مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع أحدث رواية للكاتبة المتألقة والمبدعة قسمة الشبينى التي سبق أن قدمنا لها العديد من القصص والروايات الجميلة علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع رواية رومانسية تتسم بالواقعية ذات طابع إجتماعى مميز مع الفصل الخامس من رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني
رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الخامس
تابع أيضا: قصص رومانسية جريئة
رواية برلنت بقلم قسمة الشبيني - الفصل الخامس
لم يحظ ماهر بنوم جيد ، أرقه حديث والدها المصاحب لهذا الاستسلام الذى رغم ما يشعره به من انتشاء وراحة إلا أنه يخالف طبيعتها تماما وهذا يعني أنها تهرب من حياتها بهذا الاستسلام .
ما الذى دعى أبيها للحديث إليه ؟
هل شكت لأبيها سوء طباعه التى طالما اسهبت فى وصفها زوجته السابقة ؟
لكنها لم تواجهه يوما مثل زوجته السابقة ولم تنعته بصفة واحدة تسوءه ولو لفظا فقط .
هل أخبرته عن معاملته المخزية لها ؟
هو أنانى تماما فى علاقته معها يعمد لرى ظمأه وتلبية احتياجاته الخاصة قبل أن ينظر لها كإنسان له احتياجات ورغبات مثله .
اعتدل ليواجه ملامحها المستكينة ، هل ترغبه حقا ؟؟
نظر لها وقد عادت للنوم بعد ثورة رغباته التى اخضعتها ، هى لم تعبر مطلقا عن رغبتها فيه .
ربما لو أفسح لها مجالا تشتاقه لفعلت !!
عاد ينظر للسقف مستنكرا أفكاره ، وربما لن تفعل مطلقا . فقد تكون غير راغبة وهذا ما يبرر برودها المستمر ومن ثم استسلامها الحالى له .
مرت ليلته بين مراقبته لها وأفكاره لتنتهى مع ساعات الفجر وقد تصنع النوم حين شعر بها تستيقظ وتتسلل من فراشه كهارب يخشى الإيقاع به .
على غير عادتها المستحدثة كانت مستيقظة هذا الصباح ، هى منذ أسابيع تتجاهل مغادرته وأبناءه صباحا مدعية النوم أو نائمة لا يشكل ذلك فرقا له فرضاه بعد لياليها الدافئة يدفعه للتجاوز عن نواياها الحقيقة صباحا .
كان مزاجه متعكر تماما بالإضافة لإجهاده التابع للأرق ، لذا لم يلتفت لها نهائيا واكتفى بما تقدمه من خدمات له ولأطفاله .
أعدت الفطور وجلست بمنأى عنهم ، رفع عينيه ينظر نحوها اخيرا ، ود أن يدعها لتشاركه فطوره لكنها لا تبدو مرحبة بذلك لذا عادت عينيه لصغاره آمرا إياهم بسرعة إنهاء الفطور .
انتهوا جميعا لتقترب من الطاولة وقد غادرها الصغار وهم بلحاقهم لتقول بهدوء : التلاجة فاضية ومفيش فاكهة هتجيب وانت جاى ولا انزل السوق ؟
زفر بضيق حقيقى : لا اجيب منين !! هسيب لك فلوس وانا ماشى .
لم تعلق عن الأسعار كما كانت تفعل ، ولم يهتم هو سوى بذلك الصمت المريح والذى يعنى أنه لن يتكلف المزيد من المال .
*****
وصل سعفان لورشته وهو فى مزاج سيئ ليطلب قهوته ويبدأ العمل بصمت فعليه أن ينهى العمل على تلك السيارة اليوم ليبدأ من الغد رحلة البحث عن ورشة جديدة .
استقام نافضا ملابسه مغلقا مقدمة السيارة بقوة قبل أن يتخذ مقعد السائق ويجرب السيارة التى استجابت فورا ليبتسم فقد ربح تحديه لنفسه وأنهى العمل .
ترجل عن السيارة ليتجمد موضعه وهو يراها تقترب منه بخطى متسارعة لكنها مهزوزة ليست تلك الواثقة التى رأها مسبقا .
مرت بجواره بهدوء وكأنه غير موجود بالمرة لتدخل ذلك المنزل الذى أصبح يكرهه .
انقبض صدره بمجرد اختفاءها عن ناظرية ، لم هى بهذا الشحوب ؟؟
وجهها فقد نضارته وعينيها فقدت بريق الحياة .
ما الذى يفعله بها هذا الرجل !!
زفر بضيق ، كيف يمكنه المغادرة وتلك النصال الحادة تمزق صدره ؟
هل سيختفى الألم إن اختفت هى ؟؟
مستحيل ...
إنه يحترق وهى بالقرب فماذا إن لم يعلم عنها شيئا !!
انتهى الأمر هو لن يبتعد شبرا واحدا حتى يتأكد أنها بخير . حينها يمكنه أن يحمل ألمه ويرحل . ليس قبل أن يرى بريق عينيها الذى رأه ذلك اليوم بالشرفة .
*****
كان يومها مملا كالعادة ، أنهت ما سمحت به حالتها من أعباء المنزل وتركت ما سيشق عليها إنجازه .
عاد ماهر وأبناءه وتناولوا ما أعدت لهم دون مناقشة ، حتى رهف أصبحت دائمة الصمت وهذا يشعرها بإرتياح شديد .
لزم كل منهم غرفته ، ماهر أسقطه الإرهاق فى نوم عميق والصغار يلزمون البعد عنها ولم تعد تهتم بما يفعلون .
جلست بصمت تفكر فى حياتها معه ، هل يستحق أن تحارب من أجله !؟؟
هل يحمل المستقبل فرصة لهما معا ؟؟
شقت ابتسامتها الساخرة شفتيها ؛ بالطبع لا .
هى تثق أنه لا يراها جزءا من حياته ، هى فقط موجودة ليحيا هو كما يحب .
ماذا عليها أن تفعل ؟؟
هل تظل على هذا الاستسلام حتى يأتى عليها !!
أم تحارب لأجل حياتها هى !!
لا أمل أن يقبل بها والدها مطلقة مجددا . ولا تملك من يمكنه أن يساعدها .
ماذا عن نفسها !!
ايمكن أن تكون وحدها !؟
محاولة أخيرة لن تضر . هذا حق نفسها عليها .
ستنفض هذا اليأس الذى كاد يتمكن من روحها ليزهقها . ستفعل هذا لأجل نفسها . نفسها فقط .
فى خلال ساعات قليلة رسمت برلنت مخطط لما سيأتى من حياتها ، ستعتمد على نفسها فقط وستنجو من هذا الرجل الذى يعمد للإنتقاص من قدرها ليتأكد من سيطرته عليها .
****
استيقظ ماهر دون أن يشعر بالنشاط أو الراحة ، كان بنفس المزاج المتعكر لكنه تفقد صغاره واتجه للخارج لمتابعة التلفاز كعادة يومية له .
وجدها تجلس يغلفها الصمت لكنه لم يهتم ، ألقى ثقل بدنه فوق المقعد آمرا إياها : قومى اعملى لى شاى .
نظرت له برلنت وهو مكفهر الوجه بشكل مبالغ فيه ، التقطت عيناها عينيه لتشعر لوهلة بإهتزازه .
قوتها تهزه .
كانت تعلم .
لذا يعمد لإخضاعها ، قوتها له تعنى تمرد لا يقبله بحكم عقليته التى تراها أقل منه .
نهرها فورا : بتبصى لى كده ليه ؟؟ قومى اعملى لى شاى .
أسندت ظهرها للمقعد بإسترخاء : مش قادرة .. قوم اعمل لنفسك .
رأت تتابع رجفات اجفانه لتعلم أنه فى مرحلة استيعاب قوتها مجددا ، لقد كان استسلامها أكبر خطأ ارتكبته فى حق نفسها .
حسنا لن تعده بل ستصحح تبعاته .
انتفض ماهر كمن لدغه عقرب : انت اجننتى !! إيه قوم اعمل لنفسك !! الظاهر ابوكى ماعرفش يربيكى ويعلمك ازاى تكلمى راجلك !
انتفضت أمامه فى سابقة لم تحدث قبلا لتصيح : ابويا ربانى احسن تربية وتربيتى دى اللى خلتنى عايشة مع واحد زيك سبع شهور .
أظلمت عيناه بغضب شديد مرددا : واحد زيى ؟؟ يعنى إيه يا ست يا متربية واحد زيى ؟
كلمة واحدة كانت كافية لفتح كل جراح رجولته التى لم تتوقف عن النزف منذ طعنات زوجته السابقة ، كان يتظاهر بالصلابة لكنه كان محطما ، اكبر خطأ بحياته هو أن تزوج وهو بهذا الوضع المزرى ، وهو بهذه الروح المشوهة .
قبل أن تجب برلنت كانت صفعته تزهق كلماتها قبل أن تغادر شفتيها ، لن يستمع لهذا الكلام من امرأة أخرى .
لن يسمح لإحداهن بتشويهه مجددا .
لن يسمح لإحداهن بتحطيمه مجداا .
صفعات ولكمات لم يفق منها إلا على صوت طرقات الباب العنيفة .
ابتعد عنها ينظر إلى ما أقدم عليه ليصرخ عقله : لم تشوهك احداهن ولم تحطمك ؛ بل انت رجل مشوه من الأساس وترفض الاعتراف بالحقيقة .
بالطبع انا كذلك .
صوت تردد داخله وهو يرى برلنت أرضا تأن ألما لما أحدثه بها .
الرجل لا يقم بهذا .
الرجل لا يقم بهذا .
الرجل لا يقم بهذا .
صرخ عقله مرات متتالية حتى أخرجه من صراعه الداخلى قبضة قوية انتزعته من موضعه وإذا بسترة ملقاة فوقها تخفى عن الجميع إصابات ثورته وتخفى عن أعين صاحب السترة فتنة لا يراها سواه بحالتها تلك .
بدأ الرجال المجتمعين بإبعاد ماهر للخلف وهو يقاوم صارخا : اطلعوا برة .. انا حر فى مراتى .. إن شاء الله اقطع من جتتها وارمى للكلاب .. محدش ليه دخل بنا .
وكما أزهقت صفعاته كلمات برلنت اتت قبضة قوية أزهقت كلماته بين شفتيه .
تلاقت الأعين الغاضبة ليتوقف الجميع ناظرين نحو برلنت التى وقفت تضم تلك السترة مخفية بدنها ومستترة بها عن الأعين لتقول : طلقنى يا ماهر .
اقترب منها أحد الحضور ممن ظهر الصلاح بوجوههم : استهدى بالله يا بنتى . دى ساعة شيطان .
نظرت للرجل دون أن تهتز قوتها : لا يا حج ده الشيطان نفسه
اتجهت لغرفتها بينما أجلسه الرجال وبدأ الجمع يحاول امتصاص غضبه وهز مقاومته لكن لم يسعفهم الوقت ففى خلال خمس دقائق كانت تقف مرة أخرى وقد ارتدت عباءتها وبيدها تلك السترة التى احتمت بها تمدها وكأنها تسأل عن صاحبها الكريم دون أسئلة .
مد سعفان يده يلتقط منها السترة لتغادر فورا ، حاول هذا الشيخ اللحاق بها لكن خطواتها المتسارعة كانت لها الأفضلية لتفر منه .
عاد الرجل لاهثا بعد دقائق : مالحقتهاش
أجاب أحد الحضور : أهدى يا استاذ ماهر ، هى الست اكيد هترجع بيت اهلها . استهدى بالله كده وروح هاتها .
بدأوا جميعا يقدمون له النصائح وهو نفسه لا يعلم لم يجلس بصمت مستمعا لهم ، إنها المرة الأولى بحياته التى يقف هذا الموقف .
زوجته السابقة طالما تبجحت بسوء طباعه لكنه لم يصفعها مرة واحدة ، ولم يدخل لبيته شخصا يخلص زوجته من بطشه مطلقا .
ما الذى أوصل نفسه إليه !!!
****
ومع اندلاع الموقف وتزايد وتيرة الغضب وتسارع الأحداث كان هناك عقلا صغيرا يراقب فى صمت ما يحدث .
وقفت رهف عن بعد تراقب ما يفعله أبيها ، وترى لأول مرة منذ دخلت حياتهم هذه البرلنت ثورتها .
لقد صدقت أمها ..
كانت هذه هى الفكرة الوحيدة التى تلمع برأسها مع تصاعد الأحداث بشكل سريع منذ فتحت الباب استجابة لتلك الطرقات العنيفة لتجد عدة رجال اغراب يهرولون لأبعاد أبيها عن زوجته التى تكرهها بشدة .
لقد صدقت أمها ..
أخبرتها أن لكل إنسان طاقة للتحمل ويبدو أن طاقة تلك البرلنت نفذت كأمها تماما .
ليست أفضل من أمها إذا .
لكم شعرت بالراحة لتلك الفكرة !!!
بينما بدأت تسيطر على رأسها فكرة جديدة تتمحور حول أبيها ...
أبيها رجل سئ !!
لفظته إمرأتان فهل هذا يعنى أنه رجل سئ ؟؟
ربما يكون رجل سئ لكنها تظنه أبا جيدا .
حقا تفعل تلك الصغيرة فهى لا ترى من نواياه سوى ما يظهره وما يظهره تراه حتى هذه المرحلة العمرية حبا .
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا