مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع والثلاثون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الرابع والثلاثون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
|
كان هذا الطبيب الذى أوصاه به ضاحى مفيدا بالفعل فلأول مرة منذ سنوات طويلة لا يزعجه الرقص بالعصى ، بل لأول مرة لم يشدد على الجميع بعدم المشاركة به ، لم يكن يعلم أن ولديه وابن أخيه يجيدونه لهذه الدرجة ، كم أضاع من حياته !!
يثق أن بإمكانه أن يبدأ من جديد ، طالما هو على قيد الحياة فالفرصة سانحة .
وكضربا من ضروب الجنون الذى أدى لصمت الحضور بشكل مفزع ، مد سويلم عصاه بأنفاس لاهثة نحو صدر أبيه ، نظر له بتحدى مبتسما وكل منهما عينيه متعلقة بالآخر .
اهتزت عينا رفيع لحظة واحدة لكن الصمت حوله يثبت أن الجميع ينتظر رد فعله ، تحركت عينيه ببطء ، إنه ليس أخيه .. ليس أخيه وما حدث في الماضي لن يتكرر .
نفض عباءته عن كتفيه ليعلو تصفيق وصفير يدرك أنه من ولده المجنون ، قبض كفه على العصى ليعود الاحتفال فى نفس اللحظة إلى صخبه المعروف ويلقى دياب عصاه نحو سويلم الذى تلقفاها بمرح .
**
ركضت سيلين نحو أمها التى ارسلتها لإستكشاف سبب صمت اقلق الجميع صارخة : ماما الحقى بابا بيحطب .
اتسعت عينا رنوة دون الفزع ، اتسعتا سعادة وفخر ، كانت تثق أنه قادر على ذلك .
طالما وثقت به وطالما لم يخيب ظنها فيه .
اندفعت نحو الشرفة لتراه للمرة الأولى بحياتها يتحرك بخفة هو وولدها ، لا يبدوان اب وابنه مطلقا ، كلاهما بارع بحق .ظلت تتابعهما بشغف حتى قرر هو أنه اكتفى ليضم صغيره بفخر .
تنفست بعمق اخيرا هذا هو رفيع الذى أحبته ، هذا هو الصعيدى الذى وكزته بأناملها منذ سنوات طويلة .
كم كان إعادته لنفسه أمرا شاقا استهلك من عمرهما الكثير ، لكنها الأن تراه بنفس الهيئة .. نفس النظرة التي التفت لها بها في تلك الليلة .. لقد عاد إليها .
عاد بالكامل .
لم يرغب سويلم في إنهاء احتفاله بليلته الأخيرة دونها ، إن استطاع لمدها حتى ليلته الأولى معها لكنه اكره على إنهائها .
كان يعلم أنه سيتعذب ، لكنه لم يظن أن هذا العذاب بهذه الوحشية .هو بفراشه منذ ساعة كاملة لكن هذا الفراش ليس ما اعتاد أن يأوى إليه ليرتاح ، زفر بضيق متطلعا لسقف الحجرة مجددا . متى يأتي الغد !!
*****
إنها ليلة مميزة ، انتقت لها رداءا مميزا أيضا ، خبأته منذ عزم على مواجهة مخاوفه لليلة تحتفل فيها بإنتصاره على تلك المخاوف .. وها هى اليوم تراه يعود سنوات ماحيا الألم .. تراه الليلة كليلة عقد قرانهما ، تلك الليلة التي لن تنساها مطلقا ، تراه الليلة بنفس صفائه ، تخلص اخيرا من أثقال انهكته واهلكته ارقا وخوفا ، أسندت رأسها لقبضتها المضمومة تطالع انعاكسها في المرآة .
كأنها تسمع صوته يردد بفخر
ايوه بغير ..
تراقصت السعادة بعينيها وكأنها تراه يلقى القصيدة مجددا . تذكرت كل إحساس ، كل نظرة ، كل لمسة دافئة بتلك الليلة التي افسدتها هى بالغيرة .
ضحكت بسعادة لقد طبقت ما تحدث عنه فوريا .
استقامت تتأكد من هيئتها مجددا ، لم تكن تظن أن الرداء سيناسبها بعد هذا العمر .. لكنه مثالى .
نظرت للساعة لتتأفف بضيق ؛ لما عليه دائما أن يباشر كل شيء بنفسه !!
ابنها الذي سيتزوج بالغد نائم منذ ساعة وهو لم يعد بعد !!
مزيد من الانتظار !! هيا لقد انتظرت عمرا كاملا لهذه الليلة .
همهمات بالخارج نبأتها أنه يلقى المزيد من الأوامر على سليم الذى عليه تنفيذها في الصباح الباكر مانحا أخيه فرصة للراحة بيوم عرسه .
دقائق وكان بالباب الذى اسرع يغلقه فور رؤيتها ، اتجهت نحوه مبتسمة ليتساءل : ابيض !! أول مرة من يوم ما اتچوزتك تلبسى ابيض .
رفعت عباءته عن كتفيه : ما هو الابيض ماكانش ينفع ايام ما اتجوزنا .. انت كنت مكسور .
دارت على عقبيها تنظر نحوه : والنهاردة الكسر اتجبر .. الخوف راح .. النهاردة لأول مرة اشوفك زى ما شوفتك اول مرة ، عنيك رجعت تلمع يا رفيع .
غمرها بدفء : طول العمر ده بتستحملينى .. تدارى خوفى .. وتداوى وچعى ولما خوفى كبر چبرتينى اواچهه والليلة مع أول ضربة بالعصا روحى طارت فى السما .. صوت الطلج فرحنى بجى ينفض جلبى فرح مش خوف . رنوة انى مديون لك بعمرى كلاته .
أبعدته برفق لتسند كفها لخصرها : يا سلام اصلا عمرك كله ليا لوحدى .. ولا انت ليك رأى تانى .
تلاشت حدتها الزائفة : خلى بالك انا كمان بغير .هو ؟ هو انت لسه بتغير ؟؟
لا بأس من العودة للماضى إن كان هذا الماضى يحيى اجمل الذكريات ويحوى اجمل المشاعر ، لذا لم يمانع رفيع العودة لتلك الليلة المميزة التي ظن الجميع أنها انتهت نهاية غير سعيدة بينما اعتبرها هو اسعد لياليه فقد كانت الليلة الأولى التى ضمها لصدره لتغفو بأمان وما اروع شعور الرجل حين تغفو حبيبته فوق صدره شاعرة بالأمان .
اتسعت ابتسامته ليرفعها هامسا : ايوه بغير
****
تململت بسمة بالفراش مجددا ، لتهمس : نسمة
همهمت الأخيرة دون أن تتحدث لتتساءل : هو انت كنت خايفة ؟
ابتسمت نسمة ، شقيقتها لم تتغير مطلقا ، لازالت بتلك البراءة الطفولية . إلتفتت تنظر نحوها : خايفة من إيه يا بسمة ؟ من سويلم ؟
زفرت بسمة : لا طبعا .. انا معرفش ..
اتسعت ابتسامة نسمة : الخوف مع كل بداية جديدة طبيعى يا حبيبتي .
تعلقت بها عينيها : بجد !!
بسطت نسمة كفها : هاتى ايدك .
قبضت بسمة على كفها فورا لتعودا طفلتين تمنح كل منهما السكينة للاخرى ، ابتسمت نسمة هامسة : نامى يا بسمة علشان وشك يبقى مرتاح .
اغمضتا الأعين لتعيش إحداهما أحلامها السعيدة وتعيش الأخرى عذاب ظنونها .
*****
يوم الزفاف كان شديد الصخب لم تملك لحظات لإلتقاط أنفاسها ، إفطارا مبكرا إجباريا رغم افتقادها للرغبة في الطعام ، عصائر والمزيد من العصائر وكأنها ستتعرض للتجفيف لاحقا وقرب الظهيرة ويلات مركز التجميل .
كن يتحركن بها من هنا لهناك دون أن تملك لحظة للاعتراض تساعدهن على ذلك شقيقتها التى بدأت تشعر أنها تآمرت عليها أيضا .
لم تفهم ابدا لما عليها أن تضع كل هذه الأقنعة رغم استفاضتهن فى شرح فوائدها ؛ هى فقط تعلم أنها لا تحتاج كل هذا لتبدو جميلة .
هى بالفعل جميلة .. وسويلم يراها جميلة وهذا يكفيها ، هى ترى نفسها بعينيه .
بعد ساعات من العذاب النفسى الذى كاد يفقدها السيطرة ، نظرت لانعكاس صورتها لتبتسم سعادة ؛ كان الأمر يستحق العناء .
إنها مبهرة .سويلم يستحق أن يراها بتلك الهيئة ، لا بأس من بعض الضغط من حين لآخر لأجل هيئة كهذه ؛ فكرت في صمت قبل أن تتلفت حولها في ريبة .
أين هو سويلم طيلة اليوم ؟؟
كلما هاتفته أخبرها أنه يشتاقها كثيرا وينهى المكالمة فورا زاعما أنه سيعاود الاتصال بها .
ولم يفعل ..تنتظر وتعود لمهاتفته لتحصل على نفس النتيجة وتصدقه أيضا .
اللمسات الأخيرة بحرص وروية قبل أن تقف وفتيات العائلة يحطن بها في سعادة .
فستانها شديد البهاء ، باهر للأعين . ابتسمن بسعادة وهى تخبرهن أنه صنع خصيصا لها من قبل أخيها الغالى ورفاقه بكل حب . وما صنعه الحب لابد أن يبهر العقول والأعين .
اخيرا صرخت سيلين بحماس : يلا يا بنات العريس وصل .
وفى لحظات عدن للتأكد من زينتها وجمعن كل ما يخصهن لتبتسم نسمة : إياد بنفسه جاى يخرجك .
عبست بدهشة ؛ لما لم يأت أبيها !!
حسنا ربما ينتظرها في الحفل ، كما أن إياد يستحق أن يكون أول من يراها بهذا الفستان الذى ستشكره عليه ما بقى من حياتها .
بدأن إلتقاط الصور التى ظهرت فورا على وسائل التواصل .
كل شيء مثالى تماما ؛ هكذا فكرت وهى ترفع وجهها تستقبل أخيها الصغير والذى لم يعد صغيرا بالفعل .
دخل إياد شاعرا بحرج شديد من تجمهر الفتيات اللاتى افسحن له بمحبة .
كانتا هناك .. أمامه مباشرة ، تقف بسمة فى أبهى صورة تجاورها نسمة لا تقل عنها جمالا .
أسرع نحو عروس الليلة أولا ، لم تشعر بقوة ذراعيه من قبل لكنه رفعها بالفعل ودار بها بسعادة غامرة ليضعها أرضا : انت حلوة اوى اوى يا بسمة اوى .
دار على عقبيه لتحصل نسمة على ضمة مماثلة اشعرتها بسعادة حقيقية لم تشعر بها ليلة زفافها الخاصة.
اخيرا انتهت اللحظات الحماسية المكللة بالحب لتعلق ذراعها بذراع أخيها وتتجه للخارج .
كانت تنظر أرضا بخجل رغم إلحاحها الداخلى لرؤية أول انطباع له لدى رؤيتها لكنها لم تتمكن من البحث عنه أو رفع عينيها من الأرض سوى لشهقة جماعية صادرة عن رفيقاتها مع ضحكة ل سيلين : والله مجنون يا سويلم .
رفعت عينيها تنظر لجنونه ذا لتجد جنونا حرفيا ، اقتطع لقطة من العصور الوسطى وأتى بها لهذا الزمن ، على ما يبدو لها فارسا من العصور الوسطى جاء بفرسه لحمل عروسه إلى حفل زفافهما .
دارت عينيها بفزع .. المزيد والمزيد من الخيول . حتى عربات رفيقاتها تجرها الخيول .
هزت رأسها استنكارا وهى تتقهقر للخلف بفزع واضح مستنجدة بشقيقتها التى تكتم ضحكاتها .
نظرت لعينيها مباشرة : خاينة .
ضحكت نسمة وبسمة تتراجع صارخة : لا . لا .لا غيرت رأيى مش هتجوز انا ..مش هتجوز .
أمسك إياد كفها قبل أن تتهرب منه : تعالى يا بسمة ما تخافيش .
لكنها كانت خوفا متحركا بالفعل في هذه اللحظة .
ترجل عن فرسه وسط ضحكات رفاقه على هذا المشهد وما إن رأته حتى رفعت كفها محذرة : اوعى تفكر ..انت قاصد يا سويلم صح ؟؟ قاصد تخوفنى ؟
أحاط بها الفتيات يهمسن بمدى روعة ورومانسية المشهد الذى ترفض بينما هو يقف بصمت منتظرا تمالكها أعصابها .
جذبها إياد نحوه لتتقدم خطوتين قهرا : لا يا إياد والله ازعل منك ..انا مش هركب الحصان ده
ودوت صرختها حين وجدت قدميها بالهواء وسويلم يضعها فوق الفرس وفي اللحظة التالية كانت حرفيا بين ذراعيه ليهمس : يا چبانة
تجمدت حرفيا منذ وضعها فوق هذا الفرس ، نظرت أسفل قدميها ، لما الأرض شديدة البعد ؟؟
ستسقط !!
أخرجها صوته من فزعها لتنظر له بغضب : مش هنسهالك يا سويلم عمرى .. عمرى ..
ضحك سويلم : حبيبتي ماتخافيش انت في حضنى .
لتدرك حقيقة أخرى عليها التعامل معها أو استغلالها في هذا الوقت وبالفعل لم تتردد في التشبث به فزعا : هقع يا سويلم !! والله لو وقعت لألغى الفرح .
قاطع أجمل لحظاته صوت أخيه الذى تعمد رفعه : بسرعة يا بنات سويلم شكله قاصد على ما نوصل نلاقى المعازيم ناموا .
تدفقت الضحكات والتعليقات التى أغلبها عن محاولته الفرار بعروسه من الجميع ، جذب لجام الفرس الذى صهل بقوة كافية تماما لإسكات بسمة ليهمس هو : اول مرة في حياته يجول حاچة زينة .. إيه رأيك نروح علطول .
لكنها لم تكن بحالة تسمح بالموافقة أو الرفض أو حتى التفكير .
استغرق الأمر منها نصف ساعة كاملة قبل أن تبدأ تشعر ببعض الاسترخاء مع خطواته شديدة التمهل والحرص .
همس بحنان متسائلا : هديتى !!
نظرت له بلوم ليتابع : بصى حواليكى .. انت خايفة من فكرة چوة راسك .. الفرس ده يموت ولا يأذيكى
نظرت له بتشكك ليبتسم مؤكداً : وانا اموت ولا اذيكى .
اخيرا يمكنها أن تتحدث دون أن تطلق ملابسه القابضة عليها بخوف : كده يا سويلم !! انت عارف انى بخاف من الخيل .. بقى دى مفاجأة تعملها لى .
استقر رأسه قرب كتفها : كل اللى خوفتى منه طول عمرك هنزعه من جلبك ..
همهمت بعناد : هردهالك .. ماشى خليك فاكر ..
لم تجد أثرا لتهديدها الواهن سوى فى إشراقة وجهه : مفيش حاچة ممكن تخوفنى غير انك تهملينى .
وتابع متعلقا بعينيها : تجدرى !!
لتهز رأسها نفيا قبل أن ترخيه فوق كتفه سامحة لنفسها بالتمتع بهذا المشهد الذي إن رأت عروسا غيرها تزف به لشعرت بالغيرة بلا شك .
اقترب منهما فرس إياد الذى تساءل : لسه خايفة ؟
هزت رأسها نفيا وأرغم الجميع على تلك الخطوات الهادئة التي إلتزم بها فرسه لتطول الرحلة ويطول الوقت ويتسرب الخوف بلا رجعة .
لم يتردد اى من الشباب أو الفتيات بتخليد تلك اللحظات بالعديد من اللقطات والمقاطع بينما لم يفكر اى منهما فيما يفعله المحيطون بهما ، لم تتوقف همساته العاشقة لتدفق الخجل المنسكب من عينيها والممتزج بسعادتها الخالصة ليصب فى مجرى سعادته الذى إلتقى أخيرا بفيض منها .
وصل الركب الاسطورى للنجع الذى أضاءت سماء ليله الاحتفالات ، بمجرد أن لاح الركب انهمرت المفرقعات المضيئة والاعيرة الصوتية من كل مكان حتى وصل بها إلى موضع الاحتفال لتجد أبيها منتظرا ، رفع ذراعيه يتلقفها بسهولة عن صهوة جواد زوجها الذى يبدو أنه يرفض نهاية الرحلة عبر صهيله المتكرر .
لامست قدميها الأرض اخيرا لتجد صدر أبيها موطنها حيث نشأت بأمان والليلة تغادر موطنها إلى موطن اخر ستحيا به ما عاشت لكن يظل للابد موطنها الأول هو صدر أبيها .
*****
تقدم محمد من رحمة الجالسة تطالع هاتفها باهتمام ، جلس بلا تردد : بتعملى إيه ؟
وجهت الهاتف نحوه بوجه متهلل : فرح سويلم
نظر للشاشة مبتسما : عقبال ما تفرحى ب حمزة .
اتسعت ابتسامتها وعادت تطالع الهاتف لترى أخيها يعيد احتفالاته بمبارزة عريس الليلة ، بهتت ملامحها لتدقق النظر ، إنه يبتسم !!
رفيع بعد أن تلقى أخيه يصارع سكرات الموت بين ذراعيه في ليلة مماثلة يعيدها ؟؟
وشردت عينيها عن الصورة ، تجاوز الجميع كل ما حدث بالماضى .. عداها .
رنوة لم تتوقف حياتها مطلقا واستأنفت بعد الحادث من حيث توقفت .
ريتا ظلت لسنوات تعانى لكنها تجاوزت أيضا .
ورفيع !!!
رفيع أيضا تجاوز الماضى .. ها هي تراه بعينيها .
لكن هل عانى أحدهم ما عانت ؟؟
رنوة مدللة الجميع انتقلت من دلال أبيها لدلال زوجها .
ريتاچ لم تر بحياتها أمها تهان من قبل أخرى وبرضا من أبيها .. لم يتركها أبيها اغلب أيامه أرضاءا لزوجة أخرى .. لم تفقد أخيها الذى كان الأكثر عطفا ومحبة ..
ورفيع ؟؟ ماذا عنه ؟؟
لقد عانى كل ما عانت ، لكنه رجل ، يمكنه أن يتحمل أكثر مما تحملت .. كما أنه حظى بدعم زوجته .
نظرت نحو محمد المنشغل بهاتفه ، هى أيضا حاول زوجها منحها الدعم لكنها رفضت .
تناست أن رنوة تركت كل حياتها وعاشت ببيئة مخالفة ، تناست ما حدث من رفيع في الماضى ، تناست أن كان عليها احتواء مخاوفه واخفاء رعداته . وما أقسى أن تخفى المرأة خوف من تعشق !!
تناست ما تعرض له ضاحى وما تحملته زوجته في سبيل أن يقف فوق قدميه مجددا .
وتناست ما مر به رفيع من تخبط وصراع طيلة عمره ، تناست أنه كان يهرع نحو كفها الممدود له بالحب ويجاهد ذاتيا ليصل إلى النجاة .
تناست كل ما مر به الجميع من نوائب وتذكرت ففط ما منح لهم من هبات لتظل ترى نفسها في المؤخرة دائما .. لتظل ترى أنها كانت الأسوأ حظا من الجميع .
انتبه محمد لشرودها ليتساءل : مالك يا رحمة ؟
نظرت له بضياع ليقترب منها : فى إيه ؟؟ حاجة تعباكى .
هزت رأسها نفيا ليتابع ناظرا نحو الشاشة : حاجة فى الفرح زعلتك ؟؟
لتهز رأسها مجددا وتبدأ في البكاء ، ألقت الهاتف جانبا ليتعجب أمرها أكثر .
ربما تغيرات مزاجية بسبب هرمونات الحمل !!
احاطها بذراعه ليتساءل مجددا : قولى لى بس ايه اللي حصل ؟؟ طب انت زعلانة منى ؟
لتجيب دون أن تحاول الابتعاد عنه : زعلانة من نفسى .
إذا هى تلك الهرمونات الأنثوية اللعينة ، قبل جبينها بود : طيب احكى لى عملتى إيه لنفسك وانا احكم بينكم .
لتبعد ذراعه عنها ناهضة نحو غرفة حمزة ، هز رأسه بأسف ثم تحرك أيضا نحو غرفته رافعا هاتفه بسعادة : حبيبة قلبي .
تسمرت خطوات رحمة بالأرض ودارت على عقبيها تنظر له لتجده غير منتبه لها بل يوليها ظهره نحو غرفتهما متابعا : وانت كمان وحشتنى يا قلب بابا ..اوعى الواد تاج يكون مزعلك ؟؟
واختفى صوته مع دخوله الغرفة ، إنه يحادث ابنتها .. حمدا لله ليست زوجته ، لن تقبل أن يحادثها بوجودها ، عليه أن يحافظ على كرامتها .
*****
استند إلى الباب ببدنه ، لا يصدق أنه اغلق الباب للتو وهما معا .. بعد كل هذه السنوات .
بعد كل هذا الاشتياق
بعد إنهاك قلبه لغربتها
تقدمت بخطوات ثابتة نحو الداخل ، غابت يومين فقط عن آخر مرة كانت هنا ، يبدو كل شيء كما تركته . وصلها حمحته الخفيضة ، حسنا ربما ليس كل شيء .. لم يكن هنا مسبقا .
او لم يكونا هنا بنفس الوقت مسبقا .
تشعر به خلفها مباشرة وتستمر في التقدم عسى أن تتوقف خطواته وتعفيها من هذا الحرج .
اتجهت نحو اول مقعد لتجلس فورا ناظرة له بمشاغبة : اقعد يا سويلم .. زى بيتك بالضبط .
حك ذقنه ناظرا لها بغيظ ، لقد اختارت مقعدا ، ماذا عن الارائك !! ألا تراها !!
اتجه نحو الأريكة .. عليه أن يحترم خجلها وربما تشعر بالقلق والتوتر وقد يراودها بعض الخوف خاصة أن المرة الوحيدة التي تقرب منها كانت قسرا .عليه أن يعاقب نفسه ويرحب بإهلاك كل مخاوفها .
ابتسم لها بثقة : نورتى حياتى كلاتها ، اخيرا بعد صبر العمر كله بجيتى في دارى . يلا جولى
ذابت ابتسامتها : اجول إيه ؟؟
ضحك لحديثها بلهجته : جولى اللى على بالك .
لتقطب جبينها بمبالغة : جعانة جدا
ضحك بشدة لتستقيم غاضبة متجهة للداخل .
*****
استلقت سيلين فوق الفراش شاردة الذهن ، نظراته بعثت إحساسا لم تعرفه مسبقا .
اقتربت زينة تستلقى بجوارها : مالك يا سيلى ؟
لم تجب لتدفعها برفق : روحتى فين يا بنتى ؟
نظرت لها بتأفف : هروح فين يعنى ؟؟ زينة هو الحب ازاى ؟
ضحكت زينة : هو إيه اللى ازاى ؟؟
أرخت ذراعها فوق جبينها : إذا هتسيبى قلبك للحب يا سيلى يبقى قبل ما تسبيه اتأكدى إنك سيباه مع الشخص الصح .. لو اخترتى غلط هتتوجعى لوحدك .
نظرت لها بإنكار : هو إحنا بنختار اللى نحبه !! يا بنتى كل الناس بتقول الحب زى القضا المستعجل
اعتدلت زينة تنظر لها بجدية : اللى بيقول كده بايع قلبه .. يعنى لو سبتى قلبك يحب اى حد يبص لك نظرة اعجاب من غير ما تتاكدى إنه يستاهلك يبقى تستاهلى إنه يلعب بقلبك . انت ماحافظتيش على قلبك ماتستنيش منه إنه يحافظ عليه .
أصابت كلماتها الصادقة عقل سيلين الذى عاد للشرود فورا ، نظرات إعجاب !!
هل ما رأته طيلة اليومين الماضيين نظرات إعجاب ليس إلا !!
عينيه حاصرتها حرفيا منذ وصوله وليست المرة الأولى التي يحاصرها فيها بتلك النظرات ، لكن الأمر لم يتعد مطلقا النظرات .
تناولت زينة هاتفها بحماس : ده تاج اكيد .
تربعت فوق الفراش ترحب بإتصاله الذى لن تخبره أنها تنتظره لحظات ونظرت نحو ابنة خالها : وانت بتسأل عن سيلى ليه ؟
تراقص حاجبيها بمشاغبة واضحة وهى تبتسم بخبث : اااه خااالد بيسأل .. وخالد بيسأل ليه ؟؟
اندفعت الدماء لوجه سيلين التى نظرت ل زينة بفزع بمجرد أن لفظت اسمه لتهز كفيها برفض هى نفسها لا تفهم سببه .
******
أنهى طبقه فى دقائق ليسحب الطبق من أمامها بغتة ، نظرت له بدهشة ليبتلع ما بفمه : انا لو سبتك تاكليه هياچى الفطور يحصله .
ضيقت عينيها غيظا وهى تحاول إلتقاط بعض الطعام ليحول ذراعه دون ذلك : يا حبيبتي الوكل ده تجيل عليكى بالليل .
اعترضت فورا : ما انت بتاكل اهو !!
ضحك فورا : هتحسبى عليا الوكل ولا إيه !! .
دفع الطبق أمامها مجددا : انا بضحك وياكى ..كلى بالهنا والعافية .
مدت كفها ليسحبه مجددا : انت ما صدجتى ولا إيه ؟
ضربت الطاولة بكفيها ونهضت فورا تحمل الطعام : لا انا ولا انت .
رفع عدة اطباق لاحقا بها : بس انا نفسى من زمان أسألك عن حاچة محيرانى .
فتحت البراد لتدفع الاطباق دفعا بحدة : اتفضل أسأل .
ليتساءل بلا تردد : انت مابتضحكيش ليه ؟
نظرت له بغيظ : اضحك على ايه !! أول الليلة فزع وآخرها جوع .. انا كان مالى ومال الجواز بس ؟ كنت قاعدة في بيت ابويا برنسيسة !
وقف خلفها محيطها بذراعيه متظاهرا بغسل يديه لتنكمش بتوتر فيهمس : بس انت طول عمرك بتكتمى ضحكتك مع إن نسمة بتضحك عادى ولا انت شبه إياد بتستحى !
دفعته للخلف ليستجيب ويحررها من حصاره ، تجاوزته للخارج : زمان جدو قالى ضحكتك فتنة ماتخليش حد يسمعها .
اعترض طريقها فورا : طب انى چوزك وبالمناسبة السعيدة دى نفسى اسمعها .
ابتسمت وهزت رأسها نفيا بعند وهى تدفعه لتتجه نحو غرفة النوم املا في الفرار من ملاحقته ليعترض طريقها مجددا : اجولك نكتة !
هزت رأسها بيأس : لو قولت نكت العالم كله .. سويلم اليوم كان طويل جداً بطل مناكفة فيا
ابتسمت عينيه بخبث لتقرأ أفكاره فتسارع بتحذيره : اوعى تفكر تعمل كده
تراجعت ليسد عليها الطريق للخارج مغلقا الباب فتعاود تحذيره : سويلم بلاش جنان
اتسعت ابتسامته : دى ليلة الچنان الأصلي .
حاولت التهرب منه ليلحق بها وفى لحظة نالت أنامله من خصرها لتنحنى ساقطة فوق الفراش لكنه لم يتراجع . حاولت دفعه ليدغدغها مجددا لتفقد السيطرة على ضحكاتها . ضحكت لتشتت ضحكتها تركيزه وينظر لها فاغرا فاه بينما كممت فمها ليقول : يا ليلة ماطلعلهاش نهار .. بوى هيچيب لنا بوليس الاداب .
لكمته بغيظ ليبتسم مجددا : وهنتحبس لاچل ضحكة واحدة ؟
رفعت كفها وقبل أن تعترض كانت أنامله تثير جنون ضحكاتها مجددا ، لحظات وتحولت اللمسات المشاغبة لأخرى دافئة تثير جنونا من نوع اخر لم تمانع مشاركته فيه .
*"**
يعلم دياب ما تريد الحديث عنه ويبدو أنه عاجز عن إلهائها ، رفعت رأسها تنظر له : دياب انت وعدتنى
ابعد خصلاتها الثائرة : وانا عند وعدى ماتخافيش .
تهلل وجهها فرحا لتعود متوسدة صدره الذى يأن بأوجاعه .
أتظن أنه لا يصبو لطفل منها !!
تلك الحمقاء .
ماذا إن جاءت نتيجة الفحص على غير ما يتمنى ؟؟
ماذا إن كان عاجزا عن منحها هذا الطفل ؟؟
أيحرم من كل هذا النعيم ؟
ايطرد من الجنة بعد أن استلذ نعيمها ؟
بعد أن أصبح اخيرا جزءا من أسرته الخاصة يفقدها !!
بعد أن أصبحت تعنى له الحياة تنتزع منه ؟؟
اغمض عينيه إنه يشعر حاليا بكل ما شعر به ابن عمه سابقا ، كم هو إحساس مؤلم !!!
حاول أن يحصل على بعض الراحة من نهش تلك الأفكار لكن أنى له .
****
دفعته بصدره رغم علمها أنه لم ينم : سويلم الباب بيخبط
جذبها نحوه هامسا : سامعه .. امى هتخبط تلت مرات وتنزل .
شهقت بخجل : سويلم عيب قوم افتح
تلمس نبع جنونه الكائن بين شفتيها بتقطع مثير : سوا جومت ولا ماجومتش مش هفتح .
انقطعت الدقات بالفعل بعد ثلاث ليهمس : انا بفكر اكهرب الباب واللى هيتكهرب مرة ماهيعاودش تانى .
كتمت ضحكتها تلك المرة بصدره حيث الدفء الذى طمر مخاوفها .. حبيبها المجنون ؛ علم سلفا بمخاوفها ونزعها جميعا كل على حدة ، يمكنها الأن أن تغمض عينيها وتحظى بهذا النعيم بقربه للابد .
يثق أن بإمكانه أن يبدأ من جديد ، طالما هو على قيد الحياة فالفرصة سانحة .
وكضربا من ضروب الجنون الذى أدى لصمت الحضور بشكل مفزع ، مد سويلم عصاه بأنفاس لاهثة نحو صدر أبيه ، نظر له بتحدى مبتسما وكل منهما عينيه متعلقة بالآخر .
اهتزت عينا رفيع لحظة واحدة لكن الصمت حوله يثبت أن الجميع ينتظر رد فعله ، تحركت عينيه ببطء ، إنه ليس أخيه .. ليس أخيه وما حدث في الماضي لن يتكرر .
نفض عباءته عن كتفيه ليعلو تصفيق وصفير يدرك أنه من ولده المجنون ، قبض كفه على العصى ليعود الاحتفال فى نفس اللحظة إلى صخبه المعروف ويلقى دياب عصاه نحو سويلم الذى تلقفاها بمرح .
**
ركضت سيلين نحو أمها التى ارسلتها لإستكشاف سبب صمت اقلق الجميع صارخة : ماما الحقى بابا بيحطب .
اتسعت عينا رنوة دون الفزع ، اتسعتا سعادة وفخر ، كانت تثق أنه قادر على ذلك .
طالما وثقت به وطالما لم يخيب ظنها فيه .
اندفعت نحو الشرفة لتراه للمرة الأولى بحياتها يتحرك بخفة هو وولدها ، لا يبدوان اب وابنه مطلقا ، كلاهما بارع بحق .ظلت تتابعهما بشغف حتى قرر هو أنه اكتفى ليضم صغيره بفخر .
تنفست بعمق اخيرا هذا هو رفيع الذى أحبته ، هذا هو الصعيدى الذى وكزته بأناملها منذ سنوات طويلة .
كم كان إعادته لنفسه أمرا شاقا استهلك من عمرهما الكثير ، لكنها الأن تراه بنفس الهيئة .. نفس النظرة التي التفت لها بها في تلك الليلة .. لقد عاد إليها .
عاد بالكامل .
لم يرغب سويلم في إنهاء احتفاله بليلته الأخيرة دونها ، إن استطاع لمدها حتى ليلته الأولى معها لكنه اكره على إنهائها .
كان يعلم أنه سيتعذب ، لكنه لم يظن أن هذا العذاب بهذه الوحشية .هو بفراشه منذ ساعة كاملة لكن هذا الفراش ليس ما اعتاد أن يأوى إليه ليرتاح ، زفر بضيق متطلعا لسقف الحجرة مجددا . متى يأتي الغد !!
*****
إنها ليلة مميزة ، انتقت لها رداءا مميزا أيضا ، خبأته منذ عزم على مواجهة مخاوفه لليلة تحتفل فيها بإنتصاره على تلك المخاوف .. وها هى اليوم تراه يعود سنوات ماحيا الألم .. تراه الليلة كليلة عقد قرانهما ، تلك الليلة التي لن تنساها مطلقا ، تراه الليلة بنفس صفائه ، تخلص اخيرا من أثقال انهكته واهلكته ارقا وخوفا ، أسندت رأسها لقبضتها المضمومة تطالع انعاكسها في المرآة .
كأنها تسمع صوته يردد بفخر
ايوه بغير ..
تراقصت السعادة بعينيها وكأنها تراه يلقى القصيدة مجددا . تذكرت كل إحساس ، كل نظرة ، كل لمسة دافئة بتلك الليلة التي افسدتها هى بالغيرة .
ضحكت بسعادة لقد طبقت ما تحدث عنه فوريا .
استقامت تتأكد من هيئتها مجددا ، لم تكن تظن أن الرداء سيناسبها بعد هذا العمر .. لكنه مثالى .
نظرت للساعة لتتأفف بضيق ؛ لما عليه دائما أن يباشر كل شيء بنفسه !!
ابنها الذي سيتزوج بالغد نائم منذ ساعة وهو لم يعد بعد !!
مزيد من الانتظار !! هيا لقد انتظرت عمرا كاملا لهذه الليلة .
همهمات بالخارج نبأتها أنه يلقى المزيد من الأوامر على سليم الذى عليه تنفيذها في الصباح الباكر مانحا أخيه فرصة للراحة بيوم عرسه .
دقائق وكان بالباب الذى اسرع يغلقه فور رؤيتها ، اتجهت نحوه مبتسمة ليتساءل : ابيض !! أول مرة من يوم ما اتچوزتك تلبسى ابيض .
رفعت عباءته عن كتفيه : ما هو الابيض ماكانش ينفع ايام ما اتجوزنا .. انت كنت مكسور .
دارت على عقبيها تنظر نحوه : والنهاردة الكسر اتجبر .. الخوف راح .. النهاردة لأول مرة اشوفك زى ما شوفتك اول مرة ، عنيك رجعت تلمع يا رفيع .
غمرها بدفء : طول العمر ده بتستحملينى .. تدارى خوفى .. وتداوى وچعى ولما خوفى كبر چبرتينى اواچهه والليلة مع أول ضربة بالعصا روحى طارت فى السما .. صوت الطلج فرحنى بجى ينفض جلبى فرح مش خوف . رنوة انى مديون لك بعمرى كلاته .
أبعدته برفق لتسند كفها لخصرها : يا سلام اصلا عمرك كله ليا لوحدى .. ولا انت ليك رأى تانى .
تلاشت حدتها الزائفة : خلى بالك انا كمان بغير .هو ؟ هو انت لسه بتغير ؟؟
لا بأس من العودة للماضى إن كان هذا الماضى يحيى اجمل الذكريات ويحوى اجمل المشاعر ، لذا لم يمانع رفيع العودة لتلك الليلة المميزة التي ظن الجميع أنها انتهت نهاية غير سعيدة بينما اعتبرها هو اسعد لياليه فقد كانت الليلة الأولى التى ضمها لصدره لتغفو بأمان وما اروع شعور الرجل حين تغفو حبيبته فوق صدره شاعرة بالأمان .
اتسعت ابتسامته ليرفعها هامسا : ايوه بغير
****
تململت بسمة بالفراش مجددا ، لتهمس : نسمة
همهمت الأخيرة دون أن تتحدث لتتساءل : هو انت كنت خايفة ؟
ابتسمت نسمة ، شقيقتها لم تتغير مطلقا ، لازالت بتلك البراءة الطفولية . إلتفتت تنظر نحوها : خايفة من إيه يا بسمة ؟ من سويلم ؟
زفرت بسمة : لا طبعا .. انا معرفش ..
اتسعت ابتسامة نسمة : الخوف مع كل بداية جديدة طبيعى يا حبيبتي .
تعلقت بها عينيها : بجد !!
بسطت نسمة كفها : هاتى ايدك .
قبضت بسمة على كفها فورا لتعودا طفلتين تمنح كل منهما السكينة للاخرى ، ابتسمت نسمة هامسة : نامى يا بسمة علشان وشك يبقى مرتاح .
اغمضتا الأعين لتعيش إحداهما أحلامها السعيدة وتعيش الأخرى عذاب ظنونها .
*****
يوم الزفاف كان شديد الصخب لم تملك لحظات لإلتقاط أنفاسها ، إفطارا مبكرا إجباريا رغم افتقادها للرغبة في الطعام ، عصائر والمزيد من العصائر وكأنها ستتعرض للتجفيف لاحقا وقرب الظهيرة ويلات مركز التجميل .
كن يتحركن بها من هنا لهناك دون أن تملك لحظة للاعتراض تساعدهن على ذلك شقيقتها التى بدأت تشعر أنها تآمرت عليها أيضا .
لم تفهم ابدا لما عليها أن تضع كل هذه الأقنعة رغم استفاضتهن فى شرح فوائدها ؛ هى فقط تعلم أنها لا تحتاج كل هذا لتبدو جميلة .
هى بالفعل جميلة .. وسويلم يراها جميلة وهذا يكفيها ، هى ترى نفسها بعينيه .
بعد ساعات من العذاب النفسى الذى كاد يفقدها السيطرة ، نظرت لانعكاس صورتها لتبتسم سعادة ؛ كان الأمر يستحق العناء .
إنها مبهرة .سويلم يستحق أن يراها بتلك الهيئة ، لا بأس من بعض الضغط من حين لآخر لأجل هيئة كهذه ؛ فكرت في صمت قبل أن تتلفت حولها في ريبة .
أين هو سويلم طيلة اليوم ؟؟
كلما هاتفته أخبرها أنه يشتاقها كثيرا وينهى المكالمة فورا زاعما أنه سيعاود الاتصال بها .
ولم يفعل ..تنتظر وتعود لمهاتفته لتحصل على نفس النتيجة وتصدقه أيضا .
اللمسات الأخيرة بحرص وروية قبل أن تقف وفتيات العائلة يحطن بها في سعادة .
فستانها شديد البهاء ، باهر للأعين . ابتسمن بسعادة وهى تخبرهن أنه صنع خصيصا لها من قبل أخيها الغالى ورفاقه بكل حب . وما صنعه الحب لابد أن يبهر العقول والأعين .
اخيرا صرخت سيلين بحماس : يلا يا بنات العريس وصل .
وفى لحظات عدن للتأكد من زينتها وجمعن كل ما يخصهن لتبتسم نسمة : إياد بنفسه جاى يخرجك .
عبست بدهشة ؛ لما لم يأت أبيها !!
حسنا ربما ينتظرها في الحفل ، كما أن إياد يستحق أن يكون أول من يراها بهذا الفستان الذى ستشكره عليه ما بقى من حياتها .
بدأن إلتقاط الصور التى ظهرت فورا على وسائل التواصل .
كل شيء مثالى تماما ؛ هكذا فكرت وهى ترفع وجهها تستقبل أخيها الصغير والذى لم يعد صغيرا بالفعل .
دخل إياد شاعرا بحرج شديد من تجمهر الفتيات اللاتى افسحن له بمحبة .
كانتا هناك .. أمامه مباشرة ، تقف بسمة فى أبهى صورة تجاورها نسمة لا تقل عنها جمالا .
أسرع نحو عروس الليلة أولا ، لم تشعر بقوة ذراعيه من قبل لكنه رفعها بالفعل ودار بها بسعادة غامرة ليضعها أرضا : انت حلوة اوى اوى يا بسمة اوى .
دار على عقبيه لتحصل نسمة على ضمة مماثلة اشعرتها بسعادة حقيقية لم تشعر بها ليلة زفافها الخاصة.
اخيرا انتهت اللحظات الحماسية المكللة بالحب لتعلق ذراعها بذراع أخيها وتتجه للخارج .
كانت تنظر أرضا بخجل رغم إلحاحها الداخلى لرؤية أول انطباع له لدى رؤيتها لكنها لم تتمكن من البحث عنه أو رفع عينيها من الأرض سوى لشهقة جماعية صادرة عن رفيقاتها مع ضحكة ل سيلين : والله مجنون يا سويلم .
رفعت عينيها تنظر لجنونه ذا لتجد جنونا حرفيا ، اقتطع لقطة من العصور الوسطى وأتى بها لهذا الزمن ، على ما يبدو لها فارسا من العصور الوسطى جاء بفرسه لحمل عروسه إلى حفل زفافهما .
دارت عينيها بفزع .. المزيد والمزيد من الخيول . حتى عربات رفيقاتها تجرها الخيول .
هزت رأسها استنكارا وهى تتقهقر للخلف بفزع واضح مستنجدة بشقيقتها التى تكتم ضحكاتها .
نظرت لعينيها مباشرة : خاينة .
ضحكت نسمة وبسمة تتراجع صارخة : لا . لا .لا غيرت رأيى مش هتجوز انا ..مش هتجوز .
أمسك إياد كفها قبل أن تتهرب منه : تعالى يا بسمة ما تخافيش .
لكنها كانت خوفا متحركا بالفعل في هذه اللحظة .
ترجل عن فرسه وسط ضحكات رفاقه على هذا المشهد وما إن رأته حتى رفعت كفها محذرة : اوعى تفكر ..انت قاصد يا سويلم صح ؟؟ قاصد تخوفنى ؟
أحاط بها الفتيات يهمسن بمدى روعة ورومانسية المشهد الذى ترفض بينما هو يقف بصمت منتظرا تمالكها أعصابها .
جذبها إياد نحوه لتتقدم خطوتين قهرا : لا يا إياد والله ازعل منك ..انا مش هركب الحصان ده
ودوت صرختها حين وجدت قدميها بالهواء وسويلم يضعها فوق الفرس وفي اللحظة التالية كانت حرفيا بين ذراعيه ليهمس : يا چبانة
تجمدت حرفيا منذ وضعها فوق هذا الفرس ، نظرت أسفل قدميها ، لما الأرض شديدة البعد ؟؟
ستسقط !!
أخرجها صوته من فزعها لتنظر له بغضب : مش هنسهالك يا سويلم عمرى .. عمرى ..
ضحك سويلم : حبيبتي ماتخافيش انت في حضنى .
لتدرك حقيقة أخرى عليها التعامل معها أو استغلالها في هذا الوقت وبالفعل لم تتردد في التشبث به فزعا : هقع يا سويلم !! والله لو وقعت لألغى الفرح .
قاطع أجمل لحظاته صوت أخيه الذى تعمد رفعه : بسرعة يا بنات سويلم شكله قاصد على ما نوصل نلاقى المعازيم ناموا .
تدفقت الضحكات والتعليقات التى أغلبها عن محاولته الفرار بعروسه من الجميع ، جذب لجام الفرس الذى صهل بقوة كافية تماما لإسكات بسمة ليهمس هو : اول مرة في حياته يجول حاچة زينة .. إيه رأيك نروح علطول .
لكنها لم تكن بحالة تسمح بالموافقة أو الرفض أو حتى التفكير .
استغرق الأمر منها نصف ساعة كاملة قبل أن تبدأ تشعر ببعض الاسترخاء مع خطواته شديدة التمهل والحرص .
همس بحنان متسائلا : هديتى !!
نظرت له بلوم ليتابع : بصى حواليكى .. انت خايفة من فكرة چوة راسك .. الفرس ده يموت ولا يأذيكى
نظرت له بتشكك ليبتسم مؤكداً : وانا اموت ولا اذيكى .
اخيرا يمكنها أن تتحدث دون أن تطلق ملابسه القابضة عليها بخوف : كده يا سويلم !! انت عارف انى بخاف من الخيل .. بقى دى مفاجأة تعملها لى .
استقر رأسه قرب كتفها : كل اللى خوفتى منه طول عمرك هنزعه من جلبك ..
همهمت بعناد : هردهالك .. ماشى خليك فاكر ..
لم تجد أثرا لتهديدها الواهن سوى فى إشراقة وجهه : مفيش حاچة ممكن تخوفنى غير انك تهملينى .
وتابع متعلقا بعينيها : تجدرى !!
لتهز رأسها نفيا قبل أن ترخيه فوق كتفه سامحة لنفسها بالتمتع بهذا المشهد الذي إن رأت عروسا غيرها تزف به لشعرت بالغيرة بلا شك .
اقترب منهما فرس إياد الذى تساءل : لسه خايفة ؟
هزت رأسها نفيا وأرغم الجميع على تلك الخطوات الهادئة التي إلتزم بها فرسه لتطول الرحلة ويطول الوقت ويتسرب الخوف بلا رجعة .
لم يتردد اى من الشباب أو الفتيات بتخليد تلك اللحظات بالعديد من اللقطات والمقاطع بينما لم يفكر اى منهما فيما يفعله المحيطون بهما ، لم تتوقف همساته العاشقة لتدفق الخجل المنسكب من عينيها والممتزج بسعادتها الخالصة ليصب فى مجرى سعادته الذى إلتقى أخيرا بفيض منها .
وصل الركب الاسطورى للنجع الذى أضاءت سماء ليله الاحتفالات ، بمجرد أن لاح الركب انهمرت المفرقعات المضيئة والاعيرة الصوتية من كل مكان حتى وصل بها إلى موضع الاحتفال لتجد أبيها منتظرا ، رفع ذراعيه يتلقفها بسهولة عن صهوة جواد زوجها الذى يبدو أنه يرفض نهاية الرحلة عبر صهيله المتكرر .
لامست قدميها الأرض اخيرا لتجد صدر أبيها موطنها حيث نشأت بأمان والليلة تغادر موطنها إلى موطن اخر ستحيا به ما عاشت لكن يظل للابد موطنها الأول هو صدر أبيها .
*****
تقدم محمد من رحمة الجالسة تطالع هاتفها باهتمام ، جلس بلا تردد : بتعملى إيه ؟
وجهت الهاتف نحوه بوجه متهلل : فرح سويلم
نظر للشاشة مبتسما : عقبال ما تفرحى ب حمزة .
اتسعت ابتسامتها وعادت تطالع الهاتف لترى أخيها يعيد احتفالاته بمبارزة عريس الليلة ، بهتت ملامحها لتدقق النظر ، إنه يبتسم !!
رفيع بعد أن تلقى أخيه يصارع سكرات الموت بين ذراعيه في ليلة مماثلة يعيدها ؟؟
وشردت عينيها عن الصورة ، تجاوز الجميع كل ما حدث بالماضى .. عداها .
رنوة لم تتوقف حياتها مطلقا واستأنفت بعد الحادث من حيث توقفت .
ريتا ظلت لسنوات تعانى لكنها تجاوزت أيضا .
ورفيع !!!
رفيع أيضا تجاوز الماضى .. ها هي تراه بعينيها .
لكن هل عانى أحدهم ما عانت ؟؟
رنوة مدللة الجميع انتقلت من دلال أبيها لدلال زوجها .
ريتاچ لم تر بحياتها أمها تهان من قبل أخرى وبرضا من أبيها .. لم يتركها أبيها اغلب أيامه أرضاءا لزوجة أخرى .. لم تفقد أخيها الذى كان الأكثر عطفا ومحبة ..
ورفيع ؟؟ ماذا عنه ؟؟
لقد عانى كل ما عانت ، لكنه رجل ، يمكنه أن يتحمل أكثر مما تحملت .. كما أنه حظى بدعم زوجته .
نظرت نحو محمد المنشغل بهاتفه ، هى أيضا حاول زوجها منحها الدعم لكنها رفضت .
تناست أن رنوة تركت كل حياتها وعاشت ببيئة مخالفة ، تناست ما حدث من رفيع في الماضى ، تناست أن كان عليها احتواء مخاوفه واخفاء رعداته . وما أقسى أن تخفى المرأة خوف من تعشق !!
تناست ما تعرض له ضاحى وما تحملته زوجته في سبيل أن يقف فوق قدميه مجددا .
وتناست ما مر به رفيع من تخبط وصراع طيلة عمره ، تناست أنه كان يهرع نحو كفها الممدود له بالحب ويجاهد ذاتيا ليصل إلى النجاة .
تناست كل ما مر به الجميع من نوائب وتذكرت ففط ما منح لهم من هبات لتظل ترى نفسها في المؤخرة دائما .. لتظل ترى أنها كانت الأسوأ حظا من الجميع .
انتبه محمد لشرودها ليتساءل : مالك يا رحمة ؟
نظرت له بضياع ليقترب منها : فى إيه ؟؟ حاجة تعباكى .
هزت رأسها نفيا ليتابع ناظرا نحو الشاشة : حاجة فى الفرح زعلتك ؟؟
لتهز رأسها مجددا وتبدأ في البكاء ، ألقت الهاتف جانبا ليتعجب أمرها أكثر .
ربما تغيرات مزاجية بسبب هرمونات الحمل !!
احاطها بذراعه ليتساءل مجددا : قولى لى بس ايه اللي حصل ؟؟ طب انت زعلانة منى ؟
لتجيب دون أن تحاول الابتعاد عنه : زعلانة من نفسى .
إذا هى تلك الهرمونات الأنثوية اللعينة ، قبل جبينها بود : طيب احكى لى عملتى إيه لنفسك وانا احكم بينكم .
لتبعد ذراعه عنها ناهضة نحو غرفة حمزة ، هز رأسه بأسف ثم تحرك أيضا نحو غرفته رافعا هاتفه بسعادة : حبيبة قلبي .
تسمرت خطوات رحمة بالأرض ودارت على عقبيها تنظر له لتجده غير منتبه لها بل يوليها ظهره نحو غرفتهما متابعا : وانت كمان وحشتنى يا قلب بابا ..اوعى الواد تاج يكون مزعلك ؟؟
واختفى صوته مع دخوله الغرفة ، إنه يحادث ابنتها .. حمدا لله ليست زوجته ، لن تقبل أن يحادثها بوجودها ، عليه أن يحافظ على كرامتها .
*****
استند إلى الباب ببدنه ، لا يصدق أنه اغلق الباب للتو وهما معا .. بعد كل هذه السنوات .
بعد كل هذا الاشتياق
بعد إنهاك قلبه لغربتها
تقدمت بخطوات ثابتة نحو الداخل ، غابت يومين فقط عن آخر مرة كانت هنا ، يبدو كل شيء كما تركته . وصلها حمحته الخفيضة ، حسنا ربما ليس كل شيء .. لم يكن هنا مسبقا .
او لم يكونا هنا بنفس الوقت مسبقا .
تشعر به خلفها مباشرة وتستمر في التقدم عسى أن تتوقف خطواته وتعفيها من هذا الحرج .
اتجهت نحو اول مقعد لتجلس فورا ناظرة له بمشاغبة : اقعد يا سويلم .. زى بيتك بالضبط .
حك ذقنه ناظرا لها بغيظ ، لقد اختارت مقعدا ، ماذا عن الارائك !! ألا تراها !!
اتجه نحو الأريكة .. عليه أن يحترم خجلها وربما تشعر بالقلق والتوتر وقد يراودها بعض الخوف خاصة أن المرة الوحيدة التي تقرب منها كانت قسرا .عليه أن يعاقب نفسه ويرحب بإهلاك كل مخاوفها .
ابتسم لها بثقة : نورتى حياتى كلاتها ، اخيرا بعد صبر العمر كله بجيتى في دارى . يلا جولى
ذابت ابتسامتها : اجول إيه ؟؟
ضحك لحديثها بلهجته : جولى اللى على بالك .
لتقطب جبينها بمبالغة : جعانة جدا
ضحك بشدة لتستقيم غاضبة متجهة للداخل .
*****
استلقت سيلين فوق الفراش شاردة الذهن ، نظراته بعثت إحساسا لم تعرفه مسبقا .
اقتربت زينة تستلقى بجوارها : مالك يا سيلى ؟
لم تجب لتدفعها برفق : روحتى فين يا بنتى ؟
نظرت لها بتأفف : هروح فين يعنى ؟؟ زينة هو الحب ازاى ؟
ضحكت زينة : هو إيه اللى ازاى ؟؟
أرخت ذراعها فوق جبينها : إذا هتسيبى قلبك للحب يا سيلى يبقى قبل ما تسبيه اتأكدى إنك سيباه مع الشخص الصح .. لو اخترتى غلط هتتوجعى لوحدك .
نظرت لها بإنكار : هو إحنا بنختار اللى نحبه !! يا بنتى كل الناس بتقول الحب زى القضا المستعجل
اعتدلت زينة تنظر لها بجدية : اللى بيقول كده بايع قلبه .. يعنى لو سبتى قلبك يحب اى حد يبص لك نظرة اعجاب من غير ما تتاكدى إنه يستاهلك يبقى تستاهلى إنه يلعب بقلبك . انت ماحافظتيش على قلبك ماتستنيش منه إنه يحافظ عليه .
أصابت كلماتها الصادقة عقل سيلين الذى عاد للشرود فورا ، نظرات إعجاب !!
هل ما رأته طيلة اليومين الماضيين نظرات إعجاب ليس إلا !!
عينيه حاصرتها حرفيا منذ وصوله وليست المرة الأولى التي يحاصرها فيها بتلك النظرات ، لكن الأمر لم يتعد مطلقا النظرات .
تناولت زينة هاتفها بحماس : ده تاج اكيد .
تربعت فوق الفراش ترحب بإتصاله الذى لن تخبره أنها تنتظره لحظات ونظرت نحو ابنة خالها : وانت بتسأل عن سيلى ليه ؟
تراقص حاجبيها بمشاغبة واضحة وهى تبتسم بخبث : اااه خااالد بيسأل .. وخالد بيسأل ليه ؟؟
اندفعت الدماء لوجه سيلين التى نظرت ل زينة بفزع بمجرد أن لفظت اسمه لتهز كفيها برفض هى نفسها لا تفهم سببه .
******
أنهى طبقه فى دقائق ليسحب الطبق من أمامها بغتة ، نظرت له بدهشة ليبتلع ما بفمه : انا لو سبتك تاكليه هياچى الفطور يحصله .
ضيقت عينيها غيظا وهى تحاول إلتقاط بعض الطعام ليحول ذراعه دون ذلك : يا حبيبتي الوكل ده تجيل عليكى بالليل .
اعترضت فورا : ما انت بتاكل اهو !!
ضحك فورا : هتحسبى عليا الوكل ولا إيه !! .
دفع الطبق أمامها مجددا : انا بضحك وياكى ..كلى بالهنا والعافية .
مدت كفها ليسحبه مجددا : انت ما صدجتى ولا إيه ؟
ضربت الطاولة بكفيها ونهضت فورا تحمل الطعام : لا انا ولا انت .
رفع عدة اطباق لاحقا بها : بس انا نفسى من زمان أسألك عن حاچة محيرانى .
فتحت البراد لتدفع الاطباق دفعا بحدة : اتفضل أسأل .
ليتساءل بلا تردد : انت مابتضحكيش ليه ؟
نظرت له بغيظ : اضحك على ايه !! أول الليلة فزع وآخرها جوع .. انا كان مالى ومال الجواز بس ؟ كنت قاعدة في بيت ابويا برنسيسة !
وقف خلفها محيطها بذراعيه متظاهرا بغسل يديه لتنكمش بتوتر فيهمس : بس انت طول عمرك بتكتمى ضحكتك مع إن نسمة بتضحك عادى ولا انت شبه إياد بتستحى !
دفعته للخلف ليستجيب ويحررها من حصاره ، تجاوزته للخارج : زمان جدو قالى ضحكتك فتنة ماتخليش حد يسمعها .
اعترض طريقها فورا : طب انى چوزك وبالمناسبة السعيدة دى نفسى اسمعها .
ابتسمت وهزت رأسها نفيا بعند وهى تدفعه لتتجه نحو غرفة النوم املا في الفرار من ملاحقته ليعترض طريقها مجددا : اجولك نكتة !
هزت رأسها بيأس : لو قولت نكت العالم كله .. سويلم اليوم كان طويل جداً بطل مناكفة فيا
ابتسمت عينيه بخبث لتقرأ أفكاره فتسارع بتحذيره : اوعى تفكر تعمل كده
تراجعت ليسد عليها الطريق للخارج مغلقا الباب فتعاود تحذيره : سويلم بلاش جنان
اتسعت ابتسامته : دى ليلة الچنان الأصلي .
حاولت التهرب منه ليلحق بها وفى لحظة نالت أنامله من خصرها لتنحنى ساقطة فوق الفراش لكنه لم يتراجع . حاولت دفعه ليدغدغها مجددا لتفقد السيطرة على ضحكاتها . ضحكت لتشتت ضحكتها تركيزه وينظر لها فاغرا فاه بينما كممت فمها ليقول : يا ليلة ماطلعلهاش نهار .. بوى هيچيب لنا بوليس الاداب .
لكمته بغيظ ليبتسم مجددا : وهنتحبس لاچل ضحكة واحدة ؟
رفعت كفها وقبل أن تعترض كانت أنامله تثير جنون ضحكاتها مجددا ، لحظات وتحولت اللمسات المشاغبة لأخرى دافئة تثير جنونا من نوع اخر لم تمانع مشاركته فيه .
*"**
يعلم دياب ما تريد الحديث عنه ويبدو أنه عاجز عن إلهائها ، رفعت رأسها تنظر له : دياب انت وعدتنى
ابعد خصلاتها الثائرة : وانا عند وعدى ماتخافيش .
تهلل وجهها فرحا لتعود متوسدة صدره الذى يأن بأوجاعه .
أتظن أنه لا يصبو لطفل منها !!
تلك الحمقاء .
ماذا إن جاءت نتيجة الفحص على غير ما يتمنى ؟؟
ماذا إن كان عاجزا عن منحها هذا الطفل ؟؟
أيحرم من كل هذا النعيم ؟
ايطرد من الجنة بعد أن استلذ نعيمها ؟
بعد أن أصبح اخيرا جزءا من أسرته الخاصة يفقدها !!
بعد أن أصبحت تعنى له الحياة تنتزع منه ؟؟
اغمض عينيه إنه يشعر حاليا بكل ما شعر به ابن عمه سابقا ، كم هو إحساس مؤلم !!!
حاول أن يحصل على بعض الراحة من نهش تلك الأفكار لكن أنى له .
****
دفعته بصدره رغم علمها أنه لم ينم : سويلم الباب بيخبط
جذبها نحوه هامسا : سامعه .. امى هتخبط تلت مرات وتنزل .
شهقت بخجل : سويلم عيب قوم افتح
تلمس نبع جنونه الكائن بين شفتيها بتقطع مثير : سوا جومت ولا ماجومتش مش هفتح .
انقطعت الدقات بالفعل بعد ثلاث ليهمس : انا بفكر اكهرب الباب واللى هيتكهرب مرة ماهيعاودش تانى .
كتمت ضحكتها تلك المرة بصدره حيث الدفء الذى طمر مخاوفها .. حبيبها المجنون ؛ علم سلفا بمخاوفها ونزعها جميعا كل على حدة ، يمكنها الأن أن تغمض عينيها وتحظى بهذا النعيم بقربه للابد .
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع والثلاثون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا