رواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثلاثون
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسيةرواية إمبراطورية الرجال بقلم رحاب إبراهيم - الفصل الثلاثون
قالتها وهي تنتفض وتضمه أكثر....تصرفها عفوي ولكنه أثاره واضعفه...ورق قلبه لبكائها...ضمها بقوة....تقريبًا كان سيخنق ضلوعها بين ذراعيه...حتى هدأ بكائها قليلًا...فابتسم
تابعت بتصميم وفجأة اشتد بكائها :-
_ ماتسبنيش أنا ماليش غيرك...
دفن رأسه بعنقها قائلا بعشق :- انا جانبك
صوته كأن أكثر دفئا وارباكا من أن تظل تبكي أو تتجاهل ...ابتعدت لترى نظرته...كانت نظرته مثلما تمنتها...أبت يديه أن تبتعد حتى جذبها إليه مرة أخرى...كان صوت دقات قلبها يكاد يكون مسموع وهو يقترب إليها..اقتحم الخطوة الفاصلة لأنفاسها...ولصوتها ، ولطرفات عينيها المرتبكة...
انتفض نبضها بقلب يقسم أنه يعشق هذا الرجل...لمسة يديه على ذراعيها تقل أنه لا يريد القسوة...انما يتوق للحب...يشتاق إليه مثلما تشتاق الروح للحياة... بعد دقائق
ابتعد خطوة صغيرة فقط حتى تستطع هي أخذ انفاسها المتلاحقة بقوة...دب فيه العشق وأعلنت عينيه ما يُخفيه....بينما صوته كي يصمت ولا يصرخ ويقل لها..أحبك بجنون...
لمس جبينه جبينها في توتر الأنفاس....قال بهمس وصوته بدا متهدج :- كان عندك حق لما قولتي أني مش هعرف أقسى عليكي...أنا فعلًا مش هعرف أقسى...مش هعرف اتظاهر بشيء مش جوايا...أنا عارف أنك مريتي بتجربة صعبة...اثرت في نفسيتك...ونص طريق الوصول ليكي أن أعترف أني ما اتجوزتكيش انتقام...
تبددت دفعاتها ، تسللت ابتسامة امتزجت مع دموعها ونبضها المرتجف...كيف تبتعد عنه بعد تصريحه هذا ؟! كانت تريد كلمة أحبك فأعطى لها ماهو أجمل...الآمان والطمأنينة..
قالت بصوت مرتعش :- طب اتجوزتني ليه ؟
طافت نظرته بحنان على عينيها ثم رفع أناملها لشفتيه بقبلة رقيقة....حتى ذهبت نظرته لعينيها مجددًا....قبّل جبينها بحنان ثم تنهد بكل ما يحمله قلبه من ميل إليها...قال بدفء هامسا بأذنيها :-
_ عشان لو مابتعرفيش تحبي....اعلمك
تسلل صوته الرخيم إلى أذنيها برجفة طافت جسدها بأكمله...وكأن المطر ينزلق عليها وجعلها ترتعد من البرد...ولكنه الآن دفء...رفعت نظرتها حتى عيناه...ظل ابتسامة مرت على شفتيها مع نظرة عتاب...تابع مبتسما :-
_بحب نظرة الشقاوة اللي بتبان في عنيكي لما بتضحكي...مابحبش الحزن اللي بيظهر وانتي بتبكي...
تدرجت ابتسامتها رويداً وهي تنظر له...لم تهرب بنظرتها بل أرادت أن تشبع قلبها من لمعات عينيه الحنونة...ليتابع بمكر :- كنت عارف من أول ما شوفتك أنك شقية...
علت وجنتها حمرة شديدة من الخجل ثم تساءلت بقلق :-
_ يعني مصدقني؟ مش هتسيبني ؟
صمت وقد تبدلت نظرته لشيء من الغموض...كيف يخبرها أنه يتمسك بقربها أكثر من أي شيء بحياته...قلبه يصدق أنها بريئة...رجفتها منذ قليل وكأن لم يمسسها رجل من قبل !! لا يمكن التظاهر لهذه الدرجة !! انما العقل كالقانون...يعترف بالأدلة فقط...لم يستطع اختراق ذلك الحاجز بين قلبه وعقله...ولكن شعوره يميل إلى صدقها...
أجاب بصدق :- أنا اعتبرت نفسي ضيف في حياتك....اقامتي معاكي متوقفة على قرارك أنتي...أول خطوة كانت ليا...بس الخطوة التانية لينا احنا الاتنين...
شدد يديه على خصرها وهمس بقرب عينيها قائلا :-
_ قربي خطوة وهقرب عشرة...
كان سيذهب مرة أخرى لثغرها حتى ارتفع صوت هاتفه...ابتعد وجيه بنظرات متسلية من الاحمرار الهائل على وجنتيها ونظر للهاتف بغموض...تبدلت نظرته للجدية فاستدار ليأخذ هاتفها من على شرشف الفراش بعدما تركته قبل أن تركض إليه...قال :-
_ هاخد تليفونك محتاج منه حاجة وهرجعهولك...
قالت بلهفة :- رايح فين ؟!
تسللت بسمة ماكرة على شفتيه وقال :- معايا اتصال مهم وضروري...ممكن اتأخر..
استدار واتسعت ابتسامته بخفاء من رؤية الغيظ بعينيها...
خرج من الغرفة بهدوء وتركها وحدها....ضيقت عينيها بغيظ...كانت تتمنع وهو الملتهف !! ماكر هذا الرجل وخطير !! فقد تبدلت الأدوار ولم يذهب إلا بعدما أرضى كبريائه !!
ورغم ذلك...ابتسمت بالتدريج...يستحق أن يُعشق ، بلحظة وكأنه البركان وبلمسة بسيطة منها تحول لذلك العاشق من جديد...هل يوجد شك بعد الآن كي لا تتأكد أنه يعشقها ؟!!
نظرت للرداء المُلقى على الفراش بخبث...قالت :- مافيهاش حاجة لو جربته...جوزي حبيبي اللي جبهولي
ابتسمت ابتسامة واسعة لأثر جملتها على مسمعها وبدأت ترتدي الفستان ببطء..
*************
*بمكتب وجيه بالقصر**
اجرى وجيه اتصال على آخر اتصال بهاتفها ليأت الأتصال بصوت يخبره أنه خارج النطاق أو مغلق !!
وضع الهاتف من يده فقد توقع ذلك ثم اتصل على ضابط الشرطة الذي تعرف عليه بأحد الزيارات العائلية منذ سنوات...قال وجيه :-
_ وصلتني رسالتك على التليفون بس كنت سايق معرفتش أرد...
قال الضابط رأفت بجدية :-
_ اللي وصلتله أن ده فعلا حصل بس اللي عمل كده مش اسمه حسام ، ده واحد مش عربي اصلا...المعلومات اللي وصلتني في الأول كانت بتقول انه هو حسام بعد كده حصل حاجة غريبة وكل حاجة بعدت الشبه عنه بشكل غامض!!
ضيق وجيه عينيه بذهول وقال :- أنا شوفت حسام بنفسي في فرنسا ، شوفته أول يوم وصلت هناك...
اجاب الضابط رأفت :-
_ ده اللي مخليني شاكك...لو اللي شاكك فيه صح يبقى حسام بيشتغل لحساب مافيا كبيرة ، هما اللي يقدروا يهربوه ويحطوا واحد مكانه بسهولة...محدش غيرهم يقدر يعمل كده...تحرياتي بتقول أنه رجع بالفعل من فرنسا بس مختفي !!
نهض وجيه من مقعده بعصبية وهتف :- ده دليل أن في حاجة وراه ، لازم نلاقيه ماينفعش يفضل هربان كده !! ده بقى بيهددها بالتليفون كمان !!
قال الضابط رأفت بلطف :-
_ ما تقلقش ، انا حطيت مراقبة على بيتك لأن الموضوع أكبر من مجرد انتقام واحد من طليقته...لازم أعرف هو فين ولو وقع في ايدي هعرف اخليه يعترف بكل شيء....
زفر وجيه بغضب وهتف :- ولو وقع في ايدي همحيه من على وش الدنيـا
قال الضابط بتحذير:-
_ لأ...لازم تمسك أعصابك اكتر من كده ، أنا عارف أن الموضوع مش سهل بس موته مش هيفيدنا بحاجة بالعكس...هو لو يقدر يعمل حاجة اكتر من التهديد مكنش اختفى...سيبلي الموضوع ده وانا هخلصه ويستحسن نتقابل لأن الكلام مش نافع في التليفون...
وجيه بمحاولة ضبط النفس :- حدد الميعاد والمكان
صمت الضابط لدقيقتين ثم اجاب :- بعد بكرة ، نتقابل في شركتك أفضل بلاش البيت أو مكان مفتوح...هجيلك الساعة ٣العصر بأذن الله
وافق وجيه على الموعد وانتهى الأتصال....
لا زالت الأمور غير واضحة...ولا زال التخبط في الفكر قائم...ولكنه منذ أن دخلت حياته ومملكته بهذا القصر وقد تبدد غضبه منها...تعهد فقط أن يجعلها تحبه...شعر بذلك وهي بين ذراعيه للحظات...
رجفتها تقل أنها تشعر ، ينبض قلبها بشيء!
لحظات من أجمل لحظات حياته على الأطلاق...لولا لمعات الخوف بعينيها لكان نال ما تمناه ولكنها خائفة...حبيبته خائفة من كل شيء...اشياء تبدو معلومة وأشياء تبدو غامضة بخوفها !!
تساءل في نفسه...هل يصعد إليـها ويروي قلبه بالأماني أم يتمهل ؟!
أيهما أكثر آمان بالنسبة إليـها ؟! عيناها تفصح بأشياء متناقضة...الخوف واللهفة ، الحب والحذر ، التردد والثبات !! ماذا يفعل ؟
************
تنهدت بغيظ...ظلت لدقائق تنظر لمظهرها بالمرآة حتى نال أعجابها بشدة....بينما هو جالسا بمكان آخر لا يبالي !!
ايختبرها ؟! وهل نجحت بالاختبار ؟! ابتسامته الماكرة قبل أن يذهب اغاظتها أكثر....
مرت دقائق كثيرة بعد ذلك حتى تمددت على الفراش بعصبية ورغما ذهبت بعد دقائق في غفوة سابحة بين اليقظة والنوم...
فتح وجيه باب الغرفة وهو يعرف ما ستكون نتيجة أن وجدها يقظة تنتظره...شعر بخيبة أمل عندما وجدها نائمة على فراشه...كان سيغمره شعور مرير لولا أنه لاحظ ارتدائها لذلك الرداء الذي اختاره منذ وقت...امتلأت عينيه بالدفء وهو يقترب إليها...
فاتنة تبدو....
بريئة جدًا...
طفولية التململ !!
ابتسم بحنان وهو يُبعد خصلاتها الطويلة السوداء عن عينيها...ظل يتأمل ملامحها الناعسة للحظات...كيف لأي رجل عاقل أن يبعد هذه المرأة عنه ؟! ولكنه يشكر كل الظروف الذي مهدت الطريق لتقتحم حياته...ما كان يظن يوما أنه يستطيع أن يسامح احدا وضعه برهاناً سخيف لبعض الدقائق....ولكنه الآن سامحها...يريد فقط أن يمنحها الأمان وينسج الصدق بينهما قبل أي شيء ...ليمر الحب على بساط الثقة ويشيد أسطورة عشقه بها...
ابتعد ببطء حتى يبدل ملابسه...
خرج بعد دقائق من حمام الغرفة الخاص وهو يجفف شعره وقد ارتدى ملابس مريحة رجالية من اللون الأسود....
وضع المنشفة على ظهر المقعد وتوجه للفراش بجانبها...اضطجع ببطء حتى لا يوقظها....نظر لوجهها النائم بابتسامة فاقترب إليـها واخذها بين ذراعيه برقة حتى فتحت عينيها قليلا وكادت أن تقل شيء فوضع اصبعه على شفتيها هامسا :-
_ بس...كملي نوم
ابتسمت وهي تغمض عينيها من جديد...كالطفلة التي اطمأنت لوجود والديها...وتشبثت بملابسه دون أن تدري...نظر ليديها على قلبه فابتسامة دافئة ثم قبل رأسها بخفة....وضع رأسه على الوسادة وهي بين ذراعيه برضا تام....
لم يكن ليرضى عن نفسه لو فعل ما يريده ونظرات الهلع بعينيها....
يشتاق وشوقه يجعله يقترب بحذر حتى ....ترضى
************
بهمس الليل....تملمت حميدة بفراشها وهي تتثاءب...لاحظت شيء جعلها تتعجب...قالت بصوت كسول :-
_ صاحية لحد دلوقتي ليه يا سمكة ؟!
مسحت سما عينيها من الدموع وقالت وهي تنهض من على الأريكة بقرب النافذة وتتوجه للفراش :-
_ مافيش يا حميدة ، نامي عشان ما تصحيش متأخر
اعتدلت حميدة وهي تفرك عينيها بثقل ثم نظرت لها وشعرت من صوتها بالحزن فقالت :- أنتي بتعيطي ؟!! حصل إيه !!
صمتت سما بدموع تنزلق من عينيها دون صوت حتى نهضت حميدة بقلق وتوجهت إليها مباشرة متساءلة :-
_ قوليلي بتعيطي ليه ومين زعلك ؟! آسر مش كده ؟!
اكدت الدموت المنهمرة من عين سما ظن حميدة فربتت حميدة على يديها قائلة :- مش قلتلك اتقلي عليه ؟
ابتلعت سما ريقها بصعوبة وقالت :- أنا مش عارفة عملتله ايه تاني !! بقاله يومين بيعاملني بطريقة وكأنه مش بيكره ادي...لما اعتذرلي قلت يمكن كان زعلان شوية وخلاص لكن رجع أسوء من الأول....
حميدة بدهشة :- أزاي ؟!!
أجابت سما ببكاء :- بقى بيزعقلي كتير ، مش طايق يسمع صوتي خالص ومش عايزني اكلمه ولا كلمة حتى لو قلتله صباح الخير بيضايق !! حتى لما كنا في فرح للي من ساعات...بيبصلي وكأني عدوة !! جيت اباركله سابني ومشي !!
نظرت سما لحميدة ببكاء وقالت :- انا عملت ايه يا حميدة عشان يعاملني كده ؟! بحاول افتكر مش لاقية سبب يوصله للدرجادي !!
قالت جميلة بضيق وهي تعتدل في فراشها :-
_ عشان بتجري وراه يا سمكة ، في نوعية ماينفعش معاهم الطريقة دي وعموما كل الرجالة كده اصلا ، هتجري وراه هيجري منك
هزت حميدة رأسها برفض وقالت بشك :- لأ....مش ده السبب ، في حاجة غريبة في الموضوع ده ، أنا فعلا شيفاه الفترة دي غريب وسرحان كتير ومضايق على طول....بس اللي مجنني اشمعنى سمكة اللي بيعاملها كده ؟!
نهضت رضوى بعدما استعمت لحديثهم وقالت بعدما تثائبت :-
_ بقولك ايه يا سمكة....جربي تغيبي كده يوم يومين وشوفي رد فعله ايه ، هيبان
ضيقت حميدة عينيها وقالت :- ساعات بتفهمي يابت ، مش هنخسر حاجة ، وهراقبهولك طول اليوم ونشوف....
قالت سما بحيرة :- مش عارفة....بس هغيب
***************
تألق شعاع الشمس لهذا الصباح...
طيلة الليل كانت تشعر بذراعيه المسجونة بينهما....السجن الوحيد الذي يعشقه القلب....لأول مرة تسبح غفوتها بعمق دون قلق أو اضطراب وكوابيس مرعبة... أنكمش حاجبيها عندما شعرت بالفراغ جانبها...فتحت عينيها ولم تجد سواها بالغرفة !!
اعتدلت ببطء وعينيها بالكاد تتفتح بسبب الضوء المطل من النافذة...نظرت بجميع الاتجاهات ولم تجده بل وكأنه رحل عنها !!
شعرت بشيء مؤلم غاص بقلبها وخوف مفاجئ....كانت ستركض لخارج الغرفة لولا هذا الرداء القصير الشبه عاري الذي ترتديه...
زفرت بحنق وتوجهت للخزانة تنتقي منها شيء مناسب حتى أخرجت رداء من الدانتيل بلون الخوخ يصل لبعد ركبتيهاوتوجهت للحمام سريعاً....
خرجت بعد دقائق ووقفت أمام المرآة تمشط شعرها ثم عقصته سريعا على شكل كورة أعلى رأسها بواسطة دبوس فضي لامع...
القت نظرة سريعة على مظهرها ثم خرجت من الغرفة وهبطت للأسفل...
**********
أمام المسبح....
وضع الخادم العجوز فنجان القهوة على الطاولة وقال :-
_ احضرلك الفطار دلوقتي ؟
وضع وجيه الجرنال من يده وأخذ فنجان القهوة قائلا :-
_ لما للي تصحى هنفطر سوا
كاد الرجل ان يبتعد حتى لمح وجيه للي تأتي من البعيد فقال مبتسما بتسلية :- خلاص حضره يا عم نعيم
اومأ الرجل العجوز بالموافقة وذهب وهو يغض البصر عن للي التي يبدو وأنها غاضبة من شيء....توجهت إليـه مباشرة واستمتع بالعصبية المطلة من عينيها وهو يعلم السبب...
وقفت للي امامه بإعتراض وقالت بغيظ :- قاعد بتشرب قهوة بمزاج وسايبني لوحدي و..
قطعت جملتها بإرتباك...تعرف أن ما تقوله يبدو تافهاً ولكنه حقا اغاظها
وضع وجيه فنجانه بنظرة ماكرة متسلية ثم نهض من مقعده ببطء ....بدا وسيما للغاية بملابسه الرياضية السوداء تلك...بدا أصغر بكثير من عمره !!
وقف امامها بابتسامة ماكرة حتى جذبها فجأة من خصرها إليه وقال بهمس :- في عروسة تزعق كده لعريسها ؟! مافيش حتى صباح الخير ؟!
ابتلعت ريقها بارتباك وحاولت التظاهر ببعض الثبات قائلة بغيظ :-
_ وهو يعني في عريس يسيب عروسته ويروح يفطر لوحده ؟!
اجاب بابتسامة :- انا بشرب قهوة لسه ما فطرتش...أنتي متعصبة كده لـيه؟!
قال جملته بمكر طل من حدقتيه فغضبت من نفسها أنها اتت من الاساس واظهرت ما يضيقها....قالت بتلعثم :-
_ يعني...أول يوم ليـا هنا والمكان غريب وكده
تساءل بخبث :- وأنا اللي بطمنك ؟
انتبهت لمكره وما يدفعها اليه...قالت بقوة وعصبية :-
_ لأ وانا غلطانة أني جيتلك
اتسعت ابتسامته وهو يراها تبتعد حتى لحقها وجذبها اليه بدفء قائلا بهمس:- مش هتكرر تاني
حاولت أن لا تبتسم وتظاهرت بالعصبية وهي تتملص من قبضته وتركض ولكنها تعثرت على حافة المسبح وسقطت به...نظر إليها بضحكة وقال :-
_ عشان تبقي تجري مني
كانت ستظل ضحكته لوقت أطول ولكنه رأها تضع يدها على فمها وتكتم صرخة ويبدو عليها الذعر وكأنها ترى شبحا مخيف!!
ظن انها لا تعرف السباحة فندم على مرحه حتى اندفع جسده بماء المسبح بحركات سريعة ورشيقة ليرفع جسدها للاعلى قائلا بقلق :-
_ في إيـه يا للي ؟!
كانت تنتفض وترتعش بشكل مخيف حتى سحبها من المياه لحافة المسبح مجددًا ورفعها لتجلس عليه...تشبثت للي حتى استطاعت الجلوس بجسد يرتجف ثم سقطت في اغمائة...
*********
بعد مضي فترة فتحت عينيها لتجد نفسها بالفراش بغرفته...وضع وجيه يديه على وجهها بقلق قائلا :- حصلك ايه ؟ فجأة اغمى عليكي !!
تذكرت ما حدث لها لتجهش فجأة في بكاء مرير....ضيق وجيه عينيه بدهشة وشك فيبدو أن الأمر ليس عاديًا...تساءل :-
_ بتعيطي ليـه ؟!!!
استطاعت تمالك نفسها قليلا ثم اجابت بصوت مخنوق :-
_ أنا بخاف من المية ، حسام السبب
وجيه بذهول :- عملك ايه ؟!
قالت وهي تنتفض من البكاء :-
_ كنت حامل في الشهر السادس وساعتها صمم ياخدني رحلة في نركب في البحر مع اصحابه ، كنت مرعوبة لأن دي مش عادته !!
فجأة لقيته مصمم أني انزل المية معاه !! اتحايلت عليه يسيبني لأني كنت تعبانة ماسمعنيش...ضربني كتير أوي لحد ما اغمى عليا ووقعت في المية...مافوقتش غير وانا في المستشفى لكن كنت خسرت ابني...كان بيدور على ابشع الطرق ويعذبني بيها...
دفنت رأسها بصدره باكية فضمها بقوة....حاولت السيطرة على غضبه اقلا امامها فتمتم :- الحيوان...ده اكيد مش طبيعي !! مافيش انسان يعمل كده الا لو كان مجنون !!
قالت للي وهي تبكي :- مريض نفسي واهلي سابوني ليه عشان خافوا منه ، كان كده مع كل اللي حواليـه بس أنا اكتر...عشان كان عارف أني بكرهه..
جذب رأسها لصدره بقوة قائلا بدفء :-
_ للي...الحيوان ده مايقدرش يقربلك بعد النهاردة ، لأنه عارف أن لو بس بصلك هتبقى نهايته ، أنا مش برحم اللي يجي على اللي مني ، عايزك تطمني ومتخافيش....
توقفت عن البكاء ببطء وتساءلت :- هو أنا منك ؟
نظر لعينيها بابتسامة حنونة وقال :- أنتي لسه شاكة ؟! ده انا اتجوزتك غصب عنك !
ابتسمت على مضض حتى ضمها مجددا وقال مقبل رأسها بحنان :-
_ أنا دلوقتي فهمت سبب شرطك وخوفك من القرب...واضح أنك شوفتي حاجات كتير منه ، وواضح أنك محتاجة تطمني الأول...
هزت رأسها بقوة وايجاب وهي تستمع لدقات قلبه فقال بتنهيدة :-
_ صدقيني...مهما صبرت عليكي...لو خيروني بين وجودك واني ارجع لوحدي قبل ما أعرفك....هختار شوكك يا وردتي
رفعت رأسها بصدمة ورددت :- وردتك ؟
هز رأسها بنظرة مبتسمة :- بالضبط
قال بذات الصدمة :- أنا ؟!!
ضيق عينيه بتفكير وأجاب :- مش بالضبط
عبست ملامحها لتتتسع ابتسامته قائلا بمشاكسة :- يلا عشان نفطر
نهض من الفراش قائلا :- هخلي الفطار يجي هنا أفضل
********
**بمكتب رعد **
ظل رعد ينظر لرضوى بمكر بينما هي بدأت العمل للتو لهذا الصباح...قال :-
_ انـا مسافر اليونان يا رضوى.....قريب
هبت رضوى واقفة من مقعدها وهتفت به :- انت بتقول إيه ؟!
اخفى ابتسامته بينما رمقها بخبث وتابع بتأثر :-
_ للأسف المسابقة اتقدم ميعادها ولازم أسافر ، كانت بعد خمس شهور وفجأة بقت بعد شهرين ، مش عارف حتى هحضر فرح يوسف وجاسر ولا لأ
ظهر على وجهها العبوس والضيق الشديد وجلست مرة أخرى ببطء ليتابع بتظاهر :-
_ مش دي المشكلة...المشكلة أن لازم أبقى متجوز...ده شرط من شروط المسابقة ، لازم يكون معايا مراتي ، ناس غريبة أوي !!
هبت واقفة مرة أخرى وهتفت بغضب :- متجوززز !!!
اخفى ضحكة كادت أن تفلت منه بسبب رد فعلها المضحك وقال :-
_ للأسف...هضطر غصب عني ادور على شريكة حياتي...
سقطت الأوراق من يدها بصدمة فنهض متوجها إليها...ود لو يأخذها بين ذراعيه ولكن هذا لا يصح...جثا والتقطت الأوراق المتفرقة على سجادة الأرض ثم وقف قائلا :-
_ مالك اتصدمتي كده ؟!
تلعثمت وابتلعت ريقها بغصة مريرة عالقة بحلقها وهي تأخذ الأوراق منه وقالت :- لأ ابداً مافيش...ربنا يوفقك
نهضت وكتمت شيء قاتل يطوف بداخلها....وقف امامها بحيرة...ايصرخ بها ويعترف بحبه أم يتمادى في خطته خوفا أن تصده ؟!!
قال بحدة :- اختاريلي أنتي العروسة
هربت بعينيها للأسفل...هزت رأسها بموافقة كي ينهي الحديث ولكنه لم يُنهيه...فقال:-
_ لو لقتيها قوليلها أني هخليها اسعد انسانة وهعمل كل اللي أقدر عليه عشان اسعدها..
هتفت به صارخة :- ما قولت طيب خلاص بقى !! لما الاقيها هقولك وابقى اقولها الكلام ده بنفسك...
رمقها بغضب ثم عاد لمكتبه وهو يكاد يلقي بكل شيء بوجهها علها تشعر به....
*************
أتى يوسف بعدما انهى مع احد المهندسين بعض الاستفسارات السريعة ليجد ذلك العميل السمج وهو يقف أمام مكتب حميدة....رمقته حميدة ببسمة خفية وهي تعلم ما يشعر بنفسه.....
اتى يوسف لمكتبها غاضبا وهتف :- انا حذرتك مليون مرة لكن اظاهر مافيش فايدة فيك وانا هكلم مدير الشركة اللي بتشتغل فيها ،لو سمحت اتفضل
شعر الرجل بالخوف والحرج وقال باعتذار :- أنا مش اقصد.. ده كان بس شيء مش فاهمة وجيت اسأل عليه...
هتف يوسف بغضب :- مش هكررها تاني ، انا مديلك كل التفاصيل ووجودك من غير داعي ده شيء سخيف ، شغلك بيوصلك لحد عندك اعملك ايه تاني ؟!
تأسف الرجل كثيرا ثم رحل ويبدو أنه لن يعود مجددا حتى لو استدعى العمل ذلك...قالت حميدة بشفقة :-
_ براحة يا يوسف مش كده !! انت مش سامع صوتك؟!!
اطرق يوسف على المكتب بحدة هاتفا :-
_واضح أنك بتنبسطي وانا متعصب وانا قايلك ما تتكلميش معاه تاني !
نظرت حميدة له بدهشة وقالت :- انا بنبسط وأنت متعصب ؟! مش هرد عليك يا يوسف...شكرًا
عادت للعمل بوجه عابس وبوجوم فنظر اليها بضيق وقال بانفعال:-
_ تبقي غلطانة وتعملي نفسك زعلانة !!
لم تجيبه وتابعت عملها فهتف بغيظ :- ما تردي عليا ؟!
نظرت له بضيق وقالت :- أرد اقولك ايه ؟!
اجاب بعصبية :- أي حاجة بس ما تسكتيش
تنهدت بدمعة تلألأ بعينيها وقالت :- عايزة اكمل شغلي بعد اذنك...
توجه لمكتبها بغيظ واقتلع اللاب توب من مكانه واغلقه....نهضت بعصبية وقالت :- ينفع كده ؟!!
ابتسم بمشاكسة وقال وهو يخفي الحاسوب خلف ظهره :-
_ آه ينفع ، لو فضلتي كده مش هتشتغلي النهاردة
قالت بنفاذ صبر :- هات اللاب يا يوسف خليني اشتغل
هز رأسه برفض وقال بندم :- ما تزعليش بقى انا أسف ، ما أنتي عارفة أني بغير عليكي ومش بطيق حد يبصلك ، انا بس اللي ابص لقطتي
نظرت له واخفت ابتسامة كادت أن تظهر ليقترب اليها بمكر قائلا:-
_ وربنا كنتي هتضحكي
قالت بسخرية :- قطتك ؟!!
قال بضحكة :- آه قطتي...قوليلي بحبك يا يوسف وأنا اديكي اللاب
قالت بابتسامة متحدية :- مش قايلة
اجابها بمرح :- وانا مش هخليكي تشتغلي
قالت بتحدي :- خليه معاك ، هروح اجيب اللاب بتاع سمكة اشتغل عليه ،هي اصلا غياب النهاردة...
تركته يقف ممتقع الوجه يرمقها بنظرات غيظ فابتسمت بمرح....
********
**بمكتب آسر**
ذرع آسر أرض المكتب ذهابا واياباً.....لما تأخرت إلى الآن ؟!!
تردد كثيرا أن يخرج ويسأل عنها أحد أصدقائها...سيبدو ملهوفا وهو يتجنب ذلك...دقت حميدة على باب المكتب فظن آسر أنها سما...
ابتسم براحة وقال وهو يجلس أمام مكتبه بتظاهر الجدية :-
_ اادخل
دلفت حميدة للمكتب وشغرت بفضول كبير لتعرف رد فعله لتغيب سما لهذا اليوم...ضيق عينيه عليها بدهشة وضيق فلاحظت حميدة ذلك ببعض التسلية...قالت حميدة وهي تشير للحاسوب :-
_ هاخد اللاب ده بعد أذنك...
قال آسر بتعجب :- سما هتيجي تشتغل عليه !!
اجابت حميدة بهدوء :- لأ هي غياب النهاردة ويمكن بكرة كمان مش عارفة
نهض آسر من مكانه بعصبية وهتف :- يعني ايه ؟! أزاي ما تقوليش أنها هتغيب ؟!
حميدة بحيرة واستغراب :- براحة ليه العصبية دي كلها !! ممكن يوسف ياخد مكانها مؤقتاً
صاح آسر بغضب :- كل واحد هنا ليـه شغل ماينفعش اخلي حد يسيب شغله بسبب حد تاني مش شايل مسؤولية وعنده لا مبالاة !!
تطلعت به حميدة بغيظ وقالت :- تقصد ايه ؟!
دلف يوسف لمكتب آسر وهتف :- بتزعق ليه تاني لحميدة يا آسر ، كده كتير اوي انا مش هستحمل اللي أنت بتعمله ده !! ، دي هتبقى مراتي يعني المفروض....
قاطعه آسر بأنفعال :- أنا مش بزعقلها هي ، أنا بزعق للي غابت من غير حتى ما تتصل وتقولي وانا اللي قاعد ومستني !!
ابتسمت حميدة بمكر ثم قالت ليوسف حتى يهدأ:-
_ ما زعقليش يا يوسف هو فعلا بيزعق عشان سمكة غابت
صاح آسر بعصبية :- لو سمحتي اتصليلي بسمكة....بسما
صحح ما قاله سريعا لتستأذن حميدة لبعض الدقائق حتى تجري اتصال....خرجت من المكتب وانفجرت من الضحك قائلة :-
_ حلاوتك يا سمكة ده انتي هتخليه يخبط دماغه في الحيط
تابع من هنا: جميع فصول رواية عاد لينتقم بقلم شيماء طارق
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا