رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الرابع
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسيةرواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الرابع
ابو شكلك
قال ذلك وتحرك من أمامها للغرفة الأخرى، تسمرت للحظات ، هل تعود اليه وتعنفه أم تقبل بذلك العمل ولا تفكر كثيراً ؟! يبدو أنه يتوعد لها بالكثير فنظرته قالت ذلك..
رحل الثلاثي من المبنى بينما خلعت رضوى نظارتها وتبعها الفتيات بضيق.
**بالمنزل**
فُتح باب المنزل البسيط لتولج اليه جميلة ومن خلفها سما ورضوى، وضعت رضوى حقيبتها ببعض الشرود وهي تتذكر ما حدث بالمقابلة ، دلفت جميلة للغرفة لتبدل ملابسها بينما جلست سما الذي لم تختفي معالم الابتسامة من وجهها على آريكة قديمة بالصالة وتقرب من التلفاز المتربع على منضدة خشبية وتاهت شاردة..منذ أن وقعت نظرتها عليه وهي تشعر بألم ممتع بقلبها ، بأن هناك الكثير بينهما سيأت ، وأن القصة بدأت اليوم..مر ساعتين وهي جالسة وشاردة وبالكاد استفاقت من شرودها قبل أن يلاحظ أحد بينما يبدو أن رضوى لاحظت وأنتهى الأمر فرمقتها بنظرة ضيقة فقالت ضاحكة:-
- بت يا سمكة؟
أجابت سما ببعض التيهة:- ها؟ إيه؟!
رضوى بضحكة عالية:- ها وإيه؟!! هههههه مالك اتخشيبتي كده في المقابلة ؟ دي حميدة هتعلقك في مروحة السقف.
أجابت سما وهي تتمايل بهيام:- هو شباكنا ستايره إيه؟!
هتفت حميدة الذت أتت للتو بنظرات مغتاظة:- حديد..حديد هيدغدغ على دماغك النهاردة..بقى هو ده اللي اتفقنا عليه؟! وقال ايه لو حبيت نشتغل من النهاردة...ما كنتي تديله عنوان البيت بالمرة! ده آسر الزيان يخربيتك
قلدتها حميدة تحت نظرات جميلة ورضوى المنفجرين من الضحك فقالت سما بابتسامة :- زوجي قرة عيني أوي..
وضعت سما يدها على وجهها بخجل وقالت بحياء:- هيتقفل علينا باب واحد أزاي ده؟!
حملقت حميدة فيها لوهلة ثم ركضت خلفها لتركض سما ضاحكة وصححت :- بااااب المكتب ، ماتبقيش قفوشة بقى
هزت حميدة رأسها وقالت:- والله هو اللي يتخاف عليه
تساءلت رضوى بتعجب:- مش يوسف قال هتشتغلي النهاردة ؟!
تنهدت حميدة وهي تجلس على الفراش وتخلع عنها حجابها فقالت:- حضرت معاهم اجتماع المهندسين الجداد ومشيت
ظهر الضيق على وجه جميلة الذي حاولت أن تخفيه وقالت:- والله لولاكي لكنت خليت اللوح اللي اسمه جاسر ده يترحم على كرامته ،بس ماحبتش اعملك مشاكل
وافقتها رضوى وقالت بغيظ:- ولا الحمار التاني ، "احدفي الملف في وشي واجري" ده كأنه هيتنازل عن العرش لما وافق يشغلني!!
قالت جميلة بعصبية:- أنا ليه ما رميتهوش من الشباك ساعتها؟!
أجابت رضوى بحدة :- وانا ليه ما اديتلوش بونية في وشه بدل الملف ؟!
سحبت سما يد جميلة لمرآة كبيرة مثبته بخشب خزانة الملابس القديمة وقالت وهي تشير لأنعكاس مظهرهما وقالت:- بذمتك ده منظر بني آدمة..حدديلي ملامحك ! ده احنا كنا شبه الصيادين!
وقفت جميلة تنظر لنفسها بتأفف واجابت:- وحتى لو منظرنا وحش ، هما هيتجوزونا يعني ؟!
قالت سما بدعا:- ياررريت
نظرت لها رضوى بغيظ وقالت:- انا اصلا رعد ده ما يملاش عيني
سما بضحكة:- هيخترق النظارة بكرة تشوفي ههههههه
قال حميدة بسخرية:- والله أنا حاسة أنك هتخدي مقلب يخرج من عينك..
هزت سما كتفيها بعدم اكتراث وقالت:- ما تخافيش على سمكة
****
**بالمكتب**
رتب آسر الأوراق بعد إنتهاء فحصها وقال وهو يعود بظهره للخلف بتنهيدة:- بصراحة كنت فاكر أن صعب نلاقي عملا بس اتفاجئت بصراحة..الحمد لله عندنا ٣مشاريع هنبدأ فيهم ودي بداية هايلة.
دلف يوسف وبيده حقيبة بلاستيكية بها طعام سريع وقال:- جبت ١٨ سندوتش ، كل واحد فيكوا ياخد واحد وانا ١٥ عشان بجوع بليل..
أخذ جاسر واحد منه بنظرة غيظ وقال له:- جلاب المصايب
وضع يوسف ما بيده على المكتب بضحكة وقال:- اهو كده اضمن انكم هتشتغلوا ، اومال كنت فاكرني هجيبلكم سكرتيرات زي بتوع الشركة؟!
قضم جاسر من الساندوتش بعصبية وقال:- بنت ال..والله لطفشها
هتف آسر بحدة:- وبعدين بقى؟! دول احسن من غيرهم على فكرة ، على الأقل مش هيطلبوا مرتبات عالية لأن معندهمش خبرة كفاية ، المرحلة دي هنستحمل فيها حاجات عشان نحقق هدفنا..
رد رعد بسخرية ممزوجة بالمرح وقال:- لأ والتانية لسه بتسأل ومستغربة أنها مش عفريت..انا عمري ما خوفت من الضلمة بس خوفت منها وربنا..
ابتسم آسر ابتسامة واسعة وقال بمرح:- والله شكلهم مبهج..
قال يوسف بضحكة:- الحمد لله أني مش زيكم ، أنا مرتاح مع حميدو جدًا..
ضيق جاسر عيناه وفكر في شيء ما..رمق جاسر ملف رضوى وتعجب من صورتها بدون النظارة الطبية وقال:- العجيب أن صورهم في أوراقهم مختلفة!
سخر جاسر:- عيب عليك ده أنت أكتر واحد خبير في الموضوع ده
أومأ رعد قائلا:- آه فعلًا ، الصور بتداري كتير
****
بشقة كبيرة في أحد الأحياء الراقية بالقاهرة...
وضعت الخادمة الأجنبية كوبين من القهوة أمام "للي" ورحلت ، وضعت للي كوب امام صديقتها واخذت كوبها حتى قالت صديقتها نهلة :- مالوش حق يضربك بالقلم !!
تنهدت للي بشعور غريب وقالت:- ساعات بحس بكده وارجع واقول لو أنا مكانه كان هيبقى ده رد فعلي برضو ، خصوصاً أنه مش حد قليل...بصراحة عشان اكون صريحة التحدي كان سخيف فعلًا ومش عارفة وافقت عليه أزاي...كل مرة كان بيبقى بعيد عن أي شخص لكن المرادي الشلة افورت أوي..
قالت نهلة بتعجب:- للي أنتي مش صغيرة عشان تمشي ورا البنات دي ، أنتي واحدة ناضجة مش لسه مراهقة متهورة مش عارفة بتعمل ايه..
وضعت للي كوبها بعصبية وقالت بملء الدمع بعيناها:- وأنا عملت ايه وانا مراهقة يعني؟! اهلي جوزوني لواحد وراني العذاب الوان ،فضل يضربني لحد ما سقطت واتحرمت من الحاجة الوحيدة اللي كانت هتفرحني..ماتوا وسابوني معاه اتعذب...اتجوزت ١٩سنة واطلقت وانا ٢٤ وفات عشر سنين غيرهم وانا لسه الكسرة جوايا..
نهلة بتعجب:- اللي يسمعك يقول أنك كنتي بتحبيه !!
تنهدت للي بحزن وقالت:-
- ياريتني كنت بحبه ، يمكن كنت قدرت استحمل لحد ما يتغير، بس أنتي عارفة يعني ايه تعيشي مع واحد مش طايقة تبصيله؟ مش قادرة حتى ترتاحيله؟ انا ماكنتش بحب حتى نفسي وانا معاه ، وهو ماسابليش أي فرصة أني احترمه ، سمعت مرة واحدة جارتنا بتشتكي أن بنتها اتأخرت في الجواز لحد التلاتين كنت عايزة أصرخ فيها واقولها أن لو بإيدي اكون مكانها ما اترددت لحظة...كان أهون عليا مليون مرة افضل من غير جواز ولا أشوف اللي شوفته..
قالت نهلة برفق:-
- بس أنتي ما ضعفتيش بعد الطلاق بالعكس...حققتي حلمك وبقيتي أشهر ميكب ارتيست ، اظن ده كفاية
هزت للي رأسها بدموع وقالت بضعف:- لأ مش كفاية يا نهلة ، أنا عشان اكون صريحة مع نفسي فهعترف أن حلم بنت ال ١٩ لسه جوايا..نفسي احب واتحب..صحيح جوازتي الأولى كسرت جوايا الأمل..بس الحنين للحلم ده لسه موجود...نفسي اقابل اللي...
صمتت حينما مر بعقلها ملامح وسيمة غاضبة...تعجبت نهلة وقالت متساءلة:- سرحتي في ايه!
أطرفت عين للي ببعض التيهة وقالت نفياً :- لا أبداً
عادت نهلة متساءلة:- أفرضي قابلتي وجيه الزيان تاني..هتعتذريله؟
نفت للي وقالت برفض:- لا طبعاً ، كفاية القلم اللي خدته ، خلصانة
*****
**بقصر الزيان**
وضع الخادم العجوز كوب من القهوة على المكتب أمام وجيه ذو النظرة الشاردة الذي يتخللها الحزن وقال:- قهوتك يابني
خرج وجيه من شروده ورد على العجوز:- شكراً يا عم نعيم
قال الرجل مترددا:- أنا عارف أنهم وحشوك ، رجعهم لو ليا خاطر عندك...أنا ربيتكم كلكم زي ولادي
تنهد وجيه وقال بلطف للرجل العجوز رغم ما يعتمل بصدره من ضيق:- خاطرك غالي عندي ياراجل يا طيب ، بس للأسف المرادي ماينفعش اتراجع وإلا ما انتظرش منهم أي تغيير...ما تفتكرش أن بعادهم عني سهل لكن ماينفعش يفضلوا معتمدين عليا طول الوقت...أنا كبرت يا نعيم مابقتش صغير
قال الرجل بطيبة:- ٤٧سنة مش كبير يابني ، فكر في نفسك ودور على بنت حلال تعوضك اللي فات..
ابتسم وجيه بمرارة وأجاب:- بنات الحلال قلوا أوي اليومين دول..أنا نسيت أصلًا الموضوع ده..
صمت الرجل بنظرات حزينة ثم استأذن ورحل...رفع وجيه كوب القهوة الى شفتيه بينما ذكره لون البن لعينان شائكة الٱغراء...لذات الرداء الأحمر الناري..للمخادعة المجهولة..اعتلى صدره الضيق والحزن أكثر حتى وضع الكوب بحدة ونهض الى الشرفة المطلة على الحديقة...أخذ نفس ملء رئتيه حتى تهبط تلك الغصة المريرة بحلقه ولكن لا زالت عالقة..ما بهذه الفتاة يجعله يضيق من خداعها !! كأنه للحظة تمنى أن يكن حديثها صادقاً!!
*****
بصباح يوم العمل...
تملمت سما وهي تمط ذراعيها بكسل ولم تنتبه أنها صفعت رضوى دون قصد على وجهها...فتحت رضوى عيناها بغيظ ودفعت جسد سما الصغير على الأرض فتأوهت بتذمر:- يا كلبة
ابتسمت رضوى بانتصار:- عشان تبقي تتمطعي كويس، بقرة نايمة جانبي..
استقامت سما وهي تسند ظهرها وقالت :- هروح استحمى بسرعة
جميلة بضحكة وهي تخلع اسدال الصلاة :- قررتي تنضفي خلاص.
لوت سما شفتيها وقالت:- مش هخليكم تنرفزوني يا عرسة منك ليها.
ركضت سما الى الحمام ضاحكة قبل أن تلحقها جميلة..ابتسمت رضوى بمرح وقالت:- لسانها طويل بس بتموتني من الضحك
قالت جميلة بابتسامة واسعة حتى دلفت حميدة وهي تفرك عينيها بكسل فقالت رضوى متساءلة:- أنتي زعلانة من ستك ولا ايه ؟ بقيتي تباتي معانا اكتر الوقت..
قالت حميدة وهي ترتشف الماء من آنية فخارية تسمى"القلة" :- من ساعة موضوع جميلة وانا بقلق اسيبكم لوحدكم ، الواد مصيلحي ده طايش وممكن يطب عليكم..
قالت رضوى بحدة:- طب خليه يعملها وانا اطلعه على نقالة
ظلت حميدة تتحدث و"القة" بيده وتغافلت عن هذا حتى خرجت سما وهي تلتف بداخل برنس قصير وقالت بضحكة:- ايه ده؟ بتشربي من القلة يعععع
نظر الفتيات لما ترتديه سما وقالت حميدة بذهول:- انتي لابسة ايه يا آخرة صبري؟ جبتي البرنس ده منين يابت؟!
تمايلت سما أمام المرآة وقالت بثقة:- كنت اشتريته وعينته في جهازي ، طلعته عشان استخدمه وهبقى اجيب غيره..لأ واشتريت علبة شامبو كمان بدل الكياس هاهاهاها..بصرف ببزخ
ضحكت بإستفزاز لتقل حميدة وهي بالكاد تكتم ضحكتها:- وايه كمان ؟ اشجيني
التفتت سما وقالت بفخر:- كله جاي..انا دلوقتي بشتغل
رضوى بتساؤل:- أن شاء الله تنطردي النهاردة
قالت سما بغنج وهي تمشط شعرها وتقسمه الى نصفين:- فشر
قالت حميدة بتحذير:- أنتي عارفة لو ما اتلمتيش واتعدلتي هعمل فيكي ايه؟ انا بحمد ربنا أن حظك وقعك مع آسر مش ولاد عمه التانيين..على الأقل اعقل منهم..
ظهر الوجوم على وجه سما فقالت حميدة لتطمئنها:- بس ما تخافيش أحنا جانبك كلنا ، قولي يا مهلبية يا هتلاقينا كلنا جانبك.
هتفت سما :- يارب يتعدي منهم
حملقت حميدة بها بذهول بينما انفجرت جميلة بالضحك وصححت سما بتوجس من نظرة حميدة:- بهزر يا رمضان..
****
**بالمكتب**
بالغرفة الخاصة بالاجتماعات...جلس الشباب بإستثناء آسر الذي ظل واقفاً أمام شاشة بيضاء تعرض عليها دراسة مشروع مخطط حتى انتبه لقرع على الباب فنهض يوسف ليفتحه ودقيقة وكان الثلاثي الشباب يجلس قبالتهم الرباعي من الفتيات وظل آسر على حاله..رمق جاسر جميلة بسخرية جعلتها تشتعل غيظاً ، بينما سوم رعد نظرة الى رضوى ليجد نظارة ضخمة تواجهه فاستدار سريعاً لجهة أخرى بقلق..قال آسر ببسمة يخفيها من نظرات سما الخجولة اليه وكأنه تقدم لخطبتها :- قال آسر بتوضيح..
- دلوقتي نرتب المهام..يوسف طبعاً مع آنسة حميدة وشغلهم مع العملا، رعد وآنسة رضوى شغلهم هيكون حسابات..
- قال رعد بحزن :- هتحاسب على الحيا..ذنب مغفور أن شاء الله
أضاف آسر بجدية:- وجاسر وآنسة جميلة شغلهم في المواقع
ابتسم جاسر بمكر وبغمزة الى جميلة قائلًا:- آه أنا بحب الجغرافيا ، احييك على اختيارك..كمل جميلك بقى وانقذني من حشائش السافانا
كتم رعد ضحكته وهز رأسه لجميلة التي امتقع وجهها وقال:- آه انتي
ضغطت جميلة على نواجذها بعصبية بينما أضاف جاسر بسخرية:- الجو كان معتدل قمر صيفاً في نفس ذات المكان ، ايه اللي جاب رياح الخماسين في وشي ، اتخض كده
قالت جميلة لتغيظه:- معلش
رفع جاسر حاجبيه بتعجب ونظر لرعد بنظرة ماكرة وهمس له بشيء جعل رعد ينتفض من الضحك..
قالت سما بصوت رفيع:- وأنا مع مين؟
وكزتها حميدة بجانبها بحدة حتى تعتدل في طريقها بالحديث فقال آسر وقصد الجدية:- معايا
نظرت سما للأسفل بخجل وقالت بهمس:- بأذن الله
****
جلست حميدة بالاستقبال على مكتبها بينما اعطى لها يوسف قائمة بارقام هواتف العملاء وقال:- دي تليفونات الزباين واسمائهم ،هجيبلك كل التفاصيل عن كل اسم عشان تبقي مجمعة
أخذ حميدة منه القائمة وسرعان ما فتحت برنامج على "اللاب توب" لتدون الارقام والمعلومات حتى نظر لها يوسف وقال بابتسامة:- رغم أني كنت ساكت في الأجتماع بس بصراحة كنت هموت من الضحك
كتمت حميدة ضحكتها وقالت:- وانا كمان ، بس أنا واثقة في أخواتي
نظر يوسف بتعجب:- بس هما مش أخواتك!!
هزت حميدة راسها وقالت :- لأ اخواتي وعمري ما اعتبرتهم غير كده ، لو واحد في ولاد عمك زعل واحدة فيهم ماتزعلش مني ساعتها..
أجاب يوسف بتأكيد:- لا ما تخافيش ، ولاد عمي مش مؤذيين للدرجادي..في الأول بس ممكن التعامل يبقى فيه شوية خشونة بعد،كده هنكون كلنا فريق واحد أن شاء الله..
رددت حميدة بتمني:- أن شاء الله.
*****
**بمكتب رعد**
ظل يطرق بقلمه بصمت..ظلت جالسة بمقعد بعيد تتفحص أحد الأوراق بينما الارتباك نال منها كثيراً..قال بتمتمة:- خلصي اللي في ايدك واخرجي..
نظرت له بثبات وهي تعدل نظارتها وقالت:- استاذ آسر قال أن مكتبك هو مكتبي مؤقتاً على يرتب الموضوع ده.
صرّ رعد على أسنانه بغيظ وقال بيأس:- كل المآسي طلعت على مقاسي..
نظرت له بسهرية وعادت تنظر للأوراق تؤكد على تدقيق بعض الحسابات ، أخرج رعد كاميرته الثمينة من حقيبة صغيرة بجانب المكتب وظل يتفحصها...رفعت رضوى رأسها بتعجب وقالت:- هو حضرتك مش هتشتغل؟!
ضيق عيناه عليها بغيظ وأجاب:- مالكيش دعوة..خليكي في حالك
قالت بسخرية وصوت يكاد لا يسمع:- قال يعني مهتمية بيك!!
زم شفتيه بغيظ وعندما نظرت له بتلك النظارات المخيفة ارجع نظرته سريعاً للكاميرا فكادت أن تبتسم...
****
**بمكتب آسر**
فرد آسر أول مشاريعه الهندسية على طاولة دائرية وقال موجهاً الحديث لسما:- نبدأ بسم الله..أنا عارف أنك مش هتفهمي كلامي بس مع الوقت هتفهمي..غير كده عايزك تبقي دراعي اليمين
تمتمت سما بهيام وقالت:- وقلبك في الشمال يا حبيبي
عقد حاجبيه بتساؤل وقال:- قولتي ايه؟!
هزت رأسها بنفي وقالت وهي تقف بجانبه:- اكيد أن شاء الله..هبهرك
كلمتها جعلت ينظر لها بشيء من المرح ثم اعاد نظرته للتصميم مرة أخرى وبدأ يتحدث بجدية...
كانت سما تهز رأسها بعلامة الفهم بينما لم تفهم حرف مما قيل..
***
**بمكتب جاسر**
وضع جاسر سماعة الهاتف بعد إجراء مكالمة تخص العمل بينما زفرت جميلة بملل ونفاذ صبر من الأنتظار..نهض من مقعده وبيده ملف...وقف أمام مقعدها والقى بالملف على الطاولة أمامها وأشار بنظرته للنلف لتقل جميلة وكأنها ستتشاجر معه:- ايه؟!
نظرته كانت ساخرة وهو يجلس على مقعد أمامها واضعاً ساقاً على ساق بثقة ، ومقتت هي أن يكن على هذا القدر من الغرور والوسامة أيضاً ، ما كان عليه أن يكن بهذه الطلة التي تسلب القلوب وهو بهذه العجرفة...قال بنظرات تسلية:- افتحي الفايل
زفرت بحدة وهي ترفع الملف وتفتحه فلم تفهم ما هو عملها بالتحديد فقالت بحدة:- اعمل بيه ايه؟!
اخفى ابتسامته وقال:- اعربي وترجمي ما تحته خط
حدجته بصدمة بينما تمالكت شتات فكرها وفهمت خطته في النيل من كبريائها ، نظرت للكلمات التي تم وضع خط اسفلها وودت لو تضحك فقالت:-
- كلمة ال"المشروع" فاعل مجرور بالشبشب..ومعانا حرف هيتجرجر دلوقتي بعد الإعراب..هيحتاج حرف عطف معاه لأنه مبتدأ
رمقها بغيظ فقد تحدته بإجابتها المستفزة فقال:-
- مش عايز اشد عليه واكسره واخليه مفعول به..
أجابت بتحدي:- أنا وأنت والأعراب طويل
وافق بقوة:- على الرحب والسعة..أنتي مش أدي
سخرت عيناها:- بتهيألك..أنت لسه ما تعرفنيش
تعجب جاسر وقال بحدة:- أنتي اللي لسه ما تعرفنيش...خافي مني
ابتسمت بسخرية وكأن الأمر لا يشغل لها بالًا:- طيب
غضب من ثباتها واستهزائها به ، فمن تكن لتحدثه بهذه النبرة والهدوء وهو من تنافست أكثر الفتيات جمالًا على مرافقته وصحبته...تلقى ٱتصال آخر فأجاب...ظل يتحدث لدقائق حتى انتهى الاتصال فنهض من مقعده وقال بنظرة تتوعد بشيء:- عندنا موقع محتاج معاينة...يلا بينا
كشرت جميلة وتفاجئت بالأمر قائلة:- يلا فين؟!
رمقها بإستهزاء:- يلا على الشغل ولا فاكرة أنك هتقعدي ترتاحي؟!
لو مالكيش في الشغل قولي..ولا تكوني خايفة؟
دفعت الملف من يدها بانفعال وقالت بجدية:- أنا مابخافش غير من ربنا...هنروح فين؟
ود جاسر لو يدفعها بعيداً عنه ويخرج من هنا ويعود لحياة الصخب والرفاهية من جديد ولكن سينتج هذا أشياء لم يستطع مواجهتها فأخبرها بالعنوان حتى ذهبت معه وشعور الضيق يغمرها...
تساءلت حميدة عن ذهاب جميلة مع جاسر فأجاب يوسف بأطمئنان:- مافيش قلق عليها..جاسر هيشوف الموقع بتاع المشروع وسط العمال وبعدين جاسر مش ذئب بشري يعني، هو آه بتاع بنات بس والله هما اللي بيجروا وراه وانا شوفت ده بنفسي..
قالت حميدة ببعض الضيق:-
- مش حابة جميلة تخرج مع حد غريب ، بس أنا واثقة فيها
تابع من هنا: جميع فصول رواية عاد لينتقم بقلم شيماء طارق
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا