فوق رأسها : انت مابتكبريش واصل ؟؟
نظر ل هاشم متابعا : من صغرها لما ترجد ماتبطلش بكا .
اقترب مقبلا رأسها : الف سلامة يا بتى .
وغادر الغرفة ، نظرت ل هاشم الذى قال : لازمن تاكلى زين انا صعب عليا اشوفك إكده .
زادت دموعها ليقبل جبينها : عفاف انت واعية ومعلمة ماتديش ودنك للعالم الچاهلة دى .انا خابر إنه صعب بس لأچل خاطرى انا مااتحملش حالتك دى .
ابتسمت أخيرا بشحوب ليرفع لقمة لفمها بحنان : بسم الله
******
دخلت دينا غرفتها القديمة يتبعها دياب بصمت ، فتحت الحقيبة لتخرج ملابسه : اتفضل .
تساءل فورا : مالك يا دينا ؟
رفعت عينيها له متسائلة : روحت فين لما نعست ؟
حسنا لن يراوغ ، عليه أن يخبرها كل شيء فلابد من اساس يمكنه تحمل مصائب الحياة وما من اساس اقوى من المصارحة .
جلس بهدوء ظاهرى : اجعدى يا دينا .
جلست أمامه ليبدأ يتحدث ، لم يكن طيلة عمره متحدثا جيدا ، حتى حين امتهن مهنة تتطلب الحديث حصر حديثه في شق القوانين والقضايا ، لكنه هذه اللحظة بحاجة لكل خبراته فى الحديث ولن يهدر فرصته .
رفعت عينيها بعد أن استمعت لكل ما قال : يعنى كنت بتحبها !!
انتقل ليجلس بجوارها : كنت فاكر إكده ، بس بت عمى عنديها حج بعد الفچر لما جربت منيكى .
نظرت أرضا ليرفع رأسها ويقترب هامسا : عمرى .. عمرى ما حسيت إكده لا معاها ولا مع غيرها ، انت . انت .
تساءلت بتردد : انا إيه ؟؟
قربها من صدره : ماخابرش .. احساس ماعرفتوش ابدا .. احساس يخلينى ماعوزش ابعد .. وابرد لما تبعدى .حستيه !
وزال كل تخبط الأمس والحيرة التى سيطرت عليه ، لم تعد المخاوف تحتل مكانا بينهما ، استكانت للدفء الذى يتحدث عنه والذى تحتاج إليه.
ليست المرة الأولى التي تشعر بدفئه ، بل شعرت به صباحا وكما تحدثت بإفاضة لشعورها بالأمان تحدث أيضا لكن بحثا عنه وليست هى من تبخل على زوجها بما يحتاج .
حاول السيطرة على جموحه ، رفع عينيه ليصدمه إحتقان وجهها فيهمس : هتاچى الليلة ؟
زاد إحتقان وجهها : زى ما تحب
تابع فورا : احب اخدك ونروح دلوك .
خبأت رأسها بصدره خجلا ليستلقى جاذبها معه : خليكى چارى شوى .
تضاربت مشاعره ولم يمنعه عنها سوى وجوده ببيت أبيها والحزن المخيم على المنزل ، ليس هو الرجل الذي يفكر بنفسه فقط ، عليه إحترام حزنها وحالتها ، يمكنه التحمل لأجلها ، فما أدخلته على قلبه من جنون منذ الأمس فقط يستحق عمرا من الصبر .
******
ترجل هاشم عن سيارة يزيد ليحمل زوجته نحو الداخل ، رأينه بعض النسوة لتعلو الهمهمات ، لم يهتز لما يصل مسامعه بل تقدم بشموخ ليرتقى الدرج ويصل بها لغرفته القديمة وضعها فوق الفراش برفق قبل أن تلحق به بسمة ، ابتعد عن الفراش بهدوء وشدد عليها أن ترسل له في حال حاجتها إليه قبل أن يغادر .
جلست بسمة بجوارها بعد أن طلبت من أبيها أن يتركها ترعى عفاف ليرحل بصمت .
****
وصل طايع ومهران لمنزل هيبة حيث حيث ينتظر مصطفى مجبرا بأمر من أبيه ، نظر ل لبيب بتوتر ليقول : انا هفضل كده كتير ؟
جاءه صوت مهران : لاه ..جوم يا لبيب من إهنه .
وقف لبيب وقد انتقل إليه توتر مصطفى : يا عمى استهدى بالله ، كل حاچة ممكن تتحل .
اقترب طايع يدفع مصطفى ليجلس : إلا الأعراض . مفهاش حل .. فيها رجاب .
ارتعد مصطفى : انا جولت اللى شوفته .
أمسك مهران لبيب يدفعه خارجا وهو يحاول الاعتراض بينما يرجف مصطفى أمام طايع ، أغلق الباب بعد أن دفعه خارجا ليقف بالباب لتتعالى صرخات مصطفى بعدها .
مر ربع ساعة قبل أن يصل هيبة ليتساءل : خبر إيه ؟؟ إيه اللى بيحصل اهنه ؟
هرع نحوه لبيب : غيت مصطفى يا بوى عمى مهران وعمى طايع هيجتلوه .
تقدم هيبة ليمسكه ضاحى : هملهم يأدبوه .
نفضه هيبة : مش بالطريجة دى واصل .
فتح هيبة الباب ليهرول لبيب يرفع مصطفى عن الأرضية ، أوقفه ليقول أبيه : لو چه واحد جال على خيتك اللى انت جولته النهاردة هنعمل فيه اكتر من إكده .
*******
مر اليوم شديد الصعوبة على الجميع ، ساعات العزاء الطويلة كانت أقوى من احتمال زيدان الذى حمل الى فراشه بأيدى أحفاده بعد وصول منصور بلحظات ليطلب إحضار همت إليه ، اخيرا انتهى العزاء وسيمنح كل منهم بدنه بعض الراحة .
صعد دياب إلى غرفة زوجته ، كانت بحالة مزرية ، أعين محتقنة وملامح منتفخة لكنه لم يهتم سوى بحتوائها متمتعا بهذا الدفء الذى تسريه بدمائه .
*****
حملها في المساء لتلقى عزاء نساء العائلة بوقت حدده هو ليعود ويحملها لغرفتها مبديا للجميع مراعاته لها دون إكتراث برأى اى منهم .
حين غادرت بسمة بصحبة نساء العائلة تفقدها ليتأكد من نومها عدة مرات.
*****
لم تتحدث همت مع اى منهم منذ ما حدث صباحا ، كانت تدور بغرفة أمها وتبكى ، رفضت علاجها ورفضت الطعام ، جلست بين النساء بأمر جدها لكنها لم تع ما يحدث أو ما يقال ، صحبتها دينا لغرفة جدها بعد دخوله حسب طلبه هو ، أثقلت الأدوية أجفان زيدان ليغط فى نومه غافلا عنها لتظل مستيقظة حتى غلبها النعاس أيضا .
خرج يزيد بعد نوم الجميع يتفقد حول المنزل ، هو غير مستريح لظهور منصور ، دار حوله وتفقد الرجال القائمين على الحراسة ليتأكد من يقظتهم قبل أن يقرر الحصول على بعض الراحة أيضا .
دخل من الباب ليجد همت ويبدو من هيئتها الناعسة استيقاظها للتو ، هى لم تنتبه لوجوده اثناء فرك عينيها قبل أن تتجه للدرج متثائبة بكسل شديد.
تبعها متلصصا فوجدها تصل لغرفة زيدان لتفتح الباب وتدخل بهدوء ، اقترب والتصق بالباب ليرى همت تدفع زيدان بصدره هامسة : زيداان .
انتفض جالسا في لحظة : همت !! مالك چرى لك ايه ؟
أشارت نحو دورق المياة ليفرغ لها كوبا ، ويقف ليسقيها إياه حتى إرتوت وقبل أن يتحرك جلست فوق الفراش لينظر لها بصدمة فتقول : زيدان همت انعسى .
تثاءبت دون أن ترى صراعه وصدمته ، ظل مستقيما حتى تأففت : يلا زيدااان .
جلس بطرف الفراش معترضا : همت ماينفعش
وقبل أن يتابع كان رأسها مستقرا فوق صدره مغمضة العينين .
رأى الألم صارخا بقسمات أخيه ، عشقه ذا سيقتله يوما .
صعد للدور العلوى لتصل لأذنيه همسات بعض النسوة خاصة بزوجته ، إحداهن تنتقد ردائها والأخرى وصفتها بالبومة فكان رده نظرة حادة ألقمتها كلماتها .
طرق الباب ودخل بعد لحظات ليجد همت بين ذراعى دينا التى نظرت له بلوم لم يعترض عليه .
اقترب ليجلس أمامها فتدفن رأسها بصدر دينا ويعلو نحيبها ، زفر بضيق هامسا : همت .
علا صوتها ليرفع كفه ماسحا رأسها فترتعد حرفيا ، رفع كفه فورا وهو لا يصدق ما يحدث هل فقد أمه وترتعب منه أخته ؟؟؟
نظر ل دينا برجاء : هشيع لها أكل واديها دواها الله يرضى عنيكى .
اومأت بصمت ليغادر دون إضافة ، توقفت خطواته أمام الباب متسائلا : ماتعرفيش عفاف فين ؟
لم يأته ردا ليفهم إجابتها ويغادر .
******
دخل دياب مقتحما المنزل لينظر له سويلم بحدة : خطوة كمان يا دياب وحسابك هيبجى معايا .
اتسعت عينا دياب بصدمة : بتطردنى يا سويلم ؟؟
لانت حدة سويلم : بحميك يا خوى .روح هات الحكيمة جوام .
انتزع نفسه للخارج بينما دخل سويلم للغرفة ليضع عفاف فوق الفراش وقد خارت قواها تماما ، نظر ل بسمة بفزع وتساؤل بينما أسرعت تدفعه خارج الغرفة : خلى سيلين تجيب هدوم من عندها .
أغلقت الباب بعد أن لفظته خارجا فهى لا تملك أجوبة لتمنحه إياها .
*****
سار مصطفى قاصدا بيت ابو العز منتشيا بتلك الفرصة التى اغتنمها ، سيحطم حياتها كما حطمت قلبه .
عاد بذكرياته لأيام مضت حين تملص من مراقبة لبيب المرهقة ليتسلل إلى المدرسة التى تعمل بها عفاف .
دخل بهدوء يتلفت حوله بريبة ...
عودة للوراء
دخل المدرسة عازما على إثنائها عن هذا الزواج المخزى ، كانت المدرسة هادئة وكل منشغل بعمله ليحالفه حسن حظه ويسمع صوتها صادرا عن اول فصل مر به .
طرق الباب لينفتح عنها بصدمة لا تخفى عليه : ازيك يا عفاف ؟
تساءل بهدوء لتجيب بتعجب : خبر إيه ؟؟ إيه چابك إهنه ؟
اقترب هامسا : عفاف لازم اتكلم معاكى .. اللى بيحصل ده انا مش هسمح بيه .. انت مش هتكونى لغيرى .
زادت دهشتها لتتساءل : ومين جال انى ممكن ارضى بيك ؟
حصل على نصيبه من الصدمة لتتابع بحزم : اسمع يا واد عمى .. انت عمرك حتى لو جعدت عمرى من غير چواز ما هتعدى خانة واد عمى دى .
لفظ صدمته متسائلا : ليه يعنى ؟؟
زفرت بضيق : مش لأچل عمرك لاه .. انت يا مصطفى مش الراچل اللى ينفعنى .. انا رايدة راچل عاجل يوزنى ويعينى على مشوارى .. رايدة راچل يشيل ويفهم ويتحمل مش واحد زييك كل ساعة بحال
رفعت كفها محذرة : مرة تانية ماهداريش چنانك ده .
أشاحت بكفها : يلا روح من إهنه جبل ما حد يوعى لك وتچيب لعمى الغم .
وأغلقت الباب أمامه لتتركه واقفا يحملق فيه . هى لا تراه رجلا يناسبها !!
لن يمرر هذه الإهانة .. سيثبت لها أن هذا المتفاهم الذى فضلته عليه ليس بأفضل منه .. فقط يحتاج فرصة .
ابتسم بخبث وقد عاد من ذكرياته و نال فرصته وسيعمل على تطويعها للقصاص لكرامته .
*****
دق هاتف محمد ليبتعد عن الجميع ويجيب مسرعا : السلام عليكم . عاملة إيه يا وفية ؟
جاءه صوتها المنهك : انت هتيجى امته يا محمد ؟
تنهد بحزن : كنت ناوى اجى النهاردة بس حصلت حالة وفاة مضطر استنى يوم ولا اتنين . وفية فيكى إيه صوتك مش عاجبنى !!
أجابته بصدق : مابنامش يا محمد .. انت وحشتنى وخايفة عليك .
لأول مرة منذ الصباح يخفق قلبه ببعض الراحة ، بعض السكينة ، بدأ يتجول بالانحاء مانحا نفسه بعض الوقت في ارتشاف شوقها الذى ينفث رماد الإحتراق عن قلبه .
****
وصلت الطبيبة بصحبة دياب الذى وقف خارج الغرفة هو وسويلم بينما بسمة وسيلين فى الداخل ، دقائق معدودة وخرجت سيلين بوجه شاحب ليتساءل سويلم : مالك يا سيلى ؟؟
اتلتقطت أنفاسها لتقول بإرتجاف : خايفة يا سويلم . أنا خايفة .
أقترب منها ليجذبها نحو صدره : خايفة من إيه بس ! هتبجى زينة ماتخافيش .. صوح زينة فين ؟
همست سيلين : نايمة ..ماما قالت اسيبها نايمة .
ربت فوق وجنتها : طيب روحى صحيها وچهزوا وكل بسمة هتجضى اليوم معاكم .
اومأت بصمت واتجهت للدور العلوى .
فحصت الطبيبة عفاف بعناية لتقول بسمة : هى فرحها كان امبارح يا دكتورة .
خلعت الطبيبة قفازها : لا مش ده السبب مفيش اى اثر لتهتك يعمل نزيف .
تابعت بسمة : اصل حماتها اتوفت الصبح وهى تعبت شوية
اومأت بتفهم : يبقى صدمة .. حالة نفسية يعنى مش عضوية ابدا . عموما هى ضغطها واطى ومحتاجة محاليل والحقن دى بسرعة إذا النزيف استمر اكتر من يومين هنعمل اشعات .
نظرت بسمة فى التذكرة الدوائية باهتمام قبل أن تصحب الطبيبة للخارج .
*****
صعد الرجال لحمل الجثمان للتوجه للمسجد ، تلفت هاشم حوله بحثا عنها دون جدوى ، زادت هواجسه من إصابتها بمكروه خاصة بعد الكلمات التى طعنت أذنيه .
هبط اولا متصدرا لتتسمر قدميه بالأرض فور رؤية منصور يقف بالباب ، لا يمكنه أن يخطئ عينيه السعيدة مهما اتخذت قسماته تعبيرات أخرى .
علت الهمهمات ليدفعه يزيد فيسير مرة أخرى وفوق كتفه حمل أمه الراحلة ، ليس بجسدها بل بالظلم الذى تجرعته على يدى أبيه .
لم يكن يظن أنه سيقتلها يوما ، لم يكن يعلم أن المرأة بهذه الهشاشة .
كم بدت أمه قوية !! وكانت تموت ألما .
اسرع منصور نحو النعش متباكيا ليقف يزيد بطريقه : نصيحة لوچه الله لو شوفت خلجتك فى المسچد ولا الدفنة مااضمنش تروح دارك . هسمح لك تجف فى العزا بس لأچل هيبة العيلة جدام الناس اكتر من إكده ماتلومش غير روحك .
وتجاوزه ليتبع الرجال بينما ابتسم منصور بلا مبالاة واتخذ اتجاها اخر .
سار يتذكر لحظة وصول الخبر إليه ؛ كم سعد بهذا الخبر !
عودة للوراء ..
كان يجلس يتناول فطوره بصحبة زوجته وطفليه حين هاتفه أحدهم يخبره بموت سليمة .
نظرت له علية بدهشة : مين اللي مات يا منصور ؟ ومالك فرحان ليه إكده ؟؟ حد يفرح في الموت !!
أشاح برأسه متجاهلا : سليمة ماتت . ماتت فى وجتها بالتمام .
قاطعته علية : انت مش طلجتها ؟؟
ضحك منصور : طلجتها من يومين بس لسه في العدة يعنى اورثها كأنى ماطلجت .
استرخى فوق المقعد متشفيا : اهى دى الجاضية ل زيدان ابو العز .
ابتسم وهو يتذكر ملامح عمه المنكسرة وعجزه عن إعلان طلاقه لابنته أمام الرجال ليتأكد أنه سيحصل على إرثه كاملا دون أدنى مقاومة .
*******
كان ثلاثتهن بالغرفة وبسمة تعمل على مد عفاف بالعلاج اللازم لها ، لم يفارقنها منذ غادرت الطبيبة .
تأوهت عفاف بألم لتمسح زينة جبينها بحنو بالغ ، انتهت بسمة لتجلس حين علا صوت سويلم الذى يقول : وبعدهالك يا دياب .. روح إلحج الچنازة وانا إهنه .
جاء صوت دياب : اروح فين ؟؟ ماشايفش عمل فيها ايه ؟؟ ده دمها لسه على خلجاتك !!
عاد صوت سويلم : مالاكش صالح راچل ومرته يصرفوا أمورهم مالناش صالح بيهم .
لتنهض بسمة عازمة على إنهاء هذا الأمر ، اتجهت للخارج ليصمتا فور رؤيتها ، اقتربت من دياب ونظرت له : سويلم معاه حق .. وبعدين الدكتورة قالت صدمة نفسية جوزها برئ منها خالص .
اضطرب دياب لتقترب منه خطوة متسائلة : انت هنا بتعمل ايه ؟؟ سايب مراتك لوحدها في الظروف دى ليه ؟؟
نظر دياب ل سويلم لينقذه من هجومها لكنه لم يتدخل لتتابع : شوف يا دياب علشان ننهى الموضوع ده خالص ، انت عمرك ما حبيت عفاف ولا كنت تنفعها . عفاف محتاجة راجل تحتوية .. زى ما احتوت هاشم النهاردة .. انت مش كده ولا عمرك هتسمح لها تشوف وجعك .. اللى بيحب حد مابيخبيش منه وجعه بيخبيه فيه
ظل صامتا ينظر لها لتتابع : عفاف بالنسبة لك زى سيلين ل سويلم مايبطلوش مناكفة لكن لما ياخدها فى حضنه مش هيحسها .. مش زى ما انت حسيت دينا لو كنت اتجوزت عفاف كنت هتعيش ميت .. زى ناس كتير عايشين للعيشة والسلام لكن لا حب ولا دفا ولا سعادة ... ولا لحظة راحة حقيقية . عايشين وهم يا دياب وهم .
عاد دياب خطوة للخلف لتتقدم هى : انت بمنتهى الغباء ممكن بوجودك هنا دلوقتى تدمر حياتها وحياتك .. مش بس كده ده انت هتقوم حرب بين العيلتين هتاخد فى وشها سنين . هو ده اللي انت عاوزه ؟ لو مش شايف الصورة كويس تبقى اعمى القلب والنظر !!
ولم يستمر وقوفه بعد قولها أكثر من ثانيتين وكان يفر من أمامها هاربا من الحقائق التي ترميه بها فتصيب كل منها كبده .
دارت على عقبيها عائدة للغرفة قبل أن يجذبها سويلم للخلف ، فزعت للمباغتة فقط لتعقد ساعديها وتنظر له بحدة فيهاجمها فورا : إيه الحديت الماسخ ده !! حضن إيه وإحساس إيه !!
رفعت كفها محذرة : سويلم مش وقت غيرتك دى خالص .
همت بالابتعاد ليوقفها مجددا بجذبه إياها : الغيرة مالهاش وجت يا هانم الصبح ابجى واجف وتحدتى يزيد ولا كانى موچود ودلوك طالعة تجولى ل دياب حديت مالوش عازة .
لم تهتز وقالت بهدوء : هتشوف كلامى اللى مش عاجبك هيعمل ايه .. عن اذنك
وقبل أن تبتعد مجددا وجدت نفسها بين أضلعه وذراعيه يطبقان عليها بقوة مؤلمة ، تنفست بصعوبة وفزع : سويلم !
هز رأسه رفضا قبل أن تتابع ليهمس : انا نار چوايا العالم بيها ربنا .. الود ودى افتح صدرى وادسك فيه .. مش لو العيلتين هيجتلوا فى بعض لو النچع هيولع باللى فيه مااسمعش الحديت ده لراچل تانى .. فاهمة ؟
جاهدت للإفلات من قبضته ليزيدها اختطافا لأول أنفاسها بحرارة مفرطة دفعها للخلف متواريا بها عن الأعين الوارد تواجدها ، انصهر صدره من شدة إحتراقه بهذا القرب ، وكلما استزاد ريا زاد تعطشه ألما .
لم يتمالك أنفاسه ولم يحكم هذيان قلبه ولم يبرد لهيب صدره فما إن تجاوزت الصدمة وشعرت بإرتخاء ذراعيه وزاد دفء صدره حتى دفعته عنها وقبل أن تدركه برودة ابتعادها عنه كانت تفر هاربة .
انتفضت الفتاتين لدخولها الصاخب وقبل أن تبدأ التساؤلات كانت تدفن وجهها باكية بحرقة .اسرعتا نحوها لتتساءل زينة : الله جرى إيه ؟؟
تابعت سيلين : اكيد سى سويلم وغيرته الغبية .
ضمتها زينة وهى تشير لابنة خالها أن تصمت ، جذبت كفيها عن وجهها لتشهقا بصدمة فتجذب كفيها من زينة وتدفن وجهها مجددا .
****
وضع النعش أرضا ونظر هاشم للقبر ذو الفاه الجائع لكم ألقموه من أحبه ولم ولن ينتهى جوعه حتى يفنيهم ، تراجع الرجال للخلف تاركين المحارم فقط حول النعش فى تأدب وإجلال للحظة الطاحنة للقلوب .
نظر الجميع أرضا بينما تسارعت دموع هاشم لرى المقابر المقفرة ، بكف مرتعش وأعين غائمة رفع حسين الساتر عن النعش ليهمهم هاشم : انا هشيل امى لحالى .. وانزل بيها لحالى .
نهره يزيد : هاشم انت بتجول إيه ؟؟
وضع هاشم قراره حيز التنفيذ وهو يجلس فوق ركبتيه بجوار النعش . تنكست الرؤس احتراما لحرمة المتوفاة لينهض هاشم بجثمانها بين ذراعيه .
لم يقو الجد على الحديث وقلبه يبكى صغيرته التى توارى قبرها ليقول حسين بجدية : همله يا يزيد وانى هنزل وياه .
طال مكوثهما فى القبر قبل أن يتمكنا من تركها وأصر هاشم ألا يساعده أى منهم حتى أحكم إغلاق القبر ، بسط كفه فوق الباب الموصود هامسا : فى رجبتى يا امى ..
*****
بدأت عفاف تدرك ما حولها واين هي ليقصصن عليها ما حدث ، لاحظت انتفاخ عينى بسمة اثر بكائها لكنها لن تزدها ألما بإعادة ما حدث .
تساءلت بسمة : عفاف معاكى رقم هاشم ؟؟
هزت رأسها نفيا لتنظر ل سيلين .
****
طرق الباب لتزفر بضيق ، ليست في مزاج جيد لاستقبال أحد ، لقد غادر أبيها منذ ساعة ، من هذا القادم إذا ؟؟
وضعت خمارها ووقفت خلف الباب بتوتر : مين ؟؟
جاءها صوت مألوف : السلام عليكم انا محمود يا وفية ومعايا حياة مراتى .
قطبت جبينها بعدم فهم وفتحت الباب فورا ، تحمد الله أنها لا زالت بعباءة الاستقبال التى ارتدتها هذا الصباح ولم ترتد أحد تلك السخافات التى ترتديها بالمنزل حاملة الكثير من الرسوم الكرتونية البلهاء .
ابتسمت بترحيب : اهلا وسهلا . اتفضلوا .
أقبلت عليها حياة تضمها بود بينما قال محمود : انت بخير اهو الحمدلله .. محمد قلقان عليكى وقلقنا معاه قولنا نيجى نطمن .
اتسعت ابتسامتها لمجرد أن أخبرها أنه يقلق بشئنها ، بل ويتحدث لأخيه عنها .. يال سعادتها !!!
تقدمت وتبعاها لتتابع حياة : فى كل الاحوال لازم نطمن عليكى مادام محمد مسافر .
وكانت زيارة تحمل الكثير من الود والكثير من الألفة وقدر ضئيل للغاية من التوتر .
******
خرجت سيلين بوجه غاضب تضرب الأرض بقدميها ، بحثت بعينيها عنه لتجده فوق أحد الأرائك وقد بدل ملابسه ، اقتربت وتعمدت إغضابه بقولها : بسمة بتقولك اطلب لها دياب .
انتفض غضبا ليصرخ : نعم !! اطلبها مين !!
عقدت ساعديها : زى ما سمعت ويبقى جمب جوز عفاف ويتصل عليا عاوزينه .
أشار لها بكفه : تعالى هنا .. وشك مجلوب ليه !!
دارت على عقبيها رافضة إجابته ليقول : ماهطلبش حدا
نظرت له بتحفز : انت حر انا هطلبه . قولت لها كده قال إيه مايصحش تكلم حد من وراك .
اتجهت للغرفة لتتسارع أفكاره ، إنها تحترمه ، وهو يقابل احترامها له بتلك الغيرة الغبية .
ماذا بيده ؟؟
إنه يحترق .
أوقفها قبل أن تصل للباب : هطلبه . بس تاچى تكلمه إهنه .
ضربت كفيها ببعضهما ودخلت صافقة الباب بقوة .
*****
بدأ الرجال يغادرون جماعات وافرادا . أحاط حسين ويزيد زيدان الذى يقف بصعوبة حتى السيارة بينما ظل هاشم مكانه ، إقترب دياب بحرص : هاشم !!
لم يلتفت وقال : هملونى وانا هاچى لحالى .
ليضطر أن يتركه مبتعدا ، بالكاد أدرك صلاة الجنازة فقد ترك سيارته منذ بداية اليوم أمام منزل ابو العز .
تنهد بحزن وسلك طريقا بين المقابر قاصدا مدفن بعينه .
بعد نصف ساعة قاطع خلوته هاتفه اللعين ، كان سويلم ليجيبه برتابة .
عاد إلى حيث ترك هاشم متمنيا أن يجده وبالفعل وجده كما تركه تماما ، اقترب منه ليحمحم فيلتفت له ماسحا وجهه ، لم يبد ملاحظة عن عينيه المنتفخة بل قال فورا : خيتى بعافية فى دار عمى رفيع .. انا چبت لهم الدكتورة وروحتها بس بت عمى الدكتورة بدها تتحدت وياك .
قطب هاشم جبينه لحظات حتى أدرك أنه يتحدث عن زوجته ، تلك التي يبحث عنها هنا وهناك .أومأ بصمت ليطلب دياب رقم سويلم ويقدم له الهاتف .
****
انتظر سويلم تلك المكالمة والتى سترغمها على مغادرة الغرفة وما إن أعلن هاتفه عنها حتى اسرع يجيب ويطرق الباب فى آن واحد وفى لحظة كانت أمامه وسيلين تلتصق بها .
تناولت الهاتف منه بغلظة ووجه متجهم لتقول : السلام عليكم . ايوه يا بشمهندس . هو جدى زيدان كان قال لعفاف تروح بس حسيتها تعبانة فروحت معاها ، لما وصلنا البيت افتكرت إن المفتاح معاك ومش هتعرف تدخل فقولنا تروح بيت عمى زناتى تلبس حاجة مناسبة لأن فى تعليقات مؤلمة جدا الحقيقة .. المهم تعبت اوى واحنا ماشين فدخلنا بيت عمى رفيع لانه أقرب وهى فقدت الوعى وجالها نزيف .
صمتت لحظة لتقول : ايوه قالت صدمة وضغط عصبى . هى معلقة محاليل بس اذا تحب تنقلها البيت يكون افضل حضرتك عارف الناس يعنى .
عادت تصمت لحظات : تمام .. لا تمام مش مشكلة .
*****
حمل يزيد جده إلى غرفته يتبعه ولده و هيبة الذى جلس بجواره وبعد قليل وصل طايع ومهران بصحبة ضاحى .
كان مصطفى يقتنص الوقت المناسب لتفجير فضيحته المزعومة وحين دخلت دينا للغرفة لحق بها .
جلست بطرف الفراش : ألف سلامة عليك يا چدى .
ابتسم زيدان بوهن وهل سيجد السلام فى الدنيا مجددا !!
أشار طايع لأخيه لينهض فيقول : تستأذن إحنا يا حچ وناچوك بالليل إن شاء الله .
قاطعه حسين : مايصحش يا رچالة . لازمن تاخدو واچبكم .
أعتذر مهران بهدوء : مرة تانية إن شاء الله
نظر نحو دينا : لو سمحت يا بتى نادمى لنا على بسمة .
نظرت له دينا : بسمة مش إهنه الحريم جالوا مشت مع عفاف .
تعجب طايع : مشت مع عفاف . عنديها يعنى ؟؟
جاءت فرصة ذهبية ل مصطفى ليقول : راحوا حدا عمى رفيع .
نظر له الجميع بدهشة ليتابع بخبث : معاهم سويلم ودياب مش لحالهم ماتخافش يا عمى .
اتسعت الأعين وشهقت دينا . اقترب منه أبيه ينهره بحدة : انت بتجول إيه يا مخبل انت ؟؟ حديتك ده يطير فيه رجاب !!
هو يعى جيدا ما قاله والده وكم يتمنى أن تكون رقبة دياب اول الرقاب المتطايرة .
أخرج يزيد هاتفه ورمى مصطفى بنظرة حادة ، رفع هاتفه ليتساءل : انت فين يا هاشم ؟
توقف ونظر ل مصطفى بتحدى وقد لاحت ابتسامته الساخرة ليتوتر مصطفى ويغادر ، لم يحاول منعه فأمره متروك لأهله .
اصطدم دياب أثناء دخوله الغرفة ب مصطفى مغادرا دون أن يأبه له . دخل من الباب لتقف دينا تنظر له بحيرة . اقترب بثبات من فراش الجد : الف سلامة عليك يا چد
همهم زيدان بضعف : الله يسلمك يا ولدى .
نظر له حسين بغضب تجاهله ونظر لها : دينا انا هروح اتسبح واغير وارچعلك طوالى .
نظرت أرضا واقتربت منه : انا شيعت چبتلك غيار فكرتك هتاچى تغير إهنه .
استحسن بلا حرج : عملتى طيب .
جاء صوت زيدان الصغير : اطلعى يا خية مع چوزك .
نظرت له ليقول : اتفاهموا لحالكم .
فهمت ما يرمى إليه لتتجه للخارج ويتبعها محمحما : بالإذن
غادرا ليدخل يزيد : چدى انا هروح أجيب هاشم ومرته من دار عمى رفيع . هى بعافية والحكيمة معلجة لها محاليل .
هدأت نظرات حسين بينما رمق الجد حفيده الحامل اسمه بإستحسان .
نظر يزيد ل طايع : الدكتورة بسمة هتاچى وياهم على إهنه بعد اذنك يا عمى تعرف دينا بس هتعمل ايه واروحكم بعربيتى .
*****
دخل رفيع للمنزل مسرعا تتبعه رحمة ونوة ، وجد سويلم ليسأله : چرى إيه يا ولدى ؟؟
اقتحم زناتى المنزل : بتى چرى لها إيه ؟؟
هدأه سويلم : زينة يا عمى ماتخافش . زى ما تجول الخضة .
دخلت رنوة ورحمة للغرفة فورا للاطمئنان على حالة عفاف لتهدأ بسمة مخاوفهما .همت رنوة بالمغادرة : خلاص احضر لك اكل بسرعة مادام جوزك جاى .ياريتك تقدرى تأكليه اى حاجة .
ايدتها رحمة : انا چاية اساعدك .
تحركتا للخارج لتقول زينة : طيب احنا هنطلع يا عفاف علشان جوزك مايتحرجش . هنبقى نيجى لك هناك .
نظرت لها سيلين : مش هنتأخر ولو محتاجة حاجة عرفينى .
وتحركتا للخارج وقبل أن تصعد سيلين اتجهت للمطبخ حيث امها ، همست فى إذنها بضع كلمات لتنظر لها رنوة بدهشة : عرفتى منين ؟
أجابت بصدق : كان باين على وشها وعيطت لما شبعت .
اومأت رنوة : طيب روحى انت .
غادرت رنوة وهى على ثقة أن عقاب سويلم سيكون شديد ، تراه يستحق العقاب خاصة مع حالة الفزع والفوضى التي رأت بسمة عليها .
وصل هاشم ليستقبله زناتى مرحبا بعد أن أكدت له رحمة بناءا على تأكيد بسمة أنه برئ مما ألم بإبنته الغالية .
دخل زناتى يتبعه هاشم : تعالى يا ولدى .
نظر أرضا وهو يقول : السلام عليكم .
رحب به رفيع : تعالى يا هاشم . ادخل اطمن على مرتك . دخله يا سويلم .
اتجه سويلم معه : اتفضل إهنه .
تبعه هاشم بصمت ليطرق الباب صائحا : البشمهندس هاشم .
فتحت الباب وأفسحت له قبل أن تغادر متجاهلة وقوفه . دخل سليم وحمزة من الباب يتهامسان مع خروج رنوة تحمل صينية الطعام ليسرع نحوها زناتى : عنك يا مرت اخوى .
تركت له ادخال الطعام واتجهت للبهو حيث رفيع يجلس بجوار بسمة منحنيا بالقرب منها وسويلم يشتعل غيرة بجواره .
وقفت أمامه : سويلم .
وقف فورا : نعم يا اما
لم تتحدث بل صفعته صفعة توقفت لها الأنفاس واتبعتها قولها : اللى حصل النهاردة مايتكررش تانى . فاهم !
اولته ظهرها بينما اسرع له سليم : انت عملت ايه يا سويلم ؟ دى ماما اول مرة تعملها ؟
جلس سويلم صامتا بينما نظر رفيع نحو بسمة ، رأى دموعها المتجمعة ليمد ذراعه يحيطها وما إن شعرت بحنانه حتى تعلقت برقبته تبكى ، قبل رأسها بحنان : انى محجوج لك يا بتى ماتبكيش . لو ماكانتش أمه عملت إكده كان حسابى انا هيبجى واعر .
اقترب حمزة ليشير ل سليم بحرج ، اقترب منه ليقول : انا طالع مش ناقصة توتر .
تبعه سليم دون أن يفهم ما يحدث بينما خرج زناتى وقد فاته الكثير من الأحداث ليتبعه خروج رحمة تحمل الطعام : افطروا انتو كمان .
وضعت الطعام لينهض سويلم : ماليش نفس بالاذن .
وغادر ليمسح رفيع على رأس بسمة : هاتى لها حليب يا رحمة .
ثم نظر ل بسمة : هنرچعك لبوكى مخطوفة إكده ! ده كان مهران ياكلنا .
هرولت رحمة نحو المطبخ : ده انا هچيب لها سطل حليب دى عروسة الغالى .
******
غادرت بسمة وأغلقت الباب لينظر لها فورا : إيه اللى حوصل ؟ حاسة بإيه دلوك ؟
أغمضت عينيها براحة ، لهفته تلك تنفى تضارب الأفكار السيئة برأسه ، نظرت له بضعف : انا زينة ماتخافش .
استقر بجوارها يفحص ذراعها المتصل به خرطوم طبى ، لمس كفها المتورم ليتلمسه بحنان قبل أن يرفعه ويحاول نزع خاتم الزواج منه . نظرت له بفزع : هتعمل ايه ؟
أجاب ببساطة : الدبلة هتجطع يدك ..بناجصها ..
تاوهت بألم : خليها يا هاشم لأچل خاطرى .
ارتفع كفه لوجهها تلمسه بدفء أرخت رأسها فوق كفه وتسللت دمعة ترثى حالها ، إلتقطها بإبهامه : سمعوكى كلام زى السم مش إكده ؟؟
أغمضت عينيها ليطرق الباب ويدخل أبيها حاملا لطعامهما : بت عمك بتجول الحكيمة جالت تاكلى زين .
دار هاشم حول الفراش ليرفعها حتى جلست ويضع زناتى الطعام متابعا : كل معاها يا ولدى مابتاكلش لحالها واصل .
لم يعترض هاشم : حاضر يا عمى .
ربت زناتى فوق رأسها : انت مابتكبريش واصل ؟؟
نظر ل هاشم متابعا : من صغرها لما ترجد ماتبطلش بكا .
اقترب مقبلا رأسها : الف سلامة يا بتى .
وغادر الغرفة ، نظرت ل هاشم الذى قال : لازمن تاكلى زين انا صعب عليا اشوفك إكده .
زادت دموعها ليقبل جبينها : عفاف انت واعية ومعلمة ماتديش ودنك للعالم الچاهلة دى .انا خابر إنه صعب بس لأچل خاطرى انا مااتحملش حالتك دى .
ابتسمت أخيرا بشحوب ليرفع لقمة لفمها بحنان : بسم الله
******
دخلت دينا غرفتها القديمة يتبعها دياب بصمت ، فتحت الحقيبة لتخرج ملابسه : اتفضل .
تساءل فورا : مالك يا دينا ؟
رفعت عينيها له متسائلة : روحت فين لما نعست ؟
حسنا لن يراوغ ، عليه أن يخبرها كل شيء فلابد من اساس يمكنه تحمل مصائب الحياة وما من اساس اقوى من المصارحة .
جلس بهدوء ظاهرى : اجعدى يا دينا .
جلست أمامه ليبدأ يتحدث ، لم يكن طيلة عمره متحدثا جيدا ، حتى حين امتهن مهنة تتطلب الحديث حصر حديثه في شق القوانين والقضايا ، لكنه هذه اللحظة بحاجة لكل خبراته فى الحديث ولن يهدر فرصته .
رفعت عينيها بعد أن استمعت لكل ما قال : يعنى كنت بتحبها !!
انتقل ليجلس بجوارها : كنت فاكر إكده ، بس بت عمى عنديها حج بعد الفچر لما جربت منيكى .
نظرت أرضا ليرفع رأسها ويقترب هامسا : عمرى .. عمرى ما حسيت إكده لا معاها ولا مع غيرها ، انت . انت .
تساءلت بتردد : انا إيه ؟؟
قربها من صدره : ماخابرش .. احساس ماعرفتوش ابدا .. احساس يخلينى ماعوزش ابعد .. وابرد لما تبعدى .حستيه !
وزال كل تخبط الأمس والحيرة التى سيطرت عليه ، لم تعد المخاوف تحتل مكانا بينهما ، استكانت للدفء الذى يتحدث عنه والذى تحتاج إليه.
ليست المرة الأولى التي تشعر بدفئه ، بل شعرت به صباحا وكما تحدثت بإفاضة لشعورها بالأمان تحدث أيضا لكن بحثا عنه وليست هى من تبخل على زوجها بما يحتاج .
حاول السيطرة على جموحه ، رفع عينيه ليصدمه إحتقان وجهها فيهمس : هتاچى الليلة ؟
زاد إحتقان وجهها : زى ما تحب
تابع فورا : احب اخدك ونروح دلوك .
خبأت رأسها بصدره خجلا ليستلقى جاذبها معه : خليكى چارى شوى .
تضاربت مشاعره ولم يمنعه عنها سوى وجوده ببيت أبيها والحزن المخيم على المنزل ، ليس هو الرجل الذي يفكر بنفسه فقط ، عليه إحترام حزنها وحالتها ، يمكنه التحمل لأجلها ، فما أدخلته على قلبه من جنون منذ الأمس فقط يستحق عمرا من الصبر .
******
ترجل هاشم عن سيارة يزيد ليحمل زوجته نحو الداخل ، رأينه بعض النسوة لتعلو الهمهمات ، لم يهتز لما يصل مسامعه بل تقدم بشموخ ليرتقى الدرج ويصل بها لغرفته القديمة وضعها فوق الفراش برفق قبل أن تلحق به بسمة ، ابتعد عن الفراش بهدوء وشدد عليها أن ترسل له في حال حاجتها إليه قبل أن يغادر .
جلست بسمة بجوارها بعد أن طلبت من أبيها أن يتركها ترعى عفاف ليرحل بصمت .
****
وصل طايع ومهران لمنزل هيبة حيث حيث ينتظر مصطفى مجبرا بأمر من أبيه ، نظر ل لبيب بتوتر ليقول : انا هفضل كده كتير ؟
جاءه صوت مهران : لاه ..جوم يا لبيب من إهنه .
وقف لبيب وقد انتقل إليه توتر مصطفى : يا عمى استهدى بالله ، كل حاچة ممكن تتحل .
اقترب طايع يدفع مصطفى ليجلس : إلا الأعراض . مفهاش حل .. فيها رجاب .
ارتعد مصطفى : انا جولت اللى شوفته .
أمسك مهران لبيب يدفعه خارجا وهو يحاول الاعتراض بينما يرجف مصطفى أمام طايع ، أغلق الباب بعد أن دفعه خارجا ليقف بالباب لتتعالى صرخات مصطفى بعدها .
مر ربع ساعة قبل أن يصل هيبة ليتساءل : خبر إيه ؟؟ إيه اللى بيحصل اهنه ؟
هرع نحوه لبيب : غيت مصطفى يا بوى عمى مهران وعمى طايع هيجتلوه .
تقدم هيبة ليمسكه ضاحى : هملهم يأدبوه .
نفضه هيبة : مش بالطريجة دى واصل .
فتح هيبة الباب ليهرول لبيب يرفع مصطفى عن الأرضية ، أوقفه ليقول أبيه : لو چه واحد جال على خيتك اللى انت جولته النهاردة هنعمل فيه اكتر من إكده .
*******
مر اليوم شديد الصعوبة على الجميع ، ساعات العزاء الطويلة كانت أقوى من احتمال زيدان الذى حمل الى فراشه بأيدى أحفاده بعد وصول منصور بلحظات ليطلب إحضار همت إليه ، اخيرا انتهى العزاء وسيمنح كل منهم بدنه بعض الراحة .
صعد دياب إلى غرفة زوجته ، كانت بحالة مزرية ، أعين محتقنة وملامح منتفخة لكنه لم يهتم سوى بحتوائها متمتعا بهذا الدفء الذى تسريه بدمائه .
*****
حملها في المساء لتلقى عزاء نساء العائلة بوقت حدده هو ليعود ويحملها لغرفتها مبديا للجميع مراعاته لها دون إكتراث برأى اى منهم .
حين غادرت بسمة بصحبة نساء العائلة تفقدها ليتأكد من نومها عدة مرات.
*****
لم تتحدث همت مع اى منهم منذ ما حدث صباحا ، كانت تدور بغرفة أمها وتبكى ، رفضت علاجها ورفضت الطعام ، جلست بين النساء بأمر جدها لكنها لم تع ما يحدث أو ما يقال ، صحبتها دينا لغرفة جدها بعد دخوله حسب طلبه هو ، أثقلت الأدوية أجفان زيدان ليغط فى نومه غافلا عنها لتظل مستيقظة حتى غلبها النعاس أيضا .
خرج يزيد بعد نوم الجميع يتفقد حول المنزل ، هو غير مستريح لظهور منصور ، دار حوله وتفقد الرجال القائمين على الحراسة ليتأكد من يقظتهم قبل أن يقرر الحصول على بعض الراحة أيضا .
دخل من الباب ليجد همت ويبدو من هيئتها الناعسة استيقاظها للتو ، هى لم تنتبه لوجوده اثناء فرك عينيها قبل أن تتجه للدرج متثائبة بكسل شديد.
تبعها متلصصا فوجدها تصل لغرفة زيدان لتفتح الباب وتدخل بهدوء ، اقترب والتصق بالباب ليرى همت تدفع زيدان بصدره هامسة : زيداان .
انتفض جالسا في لحظة : همت !! مالك چرى لك ايه ؟
أشارت نحو دورق المياة ليفرغ لها كوبا ، ويقف ليسقيها إياه حتى إرتوت وقبل أن يتحرك جلست فوق الفراش لينظر لها بصدمة فتقول : زيدان همت انعسى .
تثاءبت دون أن ترى صراعه وصدمته ، ظل مستقيما حتى تأففت : يلا زيدااان .
جلس بطرف الفراش معترضا : همت ماينفعش
وقبل أن يتابع كان رأسها مستقرا فوق صدره مغمضة العينين .
رأى الألم صارخا بقسمات أخيه ، عشقه ذا سيقتله يوما .
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الخامس والعشرون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا