مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل العشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل العشرون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل العشرون
كرم الدالي الابن الأكبر لنجيب الدالي، والذراع الأيمن له،وشريك عمه طاهر بجميع أعماله، استطاع بفترةٍ وجيزةٍ أن يشغل مركزًا مهمًا بأعمالِ عمه ووالده بنفس التوقيت، وبالإجبار، فقد كان مجبرًا على العمل بشركة والده، وبعد محاولات خسيسة ومغرضة استطاعت منار أن تجبره على شراكة مع عمه ستخوله من أن يضع يده على جزءٍ كبيرٍ من أموالهِ، وكانت تنوي تدمير إمبراطورية الدالي عن طريق تلك الشراكة، لكن انتهى طاهر الدالي وإمبراطوريته بطرق مغايرة تمامًا، يكُبر يسر بثلاثة أعوام، كان يعد نفسه المسئول عنها منذ نعومة أظافرهما، لعبا سويًا، درسا بنفسِ المدرسة، عاشا حُب الطفولة البريء، وحُب المراهقة الأهوج، وحُب الشباب الحالم وكللاه بخِطبةٍ عقبها عقد قران صمم عليه كرم حتى لا يترُك مجالًا لخلافات والدتيهما أن تفرقهما، لكن لم يضع القدر بالحسبانِ، فقبل حفل زواجهما بأيامٍ قليلة انفصل عنها غيابيًا وفر هاربًا إلى خارج البلاد تاركًا إياها تواجه الجميع بمفردها، المجتمع، الصحافة، والدته، وموت شقيقيها وما ترتب عليه من تدهور حالة والدها الصحية، وقلةِ الحيلة بقلةِ الأموال، ولولا عودة كرم لما استطاعت أن تقف على قدمها مرة أخرى،كان كرم يونس الدالي شقيق سمية يستحوذ على حب واهتمام الجميع؛ نظرًا لتسميته نسبًا لاسم جده كرم الدالي الكبير، فأرادت منار أن يحصل مولودها على هذا الحب؛ لذا أصرت على تسميته على اسم جده، ورغم اعتراض الجميع لتطابق اسمع مع سم كرم يونس، نفذت ما أرادت، فمنذ أن أصبحت فردًا من أفراد عائلة الدالي وهي تضع عينيها على كل ما هو بيدِ سمية، حتى اسم شقيقها لم تهنأ إلا وهو اسمًا لابنها، لطالما استخدمت ما بين ابنها ويسر لتدميرهم وبنهاية الأمر نجحت بذلك دون أن تضع ابنها بعين الاعتبار، كرم ليس بالشخص الهين فدهائه يشبه مكر الثعالب ما إن تنظر إلى عينيه حتى تشعر وكأنك غرقت ببئرٍ من الأسرار، جرئ بحبه ولا يُستهان بِه، وما إن يضع عينه على شيء حتى يحصل عليه، وضع عينه على يسر وحصل عليها كما حصل على أموال والدها، كلمته مسموعة لا يستطيع أحد الوقوف بوجهه لكن ما إن يصل الأمر إلى أمه حتى يصبح طفلها المطيع.
**
تحت المياه المنسابة على رأسها وجسدها، وقفت يسر وهي ترتدي كامل ثيابها التي غادرت بها منزل مراد بالعين السخنة،
ودموعها تتسابق بالانهمار على وجنتيها مع المياه، أحدهما كانت تبرد جسدها والأخرى كانت تحرق وجهها، وأخيرًا علمت ملابسات ما يحدث لها منذ وفاة والدها، بل ما حدث منذ وفاة شقيقيها، لم تكن معرفتها بمخططات والدتها مع مراد وكرم هي سبب انهيارها، بل معرفتها بمخطط أمها مع طليقها أي حُب عمرها، وكيف أجبرته على طلاقها غيابيًا بعد أن هرب مستوليًا على أموال والدها التي كانت بحوزته، ويا للصدفة لقد أعطاها له صبيحة يوم الحادث، وعندما طالبه بها بعد انهيار أسهم شركاته، قام بتصفية أعماله وغادر إلى خارج البلاد ولم يستطع أحد إثبات حصوله عليها فلقد أعطاها له عمه على سبيل تمويله للمشروع بشكل ودي ولم يتوقع خيانته، أما عن إجبار سمية له على الطلاق فلقد نجحت بهذا بصورةٍ أو بأخرى ورفضت عن الإفصاح عن سر قبوله بالطلاق وقالت لها بشجاعةٍ وهو يقف قبالتها:
"إن كان يملك الجرأة ليخبركِ هو، لكن أعلم جيدًا لن يتجرأ على ذلك، والآن إما أن تغرب عن وجهي أو أُنهي اتفاقنا كما فعلت أنتَ وحينها سيحدث لكَ ما تمنيته كثيرًا،لكن ماذا أفعل لابن عمي خاطر لا يمكن تخطيه، وهذا ما يقيد يدي وقدمي ولساني عنكَ يا ابن منار"
دار بينها هي وأمها جدال حين حاولت يسر أن تستفهم عما يحدث، لكن رفضت سمية الافصاح عن كيفية اقناع كرم بالطلاق ووعدتها أنها ستضمن معرفتها بالسبب الحقيقي بعد وفاتها وأقسمت طالما تتنفس لن يعرف هذا السر سواها، و أخبرتها أنها أصرت على الطلاق عندما علمت أنه لا يستحقها، لقد استولى على أموالهم وهرب وتركها في محنتها فما كان منها سوى الضغط عليه للطلاق، أما عن زواجها من مراد قالت لها أنها وافقت على طلبه عندما علمت بإنهاء كرم لأعماله بالخارج وقرر العودة للوطن، وأخبرتها أن ما كانت تخشاه قد حدث بدليل طلاقها المفاجئ، كل ما تحدثت به والدتها كان صادمًا بالنسبة لها خاصة عندما علمت منها أنها قامت بالاتصال بمراد وعلمت منه أنه من قرر الطلاق، حيث زواجهما مكتوب عليه الفشل ولما يستنفذ طاقته بزيجة حتما ستفشل؟ لم تقتنع سمية بهذا السبب وعلمت أنه يخفي عنها السبب الحقيقي لكن لم تضغط عليه وقررت أن تمهله بعض الوقت.
شعرت يسر أنها دُمية بأيدي الجميع يتلاعبون بها كما يحلوا لهم،كرم،خالها،أمها ،مراد وأكثر من شعرت أنها بحاجتها كانت رهف التي أنهت استحمامها في عجالة من أجل أن تتحدث معها.
**
بشركة "mmh"تحديداً بمكتبِ حمزة، جلس مراد قبالته ينفث سحابة بيضاء من دخان لفافة التبغ القابعة بين إصبعيه،وهو يتطلع بِه بغضبٍ، ليس من أسئلته واستنكاره لما رواه عليه وإنما مما يحدث، كيف لقلبٍ عطوفٍ حنونٍ،أن يكون بهذه القسوة، كيف لأخٍ أن يتقبل ما حدث لشقيقته، ويقف يشاهدها هكذا مكتوف الأيدي؟!
قال حمزة:
_أمجد لابد له وأن يُعاقب عل فعلته هل ستتركه ؟
_لن أفعل، لكن لن أبرحه ضربًا كما فعل بها، سأنهيه وهذا الأمر يحتاج القليل من الصبر، أمره لا يهمني ما يهمني مريم وابنتها.
قال حمزة ضاغطًا عل جرحه حد النزف:
_ ويسر؟
تنهد قائلًا:
_طلقتها.
_لِمَ؟
_هي طلبت وأنا نفذت.
حرك رأسه باستنكارٍ ثم قال:
_لا تجعلني أفقد أعصابي، البارحة كنت تقول سأحميها من قذارة زوجها والآن تقول طلقتها هكذا وببساطة؟
_طليقها وليس زوجها.
نهض حمزة وهو يحدق به ببلاهةٍ:
_ مثلكَ تمامًا لقد أًصبحت طليقها، بالمناسبة لابد وأن تنهي إجراءات الطلاق، سيقتنص ابن عمها الفرصة وفور انتهاء عدتها سيحاول إعادتها له، هذا إن كان لها عدة.
سارعدة خطوات نحو الباب ثم التفت إليه قائلًا قاصدًا إغاظته:
_مؤكد لها عدة حتى وإن لم يكتمل زواجكما، فشروط العدة مكتملة في حالتكما بالخلوة، هل كنتما تبقيان بغرفة واحدة أم كل منكما بغرفة يا صديقي؟
تطلع به بغضبٍ وكأن الشرر سيتطاير من عينيه ويحرق الشركة بأكملها، أطلق العديد من السبات من بين شفتيه ونعته بالمعتوه لتخيله أن ليس ليسر عدة، لم يكن يعلم أن شرطي العدة اكتملا في زواجها من مراد، لذا عدتها ثلاث أشهر سيحدث بهم الكثير.
**
_رأيته يا رهف، رأيته وخاتم عائلتي اللعين بإصبعي، بعد ثلاث سنوات رأيته، لم يتغير كما هو جرئ،عينيه لها تأثير قوي واشتقت له.
قالت يسر،وهي تجلس على السرير رفقة رهف، وتقبض على كفي يديها وتضغط عليهما بشدة، بعد أن استدعتها لحاجتها لها، قالت الأخيرة:
_هذا ما أحاول إيصاله لكِ منذ عدة أيام، لن تكوني بخير سوى معه، حبه لم يقل مثقال ذرة بقلبكِ بل على العكس شوقكِ له يدل أنه ازداد أضعاف المرات.
ضغطت على يدها وابتسمت بتوجسٍ ثم تابعت:
_ يسر أخي عاد ليصطحبكِ معه إلى الخارج، لتنسي كُلُّ ما حدث وتعيشا بسعادة بعيدًا عن حرب سمية ومنار الدالي.
انتفضت يسر واقفة ثم هدرت بها:
_سمية الدالي فقط، منار لم ولن تكن دالي بيومٍ من الأيام، أما عن كرم نعم اشتقت له، افتقده، حبه لم يقل بقلبي، أضعف أمام عينيه، لأنه حب حقيقي صادق لم يكن كذبًا وخداعًا كما الحال معه.
_لكنه عاد وينوي الاعتذار لكِ وتعويضكِ ومحاربة الجميع من أجلكِ.
عاودت الصراخ مرة أخرى إلى أن وصل صوتها لمن بالخارج:
_ بعد ماذا، وبماذا، وعمن سيعوضني؟ هل عن أبي الذي عاش ثلاث سنواتٍ أسيرٍ لكرسي متحرك، أم عن أموالنا التي سرقها وهرب في أكثر أوقاتنا حاجة إليها، أم عن معاملة منار المهينة لي ولعائلتي، أم عن تخلي عمي عنا،أم عن ما فعلوه بنا المجتمع والصحافة، أم عن وفاة أبي حسرةً عليّ، أنا أعلم جيدًا من نشر تلك الأخبار الكاذبة،أم عن قلبي وما فعله به.
راحت تلكم صدرها عدة لكمات وهي تتابع:
_ هذا القلب بماذا سيعوضه بعد أن تخلى عنه في أكثر أوقاتي احتياجًا له، هل وضعتِ نفسكِ بمكاني حب طفولتكِ يترككِ قبل الزفاف بأيام، بعد أن قتل أخيكِ أختكِ عندما أمسك بها رفقة أحدهم وأثبت الطب الشرعي قيامها بعلاقة جنسية كاملة وتعاطيها المخدرات، رهف أنسيتِ ما عنيناه بأروقة المحاكم، أنسيتِ انتحار ياسين أنسيت عندما حُكم عليه بالإعدام، أنسيت صراخه بأسمائنا يومها، أنسيت أنني اضطررت للعمل حتى أغطي احتياجات أسرتي بينما أخيكِ ينعم بأموالنا بالخارج؟رهف لطالما فصلنا علاقتنا بمشاكل العائلة،لنفعل هذا الآن أيمكن.
عانقتها وهي تذرف سيل من الدموع قائلة:
_يمكن يا حبيبتي يمكن.
بالخارج كانت تجلس سمية تتصنت على ما تقوله ابنتها، ابتسمت بسعادة رغم ألم ابنتها وهي تتمتم"إنها ابنتي لن ترضخ لتهديدات هذا الحيوان مطلقًا".
جلستا الفتاتين مرة أخرى بعد أن هدأت يسر، فقالت رهف محاولة استيعاب ما قصته عليها عند مجيئها:
_هل صدق مراد ما وصل إليه من صور؟
_هممم.
_من أرسل تلك الصور؟
حدقت بها يسر بنظرات ذات معنى فتابعت:
_بالطبع أخي،قلت لكِ لن يتخلى عنكِ بسهولة.
_لست سلعة يتم تداولها كما يحلوا له.
تطلعت بها بريبة ثم قالت:
_ يسر لما سمحتِ لمراد أن يفعل ما فعل!؟
طأطأت رأسها بخجلٍ ثم قالت:
_ أعلم ما يجول بعقلِ وقلب مراد لذا أردت أن أقتل كل شعور تجاهي بداخله، لم يكن سهلًا لكني فعلتها، بالنهاية هو زوجي، لقد قطعت آخر أمل بقلبه لي.
**
ذات مساء
تكورت يسر على نفسها على مقعدٍ بشرفة غرفتها وهي تُمسك بكوبٍ من الشاي،وبيدها الآخرى تنهي بعضًا من أعمالها على الحاسوب في انتظار بدء إطلالة أفيندار، بينما تجلس رهف بحديقة قصرهم تتشارك مع يسر في انتظار ما ستخطه أفين، وصل إليهما ذات الاشعار بنفس التوقيت وكان عبارة عن" الليلة لا توجد رسالة أو مشكلة ، بل أفيندار ستطل عليكم بشكلٍ جديدٍ لأول مرة لأن ما مضى شيء وما سيأتي مغاير تمامًا، الليلة نصيحة لن أقدمها، بل أنتم من ستفعلوا،بطلة الليلة في أمس الحاجة لنصائحكم لا تبخلوا عليها،انتظروني بعد قليل".
قامت رهف بإرسال رسالة على تطبيق "الماسنيجر" إلى ابنة عمها فحواها"يسر ما هذا الهراء؟أفين باتت تُزعجني بالآونة الأخيرة،خواطرها بها غموض لا أستطيع تفسيره،وكأنها ستفاجئنا ذات ليلة بتوقف خواطرها، والله حينها اغتالها تلك اللئيمة تعلم أهميتها فتدلل علينا"
ابتسمت يسر ثم قامت بالرد عليها " لتتوقف الخواطر وما المشكلة هل سنموت في غياب أفين! "
هذه المرة لم تراسلها رهف بالكتابة بل أرسلت لها مقطعًا صوتيًا قالت به "يسر هل جننتِ،أنا أنتظر طوال الأسبوع يومي الثلاثاء والجمعة فقط للاستمتاع بما تخطه أفين وقراءة تعليقات آراء متابعيها".
شردت يسر قليلًا بعد أن علمت مدى تشبث ابنة عمها بعالمها الافتراضي رغم تواجد حمزة بحياتها، ثم أرسلت إليها مقطعًا صوتيًا محتواه"رهف ليكبر عقلكِ قليلًا، أفيندار ليست سوى شخصية مبهمة، لا نعرف إن كانت رجلًا أم فتاة، عاقل أم مختل، حياته مستقرة أم يُقابل عقبات ستحيل عن تواجده معنا دومًا،أخبركِ أمرًا،أفيندار تُعني عاشق وكل منا عاشق وكل منا بداخله أفيندار،لا تنتظري أفيندار إن غابت بل ابحثي عنها بداخلك"
كلمات يسر أحدثت خللَا بداخلِ رهف وراحت تفكر بما قالته،نستطيع القول أنها اقتنعت به إلى حدٍ ما، لكن ما زاد فوهة الخلل اتساعًا هي كلمات أفين التي أرفقتها بموسيقى كانت موفقة باختيارها حيث جسدت معاناة البطلة/البطل بكلماتها والمعاناة المتجسدة بالمقطوعة الموسيقية.
**أفيندار**
{ماذا إن ضعف القلب،وتمزقت الروح،وسلب كل منهم جزءًا منا، ماذا إن تخلى عنا من أقسم أن يبقى بجانبنا طوال الحياة، ماذا إن فعلنا ما يدمينا، واتشحت بالسواد ليالينا، ماذا نفعل هل نرضخ، أم نواجه ببسالةٍ، ندافع عن معتقداتنا، أم لا شيء يستحق في هذا الظلم البين،أنشبههم أم نتمسك باختلافنا؟}
**
أكثر الأعضاء نشاطًا كانت فوفي"أي رهف التي تشارك بمدونة أفيندار باسم وهمي،وكان أول تعليق لها" إن رضخت سيحاربونكَ ويكيلون لكَ من الأوجاع ما لا تحتمل"،رد عليها حمزة" إن رضخت لهم سيحتل السواد قلبك".
وكأن تقديم النصائح مهمة عائلة الدالي وأقربائها فقد كتبت يسر تعليقًا كان فارقة في المدونة وأثنى عليه الكثير" إن سكت لا سواد قلوبهم سيتحول أبيضًا ولا بياض قلبك سيتحول أسودًا،بل سيصبح رماديًا بعد أن تحترق روحكً وتتحول إلى رماد"
وهكذا مرت الليلة في مناقشات ومناوشات بين الجميع،لكن استطاعت بطلة أفيندار أن تحدد وجهتها بعد تلك الليلة.
إلي هنا ينتهي الفصل العشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا