مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع أحدث رواية للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع رواية رومانسية تتسم بالواقعية ذات طابع إجتماعى مميز مع الفصل الثالث من رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني
رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الثالث
تابع أيضا: قصص رومانسية جريئة
رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الثالث
يعمل بمزاج سئ منذ الصباح لقد غضبت أمه كثيرا برفضه تلك العروس التى تراها مناسبة له ، لكنه لن يجازف بحياة الصغيرة سما ، لقد اعتاد وحدته ويكتفى بها ، لم ير امرأة حتى الآن تدفعه للتخلص من هدوء حياته الذى يتمتع به بصحبة تلك الصغيرة التى تركتها أخته الوحيدة .
لقد عاش عمره الماضى يرعى أخته وسيعيش عمره القادم يرعى ابنتها هكذا أخبر أمه عدة مرات صباح اليوم وكأنه يريد حفظه داخله .
تراءت أمام عينيه صورة أمه الغاضبة صباحا ليزفر بضيق ويستقيم واقفا صارخا : رجب هات لى قهوة .
بعد لحظة من شروده مجددا لاحظ شخص ما يرتدى نقابا ويدخل المنزل بخطوات سريعة مضطربة ليهرول فى أثره وما إن رآه رجب حتى أسرع خلفه فى هلع .
تقدم من مدخل البناية ليتحدث بصوت نبرته محذرة : اقف عندك .
توقف هذا الشخص ليلحق به رجب : فى إيه يا اسطى ؟ من امته بتدخل بيوت الناس ؟
أشار سعفان نحو شكوكه المتجسدة : مين ده ولا دى ؟
اقترب رجب هامسا : دى الست برلنت يا اسطى مرات الاستاذ ماهر
نظر لها بتشكك : ست مين هو فى ست طويلة كده ولا بتمشى كده ؟ ومفيش فى البيت ست منتقبة من اساسه .
تبع حديثه بالتقدم خطوة ليمسك مؤخرة ملابس هذا الصامت أمامه والذى يرى صمته دليلا على اتهامه بل ويرى محاولة للهروب منه تدفعه للإمساك بهذا المتخفى الغامض .
حاول رجب الوقوف بينهما لتحول ضآلة بدنه دون ذلك ، امتد ذراع سعفان ممسكا بكتفها لتنتفض وتواجهه وقبل أن تنفض يمناه كانت يسراه ترفع النقاب عن وجهها لتتسع ثلاثة أزواج من العيون لصدمة مختلفة الأسباب .
انتفض مبتعدا بمجرد تحققه من شخصيتها كما انتفضت على أثر الفزع بعينيه هاربة إلى سجنها المؤبد والذى حكم عليها أبيها بقضاء ما بقى من عمرها فيه منذ قليل .
هرول سعفان خارجا وكأن الشياطين تطارده ليتبعه صبيه ، ألقى بدنه فوق المقعد وعينيه ترتفع تلقائيا للشرفة التى رآها فيها مسبقا ،
أهذه نفس المرأة !!
أى مختل يفعل هذا !!
اقترب رجب هامسا : بتلبسه لما جوزها بيضربها يا اسطى .. خلينا فى حالنا الله يرضى عليك ده راجل سو .
أومأ بصمت ليبتعد رجب ليحضر له القهوة علها تغير من مزاجه المضطرب قليلا بينما أغمض عينيه يصارع تلك الصورة البغيضة التى كره عينيه لرؤيتها .
****
أغلقت الباب وارتمت فوقه ، تجمدت دموعها ، تلك النظرات تشبه نظرات أبيها حين رآها صباحا .
انهارت جالسة تنظر حولها بفزع ، حين أفاقت هذا الصباح كانت وحيدة بالمنزل ، غادر ببساطة تاركها محطمة خلفه وكأنها كومة من قذارة .
هل هذا هو الرجل الذى يطمئن أبيها لزواجها به ؟
تحاملت على نفسها حتى أزالت أثره عنها قبل أن تترك المنزل عازمة على عدم العودة لهذا المنحط الذى لا يرى من زواجه منها إلا حقه فيها .
نظرات أبيها !!!
لقد كانت فزعة تماما لحظة رؤيتها لكن سرعان ما زال الفزع ليحتل الغضب مكانه بمجرد أن أخبرته برغبتها فى الطلاق .
عودة للوراء
انتفض حسين مبتعدا عنها : طلاق إيه يا برلنت انت اتجننتى ؟
نالت نصيبها من الفزع : اتجننت !! بابا انت شايف عامل فيا ايه ؟؟ انا مش زوجة يا بابا انا جارية عنده
عاد يجلس بجوارها : ماتكبريش الموضوع يا برلنت .. بتحصل يابنتى .. رجالة كتير بيضربوا حريمهم لو كل واحدة جوزها ضربها طلبت الطلاق البلد كلها هتطلق
غامت عينيها : يعنى إيه يا بابا ؟ هتقبل لى العيشة دى ؟
فرك حسين وجهه مستغفرا : يا حبيبتي افهمينى ..انت ليك ظروف خاصة ، انت مضطرة ..
انتفضت برلنت تقاطعه : مضطرة ليه ؟؟ علشان معيوبة مش كده ؟؟ لما انت ابويا بتقول كده يبقى ليه حق يبيع ويشترى فيا .
لحق بها حسين : يابنتى مش قصدى .. يا برلنت الحياة دايما بتجبرنا على شوية تضحيات .
كففت دموعها : تضحيات للى يستحق يا بابا مش لأى حد ..
عاد حسين للأريكة بغضب : يابنتى انا خايف عليك .
نظرت أرضا : حقك طبعا مادمت جوزتنى لواحد زى ده .. خاف عليا يا بابا بس مش لدرجة أنك تخلصنى منه .. خاف عليا واقف اتفرج عليه وهو بيقتلنى بالبطئ .. خاف عليا واطلب منى اتهاون فى حقوقى كإنسانة ..
التقطت نفسا عميقا : ماتخافش عليا يا بابا ولما اموت اكيد هتعرف .
انطلقت مغادرة ولم يحاول أبيها إيقافها ، غادرت منزله باكية كما دخلته باكية لكن بجرح أعمق .
أفاقت لتنظر حولها بنفس الفزع الذى رأته بعينى هذا الغريب المتطفل
لملمت شتات نفسها بعد وقت لم تحصيه لتنهض نحو الغرفة التى أصبحت جدرانها تشعرها بالاختناق .
*****
جلس ماهر بمقر عمله ينقر بقلمه فوق المكتب برتابة تزيده شرودا ، لقد كان قاسيا للغاية .
ما الذى دهاه ؟؟
هل ينتقم منها لضعفه المسبق ؟
هل ينتقم من نفسه فيها ؟
ولما ينتقم ؟؟
لما لا يحاول أن يعيش سعيدا ؟؟
وهل يمكنه ؟؟
قطب جبينه وصورتها تترآى أمام عينيه وهى فاقدة الوعي ، وبكل جحود غادر تاركها خلفه .
متى أصبح فظا غليظ القلب ؟؟
ولما هو فظ معها دون الجميع ؟؟
عليه أن يعترف ؛ هو يكره قوتها ، يكره فتنتها ، يكره سطوتها وإثارتها لحواسه كلما وقعت عينيه عليها .
هى رغم نقصها قوية ، رغم قهره لها قوية ورغم اكاذيبه هى فاتنة وكم يخشى أن ترى نفسها كما يراها !!
إن فعلت فستهجره حتما .
نقرة بنغمة مختلفة فوق سطح مكتبه أخرجته من شروده ليجد أحد زملائه يسأله عما به ؟
نهض جامعا متعلقاته : انا مجهد ومروح .
وانطلق من فوره دون انتظار رد أحد لتدور النظرات المتسائلة فور مغادرته .
****
عاد للمنزل ليجد كل شيء كما تركه تماما ، لكم يكره عدم رؤيته لمستها !!
تجمد بدنه ، هى لم تمس شيئا بالفعل !!
ألا زالت فاقدة للوعي ؟؟
اتجه نحو الغرفة بخطى متسارعة ، فتح بابها المغلق ليجدها فى الفراش .
تنفس براحة لا ينكرها ، إنها نائمة .. لقد بدلت الشراشف وعادت للنوم .
ولأول مرة منذ زواجه بها يتغاضى ، بل احب ان يتغاضى .
خلع عنه ملابسه ليتيقن أنها تدعى النوم .
وماذا ينتظر ؟؟
بعد معاملتها كحثالة ماذا يتوقع ؟؟
تبدو لأول مرة ضعيفة أمامه وكم أرضته تلك الصورة !!
يريدها ضعيفة .. لا تقوى على مواجهته ، أو معارضته ، أو رفضه .
عاد غضبه يستعر وهو يتذكر رفضها له ليلة أمس ، جالت عينيه فوق ما تركه عليها من وحشية ليراها تستحق ذلك .
وقف يطالعها لدقائق وهى مستكينة وكأنه غير موجود .
إنها تدفعه للجنون ..
حسنا يكفى تظاهرا ، عليه أن يثبت سطوته ويكسر ما تبقى من كبرياء زائف تتحلى به .
ليرى إن تعلمت درسها جيدا .
تردد لحظة
ماذا إن رفضته مجددا !!
أمسك طرف دثارها بغل ؛ سيسحقها إن فعلت .
سحب الدثار عنها ليتضح تقوقعها على نفسها وكأنها تتجمد بردا .
لقد انتفضت بالفعل ..
لا يمكنه أن يكذب عينيه إنها تنتفض .
استقر بجوارها فورا ليندس ذراعها أسفلها ويحيطها الأخر هامسا : بردانة ؟؟
اومأت بصمت ليسرع جاذبا الدثار مرة أخرى شاعرا للمرة الأولى برغبته تخبو دون اكتفاء ورغم أن هذا ازعجه كثيرا إلا أنه لم يقاوم حاجته لقربها وبثها الدفء الذى يحتاجه أكثر منها .
*****
استيقظ من نومه على صوت جرس الباب ليتحرك بتثاقل وكانت لاتزال تغفو بعمق مريب .
اتجه للخارج ليجد أطفاله الثلاثة فيتعجب : انتو جايين مع بعض ليه ؟
اتجهت رهف للداخل بغضب واضح : رامى على الباب من ساعة .
اتجهت عينيه لصغيره الذى قال : خبطت مرة واحدة واستنيت .
تجولت عينا رهف بين الانحاء لتدرك فورا أن برلنت لم تقم بأعمالها المنزلية كالعادة ، لمعت عينيها لحظة وهى تتخيل مغادرتها للأبد.
لابد أن ترحل كما رحلت أمها .
عادت بعينيها لأبيها وملابسه البيتية وهيئته الناعسة .
كان نائما !!
سبقتها رنا فى التساؤل : بابا انت جيت من الشغل امته ؟
وقبل أن يجيب خرجت برلنت من الغرفة بوجهها المفزع ، اتجهت نحو الطاولة بصمت وكأنها وحدها بالمكان وبدأت فى حمل الأطباق التي تركوها صباحا .
تبعتها الأعين خاصة عينيه بهذا المئزر الذى أحاطت به بدنها وبالكاد يصل لركبتيها .
عادت من المطبخ مع صراخ رهف : اوضتى مش متروقة ليه ؟
نظرت لها برلنت ببرود ، رأت احتراقها غيرة وغضبا .
ابتسمت بود متكلف : روقيها يا رهف انت مش صغيرة .
وعادت للمطبخ لتنظر رهف لأبيها فى انتظار صراخه عليها ومطالبتها بتنظيف غرفتها لكن أبيها لم يكن بحال تسمح له بالصراخ بل كان هائما فى أثر تلك المحتلة لمكان أمها .
عادت برلنت لتقف أمامه بهدوء : الغدا هيتأخر النهاردة .. راحت عليا نومة .
ومنحته ابتسامة لم ير مثلها منها مسبقا ليقترب خطوة متجاهلا مراقبة ابنته ليهمس : عادى لو مش قادرة نأكل اى حاجة
اتسعت ابتسامتها : فعلا مش قادرة هكمل نوم .
واتجهت نحو الغرفة لتلقى نظرة متشفية نحو رهف المحترقة حرفيا .
اقتربت رنا لتجذبها لداخل الغرفة وتغلق الباب بالتزامن مع إغلاق باب الغرفة المجاورة بعد اقتحام أبيها تابعا زوجته .
نظرت رهف لأختها التى تساءلت : بتتفرجى على ايه ؟
أشارت رهف نحو الخارج : شوفتى شكلها ؟؟ بابا مكسر عضمها ضرب وهى ولا كأن فى حاجة ؟؟
ارتمت جالسة فوق الفراش : بابا عمره ما ضرب ماما ومع كده سابته !! وسابتنا !!
نظرت لها رنا بنفس الحيرة .
ألم تكن امهم أحق بالتحمل لأجلهم !!
ألم تكن أحق بقربهم !!
ترى لما لم تفعل ؟؟
طرق باب الغرفة ودخل الصغير رامى : رهف انا جعان ومكسوف اخبط على طنط برلنت .
انتفضت رهف : ماتطلبش منها حاجة .. اى حاجة انا هعملهالك .
اتجهت للباب قبل أن تنظر ل رنا : معاد الرؤية الجاية لازم نروح .. لازم نفهم .
لم تغادر برلنت غرفتها ذلك اليوم ، لم تأكل والغريب أنه لم يلحظ هذا .
استسلمت تماما ، شئ ما بداخلها كسر .
شئ ما بحياتها ضاع ورغم ذلك نعم هو كثيرا بهذا الإنكسار واحسن استغلال هذا الضياع الذى تترنح داخله كطير ذبيح وهى عاجزة تماما عن التجاوز عما كان وعاجزة أيضا عن رفضه مجددا وعاجزة كذلك عن قبوله .
لتبدأ مرحلة جديدة من بؤسها أكثر امتاعا له وأكثر تحطيما لها .
****
ليلة عصيبة أخرى مؤرقة تعدد انتفاضه من نومه فيها مما دعاه ليحمل سما نحو غرفة أمه .
كلما أغمض عينيه رأى نفس الصورة التى تفزعه لينتفض مجددا .
يصر عقله على جلده برؤيتهما معا رؤيتها بين ذراعي هذا الخسيس مترنحة بين صفعات تتقاذف بدنها مخلفة أثره الكريه فوق كل ملامحها .
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا