مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والروايات الرومانسية في موقعنا قصص 26 مع رواية جديدة للكاتبة الجديدة ميمى عوالى ؛ وسنقدم لها اليوم الفصل الخامس من رواية الخبيئة بقلم ميمى عوالى .
رواية الخبيئة بقلم ميمى عوالى - الفصل الخامس
إقرأ أيضا: قصص قبل النوم
رواية الخبيئة بقلم ميمى عوالى - الفصل الخامس
موعد وصول حنين
يقف رءووف بصحبة صالح يكسى وجوههم الحزن بانتظار وصول حنين ليلاحظوا اقتراب طفلة شاحبة البياض تحتل عيونها الواسعة الرائعة نصف وجهها بفم على هيئة حبة الفراولة الناضجة وكانها خرجت للتو من فيلم للرسوم المتحركة ترتدى رداء اسود واسع ووشاح يغطى كتفيها، وعلى مايبدو انها تعانى من خطب ما بقدمها، فانها تسير بعرج ليس بالشديد ولكنه ملاحظ للعين المجردة.
وجدوها تقترب منهم وهى تنظر إليهم بوجل وتقول بصوت يكاد ان يكون مسموعا : السلام عليكم
رءووف وصالح : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
لتقول : حضرتك باشمهندس رءووف، مش كده
رءووف باستغراب : ايوة ياحبيبتى خير، انتى تعرفينى، محتاجة حاجة
لتقول والدموع تملأ عينيها : انا حنين ياباشمهندس
لتعلو الصدمة وجوههم فهى طفلة بمعنى الكلمة، هل تزوج أخيه من طفله
رءووف بصدمة : انتى عندك كام سنة
حنين بخجل : 20 سنة
رءووف : بتهزرى طبعا، انتى كبيرك 15 سنة
حنين وهى تنظر للارض بتوتر : انا الموضوع ده دايما بيعمللى مشكلة…. ماحدش بيصدق سنى
صالح وهو يحاول إزالة الحرج : حمدلله على السلامه يا حنين… نورتى مصر، انا صالح جوز علياء
حنين : انا عارفة حضرتك ياباشمهندس.. وكنت أتمنى انى اتعرف عليكم فى ظروف احسن من كده
رءووف : فين شنطك
لتشير حنين لاحد العاملين الذي كان بخلفها يدفع لها عربة الحقائب التى كانت تبدو كالطفلة بجوارها، ليضع رءووف وصالح الحقائب بالسيارة وينطلقوا بطريقهم إلى المزرعة
………………………..
فى السيارة كان صالح يتولى القيادة نظرا لعدم رجوع رءووف إلى كامل عافيته
حنين بدموع : بعد اذنك يا بشمهندس انا ممكن اطلب من حضرتك طلب
رءووف : ااه طبعا ااومرينى
حنين : الامرلله، كنت عاوزة اشوف حليمة قبل التجهيزات، وعاوزة انا اللى اغسلها ياترى ممكن
ليلتفت اليها رءووف باستغراب شديد قائلا : انتى! وانتى تعرفى تعملى الكلام ده، اقصد ان الغسل بيبقى له شروط وقواعد حسب الشرع ، فهل انتى ملمة بالكلام ده
حنين : انا كنت بتتطوع بعمل الموضوع ده فى أمريكا للمسلمات هناك، واتعلمت اصوله على ايد متخصصين، وانا هحتاج واحدة ست بس معايا ومش عاوزاها تنكشف على حد تانى
قالت جملتها الاخيرة وهى تقاوم بكائها وعندما لم تستطع الصمود وضعت كفها على فاها تمنع صوت نشيجها ليتبادل رءووف وصالح نظرات الدهشة، فكم هى هشة، صغيرة، ضعيفة، تركت فى الحياة وحيدة بلا سند ولكنها تأبى الا ان تقوم بدورها و واجبها على اكمل وجه ممكن، واسند رءووف راسه إلى الوراء وهو يفكر… هل يستطيع أن يفعل مع أخيه ماتنتوى فعله مع اختها، ولكنها لم تطلب منه رؤية زوجها، كيف استطاعت ان تنسى زوجها، ام انها ستطلب منه فيما بعد، وكيف تزوج عبد الله من هذه الطفلة، اجل انها طفلة، حتى وان قالت إنها فى الثلاثون وليس العشرون، يا الهى، ولكنها تتحدث معهم برسمية لم تكن تتخذها حليمة فحليمة كانت منطلقة ، بسيطة، سلسة، محبة للحياة، مصرة على أن تعيش كل لحظة متاحة امامها ،وبرغم شعورها بالخطر وباقتراب اجلها الا انها كانت مصرة ان تحيا للنهاية ،ولكن هذه الطفلة … …
لينتبه رءووف انه كان يراقب حنين اثناء تفكيره ،كان يراقب ملامحها الطفوليه الجميلة ،بياضها الشاحب الذى يأخذ العين وعينيها الواسعة الجميلة التى تأخذك فى رحلة تجعلك لا تنوى الرجوع
لينتبه رءووف على توقف السيارة امام المستشفى الموجودة بها الجثامين ليترجل من السيارة داعيا اياها للذهاب معه ،لتدخل لتوديع اختها لتبكى وتبكى بكاء طفل يودع امه ،وتتلو الكثير والكثير من الادعية ،ثم تربت بيدها على موضع قلب شقيقتها وهى تتمتم بشئ ما لم يستطع رءووف ان يتبينه ،ثم قبلت جبينها ،واستدارت لرءووف تعلمه انها مستعدة للذهاب
لينظر لها رءووف باستغراب قائلا : مش عاوزة تشوفى عبدالله
لتتلجلج وتضطرب ولكنها امائت برأسها فى النهاية قائلة : لو ينفع ااه طبعا
رءووف باستغراب : ااه طبعا ينفع ...انتى مراته
لتومئ رأسها وتتجه خلفه حتى اخرج لها العامل جثة عبدالله ،لتقف صامدة وهى تكرر اعتذارها والدعاء ،فكانت تدعو له وهى تكرر جملة انا اسفة ،انا اسفة،ولكنها ظلت تدعو له الكثير من الدعاء دون ان تمسه او تقترب منه اكثر من نصف المتر ،وبعد فترة من الوقت نظرت لرءووف تبلغه بانها مستعدة للذهاب
ليشير اليها بالسير امامه ،فكانت تمشى ببطء نوعا ما نظرا لاصابة قدمها ليسألها رءووف : هو انتى رجلك مالها وقعتى واللا حاجة ،لو وجعاكى او فيها حاجة قولى واحنا لسه فى المستشفى
حنين بخجل : لا ،انا مولودة كده ،عندى رجل اطول من التانية ،كنت بعوضها بكعب الجزم ،بس حبيت لما انزل مصر انزل عادى ،عشان الناس تعرفنى على حقيقتى من اولها
لينحرج رءووف من تسرعه بسؤالها ليتنحنح قائلا بحرج : انا أسف ،عبد الله ماجابليش سيرة الموضوع ده
لترفع راسها اليه قائلة : واضح انه ماجابلكمش سيرة حاجات كتير
رءووف : تقصدى ايه
حنين : اكيد هيبقى لينا قاعدة طويلة مع بعض ،بس لو تسمحلى مش النهاردة ،لانى مجهدة جدا ،فلو ممكن توصلنى لاقرب اوتيل من هنا ابقى شاكرة فضلك جدا
رءووف باندفاع : اوتيل ايه وبيت جوزك موجود ،مافيش الكلام ده طبعا
حنين وهى تحاول مقاطعته : ياباشمهندس
رءووف وهو يتجه الى الخارج معلنا نهاية الحوار : ياللا ماتضيعيش وقت ،كلهم منتظرينك فى البيت
لتذهب خلفه ممتعضة ،ولكن ليس باليد حيلة
………………………
فى منزل نور الدين
يجلس الجميع بالبهو بعد ان رحبوا بحنين واصرت كريمة ان تجلس حنين باحضانها ، فكانت كأم وطفلتها،فكانت كريمة تبكى عبدالله وحليمة وهى تهدهد حنين باحضانها والتى لم تكف ايضا عن البكاء
نور الدين : كفاية ياكريمة ،حرام عليكى روحك ،والبنت اللى لسه راجعة من السفر ،ثم وجه حديثه لحنين قائلا : قومى يابنتى استريحى فى اوضتك
حنين وهى تمسح دموعها : انا مش عارفة اشكركم ازاى
كريمة : تشكرينا ايه يابنتى ،ده انتى من ريحة الغالى
حنين : شكرا ياماما ،جزاكى الله كل خير ،بس ممكن لو انام فى الاوضة اللى كانت فيها حليمة
نور الدين : مش هيبقى صعب عليكى يابنتى
حنين : ربنا يربط على قلبى وقلوبنا كلنا ان شاء الله
كريمة : انا كنت قلتلهم يحطوا حاجتك فى اوضة عبدالله
حنين بخجل : معلش ياماما ،سيبينى النهاردة مع حاجة حليمة
نور الدين : زى ماتحبى يابنتى ،اللى يريحك ،اتفضلى
حنين : ممكن بس حد يورينى الاوضة فين
لينهض رءووف قائلا : اتفضلى ،انا اصلا طالع اوضتى
ليوصلها الى غرفة اختها وبتجه الى غرفته وهو يشعر ان هناك سرا كبيرا بحياة تلك الطفلة
….. ………………….
فى اليوم التالى تمت مراسم الجنازة والعزاء ووافقت حنين ان يتم دفن جثمان حليمة بمقابر عائلة نور الدين فهى ليس لها بمصر احد يهتم بشأنها ،وفى المساء اقيمت سرادقات العزاء التى امتلأت عن بكرة ابيها بالمعزيبن ،فعائلة عز الدين عائلة لها وزنها بالبلد ،وكان عزاء النساء كذلك يمتلئ بالمعزيات والتى كانت تعرفهم كريمة على حنين بانها ارملة ابنها عبدالله وحنين صامدة صامتة لا تعلق ولا تتحدث ،ولا يصدر عنها غير ايماءات بسيطة برأسها ردا على عبارات المواساة والعزاء ،حتى انتهى اليوم وذهب الجميع الى النوم من شدة الاجهاد ،الا رءووف فقد ذهب لاريكته كالمعتاد واستلقى عليها وهو يتجول بعبنيه بين السماء والنجوم ،وهو يتذكر اخاه وطفولتهما وشبابهما واسرارهما معا ،وكيف انتهى كل ذلك فى لحظات ،وذهب بتفكيره الى حنين ،فكيف لها ان تنشغل بوفاة سقيقتها عن وفاة زوجها
اجل من حقها ان تحزن لفراق شقيقتها ،ولكن اين حزنها على زوجها ،طلبت ان تبيت مع ذكريات سقيقتها ،فمابال ذكريات زوجها ،لقد كان عبد الله متيما بها ،فاين هى من كل ذلك
وتذكر قولها ….اكيد هيبقى لينا قاعدة طويلة مع بعض
ياترى هتطلب ترجع امريكا تانى ،طب لو رجعت هحميهالك ازاى وهى هناك ياعبدالله ،وياترى اللى قتلوك انت وحليمة هيسيبوها فى حالها ،كنت فاكر انك اذكى منهم وتوهتهم ،اتاريهم كانوا وراكم خطوة بخطوة ،وعارفين كل اللى بتعملوه
ياترى ابه اللى مستنيك يارءووف
لينهض متوجها الى غرفته ولكنه عندما صادف علياء فى طريقها لتحضير رضعة لصغيرها ،اخبرته ان والدته سمحت لسارة بالمبيت بغرفته هذه الليلة ،فثار رءووف من تصرف والدته ،ولكنها كانت ذهبت للنوم من فترة ليست بالقليلة ،فقرر ان يتحدث اليها صباحا بهذا الشأن
……………………
صباحا وبعد تناول الافطار مال رءووف على اذن والدته ابلغها غضبه من مبيت سارة بغرفته بالامس وطلب منها ان تدبر لها غرفة اخرى فى الحال بعيدا عن غرفته حتى لو كانت غرفة عبدالله ،لتنظر له والدته باستغراب قائلة : يابنى اغزى الشيطان و رد مراتك دى مالهاش غيرنا
ليرد عليها رءووف بغضب مكبوت : ياريت تبقى تخلى بابا يبلغك سبب انفصالنا
كريمة : ماهو مش راضى يقوللى ولا يريحنى
رءووف : خلاص اقترحى عليه انى اردها وشوفى هيقوللك ايه ،ماما الله لا يسيئك ابعديها عن اوضتى ،ليزداد اندهاشها من قوله ولكنها وعدته بتدبير الامر
وبعدها طلب رءووف من حنين التحدث معه بغرفة المكتب لتذهب وراءه وفور ان اغلق الباب التفت اليها قائلا : فى كام حاجة مش واضحة ومش مفهومة ،وطلبتك عشان تفهمينى
حنين وهى تنظر للارض بخجل : ممكن اقعد الاول من فضلك
رءووف وهو يشير الى احد المقاعد : اتفضلى خدى راحتك
لتشير الى اريكته امام الحائط الزجاجى والذى شد انتباهها بقوة فور دلوفها لغرفة المكتب وقالت : لو تسمحلى ممكن اقعد هنا
رءووف : مكان ماتحبى تقعدى اقعدى
لتذهب حنين بخطواتها الهادئة وتختار بقعة معينة من الاريكة تصادف انها مكان رءووف المفضل وجلست وهى تراقب المنظر بانشداه وتركيز شديد وقالت فجأة : السمك اللى فى الفاسقية ده الوانه تجنن سبحان الله
لينظر رءووف لمكان الاسماك حيثما اشارت بكفها الصغير ولم يعلق لتشعر بالحرج ،وبعد ان صمتت لثوانى رفعت رأسها لرءووف وهى تنظر بعينيه وقالت : عبدالله الله يرحمه كان انسان جميل وشهم .. راجل بمعنى الكلمة ،عبد الله بعد وفاة بابا الله يرحمه قدملى خدمة عمرى كله ومهما اتكلمت عنه وعن رجولته عمرى ما هوفيه حقه ،وخصوصا انى بموته يعتبر رجعت تانى للصفر
رءووف : ممكن توضحى كلامك
حنين : عبدالله كان جوزى على الورق ولفترة محددة وكنا متفقين على الانفصال بعد سنة وتلات شهور من دلوقتى ،لكن ارادة ربنا فوق كل شئ
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا