مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص مع رواية رومانسية جديدة للكاتب المتألق عبد الرحمن أحمد الرداد و الذى سبق أن قدمنا له رواية طريق الدماء علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الخامس عشر من رواية كن ملاكى وهى الجزء الثانى من سلسلة عالم المافيا ولمتابعة الجزء الأول رواية بنت القلب
رواية كن ملاكى بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الخامس عشر
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية
رواية كن ملاكى بقلم عبد الرحمن أحمد - الفصل الخامس عشر
تابع من هنا: روايات زوجية جريئة
استيقظت مبكرا لتنفذ ما خططت له سابقا ، ارتدت ملابسها بسرعة ثم انطلقت إلى الشركة وما إن وصلت حتى اتجهت إلى أحد العاملين «سعيد» وأردفت :
- بقولك يا عم سعيد عايزاك تقفل التكييف بتاع مكتب نائل ومحدش يعرف نهائي ولو سألك قُل له إن فيه عطل وهيتصلح آخر اليوم .. تمام ؟
هز رأسه بالإيجاب وأردف :
- تمام يا ست ياسمين اللي تؤمري بيه
رحل وبقت هي وعلى وجهها ابتسامة واسعة فتلك الأيام الحرارة مرتفعة بشدة ولن يستطيع البقاء لأكثر من ساعة في مكتبه بدون هواء خاصة وأن المكتب ليس به مروحة والشركة تعتمد على مكيف الهواء فقط ، أسرعت إلى مكتبها قبل أن يحضر ويراها.
مرت دقائق وحضر «نائل» بصحبة «وحيد» ، كان العرق يغطي جبينه بكثافة وأسرع للمكتب حيث مكيف الهواء لكنه ليتفاجأ بسخونة هواء المكتب وقبل أن يدخل تأكد من خلو الأرض من المياه وما إن تأكد من ذلك تقدم إلى الداخل بحذر فهو يعلم أنها لن تتركه وستظل تفتعل المقالب حتى يرحل ، وصل إلى مكتبه ولم يجد أي شيء فتنفس بأريحية ونظر إلى الأعلى حيث مكيف الهواء فلم يجده يعمل فقرر الانتظار لدقائق وبالفعل انتظر لدقائق قضاهم في العمل ولم يعمل المكيف بعد ، ابتلت ملابسه بالعرق فنهض من مكانه وخرج متجهًا إلى الفني الخاص بالشركة وما إن وصل إليه حتى قال :
- بقولك ياعم سعيد هو التكييف مش شغال في المكتب عندي ليه ؟
تذكر «سعيد» طلب «ياسمين» منه فتوتر قليلا قبل أن يجيبه :
- التكييف بتاع المكتب يا نائل بيه عطلان وهيتعمله صيانة آخر النهار إن شاء الله
صمت قليلًا ولم يعرف ماذا يقول لكنه في النهاية قرر العودة إلى مكتبه ومتابعة العمل فهو طالما عمل تحت أشعة الشمس ولن يعيقه ذلك ، دلف إلى داخل المكتب وفتح النافذة ووجد الهواء ساخن للغاية فقام بإغلاقها مرة أخرى واتجه إلى الحاسوب الخاص به ليتابع العمل.
ظل يعمل لأكثر من ثلاث ساعات وابتل القميص الخاص به بالكامل بسبب العرق وأثناء اندماجه بالعمل رن الهاتف الخاص بمكتبه فرفع سماعته قائلًا :
- أيوة ؟
فوجئ بصوتها الذي يميزه عن آلاف الأصوات :
- عايزاك في مكتبي حالا
وأنهت المكالمة قبل حتى أن يجيبها لكنه لم يتعجب فهو اعتاد على طريقتها في المعاملة ، ترك ما بيده واتجه إلى مكتبها ودلف إلى الداخل بعدما أذنت له بالدخول ، اقترب من مكتبها وردد متسائلًا :
- افندم ! في حاجة ؟
رفعت بصرها ففوجئت بقميصه المبتل مما جعلها تقول ساخرة :
- ايه وقعت في مياه تاني النهارده ولا أيه
نظر إلى القميص ثم رفع رأسه ونظر إليها ليقول بابتسامة :
- لا دي مش مياه .. ده عرق
تجهمت تعابير وجهها وقالت بغضب :
- ايه القرف ده ! عرق؟ ومش مشغل التكييف ليه بدل ما أنت قارفنا بعرقك كدا
تمالك أعصابه فهو يعلم أنها المتسببة في عطل مكيف الهواء وأردف :
- التكييف عطلان للأسف وسألت سعيد قالي إن الصيانة بليل يعني القرف ده مش بمزاجي
شعرت بالسعادة داخلها لنجاح خطتها لكنها أخفت ذلك ومثلت شفقتها عليه قائلة :
- يا حرام زمانك مش عارف تشتغل والحر مبهدلك على الآخر ومخليك مش طايق نفسك ولا طايق الشركة
ابتسم ليثير غضبها وأجابها بسعادة :
- لا أبدا بالعكس أنا كنت بشيل رمل وزلط تحت الشمس في الشارع في عز الحر ومتعود على كدا جدا .. ده بالنسبالي الجو حلو جدا وبعدين كويس ده حتى التكييف بيجيب أمراض وكدا
نجح في إثارة غضبها فهي بعد أن كانت سعيدة شعرت بالضيق من كلامه وضغطت على أسنانها وهي تقول :
- اه طيب كويس ، قُل لي بقى ايه أخبار الموزعين اللي قلت عليهم والشركة الأمريكية ردت ولا لسة
جلس على الكرسي المقابل لها وأجابها :
- الموزعين نصهم اتعاقدنا معاهم خلاص والنص التاني هيتعاقدوا النهارده وبكرا إن شاء الله ، بعت كذا حد من الشركة وهيجيبولنا الأخبار الكويسة بكرا يعني موضوع الموزعين خلصان أما بقى عن الشركة الأمريكية فهم ردوا بس عندهم شرط وهو إن حد من الشركة اللي يسافر أمريكا يمضي معاهم مش هم اللي هيجوا
صمتت قليلًا بعد أن لوت شفتيها بتفكير واتخذت قرارها النهائي :
- خلاص ابعتلهم وقولهم إني هسافر على الأسبوع الجاي
قطب جبينه بتعجب وأردف :
- والشركة !! هتروحي وتسيبي الشركة لوحدها ؟
نظرت إلي بتعجب وقالت بتلقائية :
- لوحدها إزاي يعني امال أنت بتعمل ايه هنا ! أنت مش نائب رئيس مجلس الإدارة ! هتمسك إدارة الشركة عقبال ما أرجع
شعر بالسعادة لثقتها فيه وابتسم قائلًا :
- تمام خلاص هبعتلهم ايميل وأحدد معاهم ميعاد الأسبوع الجاي
ثم نهض من مكانه استعدادًا للرحيل وقال قبل أن يرحل :
- في حاجة تانية قبل ما أمشي !
هزت رأسها بالنفي وأجابته :
- لا روح أنت
رحل وبقت هي وعلى وجهها علامات الغضب فهو لم يستاء من عدم وجود مكيف الهواء ، عضت على شفتيها بقوة وابتسمت لتقول لنفسها :
- مش التكييف بيجيب أمراض ! أنا بقى هشغلهولك ومع العرق ده هتاخد دور برد يخلص عليك إن شاء الله
وبالفعل أسرعت واتجهت إلى «سعيد» وأردفت :
- شغل التكييف بتاع مكتب نائل ياعم سعيد
هز رأسه بالإيجاب وقال :
- اللي تؤمري بيه يا ست ياسمين
تابع عمله وأثناء كتابته على الحاسوب فوجئ بعمل المكيف فرفع حاجبيه بدهشة وهو يقول :
- معقولة صعبت عليها وقررت تشغل التكييف !!
***
فتح عينيه بصعوبة ونظر إلى سقف الغرفة بتعب شديد فتفاجأ بمن يمسك يده وسمع هذا الصوت الذي يعرفه جيدا :
- ابني حبيبي أنت كويس ! اجري يا رنة بلغي الدكتور إنه فاق
حضر الطبيب ومعه اللواء «أيمن» و «رماح ، فاطمة» ، اقترب الطبيب منه وردد متسائلًا :
- طيف أنت سامعني !! كام دول
استمع للصوت وكأنه بعيد للغاية عن أذنه وكأنه في عالم آخر وصوت الطبيب عبارة عن نداء يقتحم عالمه ، ظل على تلك الحالة كل ما يفعله هو النظر للسقف فقط فنظرت «أسماء» إلى الطبيب ورددت ببكاء :
- ابني ماله يا دكتور ؟ ابني ماله !
نظر إليها وحاول طمأنتها قائلًا :
- ماتقلقيش هو لسة بيفوق وهيفوق ويتكلم معانا دلوقتي
ثم نظر إليه وتابع :
- طيف انت سامعني ؟ تقدر تقولي كام دول !
بدأ عقله يستعب وجاب بنظره المكان وفجأة نظر إلى الطبيب وقال بضعف :
- ني..ران ، نير..ان فين ؟
لم يجبه الطبيب وكرر سؤاله :
- طيف أنت شايفني ! أنت حاسس بينا ؟
بدأت تلك الذكريات تقتحم عقله وتذكر هؤلاء الرجال الذين اختطفوا زوجته أمام عينه ولم يستطع الدفاع عنها فصرخ بصوت مرتفع :
- نيراااان ... نيرااان لااااا ، فين نيرااان .. اااااه
تسارعت دقات قلب والدته وزاد بكائها على حال ولدها بينما أسرع الطبيب وصاح قائلًا :
- الحقنة المنومة بسرعة
نفذت الممرضة طلبه وأعدت الحقنة المنومة له ، ازداد صراخ «طيف» وتشنج جسده بالكامل وسط رعب الجميع وحزنهم ، تقدم الطبيب وأعطاه الحقنة وحاول أن يثبته حتى ينام وبالفعل لم يمر وقت وبدأ جسده يهدأ وينخفض صراخه حتى هدأ تمامًا
نظرت «أسماء» إلى الطبيب وقالت باكية :
- ابني ماله يا دكتور رد عليا
ربت «أيمن» على كتفها وعاود سؤال زوجته على الطبيب :
- طمني يا دكتور ايه اللي حصله
أجابه الطبيب بحزن :
- هو حالته مستقرة بس اللي حصل معاه قبل ما يفقد الوعي عمله صدمة كبيرة وده اللي خلاه في حالة هيجان وتشنج كدا ، أنا اديته حقنة منومة ولما يفوق إن شاء الله يستوعب اللي حصل ومايحصلش معاه كدا تاني ، أستأذنكم
رحل الطبيب وبقى الجميع في حالة صدمة وحزن شديدين ، ساد الصمت في المكان إلى أن تحدث رماح :
- بعد إذن سعادتك هنتصرف ازاى وهنعمل ايه؟ طيف بقاله أسبوع فاقد الوعي بعد اللي حصل واديه فاق النهاردة لكن نيران مالهاش أثر نهائي ! ده غير فهد اللي برضه اختفى ومالهوش أثر
سلط نظره على نقطة بالفراغ ولم يعرف ماذا يفعل ، للمرة الأولى يشعر بالعجز هكذا ...
***
أخبر «زين» اللواء «كامل» بكل شيء والذي قام بدوره بجمع رجاله بمكتبه لإنهاء هذا الأمر ، وجه بصره باتجاه الرائد «هادي» وأردف :
- أنت يا هادي والقوة بتاعتك هتقتحموا الشركة وتجيب كل الكلاب دول ، كلهم بلا استثناء واللي تلاقيه مش موجود تقلب عليه الدنيا وتجيبه مفهوم
أجابه بثقة :
- تمام يا فندم
ثم وجه بصره باتجاه الرائد «محمد» وتابع :
- وأنت يا محمد أنت وقوتك هتروحوا على كل الصيدليات التابعة للشركة دي وتقبض على كل اللي شغالين فين وتشمعها
هز رأسه بالإيجاب ليقول :
- تمام سعادتك
وأخيرا وجه بصره باتجاه الرائد «زين» وأردف :
- أما أنت يا زين هتروح على المخازن وده خطر جدا لأن احتمال يحصل اشتباك لأن المخازن دي مليون في المية فيها المخدرات ، لازم تاخد بالك جدا وخد معاك رجال القوات الخاصة
أومأ رأسه بالإيجاب ليقول بحماس :
- تمام سعادتك كل حاجة هتتم على خير إن شاء الله
هز رأسه ورمقهم جميعًا قبل أن يقول جملته الختامية :
- تقدروا تتحركوا دلوقتي .. ربنا معاكم يا أبطال
***
نظرت يمينها ويسارها قبل أن تتابع طريقها إلى أن وصلت إلى صيدلية كبيرة وقبل أن تدخل راقبت المكان من حولها لتتأكد من عدم مراقبة أحد لها وما إن تأكدت من ذلك حتى دلفت إلى الداخل ودست يدها بداخل حقيبتها وأخرجت مبلغ ضخم من النقود ومدت يدها به إلى الطبيب الذي نظر إلى الخارج ليتأكد من عدم وجود أحد وما إن تأكد حتى دس يده بجيب بنطاله وأخرج علبة صغيرة بها حبوب ممنوعة ومد يده بها إليها وقبل أن تضعها بحقيبتها اقتحمت الشرطة المكان وهتف الرائد «محمد» :
- اقفي عندك أنتِ وهو ، فتشوا المكان كله
وتقدم هو بابتسامة قبل أن يسحب من يدها العلبة الصغيرة ويرى ما بداخلها ، فتحها وابتسم ووجه بصره إليها قائلًا :
- اوبااا حبوب وبرشام .. مخدرات يا قطة ؟
تلجلجت «هايدي» في الحديث :
- أنا .. أنا
صرخ فيها بغضب لكي تكف عن الحديث :
- أنتِ تخرسي خالص لأن حظك فل إنك تيجي في اليوم اللي نقبض فيه على الحلو وزمايله
ثم رفع بصره ووجه الحديث إلى الطبيب :
- ولا ايه يا دكتور !!
ظهر الخوف والتوتر على وجهه بنسبة مرتفعة وردد :
- ولا ايه! أنا مش فاهم حاجة يا باشا ممكن تفهمني وليه كل القوة دي
ضحك وتقدم إلى الداخل بخطوات متمهلة ليزيد الرعب والقلق في قلبه وتوقف فجأة ليقول :
- أحب أبشرك إن الصيدلية دي وكل الصيدليات اللي تبع شركة "..." هتتشمع وكل اللي شغالين هيتسجنوا بتهمة الإتجار في المخدرات والشركة اللي مظبطاكوا وقعت خلاص
اتسعت حدقتيه بصدمة كبيرة فهو لم يتوقع حدوث مثل هذا الأمر فردد «محمد» بإبتسامة :
- مصدوم صح !! ماكنتش تتوقع إنكم تقعوا بالسهولة دي ! يلا قدامي ..
***
اقتحمت قوات الشرطة الشركة وانتشروا بداخلها قبل أن يدخل الرائد «هادي» ويقتحم المكتب الخاص بمدير الشركة مما جعله ينهض من مكانه ويرمقهم بتعجب قبل أن يصرخ فيهم بغضب :
- أنتوا ازاي تدخلوا الشركة ومكتبي كدا ! أنتوا مش عارفين أنا مين ولا ايه أنا ...
قاطعه «هادي» الذي اتسعت عينيه وهو يقول بغضب :
- أنت ماأسمعش صوتك .. أنت مطلوب القبض عليك أنت وكل إدارة الشركة بأمر من النائب العام شخصيًا ، يلا بقى من غير شوشرة اتفضل قدامي
لم يجد مجال للدفاع عن نفسه فهذا قرار من النائب العام ويبدو أن أمرهم قد كُشف ، بالفعل تم القبض على إدارة الشركة بأكملها وفتح تحقيق مع جميع الموظفين
***
وصلت قوات الشرطة بقيادة «زين» إلى المكان المخصص للمخازن والذي كان في مكان أشبه بالصحراء مما جعل الوضع صعبًا ، خرج من السيارة وتقدم بضع خطوات ليراقب الوضع قبل اقتحام المكان حتى لا يتسبب بخسائر في الأرواح وبالفعل وجد ما كان يتوقعه حيث كانت المخازن محمية بالكثير من المسلحين المستعدين لأى هجوم وكأن أحدًا ما أبلغهم بالأمر فتراجع زين ووجه بصره إلى «طارق» قائلًا :
- مش هينفع نهجم .. لازم نحاصرهم الأول ونطلب منهم يسلموا نفسهم ولو رفضوا هنشتبك معاهم
هز رأسه بالإيجاب وقبض على سلاحه بقوة قائلًا :
- تمام سعادتك
بالفعل أشار «زين» إلى الرجال وتم محاصرة المكان بأكمله وهنا خرج زين وهتف بصوت مرتفع :
- كله يرمي سلاحه ويسلم نفسه .. المكان كله متحاصر ، متحاولوش تشتبكوا علشان هتخسروا وكل اللي شغالين لحسابهم اتقبض عليهم يعني مفيش فايدة من المقاومة
تقدم قائدهم ورفع سلاحه استعدادًا لإطلاق النار فأسرع زين واختبأ خلف الصخرة قبل أن يطلق هذا الرجل الرصاص ليعلن رفضهم التام لاقتحام الشرطة المكان ، أمسك «زين» جهاز اللاسلكي وهتف قائلًا :
- القوة تشتبك يا طارق .. القوة تتعامل
وبالفعل بدأت قوات الشرطة في التقدم وتبادلوا إطلاق الرصاص بغزارة وقفز زين إلى الصخرة المجاورة وأخذها حماية له ثم أشهر سلاحه الرشاش وأطلق الرصاص على المسلحين الموجودين أمامه وقتل منهم شخصين ، وجد من يطلق الرصاص في الأعلى فتحرك وهو منخفض الرأس حتى لا يظهر أمامهم وأطلق النار ليقتل هذا المسلح وأخيرا خرج ودخل في مرمى إطلاق النار وتقدم بقلب شجاع كالأسد وأطلق الرصاص من سلاحه في كل مكان ومعه رجال الشرطة الذين انتشروا في كل مكان وقضوا عليهم جميعًا عدا ثلاثة أشخاص ألقوا أسلحتهم واعلنوا استسلامهم ، تقدمت قوات الشرطة وألقت القبض عليهم قبل أن تقتحم المكان بقيادة «زين» الذي تنفس بأريحية وهو يقول :
- وأخيرا خلصنا من الكابوس ده ...
***
انتهى الوقت المحدد للعمل لكن «ياسمين» بقت لنصف ساعة إضافية حتى تنهي بعض الأعمال وما إن انتهت حتى أخذت كل متعلقاتها ورحلت ، مرت أمام مكتب «نائل» وقررت رؤية إذا كان قد رحل أم مازال بالداخل وبالفعل فتحت باب المكتب دون حتى أن تطرق عليه فتفاجأت به يعمل ولم يرحل حتى الآن ، انتبه لوجودها ووقف وهو يقول :
-أنسة ياسمين ! أنتِ لسة موجودة ؟ أنا افتكرتك روحتِ
هزت رأسها بالنفي وأجابته :
- لا كان في شوية شغل كدا كنت بخلصهم .. وأنت مش هتروح ولا ايه
أشار إلى الحاسوب الخاص به وردد :
- في شغل كتير وعايز أخلصه .. كام شركة كدا بكلمهم وبعمل كام حاجة تانية هقدملك عنها تقرير بكرا ، يعني قدامي نص ساعة كدا وأمشي
تعجبت من نشاطه واهتمامه بالعمل وفكرت هل ظلمته بالحكم عليه ؟ وانتهى تفكيرها بأنه يقوم بأداء واجبه ولا يفعل المستحيل ، وجهت بصرها إليه وأردفت :
- تمام كمل أنت وأنا همشي
رحلت وبقى هو يتابع عمله المتبقي وبالفعل انتهى في غضون نصف ساعة ووقف ليفرد ذراعيه في الهواء قبل أن يرحل تاركًا الشركة ، سار لمسافة ليست طويلة حتى يركب سيارة ميكروباص ويعود إلى منزله لكنه تذكر نسيانه لمفاتيحه الخاصة بمكتبه في الشركة فضرب ببطن يده مقدمة رأسه وأردف :
- اخ نسيت المفتاح ..
نظر إلى الطريق من خلفه فوجد المسافة ليست بعيدة وقرر العودة ليجلبها ، بالفعل عاد إلى الشركة مرة أخرى وأحضر مفاتيحه وأثناء خروجه من المكتب لاحظ انبعاث الضوء من أسفل باب مكتب «ياسمين» فضم حاجبيه وهو يقول متسائلًا لنفسه :
- ايه ده هي رجعت تاني ولا ايه!
اتجه إلى المكتب بخطوات متمهلة حتى وصل إليه وفتحه على الفور ونسى أن يطرق الباب ففوجئ بشقيقه «يوسف» أمامه وكان يجلس أمام الحاسوب الخاص بـ «ياسمين» ، اتسعت حدقتيه بعدم تصديق وأردف بغضب :
- أنت بتعمل ايه في المكتب هنا
نهض «يوسف» من مكانه وصاح هو الآخر :
- أنت اللي بتعمل ايه مش المفروض وقت الشغل خلص ولا ايه ياابن الشغالة !
تمالك «نائل» أعصابه وتقدم حتى وصل إليه وأشار إلى الباب قائلًا :
- شايف الباب ده !! اخرج منه دلوقتي بدل ما أندمك على كل كلمة قولتها في حق أمي
ضحك باستهزاء عليه وأردف بوقاحة :
- لو في حد هيخرج من الباب ده فهو أنت ، ده مكتب خطيبتي ومالكش دعوة وماتتدخلش في حاجة ماتخصكش ولا شوفت نفسك بعد ما زين عينك نائب رئيس مجلس الإدارة
لم يسمح له البقاء أكثر من ذلك وجذبه من يده بقوة فأوقعه أرضا ورمقه بأعين مشتعلة وهو يقول بغضب :
- خطيبتك مش موجودة يبقى مفيش سبب لوجودك علشانه .. تاني حاجة أنا ماشوفتش نفسي لأني مش زيك .. تالت حاجة أخرج من المكتب دلوقتي بدل ما أخرجك غصب عنك
نهض «يوسف» وعدل من وضعية ملابسه قبل أن يتقدم منه وهو يقول :
- وحياه الشغالة أمك لأدفنك في مكانك
وأخرج سكين "مطواه" من جيب بنطاله دون أن يلاحظ «نائل» ، نظر إلى عينيه بتحذير وغضب فبادله «نائل» نفس النظرات وهو يقول :
- أنا اتربيت على شيل الرمل والزلط وعضمي أنشف منك فلو فيه حد هيتدفن هنا فهو أنت
أثارت تلك الجملة غضبه كثيرا مما دفعه لإشهار السكين ودفعها بقوة في اتجاه جسده فاخترقت بطنه وسحبها مرة أخرى ، تفاجأ «نائل» بما حدث ونظر إلى جرحه فوجد الدماء تخرج بغزارة .. وضع يده عليها وشعر بالدوار قبل أن يسقط مغشيًا عليه.
نظر «يوسف» إلى السكين التي بيده ولم يصدق أنه ارتكب تلك الجريمة في هذا الوقت ، توقف عقله عن التفكير ونظر إلى «نائل» الذي وقع أمامه على الأرض وغطت الدماء ملابسه بالكامل ، حاول التقاط أنفاسه بدرجة طبيعية كي يستطيع التفكير ونجح في ذلك ، كل ما شغل باله هو كيفيه إخفاء جثة أخيه قبل أن يكتشفها أحد ، ألقى بالسكين ثم مال عليه ليتأكد من وفاته ففوجئ أنه على قيد الحياة ومازال يتنفس ، نظر إلى السكين وفكر في سحبها وإنهاء ما بدأه حتى لا يُكشف أمره وبالفعل أمسك السكين ورفع يده استعدادًا لطعنه مرة أخرى و ....
تابع من هنا: جميع فصول رواية كن ملاكى بقلم عبد الرحمن أحمد
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا