مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص الرومانسية مع رواية اجتماعية واقعية ومثيرة جديدة للكاتبة صفية الجيار علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل السادس عشر من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السادس عشر
اقرأ أيضا: روايات رومانسية
رواية أفيندار بقلم صفية الجيار - الفصل السادس عشر
تغيرت معاملته كثيرًا و أصبح سيء الطباع، سريع الانفعال، يتحاشى التعامل معها، ومنذ ذهابهما إلى العين السخنة لم يتناولا وجبة طعام واحدة معًا، أوقات تناولها للطعام يغادر المنزل ولا يعود إلا وهي بغرفتها، إما نائمة أو تنهي بعض الأعمال على حاسوبها المحمول، لم يكن يتناول الطعام رغبة في ذلك وإنما يتناول ما يجعله قادرًا للوقوف على قدميه، فقط كل ما يريده أن يقف على قدميه لمواجهة ما هو قادم، ومحاربه تلك الأفكار التي تعصف بعقلهِ، يجلس على الشاطئ لساعاتٍ يراقب تلاطم الأمواج بحسرةٍ عما يعايشه، أما عنها فقد احتارت بحالته تلك فمنذ مواجهتهما أي منذ مجيئهما، لم يتحدثا إلا بكلمات مقتضبة كتحية الصباح والمساء مثلًا، و بعد أن علمت من مريم أنه جاء بها إلى هذا المنزل محمولة بين ذراعيه، تملك منها الخجل، لذا ارجأت مواجهتهما لوقتٍ لاحقٍ، كما أنها كانت تنشغل بأشياءٍ أكثر خطورة، أرادت أن تفهم لما تعمدت والدتها ابعادها عن عائلتها، وجعلتها تقسم ألا تعد الى القاهرة، ولا تخبر أحد بمكانها إلا عندما تسمح لها بذلك، وبالفعل نفذت ما أملته عليها، حتى عندما تحدثت مع رهف عبر الهاتف لم تتطرق مطلقًا لأمر عودتها إلى القاهرة، وعندما سألتها عن مكان تواجدهما تهربت، ودار حديثهما حول علاقتها بمراد وتغير حاله و تلك الرسائل التي باتت تصل إليها بصورة يومية، لكن موقف رهف أصابها بالحيرة، فلقد راحت تشجعها على الانفصال عن مراد متى أرادت ذلك، وقالت لها أنها ليست مجبرة على فعل ما يطلبونه منها دومًا، لتفعل مرة واحدة ما تريده هي، وليذهب إلى الجحيم من يذهب.
وقفت أمام النافذة تراقب زخات المطر المتجمعة على زجاجها، وبيدها كوبٍ من الشاي بحليب المشروب المفضل لديها، وكلما شعرت بالبرودة ارتشفت منه رشفة لعلها تُدفئ جسدها، لكن السؤال هنا هل كوب من الشاي قادرًا على تدفئة روحها المتعطشة للأمان، الفاقدة للحب؟ بالطبع لا، كانت تدرس فكرة الانفصال عن مراد وعواقبها، والضرب برغباتهم جميعًا بعرض الحائط، فكرت إن فعلت أين ستذهب هل إلى أمها؟ وهل إن ذهبت إليها هل ستقبل بها؟ راحت تحدث نفسها"مؤكد لن تقبل بي، فمن الواضح أن الرسائل التي تأتي ليست من فراغ، إن نظرت إلى أفعال ماما والخاتم القابع بإصبع مراد،
ورغبتهما في إخفائي عن الجميع، فكل هذا يدل أن هناك حرب وشيكة،يا رب كن معي لم أعد أحتمل إلى متى سأدفع ثمن حبي له" لم تكن تخشى الحرب وإنما كل خوفها كان من المواجهة، خاصة وهي يسر زوجة مراد عزام وليست يسر الدالي، وإن كانا يتشاركان معًا إرث العائلة الثمين،فهذا يدل أنهما أولى ضحايا الحرب، لاحت نظرة حزينة منها نحو النجمة المضيئة بإصبعها وتحسستها برفقٍ وكأنها تعاتبها، تعاتبها على ما لم يحدث،تعاتبها على ما سيحدث، أعادها هذا الخاتم إلى ذكريات مضت ولن تعاود معايشتها مرة أخرى، إلى مساءٍ ليس كأي مساء، مساءً سيبقى خالدًا بذاكرتها إلى الأبد، مساء عشق لن ينتهي.
{بقصرٍ بأحد المناطق العمرانية الخاصة بالطبقة المخملية، قصر يحمل على جدرانه عبق التاريخ وأصالة وعراقة ساكنيه،قصر سُلب من مالكته دون وجه حق، كان يجلس ستة من الشباب تحديدًا بالحديقة يتحلقون حول المنضدة وأمامهم أكواب الشاي الساخنة، ستة أرواح يحملون دمًا واحدًا، دم عائلة الدالي الأصيل، ستة قلوب يجمعهم حبًا ومشاعر جياشة ،قالت رهف بطفولةٍ كعادتها:
_ والآن لنجري القرعة.
فقالت ياسمين بتساؤل:
_أي قرعة؟
أجابها ياسين في محاولة منه لإظهار اهتمامه برهف:
_ مؤكد قرعة القمر والنجمة اللامعة فهذا ما يشغل تفكير رهف في الآونة الأخيرة.
صاحت به بتذمرٍ:
_ نعم أفكر بهما،وطالما أصحاب الإرث الثمين قد حسم أمرهما ليخبرونا هل سيتم تسليمه لمن يحالفهما الحظ بعدهما أم سيأخذانه حق مكتسب ؟
قالت يسر:
_ اعتقد إرثنا الثمين سيبقى من نصيب كرم الدالي لسنوات. شهق ياسين وهو يلكزها بذراعها ثم قال:
_ نعم! وماذا عني؟
_ أمرك صعب يا عزيزي، لكن مؤكد سيصل إليكَ ذات يوم.
تذمرت ياسمين بغضبٍ عارمٍ وقالت:
_ بطبيعة الحال لن يصل خاتم أجدادي ليدي يومًا،لذا لن أتدخل بجدالكم وسأنام على كتف خالي العزيز.
قامت بلف ذراعيها حول ذراع خالها وتوسدت كتفه برأسها، دومًا ما كان الصدر الحنون لأبناء شقيقته، غلف محيطهم صوت قهقهة دومًا ما كانت محببة ليسر، لرجل له مكانته الخاصة بروحها وقلبها ثم أعقب ضحكه بجملةٍ سخر من خلالها بياسمين:
_ عزيزتي ياسمين كان لابد أن تفكر بكِ منار و تنجب لكِ صبي يكون تعيس الحظ ويتزوجكِ حتى يضمن لكِ الحصول على النجمة،
لكن ماذا نفعل يبدو أنكِ الوحيدة بعائلتنا التي لن تضع النجمة بإصبعها،المهم أنه سيكون من نصيب شقيقتكِ وهذا يكفي.
قالت يسر وهي تتبادل معه النظرات:
_أسعد أيام حياتي ستكون يوم ارتدائي للنجمة يا كرمي .
أطلق ياسين تنهيده مفتعله وقال:
_لا تنسى تواجدي بينكما يا شقيقتي.}
انسابت دمعاتها بغزارة على إثر ذكرياتها،وتذكر الأيام الخوالي، وراحت تردد" لم ترتديه يا ياسمين،لم يمهلك الفرصة، لم تضعه بإصبع رهف يا ياسين، وأنت أيها الخائن لم يسمح لكَ القدر أن تحصل على الإرث الذي طالما حلمت به، أما أنا حصلت على كل هذا، إنه لمن سوء حظي يا أحبائي لا تحزنوا،ليتني مُت قبل أن أسلب منكم حقوقكم وسعادتكم"
سمعت باب المنزل يغلق فعلمت أنه عاد، التفتت لتراه يغلق الباب من خلفه بهدوءٍ،و يحاول ألا يصدر صوتًا لعلها تكن نائمة ولا يضطر لمواجهتها، فما يخفيه بقلبهِ إن حاول أحدهم نبشه ستنضرم النيران بوجهها ولن يستطع أحد اطفائها، نيران غيرة، صدمة ونيران غضب، لقد توقع المواجهة لكنه لم يتوقع أن تكون بتلك السرعة،قالت وهي تقف متطلعة به بحيرةٍ:
_مراد هل عدت، أين كنت؟ تركت تلك الرسالة صباحًا دون أن تخبرني بذهابكَ.
أجابها وهو يخرج هاتفه من جيب سترته
ويضعه على المنضدة:
_ الأعمال تراكمت منذ زواجنا ،لذا ذهبت إلى القاهرة كما كتبت لكِ.
قالت بعتابٍ:
_ ولما لم تأخذنني معكَ لقد اشتقت إلى أمي ، وأيضًا هناك اشياء تنقصنى كنت بحاجة إليها.
تطلع بها لبرهة بنظراتٍ شاردة غامضة، غاضبة وكأن كلماتها استجلبت إلى عقله حقائق كان يحاول التغافل عنها،و لم يستطع السيطرة على أفعاله أكثر وتحكمت به رجولته وقال:
_ بالطبع هناك أشياء تنقصكِ، ومنذ سنوات.
تطلعت به بعدم فهم فتابع:
_ يسر أهناك أشياء حدثت أو تحدث ولا أعرفها؟
_ مثل ماذا؟!
أدرك مدى ذكائها؛ لذا قرر إجبارها على التحدث فقال:
_سأسألكِ سؤالًا واحدًا وأريد إجابة صادقة، لمرة واحدة يا يسر لا تراوغي.
قالت:
_ تفضل سأجيبكَ بصدقٍ.
_ لو عاد هذا الحيوان أي طليقك هل ستعودين له، إن مد يده لكِ وقال تعالي ستذهبين له، رغمًا عن عائلتكِ رغمًا عن إرادة والدتكِ، رغمًا عما فعله بكم بالماضي؟
حدقت به بصدمةٍ، فلم تتوقع سؤاله هذا، بل لم تتوقع أن يتجرأ على الحديث بتلك المواضيع، خاصة أن الأيام الماضيه كان كل منهما يعيش بعالمهِ الخاص به،ومراد يكاد يكون منعزلًا عن العالم، وهي تعيش أسيرة ما يحدث معها، لذا قالت بانفعال وهي توليه ظهرها:
_ غير مسموح لكَ بالتحدث بتلك الأمور، لا تنسى أنتَ لست فردًا من أفراد عائلتي لتتجاوز حدودك .
**
مقابلة مراد مع أمجد وضعت النقاط على الحروف في علاقة مريم بزوجها، وهذا كان سبب ذهابه إلى القاهرة فبعد اجتماع مغلق بينهما دام لساعتين انتهى باعتذار أمجد منه ومن مريم، متعهدًا له أن يُحسن معاملتها ويصطحبها الى المدينه التي يعمل بها وألا يفعل ما يحزنها .
**
في منزل أمجد
خلدت ليان في نومٍ هنيءٍ بغرفتها التي لم تنعم بالنوم بها إلا بضعة أشهر من عمرها، قامت مريم بتقبيل جبينها ثم تنهدت براحةٍ وطمأنينةٍ وابتسامة رضا وسعادة تزين محياها، تمتمت بكلمات شكر لشقيقها عما فعله ليجمعها بزوجها،
ثم توجهت نحو المرآه لتعدل من مظهرها، ورتبت خصلات شعرها المتمردة على جبينها ثم تنهدت بحبٍ وهمست "هيا يا مريم استعيدي سعادتكِ مرة أخرى هذه فرصتكِ".
دلفت إلى غرفة النوم الخاصة بها هي وزوجها لتجده ينفث سحابة من دخان سيجارته القابعة بين إصبعيه، فور رؤيته لها اعتدل في جلسته وقال بتهكمٍ:
_ جاءت البكاءة الشكاءة، مرحبا يا طفلتي.
أجفلت من نبرة صوته لكن كلمه طفلتي طمأنت قلبها.
أشار لها بيده لتتقدم نحوه ففعلت
وقالت :
_ لم أقم بالشكوى له، أنتَ انشغلت عنا، وهو رأى حالتي ففهم ما يدور بيننا.
عقد ما بين حاجبيه وقال بسخرية:
_و ما هو الشيء الذي يدور بيننا؟
جلست بجانبه ثم قالت بعتابٍ:
_ اللا شيء يا أمجد، وهل يحدث بيننا شيء؟!
نهض وراح يدور حول نفسه ثم قال :
_وأنتِ رضيت بهذا، لما البكاء والشكوى الآن.
_قلت لكَ لم اشتكي له، هو رأى حالتي وقرر التدخل للإصلاح بيننا.
_وهل أصلح ما بيننا؟
نهضت وحدقت به بفزعٍ وقالت وهي تتوجه نحوه :
_ألم يصلح بيننا! ألم تتعهد له أن نبقى معكَ و ألا تُحزنني.
_ هذا هو، أن أُذل له، وأقف أتعهد وأقدم فروض الولاء والطاعة وكأني طفل صغير، يقم معلمه بتأنيبه، كيف تضعين زوجكِ بموضع كهذا يا زوجتي المصون!.
عانقته في محاولة منها التملص من غضبه التي تعرفه حق المعرفة، وتعرف عواقبه،وقد تعمدت أن تتحدث بالقرب من شفاهه، فهي تعلم مدى ضعفه تجاه غريزته:
_لم أخبره بشيءٍ اقسم لكَ، كما من المفترض عليكَ أن تنظر للأمر بإيجابية، نحن سويًا مرة أخرى ، لننسى كل شيء أرجوك، لتجرب أن تُحبني كما أحبك، أحبك كثيرًا كما لم يحبك أحد.
دفعها بعيدًا عنه وقال:
_ مريم أنا لا يروق لي كلام الأساطير هذا.
انهالت دمعاتها على وجنتيها وقالت:
_ وماذا يروق لكَ؟ هل الساقطات وفتيات الليل، وما تمارسه معهن، وإهمالك لي طوال الوقت، هل أن تكون ابنتكَ يتيمة وأنتَ ما زلت على قيد الحياة، وافتقارها للحب كما الحال معي، هل تساءلت يومًا عن حالها، هل تخيلت مشاعري وأنا أرى أخي يركض بها إلى الطبيب فجرًا كالمجنون عندما ترتفع درجة حرارتها في غياب والدها ؟ أمجد أموت من القهر كُن زوجًا لمرة واحدة انظر لقلبي لا لجسدي ، كُن أبًا حنونًا لمرة واحدة، تخلى عن غرائزك، استحلفك بالله أن تكن رجلًا معي لمرة واحدة بحياتك.
أسكتتها صفعة من يده على وجنتها، يده التي لم تستشعر حنانها بيومٍ، لكن ذاقت الألم منها كثيرًا، حدقت به بجمودٍ وقالت:
_ اتضربني يا أمجد!
قبض على بعض من خصلات شعرها وقال:
_نعم ألم تطلبي أن أكون رجلًا معكِ، حسنًا سأريكِ كيف يكون الرجال.
ألقاها على السرير بعنفٍ، ثم قام بتمزيق ثيابها وهو يهدر بها:
_لتري الرجل كيف يكون، سألقنكِ درسًا لن تنسيه طوال حياتكِ.
حاولت النهوض والفرار منه، لكنه سدد لها عدة لكمات بمعدتها وصدرها فأصابها بآلام مبرحة وشُلت حركتها، وحين حاولت طلب النجدة كمم فاهها بيده،
وفعل ما اعتاد فعله بها لكن هذه المرة تمادى كثيرًا ونستطيع القول أن مريم تعرضت للاغتصاب الوحشي،من زوجٍ تجرد من جميع المشاعر الإنسانية، تحول إلى ذئب بشري، وحين فرغ من ممارساته الحيوانية معها تركها غارقة بدمائها وسط صرخات ابنتها وغادر المنزل وكأن شيئًا لم يكن.
إلي هنا ينتهي الفصل السادس عشر من رواية أفيندار بقلم صفية الجيار
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا