مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السادس
اقرأ أيضا: روايات رومانسية
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السادس
كلمات أفيندار دومًا ما تمس القلب،إطلالتها تترك أثرًا في نفوس متابعيها،إما حزنًا على حال أبطالها،أو راحة نفسية وتصالح مع الذات بسبب خواطرها،وهذا ما حدث مع "يسر" فبعد قراءتها لما خطته أفيندار،انتابتها حالة من الحزن،والبكاء،فـ"أفيندار" ضغطت على جرحها الدفين دون عمدٍ،وهو الأذى النفسي والجسدي،صحيح لم يكن الأذى الجسدى من نصيبها لكن النفسي كُيل لها بدون رحمة، قضت ليلتها تتذكر ماضيها الأليم،زارتها ذكرى الأموات الراحلون والأحياء الخائنون،وكعادتها تحلت بالقوة في أكثر لحظاتها انكسارًا،فبعد بكائها قررت أن تنام لتستيقظ نشطة وتمارس عملها،وتبرهن للعالم أجمع أن نسل طاهر الدالي لا يجلب للعار مطلقًا،على العكس تمامًا،وما حدث مسبقًا كان بفعل القدر،ليس لها دخل به .
**
استيقظت في الصباح،متخذة قرار وضع ما قالته والدتها نصب أعينها،وستتعامل مع "مراد"وغيره في حدود العمل،دعت ربها أن تنتهي تلك الحملة الدعائية على خير دون مشاكل، تحدي منار لها ينذر أنها لن تمرر عودتها لمنزلهم مرة أخرى كأن شيئًا لم يكن ليلة الخطبة.
على مائدة الافطار ،كان "طاهر" يجلس على رأس المائدة يتوسط بمقعده المتحرك ،"سميحة"وابنتهما،شعر بسوء مزاج ابنته فأراد ممازحتها كي يهون عليها أعباء الحياة ،فقال:
_ ما بكما،تجلسان وكأن صوان العزاء على وشك أن ينصب،القليل من التبسم بوجهي من فضلكما.
فزعت "يسر" بينما شهقت والدتها،فهو أراد ممازحتهما،لكنه اختار كلما تقبض القلب ،قالت"يسر":
_أي صوان يا أبي معاذ الله!
قالت "سمية":
_ ما بكَ يا طاهر،لا أريد أن تذكر سيرة الموت أو العزاء بمنزلي.
_وماذا أفعل لكما،تجلسان بجانبي، كل واحدة غارقة في أفكارها،وتحدقان بالطعام وكأنكما مرغمتان على الجلوس معي،والله قطعة الخبز التي بيد "يسر" تدمرت لدرجة أنها تبدو كمن مر قطار عليها الآن وحولها إلى أشلاء.
لاحت شبه ابتسامة على ثغره وتابع:
_ إن كنتما لا تريدان الجلوس بصحبتي حسنًا لكما هذا،مازلت أتمتع بشبابي وصحتي،حتى وإن كنت على كرسي متحرك،الكثير من الفتيات العشرينيات يتمنين رفقتي بإفطار شهي على ضفاف النيل،كما الأيام الخوالي.
"طاهر"رجل محنك يعلم جيدًا السيطرة على زمام الأمور،وهو كان على يقين،أن ابنته تعاني من خطب ما،فأراد تذكير زوجته بالموت والعزاء وأن "يسر"من تبقت لهما في الحياة،ولابد أن يكونا مصدر لسعادتها دومًا،فقد قرر ممازحتهما حتى يلطف الأجواء،حدقت به "سمية" بغيظ،بينما حذرته "يسر" قائلة:
_ على رسلك،بابا،عن أي فتيات تتحدث،انظر هذا اللهب الذي يخرج من أعين ماما،أخشى أن يحرق البناية بأكملها.
_الذنب ذنبكما عزيزتي،أجلس بينكما،أنظر إلى زوجتي الغالية أجدها كمن غرقت بأفكارها،التفت إلى ابتني الجميلة،أجد وجهها شاحب يكتسي بالأحزان،ماذا أفعل سوى البحث عن عشرينية تعيد لي شبابي.
زمجرت "سمية"بغضب وقالت محذرة:
_"طاااااااهر".
نهضت "يسر"وهي تلتقط قطع الخيار كالسلحفاة كما تطلق عليها والدتها وقالت:
_ من الواضح يا أبي العزيز لن يكون في صالحك تواجدي أثناء ما ستفعله بك أمي،سأذهب إلى عملي حتى أزيل عنك الحرج.
قال بتباهي :
_لا تهمني تلك الأمور عزيزتي.
_لكن أنا تهمني.
رحلت "يسر"،فالتفت "طاهر" نحو "سمية"وعاتبها قائلًا:
_ماذا يحدث بينكما ،ولا تنكري،حتى لا تزيدي غضبي منكِ.
استرسلت بالحديث قائلة:
_الأمور بخير، لن أنكر بالطبع،باختصار "يسر"تركت العنان للفتاة المحبة للعمل بداخلها،وباتت تتأخر لبعض الوقت،فحذرتها من عواقب عودتها بوقتٍ متأخرٍ،"منار"لن تترك فرصة إلا وتستغلها وستهدم ما بنيناه بها.
_هل هذا كل ما في الأمر؟
_بالطبع،أخبرني لما أنتَ غاضب مني؟
أعاد التقاط قطعة الخبز مرة أخرى وقال وهو يلوك بعضًا منها بفمه:
_منذ زوجنا وأنتِ تعلمين،لا أحب رؤيتكِ عابسة،خاصة على مائدة الطعام.
ربتت على كتفه بحنو وقالت:
_ليديمك ربي فوق رؤوسنا،لم يبقى لنا سواك.
بشركة"MMH"للبرمجة،تحديدًا بغرفة الاجتماعات،بعد انتهاء اجتماع مراد وحمزة،مع مدراء إحدى الشركات،شكر "مراد" يسر ،لتغطيها للاجتماع قائلًا:
_حملاتكِ الدعائية تجدي نفعًا طيبًا، وتقدم الشركة في أفضل حلة لها،نشكركِ على تعاونكِ معنا.
جمعت أغراضها ثم ضمتهم لصدرها ونهضت وهي ترسم بسمة رقيقة وقالت:
_لا عليك سيد "مراد"هذا عملي وأقوم به بسعادة.
شاركهم حمزة الحديث قائلًا:
_عن أي سيد تتحدثين،نحن نعد أسرة واحدة،كوني على راحتكِ.
تعجبت أنه يحسب مراد فردًا من أفراد عائلته فقالت مستفهمة:
_ هل بينكما صلة قرابة؟
تحدثا بنفس التوقيت فقال مراد"لا" بينما صرخ حمزة بـ"نعم"
حدقت بهما فاغرة فاهٍ فالتفت "مراد"نحو صديقه وقال:
_"نعم"!هل نحن أقرباء وليس لدي علم؟
_بالطبع، ألم نتشارك المسكن والغرفة لسنوات،ليس هذا وحسب وإنما تشاركنا بالدراسة والعمل والله أعلم بماذا سنتشارك مستقبلًا،إذًا أنت نصفي الآخر.
ابتسم مراد بودٍ لما قاله حمزة،بينما أعجبت "يسر"بشخصية حمزة العفوية فقالت:
_حقا أنتَ الشخص الوحيد القادر على انتشال "رهف"من أحزانها،بتعاملك بلطف وعفوية مع الجميع هكذا،فما بالك بها.
برقت عينيه بلمعة الحب وقال:
_سأعمل جاهدًا على اسعادها.
_أتمنى ذلك.
قال مراد،غير مدرك فداحة تخطيه لحدود تعامله معها:
_ غريب موقفكِ تجاهها! المفترض أن يكون بداخلكِ بعض الضغينة تجاه أسرتها خاصة والدتها .
تشنجت ملامحها وبدى عليها التوتر ، ودافعت عن علاقتها بـ"رهف"قائلة:
_"رهف"ليست ابنة عمي وحسب،وإنما صديقة طفولتي ليس لها ذنب بما اقترفه أخي.
هنا شعر مراد بمدى حزنها فأراد تغيير مجرى الحديث ،فقال:
_حسنًا،هيا حان وقت العودة إلى العمل مرة أخرى.
التفت نحو حمزة وتابع:
_الشركة بأمانتك،الصغيرة وأمها ينتظراني للقيام بجولة في المحال التجارية،أنا على أعتاب خوض تجربة مريرة يا صديقي.
_كان الله بعونك،تلك المشاكسة لن ترحمك.
فهمت يسر من أحاديثهما أن "مراد"متزوج، وتلك الصغيرة هي ابنته، فلعنت "منار" بداخلها لما ظنته بهما، وما قالته لوالدتها ، لقد الصقت بها تهمة أخلاقية مع رجل متزوج،شعرت بالحنق فاستأذنت منهما لترحل،لكن "مراد"أخبرها أنه بطريقه للذهاب،ولا مانع بتوصيلها أينما تشاء،لكنها رفضت كالعادة ،واكتفت بمرافقته بالمصعد وغادرا الشركة سويًا،هو إلى صغيرته،وهي إلى عملها،غير مدركان لزوج من الأعين تراقبهما بمكرٍ وتنوي لهما الشر.
بعد يومٍ شاق قضاه "مراد"يركض خلف الصغيرة "ليان" في المحال التجارية والمقاهي، ومدينة الألعاب، عاد إلى الفيلا وهو يحتوي الصغيرة بين يديه،وسيارته محملة بكثير من الملابس والهدايا للصغيرة ووالدتها،تطلعت بهما "مريم"بحسرة وهي تسير خلفهما،فكم تمنت أن يكون من يحمل طفلتها ويحتويها بحب هكذا هو والدها،شردت في عالمها الخاص تتخيل أن أمجد تخلى عن قسوته وجبروته،وقرر معاملتها هي وابنتها كما يستحقان،أو على الأقل كما يعامل الساقطات اللاتي يرافقهن من وقتٍ لآخر, غامت عينيها بسحابة من الحزن ،ولاحظ "مراد"هذا عندما تحدث إليها بصوت رخيم ولم تجيبه،فالتفت نحوها وهدر باسمها قائلًا:
_"مريم" ماذا دهاكِ،أحدثكِ ولا تنتبهين لي،"لي لي"متعبة للغاية أنذهب لغرفتها مباشرة،أو ستجلسين رفقة أمي.
زفرت بضيق وحزن وكأنها تخرج من صدرها حممًا بركانية وقالت بوجوم:
_أنا أيضًا متعبة يا مراد، لنذهب إلى الغرفة.
فهم ما تمر به ،لكنه لا يعلم حقيقة خلافها مع زوجها ،وتلك الأفعال المشينة التي يقترفها في حقها، لذا قرر يفعل ما يفعله أي أخ يرى شقيقته تذبل يومًا بعد يوم،فقد قرر محادثة زوجها وتوبيخه على عدم الاعتناء بها هي وابنتها.
بعد أن تأكد أنها استقرت بغرفتها ،غادر الغرفة وملامحه مقتضبة،يشتعل غضبًا من حالها فلمحة الحزن التي لمحها بعينيها طوال اليوم،جعلت سعادته منتقصة ،وما لبث أن يفوت إلى غرفته حتى سمع صوت والدته تنادي باسمه فالتفت نحوها ،ورسم ابتسامة باهتة على ثغره وقال:
_ماما! ظننتكِ بالأسفل.
_ كنت بالأسفل صعدت لتوي، أريد التحدث معكَ بأمرٍ هام.
"شروق"، أم حنونة وزوجة صالحة وجدة لا مثيل في روعتها وعاطفتها لبقة للغاية تنتقي كلماتها قبل أن تتفوه بها،تعلم جيدًا عندما تتلفظ بحرف مدى تأثيره على محدثها فقالت وقد قصدت الحديث بهذا التوقيت بالتحديد،فمن المؤكد، أن تقاربه مع "ليان" زعزع مشاعر الأبوة الكامنة بداخله كأي رجل بسن الزواج أو تخطاه قليلًا:
_ إن ملت بوجهك نحو ياقة قميصك؛ستشتم أجمل رائحة بالوجود.
تعجب مما تفوهت به ،لكنه نفذ ما قالته ومال بوجهه نحو قميصه ،والتقط طرف ياقته بأنامله ثم قربها من أنفه يستنشقه،فاكتشف أن رائحة الصغيرة ما زالت عالقة به،فقال:
_ طبيعي جدًا،مازالت رائحة ليان بملابسي ،ما الغريب بهذا الأمر؟
_ليس غريبًا هذا طبيعي،الغريب أنك للآن لم تقرر تكوين أسرة،لأرى حفيدي بين يديك،كما ليان.
فهم ما ترمي إليه بحديثها،ستفتح أمر الزواج مجددًا فقال:
_ ليان مكانتها بقلبي كابنتي بالضبط، ماما أنا أيضًا أتمنى الاستقرار وتكوين أسرة لكن عدت للتو من الخارج،أحاول أن أوازن كيان الشركة،وأمور "مريم "لا تعجبني،سأحاول معادلة كفتي الميزان لتلك الأمور ومن ثم أبحث،عن فتاة مناسبة.
تهللت أسارير "شروق" وقالت وهي تشير له بيدها :
_أترك هذا الأمر لي طالما نويت، مهمة البحث عن العروس من اختصاصي،لن أزوج ابني لفتاة عادية،ستكون ابنة حسب ونسب،تهتف الناس بأخلاقها،أنتَ ابني الوحيد.
انقبض قلب "مراد"ولم يعلم سبًا لهذا الشعور الذي راوده عندما تحدثت أمه عن مواصفات عروسه المستقبلية، ود الاختلاء بنفسه قليلًا؛فاستأذن منها ليذهب حتى يرتاح،لقد أنهك في الركض خلف الصغيرة.
مرت الأيام تشبه بعضها البعض،كئيبة حزينة على "يسر"فهي تعمدت أن تترك مساحة لـ"رهف"حتى تعتاد غيابها، لكن هي التي لم تعتد غياب ابنة عمها بعد ،تركت لها مساحة للتعرف أكثر على "حمزة" فتلميحات زوجة عمها وما تكيله إليها من اتهامات أصبح يثقل روحها بالهموم ،كما أنها رأت أن رهف بحاجة للتقرب أكثر من حمزة والخروج من دائرة الاختباء تحت جناحيها،شعرت أن هناك ما يجثم على صدرها وكأن حدس بداخلها أخبرها أن تلك الفترة لن تمر على خير خاصة أنها شعرت وكأن أحدهم يراقبها عندما تغادر المنزل،انتهت التغطية الصحفية ،للاتفاقيات التي قامت بها شركة ""MMH مع العديد من الشركات،فحمدت ربها أنها لن تلتقي "مراد" مرة أخرى إلا بالمناسبات الخاصة بـ"رهف"هذا ما اعتقدته،فلم تعرف ما يخبئه القدر لها،فنظرات زوجة عمها كانت توحي أنها لن تمرر أمر ذهابهما معًا للمشفى دون افتعال المشكلات.
أما "رهف"حاولت كثيرًا التكيف مع وجود حمزة بحياتها،وعملت جاهدة أن تحاول السيطرة على انفعالاتها عندما يتم ذكر أمر "ياسين"أو نبشه المتعمد بالماضي الخاص بها.
جاء اليوم المحبب إلى قلوب الجميع،يوم التفاف العشاق حول محبوبتهم "أفين" والاستمتاع بخواطرها القريبة من الروح ، كانت "يسر" تدعو ربها طوال اليوم أن تكون الخاطرة مبهجة للروح مريحة للقلب،فهذا أكثر ما تحتاجه الآن،حضرت بعض شطائر الجبن، بالإضافة إلى شرائح الخيار والجزر،تمامًا كالسلحفاة،و لم تخلو وجبتها من كوب الشاي بالحليب المفضل لديها والتي تتراقص معدتها سعادةً به.
سقطت نظراتها على بداية حديث أفيندار فعلمت أن الجدال سيكون على أشدة ،كملحمة من الآراء المختلفة، وقد حدث بالفعل، فأفيندار ناقشت أمر شائك للغاية.
***
أفيندار
الحنين،الحنين للحب الأول رغم انتهاء قصته، رغم الوجع، والتجاهل، يأخذنا الحنين أحيانا لمحاولة معرفة أخباره، هل هو بخير،هل استأنف حياته،هل ندم يوما على رفضه لمشاعر قدمت دون مقابل؟الحنين للذكريات وليس للحبيب.
سؤالي هل الحنين لتلك الذكريات خيانة، خيانة للواقع المستمر، خيانة للنفس، خيانة للزوج، أم لا مشكلة من بعض الذكريات والحنين إلى الماضي؟.
الحب الأول،،،،،
إجابتي لأسئلتكِ عنه ستتوقف على مدى تفسيركِ لمفهوم الحب الأول،الحب الأول بنظر الجميع بالطبع يختلف لا جدال في هذا،فأنا انظر له من منظور حقيقته لابد أن يكون حبًا حقيقيًا متكاملًا حتى استطيع أن أطلق عليه حبًا ليصبح أولًا، وبعض منا ينظر للحب الأول على أنه تلك النسمات التي تصيب روحنا بالانتعاش عندما يطل علينا ابن الجيران من الشرفة ليبادلنا الابتسام ونحن بالسادسة عشر،أو ذلك الشاب الذي تتسلط الأضواء عليه بالجامعة ويصبح حديث الفتيات وتحدث المعجزة ،فيفتن بجمالنا وبراءتنا،أو شخص جميع أفراد العائلة تمدحه وتمدح أخلاقه ونحن نسقط ضحايا عشقه دون أن يدري بما نكنه له، ولا ندرك شيئا عن فداحة ما فعلناه بأنفسنا،أو كحالتكِ أنتِ الحب من طرف واحد،حب قدم به طرف مشاعر لآخر رفضها،أنا من سيسألكِ قبل أن أجيبكِ،هل مشاعرنا الحقيقية قابلة للرفض،هل تلك الأحاسيس التي تعصف بنا عندما نقع بالحب رخيصة للدرجة التي نهبها لمن لا يقدرها أجيبي؟ عن أسئلتي وحينها ستعلمي أنه لم يكن حبًا، وإنما تأثر بشخص لم ينظر لكِ نظرة عشق، لم يبادكِ نفس المشاعر، لو كان خيرًا لبقى يا عزيزتي،لكنه العشق وليس عليه سلطان،وسهم القلب إن خرج لن نستطيع ايقافه قبل أن يصيب روحنا مسببًا جرح لن يندمل،لي عتاب عليكِ،ما ذنب ذلك الزوج،حتى يقترن بمن تتعلق روحها بغيره،ما ذنب روحكِ حتى تعذبيها بالتفكير بمن أدار وجهه عنكِ،حبيبتي تمسكي بما بين يديكِ،أما عن من رحل،لا يسعني سوى قول ،لو كان خيرًا لبقى،لو كان محب لحسبته حبًا أول، لذلك تفكيرك بالماضي، بالحنين إلى تلك الذكريات بالطبع خيانة لنفسك التي تعذبت سابقًا من ألم الرفض والفراق وعدم التقدير ،خيانة لواقعكِ الحالي كونكِ زوجة لآخر، أخلاقيًا، ووجدانيًا التفكير برجل غير زوجكِ خيانة،بأمور القلوب التفكير بسواه خيانة،في عقيدتنا ودينيا مجرد التفكير والحنين للماضي خيانة حقيقية.
إجابتي لكِ،الحنين في حالتك،خيانة للروح وهذا يكفي،وإليك حروفي التي أهديها لكِ بكل حب وود وتقدير.
"ما ذنبها
تلك الروح المعذبة
لتفعلي كل هذا بها
حسنًا أحببتِ
قدمتِ مشاعر لم يستحقها
على الزواج أقدمتِ
بالرغم من مشاعر لم تتحررين من أسرها
حسنًا
ذلك القلب الطيب لم يحسن الاختيار
لما الانهيار
لما الانجراف خلف مشاعر مهلكة
والسقوط ضحية لذكريات مؤلمة
والسعي خلف حياة مربكة معذبة
هيا نقطة ومن بداية السطر
يكفي تعذيب القلب بهذا القدر
يكفي الالتفات لذكريات واهية سرقت منكِ العمر
عزيزتي
الحب ليس لمن رفض المشاعر
أثق
على نزعه من قلبكِ ربكِ لقادر
الحب لمن أكمل للنهاية
حب توج بالزواج
أو لم يكتمل وانتهي بودٍ ووفاق
إن لم تستطيعي الاندماج
توجب الفراق
وحينها
عيشي حب من طرف واحد
هذا إن كان حبًا
وستحترقين ندمًا
أما إن تخليتِ عن سركِ الدفين
وتحررتِ من لعنة الحنين
أبشركِ عزيزتي بحياة هانئة سعيدة ستنعمين.
قضت "يسر" ليلتها تتجادل مع الكثير من أفراد أسرة أفيندار ،فمنهم من وافق أفيندار في رأيها المتشدد، والمهاجم لمشاعر البطلة،ومنهم من دافع عن استحالة السيطرة على المشاعر،ومنهم من عاتب البطلة على خيانتها للزوج،ومنهم من آثار غضب أفيندار عندما قال" أفيندار اليوم لم تكن كما عاهدناها، لم تكن عاشقة لم تكن "أفين" التي تقدر العشق، وقد حدث أفيندار كانت رافضة وبشدة للمشاعر التي تهب لمن لم يقدرها، لم ترأف بحال البطلة وعاتبتها على أشياء عدة، لكن لم نعلم لم هذا العداء الشديد للبطلة،ربما لأسباب خاصة بها تعود للماضي لا نستطيع أن نجزم أو ننفي ذلك.
**
في الصباح
استيقظت يسر متعبة،فلم يزورها النوم إلا عندما شارفت الشمس على السطوع، تململت بفراشها ثم نهضت بتكاسل،وقبل أن يستقيم جسدها وهي تحاول النهوض، سمعت والدتها تهدر باسمها صارخة وكأنها تستغيث؛ هرولت إلى الخارج لتجد أبيها فاقدًا للوعي على مقعده، ووالدتها تحاول إفاقته،اتجهت نحوهما بذعر وراحت تهز كتفه بعنف وهي تقول:
_بابا، بابا استيقظ ما بك؟ ماذا حدث يا أمي ما به هكذا لا يجيبني!.
صرخت والدتها وهي تدفعها بحدة بعيدًا عنه:
_حذرتكِ يا "يسر" سمعتنا على المحك والكثير يتمنى سقوطنا، لم تأخذي كلامي بعين الاعتبار، انظري ماذا حدث بسبب فعلتكِ الرعناء تلك.
عقدت "يسر"ما بين حاجبيها ،وحدقت بأمها بذعر،تحاول فهم ماذا تقصد بحديثها فقالت:
_أمي ماذا هناك لا أفهمك......
وقبل أن تجيبها لمحت تلك الجريدة التي تقبع أسفل قدم والدها،وصورتها هي ومراد يجلسان على سلم المشفى تتوسط صفحتها ويبدو أنها سقطت من يده أثناء قراءته لها وجملة " فتيات عائلة الدالي لن يتخلين عن أفعالهن مطلقا" تكتب بالخط العريض فوق الصورة.
إلي هنا ينتهي الفصل السادس من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا