مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية صعيدية جديدة للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثامن والثلاثون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى.
رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى - الفصل الثامن والثلاثون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية عربية كاملة
رواية الشرف ج4 قسمة الشبينى
|
ألقت همت رأسها فوق كتف زيدان وغطت فى نوم عميق منذ استقلت الطائرة ، نظر لها بحنان ليبتسم براحة ، كانت مرهقة للغاية فمنذ أخبرها أنه يومهما الأخير وقد بدأت التذمر ورفضت الخروج من مياة البحر حتى حملها قسرا خوفا من عدم اللحاق بالطائرة مع وعد بالعودة مجددا ، حتى أنها تحممت كرها ، اتسعت ابتسامته وهو يتذكر ملابسهما المبتلة بالحقيبة ، كم يتمنى عدم التعرض للحرج بسببها . أرخى رأسه اخيرا فوق رأسها واغمض عينيه ولم ينتبه إلا على صوت المضيفة بنهاية الرحلة .
وصلا للمنزل وهى لا تزال بحاجة للراحة ، حملها للداخل ليقابل بجو متوتر . وقف يزيد فور رؤيتهما : حمد الله على السلامة . إيه اللى عملته ده يا زيدان ؟
نظر له بحيرة : عملت ايه ؟؟
انفعل يزيد : روحت اشتريت ...
أوقفه الجد بحدة : يزيد
ابتلع كلماته لينظر له زيدان فيقترب حسين : تعالى يا همت اطلعك وزيدان هيحصلنا .
تعلقت برقبة خالها الذى حملها وهى تنظر نحو زيدان باستسلام .وقف الجد فورا : تعالوا ورايا .
اتجه ثلاثتهم للمكتب وما إن استقرا جالسين أمام جدهما حتى تساءل الاخير : انت اشتريت مدفن يا زيدان ؟
حمحم زيدان : ايوه يا چد
انفعل يزيد : ومدفن العيلة راح فين ؟ بدك تنجلع من چدورك يا زيدان ؟
رفع زيدان وجهه لأخيه بهدوء : كويس انك فتحت السيرة دى ماكنتش جادر اتحدت فيها وياك .
زاد انفعال يزيد لكن زيدان تابع : انا اشتريت لحد يا چد مش مدفن .
وعاد بنظره لأخيه : هندفن فيه انا وهمت بس ..وده وصيتى ليك يا يزيد .. إذا مت جبليها ادفنها وياى وإذا ربنا كتب عليا الوچع تبجى تدفنى وياها .
صمت مؤلم خيم على ثلاثتهم رغم النظرات التى تصرخ ألما لم يملك يزيد الحجة ليحاوره ولم يملك الجد الطاقة ليفعل ،لحظات قبل أن يستقيم زيدان : انا هطلع ارتاح لأچل اروح عجد بت عم دياب .
تحرك بهدوء نحو الخارج ولم يستوقفه أيهما ، نظر يزيد لجده الذى نكس رأسه فوق عصاه وفضل الصمت .
ثارت دماء يزيد ، اللعنة على هذا العشق الذى يقتل أخيه ، لم ينل أخيه من عشقها إلا الألم وهو يقف عاجز تماما عن مساعدته ، ليته يتمكن من مساعدته للتحرر من عشقها .للتحرر منها .
*****
جلس خالد أمام رفيع وبينهما المأذون الذى أنهى للتو إجراءات عقد القران ، أعلنت الزغاريد الخبر السعيد لتبدأ الاحتفالات .
انشغل الرجال بإحتفالهم والنساء بالمثل داخل المنزل بأريحية أكثر ، جلست عفاف ببطنها المنتفخ وبجوارها همت التى تتابع بشغف بينما جلست دينا بجوار بسمة تتساءل عن الحقن المجهري بشغف واضح .
جلست سيلين تتلقى تهانى صديقاتها بالجامعة فقد استأجر رفيع حافلة لتقلهن وعليهن سرعة المغادرة .
أعدت رنوة العشاء الذى سيجمع سيلين وخالد للمرة الأولى بعد عقد القران .
غادر صديقاتها لتقترب بسمة وتهمس بأذن سيلين التى ابتسمت وتحركت معها ، صعدتا لشقة رفيع حيث ينتظر العشاء متناوليه ، تلفتت سيلين متسائلة : إيه ده هو انا هستناه كمان ؟
وقبل أن تجيب بسمة جاء صوت خالد : لا طبعا أنا هنا من بدرى .
اتسعت عينا سيلين وهى تنظر ل بسمة بعتاب ليأتى صوت سويلم : البسة اكلت لسانك ولا إيه ؟؟
احتقن وجهها غضبا لتكتم بسمة ضحكاتها وقبل أن تتجه للخارج أمسك بها سويلم : استنى .. إحنا هنجعد إهنه لحد ما يخلصوا وكل .
وكزه خالد بتذمر ليردها بشكل أقوى : أوامر بوى .
أمسكت بسمة يده وابتعدت عن مجال رؤيتهما تماما ليقترب من سيلين التى لم ير ملامحها بعد هامسا : سيلى .
انتفضت وهمت بالفرار ليمسك بها : رايحة فين ؟ مش كفاية اخوكى مراقبنا هتهربى كمان ؟
ابعدت ذراعه المحيط بخصرها بهدوء وتصنعت الشجاعة لتتقدم من الطاولة فيتبعها وقبل أن تجلس جذب ذراعها لتشهق صدمة وهو يخفيها بأحد الأركان ، نظرت له بفزع وقبل أن تعترض كمم فمها بكفه وعينيه تحيطها بلهفة : ماتخافيش انا مش بستعجل اى حاجة ولا هعمل حاجة تضايقك .
انخفضت عينيها لكفه ليرفعه بروية لكن لم يبعده بل تلمس وجهها بدفء ليقول : انا بس محتاج اخدك فى حضنى .. صدقيني مش هضايفك .
ولم تملك وقتا للإعتراض فقد وجدت نفسها مغمورة بدفء لم تعرفه مسبقا ، ثار قلبها وتلاحقت دقاته مع اقتحام عطره حواسها حد التشبع ، حاولت السيطرة على أنفاسها وهى ترفع كفين مرتعشين : خالد من فضلك
همس بحنان : هشششش . خالد وعمره وقلبه ودنيته كلها ليكى يا سيلى .انا هبعد ماتخافيش .
بالفعل لحظات وبدأت تشعر ببعض النسمات الباردة نتيجة بعد دفء بدنه عنها ليستقر على مقربة منها ، تهربت عينيها منه ليمسك كفها ويعودا للطاولة .
*
ما إن غابا عن مرمى عينى خالد وسيلين حتى أوقفها : استنى رايحة فين دلوك ؟
توقفت تنظر له : هنبعد عنهم يا سويلم ولا انت مش واثق فى خالد ؟
تنهد مستندا للجدار : لا طبعا الحكاية مش إكده ؛ هنا اصلا عيبة كبيرة العروسة تجعد مع عريسها لحالهم بعد العجد إكده .. بس بوى طبعا ماجدرش يزعل امى .
ابتسمت بسمة وهى تستند مثله للجدار : نحن القاهريات قد احتللنا هذا النجع
أشارت نحو صدره : وصدور رجاله أيضا
اقتربت حتى لامست أنفاسه : هنخليه تحت سلطان الحب .. الحب وبس .
دار ذراعه حولها ليزرعها بين أضلعه ويغيبا لدقائق لم يحصها أى منهم قبل أن يبتعد سويلم : انا عارف إن بوى كيفه يعذبنى .. ما تاچى نطلعوا شجتنا ! مش المفروض ترتاحى ؟؟
وقبل أن تذبحه ضحكاتها كمم فمها بكفه : والله لو ضحكتى لشايلك لفوج ويتحرج الفرح على اللى فيه .
ابعدت كفه بحدة زائفة وهى تحمحم متصنعة الجدية : يلا نشوف اختك وابن عمى .
وقبل أن تتحرك كانت محاصرة بذراعيه مرة أخرى : اختى !! ابن عمك يتخاف عليه منيها خليكى إهنه .
*****
مرت عدة أيام عاد فيها الجميع من الصعيد واستقرت الأمور إلى حد ما بين الجميع .
بدأت وفية تسترد عافيتها وقد أوكل محمد إلى إحداهن مرافقتها الدائمة ، منذ غادرت المشفى وأصبحت زيارات شاكر شبه يومية .
توجه محمد لمنزلها وقد عزم على إعلامها بحقيقة حالتها التى تجهلها حتى الأن رغم أن مجرد الفكرة تثقل قلبه بالألم .
وصل للمنزل وكانت بحجرتهما تهدهد فراش صغيرتها بحنان لتبتسم فور رؤيته هامسة : حمد الله على السلامة .
ابتسم وجلس قربها بدفء ليهمس : الله يسلمك ..نامت ليه قبل ما اجى ؟
اتسعت ابتسامتها : معلش اكيد هتصحى تانى .
مد كفه فوق كفها مهدهدا الفراش وقد بدأت ملامحه تبدو مبهمة وعينيه تشردان ليقول : وفية فى حاجة لازم تعرفيها
شعرت بالقلق من ملامحه لتسحب كفها : فى إيه يا محمد ؟
تهرب بعينيه لتسحب وجهه وتواجه عينيه بحزم : فى إيه ؟
خارت عينيه أرضا ليقول : فى أول حملك الدكتورة اكتشفت إن عندك ورم بيضغط على الرحم والحمل كان مخاطرة كبيرة ..
إلتقط أنفاسه ليتابع : انا لما اخترت إنك تكملى الحمل اخترت كده علشانك ..علشان دى كانت الفرصة الوحيدة انك تبقى ام ..علشانك يا وفية والله انا ماكنتش عاوز ولاد انا كنت عاوز اسعدك .
ظلت عينيها زائغة تنظر له بتيه ليتنهد : علشان كده انت كنت تعبانة وده كمان سبب ولادتك فى السابع وانت بتولدى الدكتورة اضطرت .. احممم
اضطرت لإيه يا محمد ؟؟
تساءلت بشرود ليتابع بإختناق وبحة مؤلمة : تشيل الرحم
زادت علامات الفزع التى احتلت ملامحها ليرفع كفيه محيطا وجهها : أنا آسف يا وفية .
وجذبها لأحضانه يعتصر ألمها الذى يهلكه ورافضا رؤيتها وصدمتها وهو لا يعلم كيف يهونها عليها ؟
سمع صوت زفرتها قبل أن تقول : آسف على إيه يا محمد ؟ انا كنت حاسة من زمان .. كان بيجى لى نزيف وانا كنت بسكت واقول ضغط نفسى وعمرى ما فكرت اكشف أو اتعالج .
عادت تتنهد بألم : ماكانش عندى حد ياخد باله منى ولا كان عندى حد اتعالج علشانه .
ربتت فوق ذراعه ليبتعد لكنه زادها ضما لتتساءل : انت استحملت كل الوجع ده علشانى ؟
أبعدها برفق دون أن تغادر عينيه محياها : انا لو بإيدى اشيل كل الوجع عنك مش هتأخر . انا عرفت معاكى حب عمرى ما عرفته .. عرفت يعنى ايه احب واحدة بتحبنى ..ملهوفة عليا وعاوزانى زى ما انا عاوزها .. يعنى إيه ست محتجانى زى ما انا محتاجها .. حب الست لجوزها احساس ممتع اوى يا وفية ..مهما اتكلمت مش هقدر اوصف لك السعادة اللى بحسها معاكى .
اهتزت السعادة بعينيها وهى تشعر بصدق كلماته ، ماذا تريد من الدنيا أكثر من ذلك !!
حصلت على كل أحلامها وتجاوزتها ، تزوجت الرجل الذي أحبته ، أنجبت اجمل طفلة وقعت عليها عينيها ، وها هو بين يديها يخبرها أن حاجته التى تزوجها لأجلها تحولت لعشق سكنه ، لم تعد زوجته فقط .. بل حبيبته .ورغم كل ذلك تشعر بالألم !!!
نهضت عن الفراش لتتعلق عينيه بها فتقول : أنا محتاجة اخد دش ، خد بالك من هبة .
واتجهت للمرحاض دون إضافة ، فرغم تلك السعادة التي تشعر بها ، هناك وخز مؤلم ينخر فى صدرها ، لقد فقدت شيئا !!
لا ما فقدته ليس شيئا .. ما فقدته هو رمز أنوثتها .. ما فقدته هو مصدر الحياة الذى يحيى كل امرأة .. ما فقدته أغلى من أن تبكيه ...
أصبحت جوفاء داخليا . ما يربط بينها وبين الحياة نزع منها . وقفت تحت الماء المنساب سامحة لبعض العبرات بالتسلل خارج حدود موطن الدمعات ، لحظات وفقدت القدرة على التحكم فى كم الألم الذى يرعى بصدرها ، جثت تحت الماء المنهمر ، هل لازالت يمكنها أن تحيا ؟
تذكرته . ألمه ، عنايتة ، مراعاته ، حنانه ، قربه ،دعمه و ؟؟ وعشقه .
رفعت رأسها لتجده يفتح الباب يتفقدها وهذا وحده دليلا على عشقه ، منذ أشهر توقفت عن منحه احتياجاته كزوج لكنه لم يتوقف عن منحها كل ما احتاجت إليه . أفاقت على ذراعيه يضمانها بقلق : وفية انت كويسة ؟؟ قاعدة كده ليه ؟؟ وفية اتكلمى علشان خاطري .
لم تفكر كثيرا وابتعلت كلماته لينظر لها بدهشة ، لتفنى كل الكلمات .. لتندثر كل الأحرف .. لتذوب خجلا لعدم قدرتها عن التعبير عن حاجتها إليه .
كيف تخبره ؟؟
تركها تنتزع أنفاسه راضيا حتى تراجعت رأسها قليلا ، حاول إلتقاط أنفاسه بتوتر ليشعر بكفيها يتسللان أسفل قميصه ليحمحم بحرج : حبيبتي انت تعبانة ..قومى معايا .
مد كفه منهيا تدفق المياه لتتشبث به تختبئ بصدره ، جذب منشفة يحاول تجفيف شعرها ليرفعها حتى استقامت أمامه ولأول مرة يراها تتقوقع على نفسها بوجوده رافضة رؤيته لها .
إنها تحتاجه ...
لا تحتاج الزوج . هى فى هذه اللحظة تحتاج الرجل الذى يشعرها أن أنوثتها لم تهتز بعينيه لفقدها هذا الجزء العزيز منها ، تحتاج الرجل الذى يشعرها أن ما استأصل منها ليس ما يرغبه فيها ، تحتاج الرجل الذى يشعرها أنه لم يدفن لهفتها عليها مع رحمها الذى بكاه قبلها ، تحتاج الرجل الذى يعيد غرس ثقتها أنها أنثى مرغوبة ، تحتاج الرجل الذى يشعرها أن ما تحاول إخفاءه عنه موشوم داخله ورؤيته من عدمه لن تؤثر على صورتها .
ألقى المنشفة جانبا ليقترب هامسا : وفية انا بحبك .. هفضل طول عمرى احبك .. انت غالية اوى يا وفية اغلى من حياتي نفسها .
ترفع عينيها تبحث بين أهدابه عن صورتها ، عن كيانها ، عن لهفته التى لم ولن تخبت لتجد لهفته معلنة عن نفسها بكل خلجاته ، نزع قميصه بإندفاع على غير عادته رافضا اى حائل بينهما .
لم تدر كيف وصل بها للغرفة مجددا لكن مع كل لحظة شعرت بأنفاسه تزاحم أنفاسها بصدرها ، شعرت أن ما فقدته لن يترك داخلها خواءا ؛ فعشق هذا الرجل كفيل بملء خواء روحها قبل بدنها .
******
ومرت الأيام تتسارع تحمل بين طياتها الكثير من السعادة والكثير من الحزن والانكسار لكل حسب ما اختار لنفسه .
ظل الأمل حيا حتى اماته الطبيب بكلمات جوفاء ، لم تحمل له صغيرا ، ابتسم وابتسمت وتهربت الأعين توارى الإنكسار ، لعله خير ؛ هكذا تخبره دوما وهكذا يخبرها أيضا .
كذلك دينا لم يهبها الله رزقه وشهر بعد شهر يذوب الأمل كحبات سكر فى شراب شديد المرارة ، ورغم ذلك يتفنن فى بثها شوقه لها وحاجته لقربها ، واكتفاءه بها ، ويتمنى أن تصدقه .
******
ركض طايع يتبعه إياد وليليان بين طرقات المشفى ، هاتفتهم عبلة لتخبرهم أن نسمة تضع مولودها ، وصلوا أمام حجرة العمليات حيث تقف عبلة بقلق بينما يجلس عارف ببرود وتأفف لينهض فور رؤيته طايع الذى تساءل : ها إيه الاخبار ؟ نسمة ...
قاطعه عارف : جوه . جوه مانعرفش مادام انتو جيتو انا لازم امشى ورايا ارتباطات ..
ثم نظر نحو زوجته آمرا : عبلة ابقى طمنينى على الموبايل .
وانطلق من فوره لتتجه ليليان نحو عبلة : ارجوك طمنينى بنتى عاملة إيه ؟
ربتت عبلة فوق ذراعها : ماتقلقيش الحالة كويسة وبتولد طبيعى بس انت عارفة الولادة بتطول .
نظرت نحو زوجها بفزع ليبدو شديد الشحوب ، ترنح ليجد ذراعه فوق كتف إياد وذراعى إياد تحيطا خصره : بابا !!
أسرعت نحوه ليقول : انا كويس . كويس ماتقلقوش .
دفعته نحو المقعد ليجلس وينظر لها : اطلبى لى مهران .
اومأت بصمت واسرعت تهاتف مهران .
مر نصف ساعة قبل أن تخرج إحدى الممرضات فيهرول الجميع نحوها وهى تدفع فراشا صغيرا لتبتسم له : ولد زى القمر . حمد الله على سلامة المدام .
تقدمت ليستوقفها إياد : هتوديه فين ؟
ابتسمت له : هوديه الاوضة لحد ما مامته تحصله .
تبعها فورا : بابا انا هقعد معاه .
بعد ساعة إلتف الجميع حول نسمة المنهكة ليتساءل مهران الذى وصل منذ قليل : وچوزها فين ؟
تهربت عبلة بعينيها : عنده مؤتمر فى اليابان .
ابتسم بتهكم لتشيح نسمة وجهها بحزن بينما يهز طايع رأسه بأسف ليقطع إياد التوتر الذى يسود الغرفة من موقعه الملاصق لفراش الصغير متسائلا ببراءة : نسمة هو اسمه ايه ؟
نظرت له نسمة بشرود : فارس .. هسميه فارس .
حمحمت عبلة بحرج : مش الأصول يا نسمة تتفقى مع بسول على اسم المولود .
لتجيب نسمة بحدة : ليه هو كان تعب فيه قدى ولا شاف اللى شوفته ..ده ماكلفش خاطره يعتذر عن المؤتمر وهو عارف انى هولد فى اى وقت .
صمتت عبلة بصدمة لرد نسمة الحاد لتنظر لها ليليان بعتاب فتعود وتشيح وجهها بعيدا .
*****
وصل مازن لمنزل عاصم لرؤية ابنته وقد تعمد التبكير ليدرك هيا قبل التوجه للشركة ، فهى منذ وضعت الصغيرة أولت رعايتها لأمها وتفرغت لمساعدة أبيها فى العمل ، وكلما حاول التحدث إليها أو مقابلتها تتهرب منه .
أدخلته الخادمة ليصعد مباشرة لغرفة هيا وبدون مقدمات اقتحم الغرفة بينما كانت هيا تبدل ملابسها ، تسمرت قدميه يطالع فتنتها إنه يشتاقها بجنون وقبل أن تتابع أفكاره هاجمته وهى تسرع لسترتها ترتديها : انت ازاى تقتحم اوضتى كده ؟
اغلق الباب متصنعا الهدوء : عادى مش مراتى ؟
لم تتخل عن حدتها : مراتك !! مازن قولنا الموضوع ده ننساه ومن فضلك الزم حدك معايا وطلقنى بقا كفاية كده .
تقدم منها منفعلا ليرى لمحة خوف تحتل ملامحها لتسرع بوأدها فيتوقف على بعد خطوات منها : انا قولت لك مش هطلق . بنتنا لازم تكبر وسط ابوها وامها .
ابتسمت بتهكم : لا يا شيخ !! دلوقتى البنت بقت حجتك علشان نكمل المهزلة دى !
مهزلة !!
ردد بتعجب لتتابع : طبعا مهزلة .. تقدر تقولى ازاى هتنسى انى كنت بهرب من ورا اهلى واقابلك فى الفندق ! تقدر تقولى ازاى هتنسى انى اتجوزتك عرفى ؟؟ تقدر تقولى ازاى هتنسى انك اتجوزتنى غصب عنك ؟؟
ظل مازن يحدق بها لتتابع : بلاش انت .. ازاى انا هنسى انى وثقت فيك وانت اتهربت منى ؟؟ وازاى انسى انى وثقت فيك تانى وانت ذلتنى ؟ ازاى انسى كلامك ليا ؟ معاملتك ليا كأنى واحدة من الشارع ؟ ازاى انسى انك ارغمتنى وهنتنى ؟ ضربتنى وذلتنى ؟ قولى يا مازن ازاى نعدى كل ده ونكمل ؟ ازاى رد عليا ؟
حمحم بحرج : إحنا ممكن نشوف دكتور نفسى يساعدنا ونحاول علشان بنتنا يا هيا
بنتنا ؟؟
رددت بإستنكار : حتى بنتنا مش قادرة انسى رفضك ليها واتهامك ليا انى بنسب لك طفل مش ابنك رغم إنك واثق انى ماعرفتش غيرك .
أولته ظهرها : من فضلك يا مازن كان ممكن نعمل اللى بتقول عليه ده لو فى بنا حب او ثقة لكن احنا اللى كان بنا متعة وغدر بس ودول ماينفعوش يبنوا حياة .. من فضلك خلينى اعيش حياتى وعيش انت كمان حياتك بعيد عنى .
جر قدميه جرا للخارج ليصطدم أثناء مغادرته ب عاصم الذى يبدو أنه يقف هنا منذ مدة طويلة واستمع لأغلب الحوار ، تجاوزه ليهرب منه ومنها ومن نفسه ، نظر له عاصم بحزن ؛ لا فائدة .. ابنته محقة هذه العلاقة حكم عليها بالفشل رغم محاولة الجميع لمنحها فرصة ، اتجه لغرفة ابنته التي كانت بحق تحتاج للاختباء بصدره والبكاء على نفسها التى بخست وعلى ابنتها التي كتب عليها أن تحرم من حياة طبيعية .
*****
اجتمع حسين وزناتى برفقة زيدان الجد بحجرة عفاف التى تتسطح بإجهاد وهاشم يقف بجوارها يحمل ولده بفخر ناظرا لها بحنان ، لقد منحته حياة كاملة ، حياة جديدة بعد أن أفسد أبيه حياته .
لا يمكنه إنكار سهرها ليال فقط لمداواة جرحه وامتصاص حزنه ، لا يمكنه إنكار أن وجودها وهذا الصغير كان دافعا له للبقاء ، لا يمكنه إنكار دفعها له لمراعاة إخوته من أبيه ومحاولاتها المستميتة لتزرع حبهم بقلبه مرددة دائما أنهم جميعا ضحايا لنفس الشخص .
فتحت عينيها تنظر له ليسرع تاركا الصغير بين ذراعى أبيها الذى ضمه بحنان قبل أن يسرع ويرفع جذعها العلوى ويسندها لصدره بلا حرج مقربة من شفتيها عبوة العصير : اشربى يا عفاف . الدكتورة جالت لازم تشربى سوايل كتير
همست بضعف : ماجدراش يا هاشم .. خلينى انام احسن .
اعترض فورا : لاه تنامى كيف لازم نسمع كلام الدكتورة . يلا بسم الله .
دس الشقة بين شفتيها لتشرب جرعة من العصير وتشعر أنها بحاجته بالفعل بينما تساءل الجد : هتسميه إيه يا ولدى .
لم يتردد هاشم وقال فورا : هسميه زيدان يا چد .
ورغم علم الجد أن الصغير لم يسم تيمنا به لكنه ابتسم بسعادة ف هاشم يحمل قلب ابنته الصافى لا ينسى المعروف ، إنه يعلم أن حياة شقيقته حتى هذه اللحظة والسعادة التى حصلت عليها بفضل زيدان حفيده الذى يعيش فعليا لإسعادها فقط .
دقائق ووصل دياب ودينا التى تلهفت لحمل الصغير بصورة تألم لها قلب دياب وبعد قليل وصل زيدان وهمت التى شعرت بالخوف من الصغير ورفضت الاقتراب منه حتى أعلمها أخيها اسمه لتبدأ تمسك كفه بتردد أثناء حمل دينا له ، ابتسم الجميع براحة فمجرد اسم زيدان أصبح رمزا للأمان خاصا بقلبها البرئ .
******
رغم استقرار الحياة بين رحمة ومحمد إلا أن هناك حاجز بينهما لم يتمكن اى منهما من تخطيه ، أصبحت تنام بفراشه منذ أشهر لكنها لا زالت تشعر بالرفض وكلما حاول التقرب منها رأى نفورا يرغمه على التراجع .
ورغم رفضها له يحاول أن يعاملها بمودة متحملا كافة تقلباتها المزاجية بسبب الحمل وبسبب الغيرة أيضا .
يرى الغيرة بعينيها ولم تعد تحاول إنكارها لذا ورغم رفضها له يصر على ضمها ليلا مدعيا ضمه للصغيرة بالداخل لا ينكر تضارب المشاعر على صفحة وجهها فى المرة الأولى التى ضمها لصدره لتعترض كالعادة : محمد هتخنقنى .
لكنه لم يستسلم وقال ببراءة : انا مش بحضنك علفكرة انا بحضن بنتى اللى انت حبساها جوه .
تضاربت مشاعرها بوضوح لتتبلور السعادة واضحة .
ومنذ رأى لمعة السعادة بعينها لفعلته تلك أصبحت تقليدا يوميا أثناء وجوده وإن حاولت الرفض بتدلل فقد أصبح يفرق جيدا بين الرفض والدلال .
غادر محمد غرفته صباحا باحثا عنها حيث غافلته وتسللت من جواره رغم علمها أن هذا يغضبه ، خرج لتغوص قدميه فى المياة ليجد رحمة تجلس وزينة تجثو أرضا تغسل سجادة ضخمة لترفع عينيها بحماس : اهيه يا ماما بقت زى الفل .
امتعضت ملامح رحمة : فل !! فل إيه دى زى الزفت !! هتدعكى كويس ولا اقوم انا اغسلها .
عبست ملامح زينة ليقترب محمد : إيه جو نحن لا نزرع الشوك ده ؟؟ انت عاملة في البنت كده ليه يا رحمة ؟
زفرت رحمة بحدة : يعنى عاوزنى أولد والشقة مش نضيفة ؟ وبعدين أنا قولت لها من الأول انا هغسلهم هى مش راضية
غادر حمزة غرفته فورا لسماع صوت أمه : فى إيه يا ماما ؟
نظر ل زينة ليضحك ويجثو بجوارها : حتة سجادة مش عارفة تغسليها .. الله يكون فى عونك يا تاج .. وسعى ياختى انا هغسلها .
نهرته رحمة : تغسل إيه انت اتجننت يا حمزة !!
جلس محمد متخليا عن خفه المبتل خلفها : وفيها ايه سيبيه يساعد أخته ومن غير انفعال الدكتورة منبهة عليكى علشان الضغط .
أكد حمزة : صح وياريت تاخدها جوه يا بابا وانا وزينة هننضف هنا .
نظر لها بتساؤل : تدخلى ؟
هزت رأسها نفيا ليشير لولده : يلا يا واد يا حمزة اغسل اغسل .
ضحك حمزة لينظر ل زينة : وانت يا زينة سيبك من غسل السجاجيد ده مش للبنات الرقيقة اللى زيك . قومى اعملى لماما لمون واعملى لى قهوة .
بدأ حمزة غسل السجادة بصمت متجاهلا همسات أبيه القريبة من أذن أمه لكنه يشعر بالراحة أن الأمور بينهما على ما يرام .
كانت زينة بالمطبخ حين وردها أتصال أسرعت تجيبه بحدة : لا انت تتصرف وتجيب شقة انا عاوزة اتجوز
صدم تاج من ردها ليصمت لحظات ثم يقول : وانا كمان والله نفسى اتجوز واخد حبيبتي فى حضنى ومحدش يشاركنى فيها أبدا واعرفها انى بعشقها وادوقها وجع السنين واسقيها شوقى ولهفتى ...
قاطعته بصوت مهزوز : خلاص يا تاج انت ما صدقت !
سكبت قهوة أبيها مع زفرة حارة منه : والله لو تحسى بشوقى ليكى لتعرفى انا بحارب قد ايه علشان نبقى سوا النهاردة قبل بكرة .. انت بقا إيه اللى مضايقك .
تنهدت براحة : مش مضايقة يا تاج والله .
شردت وهو يعيد سؤاله وتعلم أنه لن يصمت قبل الحصول على إجابته لكنها تخجل أن تخبره أنها تمنت فعلا أن يتم زواجهما لتحصل على ضمة دافئة كتلك التي رأت أبيها يمنحها لأمها رغم غضبها الواضح ، ولأنها تعلم أنه لن يصمت أنهت الاتصال : تاج انا لازم اقفل علشان بننضف وأما اخلص هكلمك .
بعد ثلاثة أيام من هذا التوقيت شعر محمد أنها ليست بخير منذ تناول الغداء الذى لم تتناول منه إلا لقيمات وهى توارى الألم عن الجميع ، أظهر لها تشاغله لكنه راقبها جيدا سامحا لها بحرية الحركة فى الغرفة ، رفع رأسه عن الأوراق متسائلا للمرة المائة : رحمة انت شكلك تعبان ، تعالى نروح للدكتورة ؟
هزت رأسها نفيا : انا كويسة لسه بدرى .
نهض مقتربا منها : بطلى عند الدكتورة هى اللى تحدد
أجابته بحدة : ليه هى الدكتورة اللى هتولد ؟
سرعان ما قطبت جبينها ليشعر بها تتألم فيقترب منها يحيطها بذراعه : تعالى يا رحمة ارتاحى انت بقى لك ساعة رايحة جاية .
قبضت على ذراعه بقوة ليرتجف حرفيا : يا ليلتك اللى مش فايتة !! ده مش وجع انت بتولدى بجد ؟؟
تعالت صيحاته ليقتحم ولديه الغرفة بفزع فيصرخ : زينة الحقينى امك بتولد .
بلاهة مطلقة هى ما حصل عليه من كليهما ليصرخ : اتحركى هاتى لها هدوم
تحركت زينة لينظر ل حمزة : انت واقف كده ليه !! غير بسرعة انا مش هقدر اسوق
هرول حمزة هاربا ومع عودة زينة بالملابس تدفقت كمية من الماء لتكون بقعة أسفل قدمى رحمة ، هلع سيطر على ابنته لينهرها برفق محاولا السيطرة على الموقف : زينة ماتخافيش ده عادى .. قربى حبيبتي لبسى ماما يلا ولا هتستنى لما تولد هنا !
أسندت رحمة ظهرها بألم وأنت بخفوت مغمضة عينيها لتتحرك زينة وتضع عليها ملابسها في لحظات ، عاد حمزة ليدفع بها إلى صدره ويبدل هو ملابسه مع عودة زينة التى بدلت ملابسها أيضا .
تدفق المزيد من المياة تحت قدمى رحمة لتقبض على ذراع حمزة بقوة فيصرخ فزعا : بسرعة يا بابا .
دفش محمد حافظته بجيبه لينظر له : مستنى إيه شيل امك انا مش عارف اتلم على اعصابى .
حمل حمزة أمه منطلقا للخارج وكأنه هو قادر على التحكم بأعصابه .
بعد نصف ساعة كانوا بالمشفى وقد حجزت رحمة فورا وحملت لغرفة العمليات ورغم تحذير الطبيبة لم تستغرق الولادة أكثر من نصف ساعة أخرى كانت كافية ليصل تاج صاحبا أمه هذه المرة ودون أن تفكر زينة وجدت نفسها بين ذراعيه توارى مخاوفها .
خرجت الممرضة تحمل الصغيرة وتبشرهم بحالة رحمة الجيدة ، تلقاها محمد بسعادة غامرة .
منذ تلقاها يرفض أن يحملها سواه حتى استقرت رحمة بغرفتها لتعاتبها ليال برفق : كده يا رحمة مااتصلتيش ليه من اول ما تعبتى .
ابتسمت رحمة بينما قال حمزة : ودى تيجى يا طنط لازم تنشف دمنا .
ضحكت ليال : عموما ساعة واحدة هجيب لك اكل واجى انا هبات معاكى النهاردة
نظر لوالده بتذمر : بابا عاوز اشيل اختى شوية .
نظر له محمد بغضب ثم سأل زوجته : هنسميها إيه يا رحمة ؟
ابتسمت رحمة : ماسة .. هنسميها ماسة .
ارتعش كفيه لينل حمزة فرصته ويختطف الصغيرة بشكل مضحك : نورتى يا ست ماسة .. انت حلوة اوى كده ليه ؟ طالعة شبهى لازم تبقى حلوة 😂😂
اقترب فورا مقبلا جبينها بإمتنان : متشكر اوى يا رحمة ربنا ما يحرمني منك ابدا .
ثم رفع كفها يضمه لصدره غير عابئ بوجود أبنائه ولأول مرة هى أيضا لا تهتم لوجود اى شخص ، لقد حصلت على ولادة جديدة . وهذا الإسم الذى أطلقته على صغيرتها هو أقل ما تقدمه له ذكرا لأمه وإعلانا منها على محاولة التجاوز عما مضى . حقا دربهما طويل لكنها قررت السير فيه .
رأى تاج نظرة زينة لوالديها ليقترب هامسا : انت عاوزة نتجوز علشان كده ؟
ارتبكت زينة : تاج انت بتقول ايه ؟
قبض على كفها بحنان : بقول مستنى اليوم اللى ازرعك فيه جوايا .
تخضب وجهها ليحمحم حمزة : جرى إيه يا جماعة عمالين تحبو فى بعض وفى هنا واحد سنجل وطفلة بريئة .
اكتفى محمد بنظرة حادة بينما قال تاج : وحد قالك تفضل سنجل يا اخويا .
قاطع الجميع دخول محمود وحياة ليتهلل وجه محمد : محمود ربنا رزقنا ماسة .
تهلل وجه محمود أيضا مرددا بحب : ماسة !!
******
جلس زيدان يتطلع ل همت النائمة بشغف شاردا فى اخر فحص أخضعها له يوم ولادة زيدان الصغير ، زفر بضيق متذكرا حديث الطبيب ...
عودة للوراء ...
يجلس زيدان أمام الطبيب كوضع أصبح يألفه ليهز الطبيب رأسه بأسف فيتساءل بقلق : فى إيه يا دكتور ؟ هى الفحوصات فيها حاچة ؟
نظر له الطبيب : زى ما قولت لك قبل كده مجرد إنها عايشة بالحالة دى وبتتحرك بس دى معجزة .. انت قدرت تنزع رغبتها فى الموت مااعرفش ازاى !! همت النهاردة متشبثة بالحياة بأقصى قوتها .
تهلل وجه زيدان : طيب الحمدلله .. امال حضرتك زعلان ليه ؟
أجاب الطبيب : زى ما قولت لك بردو هى متشبثة بالحياة لكن ده مايمنعش سوء حالتها .. انا مش عاوزك تتصدم بس انا متوقع
صمت الطبيب ليستحثه برجاء : متوقع إيه يا دكتور ؟؟
تنهد الطبيب : قلبها يقف في اى لحظة .
قاوم دموعه ليسأل : يا دكتور اكيد فى حل .. نروح مركز البحوث .. نسافر برا .. نعمل اى حاچة انى مااجدرش اتفرچ عليها واستنى موتها
تنهد الطبيب : تفتكر لو فى امل كنت هخبيه عنك ؟؟ يابنى انت فاهم الإهمال والتعسف اللى همت اتعرضت ليهم عملوا فيها ايه ؟؟ للاسف مع بداية اهتمامكم بيها هى كانت بتنتهى .. كل الوقت اللى بعد كده معجزة ورحمة من ربنا مفيش دكتور فى الدنيا يقدر يفسره . عاوز ترتاح الفحوصات اهيه ابعتها مطرح ما انت عاوز لو لاقيت امل امشى وراه .
عاد زيدان من ذكرياته بنفس الفزع ونفس الرجفة التى اجفلته لسماع تلك الكلمات . غامت عينيه وهو يراها تتململ فى نومها وتمتعض ملامحها كأنها تبحث عنه ، انتفض لينزع جلبابه ويندس بجوارها فورا قربها منه مستنشقا عبيرها : انا بعشجك يا همت .. لو تعرفى إنك الهوا اللى بتنفسه ماكنتش هونت عليكى تهملينى واصل .
تبع لهفته للحظات متناولا بعضا من أنفاسها لتسكن صدره قبل أن يتابع بإختناق : طيب خدينى معاكى .
زادها ضما لصدره هامسا برجاء : ماتهملينيش يا همت ..
وصل لمسامعه همسها : حبك زيدان .
انتفض مبتعدا ينظر لها بفزع ليرى استرخاء ملامحها يتحول لعبوس وتهمس مجددا : زيدااان
لا يمكنها التظاهر هو يعلم ذلك يقينا ، لذا قبل خيانة مدامعه لمجرد إدراكه أنها تعيش معه بعالم أحلامها ، تلك الأوقات التي يحياها بين ذراعيه أثناء نومها هى ما تحيه أيضا لذا رفض قلبه أن يظل هاجرا دفئها ليعود بدنه يغمرها بطوفان من أشواقه الذى يزيد ظمأه لقربها .
لحظات وسمح لعينيه بتحرير أحزانه فاليوم وصله نتيجة اخر فحص أرسله ل خالد ليرسله الأخير لعدة جهات .
كم يكره الحياة التى تريد نزعها منه .
رفع عينيه للسماء وقلبه يتضرع لله ألا يحمله هذا الألم .. ألا يحيه هذه اللحظة التى يفقدها فيها .
وصلا للمنزل وهى لا تزال بحاجة للراحة ، حملها للداخل ليقابل بجو متوتر . وقف يزيد فور رؤيتهما : حمد الله على السلامة . إيه اللى عملته ده يا زيدان ؟
نظر له بحيرة : عملت ايه ؟؟
انفعل يزيد : روحت اشتريت ...
أوقفه الجد بحدة : يزيد
ابتلع كلماته لينظر له زيدان فيقترب حسين : تعالى يا همت اطلعك وزيدان هيحصلنا .
تعلقت برقبة خالها الذى حملها وهى تنظر نحو زيدان باستسلام .وقف الجد فورا : تعالوا ورايا .
اتجه ثلاثتهم للمكتب وما إن استقرا جالسين أمام جدهما حتى تساءل الاخير : انت اشتريت مدفن يا زيدان ؟
حمحم زيدان : ايوه يا چد
انفعل يزيد : ومدفن العيلة راح فين ؟ بدك تنجلع من چدورك يا زيدان ؟
رفع زيدان وجهه لأخيه بهدوء : كويس انك فتحت السيرة دى ماكنتش جادر اتحدت فيها وياك .
زاد انفعال يزيد لكن زيدان تابع : انا اشتريت لحد يا چد مش مدفن .
وعاد بنظره لأخيه : هندفن فيه انا وهمت بس ..وده وصيتى ليك يا يزيد .. إذا مت جبليها ادفنها وياى وإذا ربنا كتب عليا الوچع تبجى تدفنى وياها .
صمت مؤلم خيم على ثلاثتهم رغم النظرات التى تصرخ ألما لم يملك يزيد الحجة ليحاوره ولم يملك الجد الطاقة ليفعل ،لحظات قبل أن يستقيم زيدان : انا هطلع ارتاح لأچل اروح عجد بت عم دياب .
تحرك بهدوء نحو الخارج ولم يستوقفه أيهما ، نظر يزيد لجده الذى نكس رأسه فوق عصاه وفضل الصمت .
ثارت دماء يزيد ، اللعنة على هذا العشق الذى يقتل أخيه ، لم ينل أخيه من عشقها إلا الألم وهو يقف عاجز تماما عن مساعدته ، ليته يتمكن من مساعدته للتحرر من عشقها .للتحرر منها .
*****
جلس خالد أمام رفيع وبينهما المأذون الذى أنهى للتو إجراءات عقد القران ، أعلنت الزغاريد الخبر السعيد لتبدأ الاحتفالات .
انشغل الرجال بإحتفالهم والنساء بالمثل داخل المنزل بأريحية أكثر ، جلست عفاف ببطنها المنتفخ وبجوارها همت التى تتابع بشغف بينما جلست دينا بجوار بسمة تتساءل عن الحقن المجهري بشغف واضح .
جلست سيلين تتلقى تهانى صديقاتها بالجامعة فقد استأجر رفيع حافلة لتقلهن وعليهن سرعة المغادرة .
أعدت رنوة العشاء الذى سيجمع سيلين وخالد للمرة الأولى بعد عقد القران .
غادر صديقاتها لتقترب بسمة وتهمس بأذن سيلين التى ابتسمت وتحركت معها ، صعدتا لشقة رفيع حيث ينتظر العشاء متناوليه ، تلفتت سيلين متسائلة : إيه ده هو انا هستناه كمان ؟
وقبل أن تجيب بسمة جاء صوت خالد : لا طبعا أنا هنا من بدرى .
اتسعت عينا سيلين وهى تنظر ل بسمة بعتاب ليأتى صوت سويلم : البسة اكلت لسانك ولا إيه ؟؟
احتقن وجهها غضبا لتكتم بسمة ضحكاتها وقبل أن تتجه للخارج أمسك بها سويلم : استنى .. إحنا هنجعد إهنه لحد ما يخلصوا وكل .
وكزه خالد بتذمر ليردها بشكل أقوى : أوامر بوى .
أمسكت بسمة يده وابتعدت عن مجال رؤيتهما تماما ليقترب من سيلين التى لم ير ملامحها بعد هامسا : سيلى .
انتفضت وهمت بالفرار ليمسك بها : رايحة فين ؟ مش كفاية اخوكى مراقبنا هتهربى كمان ؟
ابعدت ذراعه المحيط بخصرها بهدوء وتصنعت الشجاعة لتتقدم من الطاولة فيتبعها وقبل أن تجلس جذب ذراعها لتشهق صدمة وهو يخفيها بأحد الأركان ، نظرت له بفزع وقبل أن تعترض كمم فمها بكفه وعينيه تحيطها بلهفة : ماتخافيش انا مش بستعجل اى حاجة ولا هعمل حاجة تضايقك .
انخفضت عينيها لكفه ليرفعه بروية لكن لم يبعده بل تلمس وجهها بدفء ليقول : انا بس محتاج اخدك فى حضنى .. صدقيني مش هضايفك .
ولم تملك وقتا للإعتراض فقد وجدت نفسها مغمورة بدفء لم تعرفه مسبقا ، ثار قلبها وتلاحقت دقاته مع اقتحام عطره حواسها حد التشبع ، حاولت السيطرة على أنفاسها وهى ترفع كفين مرتعشين : خالد من فضلك
همس بحنان : هشششش . خالد وعمره وقلبه ودنيته كلها ليكى يا سيلى .انا هبعد ماتخافيش .
بالفعل لحظات وبدأت تشعر ببعض النسمات الباردة نتيجة بعد دفء بدنه عنها ليستقر على مقربة منها ، تهربت عينيها منه ليمسك كفها ويعودا للطاولة .
*
ما إن غابا عن مرمى عينى خالد وسيلين حتى أوقفها : استنى رايحة فين دلوك ؟
توقفت تنظر له : هنبعد عنهم يا سويلم ولا انت مش واثق فى خالد ؟
تنهد مستندا للجدار : لا طبعا الحكاية مش إكده ؛ هنا اصلا عيبة كبيرة العروسة تجعد مع عريسها لحالهم بعد العجد إكده .. بس بوى طبعا ماجدرش يزعل امى .
ابتسمت بسمة وهى تستند مثله للجدار : نحن القاهريات قد احتللنا هذا النجع
أشارت نحو صدره : وصدور رجاله أيضا
اقتربت حتى لامست أنفاسه : هنخليه تحت سلطان الحب .. الحب وبس .
دار ذراعه حولها ليزرعها بين أضلعه ويغيبا لدقائق لم يحصها أى منهم قبل أن يبتعد سويلم : انا عارف إن بوى كيفه يعذبنى .. ما تاچى نطلعوا شجتنا ! مش المفروض ترتاحى ؟؟
وقبل أن تذبحه ضحكاتها كمم فمها بكفه : والله لو ضحكتى لشايلك لفوج ويتحرج الفرح على اللى فيه .
ابعدت كفه بحدة زائفة وهى تحمحم متصنعة الجدية : يلا نشوف اختك وابن عمى .
وقبل أن تتحرك كانت محاصرة بذراعيه مرة أخرى : اختى !! ابن عمك يتخاف عليه منيها خليكى إهنه .
*****
مرت عدة أيام عاد فيها الجميع من الصعيد واستقرت الأمور إلى حد ما بين الجميع .
بدأت وفية تسترد عافيتها وقد أوكل محمد إلى إحداهن مرافقتها الدائمة ، منذ غادرت المشفى وأصبحت زيارات شاكر شبه يومية .
توجه محمد لمنزلها وقد عزم على إعلامها بحقيقة حالتها التى تجهلها حتى الأن رغم أن مجرد الفكرة تثقل قلبه بالألم .
وصل للمنزل وكانت بحجرتهما تهدهد فراش صغيرتها بحنان لتبتسم فور رؤيته هامسة : حمد الله على السلامة .
ابتسم وجلس قربها بدفء ليهمس : الله يسلمك ..نامت ليه قبل ما اجى ؟
اتسعت ابتسامتها : معلش اكيد هتصحى تانى .
مد كفه فوق كفها مهدهدا الفراش وقد بدأت ملامحه تبدو مبهمة وعينيه تشردان ليقول : وفية فى حاجة لازم تعرفيها
شعرت بالقلق من ملامحه لتسحب كفها : فى إيه يا محمد ؟
تهرب بعينيه لتسحب وجهه وتواجه عينيه بحزم : فى إيه ؟
خارت عينيه أرضا ليقول : فى أول حملك الدكتورة اكتشفت إن عندك ورم بيضغط على الرحم والحمل كان مخاطرة كبيرة ..
إلتقط أنفاسه ليتابع : انا لما اخترت إنك تكملى الحمل اخترت كده علشانك ..علشان دى كانت الفرصة الوحيدة انك تبقى ام ..علشانك يا وفية والله انا ماكنتش عاوز ولاد انا كنت عاوز اسعدك .
ظلت عينيها زائغة تنظر له بتيه ليتنهد : علشان كده انت كنت تعبانة وده كمان سبب ولادتك فى السابع وانت بتولدى الدكتورة اضطرت .. احممم
اضطرت لإيه يا محمد ؟؟
تساءلت بشرود ليتابع بإختناق وبحة مؤلمة : تشيل الرحم
زادت علامات الفزع التى احتلت ملامحها ليرفع كفيه محيطا وجهها : أنا آسف يا وفية .
وجذبها لأحضانه يعتصر ألمها الذى يهلكه ورافضا رؤيتها وصدمتها وهو لا يعلم كيف يهونها عليها ؟
سمع صوت زفرتها قبل أن تقول : آسف على إيه يا محمد ؟ انا كنت حاسة من زمان .. كان بيجى لى نزيف وانا كنت بسكت واقول ضغط نفسى وعمرى ما فكرت اكشف أو اتعالج .
عادت تتنهد بألم : ماكانش عندى حد ياخد باله منى ولا كان عندى حد اتعالج علشانه .
ربتت فوق ذراعه ليبتعد لكنه زادها ضما لتتساءل : انت استحملت كل الوجع ده علشانى ؟
أبعدها برفق دون أن تغادر عينيه محياها : انا لو بإيدى اشيل كل الوجع عنك مش هتأخر . انا عرفت معاكى حب عمرى ما عرفته .. عرفت يعنى ايه احب واحدة بتحبنى ..ملهوفة عليا وعاوزانى زى ما انا عاوزها .. يعنى إيه ست محتجانى زى ما انا محتاجها .. حب الست لجوزها احساس ممتع اوى يا وفية ..مهما اتكلمت مش هقدر اوصف لك السعادة اللى بحسها معاكى .
اهتزت السعادة بعينيها وهى تشعر بصدق كلماته ، ماذا تريد من الدنيا أكثر من ذلك !!
حصلت على كل أحلامها وتجاوزتها ، تزوجت الرجل الذي أحبته ، أنجبت اجمل طفلة وقعت عليها عينيها ، وها هو بين يديها يخبرها أن حاجته التى تزوجها لأجلها تحولت لعشق سكنه ، لم تعد زوجته فقط .. بل حبيبته .ورغم كل ذلك تشعر بالألم !!!
نهضت عن الفراش لتتعلق عينيه بها فتقول : أنا محتاجة اخد دش ، خد بالك من هبة .
واتجهت للمرحاض دون إضافة ، فرغم تلك السعادة التي تشعر بها ، هناك وخز مؤلم ينخر فى صدرها ، لقد فقدت شيئا !!
لا ما فقدته ليس شيئا .. ما فقدته هو رمز أنوثتها .. ما فقدته هو مصدر الحياة الذى يحيى كل امرأة .. ما فقدته أغلى من أن تبكيه ...
أصبحت جوفاء داخليا . ما يربط بينها وبين الحياة نزع منها . وقفت تحت الماء المنساب سامحة لبعض العبرات بالتسلل خارج حدود موطن الدمعات ، لحظات وفقدت القدرة على التحكم فى كم الألم الذى يرعى بصدرها ، جثت تحت الماء المنهمر ، هل لازالت يمكنها أن تحيا ؟
تذكرته . ألمه ، عنايتة ، مراعاته ، حنانه ، قربه ،دعمه و ؟؟ وعشقه .
رفعت رأسها لتجده يفتح الباب يتفقدها وهذا وحده دليلا على عشقه ، منذ أشهر توقفت عن منحه احتياجاته كزوج لكنه لم يتوقف عن منحها كل ما احتاجت إليه . أفاقت على ذراعيه يضمانها بقلق : وفية انت كويسة ؟؟ قاعدة كده ليه ؟؟ وفية اتكلمى علشان خاطري .
لم تفكر كثيرا وابتعلت كلماته لينظر لها بدهشة ، لتفنى كل الكلمات .. لتندثر كل الأحرف .. لتذوب خجلا لعدم قدرتها عن التعبير عن حاجتها إليه .
كيف تخبره ؟؟
تركها تنتزع أنفاسه راضيا حتى تراجعت رأسها قليلا ، حاول إلتقاط أنفاسه بتوتر ليشعر بكفيها يتسللان أسفل قميصه ليحمحم بحرج : حبيبتي انت تعبانة ..قومى معايا .
مد كفه منهيا تدفق المياه لتتشبث به تختبئ بصدره ، جذب منشفة يحاول تجفيف شعرها ليرفعها حتى استقامت أمامه ولأول مرة يراها تتقوقع على نفسها بوجوده رافضة رؤيته لها .
إنها تحتاجه ...
لا تحتاج الزوج . هى فى هذه اللحظة تحتاج الرجل الذى يشعرها أن أنوثتها لم تهتز بعينيه لفقدها هذا الجزء العزيز منها ، تحتاج الرجل الذى يشعرها أن ما استأصل منها ليس ما يرغبه فيها ، تحتاج الرجل الذى يشعرها أنه لم يدفن لهفتها عليها مع رحمها الذى بكاه قبلها ، تحتاج الرجل الذى يعيد غرس ثقتها أنها أنثى مرغوبة ، تحتاج الرجل الذى يشعرها أن ما تحاول إخفاءه عنه موشوم داخله ورؤيته من عدمه لن تؤثر على صورتها .
ألقى المنشفة جانبا ليقترب هامسا : وفية انا بحبك .. هفضل طول عمرى احبك .. انت غالية اوى يا وفية اغلى من حياتي نفسها .
ترفع عينيها تبحث بين أهدابه عن صورتها ، عن كيانها ، عن لهفته التى لم ولن تخبت لتجد لهفته معلنة عن نفسها بكل خلجاته ، نزع قميصه بإندفاع على غير عادته رافضا اى حائل بينهما .
لم تدر كيف وصل بها للغرفة مجددا لكن مع كل لحظة شعرت بأنفاسه تزاحم أنفاسها بصدرها ، شعرت أن ما فقدته لن يترك داخلها خواءا ؛ فعشق هذا الرجل كفيل بملء خواء روحها قبل بدنها .
******
ومرت الأيام تتسارع تحمل بين طياتها الكثير من السعادة والكثير من الحزن والانكسار لكل حسب ما اختار لنفسه .
ظل الأمل حيا حتى اماته الطبيب بكلمات جوفاء ، لم تحمل له صغيرا ، ابتسم وابتسمت وتهربت الأعين توارى الإنكسار ، لعله خير ؛ هكذا تخبره دوما وهكذا يخبرها أيضا .
كذلك دينا لم يهبها الله رزقه وشهر بعد شهر يذوب الأمل كحبات سكر فى شراب شديد المرارة ، ورغم ذلك يتفنن فى بثها شوقه لها وحاجته لقربها ، واكتفاءه بها ، ويتمنى أن تصدقه .
******
ركض طايع يتبعه إياد وليليان بين طرقات المشفى ، هاتفتهم عبلة لتخبرهم أن نسمة تضع مولودها ، وصلوا أمام حجرة العمليات حيث تقف عبلة بقلق بينما يجلس عارف ببرود وتأفف لينهض فور رؤيته طايع الذى تساءل : ها إيه الاخبار ؟ نسمة ...
قاطعه عارف : جوه . جوه مانعرفش مادام انتو جيتو انا لازم امشى ورايا ارتباطات ..
ثم نظر نحو زوجته آمرا : عبلة ابقى طمنينى على الموبايل .
وانطلق من فوره لتتجه ليليان نحو عبلة : ارجوك طمنينى بنتى عاملة إيه ؟
ربتت عبلة فوق ذراعها : ماتقلقيش الحالة كويسة وبتولد طبيعى بس انت عارفة الولادة بتطول .
نظرت نحو زوجها بفزع ليبدو شديد الشحوب ، ترنح ليجد ذراعه فوق كتف إياد وذراعى إياد تحيطا خصره : بابا !!
أسرعت نحوه ليقول : انا كويس . كويس ماتقلقوش .
دفعته نحو المقعد ليجلس وينظر لها : اطلبى لى مهران .
اومأت بصمت واسرعت تهاتف مهران .
مر نصف ساعة قبل أن تخرج إحدى الممرضات فيهرول الجميع نحوها وهى تدفع فراشا صغيرا لتبتسم له : ولد زى القمر . حمد الله على سلامة المدام .
تقدمت ليستوقفها إياد : هتوديه فين ؟
ابتسمت له : هوديه الاوضة لحد ما مامته تحصله .
تبعها فورا : بابا انا هقعد معاه .
بعد ساعة إلتف الجميع حول نسمة المنهكة ليتساءل مهران الذى وصل منذ قليل : وچوزها فين ؟
تهربت عبلة بعينيها : عنده مؤتمر فى اليابان .
ابتسم بتهكم لتشيح نسمة وجهها بحزن بينما يهز طايع رأسه بأسف ليقطع إياد التوتر الذى يسود الغرفة من موقعه الملاصق لفراش الصغير متسائلا ببراءة : نسمة هو اسمه ايه ؟
نظرت له نسمة بشرود : فارس .. هسميه فارس .
حمحمت عبلة بحرج : مش الأصول يا نسمة تتفقى مع بسول على اسم المولود .
لتجيب نسمة بحدة : ليه هو كان تعب فيه قدى ولا شاف اللى شوفته ..ده ماكلفش خاطره يعتذر عن المؤتمر وهو عارف انى هولد فى اى وقت .
صمتت عبلة بصدمة لرد نسمة الحاد لتنظر لها ليليان بعتاب فتعود وتشيح وجهها بعيدا .
*****
وصل مازن لمنزل عاصم لرؤية ابنته وقد تعمد التبكير ليدرك هيا قبل التوجه للشركة ، فهى منذ وضعت الصغيرة أولت رعايتها لأمها وتفرغت لمساعدة أبيها فى العمل ، وكلما حاول التحدث إليها أو مقابلتها تتهرب منه .
أدخلته الخادمة ليصعد مباشرة لغرفة هيا وبدون مقدمات اقتحم الغرفة بينما كانت هيا تبدل ملابسها ، تسمرت قدميه يطالع فتنتها إنه يشتاقها بجنون وقبل أن تتابع أفكاره هاجمته وهى تسرع لسترتها ترتديها : انت ازاى تقتحم اوضتى كده ؟
اغلق الباب متصنعا الهدوء : عادى مش مراتى ؟
لم تتخل عن حدتها : مراتك !! مازن قولنا الموضوع ده ننساه ومن فضلك الزم حدك معايا وطلقنى بقا كفاية كده .
تقدم منها منفعلا ليرى لمحة خوف تحتل ملامحها لتسرع بوأدها فيتوقف على بعد خطوات منها : انا قولت لك مش هطلق . بنتنا لازم تكبر وسط ابوها وامها .
ابتسمت بتهكم : لا يا شيخ !! دلوقتى البنت بقت حجتك علشان نكمل المهزلة دى !
مهزلة !!
ردد بتعجب لتتابع : طبعا مهزلة .. تقدر تقولى ازاى هتنسى انى كنت بهرب من ورا اهلى واقابلك فى الفندق ! تقدر تقولى ازاى هتنسى انى اتجوزتك عرفى ؟؟ تقدر تقولى ازاى هتنسى انك اتجوزتنى غصب عنك ؟؟
ظل مازن يحدق بها لتتابع : بلاش انت .. ازاى انا هنسى انى وثقت فيك وانت اتهربت منى ؟؟ وازاى انسى انى وثقت فيك تانى وانت ذلتنى ؟ ازاى انسى كلامك ليا ؟ معاملتك ليا كأنى واحدة من الشارع ؟ ازاى انسى انك ارغمتنى وهنتنى ؟ ضربتنى وذلتنى ؟ قولى يا مازن ازاى نعدى كل ده ونكمل ؟ ازاى رد عليا ؟
حمحم بحرج : إحنا ممكن نشوف دكتور نفسى يساعدنا ونحاول علشان بنتنا يا هيا
بنتنا ؟؟
رددت بإستنكار : حتى بنتنا مش قادرة انسى رفضك ليها واتهامك ليا انى بنسب لك طفل مش ابنك رغم إنك واثق انى ماعرفتش غيرك .
أولته ظهرها : من فضلك يا مازن كان ممكن نعمل اللى بتقول عليه ده لو فى بنا حب او ثقة لكن احنا اللى كان بنا متعة وغدر بس ودول ماينفعوش يبنوا حياة .. من فضلك خلينى اعيش حياتى وعيش انت كمان حياتك بعيد عنى .
جر قدميه جرا للخارج ليصطدم أثناء مغادرته ب عاصم الذى يبدو أنه يقف هنا منذ مدة طويلة واستمع لأغلب الحوار ، تجاوزه ليهرب منه ومنها ومن نفسه ، نظر له عاصم بحزن ؛ لا فائدة .. ابنته محقة هذه العلاقة حكم عليها بالفشل رغم محاولة الجميع لمنحها فرصة ، اتجه لغرفة ابنته التي كانت بحق تحتاج للاختباء بصدره والبكاء على نفسها التى بخست وعلى ابنتها التي كتب عليها أن تحرم من حياة طبيعية .
*****
اجتمع حسين وزناتى برفقة زيدان الجد بحجرة عفاف التى تتسطح بإجهاد وهاشم يقف بجوارها يحمل ولده بفخر ناظرا لها بحنان ، لقد منحته حياة كاملة ، حياة جديدة بعد أن أفسد أبيه حياته .
لا يمكنه إنكار سهرها ليال فقط لمداواة جرحه وامتصاص حزنه ، لا يمكنه إنكار أن وجودها وهذا الصغير كان دافعا له للبقاء ، لا يمكنه إنكار دفعها له لمراعاة إخوته من أبيه ومحاولاتها المستميتة لتزرع حبهم بقلبه مرددة دائما أنهم جميعا ضحايا لنفس الشخص .
فتحت عينيها تنظر له ليسرع تاركا الصغير بين ذراعى أبيها الذى ضمه بحنان قبل أن يسرع ويرفع جذعها العلوى ويسندها لصدره بلا حرج مقربة من شفتيها عبوة العصير : اشربى يا عفاف . الدكتورة جالت لازم تشربى سوايل كتير
همست بضعف : ماجدراش يا هاشم .. خلينى انام احسن .
اعترض فورا : لاه تنامى كيف لازم نسمع كلام الدكتورة . يلا بسم الله .
دس الشقة بين شفتيها لتشرب جرعة من العصير وتشعر أنها بحاجته بالفعل بينما تساءل الجد : هتسميه إيه يا ولدى .
لم يتردد هاشم وقال فورا : هسميه زيدان يا چد .
ورغم علم الجد أن الصغير لم يسم تيمنا به لكنه ابتسم بسعادة ف هاشم يحمل قلب ابنته الصافى لا ينسى المعروف ، إنه يعلم أن حياة شقيقته حتى هذه اللحظة والسعادة التى حصلت عليها بفضل زيدان حفيده الذى يعيش فعليا لإسعادها فقط .
دقائق ووصل دياب ودينا التى تلهفت لحمل الصغير بصورة تألم لها قلب دياب وبعد قليل وصل زيدان وهمت التى شعرت بالخوف من الصغير ورفضت الاقتراب منه حتى أعلمها أخيها اسمه لتبدأ تمسك كفه بتردد أثناء حمل دينا له ، ابتسم الجميع براحة فمجرد اسم زيدان أصبح رمزا للأمان خاصا بقلبها البرئ .
******
رغم استقرار الحياة بين رحمة ومحمد إلا أن هناك حاجز بينهما لم يتمكن اى منهما من تخطيه ، أصبحت تنام بفراشه منذ أشهر لكنها لا زالت تشعر بالرفض وكلما حاول التقرب منها رأى نفورا يرغمه على التراجع .
ورغم رفضها له يحاول أن يعاملها بمودة متحملا كافة تقلباتها المزاجية بسبب الحمل وبسبب الغيرة أيضا .
يرى الغيرة بعينيها ولم تعد تحاول إنكارها لذا ورغم رفضها له يصر على ضمها ليلا مدعيا ضمه للصغيرة بالداخل لا ينكر تضارب المشاعر على صفحة وجهها فى المرة الأولى التى ضمها لصدره لتعترض كالعادة : محمد هتخنقنى .
لكنه لم يستسلم وقال ببراءة : انا مش بحضنك علفكرة انا بحضن بنتى اللى انت حبساها جوه .
تضاربت مشاعرها بوضوح لتتبلور السعادة واضحة .
ومنذ رأى لمعة السعادة بعينها لفعلته تلك أصبحت تقليدا يوميا أثناء وجوده وإن حاولت الرفض بتدلل فقد أصبح يفرق جيدا بين الرفض والدلال .
غادر محمد غرفته صباحا باحثا عنها حيث غافلته وتسللت من جواره رغم علمها أن هذا يغضبه ، خرج لتغوص قدميه فى المياة ليجد رحمة تجلس وزينة تجثو أرضا تغسل سجادة ضخمة لترفع عينيها بحماس : اهيه يا ماما بقت زى الفل .
امتعضت ملامح رحمة : فل !! فل إيه دى زى الزفت !! هتدعكى كويس ولا اقوم انا اغسلها .
عبست ملامح زينة ليقترب محمد : إيه جو نحن لا نزرع الشوك ده ؟؟ انت عاملة في البنت كده ليه يا رحمة ؟
زفرت رحمة بحدة : يعنى عاوزنى أولد والشقة مش نضيفة ؟ وبعدين أنا قولت لها من الأول انا هغسلهم هى مش راضية
غادر حمزة غرفته فورا لسماع صوت أمه : فى إيه يا ماما ؟
نظر ل زينة ليضحك ويجثو بجوارها : حتة سجادة مش عارفة تغسليها .. الله يكون فى عونك يا تاج .. وسعى ياختى انا هغسلها .
نهرته رحمة : تغسل إيه انت اتجننت يا حمزة !!
جلس محمد متخليا عن خفه المبتل خلفها : وفيها ايه سيبيه يساعد أخته ومن غير انفعال الدكتورة منبهة عليكى علشان الضغط .
أكد حمزة : صح وياريت تاخدها جوه يا بابا وانا وزينة هننضف هنا .
نظر لها بتساؤل : تدخلى ؟
هزت رأسها نفيا ليشير لولده : يلا يا واد يا حمزة اغسل اغسل .
ضحك حمزة لينظر ل زينة : وانت يا زينة سيبك من غسل السجاجيد ده مش للبنات الرقيقة اللى زيك . قومى اعملى لماما لمون واعملى لى قهوة .
بدأ حمزة غسل السجادة بصمت متجاهلا همسات أبيه القريبة من أذن أمه لكنه يشعر بالراحة أن الأمور بينهما على ما يرام .
كانت زينة بالمطبخ حين وردها أتصال أسرعت تجيبه بحدة : لا انت تتصرف وتجيب شقة انا عاوزة اتجوز
صدم تاج من ردها ليصمت لحظات ثم يقول : وانا كمان والله نفسى اتجوز واخد حبيبتي فى حضنى ومحدش يشاركنى فيها أبدا واعرفها انى بعشقها وادوقها وجع السنين واسقيها شوقى ولهفتى ...
قاطعته بصوت مهزوز : خلاص يا تاج انت ما صدقت !
سكبت قهوة أبيها مع زفرة حارة منه : والله لو تحسى بشوقى ليكى لتعرفى انا بحارب قد ايه علشان نبقى سوا النهاردة قبل بكرة .. انت بقا إيه اللى مضايقك .
تنهدت براحة : مش مضايقة يا تاج والله .
شردت وهو يعيد سؤاله وتعلم أنه لن يصمت قبل الحصول على إجابته لكنها تخجل أن تخبره أنها تمنت فعلا أن يتم زواجهما لتحصل على ضمة دافئة كتلك التي رأت أبيها يمنحها لأمها رغم غضبها الواضح ، ولأنها تعلم أنه لن يصمت أنهت الاتصال : تاج انا لازم اقفل علشان بننضف وأما اخلص هكلمك .
بعد ثلاثة أيام من هذا التوقيت شعر محمد أنها ليست بخير منذ تناول الغداء الذى لم تتناول منه إلا لقيمات وهى توارى الألم عن الجميع ، أظهر لها تشاغله لكنه راقبها جيدا سامحا لها بحرية الحركة فى الغرفة ، رفع رأسه عن الأوراق متسائلا للمرة المائة : رحمة انت شكلك تعبان ، تعالى نروح للدكتورة ؟
هزت رأسها نفيا : انا كويسة لسه بدرى .
نهض مقتربا منها : بطلى عند الدكتورة هى اللى تحدد
أجابته بحدة : ليه هى الدكتورة اللى هتولد ؟
سرعان ما قطبت جبينها ليشعر بها تتألم فيقترب منها يحيطها بذراعه : تعالى يا رحمة ارتاحى انت بقى لك ساعة رايحة جاية .
قبضت على ذراعه بقوة ليرتجف حرفيا : يا ليلتك اللى مش فايتة !! ده مش وجع انت بتولدى بجد ؟؟
تعالت صيحاته ليقتحم ولديه الغرفة بفزع فيصرخ : زينة الحقينى امك بتولد .
بلاهة مطلقة هى ما حصل عليه من كليهما ليصرخ : اتحركى هاتى لها هدوم
تحركت زينة لينظر ل حمزة : انت واقف كده ليه !! غير بسرعة انا مش هقدر اسوق
هرول حمزة هاربا ومع عودة زينة بالملابس تدفقت كمية من الماء لتكون بقعة أسفل قدمى رحمة ، هلع سيطر على ابنته لينهرها برفق محاولا السيطرة على الموقف : زينة ماتخافيش ده عادى .. قربى حبيبتي لبسى ماما يلا ولا هتستنى لما تولد هنا !
أسندت رحمة ظهرها بألم وأنت بخفوت مغمضة عينيها لتتحرك زينة وتضع عليها ملابسها في لحظات ، عاد حمزة ليدفع بها إلى صدره ويبدل هو ملابسه مع عودة زينة التى بدلت ملابسها أيضا .
تدفق المزيد من المياة تحت قدمى رحمة لتقبض على ذراع حمزة بقوة فيصرخ فزعا : بسرعة يا بابا .
دفش محمد حافظته بجيبه لينظر له : مستنى إيه شيل امك انا مش عارف اتلم على اعصابى .
حمل حمزة أمه منطلقا للخارج وكأنه هو قادر على التحكم بأعصابه .
بعد نصف ساعة كانوا بالمشفى وقد حجزت رحمة فورا وحملت لغرفة العمليات ورغم تحذير الطبيبة لم تستغرق الولادة أكثر من نصف ساعة أخرى كانت كافية ليصل تاج صاحبا أمه هذه المرة ودون أن تفكر زينة وجدت نفسها بين ذراعيه توارى مخاوفها .
خرجت الممرضة تحمل الصغيرة وتبشرهم بحالة رحمة الجيدة ، تلقاها محمد بسعادة غامرة .
منذ تلقاها يرفض أن يحملها سواه حتى استقرت رحمة بغرفتها لتعاتبها ليال برفق : كده يا رحمة مااتصلتيش ليه من اول ما تعبتى .
ابتسمت رحمة بينما قال حمزة : ودى تيجى يا طنط لازم تنشف دمنا .
ضحكت ليال : عموما ساعة واحدة هجيب لك اكل واجى انا هبات معاكى النهاردة
نظر لوالده بتذمر : بابا عاوز اشيل اختى شوية .
نظر له محمد بغضب ثم سأل زوجته : هنسميها إيه يا رحمة ؟
ابتسمت رحمة : ماسة .. هنسميها ماسة .
ارتعش كفيه لينل حمزة فرصته ويختطف الصغيرة بشكل مضحك : نورتى يا ست ماسة .. انت حلوة اوى كده ليه ؟ طالعة شبهى لازم تبقى حلوة 😂😂
اقترب فورا مقبلا جبينها بإمتنان : متشكر اوى يا رحمة ربنا ما يحرمني منك ابدا .
ثم رفع كفها يضمه لصدره غير عابئ بوجود أبنائه ولأول مرة هى أيضا لا تهتم لوجود اى شخص ، لقد حصلت على ولادة جديدة . وهذا الإسم الذى أطلقته على صغيرتها هو أقل ما تقدمه له ذكرا لأمه وإعلانا منها على محاولة التجاوز عما مضى . حقا دربهما طويل لكنها قررت السير فيه .
رأى تاج نظرة زينة لوالديها ليقترب هامسا : انت عاوزة نتجوز علشان كده ؟
ارتبكت زينة : تاج انت بتقول ايه ؟
قبض على كفها بحنان : بقول مستنى اليوم اللى ازرعك فيه جوايا .
تخضب وجهها ليحمحم حمزة : جرى إيه يا جماعة عمالين تحبو فى بعض وفى هنا واحد سنجل وطفلة بريئة .
اكتفى محمد بنظرة حادة بينما قال تاج : وحد قالك تفضل سنجل يا اخويا .
قاطع الجميع دخول محمود وحياة ليتهلل وجه محمد : محمود ربنا رزقنا ماسة .
تهلل وجه محمود أيضا مرددا بحب : ماسة !!
******
جلس زيدان يتطلع ل همت النائمة بشغف شاردا فى اخر فحص أخضعها له يوم ولادة زيدان الصغير ، زفر بضيق متذكرا حديث الطبيب ...
عودة للوراء ...
يجلس زيدان أمام الطبيب كوضع أصبح يألفه ليهز الطبيب رأسه بأسف فيتساءل بقلق : فى إيه يا دكتور ؟ هى الفحوصات فيها حاچة ؟
نظر له الطبيب : زى ما قولت لك قبل كده مجرد إنها عايشة بالحالة دى وبتتحرك بس دى معجزة .. انت قدرت تنزع رغبتها فى الموت مااعرفش ازاى !! همت النهاردة متشبثة بالحياة بأقصى قوتها .
تهلل وجه زيدان : طيب الحمدلله .. امال حضرتك زعلان ليه ؟
أجاب الطبيب : زى ما قولت لك بردو هى متشبثة بالحياة لكن ده مايمنعش سوء حالتها .. انا مش عاوزك تتصدم بس انا متوقع
صمت الطبيب ليستحثه برجاء : متوقع إيه يا دكتور ؟؟
تنهد الطبيب : قلبها يقف في اى لحظة .
قاوم دموعه ليسأل : يا دكتور اكيد فى حل .. نروح مركز البحوث .. نسافر برا .. نعمل اى حاچة انى مااجدرش اتفرچ عليها واستنى موتها
تنهد الطبيب : تفتكر لو فى امل كنت هخبيه عنك ؟؟ يابنى انت فاهم الإهمال والتعسف اللى همت اتعرضت ليهم عملوا فيها ايه ؟؟ للاسف مع بداية اهتمامكم بيها هى كانت بتنتهى .. كل الوقت اللى بعد كده معجزة ورحمة من ربنا مفيش دكتور فى الدنيا يقدر يفسره . عاوز ترتاح الفحوصات اهيه ابعتها مطرح ما انت عاوز لو لاقيت امل امشى وراه .
عاد زيدان من ذكرياته بنفس الفزع ونفس الرجفة التى اجفلته لسماع تلك الكلمات . غامت عينيه وهو يراها تتململ فى نومها وتمتعض ملامحها كأنها تبحث عنه ، انتفض لينزع جلبابه ويندس بجوارها فورا قربها منه مستنشقا عبيرها : انا بعشجك يا همت .. لو تعرفى إنك الهوا اللى بتنفسه ماكنتش هونت عليكى تهملينى واصل .
تبع لهفته للحظات متناولا بعضا من أنفاسها لتسكن صدره قبل أن يتابع بإختناق : طيب خدينى معاكى .
زادها ضما لصدره هامسا برجاء : ماتهملينيش يا همت ..
وصل لمسامعه همسها : حبك زيدان .
انتفض مبتعدا ينظر لها بفزع ليرى استرخاء ملامحها يتحول لعبوس وتهمس مجددا : زيدااان
لا يمكنها التظاهر هو يعلم ذلك يقينا ، لذا قبل خيانة مدامعه لمجرد إدراكه أنها تعيش معه بعالم أحلامها ، تلك الأوقات التي يحياها بين ذراعيه أثناء نومها هى ما تحيه أيضا لذا رفض قلبه أن يظل هاجرا دفئها ليعود بدنه يغمرها بطوفان من أشواقه الذى يزيد ظمأه لقربها .
لحظات وسمح لعينيه بتحرير أحزانه فاليوم وصله نتيجة اخر فحص أرسله ل خالد ليرسله الأخير لعدة جهات .
كم يكره الحياة التى تريد نزعها منه .
رفع عينيه للسماء وقلبه يتضرع لله ألا يحمله هذا الألم .. ألا يحيه هذه اللحظة التى يفقدها فيها .
*********************
إلي هنا ينتهي الفصل الثامن والثلاثون من رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع من هنا: جميع فصول رواية الشرف الجزء الرابع بقلم قسمة الشبينى
تابع أيضا: جميع فصول رواية الفريسة والصياد بقلم منال سالم
تابع من هنا: جميع فصول رواية اماريتا بقلم عمرو عبدالحميد
تابع أيضاً: جميع فصول رواية انتقام اثم بقلم زينب مصطفى
اقرأ أيضا: رواية شرسة ولكن بقلم لولو طارق
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا