رواية راسين فى الحلال بقلم منال سالم - الفصل الثانى عشر
إقرأ أيضا: حدوتة رومانسية
رواية راسين فى الحلال بقلم منال سالم - الفصل الثانى عشر
لم يصدق رامي عينيه حينما رأى تلك الشابة – الدائم الصدام معها – تقف على جانب الطريق وتشير لسيارة الأجرة ..
أوقف هو سيارته ، وإلتفت برأسه للخلف ليتأكد من صحة ما رأه ، وبالفعل كانت هي بعنجهيتها وكبريائها الزائد تقف مستقيمة الجسد ، وتهز إحدى ساقيها بعصبية ، وعاقدة لساعديها أمام صدرها .. ويتدلى من كتفها حقيبتها الصغيرة .. وعلى بعد عدة أمتـــار منها ، كانت هناك سيارة أجرة ، مفتوحة الغطاء الأمامي ، ومنحني عليها سائقها ..
أدار هو محرك السيارة ، ثم عاود أدراجه بها للخلف إلى أن وقف بجوار عاليا ، ورسم على وجهه إبتسامة بلهاء ، ثم أنزل زجاج النافذة الأمامية ، ونظر لها متفحصاً إياها ، وأردف بـ :
-إمتى ربنا يتوب علينا من لسانك ده
إرتسمت علامات الدهشة على قسمات وجهها ، وضيقت عينيها لتنظر إلى ذاك الغريب الذي يحدثها بوقاحة ، وفغرت ثغرها في ذهـــول حينما عرفته على الفور ..
استمـــر رامي في الإبتسام لها ، وتابع بسخرية بـ :
-إبقي قابليني لو حد عبرك
إحتقن وجهها سريعاً بالدمـــاء الغاضبة ، وإزدادت حمرة وجنيها ، وصرت على أسنانها وهي ترد عليه بإنفعال بـ :
-وإنت مالك إنت ؟ حد طلب منك حاجة
ثم أشاحت بيدها في الهواء وهي تنذره بعصبية بـ :
-وإتفضل بقى من هنا بدل ما أطول لساني أكتر عليك
-يعني أنا غلطان إني وقفتلك أشوف مالك ؟!
حدجته هي بنظراتها الحادة ، وهي تجيبه بصرامة بـ :
-ميخصكش
-تصدقي بالله ، أحسن حاجة إن الواحد يسيبك في الشارع المقطوع ده لوحدك ، ســـلام
لوت هي شفتيها في عدم إكتراث ، وأجابته بنزق بـ :
-يالا بالسلامة
إغتاظ رامي من ردها الفظ عليه ، فأدار محرك سيارته ، وتحرك بهـــا مبتعداً عدة أمتار للأمــام ، ولكنه شعر بتأنيب الضمير ، وبالحيرة في أمره ، فهو عادة لا يتصرف بمثل تلك الطريقة مع أي فتاة ، ولكن الحـــال مع تلك الشابة مختلف تماماً ...
زفر هو في ضيق ، وحدث نفسه بعتاب بـ :
-حتى لو هي متنيلة على عين اللي جابوها ، مايصحش برضوه أسيبها في الحتة دي ، افرض حد طلع عليها ولا حصلها حاجة ، اشيل أنا ذنبها
...............
كانت عاليا عابسة الوجه وهي تتابع إبتعاد رامي عنها ، فزمت شفتيها في ضيق ، وحدثت نفسها بنرفزة بـ :
-إنسان بارد معندوش دم ، جاي بس عشان يتريق عليا ويخرجني عن شعوري .. اليوم قفل بوشه الصراحة !!!
أدارت رأسها للجانبين من أجل متابعة حركة سير السيارات ، ولكن كان الطريق شبه خالي من المـــارة وكذلك من سيارات الأجرة .. فتنهدت في إرهـــاق ، وتابعت بحنق بـ :
-أعوذو بالله ، مافيش بني آدم يوحد ربنا هنا
....................
تراجع رامي بالسيارة للخلف ، وأوقفها على مقربة من عاليا ، ثم حدثها بصوت جاف بـ :
-تعالي إركبي
زفــــرت هي بصوت مرتفع ، وأشاحت بوجهها بعيداً عنه ، فضرب هو على بوق السيارة لتنتبه له ، وأعـــاد تكرار جملته الأخيرة بصرامة ، فرمقته هي بنظرات جادة قبل أن تصيح بحزم :
-في ايه ؟ ما تمشي بقى ، هو إنت إيييييه لازقة ...!
-يا ستي لا لازقة ولا غيره ، أنا بس هاطلعك على أول الشارع وبعد كده إنزلي
زمت شفتيها أكثر ، وقطبت جبينها ، وإستدارت برأسها لجانب الطريق ، ونطقت بجدية بـ :
-متشكرة ، مش عاوزة منك حاجة
تنهدت رامي في إنهاك ، وأخفض رأسه في يأس ، ثم حدث نفسه بخفوت بـ :
-باين عليها مش هاتجيبها لبر ، دماغها ناشفة طحن
أخـــذ هو نفساً مطولاً ، وزفره على مهل ، وقال بهدوء حذر :
-ماينفعش تقفي في الحتة المقطوعة دي لوحدك
-والله ده شيء يخصني
قالتها عاليا بحدة وهي تسير مبتعدة للخلف ، ولكنها تعثرت في ذيل فستانها ، فإلتفت ساقيها على بعضهما البعض ، وسقطت على وجهها وهي تحاول السير ..
-آآآآآه
إندفع رامي خــــارج سيارته حينما رأها تسقط ، وركض في اتجاهها ..
كانت هي مستندة بكفيها على الأرضية الإسفلتية ، وتحاول حل ذيل الفستان من كعب الحذاء ، فمـــد يده ناحيتها ليساعدها ، ولكنها إنتفضت فزعة منه ، وأشـــارت بكفها في وجهه ، ونهرته بحدة وهي تنظر له بحنق بـ :
-إياك تلمسني ، هاصوت وألم عليك الناس
-ألمسك ايه بس ، ده أنا جاي أساعدك بس ، مافيش في غرضي حاجة
لم تهتم هي بما قاله ، بل أضافت بنفس النبرة الحانقة :
-كلكم ما بتصدقوا ، فرصة وتستغلوها
إستشاط هو غيظاً ، ولوح بذراعيه في الهواء أمامها ، وأردف بنبرة منزعجة بـ :
-يا شيخة حرام عليكي ، أنا كل ما أنوي خير معاكي تقلبي على طول
تمكنت عاليا من النهوض ، وضربت كفيها ببعضهما البعض لتنظفهما ، ثم إنحنت للأمـــام بجسدها لتنفض عن فستانها الغبار العالق به ، وقالت له بإندفاع :
-عشان الرجالة اللي زيك كدابين
-استغفر الله العظيم ، برضوه بتغلطي فيا ، وأنا ساكتلك أهوو
نظرت هي له بنظرات غير مبالية ، وقالت بتحدي :
-ولا تقدر تعمل حاجة
أخــــذ هو نفساً عميقاً ، ونفخه بضيق جلي ، ثم صــر على أسنانه وهو يخبرها بسخط بـ :
-لا هأعمل ولا أنيل ، تعالي أوصلك على أول الشارع وبعد كده انتي من سكة وأنا من سكة
وضعت هي يدها في منتصف خصرها ، ونظرت له شزراً وهي تلوي فمها ثم هتفت بغلظة :
-ليه إن شاء الله ؟؟؟
حدثها رامي بإستياء وهو يضرب كفيه ببعضهما البعض بـ :
-طب قوليلي أتصرف إزاي بالطريقة اللي ترضيكي ، أنا جالي إحباط من إسلوبك ده
زفــــرت هي لأكثر من مرة ، ووضعت إصبعيها على طرف ذقنها لتفكر فيما قاله لها..
بينما راقبها هو بنظرات متفرسة دارسة كل تفصيلة فيها .. وحدث نفسه بخفوت شديد بـ :
-معرفش إيه اللي فيكي غريب عن بقية البنات العدلة !!
أدارت عاليا رأسها في اتجاهه ، ولاحظت تلك النظرات الغريبة التي رمقها بها ، فتنحنحت بصوت قوي ، وحدجته بنظرات محذرة ، ثم قالت بصوت جـــاد وهي تشير بيدها أمام وجهه :
-إييييه ، عينك !
إبتسم هو لها إبتسامة سخيفة ، وأخفض عينيه عنها ، وقال بصوت خشن :
-إحم ، سوري .. ها قولتي إيه ؟
نفخت هي في ضيق ، ثم قالت بإستسلام :
-ماشي ، أنا موافقة
تنهـــد هو بصوت مسموع في إرتياح ، ثم أردف متحمساً بـ :
-أخيراً .. الحمدلله يا رب
أشـــارت هي بإصبعها محذرة قبل أن تتحرك في اتجاه السيارة بـ:
-بس تقعد محترم ، مش عاوزة قلة أدب
رمقها هو بنظرات مستغربة ، وقال مازحاً وهو يضع كفيه على بطنه :
-يا ستي هاربط الحزام وأشده أوي على بطني ..!
لوت هي ثغرها للجانب في إستهزاء منه ، ثم أردفت ساخرة وهي ترمقه بنظرات جامدة بـ :
-هــه .. خفة !!!
تحرك كلاهما في إتجاه السيارة ، وأســرع رامي بالإمساك بالمقبض ليفتح لها الباب ، فنظرت هي له بنظرات مستفزة ، فبادلها هو النظرات الدافئة ، وأشــار لها بعينيه وهو يتابع بـ :
-اتفضلي يا ست الكل ..!
-طب بص على أدك !
قالتها عاليا محذرة بشراسة وهي تركب السيارة وتجمع ذيل فستانها للداخل ..
أغلق رامي الباب خلفها ، ثم نطق متهكماً بخفوت بـ :
-أبص على أدي .. لا إله إلا الله ، أنا ماشوفتش كده في حياتي ...!
.....................................
بالقرب من الكافيه ،،،،
خرجت رانيا وبصحبتها نشوى من الكافيه بعد أن إنتهيتا من تناول المشروبات بداخله ، ولكن تسمرت الأولى في مكانها ، وأسرعت بإمساك نشوى من مرفقها، وأردفت بتلهف بـ :
-إستني يا نوشا ...!
إرتسمت علامات الحيرة على وجه نشوى ، ونظرت إليها بتعجب ، ورفعت حاجبيها في استغراب ، ثم تسائلت بجدية مفرطة بـ :
-في ايه يا رانيا ؟ خضتيني
أشـــــارت رانيا بعينيها إلى مكان ما وهي تقول بحماس جلي :
-بصي هناك كده ، شايفة اللي أنا شايفاه
-أنا مش شايفة حاجة
عضت رانيا على شفتيها من الغيظ ، ونظرت إلى رفيقتها بسخط ، وأردفت بصوت شبه منفعل بـ :
-يا بنتي إنتي اتعميتي ، مش ده آيـــاز
جابت نشوى ببصرها المكان ، وحـــاولت أن تبحث عنه وهي تنطق بجموح بـ :
-آياز !! فينه ؟
أشــــارت لها رانيا برأسها حيث يتواجد ، وتشدقت بـ :
-هناك أهوو
نظرت نشوى حولها بحيرة ، وأردفت يائسة بـ :
-أنا مش شايفة حاجة
أمسكت رانيا برأس رفيقتها ، ووجهتها حيث تنظر ، ثم قالت بحسم :
-يا بت قدامك أهوو ، قاعد جوا البنك
حدقت نشوى في آيــــاز الذي كان ممسكاً بمجلة ما بيده ، ثم هتفت بنبرة والهة بـ :
-آآه صحيح
صمتت كلتاهما للحظات لتراقبا إياه ، ثم إلتفت نشوى برأسها نحو رانيا ، ونظرت إليها بتمعن ، وقالت بنبرة ماكرة :
-يخربيتك عينيكي ، انتي عرفتي تشوفيه إزاي ؟
حدجتها رانيا بنظرات محتقنة ، ثم سلطت عينيها على آيــــاز ، وقالت بسخط :
-الله أكبر عليكي
ثم ضيقت عينيها أكثر لتنبعث منهما نظرات لئيمة ، وأضافت بمكر ووعيد :
-هو أنا هاسيبه يفلت من إيدي ، ده أنا وراه والزمن طويل .......................... !!!
تابع من هنا: جميع فصول رواية عاد لينتقم بقلم شيماء طارق
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا