مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والروايات الإجتماعية والرومانسية في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة من روايات الكاتبة دينا عادل ؛ وسنقدم لكم اليوم الفصل الأول من رواية جمرة الشياطين بقلم دينا عادل هذه القصة مليئة بالعديد من الأحداث والمواقف المتشابكة والمعقدة من الرومانسية والإنتقام والألغاز.
رواية جمرة الشياطين بقلم دينا عادل - الفصل الأول
رواية جمرة الشياطين بقلم دينا عادل - الفصل الأول
حل فجر يوم جديد على إحدى قرى سوهاج ، ولكنها لم تكن مثل باقي القرى العادية التي تتميز ببساطتها وسلامة أهلها، ربما تلك القرية الوحيدة التي ذَبُلت أوراقها منذ ما يقرب عام واحد .
عامٌ واحد تبدلت أحوال تلك القرية من البساطة والهدوء إلى سفك الدماء وحرق أهلها !
توقفت تلك السيارة في ذلك الظلام الدامس ، وأحدثت صوتًا عاليًا حتى فتح أحدهم بابها وهو يتفحص الأنظار جيدًا ومن ثم أمسك تلك الفتاة من ذراعيها بقوة شديدة ورماها أرضًا دون أدنى اهتمام ومن ثم نظر لها نظرة أخيرة قبيل أن يعود إلى السيارة تاركًا تلك الفتاة وحدها.
قاطعه صوتها الذي أحدث في قلبه غصة قوية لا ينكرها وهي تهتف بأنين وتوسل قائلة:
-أرجوك متسبنيش أنتَ ازاي جالك قلب تسيبني هنا لوحدي ؟
لم يلتفت لها بل عاود دخوله إلى السيارة ومن ثم آمر السائق بالانطلاق قائلًا بنبرة جامدة تعكس ما في صدره:
-اتحرك !
تحركت السيارة سريعًا تاركة مصير تلك الفتاة المجهولة وهي تنظر حولها بخوف من شدة الظلام حولها .
.................................................
قبض على عنقه بيده القوية وهو ينظر له نظرات حادة مخيفة قائلًا يبث الشر بعينه:
-مصيرك هيبقى زيهم مش هيختلف كتير.
نظر له الطرف الآخر بأعين مشمئزة وهو يطالعه بكره حقيقي قائلًا:
-متفرحش بنفسك أوي مسيرك هتنتهي .
نظر له نظرة شرسة تشعل النيران في جسده وهو يشدد من قبضته على عنق الرجل قائلًا بشيطانية :
-مش هيحصل قبل ما أنهيكم كلكم.
طالعه بشر مكين قبل أن ينظر له بأعين الانتقام التي شاهدها طيلة حياته تذكر ماضيه وكلما تذكره حل عليه غضبه وشره .
لم تخمد نيرانه إلا عندما رأى ذلك الرجل أمامه قد خمدت روحه وفارق الحياة ، بثق عليه بحقد ومن ثم أشار للرجال حوله إشارة واحدة ليفهموا ويقموا بدفن الجثة .
................
دلف إلى غرفته بعد ما فعله كي يأخذ حمامًا يريح به جسده، خلع قميصه ونظر إلى جسده في المرآه يرى تشنج عضلاته الخمرية وتصبب العرق منها ،مسح على شعره الأسود الغزير يحاول السيطرة على نفسه إثر تلك النوبة العصبية التي تأتيه من حين إلى آخر حتى قطع عليه صوت دق الباب مرات متتالية فهتف بعد ضجر شديد:
-اتنيل ادخل .
دلف ذراعه الأيمن "نبيل" وهو يهتف بعجالة منه:
-ألحق يا قُصي باشا في بت لاقينها على باب القصر ومتبهدلة جامد.
التفت "قُصي" له وهو يطالعه بحاجب مرفوع وهو يهتف بنبرة متسائلة مسيطرًا على تشنجاته :
-بت مين دي ؟!
هز "نبيل" رأسه بعدم المعرفة وقال وهو يشير بيده:
-محدش يعرف الحراس برا لاقوها قدام القصر مغمى عليها وباين كده حد عذبها جامد .
شبك "قُصي" يده بتفكير وهو يقول باستخفاف:
-محدش بيعذب هنا غيري !
تنهد قبل أن يهتف آمرًا بنبرة خشنة:
-هاوتها مش هيضر بردو يمكن تكون من اللي بالي بالك !
فهم "نبيل" مقصده وهز رأسه قبل يخرج قائلًا:
-حالًا .
وعندما خرج "نبيل" أخرج "قُصي" من دولابه دواءً ما يريح أعصابه حتى ارتخت عضلات جسده حيث تميزت صفات "قُصي" بكل الخصل الدامة ولكن لم يكن بإرادته بل لطابع الحياة رأي آخر في تغيير شخصيته، يسعى للانتقام من تلك القرية لسبب ما ولا يريد أن تخمد نيرانه إلا عندما ينتهي منها ويقضي عليها بالكامل ،تجاوز "قُصي" عمر الثلاثين ولكن لحياته طلعًا خاصًا ربما تتميز بالكثير والكثير من التساؤلات !
توجه "قُصي" إلى المرحاض بهدوء مريب كي يفكر في الخطوة القادمة
.................
عاد إلى منزله بعد تلك المهمة الصعبة عليه جلس على الأريكة وهو يزفر تنهيدة قوية مفكرًا في خطر ما سيحدث .
أتت له تلك السيدة الصغيرة نسيبًا عليه هاتفة بتأفف:
-إيه خلاص ؟
هز برأسه وهو ينظر له نظرات مؤنبة فأرسلت نظرات باردة وهي تقول بارتياح:
-كده حلو أوي .
تنهد قبل أن يضع يده على وجهه قائلًا بندم:
-أنا مش عارف إيه اللي خلاني أسمع كلامِك
توجهت بنظراتها الحانقة وهي تكمل تبريد أظافرها:
-كله لمصلحتنا يا حبيبي ولا نسيت ؟
شعر بالضيق يغزو ملامحه ولم يرد عليها بينما هتفت هي بسقم:
-أنا مش عارف أنتَ بتحبها أوي كده ليه ؟
-دي بنتي يا كاميليا !
قاطعها مستنكرًا ما تقوله فهتفت "كاميليا" تذكره وهي تشدد على حروفها:
-مش بنتك يا مجدي أنتَ صدقت ولا أيه ؟
نظر لها "مجدي" نظرات غاضبة قبل أن يتركها مغمغمًا بملل:
-أنا رايح أوضتي أحسن مش ناقص عكننة !
تركها تستشيط غضبًا من أفعاله وهي تقول بغل:
-حتى بعد ما رماها مش هنخلص أووف!
أكملت تبريد أظافرها وهي تنظر نظرات مريبة !
................................................................
فتحت عينها ببطء رافضة الإذعان لذلك الألم الذي يتملكها آثر تلك الجراحات التي نالتها منذ قليل ، تفحصت بعينها الهالكة أين هي وماذا جرى لها لكن لم يتضح لها الأمر بعد ، حاولت أن تستند بمرفقيها وقاومت ألمها تنظر حولها بتشوش لتجد نفسها على فراش ما حتى وقعت عينها عليه .
رمشت عدت مرات وهي تتفحصه جيدًا وهي تنظر له نظرات غريبة ، دققت النظر فيه طويلًا حتى قطع شرودها ذاك وهتف بفظاظة:
-إيه للدرجة دي أنا عاجبك ؟
تداركت نفسها وأفاقت من نظراتها تلك وهي تطالعه بحدة إثر تلك الكلمات التي قالها ، أشاحت بوجهها عنه بعيدًا وقد ارتسم على ملامحها الضيق الشديد .
نظر لها بتسلي واضح ومن ثم وجه يده نحو ذقنها ليجعلها تلتفت له عنوة ومن ثم قال يتفحصها بجراءة :
-أنتِ جاية منين ؟ ، وإيه اللي عمل فيكي كده ؟
لم ترد عليه بل ظلت تنظر له نظرات غيظ وحقد لا يعلم هو سببها لكنه علم بطبيعة نظراتها من أين هي وقال باستخفاف:
-شكلك من ناحية الخولي ، يعني ...
بتر كلماته وهو ينظر لها نظرات ذات مغزى وقد تحولت عينه لجمرة من الغضب ، قربها إليه وهو يطالعها بجدية بالغة قائلًا بنبرة عالية:
-منهم مش كده ؟ ، انطقي !
بثقت الفتاة بوجهه بكل غل وحقد ولم تتحدث إليه فباتت شكوكه حقيقة، احتقن وجهه أكثر من فعلتها وقبض على شعرها وهو يقول بوعيد شديد:
-ده أنا هندمك على حركتك دي ندم عمرك ،بس أشوف حالك .
تركها بعد أن دفعها بيده لكنها تملكت نفسها وتشبثت بالفراش رافضة هجومه !
راقبته وهو يدلف خارجًا ومن ثم تنهدت مفكرة وهي تستند على حافة الفراش متذكرة ما حدث معها منذ قليل.
.......................................................
-هي دي الطريقة الوحيدة اللي هنعرف ننفذ بيها خطتنا .
هتف بها "مجدي" وهو يطالعها بنظرات جادة مخفيًا ذلك الاضطراب الذي يشعر به من داخله ، بينما نظرت له باستنكار شديد وهي تقول معترضة بشدة:
-أنتَ واعي للي بتقوله ؟ ، قول بقى إنك عايز تخلص مني !
هتفت بها وهي تطالعه بنظرات معاتبة بينما نفى "مجدي" ذلك وأمسك بوجهها قائلًا بحنو كبير:
-أنتِ بنتي أخلص منك إزاي بس .
أرسلت له ابتسامة صفراء متناقضة حديثه الذي لا يشعرها سوى بالهجوم عليه ، فأكمل "مجدي" مفسرًا لها الوضع بجدية قائلًا:
-بيان أنا عمري ما هسمح لحد يأذيكِ أبدًا ، لكن أديكي شايفة الوضع عامل ازاي كل يوم واحد عندنا بيتقتل ويروح في شربة مياه .
أكمل مدعيًا الاختناق بما يقوله حتى يؤثر عليها:
-مهانش عليكي طيب أمك ؟ اللي ماتت بسببه مش قولتي إنك هتاخدي حقها مش صعبان عليكي الافترى اللي بنشوفه مش آن الأوان نقضي على العيلة دي وناخد حقنا وحق الناس الغلابة اللي في القرية ؟
هدأت "بيان" نفسها قليلًا وقد تأثرت بحديثه خاصة عندما تذكرت والدتها الراحلة التي قُتِلت على يد أبشع سكان القرية بسبب بطشهم ، سيطر على عقلها فكرة الانتقام لكن ليست بتلك الطريقة فهتفت توضح له:
-كلامك مظبوط ، بس أنتَ عارف بمجرد لو عرف بوجودي هناك هيعمل إيه ما ممكن يدبحني بسهولة هكون كسبت إيه أنا كده؟
لمعت عينا "مجدي" وهو يقاوم ذلك الشعور من ناحية ضميره مكملًا فيما تجسد من خططته وقال:
-ما هو إحنا مش هنبعتك كده وخلاص ، الحلو أنه ميعرفكيش والبركة في سفرك المتواصل اللي خلا عينه عليكي قليلة ، مش هيعرف إنك من عيلة الخولي هنعملك بطاقة مزورة وأنتِ عارفة كويس أنها سهلة ولا إيه ؟
تنهدت تتفرس في ملامحه مستدرجة كلامه أكثر فهتفت وهي تشبك يدها قائلة:
-وبعدين ؟ ، هتوديني ازاي هناك ؟
أرسل لها بريقًا من فكرة في عينه وقال بنبرة واثقة:
-هتعرفي بعدين ، المهم دلوقتي إنك هتكون جاسوسة هناك لحد ما يبقى الميعاد المناسب اللي نعرف نقتله فيه ونخلص القرية من شره !
لم ترتاح "بيان" لنبرته بالمرة وهتفت وهي تحاول إيجاد حلًا آخر:
-طب ما تبلغ البوليس ، بابا حط مصلحتي أول حاجة عندك مش آخرها !
تنهد "مجدي" وقد شعر ببعض الشفقة مما سيفعله لكنه تجاهل ذلك وهدأها وهو يضمها له قائلًا:
-متقلقيش يا بيان مصلحتك محفوظة ، وبعدين فكرك لو البوليس جي هيقبض عليه وكده تبقى خلصت ؟ ، طبعًا لاء ده له نفوذ عالية ويعرف يلعبها بذكاء ومتنسيش شغلنا هيضر .
تنفخت بضيق بينما تابع هو يلمس بها الوتر الحساس وقال:
-عشان ماما ، عايزين نريحها !
حسمت "بيان" آمرها وقالت بعد تنهيدة طويلة مفكرة بقلق:
-خلاص اعتمد عليا !
ابتسم "مجدي" ومن ثم لجأ إلى الطرف الآخر من خطته وقال:
-نجي بقى لتنفيذ الخطة التانية .
نظرت له بترقب وفزعت عندما رأته يحضر حزامه ويشهره نحوها !
.............................
توقفت "بيان" بذاكرتها إلى هنا وهي تلعن ذلك الألم الذي يعتليها إثر ضربة والدها لها بالحزام من أجل خطته تلك ، تحاملت الألم وهي تقول مجزة على أسنانها:
-كله هيطلع على ابن ال.....ده !
.................................................
جلس "قُصي" خلف مكتبه وهو يطالع "نبيل" بنظرات حادة كالصقر قائلًا:
-يعني مش عيلة الخولي ؟
أراه "نبيل" ما بيده وقال شاكًا في الأمر :
-لقينا بطاقتها مع شنطتها اللي كانت معاها والاسم ده مش موجد في عيلة الخولي لكن ده مش دليل أنا هتصرف وأعرف معلومات أكتر وأشوفها هي من القرية هنا ولا لاء ؟
قبض "قُصي" بيده على الطاولة بقوة فزع بها "نبيل" فأكمل مشيرًا له بحدة:
-اتصرف تجبلي معلومات حالًا عشان لو منهم أعرف أتصرف !
أومأ "نبيل" رأسه سريعًا وقال يطمئنه:
-متقلقيش يا باشا هعرفلك حالًا .
أخذ "نبيل" البطاقة كي يعرف سر تلك الفتاة بينا ردد "قُصي" ذلك الاسم الذي شاهده في البطاقة بتمهل شديد وقال:
بيان كامل عبد الكريم الحُسيني !
ابتسم بخفة وقال:
-شكل اللعب هيجيب نار ، ونار جامدة أوي كمان !
خرج "قُصي" من غرفته قاصدًا غرفة تلك الدخيلة حتى استوقته رئيسة الخدم قائلًا بتوجس:
-قُصي باشا !
توقف دون النظر لها وقال بحدة :
-خير ؟
توترت ملامحها وهي تفرك بيدها:
-يعني بالنسبة للبنت الموجودة حضرتك تحب نطلع ليها ونعمل الواجب من ناحية الجروح اللي عليها ؟
توجه "قُصي" ناحيتها ورفع بإصبعه قائلًا بتحذير:
-متدخليش في اللي ملكيش فيه يا سنية متنسيش مكانتك هنا !
أخفضت "سنية" رأسها وقالت معتذرة:
-بعتذر يا بيه مش هتكرر تاني
أرسل لها نظرات واثقة وهو يضع يده في جيبه:
-بظبط مفيش تاني عشان بعدها أنا مش بستنى تالت !
تركها بعد أن أرسل لها نظرات تهديدية كفيلة بإرعابها ، توجه بخطوات واثقة نحو تلك الفتاة ومن ثم فتح بابها بقوة ليجدها على حالتها لم تفعل شيئًا ، ابتسم لها باستخفاف وقد ارتسمت على ملامحه أشياء خبيثة يفكر بها ،اقترب منها وقد أزاح تلك الخصلة من شعرها وقال:
-مش عارف إيه الحظ الجميل ده اللي يوقعك عندي أنا !
نظرت له بحدة وغل وقالت وغضب كبير وهي تقول:
-حظ أسود ومنيل على دماغك !
ارتفع حاجبه وهز رأسه ومن ثم أقبض على رسغها بقوة هاتفًا بتهديد:
-لسانك طويل وعايز قطعه متحاوليش تستفزيني !
نظرت له بتهكم بينما هتف يطالعها بتفحص:
-مش عايزة تفسري حالة العداوة اللي مطلعاها ليا دي مع إنك يعني المفروض متعرفنيش ولا إيه ؟
هتف يدرس تقاسيم وجهها التي ارتبكت قليلًا فتابع تفحصها بريبة حتى وجدها تهتف قائلة:
-بسمع على جنابك ولا فاكر اللي بتعمله في الناس محدش هيعرفوا .
تلذذ بكلامها وهتف ساخطًا:
-ولسه هعمل !
حركت يدها بضيق وقالت تزيح بيدها قائلة بتصميم درسته جيدًا حتى تمشي الأمور كما خططت لها:
-أنا عايزة أمشي من هنا مستحيل أقعد ما قتال قتلة !
ظهرت على ملامحه السخرية الكبيرة وهو يطالعها على سذاجتها البلهاء ومن ثم قبض على فكها ليوقعها على الفراش ويبقى هو فوقها قائلًا بنبرة ذات مغزى:
-وهو دخول الحمام زي خروجه يا قطة ؟ ، أنتِ وقعتي بقى تحت رحمتي وللأسف أنا مش برحم !
طالعها بقوة بركانية ناظرًا لمفاتنها رغمًا عن هيئتها المزرية فتوجست من نظراته تلك وقالت محذرة:
-إياك تقرب مني مش هسمحلك !
قهقه بقوة متعمدًا إحراجها دون مراعاة الوضع قائلًا:
-ومين قالك بقى المعلومة دي ؟ واضح إن دماغك شمال يا حلوة وتفكيرك بيعجبني
هتف بتلذذ كبير وهو يهمس بقرب وجهها:
-أنا لو عايز أعمل اللي في دماغك بعمله من غير مقدمات ومش مستني منك تهديدات وبعدين منظرك يقرف بقى هقرب منك ازاي وأنتِ كده .
ابتعد عنها على الفور ليستمتع بتعابير وجهها الغاضبة إثر كلماته فهتفت "بيان" وهي تجز على أسنانها من الغضب:
-واطي وحقير
-شششش ، اهدي كده وقولي هديت أنا مش بستحمل طولة اللسان الكتيرة دي
هتف بها بقوة يعلن بطشه عليها ومن ثم عادت ملامحه إلى الهدوء وقال:
-أه ومن اللحظة دي بقيتي آسيرتي
طالعها بنظرات واثقة قبل أن يتجه إلى الخارج صافعًا الباب بقوة أفزعتها حتى تنهدت بوعيد:
-الصبر حلو مسيرك تبقى تحت رحمتي أنا !
......................................................
عندما خرج "قُصي" من غرفتها فكر مليًا ومن ثم هتف مناديًا رئيسة الخدم بصوته العالي حتى أتت له مهرولة ، أخبرها بنبرة قوية لا تحمل النقاش:
-تاخدي البت اللي جوا دي توديها تحت في الزنزانة ومتديهاش ولا نقطة مياه لحد ما أشوف حكايتها يلا .
ابتلعت "سنية" ريقها بتوتر وقالت على الفور:
-تحت آمرك حالًا!
راقبها وهي تدلف إليها وابتسم بشر لما سيجري لها ، بينما توجه هو سريعًا إلى الطابق العلوي متأكدًا أن لا أحد يتبعه وفتح ذلك الباب البعيد نسيبًا عن الباقين .
تفحص الغرفة جيدًا حتى وجدها تجلس في الشرفة على كرسيها المتحرك وتشرب من قدح الشاي ، شعر أخيرًا بالراحة تغزو قلبه اقترب منها وفعل مثلما يفعل كل يوم ؛أسند برأسه على قدميها حتى لمست هي شعره بحب وحنان وقالت بهدوء:
-أنتَ كويس ؟
هز برأسه وقال دون مبالاة:
-متشغليش بالك
عاتبته بنظراته وهي تقول متنهدة بألم:
-لو مش هشغل بالي بيك هيبقى بمين يا حبيبي
قبَّل يدها بحنو وقال آمرًا:
-أنا عايزك تبقى مرتاحة وملكيش دعوة بأي حاجة .
هزت رأسها نافية وهي تقول بخنقة:
-مش قادرة يا ابني أشوفك بتضيع مني كل يوم ومعملش حاجة ، هتفضل لامتى كده قولتلك حقنا عند ربنا مش بالقتل يا قُصي !
تبدلت ملامحه في لحظة إلى الغضب وهو يلعن ذلك الوقت الذي شهد به ما حدث لحياته قائلًا بعتاب:
-عايزة الناس الواطية دي تفضل عايشة ؟ وكأنهم معملوش حاجة ، مش دول اللي قتلوا أبويا ؟ قتلوا من غير ذنب ولا سبب وخلوكي في الوضع ده ولو عرفوا أنك عايشة لسه متخيلة إيه لا يمكن أسمح لده يحصل
تشنجت قسماته وهو يهتف بغيظ:
-أمي أنا مش هسمح بأي حد من عيلتهم يعيش كلهم هيموتوا وهقتلهم زي ما كلهم كانوا يد في موت عيلتنا وبسبب إيه ...
لم يكمل "قُصي" وقد اختنق مما يقوله حتى تنهدت هي بحزن وقالت:
-أنا عايزة أطمن عليك مش هقدر أخسرك زيه .
اقترب منها وضمها له بحنو كبير وقال:
-قريب هينتهي الكابوس ده وهتبقى فخورة بحقنا اللي رجع .
تنهدت والدته متمنية ذلك اليوم ومن ثم سألته بنبرة ذات مغزى وقالت:
-إلا مين البنت اللي جت هنا يا قُصي ؟
لوى "قُصي" شفتيه بضيق وقال:
معرفش !
ومن ثم هتف بنبرة جادة:
-متركزيش أوي في اللي بيحصل ها
-ولد !
هتفت بها والدته بحدة فحاول "قُصي" تدارك الأمر وقال على مضض:
-آسف مقصدش !
ذمت والدته شفتيها بينما تابع مفسرًا:
-لسه هعرف حكايتها إيه احتمال تكون من الخولي بس لسه هتأكد
-امممم طيب
قالت وهي تنظر إلى تعبير وجهه المختلفة وهي تفكر بالأمر بينما هتفت قائلة وقد اكتسى وجهها الحزن:
-وثُريا ؟
عندما سمع ذلك الاسم اعتصر قلبه الألم فأكملت والدته وهي تبكي:
-لسه ملقتهاش ؟
ابتلع ريقه بصعوبة وقال بنبرة جامدة :
-لاء !
حثته والدته وقالت بجدية كبيرة:
-مش هستحمل يا قُصي مترجعش أرجوك حاول تلقيها لاقي ثُريا
هز برأسه وقال واعدًا:
-أوعدك أنا مش ساكت عن الحكاية دي
تنهدت راجية أن يحدث ما تتمناه حتى سمعا صوتًا ضربات نارية قوية من الخارج زلزلت القصر كله !
تابع من هنا : جميع فصول رواية احببتها في انتقامي بقلم عليا حمدى
تابع من هنا: جميع فصول رواية وكفى بها فتنة بقلم مريم غريب
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا