مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة وأجمل الروايات الممتعة والروايات الرومانسية مع رواية إجتماعية مصرية مليئة بالأحداث الرومانسية للكاتبة رانيا صلاح والتى سبق أن قدمنا لها رواية أسرار البيوت علي موقعنا قصص 26 وموعدنا اليوم مع الفصل الحادى عشر من رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح.
رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل الحادى عشر
رواية نيران الهوى بقلم رانيا صلاح - الفصل الحادى عشر
رحمة أم نقمه!
-لا أعلم أيُهما أشدُ صحه للتعبير عما يمرُ بنا، فبعض نكأب الدهر تكُن خيرًا للبعض، ونارًا من أفواه الشيطان للبعض الأخر، لا أعلم حقيقة سوي أنك أنت من تختار أو على الأقل لك وهب الله لك العقل لتعلم أي دربٍ ستسلُك عند العثرات، فالحرمُ بَيَّن والخيرُ بَيَّن، وأنت من تضع البراهين الواهي لدربك...
لم يمضي اليوم سريعًا كالمُعتاد، فبعض الأيام تكُن أبطء من حيوان الكسلان، واليوم كان شبيهُه بكُل شيء، بداية من عثرات نومه إلى قرارهُ الآخر بتحريك احدي اصابعهُ، ولكن لا يهُم، فمازالت "مريم" تقطع غُرفتها ذهابًا وإيابًا، ويدها تقبض بكُل قوة على تلك القطعة المعدنية "الهاتف" ترجوا منهُ أن يُساعدُها في تخطي خجلها، ولكن الهاتف أعرب عن المُساعدة، لتأخُذ قلمها وتبدأ في تدوين بعضٌ مما يورقُها، عل هذا يُساعدها في استنباط احدي الحلول، أو يقتل جنود خجلها، وخلال ثانيه كانت يداها ترسم الحروف وكأنها تخلقُ إنسانًا من العدم، لا وظيفة له سوي الاستماع لما يرويهِ القلم....
***
وعلى الجانب الأخر بإحدى الأحياء الشعبية، ترجلت "سماح" من سيارة الأجرة "التاكسي" وعينها تُسافر إلى البُساط المائل لانطفأ جمرهُ المُشتعل ؛ بفعل توهج شمس الغروب، زفرت بتمهُل، ويدها تقبض بقوه على حافظة نقودها، وقدمها تسوقها لمكان تعرفهُ جيدًا كراحة يدها؛ فقد زارتهُ مِراًر وتكراًرا لأجل مُتحجر القلب، لتلتمع عينيها ويصدع عقلها بالهمس المُحب لما يتمناهُ القلب :
-تبقى القليل وسيكُون لكِ رغمًا عن أنفه...... لتتسع ابتسامتها تدريجيًا وتتوقف أمام احدي البيوت القديمة، وتقصُد ذاك المكان الذي لا يردُ خائب مُطلقًا، لتدلف إلى الداخل، وتُلقي التحية ببشاشة، على تلك السيدة البدنية، بوجهها المائل لليل الكاحل، واسنانُها الصفراء، و بتساؤل :
-الشيخ جوه..
ابتسمت لها بتهكُم، قبل أن تبسط يدها بأخذ النقود كالمعتاد....
أخرجت المبلغ المالي من حافظتها المُزركشة،و قدمتهُ أيها....
انفرجت شفتها الغليظة بسفور، وكشفت عن أسنانها المنفرة، وبهمس نهم :
-يأخذ عدوينك يا حبيبتشي...
تحركت "سماح" بسعادة، ويدها تطرُق الباب قبل أن تطء قدمها داخل الغُرفة، لتجتاحُها رياح حاره، تُلهبُ عينها، فتهمس بذُعر، وشفتها تبصُق بداخل ملابسها :
-بسم الله الحفيظ...
اتسعت عيني "ذكي" في مقلتيها، بتفاخُر قوي، رغم احمرار حدقتيهِ الدائم، و انفرجت شفتاهُ لتُبرز اسنانهُ الفضية، والهمس المُقيت يخرجوا منها :
-مدد.... لتبدأ يداهُ بإخراج القليل من قطع البخور من باطن احدي الصناديق بجوار مسندهُ الجامد، لتشتعل النيران في الاناء...
تخبطت قدمها قليلًا، قبل أن تخرج حروفها مُتبعثره من الخوف من غضب الأسياد :
-سالخير يا شيخ...
رفع حاجبهُ الكثيف في امتعاض، والقى نظره ساخرة، ويرفع يداهُ قليلًا عن موضعها، فتتوهج احجار الحلقات الفضية في يدها، وتعكس بريقًا مُخيف على رأس الثور من خلفه، وبصوت رخيم يشوبهُ ثقل الحديث :
-جبتِ طلبات الأسياد...
تحركت بسرعة البرق لتُقبل يداهُ، قبل أن تجلس على الأرض، و رأسها تُأكد قولها :
-مقلتش الحاجات عند "رجب العطار" ، فسيبت الفلوس لست "بديعة" بره، والأثر معايا...وسارعت بإخراجه من حافظتها، و قدمتهُ لهُ...
بسط يداهُ لأخذ ما بيدها، وبنبرة مُمتعِضة :
-زر !
-معرفتش أجيب حاجه غير...
حرك رأسهُ بتفهم، وقام برفع الزر إلى فمه وبدأ بتمتمة خافتة، والنيران تزاد توهج، وأصوات صرير الرياح ترنوا في الغُرفة فتُرسل رجفة خائفة في الأجساد، ليبعد الزر عن فمه، ويضعهُ فوق الرماد في الإناء المُشتعل، وبدأ بتشبيك بعض الخيوط، ولسانهُ لا ينفكُ عن الهمس بالتعويذات، لتخمد النيران وبنبرة خاوية :
-هيجيلك راكع بالبيت راغب وبودك طالب، ودم القريب نار هتحرق قلب البعيد..
ابتسمت من حديثُه، ولكن أصابها الغباء مع نهاية الحديث، وباستفهام :
-دم مين؟..
-قريب هيصير غريب، هياخد من القلب سيف يقتل بيهِ الساكن..
ببلاهة أكثر :
-مش فاهمه..
ابتسم بخُبث :
-"بديعة" هتديكي حجاب الود متبعدهوش عنك، ومن دم الي من الدم اتبنى هيجيلك راكع يطلُب المُني... وحرك رأسه يمينًا ويسارًا... مدد، مدد....
تحركت بتخبُط وعقلها يبحث عن التفسير، فالشيخ لا يُجيب، واشارة الخروج فعلها، لتتوقف أمام "بديعة" وتلتقط الحجاب بتبجيل وكأنه قطعة من الزُجاج تخشي أن تتهشم، وتُخفيها في ملابسها، وتخرج مُسرعة، فالليل قد اسدل ستائرهُ، إكرامًا للأسرار....
**
ارتفع صوت ضجيج المارة مُمتزجًا مع أصوات مُحركات السيارات، لتنطلق ضحكات "فريدة" بسعادة بالغه، وهي تُنهي بيع أخر قطعة من الاكسسوار، لترُك لقدمها العنان والولوج إلى داخل المول الذي تقف أمامُه، وعينها تبحث عن احدي محلات بيع الفضة، لترى أحدهم بالطابق الأرضي، فتهرول نحوه، وببشاشة لا تليق بسواها :
-مساء الخير..
بدالتها صاحبة المحل الابتسامة، قبل أن تُجيب:
-مساء النور، أتفضلي..
-معرفش موجودة ولا لا، وسارعت بإخراج هاتفها، وبحثت عن احدي الصور، لتتوقف أمام ما تُريد، فقد كانت قلادة على شكل مُربع بداخلها لفظ الجلالة وتُحيط بها الأسوار الفضية... رفعت الهاتف أمام نظرها واقترن هذا بقولها :
-عاوزه زي دي.
ابتسمت لها وتحركت لتجلب القلادة، وفي غضون دقائق كانت تُبلغها بالسعر...
حركت "فريدة" رأسها بابتسامة، وبدأت بإخراج حافظة نقودها من الحقيبة لتسقُط احدي الإكسسوارات على اللوح الزجاجي، وقبل أن تلتقطُه...
أسرعت لجلب القطعة قبل وقوعها أرضًا، ولكنها تفقدت جمالها بشدة، و بتساؤل :
-منين؟..
-أنا الي بعملوا..
حيتها بإعجاب شديد، و بتساؤل :
-ممكن اشوف شُغلك..
بابتسامة مُرحبة :
-اكيد طبعًا، لكن الموجودة معايا دلوقتي القطعة الي في إيد حضرتك، وباقي التصميمات على الفون، وسارعت بفتح هاتفها وبدأت بعرض الصور..
استقبلت الهاتف بهدوء، وعينها تتسع بإعجاب :
-كويس جدًا، إيه رأيك نشتغل مع بعض؟..
وبسرعة البرق دون تفكير :
-أوي اوي، لكن ازاي!.
-هتجيبي شوية اكسسوري وهاخد كام قطعة واعرضهم في المحل هنا، واكيد هيعجبوا الناس..
انبثقت شفناها سريعًا :
-وبعمل طارات كمان للمُناسبات، وسارعت بأخذ الهاتف والبحث عن أيميل اختها؛ لتعرض البعض من شغلها..
حركت "صاحبة المحل" رأسها بإعجاب صريح :
-بجد حلو، هتجبيلي القطع امتي؟.
-كمان يومين بالكتير.
-اوك، وأنا في انتظارك... واخرجت الكارت الخاص بالمحل.
اخذت الكارت بسعادة، وركضت للخارج، قاصدة البيت، لتضغط على زر الاتصال بتعجُل شديد :
-"ياسو"..
توقف "ياسين" أمام مكتب" أيمن "وهو يُجيب :
-فري... وسُرعان ما أجاب باستنكار... إيه ياسو دي!..
أطلقت لضحكاتُها العنان :
-مالوا "ياسو"..
-هقفل التليفون..
وسرعان ما أجابت :
-خلاص، أنا عاوزه خدمة.
-اتصال مصلحة.
-عيب، أنت فين؟.
-في الشغل، خير.
-وأنت مروح روح "لياسمين" واختار شوية طارات من المحل وهاتهم ليا، واغلقت الهاتف قبل انتظار ردُه...
رفع "ياسين" حاجبيهِ بتعجب، وأكمل لداخل المكتب :
-عميل شقة المهندسين عملت معاه أيه؟.
خلع "أيمن" نظارتهُ، وتحرك لجمع مُتعلقاتُه، مُردفًا:
-خلال يومين هيستلم، يلا عاوز حاجه.
-لا...
تعجب قليلًا من صمتُه، وبتساؤل:
-في حاجة اليومين دول، وجودك غريب.
-متشغلش بالك، يلا روح ياعم المدام هتطردك.
ابتسم بسُخرية وتحرك للخارج، قاصدًا البيت، فجسدهُ يأن من الإرهاق..
**
امتزج صوت كوكب الشرق بنغمتُها الرنانة ..
بعيد عنك حياتي عذاب
ما تبعدنيش بعيد عنك
ما ليش غير الدموع أحباب
معاها بعيش بعيد عنك
بعيد عنك حياتي عذاب
ما تبعدنيش بعيد عنك
ما ليش غير الدموع أحباب
معاها بعيش بعيد عنك
غلبني الشوق وغلبني، غلبني، غلبني
وليل البعد ذوبني، ذوبني، ذوبني
وغلبني الشوق وغلبني، غلبني، غلبني
وليل البعد ذوبني، ذوبني، ذوبني
ومهما البعد حيرني
ومهما السهد سهرني
لا طول بعدك يغيرني
ولا الأيام بتبعدني بعيد، بعيد، بعيد عنك..
لتزفر كلاهُما من نيران العشق، ولتكُن "رقية" اول من يقطع الصمت في حضرت كوكب الشرق :
-اقفلي البتاع دا.. ولكن يبدوا أنها كانت في عالم أخر، عالم تهيمُ بهِ كُل ليلة، عالم تنتظر قدومهُ بترقُب وكأن الغائب سيترُك الطيف ويتجسد لعينها، فيُزيل عناء القلب، وجمود الصباح بالتماسُك... ارتفع صوتها بحدة أكبر، ويداها تقفل الهاتف :
-ياااااااسمين...
تلبسها الذُعر، وبصياح :
-ياماما.... لتتجمد الحروف مع...
ترجل "حسن" من سيارتهُ وبسمة مُشاغبة تُزين ثغرهُ، ليفتح المحل وببسمة رائعة وبنبرة مُرحبة :
-ازيك يا "رقية".
بمُشاكسة :
-اي رياح طيبه أتت بك...
قهقه مُستمتعًا بتلك الذبذبات الكهربية العالقة بذرات الهواء :
-مفيش، جاي اشتري من عندكم ول أمشي.
-تمشي مين يا عم، يلا خذ الي انت عاوزو وندفعك الضعف.
القى نظرة باردة، ونبرة رجولية احتلها الصعيق:
". D” – طارة لطيفة بحرف
بدأ التوتر يغزوا وجهها، وهي ترى أصابع" ياسمين "وهي تقبض بكُل قوة على حواف المكتب، لتنفرج شفتها بالرفض :
-لكن..
تخلت عن صدمتها، وبجدية لا تعلم كيف وصلت إليها :
-ثواني هجيبهالك، محتاج لون مُعين ول..
ظهر التفكير جليًا على وجهه، واردف قائلًا :
-مش عارف، ثواني اكلمها تختار... وعبيت يداهُ بالأرقام ليأتيه الجواب :
-ايوه يا حبيبتي.
كتمت "وداد" ضحكاتُها، همست بنبرة ما :
-الهانم مش موجودة، خرجت تتعشى مع خطيبها.
ظهر البؤس على وجهه، وبلهفة :
-خرجت من زمان؟..تمام... وسارع بإغلاق الهاتف، ليُحيب بحزن مُفتعل :
-هاتي اي لون بس بسرعة مستنياني في المطعم.
نظرة مُشتعلة القتها نحوه، وتحركت وكُل شيء مُلون بالأحمر من حولها، لتلتقط احدي الطارات ، وتغلفها بسرعة البرق، فالدمع يغزوا جفنيها، لتتحرك مُسرعة وبنبرة جامدة :
-اتفضل يا فندم...
اخذها من يديها، وببسمة مُصطنعة :
-شكرًا... وتلاشي في ثوان..
نيران تحرقُ الأخضر واليابس مُحتجزة بحلقها، وحروف جامدة تأبى المُغادرة، لتنفرج شفتها بتعلثُم مرير :
-أنا همشي، وفرت هاربة دون انتظار الجواب...
زفرت بيأس لحال صديقتها، وعادت لإكمال الطارة.... لتتوقف مع..
فتح "ياسين" باب المحل، فاصدر رنينًا خاص بالزبائن، وبصوت رخيم :
-"ياسمين".
نفضت رداء الصدمة، وبدأت بالعد من واحد لعشر، وبجمود:
-روحت من شوية.. وعادت للعمل من جديد.
شعر بالحرج الشديد ، وانفرجت شفتاهُ للحديث ولكن تعود للانطباق من جديد، ولكن مع جمودها المُتوقع، وبسمته التي حُرمت على قلبه منذُ ذاك اليوم، ليُلقي الكلِمة بقوة لا يعرف ابعادها عنهُ :
-أنا آسف..
توسعت عينها من هول الصدمة، وبعدم تصديق، وكأن أُذنها اُصيبت بشيء....
شعر أن اعتذارُه غير مقبول، فبادر بالقول بتلك النغمة التي تُبهج قلبه :
-"رقية".
توقفت يدها عن الاكمال، ورفعت عينها بنعم...
تشجع علي الاكمال، وحاول جاهدًا طوى ذاك اليوم :
-كنت عاوز خمس طارات بأشكال مُختلفة.
حركت رأسها بنعم، واشارت لهُ لأحدي الجوانب ليختار كيفما يشاء.. وبدأت بالعودة من جديد ولكن لتمنع عينها الحمقاء من النظر إليه..
تحرك نحو المكان، وبدأ بأخذ اول ما طالتهُ يداه، ليتشبث بقوة بإحدى الطارات، و ضجيج قلبهُ يصمُ الأذان مع قولها..
بنبرة باهته من ذكرى اليوم :
-حصل خير يا "ياسين".
ابتسم لها، وفر هاربًا؛ فوجودها في مُحيط عيناهُ وقلبُه يفعل بهِ الكثير، مع ذرات الهواء التي تحمل أنفاسُها يفقد جميع اسلحتُه، ويصدع قلبهُ بالنداء الحار للعشق، ولكن للعقل رأي أخر... لتتوقف جميع الصراعات بداخلُه مع صوت مُحرك القيادة الخاص بسيارتُه....
**
سكون تام يرنوا في الأجواء، وظلام دامس يستقبل الوافدين... زفر "حسن" بتعجب من هذا السكون، لتُعلن دقات الساعة العاشرة مساًء، انفرجت شفتاهُ عن بسمة مُتهكمه لحالهُ، ليجد شُعاًع خافت مُتسلل من المطبخ، فيتحرك نحوه وبدأ يُصدر همهمات للتنبيه من بالداخل...
جلست "وداد" والانهاك قد احلتها من أخمص قدمها حتى منبت شعرها، وسقطت في شرود عميق تُسافر فيهِ عبر الزمان، ويدها تحتضن كوبًا يبدوا أنه قد فقد سخونتهُ....
ارتفع صوته في تحية مُتعبه :
-مساء الخير.... ولكن لا جواب، فتحرك ليجلس على الكُرسي المُقابل وبنداء مُرتفع :
-"وداد"..
سحابه من الظلام عكست ضوء المطبخ الساطع، مع صوت النداء، جعلها تترُك شرودها جانبًا، ورسمت بسمه مُهتزة كحالها :
-جيت أمتي؟..
-من شوية... وارتفع الصمت من جديد..
شعرت بوجود خطب ما، و بتساؤل :
-هي المُكالمة مجابتش نتيجة؟..
اسبل اهدابهُ بتخبُط صريح، قبل أن يُجيب:
-أنا جعان.
علمت أنهُ يُريد الصمت، فتحركت لتُخرج الأكل من الثلاجة لتُسخنه، ولكن توقفت على أثر سؤاله...
انفرجت شفتاهُ بسؤال يصدع بعقله منذُ خروجه من المحل، فقد شعر بقبضة فولاذية تعتصر قلبُه، وأطنان من العلقم تستوطن حلقُه، ليُقرر إخراج هذا السؤال رُبما يجد الجواب :
-مبقتش عارف أنا بحبها ول كبريائي الي بيحركني.
-الحُب مفيهوش كبرياء.
-لكن.
-"حسن" يمكن أنا معرفش أبعاد علاقتك "بياسمين" كويس لكن الي حكيتهولي ملوش غير معنى واحد، الحب قليل أنو يوصفوا..
بتهكم وسخرية :
-مظنش.
-الظن الوحيد أنك تكمل، أما لو شايف أنك بتحارب في حرب خسرانه، ابعد بس خليك واثق أن الندم مينفعش تفكر فيه، وتحركت لتضع طبق الطعام، ولسانها يُخبرهُ :
-الحب زي الأكل بظبط، المكونات بتجمع الطرفين، والبهارات دي سر الطبخة، لكن الملح اساسي لطعمها لو قل ممكن تتأكل، ولو متحطتش أقرب سلة بيترمي، لكن لو زاد شوية ميه تظبطوا، ومشاكل الحب زي الملح محتاجه لين وقسوة بس قبلهم الود... وتحركت للخارج غافله عن أعيُن تُراقبها بتخبط واضح، وجروح من القيح تتهيج من جديد، ولكن خفقة هادرة تهرب من عِقالها نحو تلك النبرة المُحزنة في صوتها، ليُقرر المبيت بمكتبه، فليس لدية أدنى طاقة لتسلُق الدرج...
**
فُتِحَ باب البيت، وصياح "فريدة" يُطالب بالجواب :
-طمطم يا طمطم... وتحركت نحو المطبخ فهذا مكانها المُعتاد، ولكن كان زر الاضاءة مُغلق، لتتحرك نحو غُرفتها، وتطرق الباب قبل أن تفتح...
انهت "فاطمة" لتو صلاة ركعتين القدير بحفظ أولادها؛ فقبل دقائق شعرت بانقباضه في قلبها، فهرعت من فورها إلى الصلاة، لتجد نفسي تبكي بين ايد الرحيم، وتطلب منهُ الصفح عما فعلتهُ، ولكنها انهت صلاتها سريعًا مع صوت "فريدة" بالنداء، ولكن قبل أن تقف من موضعها...
ابتسمت "فريدة" وبسعادة :
-قلقت عليكي.
بحنو فطري سئلت :
-ايه الابتسامة الحلوة دي؟.
جلست بجوارها، وامسكت بيدها بقوه، وقبلتها بعُمق في باطنها قبل أن تخرج القلادة من يدها :
-حبيت افرحك..
تلألأ الدمع في عينها، وسقطت لؤلؤة فوق يدها، وهمست بحب جارف :
-ربنا يسعدك يا "فريدة" يا بنت حواء وآدم..
انبثقت الكلِمات من بين شفتاها :
-حبيبتي يا.... وتوقفت الكلِمات مع صوت "ياسين"، لتهمس دراكولا وصل، وركضت نحوه..
أغلق "ياسين" الباب خلفهُ، وبنداء :
-"فريدة".
بمُشاكسة :
-"ياسو" وتحركت لتقبض على وجنتيهِ، و بتساؤل :
-مالك يا "ياسو".
أطلق زمجرة غاضبه :
-"فريدة"... لتعلوا طرقات الباب.
طرقت "مريم" الباب لأول مرة، والاحراج يغزوا وجنتيها، ولكنها تسلحت ببعض من القوه الواهية، وعاودت الطرقات من جديد...
فتح "ياسين "الباب :
-"مريم".
تعلثمت في حروفها، وانهزمت قواها، واطبقت شفتها للمرة العاشرة من الاحراج، ليومض عقلها بدموع والدتها صباحًا، فتفرُك يداها بتوتر، قبل أن تتحدث:
-ممكن أتكلم معاك..
باستغراب شديد، حرك رأسهُ بإيماء، وافسح لها الطريق للمرور، وأشار لها أن تجلس :
-اتفضلي يا" مريم".
تحركت مع إشارة يدهُ، وجلست على أول كرسي رأتهُ، ويداها تأن من فرط الاحمرار، وبهمس :
-أنا قريت إعلان الشركة عن سكرتيرة، وكنت حابه اشتغل..
أخر ما كان يُفكر به هو العمل، ولكن وضع هذا التفكير جانبًا، مُردفًا :
-ايوه يا "مريم" بس، دا محتاج تفرغ، وكمان خبره.
ايماء خافت من رأسها، وتبعهُ الاعتذار :
-طيب، عن اذنك وفرت هاربه...
قبل دقائق بغرفة "فاطمة" :
-مين بره يا فري.
-معرفهاش بس ياسو بيقول مريم ..
همست "فاطمة" بعدم تصديق :
-مريم، وتحركت للخارج، لتلتقط اذنها أخر الكلِمات قبل رحيلها، و بتساؤل :
-ليه كسرت بخاطرها؟..
بعدم فهم :
-خاطر مين؟.
-"مريم"، فيها ايه لو شغلتها هو يعني شركتكم من كبرها..
ابتسم لحنان والدتُه، وتحرك ليلثم جبينها بعُمق، مُجيبًا :
-مش كبيره ول صغيرة، لكن في حاجات هي متعرفهاش، وبعدين دي مش بتاعتي لوحدي لازم أيمن، وحسن ويوافقوا..
بصرامة وجدية :
-كلملي أيمن.. وخلال ثواني كان يُعطيها الهاتف، لتُجيب :
-اسمع بقا يا "أيمن" بكره في بنوته حلوه هتشتغل معاكم وعالله حد فيكم يزعلها..
دخل "أيمن" في نوبة من الضحك، وبمشاكسة لا تظهر :
-عنيا، بس المقابل ايه بقا.
-إلى تطلبوا يا واد..
-حاضر، وأغلق الهاتف والبسمة تُزين وجهه..
أعطت "فاطمة" الهاتف لابنها، وبجدية :
-أنزلها بسرعة مفهوم...
**
وعلى الجانب الأخر قبل دقائق استيقظ "فرج" من نومة؛ بفعل طرقات الباب العنيفة، ليفرُك عيناهُ بتكاسُل، ويتحرك بنوم ليري الطارق، ليتوقف أمام الباب والنوم قد فر هاربًا من عيناهُ، و السخرية تحتل نبرتُه :
-في ايه يا "رامي"؟..
لم يعرف بماذا يُجيب، فالقي نظرة خاطفة على الباب من خلفه، قبل أن يُجيب بقوة :
-هعيش معاك يا حج.
ابتسم بتفاخُر، وارتفعت يداهُ لتربت على شاربهُ الكثيف، وبتقريع :
-ما قولتلك من الأول، بس هقول ايه عيال وش فقر..
قبل أن تخطوا قدم "رامي" الباب، كانت "سماح" تخرج بترحاب شديد، فقد صدقت أن الأسياد أرسلت "رامي" لها، وقريب ستحصل على "سيد"، وبلوم زائف لزوجها :
-كده يا حج توقف "رامي"، اتفضل بيتك ومطرحك..
**
كانت "مريم" تنزل الدرج بضيق شديد، وغضب بالغ، فقد قُبل طلبُها بالرفض، ولكن قبل أن تُكمل دوران الدرج نحو شقتهم، لمحت عينها أخيها، وهو يقف مع والدها، وتلك العلكة تُرحب بود، فهمست بسخرية لاذعه لنفسها:
-رحل الأخ.... لتتوقف عن همسها مع صوت..
أغلق "ياسين" باب الشقة، وقصد بيت "مريم" ليجدها واقفه علي الدرج، ليُنادي :
-"مريم" استنى، وخلال دقيقة كان يقف أمامها، وبجدية :
-بكره أن شاء الله تقدري تيجي الشركة، وهتتعلمي وحده وحدة.
ظهرت ابتسامة سعيدة على وجهها، وبلهجه فرِحه :
-أن شاء الله، شكرًا جدًا يا "ياسين".
بادلها البسمة، قبل أن يُجيب :
-على الرحب والسعة...وعاد ادراجهُ إلى البيت من جديد، تاركًا خلفه أخرى تكاد ترقُص من فرحها...
"القليل من الرحمة ولينُ القلب يُبقينا على قيد الحياة.."
إرسال تعليق
يسعدنا تلقي اقتراحاتك أو تعليقك هنا