مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى والثلاثون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثانى والثلاثون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
|
كادت الشمس أن تودع الأرض وهو لم يعد بعد ، نهش القلق قلبها وافترست المخاوف تعقلها ، هاتفته مئات المرات بلا فائدة .
ترى هل حدث خطب ما فى القضية ؟؟
هل تعارك مع منصور ؟؟
هل أصابه سوء ؟؟
زفرت مخاوفها مع أنفاسها الملتهبة قبل أن تعود للشرفة علها تلمح طيف سيارته ، لكن لا أثر ، دقائق وعادت للخلف لتجد سيارته تقترب ، تهلل قلبها لكنها قطبت جبينها وتوعدته لعدم إجابة اتصالاتها .
أسرعت للداخل لكنها تسمع خطوات ترتقى الدرج ، عاد القلق ينهشها ، دياب رغم ضخامته لا تسمع صوت خطواته مطلقا .
أسرعت تلبى الطرقات الغريبة لتجد أمامها يزيد ، نظرت له بفزع ليقول فورا بحدة : غيرى خلجاتك
لكن حدته لم تردعها عن التساؤل الذى لا يريد سماعه : دياب چرى له إيه ؟؟
حمحم بضيق ولانت نبرة صوته : غيرى وهاخدك ليه .
هرولت للداخل بينما ظل موضعه متكئا إلى الجدار خلفه .يحمد الله أن نبهه أباه لتبديل ثيابه المتشبعة بدماء دياب ، نظر للداخل بألم ؛ هذا الفزع ولم تعلم بعد ما حدث له ! فماذا ستفعل إن رأت دمائه ؟؟
****
حاولت كثيرا مهاتفته بلا فائدة ، هاتفه مغلق .
ترى كيف حاله !!
هل هو خائف كما أخبرتها أمها !!
هل يتألم ؟؟
مر الوقت بطيئا وحين هاتفت زينة لتفقده ، كانت الأخيرة بالخارج تنتقى فستان عقد قرانها والذى اتى هو خصيصا لحضوره .
لزمت حجرتها لبقية اليوم فما من رغبة لديها لمجرد التحدث .
*****
وصل محمد لمتجر أخيه حاملا أوراقها ليعرض الأمر عليه لمشاركته هذا المشروع ، استقبله محمود بحفاوته المعتادة وبدأ يتساءل عن أخباره وعن احتياجاته المحتملة للحفل بنهاية الأسبوع .
قدم له محمد الأوراق : قولى رأيك في المشروع ده يا محمود .
أمسك محمود الأوراق ليصمت فترة طويلة قبل أن يقول : مشروع ممتاز طبعا بس عاوز راس مال كبير
تساءل محمد : أنا وأنت مانقدرش عليه ؟؟
هز محمود رأسه : هياخد كل رأس مالنا وده مش صح طبعا ..ده غير ان المشروع لمصنع تعبئة أعشاب طبيعية انت لو زودت عشرين فى المية هتقدر تزود تعبئة توابل وده هيزود الارباح جدا .
ابتسم محمد : صراحة هو مش مشروعى اصلا ده فكرة وفية وهى اللى عملت دراسة الجدوى .
هز محمود رأسه مستحسنا : دماغها نضيفة دراسة الجدوى هايلة وبعدين دى كمان جايبة لك اسعار ماكينات يعنى دراسة شاملة ..خسارة معناش سيولة تغطى .
ساد الصمت لحظات قبل أن يتساءل محمد : ندخل ريان معانا .. احسن ما ناخد قرض وهو أولى بالمكسب .
وافقه محمود : مفيش مشكلة لو معاه سيولة يبقى احسن . خلاص كلمه ونتقابل بكرة ندرس الموضوع كويس .
استقام محمد : تمام هكلمه ونيجى لك بكرة سوا .
ظهر التردد على وجه محمد ليدور محمود ويجلسه مجددا ويجلس بجواره متسائلا عن خطبه ، صمت محمد دقائق قبل أن يقول : محمود انا عاوز اشيلك أمانة .
أمانة !!
ردد محمود بتلقائية ليتساءل : أمانة إيه يا محمد ؟ مالك فى إيه ؟
تنهد محمد بحزن وأمسك ذراع أخيه برجاء : محمود لو جرى لى حاجة خلى بالك من وفية وابنها .. انا ...
تردد مجددا ليتابع بجهد : انا خايف عليها من حمزة .
فزع محمود : حمزة !! انت بتقول ايه يا محمد ؟
دفن محمد وجهه بكفيه : حمزة ماتقبلش جوازى من وفية يا محمود .. وحمزة حتة من رحمة ..
نظر له بألم : رحمة ضيعت عمري وعمرها كره ورفض لمرات ابوها .. ماقدرتش تتجاوز طول عمرها فكرة إنها بنت الزوجة التانية .. ولا قدرت تتجاوز رفضها لحسنات أو رفض حسنات ليها .انا خايف يا محمود .. خايف على وفية اوى .حتى ابنها لسه في علم الغيب ومابيوجعنيش لكن هى وجعانى .
ربت محمود فوق كتفه يحاول بثه بعض الاطمئنان: ماتخافش يا محمد ربنا يبارك فى عمرك وانت تخلى بالك منهم كلهم .
تشبث محمد بكفى أخيه راجيا : بالله عليك اوعدنى يا محمود .. اوعدنى انك مش هتضيع وفية ولا هتفرط في حقها ابدا .. ارجوك يا محمود علشان ارتاح .
تسلل فزعه لقلب أخيه ليصيبه مباشرة بألم حاد ، لم يبخل علي أخيه يوما ولن يفعل ما حيا لذا اسرع يقول : اوعدك يا محمد مش هفرط فيها ولا في حقها ابدا .
ارتسمت ابتسامة مهزوزة على شفتى محمد قبل أن يزفر براحة : الحمدلله .. انا كده اطمنت .
ونهض من فوره : هامشى بقا واشوفك بكرة إن شاء الله .
حاول محمود إبقائه لبعض الوقت لكنه أخبره أن عليه العودة للمنزل فالممرضة ستغادر و وفية ستحتاج رعايته .
******
وصلت للمشفى بصحبة أخيها لتبدأ ترتعد خوفا ، لما هو بالمشفى !!
لم تعد قادرة على المضى قدما لتتعلق بذراع أخيها الذى انتبه لسوء حالتها : مالك بترچفى ليه ؟؟ مافهوش حاچة ماتخافيش .
رأى الدموع تتجمع بعينيها : جولى الحجيجة يا خوى الله يرضى عنيك .
جذبها خلفه وتقدم لتتبعه مكرهة : هتشوفيه بعنيكى دلوك .
وصلت الردهة لتجد الجميع هناك .. الجميع عداها !!
منذ متى وهو هنا !!
وقبل أن تطرح المزيد من التساؤلات دفعها يزيد نحو غرفة مغلقة : ادخلى لچوزك .
دفعها للداخل وأغلق الباب ليدور على عقبيه مواجها الجميع فيصيح معترضا : ربنا ما يبلينى بإللى بلاكم بيه .
زفر نافضا جلبابه ليتجه نحو المقعد فيجاور جده بصمت ظاهرى .
****
اغلق أخيها الباب بعد دفعها للداخل لتتسمر قدميها بالأرض ، كان متسطحا فوق فراش معدنى ، صدره عار وتحيط كتفه الأيسر أربطة طبية ، رأسه أيضا مضمد ووجهه شديد الشحوب بينما يمتد لذراعه خرطوم يمده بالدماء .
لم تمانع تساقط دموعها ولا شهقاتها المكتومة بكفها ، لكنها لم تتمكن من التقدم ، ظلت تتطلع إليه بألم باكية ألمه حتى سمعت حشرجة صوته : شكلى مليح وانى إكده ؟؟
هرولت نحو الفراش ما إن سمعت صوته : ديااب .. ديااب انت واعى لى صوح ؟؟ دياب فيك إيه ؟؟ مين عمل فيك إكده ؟
فتح عينيه يرى فزعها فيقطب جبينه بشدة ويقول : انت .
شهقت بصدمة : انااا
حاول أن يبدو جديا : چبتى أچلى . فضلتى تجولى كد ضلفة الباب لما بجيت لا نافع باب ولا شباك ولا طاجة حتى .. حسدتينى يا مخبلة
تألم حين ضحك بينما زاد بكائها : إن شاء الله انا وانت لاه .
نظر لها لائما : بعيد الشر عنيكى .. ده انا بهزر لأچل تفكى خلجتك .
كففت دموعها بسرعة : حد يجول لمرته خلجتك ؟؟
تصنع التفكير : وياكى حج سحنتك .
ابتسمت لتحيط كفه : خلعت جلبى .. ربنا ما يحرمني منيك .
ابتسم بشحوب : ماتخافيش انا زين أهه ، كأنى ديناصور مچنح صوح الرصاص مافاتش فى جلبى ههههه.
رفعت كفه بتلقائية لتنال شفتيها منه دفئه ، نظر لها مستنكرا لتعيدها بعند ومشاغبة فيقول محذرا : دجيجة واحدة وهتلاجى عمى رفيع فوج راسك .
لم ينه جملته وكان الباب يقتحم بلا تفكير من قبل رفيع ليقول فورا : انى زين يا عمى .
توقفت خطوات رفيع ليعيد مؤكداً : انى زين والله العظيم .
ظل رفيع محدقا به لدقيقة وقد توقفت حركة الجميع وفى لحظة انهار رفيع ساقطا أرضا لينتفض دياب ويهرع الجميع لحمله عن الأرض .
*******
وصل محمود لمنزله ليجد الصمت يسكنه ، توجه لغرفته ليجد حياة بالفراش ، اقترب منها بقلق : حياة انا مش هسكت على تعبك ده . لازم نشوف دكتور .
لم تكبح عبراتها بل اجهشت تحررها من سكونها : انا اللى تاعبنى مالوش علاج يا محمود .
جلس بجوارها رافعا وجهها نحوه : مفيش حاجة مالهاش علاج .
كلاهما يعلم أن الألم يصدر عن صغيرهما الذى طالما كان متهورا ، لكن تهوره هذه المرة لا يمكن احتوائه فقد اخلف طفلا وزوجة أضاعهما بحماقته .
كفف دموعها وقربها منه يهدهدها برقة لعدة دقائق قبل أن يتساءل : هيا مشيت ؟
اومأت بصمت ليتساءل مجددا : هو فين ؟
أجابته بحزن : فى اوضته .. راح وصلها ورجع ماخرجش تانى .
أبعدها برفق رابتا فوق رأسها بحنان : ارتاحى شوية انا هروح اتكلم معاه ..
تساءلت بقلق : هترجع تكلمه ؟؟
تنهد بحزن : لازم اكلمه .. لازم يفهم يا حياة
منذ غادره محمد وهو يتساءل ، ماذا إن لم يملك الكثير من الوقت !!!
أخيه يرتعب لتركه زوجة وابن لم تلده بعد فكيف سيترك ابنه بهذه الأخلاق !!
بهذا الضياع !!
بهذا العقل الذى لم ينجه مطلقا !!
سينهى مقاطعة استمرت طويلا عسى أن تكون نهايتها بداية جديدة لولده ، لم تعد المقاطعة مجدية فقد ألتزم مازن الصمت أيضا .
لا ينكر أنه لم يعد يتابع عمله ، فقد أفلح فى تنظيم وإدارة المتجر ، عله يفلح في إدارة حياته إذا .
دخل للغرفة وكان مازن مستلقيا أيضا يحادث نفسه ويتساءل كيف يمكنه أن يتابع حياته !!
أيعيد هيا لحياته ويعيش لهذا الطفل بأحشائها !!
ام يبحث عن حياة جديدة وزوجة جديدة !!
لقد فقد زينة وانتهى الأمر ، فقدها منذ ارتضى ذلك الطريق الأعوج .. عليه أن يعترف ما كان عمه ليقبل به ، كان سيتسبب فى خلاف بين أبيه وعمه فقط لكنها ما كانت له يوما ولن تكون .
تاج !!!
كم يشعر بالغضب تجاهه !!
طالما كان الأفضل ، والأنجح ، والأكثر تأدبا وتعقلا .لكن ليس ذنبه أن أختار رفيق عمره الطريق القويم .
لا ينكر طالما نصحه وطالما فعل أبويه لكنه أبى إلا أن يتبع شيطانه .
انتفض حين وجد أبيه بالحجرة ليعتدل وينظر أرضا ، اقترب محمود ببطء حتى توقف أمامه ليقول : عامل إيه ؟؟
رفع رأسه فورا ، أبيه يتحدث إليه بعد هذه المدة التي عذبه فيها بصمته ، وقف احتراما على غير طبيعته المعتادة ليهمس بحرج : الحمدلله يا بابا .
جلس محمود فوق الفراش : اخيرا سمعتك بتحمد ربنا . اقعد يا مازن .
جلس مازن ليتابع محمود : انا هحكى لك حكاية .. زمان وانا في عمرك واصغر منك كمان حبيت
نظر له بتساؤل ليومأ مؤكدا : عارف حبيت مين ؟
تساءل بترقب : ماما ؟
ابتسم محمود بحزن : لا .. حبيت چودى بنت عمى .. لكن هى حبت عمك ساهر .. ويوم ما جت قالت لي اسودت الدنيا في عيني .. كنت اقدر اطلبها من عمى وكان هيفضلنى على الغريب لكن أنا مارضتش اتجوزها وانا عارف انها بتحب غيرى .. انا ماارضهاش على نفسى .. وزى ما عشت طول عمرى سندها فضلت سندها .. كنت بتحرق لما أشوفها معاه .أو لما مااشوفهاش بس عارف إنها معاه . فضلت سنين اعذب نفسى ورافض اى خطوة وقافل حياتى على قلبى المكسور لحد ما جدتك تعبت .. تعبت منى .. من وجعها عليا .. لما خطبت حياة كنت فاكر نفسى بتجوز بس علشان ارضى امى ، ماخدتش بالى انى بتعلق بيها لحد ما كنت هخسرها .. يومها عرفت يعنى إيه وجع !! يعنى إيه كسر قلب !! يعنى إيه دقة قلبك صداها بيوجع من الخوف !! ومن يومها فهمت انى ماكنتش بحب چودى أو ماحبتهاش كفاية . لما چودى عملت حادثة انا اخدت دنيا ومشيت لكن لما حياة عملت حادثة كان عندى استعداد اموت ومااتحركش من جمب اوضتها وقبلها كنت مستعد اموت واخرجها من الخطر . إنك تحب حد وارد لكن كمل حياتك مع اللى مستعد تموت علشانه .
خفض مازن رأسه ، بالواقع هو غير مستعد للتضحية لأجل أيا كان ، مهما كانت التضحيات بسيطة هو غير مستعد لأى تضحيات بعد ، أيعنى هذا أنه لم يحب زينة !!
أيعنى أنه لم يحب هيا أيضا !!
ربت محمود فوق كتفه لينظر له : قبل ما تسأل نفسك انت بتحب مين .. أسأل نفسك انت بتحب نفسك ؟؟
تعجب مازن : نفسى !! هو في حد مابيحبش نفسه ؟
ابتسم محمود : اللى بيأذيها .. اللى مابيراعيش ربنا .. اللى بيأذى الناس اللى بتحبه .
شعر مازن بالخزى من نفسه ليتابع محمود : انا طول عمرى بقيمك واقولك اغلاطك .. جه الوقت اللى تقيم نفسك وتعترف بالغلط اللى فيها .. انا هسيبك دلوقتى وإن احتجت اي حاجة تعالى اسألنى .. انت جربت تدور على الاجابات بعيد عنى وشوفت النتيجة .. جرب مرة واحدة تيجى تسألنى وشوف النتيجة .
ربت فوق كتفه مجددا ثم استقام مبتعدا عنه ليغادر فورا .
*****
خرج الطبيب من غرفة رفيع ليجد تجمهرا بالخارج ، ابتسم لهم جميعا ليهرع نحوه سليم : بابا عنده إيه يا دكتور ؟
ولا حاجة
أجاب ببساطة لتتساءل رنوة : امال وقع ليه ؟؟
لم ينظر نحوها واجاب : مفيش سبب واضح .. ممكن صدمة بس علشان ابن اخوه زى ما بتقولوا .
اتجهت رنوة نحو الباب : هو فاق ؟؟
أوقفها سليم : استنى يا ماما .
نظر لها الطبيب مشيرا للغرفة : هيفوق خلال دقايق تقدرى تدخلى .
لتنظر هى للجميع بحزم : محدش يدخل علينا .
صدمة أصابت الجميع ليتنحنح سليم بحرج بينما تذمرت سيلين التى تضمها عفاف وهى تنظر نحو زوجها الذى يخفى ابتسامته .
غادر الطبيب بينما تحرك يزيد : هطمن دياب واعاود .
أومأ له والده بصمت بينما لم يتحرك جده ، هو وحده شهد على معاناة الماضى .. هو وحده ينتظر ما ستسفر عنه الدقائق المقبلة ولا يظنه خيرا .
***
دخلت الغرفة لتقترب بصمت ، كففت دموعها بحدة وانتظرت أن يعود للواقع .. دقائق مرت طويلة قبل أن يتحرك ببطء ثم انشق جفنيه على صورتها .
كانت مقطبة الجبين نظراتها حادة ، ما إن فتح عينيه حتى عقدت ساعديها وزادت حدة نظراتها لتتساءل : وبعدين !!
تحرك بضعف رافعا كفه لرأسه الذى يدور : بعدين إيه !! إيه اللى چرى !!
علت نبرة صوتها : اللى جرى انك بتموت نفسك .. ليه مش عاوز تفهم ؟ الماضى مابيرجعش .. محدش هيموت بالرصاص .. سويلم ودياب وسليم محدش منهم هيبقى سويلم تانى ..
نظر لها بدهشة لتتابع متسائلة : وإن حصل هتعمل ايه ؟؟ قولى إذا ربنا استرد أمانته مننا هتعمل ايه ؟؟
وصلت نبرتها للصراخ : ما ترد عليا !! هتعترض على قضاء الله !! ولا هتموت وراه !! انت اصلا بتموت وبتقتلنى .
أشارت نحو صدرها : فكرت فيا !! انا لو جرى لك حاجة هعمل ايه ؟؟ هروح فين ؟؟
زادت قربا لتضرب صدره : انت ساكت ليه رد عليا .. قولى اعمل ايه وانا اكتر من نص عمرى انت .. قولى اروح فين وانا سبت الدنيا كلها علشانك .
ابتعدت عنه منهية تلك المعاناة : رفيع إحنا نازلين لكتب كتاب زينة .. يا تاخد قرار أتأخر اوى وتشوف اخصائي يا تسبنى احاول ابنى حياة انت مش فيها .
ودارت على عقبيها لتسمح لعينيها أن تبكيه ، ولقلبها أن يحميه . فتحت الباب واندفعت مغادرة مع نظرات الدهشة ليندفع كل من سيلين وسليم للداخل وما إن رأى ولده حتى صرخ به : واجف تعمل ايه ؟؟ حصل امك
انتفض سليم يلحق بها بينما اتجهت سيلين نحوه تغمره راجية : بابا ماتزعلش من ماما هى خايفة عليك والله ؟؟
ربت فوق رأسها : خابر .
مع أول ضربة لعكاز الحاج زيدان ابتعدت سيلين عن أبيها الذى اعتدل جالسا ، جلس زيدان أمامه ليقول : جلبك رهيف يا رفيع .. طول عمرك ماتتحملش الدم .. لأچل إكده بوك كان نافر منيك .
زفر رفيع ليقول حسين : ماتخافش على دياب يا رفيع ، ده ماكملش نص ساعة في العمليات .. الطلجة مافاتتش فى صدره من أصله .
تمتم رفيع : الحمدلله ربنا يعافيه .. سيلين كلمى خوكى جولى له سويلم ماياخدش خبر عن اى حاچة .
لتبدى سيلين بعض الجنون الذى يصاحبها : وبالمرة اطمنك إن ماما روحت مش كده !!
ضحك الحاج زيدان وحسين بينما هز رأسه بأسف : اه يا مجصوفة الرجبة !!!
اتجهت للخارج وهى تشيح بذراعيها : هو انا كده طول عمرى .. مش عاجبة حد فيكم ..
دخلت عفاف بصحبة زوجها لتفقد رفيع ولحق بهما يزيد الذى أخبره الطبيب أن رفيع يمكنه العودة للمنزل .
******
استيقظت عازمة على إنهاء هذا الألم الذي يستعمر صدرها منذ حديثها وامها وزاد حدة مع عدم إجابته اتصالاتها وعدم اتصاله وقت الفجر .
غادر والديها بعد أن اخبرتهما أنها ستتوجه للقائه بينما سيتوجه إياد للجمعية .
وصلت لمنزل محمد وطرقت الباب منتظرة إجابة لم تطل فقد وقف حمزة أمامها مندهشا : بسمة !!
ابتسمت وحيته ليعمل إدراكه ويفسح لها المجال لتمر لكنها لم تفعل قبل أن تتساءل : ممكن اقابل سويلم ؟
إذا هى سبب سهده وأرقه طيلة الليل ، كان واثقا من ذلك إلا أن سويلم كعادته لم يتحدث ، ابتسم لها : هو نايم أصله مانمش غير بعد الفجر .
تقدمت للداخل : ممكن تصحيه ؟؟
لتصلها ضحكات زينة : هههههه يصحى سويلم ؟ لا ياختى انا مش مستغنية عن اخويا .. الاوضة قدامك صحيه هو مش هيقدر يكح معاكى .
كانت بسمة تضمها بود أثناء حديثها لتبتعد عاقدة حاجبيها : للدرجة دى ؟؟
عادت زينة تضحك : قتيييل يا بنتى نومه اتقل من الحيطة وانت بتصحيه خدى بالك ايديه بتتحرك لوحدها ههههه .
شاركتها بسمة حوارا قصيرا بعد أن اتجه حمزة نحو غرفة أمه ليعيد محاولة إطعامها فهى أصبحت لا تأكل جديا في غير وجود أبيه وهذا وحده يحزنه .
***
دخلت الغرفة لتجده يرقد ووجهه للفراش ، هيئته مضحكة رغم شعورها بالحرج إلا أنها تقدمت للداخل حتى جلست بجواره .
ترددت قليلا قبل أن تلامس ظهره بأناملها منادية إسمه بصوت خفيض ، رأت انبساط قسماته لتبتسم وتدفعه مجددا ، فتح عينيه ونظر لها ليبتسم هامسا إسمها قبل أن يرتخى جفنيه مجددا .
هزت رأسها أسفا ؛ كانا محقين نومه عميق للغاية . استخدمت راحتها كاملة لتدفعه مجددا بلهجة حادة ليفتح عينيه مرة أخرى وسرعان ما انتفض ولا تدرى كيف استوى جالسا أمامها بهذه السرعة لكنها سمعت همسه لنفسه لتبتسم فقد كانت تشاركه أحلامه .
صباح الخير .
تحدث بحشرجة محببة لتبتسم ويرتفع كفها مهذبا شعيراته ، شعرت بنفضة بدنه لتبتسم بخبث : صباح وخير وانت مزعلنى ؟
مسد ابهامها إنعقاد حاجبيه وهى تتابع : لما تقفل موبايلك وانت زعلان من غير ما تعتب لازم ازعل .. لو انا غالية عندك هتعاتبنى
رفع كفه معترضا بعثرتها حواسه ليقول : اعاتبك وانا المحجوج !!
تركت كفها يرقد بين أنامله ليتابع : انا مش زعلان يا بسمة انا خايف .. ماخابرش كيف هحرمك من الفرحة دى !!
نظرت له بلوم : بردوا !! يا سويلم محدش بيحرم حد .. ربنا اللى بيعطى بكرمه وربنا اللى بيمنع برحمته يعنى في الحالتين خير لينا .. انت ليه مش عاوز تفهم !!
تنهد بحزن : ماجادرش يا بسمة غصب عني .
استرخى رأسه فوق كفها المستكين بين ذراعيه ليرتفع كفها الأخر محيطه بحنان : كل ما كان الابتلاء صعب كل ما كان الأجر اكبر .
ربتت فوق رأسه لتجده فى لحظة زاحفا متشبثا بها دافنا رأسه المثقل بين ثناياها توترت قليلا لكن خوفه كان أكبر من توترها لتغمره بحب فهو لا يحتاج أكثر من الشعور بالأمان وما أجمل أن تشعر أن امانه بين ذراعيها !!!
*****
فتح دياب عينيه على طرقات انتفضت لها دينا تتأكد من ملابسها وحجابها قبل أن تهرول نحو الباب ، وجدت أمامها ضابط شرطة صارم الوجه لتفسح له دون بنت شفه .
دخل الضابط نحو دياب لتذوب تلك الصرامة ويبتسم : حمدالله على سلامتك يا استاذ .. انا بردو قولت دياب ماتقتلوش رصاصة ده انت عاوز اربچيه .
ضحك دياب : اهو عنيكم دى اللى چيبانى ورا .
لكمه الضابط بترفق : بقى انت بتيجى ورا بردو .. ما انت زى القرد اهو امال قومونى من النوم ليه ؟
كانت اللكمة من نصيبه هذه المرة ودياب يقول : مالهمش حج انا انطخيت امبارح . ضباط اخر زمن .
تسللت دينا خارجا فيبدو أن ثمة علاقة صداقة بين زوجها وبين هذا الصارم وعليها أن تضايفه ، تأففت بضيق فهى لا تحمل ايه أموال معها وقد غادر الجميع مساءا .
تذكرت زيدان .. لابد أنه بصحبة همت لن يغادرها مطلقا . أسرعت الخطى نحو الغرفة التى تفقدت همت فيها مساءا ، طرقت الباب وانتظرت قليلا وقبل أن تطرقه مجددا فتحه زيدان . نظرت أرضا بخجل : معلش يا خوى .. اصل فى واحد چه يزور دياب وانا ماچبتش فلوس .
ضحك زيدان ورفع وجهها بكفه : من ميتة بتستحى تطلبى فلوس ده انت كنت زى المنشار .
لم تجب وهو لم ينتظر إجابتها بل توجه للداخل ليأتى لها بحقيبة من علب العصائر : حجك عليا كان لازم أچيبهالك عشية بس نعست غصب عني .
نظرت للحقيبة بريبة ليشير للداخل فترى أخرى ، قدمها لها : چايبهالك يا جدرى الزين .
ضحكت وتناولتها منه بود لتغادر بعد لحظات ، عادت للغرفة وكان الضابط يسأل دياب بجدية عن شكوكه حول شخصية الفاعل إلا أن زوجها لم يتهم أحدا .
اقتربت بحرج تقدم له علبة عصير : معلش ماجادرينش نضايف حضرتك زين .
ابتسم على عكس صرامته السابقة : ولا يهمك يا آنسة.
حملقت بوجهه بينما لكمه دياب فعليا : الآنسة تبجى مرتى
حمحم بحرج: انا آسف والله فكرتها اختك .. انت اجوزت امتة يا عم ؟
ابتسم دياب مكرها ليمرر الحرج : جبل ما اشوف خلجتك ..انت محسسنى إننا أصحاب من مية سنة وانت ماتعرفنيش غير من شهرين .
ضحك بود : انا فعلا حاسس اني اعرفك من زمان .. بعدين الصحاب مش بالعمر يا تنين جيلك .
ضحك دياب : يا عم حسام بعد عينك دى عنى شوية .. هتودينى فين بعد إكده .
استقام حسام : مش هوديك .. هجيبك..هجيبك لحد عندى لما اجيب اللى عمل فيك كده . سلام يا وحش .. عاوز لما الزيارة الجاية تبقى في مكتبى .
ظلا يتشاكسان دقائق قبل مغادرة حسام ، نظر لها ، لقد غيرته كثيرا منذ دخلت حياته .. لم يكن له رفقاء سوى ابنى عمه .. هو لم يكن يسمح بأية علاقات اجتماعية ، لكن هذه المجنونة فتحت بابا بقلبه للجميع .
تحولت نظراته للحدة وهو يقول متهكما : تعالى يا آنسة جومينى .
ضحكت دينا : صاحبك ماعندوش نظر هتجلب على انا !!
وصلت ليحيط رقبتها بذراعه السليم لكنه لم ينهض عن الفراش بل جذبها نحوه ليهمس : محدش يشوف وشك تانى . فاهمة !!
اومأت بصمت ليقول : ماسامعش .
همست توافقه ليعيد تأكيدا بعدم سماعها ، تذمرت ورفعت رأسها بحدة ليخطف أنفاسها فورا علها تخمد تلك النيران التى أشعلها مجرد أن رأها بعينى رجل . تخبط قلبه ليشعر ببعض الألم الذي تجاهله تماما ليزيد يقينه هو لم يعرف العشق قبل هذه المجنونة .
*****
لم تنهض عن فراشها صباحا ، منحها المزيد من الوقت علها تتكاسل فقط ، أوشك على مغادرة الغرفة وهى لا تزال بنفس الوضعية ؛ توليه ظهرها بصمت .
اقترب مجددا من الفراش يدقق النظر لوجهها ليجد عينيها تحدقان فى الفراغ : رونى
همس برجاء لكنها لم تنظر له ، كأنه غير موجود .
زفر بضيق واتجه نحو الخارج مرة أخرى لكنه لم يتجاوز الباب هذه المرة أيضا بل عاد إليها مجددا ، جلس بجوارها لتفسح له بصمت ، إذا هى تشعر به .
هذا الاحتقان بعينيها ينبأه بليلة مرهقة حزينة ، كانت تتظاهر بالنوم لدى عودته ليسقط هو فى تأثير تلك العقاقير اللعينة .
ابتعد مرة أخرى لتظن أنه سيغادر لكنها بعد لحظات شعرت به يندس بجوارها ليأسرها بذراعيه لائما بضعف : اهون عليكى يا رنوة الهنا ؟ إيه الچديد ؟ طول عمرى بضعف وانت جوتى .. طول عمرى اتوه وانت تاخدى بيدى .
تحدثت اخيرا بعد أن اهلكته بهذا الصمت : الجديد انك وقعت يا رفيع .. كأن هدومى وقعت ولاقيت نفسى عريانة قدام الناس .. كأن البيت ده وقع ولاقيت نفسى تايهة فى الشوارع .. كأ..
ابتلع حروفها التى تسددها لقلبه كخناجر طاعنة ، لن يزيدها ألما .. لن يزيدها خوفا .. لن يزيد نفسه عذابا .
يمكنه أن يخضع للعلاج ، ليس بالأمر المخزى ، ضاحى أخضع ولده لعلاج نفسى ومن قبل زوجته .. هو ليس مجنونا هو عاجز عن تخطى ليلة واحدة بعمره هو نفسه يتمنى أن يتخطاها .
****
مع انتصاف النهار وصل زائر غير متوقع للمشفى ، كان دياب بغرفته تصحبه زوجته وابنة عمه وزوجها ويزيد الذى يصر على اتهام منصور ويرفض دياب بشدة لكن حقيقة رفضه ليست ثقة أن منصور ليس الفاعل ، بل خوفا من انهيار هاشم الذى يلتزم الصمت .
طرق الباب ودخل ضاحى خلف مصطفى ، نظر له دياب بدهشة لكنه اقترب من الفراش بثقة : الف سلامة يا دياب وحقك عليا .. انا غلطت في حقك لما شيلتك ذنب مش ذنبك .
لم يفهم دياب ما يعنيه لكنه نظر نحو عفاف بتحفز لينظر لها مصطفى أيضا : وانت كمان يا عفاف حقك عليا انا كنت عاوز اوجع دياب بأى شكل .
هنا رفع هاشم رأسه : جصدك إيه !! الحديت الماسخ يوم موت امى ؟
هز مصطفى رأسه : قبل كده بكتير
لتتجه نظرات هاشم نحو زوجته التى توجست فقد مرت معه بتجربة لسوء الظن لا تريد أن تعيدها .
رأى دياب توترها لينهره : اللى بيتحدت عنيه جبل چوازكم يعنى مالاكش تسألها فيه .
نظر له هاشم بحدة : انت هتدخل بينى وبين مرتى ؟
ليصيح دياب بغضب : مرتك تبجى بت عمى وخيتى جبل ما تبجى مرتك وإذا عندك استعداد تچرحها بكلمة انى عيندى استعداد اردلك الصاع صاعين .
نظر مصطفى لأبيه بحرج فها هو يتسبب في خلاف اخر فى محاولته لإصلاح أخطاءه .
ضرب ضاحى الأرض منهيا الشجار الطفولى بينهما : بس انت وياه
نظرا له ليتابع محدثا هاشم : ولدى غلط في مرتك جبل ما تطلبها من أصله ولما فهم غلطه بيعتذر لها مفيش داعى تعاتبها هى ماغلطتش ..
أشار نحو ولده : اللى غلط اهه جدامك .. راچل لراچل .
ثم نظر ل دياب : وانت ماتحاميش لبتى وانى واجف لو هو كسر خاطرها انى جادر أچيب حجها .
صمت الجميع لتتحرك دينا بحرج تقدم العصائر للجميع لينهى دخول هيبة جو التشاحن بينهم .
*****
وصل محمد وريان إلى متجر محمود الذى رحب بهما ليجلس ثلاثتهم يتباحثون أمر هذا المصنع والذى كان هينا بالفعل بمشاركة ثلاثتهم .
أخبره أبيه صباحا عن مشروع عمه وزوجته وأشار أنها فرصة جيدة لإنهاء الخلاف بينه وبين عمه ليجد مازن أنها بداية جيدة بالفعل .
وصل أثناء حديثهم ليقترب خوفا من رد فعل عمه والذى ما إن رآه أمامه حتى تبدلت ملامحه بالفعل لكنها لم تظهر كرها ولا غضبا با ابتسم .
لم يفهم مازن إن عمه يبتسم له حتى استقام محمد وجذبه لصدره هامسا : كان لازم اعاقبك انت ابنى يا غبى ..كسرت لك ضلعين علشان تحس بقيمة اللى حاولت تكسره
ابتسم مازن أيضا ووصلته رسالة عمه أيضا ليهمس أيضا : الحمدلله إنك مش ابويا ..
ابتعد قليلا ليسمعه أبيه : ايدك تقيلة اوى يا عمى
ضحك ريان : والله يا بنى معاك حق طول عمرى أقوله كده .
صافحه مازن ليعود الجميع للتباحث حول المصنع ليقترح مازن بلا تردد الاستعانة ب شاكر لإستيراد الماكينات ومستلزمات التصنيع .
اتكأ محمود بظهره للخلف وقد بدأت الراحة تصل لقلبه بعد سنوات من الألم ، يبدو أن ابنه للمرة الأولى بحياته قد عمل بنصيحة وقيم نفسه .
هذا ما كان يحتاجه .. تقيم نفسه لا تقيم الآخرين له .
*****
عاد الجميع للمنزل وأصر الطبيب على ابقائه ليلة أخرى ، حمل زيدان زوجته للمنزل أيضا بعد حوار مع الطبيب زاده حيرة وخوفا ، أخبره الطبيب أن همت عانت من القسوة طيلة عمرها لذا تتشبث بحنانه ودفئه وهما يبعثان الحياة ببدنها الضعيف . أخبره أيضا أنها أصبحت تتبع فطرتها وتصبو لقربه دون أن تدرك ذلك ..
هى لن تدرك هذا التقارب دون تجربة وهذه التجربة قد تقتلها لذا عليه أن يغدق عليها حنانه علها تكتفى به .
لم يزده هذا اللقاء سوى عذابا فوق العذاب ، قلبها الضعيف يستجيب للحياة بفضله هو وهى تستجيب لحنانه وتتوق للمزيد وهو عاجز عن هذا المزيد الذى قد يفقده إياها .
كان زيدان وهمت اخر من غادر لتقرر دينا التهرب من دياب . منذ غادرا اتجهت للأريكة حيث قضت الليلة الماضية . ظل هو يراقبها بصمت . لم يخطئ تساؤلات عينيها ، كان يسمعها رغم صخب الحاضرين .
انتظر أن تحول تلك التساؤلات لكلمات لكنها لم تفعل بل اكتفت بالهرب .
ألهذه الدرجة لا تثق به !!!
ألهذه الدرجة لم تشعر بحبه !! أشواقه !! شغفه !! جنونه بها !!
يمكنه أن يمنحها عذرا واحدا ؛ أنها لم تعرفه بالماضى لتتأكد من مقدار التغير الذى طرأ عليه منذ أولى لياليه بقربها .. ودون إتمام زواجهما كانت في سويعات قضتها بقربه قد أشعلت لهيبا ممتع إحراقه .
حمحم متسائلا : دينا انت نعستى ؟
اعتدلت بحدة لم يتوقعها لتقول بلا تفكير : مانعستش وماهنعسش فى الليلة دى جبل ما تجول الحجيجة .
صمت ليمنحها لحظات تستجمع قوتها الداخلية لتتساءل : انت بعدك بتحب عفاف ؟
ترى هل حدث خطب ما فى القضية ؟؟
هل تعارك مع منصور ؟؟
هل أصابه سوء ؟؟
زفرت مخاوفها مع أنفاسها الملتهبة قبل أن تعود للشرفة علها تلمح طيف سيارته ، لكن لا أثر ، دقائق وعادت للخلف لتجد سيارته تقترب ، تهلل قلبها لكنها قطبت جبينها وتوعدته لعدم إجابة اتصالاتها .
أسرعت للداخل لكنها تسمع خطوات ترتقى الدرج ، عاد القلق ينهشها ، دياب رغم ضخامته لا تسمع صوت خطواته مطلقا .
أسرعت تلبى الطرقات الغريبة لتجد أمامها يزيد ، نظرت له بفزع ليقول فورا بحدة : غيرى خلجاتك
لكن حدته لم تردعها عن التساؤل الذى لا يريد سماعه : دياب چرى له إيه ؟؟
حمحم بضيق ولانت نبرة صوته : غيرى وهاخدك ليه .
هرولت للداخل بينما ظل موضعه متكئا إلى الجدار خلفه .يحمد الله أن نبهه أباه لتبديل ثيابه المتشبعة بدماء دياب ، نظر للداخل بألم ؛ هذا الفزع ولم تعلم بعد ما حدث له ! فماذا ستفعل إن رأت دمائه ؟؟
****
حاولت كثيرا مهاتفته بلا فائدة ، هاتفه مغلق .
ترى كيف حاله !!
هل هو خائف كما أخبرتها أمها !!
هل يتألم ؟؟
مر الوقت بطيئا وحين هاتفت زينة لتفقده ، كانت الأخيرة بالخارج تنتقى فستان عقد قرانها والذى اتى هو خصيصا لحضوره .
لزمت حجرتها لبقية اليوم فما من رغبة لديها لمجرد التحدث .
*****
وصل محمد لمتجر أخيه حاملا أوراقها ليعرض الأمر عليه لمشاركته هذا المشروع ، استقبله محمود بحفاوته المعتادة وبدأ يتساءل عن أخباره وعن احتياجاته المحتملة للحفل بنهاية الأسبوع .
قدم له محمد الأوراق : قولى رأيك في المشروع ده يا محمود .
أمسك محمود الأوراق ليصمت فترة طويلة قبل أن يقول : مشروع ممتاز طبعا بس عاوز راس مال كبير
تساءل محمد : أنا وأنت مانقدرش عليه ؟؟
هز محمود رأسه : هياخد كل رأس مالنا وده مش صح طبعا ..ده غير ان المشروع لمصنع تعبئة أعشاب طبيعية انت لو زودت عشرين فى المية هتقدر تزود تعبئة توابل وده هيزود الارباح جدا .
ابتسم محمد : صراحة هو مش مشروعى اصلا ده فكرة وفية وهى اللى عملت دراسة الجدوى .
هز محمود رأسه مستحسنا : دماغها نضيفة دراسة الجدوى هايلة وبعدين دى كمان جايبة لك اسعار ماكينات يعنى دراسة شاملة ..خسارة معناش سيولة تغطى .
ساد الصمت لحظات قبل أن يتساءل محمد : ندخل ريان معانا .. احسن ما ناخد قرض وهو أولى بالمكسب .
وافقه محمود : مفيش مشكلة لو معاه سيولة يبقى احسن . خلاص كلمه ونتقابل بكرة ندرس الموضوع كويس .
استقام محمد : تمام هكلمه ونيجى لك بكرة سوا .
ظهر التردد على وجه محمد ليدور محمود ويجلسه مجددا ويجلس بجواره متسائلا عن خطبه ، صمت محمد دقائق قبل أن يقول : محمود انا عاوز اشيلك أمانة .
أمانة !!
ردد محمود بتلقائية ليتساءل : أمانة إيه يا محمد ؟ مالك فى إيه ؟
تنهد محمد بحزن وأمسك ذراع أخيه برجاء : محمود لو جرى لى حاجة خلى بالك من وفية وابنها .. انا ...
تردد مجددا ليتابع بجهد : انا خايف عليها من حمزة .
فزع محمود : حمزة !! انت بتقول ايه يا محمد ؟
دفن محمد وجهه بكفيه : حمزة ماتقبلش جوازى من وفية يا محمود .. وحمزة حتة من رحمة ..
نظر له بألم : رحمة ضيعت عمري وعمرها كره ورفض لمرات ابوها .. ماقدرتش تتجاوز طول عمرها فكرة إنها بنت الزوجة التانية .. ولا قدرت تتجاوز رفضها لحسنات أو رفض حسنات ليها .انا خايف يا محمود .. خايف على وفية اوى .حتى ابنها لسه في علم الغيب ومابيوجعنيش لكن هى وجعانى .
ربت محمود فوق كتفه يحاول بثه بعض الاطمئنان: ماتخافش يا محمد ربنا يبارك فى عمرك وانت تخلى بالك منهم كلهم .
تشبث محمد بكفى أخيه راجيا : بالله عليك اوعدنى يا محمود .. اوعدنى انك مش هتضيع وفية ولا هتفرط في حقها ابدا .. ارجوك يا محمود علشان ارتاح .
تسلل فزعه لقلب أخيه ليصيبه مباشرة بألم حاد ، لم يبخل علي أخيه يوما ولن يفعل ما حيا لذا اسرع يقول : اوعدك يا محمد مش هفرط فيها ولا في حقها ابدا .
ارتسمت ابتسامة مهزوزة على شفتى محمد قبل أن يزفر براحة : الحمدلله .. انا كده اطمنت .
ونهض من فوره : هامشى بقا واشوفك بكرة إن شاء الله .
حاول محمود إبقائه لبعض الوقت لكنه أخبره أن عليه العودة للمنزل فالممرضة ستغادر و وفية ستحتاج رعايته .
******
وصلت للمشفى بصحبة أخيها لتبدأ ترتعد خوفا ، لما هو بالمشفى !!
لم تعد قادرة على المضى قدما لتتعلق بذراع أخيها الذى انتبه لسوء حالتها : مالك بترچفى ليه ؟؟ مافهوش حاچة ماتخافيش .
رأى الدموع تتجمع بعينيها : جولى الحجيجة يا خوى الله يرضى عنيك .
جذبها خلفه وتقدم لتتبعه مكرهة : هتشوفيه بعنيكى دلوك .
وصلت الردهة لتجد الجميع هناك .. الجميع عداها !!
منذ متى وهو هنا !!
وقبل أن تطرح المزيد من التساؤلات دفعها يزيد نحو غرفة مغلقة : ادخلى لچوزك .
دفعها للداخل وأغلق الباب ليدور على عقبيه مواجها الجميع فيصيح معترضا : ربنا ما يبلينى بإللى بلاكم بيه .
زفر نافضا جلبابه ليتجه نحو المقعد فيجاور جده بصمت ظاهرى .
****
اغلق أخيها الباب بعد دفعها للداخل لتتسمر قدميها بالأرض ، كان متسطحا فوق فراش معدنى ، صدره عار وتحيط كتفه الأيسر أربطة طبية ، رأسه أيضا مضمد ووجهه شديد الشحوب بينما يمتد لذراعه خرطوم يمده بالدماء .
لم تمانع تساقط دموعها ولا شهقاتها المكتومة بكفها ، لكنها لم تتمكن من التقدم ، ظلت تتطلع إليه بألم باكية ألمه حتى سمعت حشرجة صوته : شكلى مليح وانى إكده ؟؟
هرولت نحو الفراش ما إن سمعت صوته : ديااب .. ديااب انت واعى لى صوح ؟؟ دياب فيك إيه ؟؟ مين عمل فيك إكده ؟
فتح عينيه يرى فزعها فيقطب جبينه بشدة ويقول : انت .
شهقت بصدمة : انااا
حاول أن يبدو جديا : چبتى أچلى . فضلتى تجولى كد ضلفة الباب لما بجيت لا نافع باب ولا شباك ولا طاجة حتى .. حسدتينى يا مخبلة
تألم حين ضحك بينما زاد بكائها : إن شاء الله انا وانت لاه .
نظر لها لائما : بعيد الشر عنيكى .. ده انا بهزر لأچل تفكى خلجتك .
كففت دموعها بسرعة : حد يجول لمرته خلجتك ؟؟
تصنع التفكير : وياكى حج سحنتك .
ابتسمت لتحيط كفه : خلعت جلبى .. ربنا ما يحرمني منيك .
ابتسم بشحوب : ماتخافيش انا زين أهه ، كأنى ديناصور مچنح صوح الرصاص مافاتش فى جلبى ههههه.
رفعت كفه بتلقائية لتنال شفتيها منه دفئه ، نظر لها مستنكرا لتعيدها بعند ومشاغبة فيقول محذرا : دجيجة واحدة وهتلاجى عمى رفيع فوج راسك .
لم ينه جملته وكان الباب يقتحم بلا تفكير من قبل رفيع ليقول فورا : انى زين يا عمى .
توقفت خطوات رفيع ليعيد مؤكداً : انى زين والله العظيم .
ظل رفيع محدقا به لدقيقة وقد توقفت حركة الجميع وفى لحظة انهار رفيع ساقطا أرضا لينتفض دياب ويهرع الجميع لحمله عن الأرض .
*******
وصل محمود لمنزله ليجد الصمت يسكنه ، توجه لغرفته ليجد حياة بالفراش ، اقترب منها بقلق : حياة انا مش هسكت على تعبك ده . لازم نشوف دكتور .
لم تكبح عبراتها بل اجهشت تحررها من سكونها : انا اللى تاعبنى مالوش علاج يا محمود .
جلس بجوارها رافعا وجهها نحوه : مفيش حاجة مالهاش علاج .
كلاهما يعلم أن الألم يصدر عن صغيرهما الذى طالما كان متهورا ، لكن تهوره هذه المرة لا يمكن احتوائه فقد اخلف طفلا وزوجة أضاعهما بحماقته .
كفف دموعها وقربها منه يهدهدها برقة لعدة دقائق قبل أن يتساءل : هيا مشيت ؟
اومأت بصمت ليتساءل مجددا : هو فين ؟
أجابته بحزن : فى اوضته .. راح وصلها ورجع ماخرجش تانى .
أبعدها برفق رابتا فوق رأسها بحنان : ارتاحى شوية انا هروح اتكلم معاه ..
تساءلت بقلق : هترجع تكلمه ؟؟
تنهد بحزن : لازم اكلمه .. لازم يفهم يا حياة
منذ غادره محمد وهو يتساءل ، ماذا إن لم يملك الكثير من الوقت !!!
أخيه يرتعب لتركه زوجة وابن لم تلده بعد فكيف سيترك ابنه بهذه الأخلاق !!
بهذا الضياع !!
بهذا العقل الذى لم ينجه مطلقا !!
سينهى مقاطعة استمرت طويلا عسى أن تكون نهايتها بداية جديدة لولده ، لم تعد المقاطعة مجدية فقد ألتزم مازن الصمت أيضا .
لا ينكر أنه لم يعد يتابع عمله ، فقد أفلح فى تنظيم وإدارة المتجر ، عله يفلح في إدارة حياته إذا .
دخل للغرفة وكان مازن مستلقيا أيضا يحادث نفسه ويتساءل كيف يمكنه أن يتابع حياته !!
أيعيد هيا لحياته ويعيش لهذا الطفل بأحشائها !!
ام يبحث عن حياة جديدة وزوجة جديدة !!
لقد فقد زينة وانتهى الأمر ، فقدها منذ ارتضى ذلك الطريق الأعوج .. عليه أن يعترف ما كان عمه ليقبل به ، كان سيتسبب فى خلاف بين أبيه وعمه فقط لكنها ما كانت له يوما ولن تكون .
تاج !!!
كم يشعر بالغضب تجاهه !!
طالما كان الأفضل ، والأنجح ، والأكثر تأدبا وتعقلا .لكن ليس ذنبه أن أختار رفيق عمره الطريق القويم .
لا ينكر طالما نصحه وطالما فعل أبويه لكنه أبى إلا أن يتبع شيطانه .
انتفض حين وجد أبيه بالحجرة ليعتدل وينظر أرضا ، اقترب محمود ببطء حتى توقف أمامه ليقول : عامل إيه ؟؟
رفع رأسه فورا ، أبيه يتحدث إليه بعد هذه المدة التي عذبه فيها بصمته ، وقف احتراما على غير طبيعته المعتادة ليهمس بحرج : الحمدلله يا بابا .
جلس محمود فوق الفراش : اخيرا سمعتك بتحمد ربنا . اقعد يا مازن .
جلس مازن ليتابع محمود : انا هحكى لك حكاية .. زمان وانا في عمرك واصغر منك كمان حبيت
نظر له بتساؤل ليومأ مؤكدا : عارف حبيت مين ؟
تساءل بترقب : ماما ؟
ابتسم محمود بحزن : لا .. حبيت چودى بنت عمى .. لكن هى حبت عمك ساهر .. ويوم ما جت قالت لي اسودت الدنيا في عيني .. كنت اقدر اطلبها من عمى وكان هيفضلنى على الغريب لكن أنا مارضتش اتجوزها وانا عارف انها بتحب غيرى .. انا ماارضهاش على نفسى .. وزى ما عشت طول عمرى سندها فضلت سندها .. كنت بتحرق لما أشوفها معاه .أو لما مااشوفهاش بس عارف إنها معاه . فضلت سنين اعذب نفسى ورافض اى خطوة وقافل حياتى على قلبى المكسور لحد ما جدتك تعبت .. تعبت منى .. من وجعها عليا .. لما خطبت حياة كنت فاكر نفسى بتجوز بس علشان ارضى امى ، ماخدتش بالى انى بتعلق بيها لحد ما كنت هخسرها .. يومها عرفت يعنى إيه وجع !! يعنى إيه كسر قلب !! يعنى إيه دقة قلبك صداها بيوجع من الخوف !! ومن يومها فهمت انى ماكنتش بحب چودى أو ماحبتهاش كفاية . لما چودى عملت حادثة انا اخدت دنيا ومشيت لكن لما حياة عملت حادثة كان عندى استعداد اموت ومااتحركش من جمب اوضتها وقبلها كنت مستعد اموت واخرجها من الخطر . إنك تحب حد وارد لكن كمل حياتك مع اللى مستعد تموت علشانه .
خفض مازن رأسه ، بالواقع هو غير مستعد للتضحية لأجل أيا كان ، مهما كانت التضحيات بسيطة هو غير مستعد لأى تضحيات بعد ، أيعنى هذا أنه لم يحب زينة !!
أيعنى أنه لم يحب هيا أيضا !!
ربت محمود فوق كتفه لينظر له : قبل ما تسأل نفسك انت بتحب مين .. أسأل نفسك انت بتحب نفسك ؟؟
تعجب مازن : نفسى !! هو في حد مابيحبش نفسه ؟
ابتسم محمود : اللى بيأذيها .. اللى مابيراعيش ربنا .. اللى بيأذى الناس اللى بتحبه .
شعر مازن بالخزى من نفسه ليتابع محمود : انا طول عمرى بقيمك واقولك اغلاطك .. جه الوقت اللى تقيم نفسك وتعترف بالغلط اللى فيها .. انا هسيبك دلوقتى وإن احتجت اي حاجة تعالى اسألنى .. انت جربت تدور على الاجابات بعيد عنى وشوفت النتيجة .. جرب مرة واحدة تيجى تسألنى وشوف النتيجة .
ربت فوق كتفه مجددا ثم استقام مبتعدا عنه ليغادر فورا .
*****
خرج الطبيب من غرفة رفيع ليجد تجمهرا بالخارج ، ابتسم لهم جميعا ليهرع نحوه سليم : بابا عنده إيه يا دكتور ؟
ولا حاجة
أجاب ببساطة لتتساءل رنوة : امال وقع ليه ؟؟
لم ينظر نحوها واجاب : مفيش سبب واضح .. ممكن صدمة بس علشان ابن اخوه زى ما بتقولوا .
اتجهت رنوة نحو الباب : هو فاق ؟؟
أوقفها سليم : استنى يا ماما .
نظر لها الطبيب مشيرا للغرفة : هيفوق خلال دقايق تقدرى تدخلى .
لتنظر هى للجميع بحزم : محدش يدخل علينا .
صدمة أصابت الجميع ليتنحنح سليم بحرج بينما تذمرت سيلين التى تضمها عفاف وهى تنظر نحو زوجها الذى يخفى ابتسامته .
غادر الطبيب بينما تحرك يزيد : هطمن دياب واعاود .
أومأ له والده بصمت بينما لم يتحرك جده ، هو وحده شهد على معاناة الماضى .. هو وحده ينتظر ما ستسفر عنه الدقائق المقبلة ولا يظنه خيرا .
***
دخلت الغرفة لتقترب بصمت ، كففت دموعها بحدة وانتظرت أن يعود للواقع .. دقائق مرت طويلة قبل أن يتحرك ببطء ثم انشق جفنيه على صورتها .
كانت مقطبة الجبين نظراتها حادة ، ما إن فتح عينيه حتى عقدت ساعديها وزادت حدة نظراتها لتتساءل : وبعدين !!
تحرك بضعف رافعا كفه لرأسه الذى يدور : بعدين إيه !! إيه اللى چرى !!
علت نبرة صوتها : اللى جرى انك بتموت نفسك .. ليه مش عاوز تفهم ؟ الماضى مابيرجعش .. محدش هيموت بالرصاص .. سويلم ودياب وسليم محدش منهم هيبقى سويلم تانى ..
نظر لها بدهشة لتتابع متسائلة : وإن حصل هتعمل ايه ؟؟ قولى إذا ربنا استرد أمانته مننا هتعمل ايه ؟؟
وصلت نبرتها للصراخ : ما ترد عليا !! هتعترض على قضاء الله !! ولا هتموت وراه !! انت اصلا بتموت وبتقتلنى .
أشارت نحو صدرها : فكرت فيا !! انا لو جرى لك حاجة هعمل ايه ؟؟ هروح فين ؟؟
زادت قربا لتضرب صدره : انت ساكت ليه رد عليا .. قولى اعمل ايه وانا اكتر من نص عمرى انت .. قولى اروح فين وانا سبت الدنيا كلها علشانك .
ابتعدت عنه منهية تلك المعاناة : رفيع إحنا نازلين لكتب كتاب زينة .. يا تاخد قرار أتأخر اوى وتشوف اخصائي يا تسبنى احاول ابنى حياة انت مش فيها .
ودارت على عقبيها لتسمح لعينيها أن تبكيه ، ولقلبها أن يحميه . فتحت الباب واندفعت مغادرة مع نظرات الدهشة ليندفع كل من سيلين وسليم للداخل وما إن رأى ولده حتى صرخ به : واجف تعمل ايه ؟؟ حصل امك
انتفض سليم يلحق بها بينما اتجهت سيلين نحوه تغمره راجية : بابا ماتزعلش من ماما هى خايفة عليك والله ؟؟
ربت فوق رأسها : خابر .
مع أول ضربة لعكاز الحاج زيدان ابتعدت سيلين عن أبيها الذى اعتدل جالسا ، جلس زيدان أمامه ليقول : جلبك رهيف يا رفيع .. طول عمرك ماتتحملش الدم .. لأچل إكده بوك كان نافر منيك .
زفر رفيع ليقول حسين : ماتخافش على دياب يا رفيع ، ده ماكملش نص ساعة في العمليات .. الطلجة مافاتتش فى صدره من أصله .
تمتم رفيع : الحمدلله ربنا يعافيه .. سيلين كلمى خوكى جولى له سويلم ماياخدش خبر عن اى حاچة .
لتبدى سيلين بعض الجنون الذى يصاحبها : وبالمرة اطمنك إن ماما روحت مش كده !!
ضحك الحاج زيدان وحسين بينما هز رأسه بأسف : اه يا مجصوفة الرجبة !!!
اتجهت للخارج وهى تشيح بذراعيها : هو انا كده طول عمرى .. مش عاجبة حد فيكم ..
دخلت عفاف بصحبة زوجها لتفقد رفيع ولحق بهما يزيد الذى أخبره الطبيب أن رفيع يمكنه العودة للمنزل .
******
استيقظت عازمة على إنهاء هذا الألم الذي يستعمر صدرها منذ حديثها وامها وزاد حدة مع عدم إجابته اتصالاتها وعدم اتصاله وقت الفجر .
غادر والديها بعد أن اخبرتهما أنها ستتوجه للقائه بينما سيتوجه إياد للجمعية .
وصلت لمنزل محمد وطرقت الباب منتظرة إجابة لم تطل فقد وقف حمزة أمامها مندهشا : بسمة !!
ابتسمت وحيته ليعمل إدراكه ويفسح لها المجال لتمر لكنها لم تفعل قبل أن تتساءل : ممكن اقابل سويلم ؟
إذا هى سبب سهده وأرقه طيلة الليل ، كان واثقا من ذلك إلا أن سويلم كعادته لم يتحدث ، ابتسم لها : هو نايم أصله مانمش غير بعد الفجر .
تقدمت للداخل : ممكن تصحيه ؟؟
لتصلها ضحكات زينة : هههههه يصحى سويلم ؟ لا ياختى انا مش مستغنية عن اخويا .. الاوضة قدامك صحيه هو مش هيقدر يكح معاكى .
كانت بسمة تضمها بود أثناء حديثها لتبتعد عاقدة حاجبيها : للدرجة دى ؟؟
عادت زينة تضحك : قتيييل يا بنتى نومه اتقل من الحيطة وانت بتصحيه خدى بالك ايديه بتتحرك لوحدها ههههه .
شاركتها بسمة حوارا قصيرا بعد أن اتجه حمزة نحو غرفة أمه ليعيد محاولة إطعامها فهى أصبحت لا تأكل جديا في غير وجود أبيه وهذا وحده يحزنه .
***
دخلت الغرفة لتجده يرقد ووجهه للفراش ، هيئته مضحكة رغم شعورها بالحرج إلا أنها تقدمت للداخل حتى جلست بجواره .
ترددت قليلا قبل أن تلامس ظهره بأناملها منادية إسمه بصوت خفيض ، رأت انبساط قسماته لتبتسم وتدفعه مجددا ، فتح عينيه ونظر لها ليبتسم هامسا إسمها قبل أن يرتخى جفنيه مجددا .
هزت رأسها أسفا ؛ كانا محقين نومه عميق للغاية . استخدمت راحتها كاملة لتدفعه مجددا بلهجة حادة ليفتح عينيه مرة أخرى وسرعان ما انتفض ولا تدرى كيف استوى جالسا أمامها بهذه السرعة لكنها سمعت همسه لنفسه لتبتسم فقد كانت تشاركه أحلامه .
صباح الخير .
تحدث بحشرجة محببة لتبتسم ويرتفع كفها مهذبا شعيراته ، شعرت بنفضة بدنه لتبتسم بخبث : صباح وخير وانت مزعلنى ؟
مسد ابهامها إنعقاد حاجبيه وهى تتابع : لما تقفل موبايلك وانت زعلان من غير ما تعتب لازم ازعل .. لو انا غالية عندك هتعاتبنى
رفع كفه معترضا بعثرتها حواسه ليقول : اعاتبك وانا المحجوج !!
تركت كفها يرقد بين أنامله ليتابع : انا مش زعلان يا بسمة انا خايف .. ماخابرش كيف هحرمك من الفرحة دى !!
نظرت له بلوم : بردوا !! يا سويلم محدش بيحرم حد .. ربنا اللى بيعطى بكرمه وربنا اللى بيمنع برحمته يعنى في الحالتين خير لينا .. انت ليه مش عاوز تفهم !!
تنهد بحزن : ماجادرش يا بسمة غصب عني .
استرخى رأسه فوق كفها المستكين بين ذراعيه ليرتفع كفها الأخر محيطه بحنان : كل ما كان الابتلاء صعب كل ما كان الأجر اكبر .
ربتت فوق رأسه لتجده فى لحظة زاحفا متشبثا بها دافنا رأسه المثقل بين ثناياها توترت قليلا لكن خوفه كان أكبر من توترها لتغمره بحب فهو لا يحتاج أكثر من الشعور بالأمان وما أجمل أن تشعر أن امانه بين ذراعيها !!!
*****
فتح دياب عينيه على طرقات انتفضت لها دينا تتأكد من ملابسها وحجابها قبل أن تهرول نحو الباب ، وجدت أمامها ضابط شرطة صارم الوجه لتفسح له دون بنت شفه .
دخل الضابط نحو دياب لتذوب تلك الصرامة ويبتسم : حمدالله على سلامتك يا استاذ .. انا بردو قولت دياب ماتقتلوش رصاصة ده انت عاوز اربچيه .
ضحك دياب : اهو عنيكم دى اللى چيبانى ورا .
لكمه الضابط بترفق : بقى انت بتيجى ورا بردو .. ما انت زى القرد اهو امال قومونى من النوم ليه ؟
كانت اللكمة من نصيبه هذه المرة ودياب يقول : مالهمش حج انا انطخيت امبارح . ضباط اخر زمن .
تسللت دينا خارجا فيبدو أن ثمة علاقة صداقة بين زوجها وبين هذا الصارم وعليها أن تضايفه ، تأففت بضيق فهى لا تحمل ايه أموال معها وقد غادر الجميع مساءا .
تذكرت زيدان .. لابد أنه بصحبة همت لن يغادرها مطلقا . أسرعت الخطى نحو الغرفة التى تفقدت همت فيها مساءا ، طرقت الباب وانتظرت قليلا وقبل أن تطرقه مجددا فتحه زيدان . نظرت أرضا بخجل : معلش يا خوى .. اصل فى واحد چه يزور دياب وانا ماچبتش فلوس .
ضحك زيدان ورفع وجهها بكفه : من ميتة بتستحى تطلبى فلوس ده انت كنت زى المنشار .
لم تجب وهو لم ينتظر إجابتها بل توجه للداخل ليأتى لها بحقيبة من علب العصائر : حجك عليا كان لازم أچيبهالك عشية بس نعست غصب عني .
نظرت للحقيبة بريبة ليشير للداخل فترى أخرى ، قدمها لها : چايبهالك يا جدرى الزين .
ضحكت وتناولتها منه بود لتغادر بعد لحظات ، عادت للغرفة وكان الضابط يسأل دياب بجدية عن شكوكه حول شخصية الفاعل إلا أن زوجها لم يتهم أحدا .
اقتربت بحرج تقدم له علبة عصير : معلش ماجادرينش نضايف حضرتك زين .
ابتسم على عكس صرامته السابقة : ولا يهمك يا آنسة.
حملقت بوجهه بينما لكمه دياب فعليا : الآنسة تبجى مرتى
حمحم بحرج: انا آسف والله فكرتها اختك .. انت اجوزت امتة يا عم ؟
ابتسم دياب مكرها ليمرر الحرج : جبل ما اشوف خلجتك ..انت محسسنى إننا أصحاب من مية سنة وانت ماتعرفنيش غير من شهرين .
ضحك بود : انا فعلا حاسس اني اعرفك من زمان .. بعدين الصحاب مش بالعمر يا تنين جيلك .
ضحك دياب : يا عم حسام بعد عينك دى عنى شوية .. هتودينى فين بعد إكده .
استقام حسام : مش هوديك .. هجيبك..هجيبك لحد عندى لما اجيب اللى عمل فيك كده . سلام يا وحش .. عاوز لما الزيارة الجاية تبقى في مكتبى .
ظلا يتشاكسان دقائق قبل مغادرة حسام ، نظر لها ، لقد غيرته كثيرا منذ دخلت حياته .. لم يكن له رفقاء سوى ابنى عمه .. هو لم يكن يسمح بأية علاقات اجتماعية ، لكن هذه المجنونة فتحت بابا بقلبه للجميع .
تحولت نظراته للحدة وهو يقول متهكما : تعالى يا آنسة جومينى .
ضحكت دينا : صاحبك ماعندوش نظر هتجلب على انا !!
وصلت ليحيط رقبتها بذراعه السليم لكنه لم ينهض عن الفراش بل جذبها نحوه ليهمس : محدش يشوف وشك تانى . فاهمة !!
اومأت بصمت ليقول : ماسامعش .
همست توافقه ليعيد تأكيدا بعدم سماعها ، تذمرت ورفعت رأسها بحدة ليخطف أنفاسها فورا علها تخمد تلك النيران التى أشعلها مجرد أن رأها بعينى رجل . تخبط قلبه ليشعر ببعض الألم الذي تجاهله تماما ليزيد يقينه هو لم يعرف العشق قبل هذه المجنونة .
*****
لم تنهض عن فراشها صباحا ، منحها المزيد من الوقت علها تتكاسل فقط ، أوشك على مغادرة الغرفة وهى لا تزال بنفس الوضعية ؛ توليه ظهرها بصمت .
اقترب مجددا من الفراش يدقق النظر لوجهها ليجد عينيها تحدقان فى الفراغ : رونى
همس برجاء لكنها لم تنظر له ، كأنه غير موجود .
زفر بضيق واتجه نحو الخارج مرة أخرى لكنه لم يتجاوز الباب هذه المرة أيضا بل عاد إليها مجددا ، جلس بجوارها لتفسح له بصمت ، إذا هى تشعر به .
هذا الاحتقان بعينيها ينبأه بليلة مرهقة حزينة ، كانت تتظاهر بالنوم لدى عودته ليسقط هو فى تأثير تلك العقاقير اللعينة .
ابتعد مرة أخرى لتظن أنه سيغادر لكنها بعد لحظات شعرت به يندس بجوارها ليأسرها بذراعيه لائما بضعف : اهون عليكى يا رنوة الهنا ؟ إيه الچديد ؟ طول عمرى بضعف وانت جوتى .. طول عمرى اتوه وانت تاخدى بيدى .
تحدثت اخيرا بعد أن اهلكته بهذا الصمت : الجديد انك وقعت يا رفيع .. كأن هدومى وقعت ولاقيت نفسى عريانة قدام الناس .. كأن البيت ده وقع ولاقيت نفسى تايهة فى الشوارع .. كأ..
ابتلع حروفها التى تسددها لقلبه كخناجر طاعنة ، لن يزيدها ألما .. لن يزيدها خوفا .. لن يزيد نفسه عذابا .
يمكنه أن يخضع للعلاج ، ليس بالأمر المخزى ، ضاحى أخضع ولده لعلاج نفسى ومن قبل زوجته .. هو ليس مجنونا هو عاجز عن تخطى ليلة واحدة بعمره هو نفسه يتمنى أن يتخطاها .
****
مع انتصاف النهار وصل زائر غير متوقع للمشفى ، كان دياب بغرفته تصحبه زوجته وابنة عمه وزوجها ويزيد الذى يصر على اتهام منصور ويرفض دياب بشدة لكن حقيقة رفضه ليست ثقة أن منصور ليس الفاعل ، بل خوفا من انهيار هاشم الذى يلتزم الصمت .
طرق الباب ودخل ضاحى خلف مصطفى ، نظر له دياب بدهشة لكنه اقترب من الفراش بثقة : الف سلامة يا دياب وحقك عليا .. انا غلطت في حقك لما شيلتك ذنب مش ذنبك .
لم يفهم دياب ما يعنيه لكنه نظر نحو عفاف بتحفز لينظر لها مصطفى أيضا : وانت كمان يا عفاف حقك عليا انا كنت عاوز اوجع دياب بأى شكل .
هنا رفع هاشم رأسه : جصدك إيه !! الحديت الماسخ يوم موت امى ؟
هز مصطفى رأسه : قبل كده بكتير
لتتجه نظرات هاشم نحو زوجته التى توجست فقد مرت معه بتجربة لسوء الظن لا تريد أن تعيدها .
رأى دياب توترها لينهره : اللى بيتحدت عنيه جبل چوازكم يعنى مالاكش تسألها فيه .
نظر له هاشم بحدة : انت هتدخل بينى وبين مرتى ؟
ليصيح دياب بغضب : مرتك تبجى بت عمى وخيتى جبل ما تبجى مرتك وإذا عندك استعداد تچرحها بكلمة انى عيندى استعداد اردلك الصاع صاعين .
نظر مصطفى لأبيه بحرج فها هو يتسبب في خلاف اخر فى محاولته لإصلاح أخطاءه .
ضرب ضاحى الأرض منهيا الشجار الطفولى بينهما : بس انت وياه
نظرا له ليتابع محدثا هاشم : ولدى غلط في مرتك جبل ما تطلبها من أصله ولما فهم غلطه بيعتذر لها مفيش داعى تعاتبها هى ماغلطتش ..
أشار نحو ولده : اللى غلط اهه جدامك .. راچل لراچل .
ثم نظر ل دياب : وانت ماتحاميش لبتى وانى واجف لو هو كسر خاطرها انى جادر أچيب حجها .
صمت الجميع لتتحرك دينا بحرج تقدم العصائر للجميع لينهى دخول هيبة جو التشاحن بينهم .
*****
وصل محمد وريان إلى متجر محمود الذى رحب بهما ليجلس ثلاثتهم يتباحثون أمر هذا المصنع والذى كان هينا بالفعل بمشاركة ثلاثتهم .
أخبره أبيه صباحا عن مشروع عمه وزوجته وأشار أنها فرصة جيدة لإنهاء الخلاف بينه وبين عمه ليجد مازن أنها بداية جيدة بالفعل .
وصل أثناء حديثهم ليقترب خوفا من رد فعل عمه والذى ما إن رآه أمامه حتى تبدلت ملامحه بالفعل لكنها لم تظهر كرها ولا غضبا با ابتسم .
لم يفهم مازن إن عمه يبتسم له حتى استقام محمد وجذبه لصدره هامسا : كان لازم اعاقبك انت ابنى يا غبى ..كسرت لك ضلعين علشان تحس بقيمة اللى حاولت تكسره
ابتسم مازن أيضا ووصلته رسالة عمه أيضا ليهمس أيضا : الحمدلله إنك مش ابويا ..
ابتعد قليلا ليسمعه أبيه : ايدك تقيلة اوى يا عمى
ضحك ريان : والله يا بنى معاك حق طول عمرى أقوله كده .
صافحه مازن ليعود الجميع للتباحث حول المصنع ليقترح مازن بلا تردد الاستعانة ب شاكر لإستيراد الماكينات ومستلزمات التصنيع .
اتكأ محمود بظهره للخلف وقد بدأت الراحة تصل لقلبه بعد سنوات من الألم ، يبدو أن ابنه للمرة الأولى بحياته قد عمل بنصيحة وقيم نفسه .
هذا ما كان يحتاجه .. تقيم نفسه لا تقيم الآخرين له .
*****
عاد الجميع للمنزل وأصر الطبيب على ابقائه ليلة أخرى ، حمل زيدان زوجته للمنزل أيضا بعد حوار مع الطبيب زاده حيرة وخوفا ، أخبره الطبيب أن همت عانت من القسوة طيلة عمرها لذا تتشبث بحنانه ودفئه وهما يبعثان الحياة ببدنها الضعيف . أخبره أيضا أنها أصبحت تتبع فطرتها وتصبو لقربه دون أن تدرك ذلك ..
هى لن تدرك هذا التقارب دون تجربة وهذه التجربة قد تقتلها لذا عليه أن يغدق عليها حنانه علها تكتفى به .
لم يزده هذا اللقاء سوى عذابا فوق العذاب ، قلبها الضعيف يستجيب للحياة بفضله هو وهى تستجيب لحنانه وتتوق للمزيد وهو عاجز عن هذا المزيد الذى قد يفقده إياها .
كان زيدان وهمت اخر من غادر لتقرر دينا التهرب من دياب . منذ غادرا اتجهت للأريكة حيث قضت الليلة الماضية . ظل هو يراقبها بصمت . لم يخطئ تساؤلات عينيها ، كان يسمعها رغم صخب الحاضرين .
انتظر أن تحول تلك التساؤلات لكلمات لكنها لم تفعل بل اكتفت بالهرب .
ألهذه الدرجة لا تثق به !!!
ألهذه الدرجة لم تشعر بحبه !! أشواقه !! شغفه !! جنونه بها !!
يمكنه أن يمنحها عذرا واحدا ؛ أنها لم تعرفه بالماضى لتتأكد من مقدار التغير الذى طرأ عليه منذ أولى لياليه بقربها .. ودون إتمام زواجهما كانت في سويعات قضتها بقربه قد أشعلت لهيبا ممتع إحراقه .
حمحم متسائلا : دينا انت نعستى ؟
اعتدلت بحدة لم يتوقعها لتقول بلا تفكير : مانعستش وماهنعسش فى الليلة دى جبل ما تجول الحجيجة .
صمت ليمنحها لحظات تستجمع قوتها الداخلية لتتساءل : انت بعدك بتحب عفاف ؟
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثانى والثلاثون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا