مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية جديدة للكاتبة المتألقة رحاب إبراهيم والتي سبق أن قدمنا لها العديد من الروايات والقصص الرائعة من قبل واليوم مع روايتها التى نالت مؤخرا شهرة كبيرة جدا على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الثانى من رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم
رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسيةرواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثانى
على ساحة عريضة من الطريق..يوجد محل بائع"عصير القصب" يسكب المشروب من آنية معدنية قد سحبها من أسفل صنبور العصير بالمكينة الكهربائية للعصر..فأعد أربع أكواب للفتيات فأخذت كلنّ منهنّ كوبها..أتى شاب بنظرات ماكرة بإتجاه جميلة وطلب كوب له قائلًا:
_ عندك واحد ليا وحساب القمرات دول عليا.
التفت الفتيات له حتى حدجته جميلة بغيظ: ماتخليك في حالك يا مصيلحي بدل ما انسر شبشبي على نفوخك!!
قال مصيلحي وهو يتوجه لها خصيصاً: يابت أنا شاري بس أنتي اللي دماغك جزمة..قولي آه بس وأنا اعملك فرح بِفراشة ما اتعملش لاستقبال المحافظ نفسه..طالع من عيني العنب ده يروح لغيري.
وضعت جميلة كوبها بعصبية واعطت العصار حقه من محفظة نقودها ثم التفتت ل"مصيلحي" هاتفة بتحذير:لآخر مرة هنبهك بعد كده..
قاطعها بتحدي: هتعملي إيه يعني؟! مين اللي هيوقفلي عندك !! هو أنتي ليكي حد اصلاً!
أطرفت جميلة عينيها بدمعة اخفتها حتى هجم عليه الفتيات واوسعوه ضرباً حتى تجمع الحشد حولهم فهتفت حميدة بغضب: لو عايز تعرف ليه مين يا صايع هنوريك احنا..
لكمته سما على قفاه وقالت وهي تشد أذنيه بغيظ: بقى أنت عايز تتجوز جميلة يا راس الفجلة أنت..
هتفت رضوى بهم وقالت: لا ده تسيبهولي بقى
أخذت معصمه وهو يتأوه من ضرب الفتيات ثم غرزت اسنانها بلحم يده حتى صرخ بأعلى صوته فهتفت جميلة بهم وقالت: سيبوه بقى يغور في داهية..
بالكاد استطاع أهل المنطقة تخليصه من أيدي الفتيات حتى أتى الأسطى سمعه"والد حميدة" راكضاً وتساءل: في ايه ؟!
قصت حميدة له كل شيء فوقف أمام "مصيلحي" بغضب وقال:
_ عشان خاطر أبوك الله يرحمه هسيبك بس لو حصلت تاني واتعرضتلها فقسما بالله محد هينجدك من ايدي..
نظر مصيلحي للنظرات الغاضبة حوله فحاول أن يصحح ما حدث وقال: براااحة ياأسطى هو أنا خطفتها!! شاريها وهي تقلانة عليا..
صاحت حميدة بعصبية: مش بطيق تبص في خلقتك هو بالعافية يا حمار !!
وجهت الحديث لأبيها بحدة وقالت: ده مترصد للبت في الرايحة والجاية وكل ما تهزأئه يزيد اكتر..والله لو بصلها تاني لكون جيباه من قلب بيته باللي في رجلي وافرج عليه أمة لا إله إلا الله.
هتف اسطى سمعة بأبنته وقال: خدي البنات وارجعي أنتي يا حميدة وأنا هعرف اخليه لو شافها في شارع يمشي من شارع تاني.
أخذت حميدة الفتيات بنظراتهنّ المتقدة غضب وتوجهوا للمنزل مرة أخرى..سارت جميلة بالطريق الذي تملأه الأحجار وبعض مياه الصرف الصحي دامعة..خيم الصمت على الفتيات فكل واحدة منهن تعاني من اليتم..حتى حميدة يتيمة الأم..
دلفوا لداخل المنزل الذي يقطنون به وصعدوا للطابق الثانِ...فاجئتهم جميلة وهي تتابع الصعود "للسطح" فنظر بقية الفتيات لبعضهن بضيق وقالت حميدة لسما: بت..روحي هاتيلنا حاجة ساقعة ولب نتسلى فيهم..ابقي حصلينا على السطح
فرت سما كالطيف للأسفل مرة أخرى حتى تبتاع المطلوب سريعاً بينما صعد حميدة ورضوى خلف جميلة..
مرت دقائق والفتيات الأربعة ممددين على "حصير" مفروش على أرضية سطوح المنزل..كلًا منهما شاردة..قالت حميدة بمواساة:
_ ولا يهمك يابت..كلنا جانبك..
تنهدت جميلة تنهيدة عميقة وقالت: دايمًا بتشاف أني لوحدي..ماليش حد يحميني..زي حتت اللحمة اللي وقعت وسط كلاب عايزين ينهشو فيها..
قالت رضوى بنبرة ضائقة: ومين سمعك..ما كلنا في الهوا سوا..ده لولا خالتي بهية الله يرحمها لقيتنا وربتنا الله وحده اللي عالم كان هيحصل لينا ايه!!
قالت حميدة بتذكر عمتها بهية فهي شقيقة والدها وكانت تحب تربية الأيتام وتركهنً بعدما يبلغوا سن الرشد ولكن صادف أنها توفت قبل أن يصل هؤلاء الثلاث فتيات للسن المسموح به لأثبات الهوية الشخصية: الله يرحمها عمتي..كانت معوضاني عن أمي بس هي كمان راحتلها..
قالت سما بتبرم: أنا مابحبش النكد..ايه القرف اللي انتوا فيه ده!!
نظرت للسماء بابتسامة واغمضت عيناها قائلة: تعالوا نحلم احسن..نقول اللي نفسنا فيه..مش يمكن يكون باب السما مفتوح واحلامنا تتحقق بغمضة عين!!
ابتسمت رضوى وقالت: والله عندك حق يابت يا سمكة..تعرفوا أنا نفسي ايه..نفسي اشتغل شغلانة حلوة..اسافر واروح واجي واشتري كل اللي نفسي فيه..
قالت حميدة بشرود وهي تتذكر يوسف: وأنا نفسي يوسف يشوفني زي ما انا نفسي يشوفني..نفسي يبطل يعاملني أني صاحبه!! نفسي أشوف في عنيه أني عجباه كبنت..
تنهدت جميلة مرة أخرى وقالت: وانا نفسي في بيت صغير أنا مش طماعة..ويبقى ليا أسرة وبيت احس أنه حياتي كلها..نفسي اجرب احساس أني مسؤولة من حد وحد مسؤول مني..مش عايزة افضل لوحدي..تعبت من الخوف
فردت سما ذراعيها وقالت: أنا بقى طماااااااعة..نفسي أعيش قصة حب ولا الحواديت..الأمير على حصانه الأبيض..يجي ويخطفني من وسط كل الناس..ويكون بيحبني أوي..بيحبني بجد..وبيغير عليا بغباوة..ويتكلم عني ويقول أني حبيبته الوحيدة..وأنا بقى اتقل عليه
ضحكت سما بمرح وهي تتخيل الفارس المجهول..ليشاركها الفتيات بمرحها..فقالت جميلة متعجبة: أنتي ليه ما حاولتيش يا حميدة تلفتي نظر يوسف ليكي؟!
صمتت حميدة لبرهة في الأجابة ثم قالت:
_ أنا بحب نفسي كده يا جميلة، بحب شكلي وبحب نضارتي، صدقيني حاولت في مرة اتغير بس محاستش أني مرتاحة وهو مخدش باله كمان..يوسف انسان محير وغريب..لحظة تحسيه طفل ولحظة تانية تحسي أنه فاهم كل حاجة ومخبي ولحظة تالته تحسي أني بعيد بعيد عن تفكيره أميال..الشكل لوحده مش هيلفت نظره بدليل أن معايا بنات زمايلي انا نفسي بستغرب هو مش بيبص ليهم أزاي !!
أنا بنت عادية..لا الهدوم هتزود جمالي ولا مظهري مقلل مني..ولو اتمنيت أنه يحبني فلازم يحبني وانا زي ما أنا..
وافقتها جميلة بذلك لتقل سما بإعتراض: طب أفرضي اتجوزتيه هتفضلي على رأيك ده؟! تبقي غبية! ساعتها الاهتمام والشكل مطلوبين جدًا..
لوت حميدة فمها وقالت بسخرية: اتجوزته!!! ده لو بس قالي كلمة حلوة في يوم هعتبرها معجزة..
قالت رضوى: محدش عارف بكرة في ايه..يمكن بكرة هو اللي يتمناكي!!
❤❤❤❤❤❤ ********الصلاة على النبي❤
❤❤بقصر الزيان❤❤
كانت ستارة النافذة تتمايل بفعل الهواء بينما حل الصمت على أبناء العم الأربعة بعدما تحدث يوسف بكل مخاوفه فتابع:
_ مقدمناش حل غير أننا نرجع الشركة ونشتغل بجد..مش اسبوعين وشكراً زي ما بيحصل كل مرة..
قال آسر بضيق: أنا مابحبش شغل الاستيراد والتصدير أنا بحب المقاولات ودخلت هندسة مخصوص عشان ابقى زي أبويا.
نهض رعد من مقعده بغيظ وقال: أنا مش شايف أني عاطل ولا شايف أن التصوير شغلانة تافهة زي ما عمك بيقول..أنا بحب الكاميرات والتصوير ومش هعرف اشتغل غيرها..
أجابه يوسف بصدق: ده لو أنت قدرت تعمل بمرتبك حاجة يا رعد ، لكن كل فلوسك موجه للكاميرات والسفر في الجبال للتصوير..تقدر تقولي حسابك في البنك بيزيد ولا بينقص بسبب التصوير! هتقدر بالشكل ده تكون مسؤول عن أسرة في يوم من الأيام؟!
تابع يوسف :
_ أنا مش احسن منكوا ، أنا فعلًا بعترف بده ، واننا بقالنا سنين راميين الحمل على عمي وكل واحد فينا عايش حياته بطريقته..
رد آسر بدهشة: والمطلوب مننا ايه دلوقتي؟
نظر لهم يوسف بقوة وقال: نعتذرله..حتى لو هنتحايل شوية..ونبدأ صفحة جديدة معاه..الاجتماع ده اكيد وراه قرار مش سهل..نبدأ احنا بالاعتذار عشان تعدي على خير..
صمت الشباب بوجوم ولم يجيب احداً فيهم ليقل يوسف:
_ طالما سكتوا يبقى مش معترضين..تمام..كده اتفقنا..
قال جاسر بمرح: نحتفل بقى..
❤❤❤❤❤❤*******استغفر الله العظيم
باليوم التالي...بمكتب فاروق بشركة **آل الزيان**
وقف الرباعي أمام العم "وجيه" متصافين بجانب بعضهم ليتوجه سليم إليهم بنظرات غيظ وهتف:
_ بالذمة مش مكسوفين من نفسكم؟! أربع شباب كل واحد فيهم شبه الجدار ومالوش أي لازمة في الدنيا !! ، شاطرين بس تاخدوا فلوس وتصرفوا ! ده أنتوا لو بنات كان افيد!!
امتقع وجه آسر بضيق شديد بينما لوى رعد شفتيه وهمس لجاسر وقال:- عمك بيهزأنا يا جاسر..استخدم غباوتك بسرعة
وكزه جاسر متمتما بشيء وقال: غباوة مين اللي تنفع مع القطر ده ! انا اخري ميكروباص وفاضي كمان
تقدم يوسف وتوجه لعمه وجيه ثم قبّل كتفه ببسمة وهتف بباقي الشباب:- يلا قولوا النشيد اللي سرقناه..ااقصد اللي الفناه لعمنا حبيبنا
بدأ الشباب يرددون الكلمات رغماً عنهم مابين الضيق والضحكة المكتومة فقالوا : عمو وجيه يا عمو وجيه ، حياتنا من غير هتبقى جحيم ، ابعد بس وجرب وأمشي هتلاقي الدنيا متنفعش ، كلنا ايد واحدة آه آه وبنحبك والله والله
كاد رعد أن يطلق ضحكة عالية فوضع جاسر يده على فم ابن عمه سريعاً وهمس: هتفضحنا خلينا نخلص من إذاعة الصباح ونمشي
فتابعوا بآخر مقطع : أوعى ياعمو تسيبنا وتمشي لأ لأ
قال رعد وهو يكتم ضحكته : تبقى معدية
ردد يوسف :- متسلمش عليا..يااااااسااافل
قالها وقد تحكم بنفسه ولا زال آثر على ضيقه وقف يوسف موازيا للصف ليقف أمامهم بمكر وقال : المرادي مفيش عقاب
صافح الشباب بعضهم ببهجة وابتسامة وهم يتلقوا التهاني حتى قال وجيه فجأة:- في طرد
توقف الشباب فجأة كالتماثيل فالتفت يوسف اليه بفم مفتوح وقال : ها؟
لوى جاسر شفتيه بسخرية وقال:- أنا طردت نفسي من زمان وليا شقتي اللي عايش فيها لوحدي
وكزه رعد بخبث وهمس:- لوحدك يا كداب !
أجابه جاسر بخفوت:- تقصد توتو ؟ لأ دي سافرت..جبت مكانها كاريمان حتت بت مانجا
ضغطت رعد على شفتيه بغمزة ماكرة فابتسم جاسر بثقة
قال آسر بكبرياء:- حاضر يا عمي اللي أنت شايفه
هتفت يوسف بغيظ: مش وقت كبريائك خالص دلوقتي ، بيقولك طرد يعني مش هنتعشى !!
ابتسم وجيه رغما عنه وقال : لأ ومش بس من القصر..ده من هنا كمان
اكفهر وجه جاسر وهتف: طب وهصرف على حريمي منين
كتم يوسف فم جاسر وصحح: هدومي..يقصد هدومه يا عمي ماتفهموش صح..
أضاف العم متأملاً أبناء أشقائه بعمق وقال:
_ اديتلكم فرص بعدد شعر راسكم وانتوا مصممين تفضلوا كده..قراري هو أنكم هتتعاقبوا لمدة سنة..لا ليكم علاقة لا بالشركة ولا بالقصر واما حصتكم في الأرباح هتكون محفوظة لكن متجمدة لحد ما السنة تنتهي..عايز اتفرج عليكم وانتوا بتشحتوا ومش عارفين تصرفوا على نفسكم..يمكن ساعتها تعرفوا قيمة الشغل..
نظر له الشباب بحدة وغضب مكبوت فختم وجيه قوله:
_ أنا عارف أنكم هتفشلوا اكتر من الأول وعمركم ما هتعتمدوا على نفسكم وتبقوا رجالة أبدًا..تقتدروا تتفضلوا..محدش يدخل هنا غير بعد سنة واتمنى تلتزموا بالقرار ده حتى لو جرالي حاجة..محدش عارف بكرة في ايه..
قال آسر مؤكداً: فعلًا محدش عارف بكرة فيه ايه!! بس لو جينا واحنا ناجحين ؟
قاطعه وجيه بتحدي: هعمل مؤتمر كبير واتنازل عن منصبي ليكم انتم الأربعة قدام الدنيا بحالها..ولأني عارف أن ده مش هيحصل بتحداكم وانا مرتاح..انتم فشلة!!
خرج جاسر من المكتب بغضب يقتدح بمقلتيه وتبعه بقية الشباب واحدا تلو الآخر..
وقف الموظفون على الجانبين عندما خرج أبناء عائلة الزيان الثلاثة خلف بعضهم وكأنهم يهرعون لقتال محتد..بينما وقف يوسف خارج المكتب بحيرة فاقترب منه حميدة بقلق متساءلة:
_ حصل ايه؟ شكل ولاد عمك ما يطمنش!
نظر اليها يوسف بضيق وهم : انطردنا..مش هتشوفني تاني يا حميدو!!
لأول مرة تغاضت حميدة عن ما يضيقها بمنادتها وكأنها رجل وانشغلت بكل تركيزها بالمصيبة الكبرى..تمتمت بصدمة:
_ اتطردت!! يعني مش هتكون هنا !!
هز يوسف رأسه بنفي: لأ طبعاً..ده كمان أنا ممنوع ادخل هنا غير بعد سنة كاملة..معتقدش أن حتى بعد السنة انا ممكن اجي هنا تاني
تركها واقفة ورحل..أصبح وجه حميدة شاحباً كالأموات بينما عندما خرجت من تيهتها لم تجده أمامها!! تلألأت الدموع بعيناها وركضت باحثة عنه وتخلت عن النظرة المنبعثة من الأعين بأستفسار هذه الأدمع بعيناها..
❤❤❤****لا إله إلا الله
دخل كل شاب سيارته وانطلق بالطريق دون حديث مع الآخر..بينما ركضت حميدة لخارج الشركة تتعارك مع الوقت لتلحق بيوسف..علها تنظر اليه وتشبع قلبها الذي انشق شوق ولهفة ولكنه رحل منذ ثوانِ..وقفت بمنتصف الطريق باكية وشعور مؤلم بأنها لم تراه مرة أخرى...
عادت لمنزلها فلم تستطع المواصلة بالعمل..لاحظ عليها أبيها هذا الشرود ولكنها بالطبع لم تخبره وكيف تخبره وأي شيء تخبره به؟ فهي أحبت ويبدو أنه من طرف واحد..
ولجت لغرفتها مباشرةً..وارتمت على الفراش واجهشت بالبكاء :
_ كده يا يوسف!! في لحظة زي دي لو كنت بتفكر فيا ولو بسيط كنت على الأقل قلت حاجة..حتى لو سلام..لأول مرة اتمنى أنك كنت تعتبرني صاحبك وفراقي غالي عليك..مشيت وسيبتني وقررت تبعد كمان ولا همك!!
.......بالمساء.......
فتح جاسر باب شقته ليجد يوسف أمامه بوجه ممتقع ونظرة منكسرة فقال جاسر: ادخل يا يوسف ، آسر ورعد هنا
دلف يوسف وهو يتقدم خطوات للداخل بإنهزام حتى وقعت نظرته على آسر الجالس شارداً بغموض ورعد الذي يكور قبضته على ذراع المقعد وكأنه سيتشاجر مع أحد..أغلق جاسر باب الشقة وقال:
_ أنا ما اتصدمتش كتير..لأني عارف عمك وعارف أنه عنيد
رد يوسف بضيق: ما تخيلتش أنه يعمل فينا كده، يعني مش بس من الشركة لأ من القصر كمان..صدمني فيه
نهض آسر بنظرة متحدية:
_ أنا قررت أننا نتحداه..هو قال علينا فشلة وطردنا..فاكرنا هنرجع ونتذلل بس لو واحد فيكوا هيعمل كده مش هعرفه تاني..
نظر رعد بحدة وقال: نتذلل!! ده مستحيل..أنا مش راجع القصر نهائي لا بعد سنة ولا بعد عشرين..
أضاف جاسر: طب وبعدين؟!..اكيد محدش هيرجع يتحايل بس كمان ما تنسوش أننا عايشين من الفلوس اللي بيحطهالنا في البنك..
جلس يوسف محاولًا التفكير بشيء فقال آسر بشكل حاسم:
_ خطوة كنت بفكر فيها وجه آوانها..أنا هفتح مكتب مقاولات صغير نقدر نشترك فيه كلنا ،لو نجحنا في خلال السنة دي هنرجع بعد سنة كل واحد ياخد نصيبه ويفتح مشروع ليه..اظن مافيهاش حاجة لو ضغطنا على نفسنا سنة واحدة بس ونسينا العز اللي عشنا فيه السنين اللي فاتت..
نظر يوسف له بأهتمام وقال: فكرة هايلة ،أنا شايف أنها الحل الوحيد الللي قدامنا..
رعد بتأفف: طب وشغلي؟!
أجاب يوسف: تقدر تواظب بين الاتنين..احنا هنكمل بعض
ضيق جاسر عيناه بتفكير ثم سأل: طب والمكان؟ والموظفين! ورأس المال؟
شرح آسر: عمك هيقدر يتحكم في الأرباح اللي لسه هيبعتها البنك لكن حسابنا ده خاص بينا..
جاسر بسخرية: رصيدنا كلنا كام يعني؟ انا عن نفسي مصرف جدًا ويدوبك اللي كان بيتحط كان بيقضيني واظن انكم زيي!! عمي وجيه عرف يلعبها صح للأسف..
قال يوسف بحماس: نبيع عربيتنا ،مانسيبش بس غير واحدة لينا كلنا..والشقة دي ممكن جداً تبقى المكتب..٣ أوض مكاتب والمكتب الرابع هخليه في الصالة هنا مش مشكلة..انا هرتبلكم المكان
قال رعد بتفكير: فكرة مش بطالة..معنديش مانع طالما شغلي مش هيتأثر..
رفع جاسر حاجبيه بذهول: شقة ايه اللي هتبقى مكتب !! اومال هنقعد فين؟! أنا لحد الفكرة وموافق لكن أن شقتي تبقى مكتب فأسف..مقدرش
وقف آسر بعصبية وقال: ومافيش ميزانية معانا تكفي أننا نشتري أو حتى نأجر!! لو عندي شقة كنت استخدمتها فورا يا جاسر..وأنت بالذات محتاج تثبت لعمك أنك مش مستهتر وفاشل وبتاع بنات..ارجوك ..اررررجوك وافق متوقفش الموضوع كله على حاجة زي دي..
قال يوسف بلطف: فكر يا جاسر لما ننجح هيكون شكلنا ايه قدامه..فكر أنه وعد لو رجعناله ناجحين هيتنازل عن منصبه وساعتها انا عن نفسي مش هقبل يتنازل لأنه عمي برضو وماحبش انه ينهزم لكن هنسحب وانا ناجح ومش خسران..أنا عجباني فكرة آسر جدًا وموافق عليها..
رد رعد بموافقة: وانا كمان موافق
زفر جاسر بغيظ وقال: هي جت عليا يعني..خلاص موافق!
******الله أكبر
مر أكثر من أسبوعان في تحويل الشقة لمكتب على هيئة شركة صغيرة..وقف يوسف بابتسامة متسعة بالردهة التي رتبت بالمقاعد الجلدية ومكاتب على أطرافها وقال: كده تمام أوي ، جاهزة على الشغل..
جلس آسر بعدما انهى عدة أتصالات تخص بعض العملاء التي عرض عليهم العمل ووافقوا على مضض وقال:
_ هنتعب شوية في الأول بس أنا حاسس اننا هننجح
ابتسم له يوسف وقال: فاضل بس نجيب طقم سكرتارية وساعي للمطبخ وكده تمام..
أجاب آسر بتحذير: فكرتني..كويس أن جاسر ورعد مش هنا..بخصوص طقم السكرتارية..أنا عايزهم رجالة مش بنات
حملق يوسف به بدهشة: رجالة!! وولاد عمك هيوافقوا ؟! مستحيل
عقد آسر حاجبيه وقال: لو جبت بنات فتأكد اننا مش هنشتغل وانت عارف طبعا جاسر ورعد !!
جلس يوسف بجانبه مفكراً وقال: بالنسبالي فعارف أنا هجيب مين لكن المشكلة في الباقي!
ضيق آسر عيناه لدقيقة ثم قال فجأة:
_ لقيتها..مش هنجيب رجالة..بس عايز سكرتيرات يعني...زي حميدو كده..
احتدت نظرة يوسف وهتف: وبتجيب سيرتها بالغلط ليه بقى دلوقتي؟
هز آسر رأسه بنفي وقال: ما غلطش يابني بالعكس..النوعية بتاعت حميدة دي مستحيل جاسر أو رعد يبوصلها...عشان لو جبت رجالة فبأكدلك أنهم مش هيقعدوا هنا ساعة واحدة انما لو زي حميدة اهو الوقت هيعدي من غير مشاكل..
صمت يوسف مفكرا وقال: خلاص..انا هسيب المهمة دي لحميدة بقى.
*****الحمد لله
دلفت حميدة والهالات السوداء تحت عيناها من كثرة البكاء طيلة الأيام الفائتة الى مكتب "وجيه الزيان" بناء على طلبه..دلفت حتى أصبحت أمامه وتفحصها بشك: قدمتي استقالتك ليه؟!
صمتت حميدة ونظرت للأسف وودت لو القته من النافذة حتى عاد حديثه بحدة:
_ عشان يوسف مشي صح؟ أوك..استقالتك مقبولة...برا
نظرت له بغضب اتيح له الفرصة بما انها قد طردت:
_ أنت مش بني آدم!! في حد يطرد ولاد أخواته بالمنظر ده ؟! أنت أزاي مش قلقان عليهم ؟! أزاي بيجيلك نوم؟!
أطرق وجيه على مكتبه بغضب وأشار لها لتخرج:
_ أخرجي برا قبل ما ابعتلك الأمن يخرجك!! أنتي مين عشان تكلميني بالشكل ده ؟! تعرفي ايه عني؟ أخرجي برا قبل ما اتهور
نظرت له بكره وقالت:
_ انا اللي قدمت استقالتي لأني ماحبش اشتغل عند واحد مايعرفش يعني ايه رحمة!! سلام
خرجت حميدة من المكتب وصفقت الباب خلفها بكل قوتها وعن قصد ثم التقطت حقيبتها سريعاً وركضت للخارج..
انسابت دموعها على خديها بغزارة..اشتاقت له بجنون وتمنت أن ترى حتى طيفه..حتى كادت أن تصعد لحافلة بالطريق فرأت بائع "الذرة المشوى" على الرصيف..تذكرت أن يوسف يحبه كثيرا غمرها الحنين رغما عنها فذهبت لتبتاع من البائع..فما أن انتهت حتى اخذ يوسف ما بيدها بضحكة عالية:
_ حميدووووووو...واااااحشناااااي
تسمرت حميدة للحظات ثم اتسعت ابتسامتها ببطء وصدمة وهي تردد: ي..يوسف!!
قضم يوسف من "كوز الذرة" بنهم وقد عادت النظرة المرحة الطفولية لعيناه وملامحه الوسيمة فأجاب: هو بعينه..تعرفي..من يوم ما سيبت الشركة ومابقتش أشوفك..وانا باكل برضو
اتسعت ابتسامتها ووظت لو تبكي وترتمي بين ذراعيه فتابع بضحكة: بس من غير نفس والله يا حميدو
قالت بحدة: برضو حميدو؟!
أجاب يوسف بعفوية: أنا بعتبرك صاحبي..عشان خاطري سبيني كده والله ببقى مرتاح كده..شوفتي كنت هنسى..عايزك في موضوع مصيري..
دق قلبها بجنون فأي شيء أتى اليه مخصوص؟! قالت بخجل وتوتر: موضوع ايه؟
شرح يوسف الأمر لتنسحب فرحتها المؤقته رويداً ولكن تبقى شيء جعلها تطمئن أن يريدها معه بمكانٍ آخر ،اخترها هي لا غيرها ! قالت بنظرة عاتبة: أنا قدمت استقالتي النهاردة..وعمك قبلها
قال يوسف بفرحة: طب كويس..كده أنتي جاهزة تبقي معايا
قالت بقلب يتمنى: معاك يا يوسف
ابتلع يوسف ما بفمه بشهية واضحة وأضاف:
_ طب والباقي؟ انا عايز ٣سكرتيرات زيك بالضبط ، يعني اقصد انهم محتشمين و
قاطعته فقد فهمت مقصد من التواء الحديث: فهماك..تقصد عايزهم نسخة من حميدو ابو اربع عيون
لوى شفتيه بتذمر وقال: مش اقصد ازعلك والله ، أنتي الوحيدة اللي جيتي في بالي وعقلي وقف عليكي والله..
جملته اربكتها واسعدتها بآنٍ واحد فقالت بحماس: سيب الموضوع ده عليا..بس اديني اسبوع كمان وعايزة لاب توب
يوسف بتساؤل: ليه؟!
أجابت فريدة: عشان اعلمهم شوية حاجات كده قبل المقابلة
وافق يوسف على الفور فقال: ماشي..بكرة زي دلوقتي نتقابل هنا
❤❤❤❤ ****** صلِ على النبي
عادت حميدة للمنول والسعادة تغمرها ثم ذهبت للفتيات مباشرةٍ لتخبرهم...بعد شرح ومناقشة ابتسمت رضوى وقالت:
_ ايه ده ؟ بقى اطلب من ربنا شغلانة حلوة تقوم الأمنية تتحقق بالسرعة دي؟!
جميلة بقلق: بس احنا برضو تعليمنا على ادنا يا حميدة؟!
سما وهي تسير بخطا متمايلة: اكيد هقابل فارس الأحلام بقى وهعيييييش..
هتفت حميدة بها: أنتي بالذات قلقانة منك يابت! اركزي شوية وبعدين المطلوب مننا كلنا واولهم أنا..اننا مانتعاملش غير جد أو اكتر شوية..
عقدت رضوى حاجبيها وتساءلت بدهشة: يعني ايه؟!
وقفت حميدة أمام الفتيات بنظرة متفحصة وهي ترفع إطار نظارتها الطبية على أنفها وقالت:
_ يعني الصوت الناعم ممنوع..الابتسامة ممنوع ، النظارات ما تتقلعش ، احنا نعتبر في الجيش.. ليه بقى؟
نظرت للفتيات تراقب تعابيرهنّ فلاحظت المقت والوجوم على ملامحهنّ فأضافت:
_قولتولي ليه..عشان أي مياعة أو رقة الجيش هيتقلب لكافيه على النيل وأنا بصراحة بحب كده بسسسسس مش وقته خالص ، ماينفعش نحب حد فيهم ، ماينفعش نعاملهم على أننا بنات ، عشان جاسر ولا رعد ولا حتى آسر لو حاسوا برقتكم يبقى هالله هالله على اللي هيحصل ، انما يوسف ده أصلًا تنين صغير عايش واتولد في صنية بطاطس ومش عارف يطلع منها..اللي هشوف سنانها وهي بتضحك هديها بضهر إيدي على خلقتها..
******اللهم حسن الخاتمة
تابع من هنا: جميع فصول رواية عاد لينتقم بقلم شيماء طارق
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا