رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثالث والعشرون
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسيةرواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثالث والعشرون
التمع هجيج النيران بعين جاسر ، وكأن الممنوع مرغوب حتى بأمر القلوب!! هتف مناديًا...وقفت جميلة عندما سمعت صوته واستدارت متظاهرة بالغضب رغم ما قبع بقلبها من الم لتتسع عيناها من رؤيته على هذه الحالة....
كان يجثو على أحد قدميه بينما القدم الأخرى مرتفعة عن الأخرى قليلا ويوجه لها ال"الدبلة" الذهبية كأنه أصبح رهن قلبها !! تفاجئت به وهو على هذه الحالة والتفتت الأعين لهم وبالأخص الفتيات...قال جاسر بشيء من الترجي :-
_ ماتسبنيش...ساعديني أني اتغير...أنا عايز اتجوزك لأني...بحبك
حدجته جميلة بدهشة فلأول مرة يعترف بها صريحة...فكررها مؤكداً :-
_ هفضل كده لحد ما توافقي ، أنا متأكد أن في شيء ليا جواكي بس خايفة ، بس تفتكري أن سبب تصميمي ده كله ايه غير أني حبيتك ؟! أنا لو كنت أعرف بنات فأنا من يوم ما عرفتك تقريبًا نسيت كل حاجة ، الأول كنت بعند لكن دلوقتي لأ....
التهب وجه جميلة من الخجل ومن جميع أعين المارة التي ثبتت عليهم ويبدو أنهم يستمتعون بمشاهدتهم هكذا...ازدردت ريقها بإرتباك وهي تهرب بنظرتها لجهة أخرى عن عيناه التي تلتمع بحديث لم يُقال بعد...
اردف جاسر غير معنيًا بمن حوله :-
_ اديني فرصة أخيرة وشوفي هتغير أزاي ، مش هتخسري حاجة بس هتكسبيني ، هتكسبي انسان ساب كل حاجة واختارك أنتي تبقي كل حاجة
قالت جميلة بتلعثم وخجل من نظرات الجميع حولهم :-
_ الناس بتتفرج علينا...قوم يا جاسر ماينفعش كده
هز رأسه برفض وقال بتصميم :-
_ مايهمنيش غيرك أنتي ، أنا زعلتك وبراضيكي ، البسي دبلتك ورجعيلي روحي ليا تاني
اجفلت من ما تراه...ايقل الصدق ؟! هل لهذه الدرجة احبها ؟! بل وكأنه تخطى العشق !! لو كان صادقاً وتركته ستكن حمقاء غبية...هي تشعر به بالفعل...هناك شعور لذيذ يدغدغ قلبها عند رؤيته لا تنكر...لذلك تخاف أن ينحدر قلبها لممر الشوق والعشق دون أن تتأكد منه أولًا....
ما المانع أن تعطيه فرصة أخيرة فيبدو اسفاً حقاً لما فعله...نظرت لعيناه لتتأكد من تصميمه لتخبرها عيناه ما طمأن خوفها...
انتفضت يداها وهي ترتفع ببطء إلى يده الممدودة يطلب أن ترفق بقلبه وتأخذ هذا الرباط الذهبي...
لامست اناملها الدبلة ببعض الخجل حتى أخذتها بنظرة متفحصة وهي بين الحيرة والتراجع وبين اللهفة لارتدائها وضم أصبعها بها مجدداً...
انتظرها حتى رأى الدبلة تزين أصبعها مجددًا ليبتسم بنظرة معانقة لعيناها التي تزينت بالخجل والابتسامة المترددة...
وقف معتدلًا...مستقيماً...وقال ببسمة صافية:-
_ مكنتش متخيل أني اعمل كده...بس أنا مبسوط
قالت جميلة بحياء من التطلع بعيناه :-
_ طلبت مني فرصة أخيرة واديتهالك ، بس لو حاولت تقربلي تاني ها...
قاطعها بابتسامة وقال برقة:-
_ انسي اللي فات ، انا عايز اعمل كل حاجة بتفرحك...وأولهم أني اتغير وابقى محترم...ابقى حد تقدري تثقي فيه وتحبيه وأنتي مطمنه ومش خايفة وقلقانة...
شاهدت جميلة برمقة سريعة ابتسامات بعض المارة حولها وقالت :-
_ طب ممكن نبعد عن هنا عشان الناس بتبص علينا
سار بجانبها مبتسماً بهدوء ، ينظر للأمام ويختلس النظرات الجانبية المبتسمة التي تربكها أكثر.....لم تهجر الابتسامة المشرقة ملامحه حتى ابتسمت هي!!
***********صل على النبي
**بأحد صالات الجيم **
دلف آسر بملامح واجمة وكأنه يريد الشجار مع احدهم...فكان ذلك انسب مكان يلقي بهذه الطاقة الهائلة من الغضب...
رحب به الجميع من بات يعرفونه من يوم مجيئه لهنا منذ سنوات....قال المدرب مرحبًا :-
_ بقالك فترة غايب !!
أجاب جاسر قبل أن يتوجه لدرج خزانته الخاصة للملابس بالمكان والذي يحتفظ بها بعدة اطقم خاصة بالتدريب :-
_ كنت مشغول شوية ومقدرتش احضر يا كابتن...
أشار له المدرب ليسرع حتى ذهب آسر وبدل ملابسه سريعاً ثم أتى ليبدأ ببعض التمارين السريعة لتمهيد جسده أولًا ثم خاض الخطوة الثانية وهو يبدأ تمرين الملاكمة...
وقف المدرب أمامه يتلقى الضربات والقاء التعليمات بتغطية الوجه والجسد أثناء رد الضربات من آسر....
*************صل على النبي الحبيب
عاد يوسف للمكتب بملامح مقتضبة مصدومة وزاد هذه السحب المعتمة التي اظلمت سعادته صدمة بعمه...كيف يخيرهم بين ميراثهم الشرعي وبين الزواج من هؤلاء الفتيات؟! ولماذا يأخذ منهنّ هذا الموقف العدائي ؟!
تركت حميدة كل شيء بيدها ونهضت من مقعدها وتوجهت اليه مستفسرة بقلق :- قالك ايه ؟
وقف يوسف أمامها ووقع بين حيرة أخبارها بما حدث أو عدم اخبارها...قال مستنكرا حتى يتهرب من الاجابة :-
_ في حد سأل عليا ؟
أومأت حميدة بالنفي ثم كررت سؤالها لينظر لها يوسف بنظرة عميقة بها ألم يحاول أن يُخفيه فأجاب :- مافيش حاجة يا حميدة....اطمني
تطلعت به حميدة بصمت للحظات وقالت بتأكيد :-
_ لأ في ، أنا بعرف من نظرة عنيك ، قولي في ايه يمكن اقدر اساعدك
ابتلع يوسف ريقه بضيق هائل ثم اخبرها بما قاله عمه فهي لابد أنها ستعرف بيوم ما ، قالت حميدة بتساؤل وقلق :-
_ وأنت قررت ايه ؟ احنا لسه فيها يا يوسف ، أنا ماكلمتش أبويا يعني تقدر ما...
قاطعها يوسف بحدة وعصبية :- أنتي بتقولي ايه ؟!!
انا لو خيروني بينك وبين كنوز الدنيا بحالها هختارك أنتي من غير لحظة تفكير...أنتي ما تعرفيش أنتي بالنسبالي ايه !! لكن اللي صادمني فيه قساوته !! عمي عمره ما كان قاسي كده !! مكنش بيدخل في اختيارتنا...
قالت حميدة ببعض الألم بنبرتها :-
_ يمكن عشان أهلي على اد حالهم
قال يوسف بقوة :- لأ برضو ، مش عمي وجيه اللي يفكر كده ، في شيء أنا مش فاهمه ورا رفضه ، في سبب بدليل أنه قالي هحتفظ بالسبب لنفسي...
ملأت الحيرة عين حميدة ليقل يوسف ناظرا لها بمحبة وصدق :-
_ أنا راضي أني اطلع السلم خطوة خطوة وانتي معايا ، هكون نفسي من أول وجديد ، هتتحمليني وتصبري وتفضلي جانبي ؟ انا هاجي اتقدم لوالدك النهاردة مش بصفتي يوسف الزيان...أنا ببدأ من الصفر
ابتسمت بينما فرت دمعة من عيناها وأجابت :-
_ كل خطوة هشاركك فيها يا يوسف ، مش هسيبك تمشي لوحدك أبدًا ، ده أنا صبرت عليك وأنت بعيد وكان بالي طويل ، يبقى يوم ما تقرب امشي !! انا هتكلم مع أبويا بصراحة لأني ما بحبش اخبي عليه حاجة...انا متأكدة أنه هيفهم موقفك
اطرفت عين يوسف بقلق :- خايف يرفض ، خصوصاً أنه اشترط على جاسر وجود عمي يوم كتب الكتاب..
قالت حميدة كي تطمأنه :- أنا ليا كلام تاني مع أبويا...سيبها على الله
أجاب يوسف بتنهيدة:- ونعم بالله
******** أستغفر الله العظيم
بالمساء......**بشقة الشباب**
نهض جاسر غاضبًا وهتف :-
_ يعني ايه اللي بتقوله ده يا يوسف ؟!! في شرع مين اتنازل عن ورثي لمجرد أن اللي هتجوزها مش عاجبه عمك ؟!!
قال رعد وهو ينظر لجاسر بنظرة ماكرة :-
_ هو مش أنت اصلًا مش ناوي تكمل ؟! زعلان ليه بقى ؟!
نظر جاسر بغضب لرعد وصاح به :-
_ تعرف ما تتكلمش خالص دلوقتي ؟!!!
ابتسم رعد بتسلية حتى اشتعل غيظ جاسر أكثر وبدأ يطوف بالمكان ذهابًا وايابًا مصيحاً :-
_ اللي بيحصل ده ما يتسكتش عليه ، احنا مش أطفال ونقدر ناخد ميراثنا غصب عنه هو مش مسؤول عننا !!
وقف يوسف بحدة وقال :- ايه يا جاسر هنرفع قضايا على بعض ولا ايه ؟! انسى الموضوع ده وشيله من دماغك نهائي
هتف جاسر بعنف :- أنا ما قولتش هرفع قضية عليه بس على الأقل لازم حد فينا يواجهه والاحسن كلنا نواجهه ونطلب حقنا...لو كنا وافقنا على موضوع الطرد سنة من الشركة والقصر فده مش معناه اننا هنوافق عن التنازل...انا مصدوم فيه !! عمري ما كنت اتخيل أنه يتحول ويبقى طماع كده !!
تنهد رعد تنهيدة طويلة وقال بغموض :- ده مش طمع ، انا متأكد عمي وجيه في شيء مخبيه ، شيء قوي مش عايزنا نعرفه ، لكن فكرة أنه طمع فينا فجأة كده مش داخلة دماغي ، احنا كنا بناخد اكتر من حقنا بكتير وعمره ما حاسبنا...فجأة كده هيطمع ؟!! صعبة !!
وافق يوسف وقال:- أنا فعلًا حسيت كده ، وعن نفسي قررت واخترت حميدة
بهذا الوقت فتح باب الشقة وظهر آسر وعلى ملامحه العبوس وهو ينظر ليوسف فقابله جاسر بغيظ :-
_ ما كنت تبات برا احسن ؟!! بقالي ٧ساعات برن عليك وأنت ولا معبرني !!
تجاهل آسر نظرات يوسف القلقه عليه وأجاب على جاسر بعدما دلف للداخل وأغلق الباب :-
_ كنت قاعد مع صحابي ، بقالي كتير ما شوفتهمش
هتف جاسر بعصبية:- ابقى رد بعد كده عشان لولا اللي احنا فيه كان زماني راميك من الشباك اصلًا
تساءل آسر بتعجب :- هو ايه اللي انتوا فيه ؟! ولا عايزين تفهموني أن كل حاجة وقفت لما انا مشيت !!
زم جاسر شفتيه بغيظ منه فقال لرعد :- قوله انت يا رعد عشان انا مش عايز اتهور
بدأ رعد يشرح لآسر ما قاله عمه وقراره المفاجئ ليصمت آسر للحظات من الصدمة حتى قال :-
_ مش معقول ؟!! في حاجة غلط !!
صاح جاسر وقال بانفعال :- كلنا شكين في كده ، احنا لازم نتكلم معاه ونفهم في ايه بالضبط ؟!!
نظر رعد لهاتفه وقال :- نتصل بيه نحدد ميعاد الأول ، يمكن لو روحنا فجأة يرفض يقابلنا
قال يوسف بضيق :- فاضل نص ساعة على ميعادي مع ابو حميدة ،هتيجوا معايا ولا انتوا كمان هاتسيبوني لوحدي ؟!
اكد جاسر :- ماتبقاش غبي يا يوسف ، طبعا هنيجي معاك كلنا وأن شاء الله نقرأ فاتحة النهاردة كمان بس نشوف موضوع عمك الأول
نظر يوسف بعبوس لآسر ، ليقل آسر له بعدما فهم من حديث جاسر سبب الزيارة:- وأنا هروح معاك يا يوسف ، زعلي منك شيء واني اسيبك في يوم زي ده شيء تاني
ابتسم يوسف ابتسامة مرحة كالأطفال وقال وهو يمضي اليه ضامماً :-
_ كنت عارف أني مش ههون عليك
لكمه آسر بابتسامة :- طبعاً يا غبي
اجرى رعد اتصال على هاتف عمه حتى أجاب وجيه بعد دقائق :- الو؟
قال رعد بمحاولة أن يتظاهر بالجدية والثبات:-
_ محتاجين نتكلم معاك شوية يا عمي ، بخصوص اللي قلته ليوسف النهاردة...لازم نفهم سبب قرارك...يمكن تقدر تقنعنا
ضيق وجيه عيناه بسخرية من اللعبة الساذجة الذي يلعبها رعد بالحديث وقال :-
_ كل كلامي قلته ليوسف يا رعد ، ماعنديش كلام تاني اقوله...
قطب رعد حاجبيه بضيق وقال :- يعني رافض تقابلنا !!
أجاب وجيه :- لو المقابلة هتكون لأي نقاش تاني خارج الموضوع ده ماعنديش أي مانع ، لكن لو هتتكلموا فيه فأنا أسف...
أخذ جاسر من يد رعد الهاتف وقال بشيء من العصبية الي جاهد كي يلجمها وهو يتحدث مع عمه :-
_ احنا مش صغيرين يا عمي ونقدر نطالب بحقوقنا وده حقنا ، بتمنى ما توصلنلش لطريق مسدود
اطرق وجيه على مكتبه بغضب وصاح :- تقصد ايه يعني ؟!! وبعدين خلي الكلام ده لحد تاني يا جاسر ، أنت مش بتاع جواز واكيد واخدها لعبة وتسلية وهترميها ، أنا عارفك ، وماتنساش أن كل شيء في ايدي وفي ثانية كل حاجة تبقى ملكي...أنا بعمل كده عشان احافظ على الأمانة اللي في رقبتي ومش هسيبكم لشوية بنات يمكن يكونوا متفقين عليكوا....ولا غاويين مقالب
قال ذلك بمرارة ظهرت بصوته فهتف جاسر بشدة :-
_ محدش متفق علينا يا عمي !! ، البنات دول ساعدونا ووقفوا جنبنا ومستنوش أي مقابل بما فيهم مرتبهم كمان !! ويمكن أنا بحاول اتغير واستقر... وبعدين انا مش فاهم مقالب ايه اللي بتتكلم عنها ؟!!
صمت وجيه دون إجابة ليأخذ آسر الهاتف وقال لعمه :-
_ البنات دي محترمة يا عمي مش زي ما أنت فاهم ، يمكن أنت فاكر كده عشان هما فقرا بس أنت عارف أني انا بالذات بحكم عقلي وصدقني هما مش زي ما أنت فاهم...
قال وجيه بتحدي :- اثبتولي
صمت آسر لبرهة ثم أجاب:- نثبتلك أزاي ؟!
وجيه بغموض :- انا طلبت الاثبات وانتوا عليكوا تأكدولي كلامكم ، اثبتولي انهم صادقين واثبتولي أن انتوا كمان صادقين وجادين...
انتهى الاتصال فقد أغلق وجيه الخط بملامح تهتف مرارة وغضب.....
نظر آسر للهاتف بحيرة واخبر الشباب بما قاله وجيه....
يوسف ببعض الأمل :-
_ شكنا في محله ، طالما طلب كده يبقى هو فاكر انهم طمعانيين فينا وكمان فاكر اننا واخدين الموضوع تسلية...مش عارف هقول لأبو حميدة ايه لو سألني على عمي ؟!
اجاب جاسر بتحذير:-
_ سيبني انا اتكلم ،هقوله اللي قولتهوله وانا بتقدم لجميلة ، بس أنا شايف أن البنات يعرفوا اللي بيحصل ، انا قلقان لعمك يوصلهم ويحاول يبعدهم عننا
رد رعد وقال :- ممكن فعلًا ، لازم يعرفوا كل حاجة بتحصل
يوسف بعجالة:- طب يلا جهزوا نفسكم ما فاضلش كتير...
********* لا إله الا الله
**بمنزل حميدة**
تشاركا الفتيات بعض الضحكات بينما سما كانت تبتسم فقط بعكس طبيعتها المرحة فقالت حميدة لها بحنان :-
_ بكرة يعتذرلك يا سمكة ما تزعليش
اخفضت سما رأسها واومأت متفهمة الأمر لتهتف رضوى بسعادة عند دخول للي الغرفة ومعها سقراط....قال سقراط بمرح :-
_ جبتلكم للي تاني ، انا بقيت مستشارها الرسمي
اتسعت ابتسامة للي وقالت :- لأ سقراط بقى رجع المدرسة وهيذاكر عشان يبقى مهندس اد الدنيا
ابتسمت جميلة لها بمحبة وقالت :- أنتي جميلة اوي يا للي ، بتفرحي غيرك بمنتهى البساطة ، احنا بقالنا شهور مش قادرين عليه يرجع المدرسة تاني
قال سقراط بضحكة :-
_ وانا اسمع كلامكم انتوا ليه يا ولية منك ليها ، انما للي دي تأمر كده وانا انفذ...
انفجر الجميع من الضحك ثم أخذ سقراط حميدة لتقدم الشربات لعريسها بالخارج مع دوى الأصوات بالزراغيد من الفتيات فقد تم الاتفاق وقراءة الفاتحة ..
القت حميدة نظرة آخيرة بالمرآة وعاونتها للي في لمسات بسيطة وناعمة على وجهها ثم خرجت حميدة مع سقراط....
جلست سما بزاوية بالغرفة وشردت للبعيد....نظر الفتيات لبعضهنّ وتوجهوا لها ملتفين حولها بابتسامتهنّ....
قال للي بمشاكسة :- مش نبطل تكشيرة بقى ؟!
جميلة بابتسامة :- من كتر ما بتضحك التكشيرة بتبقى غريبة على وشها
رضوى بقوة :- ما جاش من ساعة ما مشي وماشوفناهوش تاني في المكتب ، شكله كان مضايق فعلا يا سمكة وطلع زهقه عليكي...
كان الفتيات على علم بأن سما اخبرت للي بكل شيء عن الأمر فقالت للي :-
_ لازم تعمل اللي قلتلها عليه ، تتقل بقى وتوريله الوش الخشب
اكدت جميلة فقد شردت بشيء :-
_ هو ليه لازم نتقل ونتعامل بجفاف عشان يفكروا فينا ؟!! ليه كل واحد ما يظهرش اللي جواه بصدق ؟!!
اجابت للي بتنهيدة مريرة :-
_ لأن مشكل الناس صادقين يا جميلة ، ساعات كتير القرب ما بيكونش بدافع الحب ، ممكن يبقى عِند ، غرور ، وساعات كمان بيكون انتقام وتصفية حسابات
ابتلعت للي غصة مريرة بحلقها من تذكرها بذلك الأربعيني المخادع...قالت سما بعبوس :- مش عارفة هتعامل كده أزاي ، بس هحاول
*********لا حول ولا قوة إلا بالله
بعدما تم الاتفاق والتهنئة....ترك سمعه ابنته تتحدث قليلا مع يوسف بمفردهما بعد قراءة الفاتحة...رحل الشباب وتركوا يوسف فقط...
ابتسم يوسف لحميدة التي كسا وجهها حمرة شديدة من الخجل وقال :-
_ الف مبروك يا حبيبتي
اتسعت ابتسامتها وهي تنظر للأسفل بحياء شديد ليضيف يوسف بمحبة :-
_ أبوكي كان متفهم جدًا معايا ، حتى الاتفاق مخدش وقت وكان ربنا ميسر الأمر الحمد لله...
قالت حميدة بابتسامة :- أنا حكيتله وفهمته كل حاجة ، اللي خلاه يوافق عليك ومرحب أنك اتنازلت عن ميراثك عشاني...
أجاب يوسف بمحبة ونظرة عاشقة :-
_ أنا ممكن اتنازل بكل شيء عشانك يا حميدة ، أنتي حته مني
قالت بتوتر وارتباك :- هتفضل واقفين كده ؟!
ابتسم بمكر بعدما لاحظ ارتباكها...أخرج علبة صغيرة من جيبه بها قلادة يمتزج بها صورته مع صورتها بقلب واحد ذهبي...قال :-
_ تعرفي الهدية دي انا مجهزها من زمان ، من أيام ما كنت في الشركة ، خدت صورتك من الملف بتاعك وطلعت عليها ، وخليت الجواهرجي يحط صورتنا في قلب واحد...كنت عارف أن اليوم ده هيجي
نظرت للقلادة بدموع...دموع سعادة....قالت بابتسامة جرت عليها الدموع :-
_ كنت خايفة لتكون حبتني لمجرد أني بقيت حلوة...
تبدلت نظرته للضيق وقال بقوة:- أنا عمري ما شوفتك وحشة يا حميدة بالعكس ، يمكن ما اكدبش عليكي اتفاجئت أنك احلى من توقعاتي كمان ، بس أنتي في عنيا الأجمل والأحلى دايمًا ، من زمان مش من النهاردة...
أخذت القلادة ونظرت لها بفرحة غمرت قلبها وقالت بمشاكسة:-
_ رجعت صورتي للملف ولا خدتها ؟!
اتسعت ابتسامته مجددًا وأجاب:- رجعتها ما تقلقيش ، وبعدين بقى تعالي ناكل الشكولاتة قبل ما تسيح ، هاكل معاكي ماليش دعوة
مط شفتيه كالأطفال لتكتم ضحكتها وجلست وهي ترتدي القلادة التي وكأنها عانقت قلبها.......
بعد مرور دقائق قد تردد يوسف في اخبارها ما اتفق عليه مع الشباب فرمقته حميدة وعلمت أنه يخبأ امراً ما ويبدو أنه هام لهذه الحيرة البادية على وجهه...قالت :- قولي اللي مخوفك كده يا يوسف؟
ابتلع يوسف قطعة الشيكولاته بفمه ببطء ثم شرح لها كل شيء.....
اوضح العبوس على ملامحها بمدى الضيق الذي ملأ قلبها اتجاه عمه فقال يوسف برفق :-
_ أي حد مكانه كان هيفكر كده يا حميدة ، أي أب بيبقى ليه حسابات تانية غير اللي ولاده حاسبينها ، احنا هنكمل طريقنا زي ما احنا وهو يقتنع مع الوقت...
قالت حميدة باستياء:- أنا اشتغلت اكتر من سنة ، المفروض أنه عارفني واتعامل معايا ، مش مصدقة أنه يفكر فيا بالطريقة دي !!
قال يوسف بأسف :- ماتزعليش ، انا دافعت عنك وهفضل ادافع عنك دايمًا ، في أي قرار عمي ممكن ياخده هيكون قراري قدامه أني متمسك بيكي...محدش هيقدر ياخدك مني
تسللت ابتسامة لشفتيها حتى ناولها قطعة شكولاتة وقال بمرح :-
_ ننسى بقى الموضوع ده شوية ونخلينا في فرحتنا
أخذت منه الشكولاتة وقضمتها بابتسامة مداعبة وقالت :-
_ نخلينا في فرحتنا احسن....
********* الله أكبر
اغلقت جميلة الهاتف بعدما تحدثت مع جاسر لبعض الوقت بأمر هام...قالت بوجوم :- عم جاسر رافض جوازنا
انتبه الفتيات لها بنظرات بين الذهول والصدمة لتهتف سما بعصبية :- ليه بقى أن شاء الله ؟!
اجابت جميلة بتيهه :- جاسر قالي أن عمه وجيه فاكر أننا متفقين عليهم وبتوع مقالب ، جاسر قالي كده
صاحت رضوى بغضب :- متفقين ومقالب ؟! مجنون ده ولا ايـــه ؟!!
انتبهت للي للاسم جيدًا بجمود، توقفت عنده فقط...نظرت لجميلة باستفسار وتساءلت :- هو عمه اسمه وجيه ؟ اسمه وجيه ايه؟
اجاب الثلاث فتيات مع بعضهنّ :- وجيه الزيان...
اتسع بؤبؤ عين للي وهي تثب من مقعدها بنفضة مرتعدة ،لهثت انفاسها من الصدمة بل وشحب وجهها فجأة....نظر الفتيات لها بقلق والتفوا حولها بتوتر متسائلين عن سبب حالة الذعر الذي اتقدت بعيناها فجأة....
قالت جميلة :- مالك يا للي ؟!
نظرت للي بتيهه والتي باتت على وشك البكاء..هزت رأسها قليلا واجابت :- لا ابدًا ، مافيش حاجة ،حسيت فجأة بتعب و
قالت سما بخوف :- طب نجيبلك دكتور نطمن عليكي
رفضت للي قائلة وهي ترتجف :- لا لا مافيش داعي ، أنا هرجع البيت ارتاح ، هجيلكم بكرة بأذن الله
لم تستمع لحديث الفتيات بل وكأنها تهرب من أمامهنّ حتى كادت أن تفتح باب الغرفة لتجد حميدة وقد اتت ويرتسم على ملامحها السعادة رغم أن عيناها بها شيء من القلق....
دلفت حميدة اليهنّ بابتسامة واضحة حتى هربت ابتسامتها من رؤية الضيق بملامحهنّ فتساءلت:- في ايه مالكوا ؟!
اخبرتها سما بما حدث لتقل حميدة بعبوس:- يوسف قالي بس ما رضيتش اقولكم غير لما نشوف اخرتها...
تساءلت للي بشحوب وتكاد تسقطت من فرط وهن قدميها الخائرة:-
_ طب ووصلتوا لحل ؟
هزت حميدة رأسها بنفي وأجابت:-
_ الشباب زعلانين ، يوسف وجاسر مصممين عليا انا وجميلة لكن موقف عمهم غريب !! ده فاكرنا متفقين عليهم !! وكمان جاب سيرة مقالب انا لحد دلوقتي معرفش يقصد ايه؟!!
التمعت دمعة بعين للي...الأكيد انه علم بقربها للفتيات وسرعان ما صعد ظنونه بهما.....هي خلف ما يدور الآن...لشد ما كرهت نفسها بهذه اللحظة...استأذنت لتنصرف فاعترضت حميدة ولكن وافقت مع إصرار للي
*****سبحان الله العظيم
جلست للي بسيارتها وهي تبكي بشدة...ارتمى رأسها على المقود وهي ترتجف من البكاء وقالت:-
_ اكيد شافني مع البنات وافتكر أني متفقة معاهم عشان انتقم منه بعد اللي عمله...أنا السبب في اللي بيحصلهم ده...
أطرق سقراط على زجاج سيارتها بنظرة قلقة وقال:-
_ مين زعلك وخلاكي تعيطي كده ؟!!! قوليلي وميهمكيش حاجة
ابتسمت للي بتظاهر وهي تمسح دموعها وقالت :-
_ لا مافيش حد زعلني ، أنا بس لما ببقى تعبانة بعيط
قال سقراط بضيق:- الف سلامة عليكي يا للي ، تعالي معايا في دكتور قريب من هنا ، هو اسنان بس يقضي الغرض
ابتسمت للي ابتسامة أخرى ليقل سقراط بضحكة:- ايوة كده اضحكي
اشارت لها مودعة وقالت :-
_ طب أنا هرجع البيت ،تصبح على خير
تحركت سيارتها منطلقة بالطريق.......
********* سبحان الله وبحمده
دلف الاسطى سمعه لغرفة الفتيات وبارك لأبنته بمحبة قائلا :-
_ الف مبروك يابنتي ، أنا سمعت كلامك ومارضيتش أزعلك وارفض ،وكمان عشان الواد ده شاريكي وانا حسيتها في عنيه ، بس موضوع عمه ده مقلقني...
اجابت حميدة بلطف:- عمه قلقان وده طبيعي ،هو بدأ يغير موقفه وعايز يتأكد اننا فعلا مش طمعانين فيه ، على فكرة عمهم ده كويس جدًا ومشهودله بالاحترام من الكل بس مش عارفة هو فكر كده ليه!!
تدخلت جميلة بالحديث لتطمأنه:-
_ ما تقلقش يا عمي سمعه ، كل شيء هيبقى كويس أن شاء الله
ربت سمعه على كتف ابنته وقال بابتسامة:-
_ خلاص ، على خيرة الله ، ماتنسيش تروحي لستك عشان انتي عارفة دي بتاخد العلاج وتنام طول اليوم من التعب...
هزت حميدة رأسها بالإيجاب ثم خرج والدها من الغرفة...
قالت بعد ذلك :- مايهمنيش عمهم يديلهم حقهم في الورث ولا لأ ،المهم عندي انهم اختارونا احنا...طالما كده يبقى لازم نطمن
******الحمد لله
في الصباح الباكر.....بشركة آل الزيان....
بعدما دلف وجيه لمكتبه بعدة دقائق ظهرت سكرتيرته لتخبره بشيء وقالت برسمية:-
_ في واحدة عايزة تقابل حضرتك برا
رفع وجيه نظرته للسكرتيرة وتساءل :- واحدة؟ مين ؟!!
أجابت السكرتيرة مباشرة:- قالتلي أن اسمها ليان يوسف
ضيق وجيه نظرته بمكر وكانت نظرة انتصار كاسحة ، ولكنه كان يظن أن قدومها إلى هنا سيتطلب أكثر من ذلك من وقت....نهض من مقعده
تابع من هنا: جميع فصول رواية عاد لينتقم بقلم شيماء طارق
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا