مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الرابع من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الرابع
اقرأ أيضا: روايات رومانسية
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل الرابع
انتفض جسد "يسر" بين ذراعي "مراد" وهو يحيطها بهما بسبب قربهما الشديد ؛فانكمش جسدها ودفعته بعيدًا عنها،وكأن حية لدغتها عندما لامست يده خصرها،فقالت:
_سيد "مراد" من فضلك.
أشار بيده معتذرًا منها وهو يحدق بها بذهول ،ثم قال:
_ أعتذر كدتِ تسقطين ؛فحاولت مساعدتكِ.
لملمت شتاتها وقالت:
_شكرًا لكَ، اسمح لي بالذهاب.
_ لحظة من فضلكِ
هل تقربين العروس؟
ابتسمت بود وقالت:
_ابنة عمي.
اختفت عن أنظاره متوجهة إلى الأعلى،تاركة عيناه تبحث عنها،وعقلة منشغل بسبب خوفها من الاقتراب منه،فالمرتان اللتان التقيا بهما،كانت تخشى رؤية الآخرين لهما،فقرر أن يعرف سبب مخاوفها تلك .
توجهت إلى غرفة "رهف"التي تعرفها عن ظهر قلب ،فقد قضت أوقات كثير بهذا القصر من قبل،دقت على الباب وعندما آذن لها بالدخول، دلفت إلى الداخل وابتسامة مشرقة تزين محياها ،سرعان ما اختفت فور رؤيتها لزوجة عمها،فبينهما حرب نفسية تدمي القلوب لن تنتهي يومًا، كلاهما كانت سبب حرمان الأخرى من سبب سعادتها،ألقت "منار" بمشط الشعر الذي كانت بيدها وهي ترمق "يسر"باشمئزاز وكأنها نكرة وقالت:
_هيا يا "رهف"عريسكِ ينتظر بالأسفل،لا تضيعي وقتكِ مع من لا يستحقون.
لم تنبس "يسر"ببنت شفة، بينما نهضت "رهف"لتقترب منها وتعانقها بعد أن خرجت والدتها ،في محاولة منها لمصالحتها،قالت المصففة:
_انتهينا سيدتي.
_حسنًا اخرجي،شكرا لكِ أبليتِ بلاءً حسنًا.
ابتعدت "يسر"عنها عدة خطوات ثم قالت:
_ما هذا الجمال يا فتاة،لستِ بقليلة،لم أتصور أن تكوني فاتنة إلى هذا الحد!
_دعكِ من هذا الكذب،الجمال كله لديكِ.
تعانقتا ثم باركت لها "يسر" فقالت:
_العاقبة لكِ عزيزتي.
تنهدت"يسر"بحزن وقالت:
_من سيتزوج فتاة تحمل على كتفيها هذا العار.
اغرورقت عيني "رهف"وقالت:
_كمن تزوج فتاة مثلي،تحمل على كتفيها وبقلبها ذات العار.
داعبت "يسر" وجنتيها بلطف وقالت:
_حسنًا أيتها البكاءة لن أسمح لكِ بالبكاء في ليلة خطبتكِ،هيا مؤكد"حمزة"ينتظركِ بشغف بالأسفل.
صدقت "يسر"فيما قالت،لقد وقف حمزة في وسط بهو المنزل ينتظر هبوطها الدرج،وابتسامة راضية تمامًا تزين محياه،فور وصولها مد يده بباقة ورد بيضاء اللون وبعد أن التقطتها بيدها اليمنى،قبض على يدها اليسرى،ورفعها نحو شفاهه ليطبع عليها قبلة بث من خلالها حبه وسعادته ،فارتجف جسدها ،شعر بهذا وحاول طمأنتها فطالعها مبتسمًا وقال:
_ سبحان من أبدع جمالكِ،.
سارا سويًا نحو موضع جلوسهما والاحتفال،وبينما يقف "مراد"يبحث بعينيه عن خاطفة القلوب التي شغلت تفكيره منذ أول لقاء بينهما،كانت هي تهبط الدرج بخطوات واثقة وكأنها تحاول أن تبرهن أن ما حدث منذ سنوات لا يؤثر عليها وهاهي تتواجد بهذا المنزل مرة أخرى،دون أدنى مشكلة.
طلتها كانت بديعة للغاية فستانها رائع محتشم، تلك الخصلات التي كانت تنساب على جبينها،كانت تزيدها جمالًا وبراءة،فخفق قلبه وبشده وكأنه يخبره أن تلك الجوهرة بها شيء يسحر العيون ويجهد القلوب.
تمت الخطبة،وزين خاتم "حمزة " إصبع "رهف"،عندما نظرت إلى يدها تذكرت ذلك الخاتم الذي لم يسمح لها القدر أن ترتديه فتحجرت العبرات بعينها، طالعتها "يسر" مبتسمة تحاول ثنيها على البكاء،وبالفعل اندمجت "رهف"شيئًا فشيئًا مع أحاديث ومداعبات "حمزة" وبعد وقت استأذنت"يسر"لتذهب،لقد جاءت وقدمت التهنئة وأثبتت للجميع حضورها خاصة لتلك البغيضة منار،قبل"نجيب"جبينها وهو يودعها وقال:
_اعتذر منكِ آلاف المرات،على ما حدث يا ابنة الغالي.
أخفضت رأسها نحو يدها الممسكة بيده وقبلتها وقالت:
_صدقني عماه ما حدث هو الخير لي ولكم،مر زمن على تلك الحادثة،حقًا نسيت ما حدث،هيا اذهب"رهف"تنظر لنا بقلق.
راقبها "مراد" بصمت ولم يحاول الاقتراب منها ،لقد بات متفهمًا وضعها، وقرر التوصل لسبب هذا الخوف.
قضت "رهف" ليلتها في مهاتفة "حمزة"، وبدأت تنجرف بمشاعرها نحوه شيئًا فشيًا،وألقت برداء الخوف والتوتر بعيدًا عنها،أما "سمية" قضت ليلتها تبكي فمن المفترض أن يكون عزيزها هو من يُلبس "رهف"هذا الخاتم ،وليس "حمزة"،استغفرت ربها متمتمة"استغفر الله العظيم،راضية بقضائك يا الله"
حال "سمية"لم يختلف عن ابنتها لقد أغرقت دموع "يسر"وسادتها ،حسرةً على من غاب،ومن تخلى.
****
في الصباح وعلى مائدة تضم "مراد" ووالدته" شروق" وشقيقته "مريم" وابنتها ذات العامين، قالت "مريم":
_"مراد"أراك منشغلًا بالعمل منذ عودتك،ألن تخصص لنا وقتًا نقضيه سويًا؟
قبل أن يجيبها قالت والدته:
_اتركيه ليخصص هذا الوقت في البحث عن عروس.
أومأ برأسه بنفاذ صبرٍ وقال:
_الوقت لا يكفي للعمل عن أي عروس تتحدثون!
نهض ثم توجه نحو الصغيرة وقبل كفيها وقال:
_ هيا وداعًا صغيرتي.
"مريم" هي شقيقة "مراد" الصغرى تبلغ من العمر سبعة وعشرون عامًا، متزوجة من ضابط شرطة يدعى "أمجد وجيه"، نستطيع القول أن لولا وجود صغيرتهما "ليان" لكان زواجهما منتهي منذ سنوات، فـ"مريم" تعيش بمنزل والدها أغلب الأوقات، نتيجة لانخراط زوجها بالعمل، وعدم التفاهم بينهما، والكثير من التجاوزات التي تحدث بحقها، فقد قررت منذ ولادة "ليان" أن تعيش رفقة والدتها ولا تعود إلى منزلها إلا في أوقات تواجد "أمجد" وهذا يكون آخر يومين من كل اسبوع، في محاولة منها أن تنقذ زواجهما الغارق في بحر الخيانة.
رحل "مراد" عن المنزل متخذًا الوصول إلى حقيقة تلك اليسر مهمة له هذا اليوم.
ذات صباح ،في شركة"MMH"،بالتحديد في الغرفة التي تضم مكتبي "حمزة" و"مراد"فحمزة هو شريك "مراد" بالشركة وصديق عمره، درسا معًا،وسافرا للتعلم ومن ثم العمل وتشاركا بكل شيء بالغربة، حتى السكن فقد اعتادا على المبيت سويًا كل منهما على فراش بذات الغرفة، وعندما قررا العودة إلى البلاد قاما بإنشاء الشركة وتعاهدا أن يقدما للوطن ما تعلماه بالخارج،وهذا ما يفسر تواجد "مراد"بحفل الخطبة،فهما يكملان بعضهما البعض"مراد"الشخصية الرزينة هادئة الطباع،بينما "حمزة"هو الشاب المرح المحب للحياة لكنه يضع لنفسه حدود لا يتخطاها،نستطيع القول أن مراد وحمزة العقل والقلب لشخصية واحدة.
ألقى "حمزة"القلم الذي بيده باتجاه مكتب "مراد"ليصطدم
بصدره،فهب الأخير واقفًا،وقال بفزع:
_اللعنة عليك،ماذا تفعل؟
دوى صوت قهقهة "حمزة"بالغرفة ثم تطلع نحوه بخبثٍ وقال:
_رأيتك شاردًا ومنغمس بشيءٍ لا تفصح عنه، لكني أشتم رائحته ،فقررت انتشالك من شرودك،أو بالأحرى هذا ما سأفعله بك،إلى أن توافق على اطلاق سراحي وأحظى بغرفة منفصلة بتلك الشركة،سأضايقك إلى أن تمل مني.
تحرك نحوه ثم قال وهو يضع القلم بجيب سترة "حمزة"العلوي:
_حتى وإن جئت بدلو من الماء المثلج وألقيته فوق رأسي لن أفعل.
زفر بضجر ثم تابع:
_التفت ليلًا وأنظر بالغرفة بحثًا عنك ولا أجدك،قضينا معًا سنوات أيها الغبي،لم أعتد يومي بدونك.
استراح "حمزة" بجلسته أكثر،وأسند ظهره إلى ظهر المقعد ،وقال مبتسمًا:
_ ماذا ستفعل عندما أتزوج ،ستبقى بمفردك بعد انتهاء العمل،لن أترك "رهف"وأجلس بصحبتك.
_لا أريدك أيها الحقير ،هل ستتخلى عني من أجلها!
_بالطبع سأفعل، أنصحك أن تبحث عن عروس من الآن.
عاد "مراد"ليجلس على مقعده وقال:
_هذا قالته أمي أيضًا ،هيا أخبرني هل علمت "رهف"كيف تعرفت عليها؟
_لا لم تعلم ،ستذبحني إن علمت.
لاحظ"حمزة"ارتباك صديقه وتوتره وشعر أنه يود سؤاله عن أمر ما فقال:
_ هات ما عندك يا صديقي،منذ يومين أشعر وكأنك تود سؤالي عن شيء لكنك تتردد في اللحظة الأخيرة وتحاول إخفاءه.
فرك "مراد"وجهه بكفي يده وقال:
_هل كنت تعلم أن الصحفية التي قامت بالحوار الصحفي معي هي "يسر الدالي"ابنة عم "رهف"؟
ظهر الارتباك على وجه "حمزة"وبدا وكأنه يحاول إخفاء قلقه فقال:
_علمت لاحقًا،ما الأمر في كونها ابنة عمها!
_ عندما جاءت إلى الشركة وحدث ما أخبرتك عنه،وما حدث بيننا ليلة الخطبة،أصابني الفضول فقررت البحث عنها،والوصول إلى أسباب مخاوفها؛فعلمت أنها شقيقة هذا المدعو"ياسين الدالي"صاحب القضية الشهيرة،فتعجبت من كونها على هذا القدر من الأخلاق والرقي،بالرغم من تلك الحادثة!
حزن "حمزة"فأمر تلك القضية يمس خطيبته،لقد كانت ضلع من أضلعها أيضًا؛ فقال:
_ علاقة "رهف"بالقضية كعلاقة ابنة عمها تمامًا،وهذا لم يؤثر على نظرتي إليها،أرجو أن تفعل هذا أنت أيضا،لم يكن لهما ذنب.
_لا تنسى يا "حمزة"أنا من شجعتك على خطبتها،لكن وضع الصحفية آثار فضولي لا أكثر.
_إياك أن تدخل أمورها الشخصية بالعمل،لقد توفى "ياسين" وانتهى الأمر،كما أني أعلم جيدًا هي على قدر من الأخلاق.
_وما شأني بأخلاقها سننهي عملنا وكل منا يذهب بطريقه.
**
جاء يوم الثلاثاء،وكان من المفترض أن تذهب "رهف"لزيارة "يسر"كعادتها،لكن فاجئها "حمزة"وأرسل إليها رسالة نصية عبر الهاتف المحمول،يخبرها أنه في طريقه إليها،للحظة شعرت بالسعادة فهي باتت تسعد بقربه،وخافقها عاد ينبض بحب بصحبته.
بعد ساعة بالتحديد في الساعة الثامنة كان يجلس "حمزة"رفقة "رهف" بحديقة القصر،يتجادلان حول تعليقها بذبح من سيقوم بخيانتها معها هذا إن حدث، وبعد جدال استمر لبعض الوقت قال ممازحًا:
_ لم أعرف أنكِ ،بهذا الإجرام!
حدقت به بغيظ ثم قالت:
_ لما أنت خائف هكذا؟هل تنوي خيانتي أم ماذا! كما سأزيد على الكلمة حرفًا،سأذبحك معها،وأقوم بطهي عظامكما ،وأتناول الحساء.
قلص المسافة بينهما على الأريكة وقال:
_ ألهذا الحد تحبيني؟
أصابها التوتر والارتباك فتطلعت به بخجل وقالت:
_"حمزة"من فضلك.
ابتسم لها وقال:
_على راحتك،ما يأبى لسانكِ نطقه،عيناكِ قالته بيوم الخطبة.
كانت ستتحدث لكنه أشار نحو الحاسوب المحمول وقال:
_ لقد أطلت أفيندار،هيا لنقرأ ما خطته .
**أفيندار**
ومواصلة لحملة النبش في جراح الماضي جاءتني رسالة من إحدى أفراد عائلتنا{أفيندار}،أقل ما يمكن أن أقوله عنها أنها كلمات تدمي القلوب،شعرت أنها ليست مشكلة صاحبتها تريد حلًا لها،وإنما أرادت أن تتحدث مع أحدهم وتشاركه ألمها وحزنها،أرادت أن يسمع أحدهم أوجاعها،ومدى الحزن التي تعيشه، وقالت عن كلماتها أنها مجرد فضفضة،فوقع اختيارها على خير من يسمع ويطيب أوجاع البشر{أسرة أفيندار} . "أفيندار..إليكِ رسالتي التي أحاول أن أجمع حروفها وأتمنى أن تسعفني الحروف لأصيغها،لا أعلم لما اكتب لكِ لكنها مجرد فضفضة،فليس هناك حل لي، فقد فاضت الروح وفقدت النفس شغفها بالحياة،وامتلأت العين بنظرات الحزن،وارتعشت الأيدي والجسد بعد أن تملك منهما العجز،فقصتي انتهت بمجرد أن بدأت،الحلم الذي انتظرته لسنوات،بمجرد تحقيقه تبخر بعيدًا إلى أعالي السماء أو في الحقيقة إلى باطن الأرض ..ذهبت إليه وكلي أمل أن أعود به لي ولأمه وأحبته،عدت به في صندوق خرج من داره ولم يدخلها ثانية،لم يكن هناك لحظات وداع ،لم يمسك يدي،لم يوصيني على نفسي أو على من يحب،لقد تركنا فجأة،أنا فعلا مشتتة لا أعرف ماذا أفعل ولما أراسلكِ.
هذه بداية الرسالة فقط لقد كتبت عشرات الكلمات أبت يدي كتابتها من كثرة وجعها،لكن سأكتب إليكم اختصارها،فتاة أحبت شاب لسبع سنوات من مجرد سماع اسمه لم تراه فقط تتابعه على مواقع التواصل الاجتماعي ، دفنت حبها ولم تعترف به ظلت تراقبه بصمت،وبلا توقف، خافت ربها ،ودعته أن يكون من نصيبها وأن لا يتعلق قلبها إلا بمن سيكون زوجها ،وعندما فقدت الأمل من اجتماعهم عدلت دعوتها ،ودعت ألا يتعلق قلبها إلا بربها،وبعدها اختارها زوجة له وتقدم لخطبتها واعترفت بحبها له وبادلها الاعتراف،وتم الزواج بسرعة،وأثمر هذا الزواج عن أجمل شيء بحياتهما كما قالت"طفل"يحمل اسمه..ثم ذهب إلى لقاء ربه فجأة تاركًا إياها تذرف دمعاتها خلفه شوقًا له ،وحزنًا من مجتمعها، وما فعلته بها العادات والتقاليد،والخذلان من أقرب المقربين.
لن أقول بطلتي كالعادة لكني سأقول،عزيزتي وعزيزة كل أسرة أفيندار أنتِ تاج فوق رؤوسنا جميعًا، من تتحمل ما تتحمليه أنتِ حقَا بطلة،وإن رحل حبيبكِ،وخذلكِ أقرب المقربون ،وجعلوك تتخلين رويدًا رويدًا عن كل مشاعر جميلة بداخلكِ،نحن هنا نحن معكِ أفتح قلبي لكِ متى أردتِ،لا تترددي حتى وإن لم أراكِ أشعر بكِ،بألمكِ،وحزنكِ ومدى خسارتكِ،أما عن ما سأقوله لكِ،لن تتوقف الحياة ستستمر حتى وإن رحل الأحباب،الوفاء في حالتكِ أن تبري أحبابه وتُحسني إلى أمانته اجعلي ذلك الطفل سبب لبسمتك وسعادتكِ،ابحثي عن ما سيكون سببًا لعودة بسمتكِ مرة أخرى إن كانت هواية تحبينها أو عمل تحلمين بالقيام به،أو رافقي أصدقاء سيكونون عونًا لكِ،ابتعدي تمامًا عن من يكون سببًا في حزنكِ،إن كان المجتمع يحتم عليكِ حياة لا تقبليها،افعلي ما يحلو لكِ في حدود الأخلاق وما يسمح به ديننا،ببساطة افعلي ما يسعدكِ واقتربي مِن مَن يشبهونكِ،واعتزلي من يؤذيكِ،لا تسمحي لأحد يفرض حياتكِ عليكِ، ارسمي بنفسكِ طريق حياتكِ،افعلي ما يسعدكِ وعيشي بقرب من تشعرين معهم أنكِ أنتِ ليس كما يريدونكِ أن تكوني،وأخيرًا،لست بمفردكِ ،هناك الكثير مثلكِ في هذه الدنيا الفارق الوحيد أنهم باتوا يبحثون عن ما يجعلهم يحققون ذاتهم ويقفون بوجه الحياة ويلوحون بأمل ويقولون نحن هنا .
"هل هذه نهايتنا
هل عصف الفراق بعشقنا
هل جرف بنا نحو الهاوية
قل لي أحلامي أين هي
ما ذنبي ماذا فعلت
لحياتي جئت
ولأحلامي غزوت
لتفكيري احتللت
لسنوات انتظرت
لا لعشقك بحت
ولا عن انتظارك تخليت
ولاجتماعنا تطلعت
ولرب العالمين دعوت
فجئت إلى بابي طالبًا
للاقتران بي حالمًا
وفعلت وافقت
أجمل الليالي معك عشت
وببحر عينيك غرقت
حد الموت
على سيرة الموت
والله من نهر حبك ما فرغت
حتى سرقك مني ولم أرتوي منكَ بعد
بعد اجتماع كلله طفل
اعاتبك لما تركته في المهد
رحلت
فصار وجهي كالكهل
ليس تقدم بالعمر
صرت عجوز ولم يمر على فراقك الشهر
لكنه بفراقك كالدهر
نهارًا على أمانتك حافظت وراعيت وبوجهه ابتسمت
ومساءً لحلمي جئت فقلت
أنا معك وإن رحلت
والله لكِ يومًا ما تركت
سامحني لقد فعلت وبكيت حتى بدموعي غرقت
أناديك هيا عد
خذ بيدي إلى الجنة
عانقني كما أتمنى..
قلت
لا عودة
ستحيي بين الجميع بمودة
ستجديني بجانبكِ وقت الشدة
في بسمة أحدهم
وأيدي ممدودة بالنعم
في وجه صديق لجأتِ إليه بعشم
ستجديني معكِ طالما قلب صغيري ينبض
كوني معه علميه متى تعثر ينهض
أحبيه كما لو كان أنا
عيشي معه برضا وهنا
حينها سأكون معكِ هنا."
أفيندار
أنهت أفيندار خاطرتها،بوردة وضعتها على الورقة بجانب توقيعها أسفل كلماتها،قاصدة تهديها لصاحبة الرسالة وكأنها تعتذر لها عن ما مرت به،لكن هل لو أهدتها آلاف الورود،هل ستخفف من حدة أوجاعها،هل سترد إليها الغائب، من الواضح أن "أفين" تأثرت كثيرًا هذه المرة،بدت أن الدموع تتخلل كلماتها،حتى تلك الموسيقى المرفقة بالفيديو،كانت كامرأة تبكي،كطفل صغير يصرخ من ألم الفراق،كانت هذه الرسالة ذات قيمة لديها ولدى "رهف" التي بكت بحسرة أثناء وبعد انتهاء قراءة كلمات أفيندار،فهي أكثر من يشعر بألم بطلة الليلة،بداخلها اعترفت أن "حمزة"آخر شخص تود أن تقرأ تلك الكلمات بصحبته،لقد راودها طيف"ياسين"طوال الوقت،شعرت به يعاتبها ،وكأن هذه الرسالة جاءت؛لتذكرها بتخليها عن حبه،انزعج"حمزة" من بكاءها فهو على علم بماضيها،لكنه رفض التحدث به معها من قبل،حاول تفهم الوضع ولأكثر من مرة طلب منها أن يكفا على المتابعة،لكنها رفضت وعاتبته بشدة،رأى بها ليلتها ما لم يراه من قبل،تحمل فوق طاقته،فما من رجل يتحمل دموع خطيبته على غيره؛فقال:
_"رهف"يكفي إلى هذا الحد،حسنًا ذكرتكِ كلماتها بالماضي لكن أرجوك لا تنسي وجودي،وبكائكِ هكذا يؤلمني.
وضعت يدها على قلبها وقالت ودموعها تغرق وجهها:
_ وأنا هنا يؤلمني وبشدة،"ياسين" لم يكن حبيبي فقط،وإنما صديق طفولتي تربينا معًا،ابن عمي،رفيقي على مدار سنوات،وغيابه مؤلم حقًا.
هب واقفًا مصدومًا مما قالته ،فها هي تفصح عن مشاعرها تجاه غريمه،بعد أن توقع بداية تحرك مشاعرها نحوه فقال:
_"لا أصدقكِ،كيف لكِ أن تصرحين بما بقلبكِ هكذا ولي أنا ،أنا قبلت بماضيكِ لأن "ياسين"ماضي وليس حاضر،أما إن كان يشغل حيزًا بقلبكِ،اعذريني لا أقبلها،حتى وإن كان توفى منذ سنوات.
دفعته "رهف"بعيدًا عنها وصاحت بحدة:
_"ياسين" سيبقى بحياتنا جميعًا حتى وإن رحل وأخبرتك بهذا من قبل،لابد وأن تتقبل الوضع وتحترم مشاعري.
_ مشاعركِ احترمها لكن عندما تكون مشاعر تجاه الشخص الصحيح،وليس لشخص توفي منتحرًا قبيل تنفيذ حكم الإعدام به بساعات لجريمة مشينة كتلك.
إلي هنا ينتهي الفصل الرابع من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا