مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية رومانسية اجتماعية واقعية جديدة للكاتبة إلهام رفعت ورواياتها التى نالت مؤخرا شهرة على مواقع البحث نقدمها علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الخامس من رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت
رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الخامس
تابع من هنا: روايات رومانسية جريئة
رواية قطرات الحب بقلم إلهام رفعت - الفصل الخامس
ألجم زوبعة ضراوته وقوف والده عند مدخل الغرفة، ويحدق به بالأخص؛ معلنًا عدم ارتضائه عن أسلوبه الوقح في التعامل مع زوجته، وتلقائيًا توقف الأخير عن تعنيفها، فنظرت له زينة هي الأخرى، وما تعرضت له سبّب لها إحراج أمام حماها، وبكت رغمًا عنها في صمت، فتأجج غضب زين أكثر، وأخذ يقترب منهما، نطق بكلمة واحدة فقط وجهها لها؛ كأنه يشدد من أزرها، قال:
-متعيطيش!
ثم وجه بصره لابنه، الذي توجس من سوء ردة فعل والده تجاهه؛ أو إهانته أمام زوجته، وترقب، خاطبه زين بحزم:
-إنزل تحت واستناني!
ابتلع آيان ريقه لينصاع فورًا لأمر والده، جاء ليتحرك حاملاً للصغيرة فأوقفه زين باستياء:
-البنت لأمها!
وقف آيان مضطربًا، ثم بهدوء ودون جدال منه ناول زينة الصغيرة، فحملتها الأخيرة منه واحتضنتها بقوة، فتحرك آيان نحو الخارج بعدها مغادرًا، بينما نظر زين لها، وتضايق من طلعتها الباكية، وشعر بها، قال بلطف:
-أنا سمعت كل حاجة، إنتِ غلطانة وهو غلطان
هنا تصلبت أعينها عليه، لتهتف معترضة:
-أنا معملتش حاجة، أنا بطالب بحقي!
أشار لها زين ناحية الأريكة، فتفهمت أنه يريدها تجلس؛ للتحدث معها جديًا، فتحركت وهو معها ليجلسا سويًا، وهنا بدأ النقاش الجاد، حين قال:
-زينة عاوزك تفهمي إن نور مهما عملت مش هتدخل في حياتك
نظرت له مستنكرة، فتابع مؤكدًا:
-لازم تعرفي كده، نور عُمرها في حياتها ما هتخلي آيان يعترض على حاجة إنت عاوزاها، آه ممكن تخليه يشد عليكِ، لكن في حاجات تافهة، بس مش لدرجة تدّخل في مستقبلك، ومستحيل تفكر في كده علشان أنا مش هرضى بده
بعدما تفاجأت زينة بكل ذلك، تسائلت:
-طيب ليه هو معترض على شغلي؟!
جاوب عليها برزانة:
-يبقى الموضوع بينك وبينه، محدش ليه علاقة، كنتِ خدتي رأيي وأنا رحبت، ونور متكلمتش، ليه تدخليها في كده؟
وجدتها فرصة لتخبره بكل ما بداخلها، فشرحت ما تشعر به ناحيتها، قالت:
-هي مش بتحبني، وبحسها مش بطيق الولاد و....
قاطعها بنبرة متضايقة محتجة:
-مين قالك كده، نور بتحب الولاد، ولو زي ما بتقولي إنها مش بتحبك، مكنتيش هتعيشي هنا ثانية واحدة
انصدمت زينة من حديثه نحو زوجته، وجلست مدهوشة أيضًا، أردف زين بصريمة:
-جوزك بيحبك، وعلشان كده نور متقدرش تعملك حاجة، مع إنها متأكدة إنك كنتِ السبب لما دخل المستشفى، لأنها بتدور على سعادة ولادها
أطرقت رأسها وقد أصابها خيبة الأمل، بائسة مما يحدث لها، فنصحها زين بتودد:
-خلي بالك من جوزك وعيالك، يمكن لو كنتِ فاتحتي آيان في موضوع شغلك واتناقشتوا بكلام عاقل كان اقتنع، لكن زودتيها لما اتكلمتي على مامته، من حقه يزعل، لأنها أمه وبيحبها جدًا
انتبه لها زين تبكي حينما انفلتت منها شهقة شاردة، حزن عليها للغاية وقال:
-احكيلي عاوزة أيه، واللي يريحك هاعمله؟
ردت بأسى من بين بكائها:
-آيان عاوز ياخد مني الولاد، عاوز يخليني أمشي من غيرهم
ربت على كتفها بلطفٍ وقال:
-مش هيحصل ومش هسمح بده، ولادك مش هيبعدوا عنك
رفعت أعينها له وقالت مترقبة:
-يعني هاخدهم معايا؟
نفخ زين بملل؛ لحماقتها، قال متهكمًا:
-مفكرة هسمحلك إنتِ كمان تخرجي من هنا؟!
اندهشت من أسلوبه المناقض معها، لكن حين تابع وضح لها، قال:
-لو زعلانة منه بسبب اللي عمله ممكن أخليه يبعد عنك شوية، إنما تمشي من هنا لأ.
علقت على كلامه بجهل:
-يعني حضرتك هتعمل أيه؟
مط زين شفتيه قليلاً كأنه يفكر، قال مبتسمًا:
-يعني يقعد في أوضة تانية، على ما الجو يهدأ بينكم، ومتأكد مش هيطول
وزين يخبرها بذاك الإقتراح، تذكر ما كان يفعله مع زوجته نور، وبداخله اهتاف لتلك الذكريات وتنهد، ردت زينة بقبول:
-طيب موافقة على كده، وخليه يبعد عني وميتكلمش معايا
تبسم وجهه لها، يعلم في قرارة نفسه أن الطيش غالب عليهما، وتلك مجرد مناوشات ساذجة، قال بتعقل:
-متقلقيش من كده، إنما موضوع شغلك، دا قرارك مع جوزك ومقدرش أقولك خلفيه واشتغلي، فهمتي يا زينة........!!
___________________________________
حديثه معها جعل علامات الاحتجاج تستفيض عليها، وتنكر ما تلتصق بها من تهم حيال الأمر، فلم ولن تفعل ذلك مطلقًا، ثم توجهت لغرفة عمها، ممتثلة لدعوته لها بحضورها عنده، ثم جلست بجانبه على الفراش؛ لتتناقش معه وتنفي كل شيء، هتفت باكفهرار:
-أنا ماليش دخل يا عمي، هو حر في حياته معاها، ومش بدخل نفسي في أمور خاصة بيهم
انقشع على السيد فاضل استياء شديد حين علم بالأمر من حفيدته ماريان، قال:
-أومال ليه بتشتكي منك يا نور، ليه بتقول إنك بتكرهيها وبتدّخلي في حياتها
قطبت طلعتها من افترائها الغاشم عليها واستنكرت، قالت:
-كل الحكاية بتغِير من حب آيان ليا، مفكرة هتأثر عليه يقف ضد أمه، ودايمًا بتستفزني، وبتتعمد تحرجني في حاجات بتضايقني
قصدت نور تهكم زينة منها، وأنها مدللة بعكس عمرها الحقيقي، ولم تفصح نور عن ذلك؛ لكن أعربت ملامحها عن انزعاجها من الأمر، ونفورها من هذه الفتاة الخبيثة، فتأمل فاضل وجهها العبوس، وتضايق من رؤيته لها هكذا، فهي ابنة أخيه ولن يوافق على السخرية والاستخفاف بها، فانتبهت له نور حين مسد على ظهرها، وحزنت جديا من ذلك، فتابعت باكتراب:
-أنا محبش حد يقلل مني، ومش حتة عيلة تقف تكلمني بعدم احترام، كل ده ليه، علشان ابني بيحبها، تقوم تتعالى عليا
رد فاضل بنبرة مواسية:
-ما عاش ولا كان يا نور، أنا كنت عاوز أفهم الموضوع، لأن مينفعش يتسكت عليه، كفاية ماريان وحياتها اللي اتخربت دي، مش آيان كمان!
قالت بتفهم:
-آيان راجل، وحر في حياته، إنما ماريان بنت، وغصب عنها اللي حصل معاها، ومن حقي هنا كأم أتدخل، وأعرف مصلحتها فين
فرد السيد فاضل ذراعيه كمبادرة لضمها، فاستجابت لها نور ومالت على صدره، مسد على رأسها وقال:
-إنت قلبك طيب يا حبيبتي، عارف كل اللي بتعمليه مع ولادك علشان مصلحتهم، بس كل اللي بيحصل دا من عند ربنا، مش منك خالص
تنهدت وقالت بقلبٍ صافٍ:
-ربنا يعلم ولادي دول غاليين عندي قد أيه، ومقدرش أشوف حد بيزعلهم أبدًا........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
خطوة والده مع زوجته لم تزعجه قط، حين حث الأخيرة على البقاء، بل وجدها لربما سبيل قادمًا لتهدئة الأجواء معها، فهو لن يتحمل أن تبتعد عنه، فارتضى آيان بذاك وامتثل، قال:
-طيب كويس إنها هتفضل، لأن مش هقدر ولادي يبعدوا عني
ابتسم زين بمكر وهو يرفض تصديق ذاك السبب فقط، تماشى مع حديثه وقال:
-أنا كمان مش هقبل يحصل خلاف على حاجة هبلة زي دي، وكمان أحفادي يتربوا قدامي
-بس يا ريت حضرتك تكون فهمتها إن ماما بعيد، وتبطل تقرفني بكلامها عنها، لأن كل ده بيجيب مشاكل
زفر زين وقد تحير في الأمر، من ناحية زوجته تارة وناحية زوجة ابنه تارة أخرى، قال:
-للأسف اللي بيعملوه ده حاجات عند كتير من الستات، يعني يستفزوا بعض والكلام ده، أنا هبدأ من عند نور، هقولها تعاملها زي ماريان، ويا رب زينة تحاول تفهم إن كلنا هنا واحد
أومأ آيان متفهمًا، قال:
-جدي مع ماما جوه، ماريان حكاتله اللي حصل، وهو بيتكلم معاها
رغم تضايق زين بتدخل والده كونه مريض، وجده أفضل منه الآن ليبث رزانته في عقل نور، قال بعقلانية:
-المهم تسيب مراتك براحتها الفترة دي، متحاولش تضايقها على ما الجو يهدى بينكم........!!
__________________________________
بدأت في المرور على غرف المشفى الخاص بها واحدة تلو الأخرى، تطمئن على الحالات بنفسها، وتملي الأوامر بالطبع على الأطباء العاملين معها، وأثناء سيرها مع مساعدتها الطبيبة راندا في أحد أروقة المشفى، قالت:
-الأدوية الناقصة لو استوردناها هتساعد كتير في إن كل مريض يخف بسرعة، طبعًا في حاجات غالية بس مفعولها أقوى من المتوفر تحت إيدينا دلوقت
ثم وقفت رسيل وقد شغلها الأمر، فقالت راندا بمدح:
-الخطوة دي ممتازة يا دكتورة رسيل، فكرة الأدوية، وكمان فكرة خلطها، دي حاجة هايلة، هي مش جديدة؛ لكن لو كانت للمنفعة من مرض خطير، هتسهل كتير في الشفا، وبأقل التكلفة
قالت رسيل باهتمام:
-الموضوع بقالي فترة ببحث عنه وبشتغل عليه، وبقيت مواظبة أروح المعامل أعمل تجارب، هو الموضوع بعيد عن اختصاصي، لكن كل ده بافهم كويس فيه
تحمست راندا وقالت:
-وأنا معاكِ وهساعدك، ما إنتِ عارفة إني دي شغلتي
ابتسمت لها رسيل وهي تربت على كتفها بتودد؛ تقديرًا لمجهودها المتفاني معها، قالت:
-وأنا واثقة فيكِ يا راندا
ثم تابعت متذكرة اقتراح السيد هانك لها:
-مستر هانك مبسوط من فكرتي، يعني بدل ما نستورد أدوية بس، نفكر نخلطها ونخترع دوا جديد، وهو ساعدني في تنفيذها، وعرض عليا أسافر أمريكا أتابع مصانع الأدوية هناك
هتفت راندا بتفاؤل:
-قلبي حاسس إنك يا رسيل هتقدمي حاجات تفيد البلد
أعلنت رسيل حُبها العظيم لبلدها، حين قالت:
-ما هي دي مسؤوليتنا قدام بلدنا، إننا نرفع من قدرها، بالعلم وبكل حاجة تنفع البشرية، ولا يبقى ملناش لازمة باللي اتعلمناه طول سنين حياتنا
أعجبت راندا بفكر رسيل، ومدى صدق انتمائها لوطنها، استفهمت:
-هتسافري إمتى؟
تذكرت رسيل معارضة أيهم، وربما رفضه التام، فـ لاح عليها تضايق عابر، تنهدت وقالت باقتضاب:
-قريب إن شاء الله..........!!
_______________________________________
بعد يومين، أخبرهم الطبيب بأن حالة الولد مستقرة، ويمكن أخذه للمنزل، ابتهجت لمى لترحل به فورًا، وامتنت للرب أنه أضحى بخير، وحملته بنفسها ولم تتركه يفارق أحضانها، وأثناء العودة في سيارة سيف ومعهما أخته نيفين، قال الأخير بود:
-حمد الله على سلامته، كويس إنك سبتيه في المستشفى اليومين دول علشان تتأكدي إنه بخير
قالت بغبطة ظاهرة:
-الحمد لله!
ألح سؤال على ذهن سيف ولم يستطع التحكم في فضوله لمعرفة الجواب عليه، سألها بتردد:
-هترجعي عندي الشقة ولا هـ....
قاطعته وقد قررت خطوتها التالية، قالت:
-لا هرجع عند ماما، كفاية سببتلكم مشاكل، وكمان زين عرف شقتك، يعني ممكن يأذيك
علق على قرارها مستفهمًا:
-إنتِ خايفة من القضية بتاعته، علشان كده مش ناوية تكملي في إنك تاخدي حقك منه؟
احتفظت لمى بعرض زين لنفسها، فبالتأكيد لن تخبر أحد به، وجاء بالفعل قرارها بأنه توجست من تهديداته؛ لتحمي بدورها كأم صغيرها من الأذى، قالت:
-خايفة على ابني، دي كل الحكاية!
قالت نيفين بجدية:
-إنتِ صح يا لمى، وكمان انتقامك من زين بالطريقة دي مش حلو، في إنك تدعي إنك مرتبطة بغيره، للأسف سمعتك كده مش هتبقى كويسة، خصوصًا في نظر زين اللي اتهمك بالخيانة
ضيق لمى من سوء فهم زين لم يضاهي ندمها حين فكرت أن تنتقم منه بهذه الطريقة المستقبحة، فحقًا تدنت من خلالها أخلاقها واندثرت حقوقها، لتضحى في نظره هي الملامة، بينما اختلس لها سيف النظرات بطرف عينيه، ليستشف ما تفكر به، وجهل ماذا ستفعل بعد ذلك؟، فسألها معقبًا على طلاقها غير المعلن:
-دلوقتي زين طلقك، بس هو مش معترف بده، هتعملي أيه؟، هتفضلي كده متعلقة؟!
صمتت للحظات كأنها تفكر في شيء تعرفه هي فقط، ألا وهو عرض زين لها، وبالأحرى أمره المقترن بتهديه لها، قالت:
-لسه مش عارفة، بس أكيد مش هفضل كده، لازم حل معاه!
حذرها في الجواب عليه، لم يعطيه أي أمل معها، فهي تعتبر مشتتة، ووجود ابنها سيبقيها هكذا ضائعة.
تنهدت لمى بعُمق شديد وهي تضم ابنها الغافي لصدرها، واضطربت من كثرة استفهاماتهم، فقررت محاولة تغيير الموضوع، وتحتفظ به لنفسها ولما اعتزمت تنفيذه فقط، تساءلت:
-أخبار المكان اللي بدّور عليه أيه، لقيت؟
ردت عليها هنا نيفين متهللة:
-لقينا مكان حلو قوي، ينفع لتصميم الملابس، وفي مكان حيوي قوي في العجمي
فرحت لمى لذلك وقالت:
-مبروك، كده بقى هتبدأوا في تنفيذ فكرتكم
رد سيف بحماس:
-طبعًا، لما نعمل مشروع عمرنا على أرض بلدنا، قلبي حاسس إننا هنغير في حاجات كتير، خصوصًا في الموضة والتصميمات الجديدة
اقترحت بشغف:
-مايا بتفهم في إدارة الأعمال، خدوها معاكم، هتساعدكم كتير
قالت نيفين بترحيب:
-كويس قوي، أحسن ما نجيب حد غريب
انشرح وجه لمى من ذلك، وبدأت تأخذها دوامة الحياة قليلاً، متناسية مشاكلها مع الآخر، وفي ظل ذلك، حضر طيف معكر لصفو هدوئها، وهو سيرته التي تؤرقها، حين رن هاتفها، ووجدته هو، فقد أملى رقمه الخاص عليها، وبالطبع يريد معرفة قرارها، كلحت من أفعاله، واختنقت من استهانته بها، ثم احترست من عدم الرد عليه أمام أحــد، لتجيب فيما بعد..........!!
____________________________________
تهاتفها مرارًا وتكرارًا، وتسرد لها ما يحدث في يومها بشرحٍ مسهب؛ لكن تلك المرة كان حديثهن مبهج، حين أخبرت والدتها بنيتها في الرجوع برفقة جنى ابنة عمتها ميرا، فدفعتها مريم للقبول دون تردد والعودة، قالت:
-طالما يا لين يا حبيبتي خلصتي دراستك، وناويتي تشتغلي في مجالك، تعالي هنا معانا وفي وسط أهلك أحسن، وكمان كلنا هنساندك لحد ما تقفي على رجليكِ
تشجيع والدتها حثها على الموافقة، فابتسمت قائلة:
-خلاص يا مامي، أسبوع كده وهكون عندك، وجنى هترجع معايا
-تشرف يا حبيبتي، وهي هتقعد معانا أكيد، لأن زين خلاص اتجوز ومش عايش معانا
تناست لين أمره، فسألت بلهف:
-صحيح زين عامل أيه لما اتجوز، سعيد في حياته؟!
لم تعلق مريم على سؤالها، بل عابت عليها من تجاهلها لأخيها، قالت:
-ليه مكلمتيش أخوكِ يوم فرحه وتباركيله؟
ردت مغتمة بشدة:
-زين مبقاش قريب مني زي الأول، من بعد ما ساب لمى، ففكرت متدخلش في حياته، مش ناقصة وجع دماغ
رفضت مريم أن تكون علاقتها بأخيها هكذا، فقالت بحزم:
-لما ترجعي لازم تكون علاقتك بأخوكِ أحسن، هو خلاص اتجوز ومستقر في حياته!
اندهشت لين واستفهمت:
-معقول بعد تلت سنين نسي لمى بسهولة كده وحياته استقرت؟!
هذا ما استنكرته مريم هي الأخرى، ورجحت بأنه ربما يخفي ميوله تجاه من كانت سبب عذابه لسنوات، وأعلنت مريم عدم تأكدها قائلة بضيق:
-مش متأكدة يا لين............!!
______________________________________
القى هاتفه بغيظٍ بجانبه على الأريكة؛ حانقًا من تجاهلها له وعدم ردها عليه، وانتوى بالطبع لها، وما خمنه هو أنها رفضت عرضه لها، أخذ زين يفكر ماذا سيفعل معها؟، فكل مرة تثبط ظنه بها، ويدرك أنها لم تحبه يومًا وكانت تزيف ذلك قبيل زواجه بها، وخيانتها له أكبر دليل، غمغم بتوعد:
-إنتٍ اللي جبتيه لنفسك، لما تتسجني أحسن، بس برضوه لو خرجتي مش هرحمك!
حاولت سمر أن تستمع لكلماته تلك وفشلت، فما لمحته في هيئته أنه مزعوج، وما جاء في فكرها ضيقه من عدم إنجابها الآن، فبدأت تقترب منه وهو جالس وتنفذ تنبيهات والدتها لها، فانتبه زين لتقدمها منه وببراعة أزال علامات تبرمه، جلست سمر ملتصقة به وعلى وجهها ابتسامة متسعة، قالت:
-عندي ليك خبر هيفرحك قوي قوي
وجه بصره لها مترقبًا باهتمام، فقبلت خده وسط غرابته، قالت متحمسة:
-خلاص موافقة يا زين نخلف
دهشته بقرارها المُباغت، فأردفت بألفة:
-أنا كنت عاوزة نأجل بس علشان نعيش حياتنا الأول بدون وش العيال، بس طالما دا هيسعدك ويخليك متزعلش مني، خلاص موافقة
تقبّل زين اعتراضها في البداية، كونها قد تفهمت عليه وابتسم، فهو يريد تعويض ما فاته، وينجب أيضًا، فلما هي فقط؟، وقصد بسخطه لمى، وإعلانًا على فرحته بذاك الخبر، ضمها إليه بقوة، قال:
-كده هتبقي حبيبتي، لأن الموضوع ده يهمني قوي
تنهدت بهيام وهي بين ذراعيه، متيمة بتلك المحبة التي يغدقها بها، قالت:
-وأنا يهمني سعادتك يا حبيبي، لأنك مهم عندي قوي، واللي يريحك يريحني...........!!
_____________________________________
-أيهــم حبيبي!
ابتهج أيهم وهي تناديه، خاطبها بلطافة:
-نعم يا حبيبتي
نظرت له رسيل بطرف عينيها فقد ظنها توجه الحديث له، تابعت تغيير ملابس الصغير وقالت:
-بكلم الولد مش إنت!
تصلبت نظراته الجامدة عليها وبداخله ملأه الغيظ، تجاهلها ثم تحرك ناحية خزانة ملابسه لينتقي ملابس أخرى، بينما ظلت رسيل منشغلة بالصغير حتى دهى فكرها شيء ما تذكرته، قطعت تبديله لثيابه حين قالت بجدية:
-أنا ومدام نور هنسافر آخر الأسبوع!
ألقى أيهم ما بيده من ملابس داخل الخزانة، التفت لها محتقنًا وقال:
-مش قولت بلاش سفر!
أفرغت من عملها الأمومي تجاه وليدها ثم وضعت الصغير منتصف التخت، نهضت متجهة نحوه، قالت باستنكار:
-دا شغل ولازم أروح بنفسي علشان يخلص، مش بإيدي يعني
تقطبت قسماته ولم يجد حجة قوية لمنعها غير أبنائهما، قال:
-والعيال؟!
هتفت معللة بعقلانية:
-هيبقوا هنا مع عمتي، وأنا مش هغيب، أسبوع واحد بس، ومدام نور معايا!
وجدها تتحدث غير مهتمة به، كأنه ليس من ضمن أولوياتها، هتف:
-وزين موافق على سفرها؟!
قالت بتردد وهي تعود لتجلس بجانب الصغير:
-هو رافض
هتف بانفعال وهو يقترب منها:
-يعني جوزها رافض وعاوزاني أوافق
اندهشت من ثورته تلك، قالت:
-بس هي بتقنعه وقالت مش هيزعلها، وكمان الموضوع مش مستاهل كل ده
قال بتوجس مازح:
-أصل خايفة يطلعوا من بتوع الأعضاء البشرية، وياخدوكِ ينفضوكِ هناك، وتجيلي معرفش اتصرف فيكِ!
كزت على أسنانها متجهمة من سخافته، قالت:
-ما إنت شغلك كله مع الأجانب والستات الحلوة، ولما بكلمك تقول الشغل معاهم كويس، بتكسب كتير من وراهم
قال ببرود مستطير:
-إنتِ تفرحي علشان باعمل ثروة ليكِ ولعيالنا، علشان تفضلوا على طول فوق!
-أنا هسافر!
لمح هو في عينيها تصميم عجيب، ابتسم قليلاً وقال باقتضاب:
-تروحي وترجعي بالسلامة!
لم ينتظر أكثر؛ كي لا يشتد الحديث بينهما ودلف للخارج، بينما وجدت رسيل أن ذلك من حقها ولا داعي لضيقه، تأففت علنًا ثم حملت الصغير؛ كي ترضعـــه......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عند نزوله للأسفل توجه ناحية والده الذي يجلس ويرتشف من قهوته، جلس أمامه بقسماتٍ مكشّرة، خاطبه السيد مروان باهتمام:
-إنت من امبارح مش عاجبني يا أيهم، قولي فيه أيه؟!
استدرجه السيد بحذر ليتفهم سبب خلافه مع رسيل، نفخ بقوة وقال:
-رسيل عاوزة تسافر فرنسا علشان الشغل، ومُصرّة!
ضم السيد ثغره كأنه يفكر بجدية في ذلك، قال بتروٍ:
-شغلها مع الإجانب سمحت بيه، وكان المفروض متسبهاش من غير ما تعرف كل حاجة عنهم، علشان كده متردد في سفرها
زكا امتناعه عن مشاركته لها قائلاً:
-أن سألت عنهم وجاتني معلومات كويسة
-يبقى خلاص خايف من أيه، دا شغل!
أجفل أيهم في الأمر، فكيف ستتغيب زوجته عنه طيلة هذه الفترة؟، سيبقى مشغولاً بها بالطبع، نهض وبداخله مستاء، قال:
-هكلم زين بيه وأشوف رأيه في الموضوع.....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أظلمت عينيها وهي تتقدم منه، ثم أخذت تتجسس محاولة أن تلتقط بعض الكلمات، عند وصولها إليه انتبه زين لها، تصنعت الابتسام ثم جلست بجانبه، تفهمت الأمر حين خاطب المتصل:
-واللهِ الموضوع مش عاجبني، خصوصًا إن نور من وقت جوازنا مش بنسافر غير سوا
ركزت معه لتعرف وجهة نظره، قال زين بتفهم:
-لسه بفكر في الموضوع، لما آخد قرار فيه هقولك
فركت كفيها بغيظ ثم أحدت إليه النظر؛ حتى أنهى الحديث، هتفت باصرار:
-عاوزة اعرف دلوقت رأيك في السفر!
تعجب زين منها، لم يخفي عدم رضاه من أسلوبها، قال:
-نور، طريقتك مش عجباني، زي ما تكوني بتهدديني يا أوافق يا شوفي ناوية على أيه!
قالت باحتجاج:
-مش صحيح، بس إنت وعدتني توافق على السفر، حرام تضيع تعبي كده على أسبوع سفر!
نظر زين أمامه متحيرًا، حاولت نور سبر أغوار عقله، متمنية ألا يخيب ظنها، وهي تتكهن بلهف رده لمحت زوجة ابنها تهبط الدرج حاملة الصغيرة، تناست موضوعها ثم تفرغت لها، هتفت ببغض:
-مبقتش طايقة وجودها هنا!
انتبه زين لها ثم عفويًا وجه بصره لـ زينة التي تتحرك للخارج، زفر بضيق وقال:
-سيبيها في حالها يا نور، الموضوع مش ناقص عكننة
هتفت بحنق:
-ما هي وش الغم، سايبة ابني في أوضة لواحده ولا كأنه متجوز، دي مش متربية، مش فاهمة ليه مخلتهاش تروح لأهلها، مش شايف حالة ابنك لما بعدت عنه!
قال بعقلانية مستنكرًا ضآلة فكرها:
-علشان الولاد يا نور، وكمان دول ولادنا يعني لازم يفضلوا في وسطينا، وبرضوه مش هنحرمها منهم!
هتفت بنفور:
-دا تبرير خايب، على الأقل تقعد يومين عند أهلها وهما نفسهم اللي هتلاقيهم جايبنها، دي ما بتشوفش الحب والحنية غير مع أيان ابني، اللي مش مقدرة حبه ده ليها!
قال زين بجدية معتمدًا على ما قالته للتو:
-اديكي قولتيها، يعني هي هنا علشان ابنك بيحبها، وحسيته هيتجنن لو بعدت عنه!
امتلأ قلبها بالحرد تجاه الأخيرة، يمنحها ابنها العشق وهي تأبه عليه، هتفت بعدم قبول:
-مش هشوف ابني بيتبهدل على ايديها، لو ما اهتمتش بيه وعاشت كويس أنا هخليه يطلقها........!!
____________________________________
وهو جالس بغرفة مكتبه، علم للتو بخروج ابنها من المشفى، ولم يتفهم سبب مكوثها مع والدتها وتركها لعشيقها ذاك، وبداخله قلق من عدم اهتمامها بكلامه رغم أنه هددها علنًا، وارتاب في الأمر، لربما تخطط لشيء ما غامض، ورجح سفرها مرة أخرى وهروبها، غضب زين وتهدجت أنفاسه، وللحظات جذبه سؤال عابر، لما هو يريدها؛ رغم خيانتها له؟، فشل في الإجابة على نفسه، أو أجحف أنه ما زال يكن الحُب لها، لعن نفسه على ذلك، فهو لا يريد الظهور ضعيفًا، وخلقته الحانقة كانت تناقض ما يريد أن ينفيه، دفن وجهه بين راحتيه؛ كأنه يريد البكاء لربما، قال بنبرة ألم:
-أيوة لسه باحبها!
ارتاح قلبه حين نطقها، واعترف بما ضمره، لكن في قرارة نفسه فقط، قرر زين مغادرة مقر مكتبه، فقد مل من الجلوس فيه؛ رغم أنه اتخذه كمكان للتنفيس عن تضايقه، لينعم ببعض الهدوء، ثم نهض وجاء ليتحرك فأوقفه رنين هاتفه، تنبه له فورًا وبخفة كان شغوف بمعرفة هوية المتصل، توتر حين وجدها هي من تهاتفه، ثم جلس مرة أخرى، تنفس بهدوء وضبط أنفاسه، ثم أجاب بضيق تصنعه في البداية:
-عاملة تقيلة ولا أيه؟!
ردت بشيء من الإطراق:
-أصل كنت مشغولة، وكانوا حوليا بيطمنوا على الولد
تحابق عليها بلفظٍ نابٍ، فكلما تذكر هذا الولد أمامها تثير حنقه، وتغضبه، ومن ردة فعله تلك، جعلها غير مترددة فيما قررته، هتف بهياج:
-قولتي أيه في اللي كلمتك عنه؟!
تكهن بفضول جوابها، فسألته بجدية:
-لو هكون معاك في السر، يبقى عندي شروط
ردها جعل بسمته الخبيثة تتسع، فهذا يعني قبولها، ورغم ذلك رسم اعتراضه وهو يقول:
-من غير شروط، مش هتتشرطي عليا!
ضايقها برده المريب، الذي جعلها تقلق، قالت بإصرار:
-ليا شروط، ولو مش هتوافق عليها هرفض
اضطر زين للموافقة، وأعلن ذلك على مضض، قال:
-اخلصي قولي!
ابتلعت ريقها ثم تهيأت للرد، قالت:
-تعاملني كويس، دي أهم حاجة، يعني متذلنيش
لم تحتاج لقول ذلك، فما كان سيفعله معها، كان مخالفًا عما يكنه لها بداخله، قال:
-بس كده؟!
أضافت بتوتر أشد جعل شرارات انفعاله كإنها تلطم وجهها:
-يونس يعيش معانا، وميسبنيش لحظة.................!!
_____________________________________
تأخر الوقت كثيرًا، فاضطجع على تخته؛ متأهبًا للنوم؛ لكن هيهات أن يشعر بالراحة، فلم يفارق تخته الذي جمعه بها من فترة طويلة، سوى في تلك الليلة البائسة، تأفف آيان وتذمر، وبداخله تبرم من كلامها عن والدته، فهو لن يسمح بذلك، اغتم واضطر للبقاء بعيدًا عنها هكذا، لربما تدرك خطأها معه، وارتاب أن يحدث ذلك، فهو إلى الآن لم يشعر بحبٍ نابع منها يضاهي حبه القاتل لها، وتهكم أن تندم على بُعده عنها، بعكسه هو، فقد افتقدها، وابتسم ساخرًا.
اغمض عينيه ليجبر نفسه على النوم، وفي لحظة خاطفة تخلل لأذنيه صوت طفل صغير يبكي، فتح عينيه فجأة وقد تعرّف عليه، أجل هي ابنته الصغيرة، نهض بخفة وقد غاب النوم من عينيه، ليتيقظ تمامًا، هي تبكي ولا جديد، لكن صراخها أقلقه، ودفعه ليستغل ذلك ويذهب هناك، مط شفتيه وقد انتوى، ثم بخطوات زموعة تحرك نحو الخارج؛ قاصدًا غرفة نومه..
حين وصل فتحها دون استئذان، وجدها جالسة على التخت وتحمل الصغيرة، فتفاجأت زينة بحضوره، لثوانٍ نظرت إليه ثم تجاهلته لتهتم بالصغيرة، وبدا من هيئتها أنها مريضة، فتقدم آيان مضطربًا منهن، هتف بقلق:
-مالها البنت؟
ثم انتبه لها وهي تضع قطع قماش مبللة بالماء تحت إبطيها، فعفويًا وضع كفه على جبين الصغيرة، شهق حين وجد حرارتها مرتفعة، فجلس أمام زينة وهو يتأمل ابنته، قال:
-البنت سخنة، من أيه؟
كانت زينة مكتربة فابنتها مريضة، ولا تعرف السبب، قالت بجهل:
-يمكن علشان رضعتها وأنا زعلانة، فتعبت، اسمعهم بيقولوا كده
لم يعي هو الآخر صدق ذلك، قال:
-طيب يلا ناخدها المستشفى!
قالت باختناق:
-الوقت متأخر، هاعملها كمدات، وإن شاء الله هتبقى كويسة
فعل آيان ما بوسعه ليعاونها، ومرت قرابة الساعتين وهما على هذا الحال، فتعبت زينة واحتاجت بشدة للنوم، سحب آيان الصغيرة من حجرها فانتفضت مفزوعة، قال بهدوء:
-هشيلها أنا، نامي إنتِ شوية!
قالت بنعاسٍ سيطر عليها:
-هنام ساعة واحدة مش قادرة، وأفضل اعملها كمدات
قال ممتثلاً:
-حاضر، أنا مش هنام غير لما أطمن عليها
غفت زينة في غضون ثوانٍ، فتعبها طول اليوم مع أطفالها أرهقها، وجاء تعب ابنتها على عاتقها ليزيد من ضعف قواها، شعر بها آيان ولم يتوانى في تقديم المشاركة، ثم حمل ابنته وأخذ يتحرك بها في الغرفة، وهو مستمر في عمل كمدات باردة لها، وقضى ساعة أخرى هكذا؛ حتى انتبه لإنخفاض حرارتها، وأن الصغيرة ارتاحت جسديًا، لتغفو بعدما زالت الحرارة المرتفعة عنها، قبّلها آيان بحنوٍ ثم تحرك ليضعها بجانب والدتها..
وضعها بهدوء ثم مسد على رأسها مبتسمًا، اعتدل في وقفته وهو يتساءل ماذا سيفعل بعدها؟، هل سيذهب مكملاً ما أمره به والده؟، أم سيمكث هنا ويقضي ليلته بجانبهن، تحير كثيرًا؛ بم وجه بصره لـ زينة وصلب نظراته عليها، ولم يخفي ضيقه من وضعه في موقفٍ كهذا، لذا وبدون مقدمات دنا منها، وتسطح بجانبها، انتبهت زينة له حين لف ذراعه حولها، ففتحت عينيها مشدوهة، وتساءلت بتلقائية:
-البنت؟
قرّب وجهها منها ونظراته أدركتها، قال:
-نامت وكويسة!
ابتلعت ريقها مما يفعله، وتيقنت ما يريده، فتزعزعت أنفاسها وقالت:
-مش هسامحك بسهولة كده، غير لما توافق على شغلي
شدّد من التصاقه بها ليفرض تملكه منها، هتف بغيظ:
-بتهدديني، فاكرة كده هتمشي كلامك عليا؟
قالت بعنادٍ مستفز:
-يبقى امشي بدل ما أنادي عمي
وضعته قاب قوسين، فمن ناحية أرادها، ومن ناحية رفض عملها، حدجها بحنق وهي تتحداه هكذا، وقبيل نطقه بأي قرار سيتخذ، كان يفكر بجديــة..............!!
تابع من هنا: جميع فصول رواية أرض زيكولا بقلم عمرو عبدالحميد
أو أرسل لنا رسالة مباشرة عبر الماسنجر باسم القصة التي تريدها
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا