مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الأول من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الأول
تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة
رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الأول
-هتروح يا زين؟
أدار رأسه لها ليرى الاستياء يشع من عينيها، رغب في الانتقام منها بالزواج لكنه يحبها لا يريد أن تشوب حياتهما خلافات جديدة، لامس بشرة وجهها الناعمة والرقيقة فكم حلم بلمسها، سألها بظلمة:
-بتحبيني؟
لم تكرهه يومًا لكنها متخوفة من شعوره هو ناحيتها، ردت بتأكيد:
-باحبك!
ابتسم بمكر لتنظر له بشغف قاتل تريد أن يرفض الذهاب، رسائل مريم المنفعلة كانت تستحوذ على جزء منه وتهديداتها الصريحة له كانت تفزعه، لم يرد عليها ليستمتع بكل لحظة مع من كانت معه قبل قليل ويرغب في المزيد من حبها، التفت لها قائلاً بنظرات متيمة ماكرة جعلت بسمتها تتسع:
-كنا بنقول أيه قبل التليفون..............!!
خبط والدتها على كتفها جعلها تخرج من حالة التخيل المسيطرة عليها، والتي وسمت توقها للرجوع للآخر، انتبهت لمى لوالدتها تقف بجانبها، ومن نظراتها نحوها استشفت أنها حضرت من فترة، لربما استشفت فيها ما كانت تفكر به، اتضح ذلك حين هتفت والدتها باقتطاب:
-لو بتفكري فيه تبقي غبية، نسيتي عمل معاكِ أيه؟!
اعتدلت لمى في جلستها ولم تخفي تذبذبها في العودة إليه، قالت:
-حتى لو رجعتله، مضمنش يكون معايا كويس، أو أهله يحبوني
علقت والدتها على كلامها بتأنيبٍ قاسِ:
-فكرتي فيه وفي أهله، وأنا، نسيتي إن أنا كمان مش هسمحلك ترجعيله، نسيتي مريم أمه كانت بتتكلم معايا إزاي لما بهدلك
نهضت لمى على الفور طالبة السماح منها، قالت:
-أكيد فكرت في حضرتك، كل حاجة فكرت فيها، جوازي من زين كان غلط من البداية
ابتأست لمى وهي تعلن ذلك، ضمتها والدتها لأحضانها وقالت:
-متزعليش نفسك، منه لله هو اللي دمرك كده، بدعي عليه ليل ونهار، وإنه ميتوفقش في جوازته دي!
أرادت لمى أن ترجعها عن ذلك، فهي ما زالت تكن له الألفة، صمتت مجبرة خشية مضايقتها، تذكرت السيدة إيمان الشاب الذي جاء برفقتها فأبعدتها قائلة بابتهاج:
-بس سيف دا جنتل مان قوي يا لمى، ربنا عوضك بيه عن اللي اسمه زين ده، شاب باين محترم وابن ناس
توترت لمى من حديثها عنه، هي لم ترتبط به كما اعتقد البعض، فحضور سيف معها سبب لغط كبير عندهم، جاءت لتصحح لها؛ لكن متابعة والدتها الكلام أدهشها:
-زين هيموت من الغيظ لما يعرف إنك اتجوزتي، متعرفيش فرحانة قد أيه بالخبر ده
زاغت لمى بعقلها لمكان آخر، بالطبع سينزعج الأخير بذلك، لاحت بسمة صغيرة على محياها لتستغل وجود سيف هنا، انتقامًا من الأخير، استطردت السيدة بتنبيه:
-أوعي تقوليله إنك جبتي منه عيل، احرقي قلبه زي ما عمل معاكِ.............!!
_____________________________________
ركوبه للجواد كان ملفتًا بشكل غير طبيعي، ناهيك عن حركاته البهلوانية المتمكنة التي يمارسها، متحكمًا في لجم الجواد؛ ليطوعه كما يريد، وقفت رسيل حاملة لصغيرها تتابعه، وزاد انبهارها من تعود جوادها عليه وابتسمت، فهو متعلق بها فقط منذ كان صغيرًا، وذاك ما جعلها تتعجب في ذات الوقت.
تباطأت حركة أيهم به وهو يقترب منها، هتف بانشراح صدر:
-أيه رأيك؟!
وجه حديثه لـ رسيل التي تراهنت بأنه لن يتمكن من امتطاء الجواد؛ لكنه برع في ذلك، قالت:
-كويس!
رفع حاجبه متعجبًا، نزل من عليه قائلاً باستنكار:
-بس كده؟
ثم مرر يده على رقبة الفرس بلطف، قالت:
-الحصان اتعود عليك من وقت ما جبته من البلد، لأنه شايفك على طول معايا
ابتسم بمغزى وقال مضيقًا نظراته:
-لا هو متعودش عليا، هو حبني علشان فهم إني بأحب صاحبته
خبطته في ذراعه وقد انحرجت، رغم سنوات زواجهما، فضحك أيهم، نظرت لمن حولها وقالت:
-بطل تقولي كلام حلو قدام حد، الحسد وحش
خطف نظرة سريعة لمن حولهما، كان والده وعمتها وبعض الخدم، تجاهل كل ذلك وقال مقترحًا:
-خلي الواد مع عمتك وتعالي نركب سوا
استحت من ذلك أمام الجميع، هتفت برفض:
-لا مش عاوزة، في وقت تاني نكون فيه لوحدنا
احترم قرارها ثم حمل الصغير عنها، لف ذراعه حول كتفها ثم سار معها في الحديقة ليأخذا جولة، سألته بتردد:
-زين بيه كان بيقولك أيه لما اتصل بيك؟!
رد بلا مبالاة:
-كان عاوزني أحضر فرح زين ابن أخته، بس أنا طبعًا رفضت
تفهمت رسيل تلقائيًا سبب الرفض، قالت متهكمة:
-بس إحنا بينا شغل، ممكن يزعل منك وياخد على خاطره
توقف أيهم عن السير وقال:
-يعني أزعل عمتي مني، وبابا كمان هيضايق لو روحت
-أنا باقو...
قاطعها أيهم بنبرة لا تريد النقاش قائلاً:
-رسيل أنا عارف باعمل أيه، واللي عاوز يزعل هو الخسران
تيقنت أن النقاش معه سيكون بالطريقة التي ترضيه، استشعر أيهم أنها تخبئ شيء ما، سألها باهتمام:
-مالك؟!
تنهدت بعمق ثم تأهبت لإخباره، قالت:
-فيه اتنين من أمريكا جايين آخر الإسبوع، واحدة ست وجوزها، كنت عاوزاك تستضيفهم في الفندق بتاعك وتهتم بيهم!
عقد جبينه وهو يسألها:
-مين دول، تعرفيهم منين؟!
وضحت بشكل عملي:
-دول اتنين تبع الشركة الأجنبية اللي أنا ومدام نور اتكلمنا معاهم، هيجوا على مطار القاهرة، فعلشان كده لازم استقبلهم أنا
مط شفتيه وبداخله تردد في قبول ذلك؛ لكنه لم يزعجها برفضه، قال:
-اللي تشوفيه يا رسيل، الفندق عندك استقبليهم
ابتسمت بود له ثم دنت لتقبل خده، قالت:
-ربنا ما يحرمني منك
تكشرت طلعته فجأة وهو يوزع نظراته على أولاده وهم يركضون خلف الطابة، سألته بتعجب:
-بتبص على العيال كده ليه يا أيهم؟!
قال باقتضاب:
-باعدهم يا رسيل، دول ناقصين واحد باين
سريعًا كانت تعد هي الأخرى الأولاد، حين انتهت قالت:
-لا مظبوطين!
هتف بانفعال:
-إزاي؟، أنا عيالي ستة، ودول خمسه!
حملقت به وقد تعجبت من بلاهته، هتفت:
-ما السادس معاك أهو!
انتبه أيهم للصغير على كتفه فابتسم لها ببلاهة، فلوت فمها متهكمة، وضح خوفه هذا بسخافة:
-مش لا أخاف عليهم، دول جايين بعد معاناة............!!
____________________________________
ظلت ملازمة له ولم تتركه لحظة واحدة، فقد تخوفت من هروبه، أو ذهابه للأخيرة، فقد علمت للتو بعودتها من الخارج، لذا طلبت مريم تعجيل مراسم الزواج، وعقد القران مبكرًا ولم تمهله الفرصة للتفكير قط..
فور إعلان المأذون زواجهما تهللت، ثم أطلقت زغرودة تعبيرًا عن سعادتها، نظر لها حسام لائمًا فتجاهلته، فهذا يوم سعادتها الحقيقية، تأملت ابنها بمحبة فابتسم زين لها، قالت:
-مبروك يا حبيبي، عقبال ما أشيل ولادك قريب
رد بهدوء ظاهري:
-الله يبارك فيكِ يا ماما
وجهت مريم حديثها لـ سمر زوجة ابنها وقالت:
-مش هوصيكِ يا سمر، تحطي زين في عنيكي
نظرت سمر لـ زين باستحياء وقالت:
-متقلقيش يا طنط في عنيا!
مسدت مريم على ظهر ابنها، متمنية له السعادة من قلبها، قالت والدة سمر بود:
-خد مراتك يا زين وأرقصوا مع بعض
تماشى زين مع رغبة الجميع، لم يرفض أي شيء ليقوم به كالآلة، نهض رزينا ثم تأبطت سمر ذراعه، فرحة من زواجها بشاب مثله، حين وصلا للمسرح باشرا بالرقص على نغمة هادئة..
ترددت سمر في فتح حديث معه، خاصة أنه واجم بشكلٍ محير، تجرأت وسألته:
-مبتتكلمش معايا ليه يا زين، مش المفروض اتجوزنا!
سأل بجمود استغربته:
-عاوزاني اتكلم في أيه؟
قالت مستنكرة:
-اللي المفروض يتقال، ولا هتفضل عايش معايا كده، ساكت!
أخفض نظراته للحظات ثم تنفس بهدوء، يرتب ماذا سيقول لها؟، عاود النظر لها وسط اندهاشها وقال:
-سمر لازم تعرفي إن ماما اللي قررت تجوزني، يعني أنا مكنتش جاهز، ووافقت علشان خاطرها، فأديني فرصة اتعرف عليكِ و....
بتر تكملة كلامه حين ابتسمت باستهزاء، بالطبع ساخرة من رده، سألها:
-كلامي مش عاجبك؟
تبدلت ملامحها للضيق وقالت:
-ولا يعجب أي حد، الكلام ده تقوله لما نكون مخطوبين، مش وإحنا متجوزين، وشوية وهيجمعنا بيت واحد
رد ببرود مستفز:
-أنا باكلمك بصراحة، علشان متستنيش مني حاجة لما نروّح
تفهمت تلميحه لها، رمشت بعينيها متوترة مزعوجة وقد تقلبت مشاعرها، فذاك اليوم ما تحلم به أي فتاة، وبدا عليها حزن وعدم رضى، تأملها زين بضيق، ولم يرد إفساد فرحتها؛ لكنه مجبرًا، يرفض توهمها لحياة لربما تكسر قلبها قادمًا، فهي تصغره بأعوام، وبالطبع ليست على دراية كافية لتتماشى مع طريقة تفكيره، ومعرفته بوجود لمى جعله تواق لرؤيتها، والفرار من هنا..
مراقبة مريم لهما جعلتها تستشف أن الوضع ليس على ما يرام، خاصة زوال فرحة سمر، وذبول وجهها، فطنت أن ابنها لربما زجرها، اغتاظت بشدة وأخذت تتحرك نحوها، لمحها حسام فسألها:
-رايحة فين؟!
التفتت له قائلة بعبوس:
-باين في حاجة حصلت بينهم
ردعها حسام عن التقدم خطوة ناحيتهما هامسًا بتوبيخ:
-هو إنتِ هتشغلي بالك بيهم، خلاص اتجوزوا يعني بقت حياتهم خاصة، هما حرين مع بعض
-يعني أيه الكلام ده؟!
سألت باعتراض فرد بحزم:
-ملكيش دعوة يا مريم، خليكِ بعيد، ابنك مش صغير!
على مضص توقفت عن التدخل، وفهم حالة النفور تلك بينهما، ثم أخذت تراقبهما مرة أخرى، متماسكة ألا تتدخل.........!!
_______________________________________
كبح ابتسامته وهي تنفخ طوال الطريق، وكان انزعاجها لطيف مضحك، خاصة أنها لم تستغني عن طفولتها السابقة وقت تتذمر، وجهت نور بصرها نحوه ولم تتحمل الصمت أكثر من ذلك، هتفت:
-مكنش لازم نسيب الحفلة بدري كده، زمان مريم زعلانة!
رد عليها بهدوء:
-مش هتزعل ولا حاجة، أنا قولت عندي شغل الصبح بدري وهي تفهمت ده!
ردت بحنق:
-وتكدب ليه عليها، ما كنت قول الحقيقة!
تنهد زين وقال بعقلانية:
-يا نور خلاص خلصنا، مش لازم اتكلم في حاجة مش هتفيد
حدقت بالطريق أمامها ورددت بغيظ:
-قال الست تعبانة لازم نمشي، والأستاذ مكنش على بعضه، مكنوش شوية مغص
قالتها بتهكم وهي تنظر لـ زين، لم يجادلها وتركها تتحدث، لربما تفرغ بعض ضيقها معه، أردفت:
-دي أكيد بتكدب، عملت القصة دي علشان تمشي، عاملة حساب لصاحبتها اللي زين طلقها، وكلكم صدقتوها!
لاحظت نور أنها تتحدث مع نفسها، امتعضت من لا مبالاته وخاطبته عاتبة:
-إنت سايبني أكلم نفسي؟، ما تقول حاجة!
قال مبررًا موقفه:
-أنا قولت تخرجي عصبيتك براحتك، وبصراحة شايف الموضوع عادي، أصلاً كنت مخنوق في الحفلة، وكنت عاوز ارتاح
أشاحت نور بوجهها لتنظر من النافذة المقابلة لها، فكل ما تقوله حيال الأخيرة يوضح أنها فقط من تنتقدها، واستشاطت من كسبها ود الجميع.
بعد لحظات قليلة ولج زين من بوابة الفيلا، وعلى بعد مترات قليلة كان آيان أمامه يصف سيارته، تصلّبت نظرات نور عليهما كلما تقترب السيارة، طفح كيلها وابنها يعاون الأخيرة على الترجل، فركت يديها بغل فهي تدرك جيدًا أنها تدعي التعب، غمغمت من بين شفتيها:
-سمجة!
فاقت على صوت زين يخاطبها:
-يلا يا حبيبتي انزلي!
ترجلت نور في صمت وهي ما زالت تتابع ابنها وما يفعله، فانزعاجها جاء من واقع حبه الكبير للأخيرة، في حيال أنها لم تبادله مقدار الحب نفسه، وذلك ما يثير حنقها في أغلب الأوقات..
وهي تلج الفيلا رن هاتفها، أخرجته نور من حقيبتها الصغيرة ثم تطلعت على الشاشة وابتسمت عفويًا، فإذا بها ابنتها ماريان، على الفور جاوبت قائلة:
-مساء الخير يا حبيبتي، عاملة أيه؟
استمعت نور لصوت نحيب بدلاً من رد، كسا وجهها قلق جم لتسألها في دهشة:
-ماريان، إنتِ بتعيطي يا حبيبتي؟!
جاء صوت الأخيرة من بين نحيبها تقول:
-مامي، تعالي يا مامي عندي!
انتبه زين لانفعالات نور أثناء الحديث، هتف:
-ماريان مالها؟!
تركت الحديث مع ابنتها للحظات، لترد على زين بتوجس:
-ماريان بتعيط، باين فيه حاجة حصلت معاها
هتف بتعابير قاسية:
-وفين ريان، وسلمى ومعتز، سيبينها كده ليه؟!
عادت تتحدث مع ابنتها، فخاطبتها الأخيرة ببكاء تعالى، زاد من صدمة نـور:
-تعالي خديني يا مامي، مش قادرة أقعد هنا أكتر من كده.......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
خرجت من المرحاض بعدما بدلت ثيابها وكأنها لم تكن مريضة قبل قليل وحالتها مجهدة، تعجب آيان فسألها:
-إنت مش تعبانة ولا أيه؟!
ردت بلا مبالاة وهي تذهب ناحية المرآة:
-إنت عاوزني عيانة ولا أيه؟!
لحق بها قائلاً:
-مش قصدي، أصلك من شوية كنتِ تعبانة قوي
-وخفيت!
ردت باقتضاب لتنهي تمثيليتها الضجرة، ثم بعجالة مشطت شعرها، تفهم آيان مغزى ما فعلته فقال:
-طيب كنتِ عرفيني إنك مش عاوزة تكملي الحفلة، كده تقلقيني عليكِ طول الطريق.
التفتت له مبتسمة، طوقت عنقه وقالت:
-قولت نسهر في البيت أحسن، الجو هناك ممل
رد بعدم اقتناع:
-يعني مش علشان مش حابة جواز زين؟!
افلتت يديها من عليه راسمة للعبوس المزيف، قالت:
-عاوز تفهم كده براحتك.
ثم استدارت لتتركه فأسرع بضمها من الخلف، قال:
-لا مصدقك طبعًا
ثم رفع يدها ليلثمها بقبلة متيمة، ابتسمت زينة من محبته لها، وشيء بداخلها يحفزها على استغلال حبه ناحيتها، استدارت مجددًا لتطوق عنقه، فلف ذراعيه حول خصرها، تبادلا الابتسام للحظات والتي بدورها أعربت عن ودهما العظيم، قالت بتكليف حمل رقتها وهي تعلنه:
-عاوزين نسافر أي مكان كام يوم، نتفسح لوحدنا ونغيّر جو، زهقت من قاعدة البيت
رحب بطلبها متسائلاً:
-عاوزة تروحي فين؟!
قالت بتحير:
-أي مكان في مصر، مثلاً وديني أسوان، نفسي أروحها
مط شفتيه في دهشة، لم يتخيل أنها تطلب ذلك، فقد ظنها ستختار بلد أجنبي، وافق قائلاً:
-خلاص هنروح أسوان....بعد بكرة على ما نجهز نفسنا
-يبقى تقولهم الصبح، علشان هنسيب العيال مع ماما هنا........!!
____________________________________
حين توجه ليجلس بالشرفة متجاهلاً إياها تمامًا، احتقن وجهها بغضب، فقد ظنته يهذي في الحفل، أو يتحامق معها، دنت سمر منه مقطبة القسمات، مستاءة من معاملته الجافة لها في يوم زفافهما، هتفت بجهامة:
-قصدك أيه من اللي بتعمله ده؟!
استمر زين بالتحديق أمامه، فهو ليس بمزاجٍ جيد لمناقشتها في شيء، تحركت لتقف أمامه وتحجب نظراته ليراها هي فقط، استطردت:
-صحيح بقى زي ما بيقولوا عليك.
تنبهت حواسه لكلامها ثم نظر لها بعدم فهم، تابعت باستهجان:
-بيقولوا إنك من بعد مراتك الأولى قعدت تلت سنين مش بتتجوز، لأنك ملكش في الجواز، ومراتك طفشت منك علشان كده!
نهض زين وقد قست نظراته نحوها، هتف:
-مين دا اللي بيتجرأ يتكلم عليا؟!
تراجعت خطوة متوترة، قالت بثبات مزيف:
-وأنا مالي، أنا بسمع زي غيري، بس واضح كلامهم بجد!
استفزت رجولته وهذا لن يسمح به، لم يجد ما يعدل به مفهومها عنه سوى أنه قال:
-بس دا مش صحيح، والكلام دا كله كدب
ردت متهكمة:
-ما هو باين!
وقف زين مذبذبًا، فما علم به ضايقه، ظنته سمر سيأخذ خطوة إيجابية معها ويقصي هرائه في هجرانها؛ لكنه صدمها قائلاً باستسلام:
-اللي يقول يقول، كفاية إني واثق في نفسي.
ثم تركها ليلج الغرفة غير مكترث لأي شيء، فتعقبته بنظراتها المصدومة من ردة فعله، دلفت للداخل نحوه تستنكر هذا الرد، تسطح زين ليأخذ وضعية النوم، تاركًا إياها تسلي نفسها، وقفت سمر تحدق به بانزعاج، وفي أعماقها ودت البكاء لترثي حظها السيئ، قالت في نفسها:
-طيب اتصرف معاه إزاي ده، دا بابن صنم مبيحسش
ثم فكرت للحظات بتعقل، تابعت:
-أكلم مامته تتصرف وتنصحني، هي قالتلي كده........!!
___________________________________
صباحـًا، هبط الدرج ممسكا بيدها، وتفاجأ الاثنان بحقائب سفر مسنودة جانبًا، دُهشا منها فتابعا هبوط الدرج، لمح آيان والدته ترتدي ملابس الخروج فانضم لجلستها وسألها:
-هو مين اللي مسافر يا ماما؟!
جلست زينة بجانبه، فنظرت لها نور شزرًا، باتت تحقد عليها، وما علمت به من ابنتها، جعلها نافرة من وجودها، واحتفظت بهذه الخبايا لنفسها، ردت باقتضاب:
-هنسافر شرم عند أختك!
اندفعت زينة في كلامها، ظنًا منها أنها ستمرح هناك، قالت:
-بس حضرتك على طول بتتفسحي وتخرجي، إحنا اللي لازملنا يومين نخرج سوا فيهم
هتفت نور بنظرت حادة:
-اتفسخ أيه يا بتاعة إنتِ، أنا رايحة لبنتي تعبانة
توتر آيان من تفاقم مناقشتهن، قال:
-سلامتها ماريان يا ماما، اتفضلي روحلها، لو عايزانى معاكِ مافيش مشكلة.
خاطبته زينة بتكشر:
-تروح فين، إحنا رايحين أسوان!
رمقتها نور باستشاطة، صاحت:
-عايزة تتفسحي في أسوان، لقيتي نفسك بيضة قولتي أسودها
وجهت زينة بصرها لـ آيان؛ كي يلوم والدته على كلامها، فهو غير مقبول، بالفعل رد على والدته بتحفظ:
-ميصحش يا ماما كده، وزينة مغلطتش إنها عاوزة تغيّر جو
انضم زين لهما وقد استمع لما حدث، قال برزانة:
-متزعليش يا زينة، نور أصلها متضايقة علشان ماريان تعبانة، وشايفة إن خروجكم في الوقت ده مش لطيف
لطف زين وهو يتحدث ويبرر، يمتص غضب أي أحد، ابتسمت له زينة بود وقالت:
-سلامتها ماريان يا أنكل، وخلاص هنأجل السفر لما تبقى كويسة
نهضت نور ضجرة من وجودها برفقة هذه الفتاة، هتفت:
-يلا نمشي يا زين، الجو هنا خنقة
تحركت نور نحو الخارج لتسبق به، فنهض آيان ليستفهم من والده أكثر، قال:
-ماريان عندها أيه يا بابا؟!
اغتم زين وهو يخبره:
-ماريان عاوزة تطلق، ومصرة على كده
-أيه السبب؟!
-متخانقة جامد مع ريان، وكانت هتنتحر..........!!
___________________________________
جزعت من زيارته الموسومة بنار غيرته، أيضًا دخوله المباح لشقتها دون أن يعيرها اهتمام، وقفت من خلفه جامحة ثم قالت رافضة أسلوبه:
-أنا لوحدي ومينفعش تكون هنا.
استدار بجسده لها مستنكرًا هرائها هذا من نظراته الساخطة نحوها، قال:
-وأنا زي ما قولتلك، لسه جوزك، وغصب عنك
لاحت بسمة متكلفة على ثغرها وهي تقول:
-كلامك لو صح مبقاش ينفع، إحنا بعيد عن بعض تلت سنين يعني جوازنا في الشرع باطل، هو مش باين لو بعدت أربع شهور!
امتعض من استفزازها الدائم له لكن تريث في عدم الاندفاع معها، رد متهكمًا:
-"لمى" إنتِ اللي هربتي مش أنا اللي سيبتك، يعني من حقي أنا احبسك علشان اتجوزتي وإنتِ أصلاً متجوزة
ضمت ذراعيها حول صدرها ثم قالت بلا مبالاة:
-الورقة اللي بعتهالي معايا، وتثبت إنك طلقتني
-مزورة!
قالها ببرود وهو يتحرك ليأخذ جولة في شقتها الحديثة، تضايقت من ذلك ثم سارت خلفة متابعة بحنق:
-زين يلا إطلع برة، سيف لو رجع مش هيحصل كويس
أثارت حنقه بذكرها اسمه وغلت نيران غضبه، أحد النظر إليها فرجف جسدها قليلاً، هتف بحدة مقلقة:
-لا ما أنا جاي أخدك، عاوز أشوف هيعملي أيه، أنا لحد دلوقتي ماسك نفسي لأقتلك وأقتله
تركت مسافة بينهما حين تراجعت للخلف، ردت بتلجلج:
-إنت نسيت عملت معايا أيه، يعني إنت واحد متملك، مجنون وأنا خايفة منك، عُمرك ما حبتني وضحكت عليا
تأفف علنًا من حديثها الأحمق، بهدوء غريب أمسك بيدها قائلاً بإصرار:
-يلا معايا!
حاولت سحب يدها رافضة في ظل تمسكه العنيف بها، صرخت باحتجاج:
-عاوز توديني فين؟، عند مراتك علشان تذلني، لسه هشوف منك أيه تاني عاوز تعمله معايا
كأنها تحدث نفسها من تجاهله التام لها، عند فتحه باب الشقة هتف طفل صغير بعفوية:
-مـامي!!
اخترقت كلمته أذن زين ليدير رأسه لداخل الشقة، تفاجأ بطفل وسيم يقف بمنتصف الردهة، دب الهلع في قلب "لمى" حين ظهر صغيرها، أعاد كلمته ببراءة وهو يخاطبها:
-مـامي...... I'm hungry (أنا جوعان)
من حديثه بدا أنه يوجهه لها، حدق بها زين وتطير من نظراته الأسئلة المصدومة والمتعجبة نحوها، ازدردت ريقها في توتر وهو يسألها بجدية:
-مين الواد ده؟!
أبت أن تخرج الكلمات من حلقها وتلعثمت في رد مناسب تقوله وعينيها المهزوزة تارة عليه وتارة على الصغير، عاود زين سؤاله بنبرة منفعلة جعلتها تنكمش متخوفة:
-قولت مين ده انطقي؟!............
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا