مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السابع والعشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السابع والعشرون
اقرأ أيضا: روايات رومانسية
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السابع والعشرون
بينما تستمد يسر القوة من زوجها، كان كرم نجيب في أضعف حالته أثناء التحقيق معه، علم أن القضية فتحت بطلب من سمية الدالي شخصيًا، بعد تقديمها لأدلة تثبت تورطه بالقضية وطالبت أيضًا بتقديمه للطب الشرعي واثبات تطابق البصمة الوراثية له مع البصمة الوراثية الخاصة بمغتصب ابنتها ياسمين على حد قولها، فقد نفت تماما قيًام ابنتها بهذا الفعل الشنيع، وإنما تم تخديرها من قبله أولًا ومن ثم اغتصابها وقتلها واستدراج شقيقها لتظهر الجريمة على أنها قضية شرف، نفى تمامًا اغتصابه لابنة عمه وظل يردد أنها شقيقة زوجته تصغره بالعمر وكان ينظر لها على أنها شقيقته، ولم يفعل ذلك مطلقًا لكن هيهات، لم يصدقه أحد وتم التحفظ عليه لحين صدور تقرير الطب الشرعي .
***
قضت رهف ليلتها أمام باب غرفة الرعاية المشددة، تنتظر لعلها تحصل على أخبار جيدة فيما يخص حالة والدها الصحية، ولولا مساندة حمزة وعائلته، لِمَ استطاعت الوقوف على قدميها بمفردها في غياب الأب والأم التي عكفت تبحث عن حل مع محامي العائلة عن سبل نجاة ابنها من مكيدة سمية.
وكما قالت رهف لحمزة من يعتاد على تحمل الآخرين لمسؤولياته أضعف من أن يقف بجانب أحد، فطوال الوقت كانت تجاهد ألا تهاتف يسر وتطلب منها العون رغم تأكدها أن حالتها لا تقل سوءً عنها بل تزداد فللقاتل والمقتول مكانتهما الخاصة بقلبها، لذا قرت الصمود في مواجهة الريح، تفاجئ حمزة بتماسكها لقد رآها من قبل في حالة انهيار تام وتوقع أنها لن تصمد أمام ما اكتشف فسألها:
"إن نظرنا لحالتكِ، سنكتشف إما أنكِ كنت على علم مسبق بما حدث، أو أنكِ وصلتِ لمرحلة من عدم التصديق تجعلك لا تبدين ردة فعل حيال الأمر"
نظرت له نظرة ذات معنى وقالت:
"ردة فعلي سأبديها عندما أتأكد مما يُقال، انتظرني سأنال شرف الكلمة الأخيرة"
**
شعرت بثقلٍ ما على كتفها ورائحة غريبة عنها تتغلغل بأنفها سرعان ما تعرفت عليها، تذكرتها وتذكرت عناقه لها، إنه هو من رفضته لأشهر والآن تنام بين ذراعيه بطلبٍ منها، حاولت تحرير جسدها من بين يديه لكنه شدد من عناقه وقال بصوت رخيم ينم عن استيقاظه لتوه:
"صباح الخير"
أزاحت يدها بعنفٍ ثم قالت:
"صباح النور من فضلكَ دعني أنهض، أنا على عجلة من أمري"
قال وهو يبتعد عنها يعطيها مساحة من الحرية:
" لم أمنعكِ من النهوض، فقط خُيل لي أنكِ ما زلتِ بحاجتي"
ارتبكت عند تذكرها طلبها للعناق البارحة، فقالت وهي تتجه نحو المرحاض:
"كنت ضعيفة للغاية اعذرني"
"أي عذر أنتِ زوجتي يحق لكِ طلب ما تشائين، خاصة بحالتكِ تلك، يسر أنا بجانبكِ أكثر من أي وقتٍ مضى"
أوقفتها كلماته، كانت بحاجة لهذا النوع من الاحتواء؛ فالتفتت له وقالت:
"إن كنت بجانبي حقَّا خُذني إلى منزل أبي"
ولأنه دومًا ما كان بجانبها، ذهب بها إلى منزل عائلتها لكن بعد أن تأكده من تناولها للإفطار، وعاهدته على ضبط نفسها لأقسى حد حتى تفهم لِمَ أخفت والدتها الأمر عنها، ولِمَ أقدمت على تلك الخطوة بعد مرور سنوات على الحادثة.
تعد سمية محظوظة جدًا بشقيقها فهو يسير خلفها كظلها، يرافقها في السراء والضراء، لا يدخر جهدًا في مساعدتها، وافقها في قرارها الأهوج الأخير دون تفكير في العواقب فقط لتتخلص من بلاء كرم ووالدته، وأثناء تناولهما لوجبة الافطار وشرود سمية وانتظارها بترقبٍ لنتيجة التحقيقات، سمعا باب الشقة يُفتح؛ فعلما أن يسر القادمة، قال كرم وهو ينهض:
"استعدي للعاصفة"
قالت بلا مبالاة وهي تلوك الطعام بفمها:
"تحلى بضبط النفس، ستدمر نفسها ما إن تهب"
دلف مراد على استحياء لاقتحام المنزل دون استئذان على عكس زوجته التي هبت كالعاصفة كما قال خالها، حين قالت وهي تلقي بحقيبتها على الطاولة:
"ليخبرني أحدكما ماذا يحدث، وأي جنون فعلتما"
قالت سمية وهي تضع الشوكة التي بيدها بترويٍ على المائدة، دون أن تطلع بأحدٍ:
"يبدو أنني لم أحسن تربية ابنتي، فأحسن أنتَ ترويض زوجتكَ يا مراد"
كاد يتحدث حين قاطعته يسر:
"أمي أنا لست منار أو هذا الحقير لتتعاملين معي بهذا الأسلوب، لا يوجد ما أخشاه وأعرف جيدًا كيف أحاوركِ بذات الأسلوب لذا دعينا نتحدث بهدوءٍ، وليشرح لي أحدكما ماذا حدث البارحة؟"
نهضت سمية عن المائدة وقالت وهي تتجه نحو المقعد:
"إذًا اجلسي عاقلة واستمعي إليّ، لا داعِ لتصرفات عرق الدالي الأهوج"
طلب منها مراد الجلوس والتعقل لحين فهم ما يدور وطاوعته، فاسترسلت سمية بالحديث تروي ما حدث:
"نعلم جميعًا موقف رهف من القضية وكيف ساندت ياسين، رغم تخلي أسرتها عنه وعنا جميعًا، لقد صرخت بعشقه في أروقه المحاكم ولم تخجل، وذات صباح بالتحديد قبل الحكم النهائي عليه، جاءتني منهارة وطلبت مني التحدث على انفراد وبعد قسم وعهود كثيرة اعترفت لي بأمر غاية في الخطورة، أرادت أن تتخلص من ذنبه، أرادت أن تبرئ ابني على الأقل بنظري، لقد استمعت إلى حديث دار بين والدتها وشقيقها حيث قال لها بالنص{ لو تعلم يسر أنني السبب في فقدانها لشقيقتها، لقتلتني}، وكانت تلك الجملة بذرة الشك التي أنبتت بداخلي حكايات....."
قالت يسر مقاطعة إياها:
"هل اتهمتِ كرم بتلك التهمة بناءً على جملة رهف، ولا نعلم مدى صحتها!"
تطلع بها مراد متعجبًا لتمسكها بالدفاع عن كرم رغم كل شيء، تساءل أي تعويذة تسيطر عليها وتجعلها مغيبة هكذا، قالت سمية وهي تحدق بها بتحذيرٍ:
" يسر اخرسي ودعيني أكمل حديثي لأننا لن نذكر هذا الأمر بمنزلنا بعد اليوم، وبناءً على جملة كرم كونت حينها سيناريو مبدئي لِمَ حدث، لقد أراد كرم الانتقام منا لسببٍ لا أعلمه، من الممكن أن يكون بأمر من منار، فقام باستدراج ياسمين رحمة الله عليها إلى تلك الشقة المشئومة، وبطريقة أو بأخرى جعلها تتناول الحبوب المخدرة وقام باغتصابها، ثم نجح أيضًا باستدعاء ياسين رحمة الله عليه، لا أعلم ما حدث وقتها لكن على حسب رواية ياسين لقد قام أحدهم بإخباره بتردد شقيقته على أحد الأماكن المشبوهة، وذهب على الفور إلى هناك، ووجد شقيقتكِ بوضع لا داعي لذكره فبحث بالشقة عمن كان رفقتها، وعند عودته وجدها مقتولة، وهكذا تم التخلص منهما والنيل منا والتشهير بنا، واجهته كثيرًا فلم يعترف لكنه لم يصمد وارتبك وتأكدت شكوكي، حالتكِ حينها لم تكن تسمح بمعرفة هذه الأمور، هل كنتِ ستتحملين أن يكون زوجكِ هو قاتل أختكِ ومغتصبها؟ فقمت بالاتفاق معه إما يرحل أو أبلغ عنه وكعادته تعامل معي بقذارةٍ هو ووالدته، واستخدم حالتكِ وانهياركِ حينها لصالحه، وكان الاتفاق أن يغادر البلاد في سبيل سكوتي عنهما..."
صرخت يسر مرة أخرى:
"هل تخليتِ عن حق أبناءكِ، باتفاق حقير مع كرم، بعد أن قتل ثلاثتنا، هذا إن كان هذا الحق معه وما ترويه صحيح؟!"
"سأقولها مرة أخرى اخرسي يا يسر لأكمل حديثي، مرت سنوات وحدسي يخبرني أنه القاتل، لكن ماذا أفعل لا يوجد بيدي دليل ملموس، حالة والدك الصحية لا تسمح بفضيحة أخرى، خالكِ يقسم كل يوم أنه سيقتل منار فأجبرته على السفر هو الآخر للخارج وقررت التعايش مع هذا السر، لكن أوصيته إن مت يخبركِ لأنني أعلم مدى ضعفكِ تجاه هذا المجرم، إلى أن جاء هذا اليوم ورأيت صوركِ بين أحضانه، وبعدها رأيتكِ أنتِ بين أحضانه ويحاول الاعتداء عليكِ حينها أقسمت سأنهيه وأتخلص من شره لن تلمس يده القذرة ابنتي كما حدث مع ياسمين، خاصة والدكِ لم يعد موجود وأنت هناك من يقف بجانبكِ، وحالتكِ تسمح بتحمل هذا الثقل"
قالت يسر بهجومٍ شديدٍ وشلال دموعها ينهال على خديها وكأن ياسمين توفيت اليوم:
" لا تستطيعي اثبات الجريمة من خلال جملة رهف فقط"
هدرت سمية:
"يا غبية ملف القضية مازال موجودًا وهناك نتيجة لتحليل البصمة الوراثية للمغتصب، إن قارناه بتحاليل كرم ستتطابق وحينها سنثبت أنه كان متواجدًا بالشقة وما بعد ذلك سهل"
نهضت وقالت نافية ما تسمعه:
"مستحيل أن يغتصب كرم ياسمين"
فتدخل خالها بالحديث لأول مرة بعد أن اغتاظ من دفاعها عن كرم وقال:
"إذًا كان بينهما علاقة غير مشروعة، وقاما بخيانتكِ، وبالتالي قتل ياسين ياسمين عن عمدٍ، هل هذا التحليل يروق لكِ؟"
خارت قواها وجلست تصم أذنيها بيديها وراحت تصرخ:
" لا يفعلها لا يفعلها هو حقير سارق لكنه لا يغتصب، هل قاما بخيانتي، بالأصل ياسمين لا تفعل شيئًا كهذا"
تحلى مراد بالصبر لأقسى درجة لكنه لم يحتمل دفاعها المستمر عنه فقال:
"يسر إما اغتصب شقيقتكِ وقتلها لينتقم منكم لسبب لا أعلمه، أو قام بخيانتكِ مع شقيقتكِ وعندما اكتشف ياسين الأمر قتلها اختاري الحقيقة الأقل سوءً وصدقيها"
بكت وتطلعت به بضعف ثم قالت:
" لا يمكن أن يقومَ بكل هذا السوء معي، إن اغتصبها أو أقام علاقة معها في كلا الأمرين ذبحني"
تطلع بها فاغرًا فاه، فصرخت سمية:
"مراد خذ تلك المجنونة وارحل لا أتحمل رؤيتها"
دق جرس الباب فنهض أقلهم انفعالًا ليفتح، قال كرم وهو يتطلع بريبةٍ من حالة رهف:
"رهف مابكِ؟"
مرت إلى الداخل وهو تقول:
"خانت شقيقتكَ وعدها معي يا عماه "
صوبت الأنظار إليها وهي تدلف كالبرق إلى غرفة استقبال الضيوف، فقالت سمية:
" كيف حال والدكِ يا صغيرتي؟"
قالت بنبرة باكية مرتجفة:
"الآن بالرعاية المشددة وبعد أن يلتف حبل المشنقة حول عنق ابنه بعد أن تشهد عليه شقيقته بالتأكيد سيموت، تمامًا كما فعلنا بكم أخي كان السبب بموت عمي وأبنائه وأنتِ ستكونين السبب بموت أبي وأخي، انظروا للعدالة الإلهية، فقط سؤالي لكِ، لما أفشيتِ سري،كيف سأتطلع بوجه بابا، كيف سأجابه ماما"
قالت يسر والخوف يتقافز من عينيها:
" عن أي حبل مشنقة تتحدثين؟"
أخرجت رهف ورقة مطوية من جيب سترتها وقالت وهي تمدها لها:
" أمر استدعاء من النيابة، لأشهد بما أعرفه وأخبرت والدتكِ به قبل سنوات فيما يخص قتل كرم لياسمين"
إلي هنا ينتهي الفصل السابع والعشرون من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا